
مسرحية ترامب المذهلة
لم يكن هذا هو المخطط، أو على الأقل، لم يكن الجزء الذي يُفترض بالجمهور أن يراه.
صرّح مسؤول في البيت الأبيض في الثالث من يوليو/ تموز بأن "الرئيس ترامب يؤمن بأن الدول الأفريقية توفّر فرصًا تجارية مذهلة تعود بالفائدة على كل من الشعب الأميركي وشركائنا الأفارقة".
سواء أكان ذلك من قبيل المصادفة أم من تخطيط محسوب، فقد انعقد الاجتماع في اليوم نفسه الذي صعّدت فيه إدارة ترامب حربها التجارية، من خلال فرض رسوم جمركية جديدة على ثماني دول، من بينها ليبيا والجزائر في شمال أفريقيا.
وقد شكّل هذا تناقضًا لافتًا: فبينما كان ترامب يزعم أنه يعمل على "تعزيز العلاقات مع أفريقيا"، كانت إدارته تعاقب دولًا أفريقية. وقد كشفت الصورة العامة عن التناقض – أو ربما الصراحة – في سياسة ترامب الأفريقية، حيث تُقدَّم الشراكة بوصفها مشروطة، وغالبًا لا يمكن تمييزها عن العقوبة.
افتتح ترامب القمة بخطاب استمر أربع دقائق، ادعى فيه أن القادة الخمسة المدعوين يمثلون القارة الأفريقية بأسرها. ولم يكن مهمًا أن دولهم بالكاد تظهر في إحصاءات التجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا؛ ما كان يهم فعليًا هو الذهب والنفط والمعادن المدفونة في باطن أراضيهم.
وقد شكر "هؤلاء القادة العظماء… القادمين جميعًا من أماكن نابضة بالحياة، ذات أراضٍ ثمينة، ومعادن رائعة، واحتياطيات نفطية عظيمة، وشعوب مميزة".
ثم أعلن أن الولايات المتحدة "تتحول من تقديم المساعدات إلى التبادل التجاري"، مبرّرًا ذلك بالقول: "لأن هذا سيكون أكثر فاعلية واستدامة وفائدة من أي شيء آخر يمكننا القيام به معًا".
في تلك اللحظة، انهارت وهمية الدبلوماسية، وكُشف عن الطبيعة الحقيقية للاجتماع. فقد انتقل ترامب من دور رجل الدولة إلى دور الاستعراض.
وسرعان ما انحدرت القمة إلى عرض محرج، جُسّدت فيه أفريقيا لا بوصفها قارة دول ذات سيادة، بل كمساحة غنية بالموارد الطبيعية، يمثلها قادة منقادون يؤدّون أدوارهم أمام الكاميرات.
لم يكن ذلك حوارًا، بل استعراضًا للهيمنة: هو إنتاج مسرحي مُعد مسبقًا.
كان الحدث وكأنه عرض دمى، يوجّه فيه كل ضيف أفريقي لأداء دوره والردّ بطريقة إيجابية في عرض مصمَّم بعناية يُظهر الخضوع والتبجيل.
وتقدَّم الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني المشهد، جسديًا ورمزيًا، بإشادته بـ"التزام" ترامب تجاه أفريقيا. وقد بدت هذه الإشادة مفارِقة للواقع وسريالية في ظل تقليص واشنطن للمساعدات مؤخرًا، وفرضها تعريفات جمركية عقابية، وتشديدها قيود التأشيرات على دول أفريقية.
في لحظة محرجة بشكل خاص، وصف الغزواني ترامب بأنه "صانع السلام الأول في العالم"، منسوبًا إليه – من بين أمور أخرى – الفضل في "إيقاف الحرب بين إيران وإسرائيل".
وقد جاءت هذه الإشادة دون أي إشارة إلى الدعم العسكري والدبلوماسي المتواصل الذي تقدمه الولايات المتحدة للحرب الإسرائيلية على غزة، وهي الحرب التي دانها الاتحاد الأفريقي بشكل قاطع. وكان هذا الصمت بمثابة محو محسوب لمعاناة الفلسطينيين في سبيل كسب رضا أميركي.
ربما بفعل القلق من تداعيات الرسوم الجمركية التي تلوح في الأفق على بلاده، تبنّى الغزواني، الذي ترأس الاتحاد الأفريقي في عام 2024، خطابًا يتسم بمرونة ملحوظة تجاه إدارة ترامب.
لقد دعا ترامب – بشكل غير مباشر – إلى استغلال المعادن النادرة في موريتانيا، وامتدحه، ونعته بصانع السلام، متجاهلًا المجازر التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء في غزة، والتي ارتُكبت بأسلحة وفّرتها إدارة ترامب نفسها.
هذا النمط من التودد طبع كامل الجلسة. واحدًا تلو الآخر، قدّم القادة الأفارقة لترامب مديحًا مبالغًا فيه، وفتحوا له أبواب الوصول إلى الموارد الطبيعية في بلدانهم – في تذكير مقلق بمدى سهولة توجيه الطاعة حين تكون السلطة هي من تُملي النص.
حتى رئيس السنغال، باسيرو ديوماي فاي، طلب من ترامب أن يبني ملعب غولف في بلاده. لكن ترامب رفض، مفضّلًا أن يعلّق على مظهر فاي الشاب. أما رئيس الغابون، بريس كلوتير أوليغي نغيما، فتحدّث عن شراكات "رابح-رابح" مع الولايات المتحدة، لكنه لم يتلقَّ سوى ردّ فاتر.
ما لفت انتباه ترامب حقًا كان طلاقة رئيس ليبيريا، جوزيف بواكاي، في التحدث باللغة الإنجليزية. فبدلًا من أن يُعير اهتمامًا لمضمون حديث بواكاي، أبدى ترامب انبهاره بـ"إنجليزيته الجميلة"، وسأله: "من أين تعلمت أن تتحدث بهذا الجمال؟ أين تلقيت تعليمك؟ أين؟ في ليبيريا؟"
أن يبدو ترامب غير مدرك أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في ليبيريا منذ تأسيسها عام 1822 كملاذ للعبيد المحرّرين من الولايات المتحدة، لم يكن صادمًا بقدر ما كان النبرة الاستعمارية في سؤاله. فقد عكس اندهاشه من طلاقة رئيس أفريقي في اللغة الإنجليزية تصورات نمطية متجذرة تعود إلى موروث استعماري قديم.
لم تكن تلك زلة معزولة. ففي مراسم سلام أقيمت في البيت الأبيض يوم 29 يونيو/ حزيران، وشملت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، علّق ترامب علنًا على مظهر الصحفية الأنغولية ومراسلة البيت الأبيض هاريانا فيراس، قائلًا لها: "أنتِ جميلة – وأنتِ جميلة من الداخل أيضًا."
سواء كانت فيراس "جميلة" أم لا، فهذه ليست النقطة. تصرّف ترامب كان غير لائق وغير مهني، إذ اختزل صحفية محترمة إلى مظهرها الخارجي في خضم حدث دبلوماسي مهم.
هذا التشييء الجنسي للنساء السود – والنظر إليهن كأدوات لرغبة الرجل الأبيض لا كشريكات فكريات – كان محوريًا في تجارة الرق عبر الأطلسي والاستعمار الأوروبي. وتعليق ترامب لم يكن سوى امتداد لذلك الإرث حتى يومنا هذا.
وبالمثل، فإن دهشة ترامب من إجادة بواكاي اللغة الإنجليزية تنسجم مع نمط استعماري طويل الأمد. إذ غالبًا ما يُنظر إلى الأفارقة الذين "يتقنون" لغة المستعمر ليس بوصفهم مثقفين معقدين ومتعددي اللغات، بل كأتباع امتصّوا ثقافة الهيمنة. ويُكافَؤون على قربهم من البياض، لا على فكرهم أو استقلالهم.
تصريحات ترامب كشفت عن اعتقاده بأن الأفارقة الذين يتمتعون ببلاغة لغوية أو جاذبية شكلية هم حالة استثنائية، وفضول يستحق الإعجاب العابر. ومن خلال اختزال كل من بواكاي وفيراس إلى مجرد فضول بصري، تجاهل ترامب إنجازاتهما بشكل كامل.
أكثر من أي شيء آخر، فقد جرّدت تعليقات ترامب القمة من أي وهم بأنها كانت تدور حول شراكة حقيقية.
وللمقارنة، يمكن النظر إلى قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا التي عقدها الرئيس جو بايدن في ديسمبر/ كانون الأول 2022. في ذلك الحدث، استُقبل أكثر من 40 رئيس دولة أفريقية، إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأفريقي والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
يبقى من غير المفهوم كيف توصّلت إدارة ترامب إلى أن خمسة رجال يمكن أن يمثلوا قارة بأكملها، ما لم يكن الهدف في الحقيقة ليس التمثيل على الإطلاق، بل السيطرة. فترامب لم يكن يريد تفاعلاً حقيقيًا، بل استعراضًا. وللأسف، فقد لبّى ضيوفه هذا الطلب.
وعلى النقيض من اللقاء المنضبط والمنظم بعناية الذي عقده ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الثامن من يوليو/ تموز، بدا الغداء مع القادة الأفارقة كعرض جانبي فوضوي، خالٍ من الحسّ السياسي.
كان فاي مخيبًا للآمال بشكل خاص. فقد وصل إلى السلطة على أساس برنامج مناهض للإمبريالية، متعهدًا بقطع الصلة مع السياسات الاستعمارية الجديدة واستعادة كرامة أفريقيا. ومع ذلك، في البيت الأبيض، لم يكن الأمر كذلك. وكغيره، فشل في تحدي ترامب، أو التأكيد على مبدأ المساواة، أو الدفاع عن السيادة التي يجاهر بالدعوة إليها علنًا في بلاده.
في لحظة كان يمكن لقادة أفريقيا أن يتصدّوا فيها لعقلية استعمارية تتجدد، لكنهم منحوا ترامب الفرصة لإحياء خيال الهيمنة الغربية من القرن السادس عشر.
ولمكافأتهم، عرض عليهم ترامب "جائزة": ربما لن يفرض رسومًا جمركية جديدة على بلدانهم، قائلًا: "لأنهم الآن أصدقائي".
ترامب، "السيّد"، انتصر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 18 ساعات
- الجزيرة
5 أسئلة تشرح "حلول" ترامب لأزمة السد الإثيوبي
القاهرة- بشكل مفاجئ طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب"إمكانية التوصل إلى حل سريع" في أزمة سد النهضة الإثيوبي، في خطوة أثارت تساؤلات عن الطرح الأميركي ودوافعه وارتباطه بقضايا شائكة، وقراءة مصر لذلك في وقت تتعرض فيه لضغوط أميركية للقبول بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ، ومع اقتراب إثيوبيا من افتتاح السد رسميا في سبتمبر/أيلول المقبل بعد عقد وأكثر من مفاوضات متعثرة. ورغم تأكيد أديس أبابا عدم إضرارها بالمصالح المائية للبلدين، فإن القاهرة تتهمها بالمراوغة وممارسة سياسة الأمر الواقع. وفي تصريح له، الاثنين الماضي، قال ترامب إنه يعتقد بإمكانية حل سريع لأزمة النهضة، ووعد بذلك قائلا إن "المياه مسألة مهمة وحساسة ومصدر حياة للمصريين، ويجب حلها سريعا"، في حين رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، مؤكدا أن ذلك "يُبرهن على جدية أميركا بقيادة ترامب في بذلها جهودا لتسوية النزاعات بالعالم، منها فلسطين وأفريقيا وأوكرانيا". وكان ترامب قد انتقد مؤخرا بلاده بسبب "تمويلها سد النهضة"، واصفا ذلك "بالغباء"، علما أن واشنطن كانت رعت في أواخر ولاية ترامب الأولى مفاوضات بين مصر و السودان وإثيوبيا، لكنها فشلت بعد رفض إثيوبيا التوقيع على نسخة الاتفاق النهائية، وذلك ما استدعى ترامب حينها لانتقاد أديس أبابا بشدة قائلا إن "مصر قد تعمل على تفجير السد". وعبر سؤال وجواب نقف على طبيعة تصريحات ترامب وجدية أميركا بالتوصل إلى حل للأزمة المستفحلة ورؤية مصر لذلك. هل تؤخذ تصريحات ترامب على محمل الجدية؟ يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، إن تصريحات ترامب ليست جديدة، بل تمثل استكمالا واستمرارا لمواقف إدارته السابقة، بما فيها المفاوضات الثلاثية التي رعتها في 2019-2020، حين غابت أديس أبابا عن التوقيع. وأوضح حسن، للجزيرة نت، أن إدارة ترامب -في ولايته الأولى- لم تتحرك بجدية عندما لم توقع إثيوبيا الاتفاق الثلاثي، رغم علمه المسبق بهذه الخطوة. وممسكا بالخيط ذاته، يعتقد الأكاديمي والمحلل السياسي في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا خيري عمر أن حديث ترامب لا يعد مؤشرا على عودة واشنطن للعب دور جديد في أزمة السد، موضحا -للجزيرة نت- أنه جاء كمبادرة وليس طلبا للتدخل سواء من قبل مصر أو إثيوبيا. ويمثل حديث ترامب، بحسب المصدرين حسن وعمر، اعترافا واقعيا بأن مشاريع السدود الإثيوبية أميركية بالأساس، منذ خمسينيات القرن الماضي، وكل التفويضات الدولية بشأنها صادرة من واشنطن، وإثيوبيا لم تكن تملك القدرة على بناء سد بهذا الحجم لولا الدعم الأميركي لها، حتى لو كانت مصر تمر بحالة ضعف. كيف تقرأ مصر رسالة ترامب؟ في تقدير السفير رخا حسن، ما يدفع ترامب إلى إحياء هذا الملف الآن هو محاولة تقديم نفسه كصانع سلام على المستوى الدولي، وربما أيضا للمساومة مع مصر في قضايا إقليمية كملف تهجير الفلسطينيين من غزة، لكنه أكد أن مصر لن تقبل مطلقا ربط قضية السد، باعتبارها قضية حياة، بأي قضية أخرى تمس السيادة الوطنية أو تصفية القضية الفلسطينية. وعن ترحيب القاهرة الرسمي بتصريحات ترامب، قال إن مصر لا تعارض أي وساطة فعالة، لكنها تشترط اتفاقا قانونيا ملزما يضمن حصتها المائية، خصوصا في فترات الجفاف، مبينا أن إثيوبيا ما زالت ترفض الاعتراف بحقوق مصر المائية، وأن الموقف المصري يقوم على المطالبة بضمانات دولية. ويتفق الأكاديمي خيري عمر مع هذا الطرح، موضحا أن حديث ترامب لا يمكن أخذه على محمل الجد، ولا يتعدى كونه مجرد محاولة لإعادة النقاش حول ملف السد؛ إذ يبقى تصريحا عابرا، أشار فيه إلى إمكانية التفاوض مرة أخرى فحسب، في حين تظل تحديات ماثلة، أهمها تحديد نقطة بداية ونهاية للتفاوض، والضمانات اللازمة للوصول إلى حل مناسب. ويرجح عمر عدم قبول القاهرة بأي حلول لأزمة السد ما لم تكن إستراتيجية ومجانية، وفي سياق الاعتراف بكونها أزمة قائمة بذاتها، موضحا أن بلاده لطالما واجهت ضغوطا دولية في مقابل أزمة السد، بما فيها خطط التهجير، وتصفير الديون، وكذلك ملف الأمن القومي الحيوي في السودان. ما أوراق ترامب لحل أزمة السد؟ يرى خيري عمر أن أميركا تمارس فلسفة توافق وتوجيه في علاقاتها مع إثيوبيا، قائلا "إن واشنطن لو قدمت توجيها لإثيوبيا ستستجيب، فهي تسيطر بالفعل على النخبة والسياسة الإثيوبية منذ تمرد حكومة التيغراي التي أدارت البلاد منذ التسعينيات وكذلك حكومة آبي أحمد الحالية"، حسب قوله. وفضلا عن ذلك، يعتقد السفير رخا حسن أن واشنطن تملك أوراق ضغط متعددة على أديس أبابا، منها الاستثمارات والدعم السياسي، لكنها لم تستخدمها سابقا. هل تجاوزت أزمة السد نقطة اللاعودة؟ بحسب الأكاديمي خيري عمر، وصلت أزمة السد إلى نقطة اللاعودة، بوقت تأتي فيه تصريحات ترامب في سياق ملفات أخرى متشعبة ومترابطة إقليميا ودوليا، بالنظر إلى الدور الأميركي الفاعل والمحرك لها. أما السفير رخا حسن فيشدد على أن "نقطة اللاعودة" لا وجود لها في السياسة، وإذا توفرت المرونة لدى إثيوبيا والدعم والرغبة الجادة للحل من إدارة ترامب، يمكن التوصل إلى اتفاق جديد، قد يستند إلى مشروع التفاوض الأميركي السابق (2019-2020)، مع تطويره أو تعديله، مبينا أن السد اكتمل الآن، ومن ثم ينبغي التركيز على اتفاق بشأن آلية تشغيله وتوزيع المياه، محذرا من الدخول في مفاوضات بلا نهاية، شبيهة بالمفاوضات العربية الإسرائيلية. ما المسارات المصرية المحتملة في ملف سد النهضة؟ يعتقد خيري عمر أن القاهرة اتخذت 3 مسارات منذ بداية الأزمة: الأول دبلوماسي قانوني وقد استنفد أغراضه، والثاني جيولوجي يرتبط بافتراضات مصرية تشير إلى أن السد لن يعمل كما ينبغي له، وأن العوامل الطبيعية والجيولوجية ستؤثر على مستقبله بعد التشغيل وعلى قدرته على الصمود. هذان المساران، بحسب عمر، لن تتفاوض عليهما مصر مجددا حيث لم يعد لهما أهمية، إلا إذ تم التوصل إلى اتفاق واضح وصريح يراعي الأمن المائي المصري، مشيرا إلى أن بلاده لم يتبق لها سوى اللجوء إلى مسار ثالث هو الحل العسكري، وهو غير مستبعد في حالة الجفاف والضرر الجسيم، حسب قوله. وأما حديث ترامب في ولايته الأولى بأن مصر قد تعمل على تفجير السد، اعتبره المحلل السياسي "توريطا للقاهرة"، موضحا أن استهداف مصر السد في ذلك الوقت كان سينظر إليه باعتباره عدوانا على سيادة إثيوبيا، بما يؤثر سلبا على الموقف المصري دوليا، بخلاف اللجوء إلى العمل العسكري في حالة الضرر الجسيم.


الجزيرة
منذ 19 ساعات
- الجزيرة
ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 19% على إندونيسيا
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء إن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية 19% على السلع الواردة من إندونيسيا بموجب اتفاق جديد مع الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، مشيرا إلى أن المزيد من الاتفاقات قيد التفاوض. يأتي ذلك في حين يواصل ترامب الضغط من أجل ما يعتبرها شروطا أفضل مع الشركاء التجاريين وسبيلا لتقليص العجز التجاري الأميركي الكبير. والاتفاق مع إندونيسيا، الشريك التجاري الصغير نسبيا للولايات المتحدة، من بين عدد قليل من الاتفاقات التي أبرمتها إدارة ترامب حتى الآن قبل انقضاء مهلة في أول أغسطس/ آب لرفع الرسوم الجمركية على معظم الواردات مرة أخرى. وقال ترامب في البيت الأبيض عن الاتفاق مع إندونيسيا: "سيدفعون 19% ولن ندفع شيئا.. سيكون لدينا وصول كامل إلى إندونيسيا، ولدينا اتفاقان سيتم الإعلان عنهما". شراء منتجات أميركية وذكر ترامب في وقت لاحق عبر منصة تروث سوشيال أن إندونيسيا وافقت على شراء منتجات طاقة أميركية قيمتها 15 مليار دولار، ومنتجات زراعية بقيمة 4.5 مليارات دولار، بالإضافة إلى 50 طائرة بوينغ ، لكن لم يحدد إطارا زمنيا للشراء". وإندونيسيا ليست ضمن أكبر 15 شريكا تجاريا للولايات المتحدة، إذ بلغ إجمالي تجارتهما ما يقل قليلا عن 40 مليار دولار في عام 2024، لكنه يسجل نموا. وارتفعت صادرات الولايات المتحدة إلى إندونيسيا 3.7% العام الماضي، بينما ارتفعت الواردات 4.8%، مما جعل الولايات المتحدة تسجل عجزا تجاريا مع إندونيسيا قارب 18 مليار دولار. ونقلت رويترز عن سوسيويجونو موجيارسو، وهو مسؤول كبير في وزارة التنسيق الإندونيسية للشؤون الاقتصادية، قوله: "نعد بيانا مشتركا بين الولايات المتحدة وإندونيسيا سيوضح حجم الرسوم الجمركية المضادة لإندونيسيا بما في ذلك اتفاق الرسوم الجمركية والترتيبات غير الجمركية والتجارية. سنبلغ (الجمهور) قريبا". وتمنح المهلة حتى أول أغسطس/ آب الدول المستهدفة الوقت الكافي للتفاوض على اتفاقيات يمكن أن تخفض الرسوم الجمركية التي هدد بها ترامب، كما لاحظ بعض المستثمرين وخبراء الاقتصاد اتجاه ترامب إلى التراجع عن تهديداته بشأن الرسوم الجمركية. ومنذ إطلاقه لسياسة الرسوم الجمركية، لم يبرم ترامب سوى عدد قليل من الاتفاقات، منها اتفاقان إطاريان مع بريطانيا وفيتنام واتفاق مؤقت مع الصين لتفادي فرض ترامب لرسوم جمركية أشد في حين تستمر المفاوضات بين واشنطن وبكين. وقال ترامب إن المحادثات مع الهند تسير في اتجاه مماثل. المفاوضات مع أوروبا جاءت الانفراجة مع إندونيسيا في حين تستعد المفوضية الأوروبية، التي تشرف على التجارة في الاتحاد الأوروبي ، لاستهداف سلع أميركية بقيمة 72 مليار يورو (84.1 مليار دولار) برسوم جمركية محتملة إذا فشلت المحادثات التجارية مع واشنطن. وهدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول/ أغسطس آب، وهي نسبة قال مسؤولون أوروبيون إنها "غير مقبولة على الإطلاق". وأحجم الاتحاد الأوروبي حتى الآن عن اتخاذ تدابير للرد سعيا لتجنب التصعيد المتبادل في الحرب التجارية، بينما لا تزال هناك فرصة للتفاوض على نتيجة أفضل، لكن وزراء الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في بروكسل أمس الاثنين كانوا أقرب إلى اتخاذ إجراءات للرد على ما يبدو. وقال مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروش شفتشوفيتش إنه يعتقد أنه "من الممكن مواصلة المفاوضات"، لكنه عبر عن خيبة أمله في عدم قدرة واشنطن على التوصل إلى اتفاق مع أكبر شريك تجاري لها. وقال: "الاتحاد الأوروبي.. لا يتخلى أبدا عن بذل جهد حقيقي، خاصة بالنظر إلى العمل الشاق الذي بذل بالفعل، ومدى قربنا من التوصل إلى اتفاق والفوائد الواضحة للحل التفاوضي.. لكن مثلما قلت من قبل، يد واحدة لا تصفق". وأضاف أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اتفقت على أن التكتل الذي يضم 27 دولة سيتعين عليه اتخاذ تدابير للرد إذا فشلت المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة.


الجزيرة
منذ 20 ساعات
- الجزيرة
خبراء روس يقيّمون مهلة ترامب لروسيا لإحلال سلام مع أوكرانيا
موسكو- أثارت التغيرات التي طرأت على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الأزمة الأوكرانية وإعلانه بشكل مباشر نية بلاده تزويد كييف بأسلحة هجومية، ردود فعل متباينة لدى المراقبين الروس. وكان ترامب أعلن أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) ، الذي تُعد الولايات المتحدة عضوا فيه، سيدفع ثمن الأسلحة الأميركية التي ستزود بها أوكرانيا لاحقا، موضحا أنه تم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن مع الحلف في قمة المنظمة في يونيو/حزيران المنصرم، ينص على أن "تُزود دول الناتو بالأسلحة، وسيُسدد الحلف للولايات المتحدة التكلفة الكاملة لهذه الأسلحة". كما منح ترامب موسكو مهلة نهائية مدتها 50 يوما لإبرام اتفاق سلام، وفي حال عدم استيفاء الشروط، هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على واردات السلع الروسية، بالإضافة إلى رسوم جمركية ثانوية على الدول التي تشتري النفط والغاز وموارد الطاقة الأخرى من روسيا. وأشار الرئيس الأميركي في تصريح لاحق إلى أن شحنات المساعدات العسكرية المُستقبلية لكييف ستشمل بطاريات باتريوت، بينما ستنقل بعض الدول الغربية أنظمة الدفاع الجوي باتريوت الخاصة بها إلى كييف، وستُحدث الولايات المتحدة الترسانة الأوكرانية بأنظمة جديدة. وترى روسيا أن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا تُعيق التسوية، وتُورط دول الناتو مباشرةً في النزاع. ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ذلك بـ"اللعب بالنار"، مضيفا أن أي شحنات تحتوي على أسلحة لأوكرانيا ستكون هدفا مشروعا لروسيا. أما المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، فوصف تصريحات ترامب بأنها بالغة الخطورة، وأن روسيا بحاجة إلى وقت لتحليلها. وحسب قوله، فإنه إذا رأى الرئيس الروسي ذلك ضروريا، فسيعلق على كلام ترامب. "جنون المبالغة" الباحث بمعهد دراسات السلام والصراعات فلاديمير جورافليوف، رأى أن تصريحات الرئيس الأميركي حول تسليم أسلحة جديدة إلى أوكرانيا لن تُغير شيئا، لا في منطقة العمليات العسكرية ولا في تصرفات روسيا في مجال السياسة الخارجية. وفي تعليق للجزيرة نت، قال إن مهلة الـ50 يوما التي حددها ترامب لحل النزاع، وتهديداته بفرض رسوم جمركية مجرد "كلام فارغ" وعنصر من عناصر "جنون ترامب المبالغ فيه"، الذي يستغله بنشاط في الممارسة السياسية والحياة اليومية، كونه ببساطة لا يستطيع العيش بدون مثل هذه التصريحات، حسب تعبيره. ووفقا له، فإن ترامب غير قادر على اتخاذ إجراءات متهورة تجاه روسيا والصين والهند في المجال التجاري بعد انقضاء المهلة التي أعلن عنها، مضيفا أن الحديث لا يدور عن عقوبات، بل عن رسوم جمركية. وحسب رأيه، فإن فرض رسوم جمركية على شركاء روسيا التجاريين، والذي سمح به ترامب في ظل غياب أي تقدم في التسوية، سيكون له تأثير سلبي بالدرجة الأولى على الولايات المتحدة، وستظل البرازيل والهند والصين قادرة على إيجاد حلول بديلة لشراء الموارد الروسية. من ناحية ثانية، أكد المتحدث بأن الشحنات العسكرية من دول الناتو لا تزال تصل فعليا إلى أوكرانيا عبر الموانئ الرومانية، بما في ذلك ميناء غيورغيوليشتي في مولدوفا، الذي أصبح ملكا لبوخارست. أما منظومات باتريوت فمن غير المعروف عددها على الأراضي الأوكرانية لكنها موجودة بالتأكيد وتُستخدم، "والسؤال الآن: هو هل سيكون هناك المزيد منها؟". يجيب جورافليوف أن "هذا وارد جدا، بل إن إسرائيل، قامت مؤخرا، رغم العمليات العسكرية مع إيران، بإرسال هذه الأنظمة سرا إلى الأوكرانيين. كما أن ألمانيا أكدت أن 400 صاروخ مضاد للطائرات سلمت إلى أوكرانيا". من دون الأخذ بالاعتبار تصريح برلين بأنها لن تُسلم صواريخ تاوروس إلى كييف، لأن أوكرانيا قد بدأت بالفعل إنتاج صواريخ بعيدة المدى، تستهدف العمق الروسي. مفاوضات بأسوأ الشروط من جانبه، يرى الخبير العسكري أناتولي ميخائيلوف بأن ترامب بتصريحاته الجديدة يريد أن "يخوض اللعبة" في أوكرانيا من دون أن يكون متورطا بشكل مباشر، لأنه يعلم من سينتصر، حسب وصفه. وفي حديث للجزيرة نت أشار ميخائيلوف إلى تصريحات مسؤول كبير في البيت الأبيض قال فيها إن الرئيس ترامب يرى أن روسيا ستنتصر، والمسألة تتعلق فقط بالوقت الذي سيستغرقه ذلك. ويتابع بأن ترامب لا يريد أن يكون في الجانب الخاسر، وأن مهلة الـ50 يوما التي حددها ستتزامن مع انتهاء الهجوم الروسي الصيفي، وعندها من المرجح أن يكون هناك مجال للمفاوضات بعد ذلك، لكنها ستكون في أسوأ الشروط بالنسبة لكييف. وبرأيه، يُقيّم الرئيس فلاديمير بوتين بشكل موضوعي الوضع الذي تتمتع فيه روسيا في ساحات القتال مع أوكرانيا ويُدرك أن الولايات المتحدة أو أوروبا لا تستطيعان فعل الكثير للضغط عليه أو إجباره على تكبد خسائر فادحة. إضافة لذلك، يقول المتحدث إن زيادة المساعدات لأوكرانيا من غير المرجح أن تُحدث تغييرا كبيرا في التوازن العسكري، وإن موسكو مستعدة لتحمل التكاليف المرتبطة بالعقوبات الإضافية. كما يبدي الخبير شكوكا بشأن الأسلحة المرسلة إلى كييف على ضوء تراجع مخزونات الأسلحة، علاوة على أن العديد من التفاصيل حول الترسانة الجديدة لأوكرانيا لا تزال غير واضحة بعد.