
آخر فصول قضية التمويل الليبي.. أسرار نجاة «الشاهد الغامض» من محاكمة ساركوزي
اقتربت محاكمة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي بتهمة التمويل الليبي المزعوم لحملة الانتخابية في عام 2007 من نهايتها بعد المرافعات الختامية الأسبوع الماضي، حيث يقدّم الدفاع الآن مرافعات تنتهي الثلاثاء الثامن من أبريل الجاري.
ودافع محامو رجل الأعمال الفرنسي الجزائري ألكسندر جوهري عن موكلهم وطلبوا تبرئته، فيما طالبت النيابة العامة بتوقيع عقوبة السجن لمدة خمس سنوات عليه، ويشتبه في أنه لعب دور الوسيط في اتفاق الفساد المبرم مع ليبيا، عن طريق بشير صالح الذراع اليمنى للقذافي.
وحسب مصادر إعلام فرنسية، تعود القصة إلى بداية عام 2012، وقتها جرى تهريب بشير صالح من فرنسا إلى النيجر وكان رحيله المتسرع بعد أيام قليلة من نشر موقع «ميديابارت» وثيقة محرجة حول تمويل ليبي محتمل للحملة الانتخابية لساركوزي.
وكان ألكسندر جوهري هو الذي بادر ونسق عملية إخراج الشاهد حسب الادعاء. لكن أحد محاميه يقدم قراءة أخرى بقوله: «كان بشير صالح مدير مكتب القذافي هو الذي اتصل بصديقه».
ويخشى الرجل أن تقوم فرنسا باعتقاله؛ لأنه مطلوب بموجب مذكرة توقيف صادرة عن الحكومة الليبية، «التي كان من الممكن أن تعرضه للتعذيب»، كما أوضح المحامي. أما بالنسبة لتورط رئيس الاستخبارات الفرنسية في عملية تهريب صالح، فيرى المحامي أن ذلك كان ضروريا، كما يقول، «لحماية المصدر».
ويواجه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي (70 عاما) جملة اتهامات منها الفساد والتمويل غير القانوني لحملته الانتخابية وإخفاء اختلاس أموال عامة والارتباط بأوساط إجرامية.
وخلال جلسة محاكمته الأخيرة، طالب الادعاء العام بسجن الرئيس السابق 7 سنوات وتغريمه 300 ألف يورو، بسبب اتهامات بتمويل حملته بشكل غير قانوني بأموال تلقاها من معمر القذافي.
مذكرات شكري غانم
ومن ناحية أخرى، لفتت «لوموند» إلى أنه في 26 مارس الماضي، تناول الادعاء مذكرات وزير النفط الليبي الأسبق، شكري غانم، الذي توفي عام 2012 في ظروف غامضة.
وتشير هذه المذكرات، التي كتبها في أبريل 2007، إلى أن «ثلاثة تحويلات مالية بلغ مجموعها 6.5 ملايين يورو قد أُرسلت إلى ساركوزي».
وبحسب الصحيفة، تناول الادعاء أيضا مسألة المقابل المفترض لهذا التمويل الانتخابي. وفي النهاية، أبرزت الصحيفة أنه من بين المتهمين يوجد وزير المالية الأسبق إيريك وورث، الذي يُلاحق بصفته أمين صندوق الحملة الانتخابية، والصديق السابق لساركوزي، تييري جوبير.
وتابعت: «بالإضافة إلى رجلي أعمال سعوديين، ومصرفي فرنسي-جيبوتي، ومدير تنفيذي سابق في شركة إيرباص الأوروبية المتخصصة في تصنيع الطائرات».
من جانبه يوضح موقع «موند أفريك»، أنه لا يوجد دليل مادي على أن نيكولا ساركوزي تلقى أموالا غير مشروعة، لكن بعض المقربين منه تلقوا بعض المكافآت، التي كانت متواضعة للغاية مقارنة بالمبالغ التي يزعم أن رئيس الدولة السابق تلقاها، بحسب التحقيق، مستغلا التقارب الدبلوماسي بين ليبيا وفرنسا. ولاحظ أن فرنسا ليست الدولة الوحيدة التي مدت يدها لليبيين، وكانت الإدارة الأميركية، في البداية معادية جداً للنظام الليبي، وقد اقتربت أيضاً من الديكتاتورية الليبية قبل باريس.
شهادة زياد تقي الدين
ويستند جزء من الاتهامات إلى شهادة وسيط مشكوك فيه ومتقلب، زياد تقي الدين، وهو لاجئ في لبنان وفق «موند أفريك».
وتعود المجلة إلى سهيل راشد الغامض، العميل الليبي الذي لم يجرى استجوابه من قبل المحاكم، ويعد مع ذلك أحد الشخصيات الإحدى عشر التي لم يُسمح لرئيس الجمهورية الأسبق وأصدقائه بلقائها منذ بدء التحقيق.
وأثار التقرير الدهشة من هذا الإغفال المثير بشكل خاص عندما يُنظر إلى حقيقة أن هذا المقرب من معمر القذافي في فرنسا، والناشط في دول أفريقيا ناطقة بالفرنسية والقريب للغاية من الأجهزة الاستخباراتية، على دراية كاملة بالعلاقات بين السلطات الفرنسية والعقيد الليبي.
أسرار سهيل راشد
وكان من الممكن أن تسلط قضية استجوابه في المحكمة الضوء على الجوانب التي تجري خلف الكواليس في هذه القضية المعقدة المتعلقة بتمويل السياسيين. وفي جلسة خاصة، وعندما باح لمن حوله، كشف سهيل راشد عن حقيقة المساعدات التي قدمها القذافي للطبقة السياسية الفرنسية، اليسارية واليمينية على حد سواء. وأوضح لهم أن أحد عشر مليونا دُفعت لنيكولا ساركوزي عبر ألمانيا على دفعتين، سبعة ملايين ثم أربعة ملايين. وحوالي عشرة ملايين مُنحت لشخصية يسارية بارزة في الحزب الاشتراكي.
وكان سهيل راشد، المصور الصحفي السابق في لبنان، في شبابه ناشطاً شجاعاً وحازماً في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، المنظمة الفلسطينية التي أسسها جورج حبش. وبهذه الصفة التقى خلال الحرب في لبنان بدوائر الاستخبارات الفرنسية، وبعد أن اقترب من طرابلس، بدأ سهيل الشاب مسيرة مهنية لامعة إلى جانب موسى كوسا، الذي كان مسؤولاً، تحت السلطة المباشرة للقذافي، عن كل الأمور الحساسة في الخارج حسب «موند أفريك».
وخلال أحداث ليبيا عام 2011، فر هذا الصديق المقرب من القذافي إلى إنجلترا، حاملاً معه أسرار دولته، حيث جرى استقباله هناك بشكل جيد للغاية، قبل أن يتوجه إلى المملكة العربية السعودية، حيث يقيم.
وحتى عام 2011، كان سهيل راشد، الناطق بالفرنسية والمحب للفرنكوفونية، يعرف العلاقات بين طرابلس وباريس على أفضل وجه، كما تروي الصحافية كاثرين غراسييه جيداً في كتابها «ساركوزي/القذافي، تاريخ سري للخيانة»، ويمتد مجال تدخل هذا الشخص المؤثر إلى أفريقيا الناطقة بالفرنسية.
في ذلك الوقت، كان القذافي يريد أن يصبح ملك منطقة الساحل الإفريقي، حيث ضخ عشرات الملايين من الدولارات، لكن هذه الدول ذات نفوذ فرنسي. واستخدم سهيل راشد كل موهبته لجمع رجال القذافي والدبلوماسية الفرنسية ورؤساء الدول الأفريقية، وخاصة في مالي والنيجر.
وتقول المجلة الفرنسية، كان سهيل راشد ذكياً للغاية، فقد حافظ على علاقات وثيقة مع أصدقائه في المديرية العامة للأمن الخارجي والمديرية العامة للأمن الداخلي (مكافحة التجسس)، حيث كانت لديه القدرة على الوصول إلى المعلومات. وهذا ما يفسر لماذا كانت إقامته في باريس دائما سرية ومحمية منذ اندلاع قضية التمويل الليبي، إلا إذا كان القضاة لا يريدون سماع شهادة لا تدعم أفكارهم المسبقة.
وأضافت أن ما سيقوله هذا الشاهد الرئيسي لا يتناسب مع ما يُسمع عادة عن هذه القضية، التي لا يُتهم فيها سوى نيكولا ساركوزي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ 2 أيام
- أخبار ليبيا
لتعزيز استقرار الاقتصاد المصري.. الاتحاد الأوروبي يعلن دعماً مالياً بـ4 مليارات يورو
خطوة دعم اقتصادية مهمة لمصر، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي عن تقديم 4 مليارات يورو من المساعدات المالية لتعزيز استقرار الاقتصاد المصري وتخفيف الضغوط التمويلية التي تواجهها البلاد. ويأتي هذا الدعم في إطار شراكة استراتيجية واسعة تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في مصر خلال السنوات القادمة، وسط تحديات إقليمية وعالمية متصاعدة. وأعلن مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان رسمي، أن هذه المساعدة ستُقدّم على شكل قروض، وستساهم، إلى جانب دعم صندوق النقد الدولي، في تمكين مصر من تغطية جزء من احتياجاتها التمويلية. وأوضح البيان أن صرف أي شريحة من هذه المساعدات سيكون مشروطاً بـ'تحقيق تقدم مرض' من جانب القاهرة في تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي، الذي يهدف إلى دعم الاقتصاد المصري خلال الفترة من 2024 إلى 2027. وأشار المجلس إلى أن الاتفاق لا يزال بحاجة إلى مصادقة رسمية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي. ويُعد هذا الدعم جزءاً من حزمة مساعدات مالية كلية يقدّمها الاتحاد الأوروبي للدول التي تواجه صعوبات في ميزان المدفوعات، وذلك استكمالاً للمساعدات المقدمة من صندوق النقد الدولي. وكان الاتحاد الأوروبي ومصر قد وقعا في مارس 2024 اتفاق شراكة استراتيجية بقيمة 7.4 مليار يورو، تتضمن مساعدات مالية كلية تصل إلى 5 مليارات يورو، وقد تسلمت مصر الشريحة الأولى من هذه المساعدات بقيمة مليار يورو في أبريل 2024. هذا ويشكل دعم الاتحاد الأوروبي لمصر جزءًا من استراتيجياته الأوسع لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والتقلبات الإقليمية، وتأتي هذه المساعدة المالية في إطار اتفاق شراكة استراتيجية تم توقيعه بين الطرفين في مارس 2024، بقيمة 7.4 مليار يورو، تشمل مساعدات مالية كلية تصل إلى 5 مليارات يورو، تهدف إلى دعم مصر في مواجهة ضغوط ميزان المدفوعات وتحفيز الإصلاحات الاقتصادية. وتعاني مصر من تحديات اقتصادية متعددة تشمل ارتفاع الديون الخارجية، التضخم، ونقص العملة الأجنبية، مما أثر على قدرتها على الاستيراد وتلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها، وفي ظل هذه الظروف، يقدم الاتحاد الأوروبي هذا الدعم المالي كجزء من جهوده لدعم استقرار الاقتصاد المصري، إلى جانب تعاون وثيق مع صندوق النقد الدولي الذي يشترط تنفيذ برنامج إصلاحات مالية واقتصادية لضمان الاستخدام الفعّال للمساعدات وتحقيق التنمية المستدامة. ويأتي هذا التعاون في ظل علاقات تاريخية متينة بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث تعتبر مصر شريكًا استراتيجيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعكس هذه المساعدات رغبة الطرفين في تعزيز التكامل الاقتصادي وتحقيق مصالح مشتركة في المنطقة. The post لتعزيز استقرار الاقتصاد المصري.. الاتحاد الأوروبي يعلن دعماً مالياً بـ4 مليارات يورو appeared first on عين ليبيا | آخر أخبار ليبيا. يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع عين ليبيا


عين ليبيا
منذ 2 أيام
- عين ليبيا
لتعزيز استقرار الاقتصاد المصري.. الاتحاد الأوروبي يعلن دعماً مالياً بـ4 مليارات يورو
في خطوة دعم اقتصادية مهمة لمصر، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تقديم 4 مليارات يورو من المساعدات المالية لتعزيز استقرار الاقتصاد المصري وتخفيف الضغوط التمويلية التي تواجهها البلاد. ويأتي هذا الدعم في إطار شراكة استراتيجية واسعة تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في مصر خلال السنوات القادمة، وسط تحديات إقليمية وعالمية متصاعدة. وأعلن مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان رسمي، أن هذه المساعدة ستُقدّم على شكل قروض، وستساهم، إلى جانب دعم صندوق النقد الدولي، في تمكين مصر من تغطية جزء من احتياجاتها التمويلية. وأوضح البيان أن صرف أي شريحة من هذه المساعدات سيكون مشروطاً بـ'تحقيق تقدم مرض' من جانب القاهرة في تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي، الذي يهدف إلى دعم الاقتصاد المصري خلال الفترة من 2024 إلى 2027. وأشار المجلس إلى أن الاتفاق لا يزال بحاجة إلى مصادقة رسمية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي. ويُعد هذا الدعم جزءاً من حزمة مساعدات مالية كلية يقدّمها الاتحاد الأوروبي للدول التي تواجه صعوبات في ميزان المدفوعات، وذلك استكمالاً للمساعدات المقدمة من صندوق النقد الدولي. وكان الاتحاد الأوروبي ومصر قد وقعا في مارس 2024 اتفاق شراكة استراتيجية بقيمة 7.4 مليار يورو، تتضمن مساعدات مالية كلية تصل إلى 5 مليارات يورو، وقد تسلمت مصر الشريحة الأولى من هذه المساعدات بقيمة مليار يورو في أبريل 2024. هذا ويشكل دعم الاتحاد الأوروبي لمصر جزءًا من استراتيجياته الأوسع لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والتقلبات الإقليمية، وتأتي هذه المساعدة المالية في إطار اتفاق شراكة استراتيجية تم توقيعه بين الطرفين في مارس 2024، بقيمة 7.4 مليار يورو، تشمل مساعدات مالية كلية تصل إلى 5 مليارات يورو، تهدف إلى دعم مصر في مواجهة ضغوط ميزان المدفوعات وتحفيز الإصلاحات الاقتصادية. وتعاني مصر من تحديات اقتصادية متعددة تشمل ارتفاع الديون الخارجية، التضخم، ونقص العملة الأجنبية، مما أثر على قدرتها على الاستيراد وتلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها، وفي ظل هذه الظروف، يقدم الاتحاد الأوروبي هذا الدعم المالي كجزء من جهوده لدعم استقرار الاقتصاد المصري، إلى جانب تعاون وثيق مع صندوق النقد الدولي الذي يشترط تنفيذ برنامج إصلاحات مالية واقتصادية لضمان الاستخدام الفعّال للمساعدات وتحقيق التنمية المستدامة. ويأتي هذا التعاون في ظل علاقات تاريخية متينة بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث تعتبر مصر شريكًا استراتيجيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعكس هذه المساعدات رغبة الطرفين في تعزيز التكامل الاقتصادي وتحقيق مصالح مشتركة في المنطقة.


الوسط
منذ 3 أيام
- الوسط
بريطانيا تبرم «شراكة استراتيجية» مع أوروبا بعد 5 سنوات على البريكست
أبرمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي الإثنين «شراكة استراتيجية جديدة» لتعزيز العلاقات ولا سيما في مجال الدفاع خلال قمة غير مسبوقة منذ خروج المملكة المتحدة من التكتل قبل خمس سنوات. وفي افتتاح أول قمة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا منذ بريكست، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن الاتفاق الذي وصفه بأنه منصف، «يمثل بداية عصر جديد في علاقتنا... نحن نتفق على شراكة استراتيجية جديدة تناسب متطلبات زمننا». وأكد خلال مؤتمر صحفي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، أنه «اتفاق جيد للطرفين». وبعد مفاوضات استمرت لأشهر، توصل الطرفان خصوصا إلى اتفاق حول الدفاع والأمن وإلى تسوية لتخفيف بعض العوائق التجارية وإلى تمديد اتفاق حول صيد الأسماك. محادثات منتظمة ومن المفترض أن تؤدي شراكة الدفاع إلى إجراء محادثات منتظمة أكثر مع احتمال مشاركة بريطانيا في بعثات عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي، فضلا عن إمكان استفادة لندن الكاملة من صندوق دفاعي بقيمة 150 مليار يورو (167 مليار دولار) اتفقت دول التكتل على إنشائه، لكن لا بد من التوصل إلى اتفاق آخر في هذا الشأن. واتفق الجانبان على رفع القيود المفروضة على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد الأوروبي الـ27، في مقابل تمديد بريطانيا حقوق الصيد للاتحاد الأوروبي في مياهها الإقليمية لمدة 12 عاما إضافيا. وأشار ستارمر إلى أن المملكة المتحدة ستجني «فوائد حقيقية وملموسة» في مجالات مثل «الأمن والهجرة غير النظامية وأسعار الطاقة والمنتجات الزراعية والغذائية والتجارة»، بالإضافة إلى «خفض الفواتير وتوفير فرص العمل وحماية حدودنا». من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية «هذا يوم مهم لأننا نطوي صفحة ونفتح فصلا جديدا. هذا أمر بالغ الأهمية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، لأننا نتشارك في الرؤية والقيم نفسها». وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن الاتفاق انجز بعد مفاوضات جرت ليلا وتم خلالها تجاوز الخلافات في قضايا رئيسية. وكان كير ستارمر قد تعهد بعد فوز حزبه في انتخابات يوليو الماضي إعادة رسم العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد الانسلاخ الأليم لبلده عنه فييناير 2020. وقالت المملكة المتحدة إن الاتفاق الاقتصادي الجديد مع الاتحاد الأوروبي يخفف من إجراءات التفتيش الجمركي على المنتجات الغذائية والنباتية، بما يسمح «من جديد بحرية تدفق السلع». 9 مليارات جنيه إسترليني إلى الاقتصاد البريطاني وأشارت رئاسة الحكومة البريطانية «داونينغ ستريت» في بيان إلى أن هذا الاتفاق سيضيف «ما يقرب من 9 مليارات جنيه إسترليني» (12 مليار دولار) إلى الاقتصاد البريطاني بحلول عام 2040. ورأت حكومة العمال بزعامة ستارمر أن الاتفاق الذي أبرمته حكومة المحافظين السابقة «لا يخدم مصالح أي طرف». لكن ستارمر رسم عدة خطوط حمراء قال إنه لن يتجاوزها. وبقيت نقاط شائكة حول بعض مطالب الاتحاد الأوروبي، فيما ينتقد حزب المحافظين خطوة «إعادة تنظيم» العلاقات باعتبارها «استسلاما». وقالت زعيمته كيمي بادنوك «مجددا تملي علينا بروكسل دروسا». وتبقى محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي «السلطة العليا في ما يخصّ كل المسائل المندرجة في سياق قانون الاتحاد الأوروبي»، ما من شأنه أن يثير امتعاضا في أوساط بريطانيا. «نبأ سار» ووقع الجانبان اتفاق «الشراكة الأمنية والدفاعية» في ختام الاجتماع الذي ضم الاثنين إلى ستارمر وفون دير لايين، رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد كايا كالاس. وجرى التوقيع كذلك على بيان مشترك بشأن التضامن الأوروبي ووثيقة تفاهم بشأن قضايا تراوح من التجارة إلى الصيد وتنقل الشباب. بموجب الاتفاق النهائي، تُبقي بريطانيا مياهها مفتوحة أمام الصيادين الأوروبيين لمدة 12 عاما بعد انتهاء صلاحية الاتفاق الحالي في عام 2026، في مقابل تخفيف دول الاتحاد السبع والعشرين القيود البيروقراطية على واردات السلع الغذائية من المملكة المتحدة إلى أجل غير مسمى. ومن شأن الاتفاق «أن يؤدي إلى تنفيذ الغالبية العظمى من عمليات نقل الحيوانات ومنتجاتها والنباتات ومنتجاتها بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي من دون الحاجة إلى الشهادات أو إجراءات الرقابة المعمول بها حاليا». وفيما يتعلق بمسألة تنقل الشباب، اتفق المفاوضون على صياغة عامة تُؤجل التفاوض إلى وقت لاحق. وتخشى لندن أن يُؤدي أي برنامج لتنقل الشباب إلى عودة حرية التنقل بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. ورفض ستارمر العودة إلى حرية الحركة الكاملة، لكنه منفتح على برنامج تنقل يتيح لبعض الشباب البريطانيين والأوروبيين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما الدراسة والعمل في المملكة المتحدة وبالعكس. وستارمر الذي تعهّد بمواجهة تصاعد الهجرة غير النظامية، يتعامل مع هذا الملف بحذر في ظل صعود حزب «إصلاح المملكة المتحدة» (ريفورم يو كي) اليميني المتشدد، المناهض للهجرة والاتحاد الأوروبي، بقيادة نايجل فاراج. واعتبر فاراج من جانبه أن الاتفاق «يمثّل نهاية قطاع الصيد» في البلد، في حين رحّبت الوزيرة الفرنسية أنييس بانييه -روناشيه التي تعنى وزارتها بالشؤون البحرية ومصايد الأسماك بـ«النبأ السار لصيادينا». ظل روسيا وترامب وتأتي المحادثات في وقت يسعى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لزيادة التسلح في مواجهة التهديد الروسي والمخاوف من تراجع الولايات المتحدة عن المساهمة في حماية أوروبا في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لكن العديد من التفاصيل المتعلقة بالشراكة الدفاعية ستترك لتنجز لاحقا. وستتطلب إزالة القيود أمام المملكة المتحدة وصناعتها الدفاعية للاستفادة من برامج الاتحاد الأوروبي مثلا، اتفاقا إضافيا. وترتبط بريطانيا أصلا بعلاقات دفاعية متشابكة مع 23 من دول الاتحاد الأوروبي من خلال حلف شمال الأطلسي «الناتو»، لذلك تعد شراكة الدفاع الجزء الأسهل من الاتفاقات المطروحة. وقالت أوليفيا أوسوليفان، مديرة برنامج المملكة المتحدة في العالم بمركز تشاتام هاوس للأبحاث لوكالة فرانس برس إن الاتفاق هو «الخطوة التالية نحو تعاون أوثق... لكنه لا يمثل حلا للعديد من القضايا العالقة».