
من أفغانستان إلى إيران: هل تنجح التدخلات العسكرية الأمريكية؟
أثار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجدل في مايو/أيار 2025، حينما وجّه انتقادات لاذعة لسياسات التدخل الخارجي التي تبناها أسلافه في البيت الأبيض.
وقال ترامب آنذاك: "في نهاية المطاف، من يُطلق عليهم بناة الأمم دمّروا أمماً أكثر مما بنوها"، في إشارة واضحة إلى الغزو الأمريكي المثير للجدل للعراق عام 2003. وأضاف: "المتدخلون تدخلوا في مجتمعات معقدة لم يفهموها".
رأى بعض المحللين في تصريحاته، التي جاءت خلال زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض، تلميحاً إلى أن التدخل الأمريكي في شؤون المنطقة قد أصبح من الماضي في عهد ترامب الثاني.
لكن بعد أكثر من شهر بقليل، شنت الولايات المتحدة هجوماً على ثلاث منشآت نووية إيرانية، لتُجر واشنطن مجدداً إلى جولة جديدة من الصراع بين إيران وإسرائيل.
سعت الولايات المتحدة – ومعها إسرائيل – من خلال هذا الهجوم إلى القضاء على الطموحات النووية الإيرانية.
وقال ترامب عقب الضربة مباشرة: "كان هدفنا تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ووقف التهديد النووي الذي تمثله الدولة الراعية الأولى للإرهاب في العالم".
لكن التاريخ يُظهر أن التدخلات الغربية في الخارج لم تسر دائماً كما كان مخططاً لها.
يقول الكاتب اللبناني الأمريكي، فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، إن التدخل الأمريكي ظل ثابتاً في علاقات الشرق الأوسط الدولية منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي.
وأضاف جرجس، مؤلف كتاب "ما الذي حدث حقاً؟ الغرب وفشل الديمقراطية في الشرق الأوسط"، في حديثه لبي بي سي: "الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة ضد إيران مثال واضح آخر على تلك السياسة".
فأين تدخّلت الولايات المتحدة أيضاً؟ وما الذي حدث بعد ذلك؟
انقلاب إيران
في عام 1953، أُطيح برئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطياً، محمد مصدق، في انقلاب قادته المؤسسة العسكرية الإيرانية بدعم مباشر من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
كان مصدق وصل إلى السلطة قبلها بعامين فقط، متعهداً بتأميم احتياطيات النفط الإيرانية الهائلة. لكن هذا التوجه، إلى جانب ما بدا أنه تهديد شيوعي، أثار قلق لندن وواشنطن اللتين كانت اقتصادهما بعد الحرب العالمية الثانية يعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني.
وُصِف الانقلاب في البداية بأنه انتفاضة شعبية تهدف لإعادة الشاه محمد رضا بهلوي إلى الحكم، لكنه كان مدعوماً من قبل أجهزة الاستخبارات البريطانية والأمريكية.
Getty Images
الرئيس الأمريكي جيمي كارتر يرحب بالشاه في البيت الأبيض عام ١٩٧٧.
وفي عام 2000، تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، مادلين أولبرايت، علناً عن الدور الأمريكي في الانقلاب. وفي 2009، أقر الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، في خطاب ألقاه في القاهرة، بدور واشنطن في ما حدث.
ثم في عام 2013، وبعد مرور 60 عاماً على الانقلاب، نشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، وثائق تعترف فيها لأول مرة بدورها المباشر في الانقلاب.
وجاء في إحدى هذه الوثائق التي نشرها أرشيف الأمن القومي: "الانقلاب العسكري، نُفّذ بتوجيه من وكالة الاستخبارات المركزية كعمل من أعمال السياسة الخارجية الأمريكية".
ويؤكد جرجس أن الصراع الحالي بين الولايات المتحدة وإيران يعود جذوره إلى هذا التدخل السري. ويقول: "لم يغفر الإيرانيون للولايات المتحدة أبداً إسقاط رئيس وزراء شرعي منتخب ديمقراطياً، وتنصيب دكتاتور قاسٍ – شاه إيران – حاكماً مطلقاً للبلاد".
ويضيف: "العداء الأمريكي في إيران اليوم يرجع إلى تحميل النخبة السياسية هناك الولايات المتحدة مسؤولية تغيير مسار السياسة الإيرانية".
كما يشير جرجس إلى أن واشنطن حاولت أيضاً التأثير على سياسات الرئيس المصري جمال عبد الناصر داخل بلاده وتغيير مسار مشروعه القومي، لكنها لم تنجح كثيراً.
الدعم الأمريكي للإسلاميين في أفغانستان
في عام 1979، غزت القوات السوفيتية أفغانستان لدعم الحكومة الشيوعية المتهالكة التي تولّت السلطة قبل ذلك بعام واحد. وسرعان ما واجه السوفييت حركة مقاومة إسلامية تُعرف باسم "المجاهدين".
تكونت هذه الحركة من جهاديين إسلاميين متطرفين يعارضون الحكومة الشيوعية، وكانت تحظى بدعم الولايات المتحدة وباكستان والصين والسعودية ودول أخرى.
وخلال الحرب الباردة، كانت واشنطن من أكبر مورّدي الأسلحة والتمويل لأفغانستان، بهدف تقويض الأهداف السوفيتية هناك.
Getty Images
كان الغزو السوفيتي لأفغانستان في البداية لدعم الحكومة الشيوعية هناك.
وبحسب وثائق رفعت عنها السرية وتحقيقات صحفية وشهادات ظهرت لاحقاً، سعت الولايات المتحدة إلى استدراج الاتحاد السوفيتي إلى "مستنقع" أفغاني يستنزف الأرواح والموارد، كما حدث للجيش الأمريكي في حرب فيتنام.
أُطلق على المهمة اسم "عملية الإعصار"، ووصفتها الصحافة آنذاك بأنها "أكبر عملية سرية في تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية".
واستقبل الرئيس الأمريكي آنذاك، رونالد ريغان، وفداً من قادة الجهاد في مكتبه البيضاوي.
وبعد توقيع اتفاقيات جنيف في 1988، بدأ الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف في سحب قواته من أفغانستان، وانتهى الانسحاب مطلع عام 1989.
لكن سرعان ما غرقت البلاد في حرب أهلية بين فصائل متنازعة وحكومة ضعيفة سرعان ما انهارت بعد أن فقدت الدعم السوفيتي.
ومن وسط ركام تلك الحرب، ظهرت حركة طالبان التي تبنت تفسيراً متشدداً للشريعة الإسلامية. وكثير من قادة الحركة كانوا قد قاتلوا في صفوف المجاهدين وتلقوا أسلحة أمريكية.
وبعد نهاية الحرب السوفيتية الأفغانية، أسس مجموعة من قدامى المحاربين الأفغان تنظيم القاعدة لنقل الصراع الجهادي خارج أفغانستان. ووفرت طالبان لهذا التنظيم وزعيمه أسامة بن لادن ملاذاً آمنًا للتخطيط لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة.
ويقول الدكتور وليد حزبون، أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة ألاباما، إن معظم التدخلات الأمريكية في المنطقة خلال الحرب الباردة كانت بمثابة "جهود لتحقيق التوازن"، مضيفاً: "كانت تهدف إلى مواجهة أي قوة سياسية تعارض مصالح الولايات المتحدة وحلفائها".
وأشار حزبون إلى أن التدخل الأمريكي في حرب الخليج (1990-1991) يُعد مثالاً على ذلك، قائلاً: "كان الهدف منه مواجهة الغزو العراقي للكويت واستعادة سيادتها. وبعد نهاية الحرب الباردة، بدأت مناقشات بين صناع القرار الأمريكيين وقادة المنطقة حول سبل معالجة الاحتياجات الأمنية المشتركة".
لكن حزبون يرى أن نهجاً مختلفاً بدأ في عهد إدارة كلينتون. "كان الهدف هو تنظيم بنية أمنية تخدم المصالح الأمريكية ورؤيتها للنظام الإقليمي"، موضحاً أن هذا النهج شمل دفع عملية السلام وتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، من جهة، واحتواء إيران والعراق عبر الوسائل العسكرية والعقوبات، من جهة أخرى.
وغالباً ما اقترن التدخل الأمريكي بدعم غير مشروط لإسرائيل، بحسب تصريحات عدة قادة أمريكيين. ومنذ الحرب العالمية الثانية، كانت إسرائيل أكبر مستفيد من المساعدات الخارجية الأمريكية، حيث تلقت مليارات الدولارات سنوياً.
العودة إلى أفغانستان لمحاربة طالبان
في أكتوبر/تشرين الأول 2001، قادت الولايات المتحدة غزو أفغانستان، بهدف طرد طالبان ودعم الديمقراطية والقضاء على تهديد تنظيم القاعدة عقب هجمات سبتمبر/أيلول.
وسرعان ما سيطرت القوات الأمريكية على العاصمة كابل. وفي عام 2003، بدأت قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) مهامها في القتال وتدريب القوات الأمنية الأفغانية.
وبعد ثلاث سنوات، تولّت حكومة أفغانية جديدة الحكم. لكن هجمات طالبان الدامية استمرت.
Getty Images
تكبدت القوات الأمريكية خسائر فادحة في حرب أفغانستان.
وفي عام 2009، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، عن تعزيزات عسكرية دفعت طالبان إلى التراجع مؤقتاً.
لكن في 2014، وهو العام الأكثر دموية منذ بدء الحرب، أنهت قوات الناتو مهمتها، وسلّمت المسؤولية الأمنية إلى الجيش الأفغاني، لتعود طالبان إلى التقدم والسيطرة على مزيد من الأراضي.
وفي العام التالي، شنّت الحركة سلسلة من الهجمات الانتحارية، واستهدفت مبنى البرلمان ومواقع قرب مطار كابل.
وفي أبريل/نيسان 2021، قررت إدارة الرئيس جو بايدن سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، بعد 20 عاماً من الغزو. وكانت خطوة مثيرة للجدل أدت إلى سقوط كابل سريعاً في أيدي طالبان، في مشهد أعاد إلى الأذهان ما حدث في سايغون عام 1975.
ووصفت عضوة الكونغرس الجمهورية إليس ستيفانيك ذلك الحدث بأنه "سايغون بايدن"، وقالت على وسائل التواصل: "فشل كارثي على الساحة الدولية لن يُنسى أبداً".
واستولت طالبان بعد ذلك على معدات عسكرية معظمها بتمويل أمريكي، بحسب مسؤول أفغاني سابق تحدث للبي بي سي بشرط عدم الكشف عن هويته.
وأشار تقرير أممي صدر في 2023 إلى أن الحركة سمحت لقادتها المحليين بالاحتفاظ بـ 20 في المئة من الأسلحة الأمريكية المصادرة، مما أدى إلى ازدهار السوق السوداء.
غزو العراق
في أغسطس/آب 1990، اجتاحت القوات العراقية بقيادة الرئيس صدام حسين الكويت، وقتلت المئات ممن حاولوا التصدي للهجوم وأجبرت الحكومة الكويتية على اللجوء إلى السعودية.
ويرى كثيرون أن هذه اللحظة شكّلت بداية فترة طويلة من الاضطراب في تاريخ الشرق الأوسط.
وبعد تحذيرات عدة وقرار من مجلس الأمن، أطلقت الولايات المتحدة، بدعم من بريطانيا والسعودية، أكبر تحالف عسكري منذ الحرب العالمية الثانية لطرد القوات العراقية في 17 يناير/كانون الثاني 1991.
وفي وقت لاحق، أصدر مجلس الأمن القرار 687 الذي طالب العراق بتدمير كل أسلحته للدمار الشامل – وهي تشمل الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية والصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
Getty Images
جنود أمريكيون يستعدون للانتشار قرب بغداد في أبريل/نيسان 2003
وفي عام 1998، علّق العراق تعاونه مع مفتشي الأمم المتحدة، وبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، بدأ الرئيس جورج دبليو بوش بالتخطيط لغزو العراق.
اتهم بوش صدام حسين بامتلاك أسلحة دمار شامل، واعتبر العراق جزءاً من "محور الشر" إلى جانب إيران وكوريا الشمالية.
وفي عام 2003، قال وزير الخارجية الأمريكي، آنذاك، كولن باول، أمام الأمم المتحدة إن العراق يمتلك "مختبرات متنقلة" لإنتاج أسلحة بيولوجية. لكنه عاد ليقول في 2004 إن الأدلة "لا تبدو قوية جداً".
شاركت بريطانيا وأستراليا وبولندا في الغزو، لكن العديد من الدول، منها ألمانيا وكندا وفرنسا والمكسيك، عارضته.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، آنذاك، دومينيك دو فيلبان، إن التدخل العسكري سيكون "أسوأ حل ممكن"، بينما رفضت تركيا، عضو الناتو وجارة العراق، السماح باستخدام قواعدها الجوية.
وقال حزبون لبي بي سي إن الولايات المتحدة كانت تسعى لتغيير النظام وفرض رؤيتها الخاصة للأمن في المنطقة.
وفي الذكرى العشرين للغزو، كتب محرر الشؤون الدولية في بي بي سي، جيريمي بوين، أن الغزو كان كارثياً على العراق وشعبه، قائلاً: "بدلًا من القضاء على أيديولوجية أسامة بن لادن والتطرف الجهادي، أدى الانفلات والفوضى التي أعقبت الغزو أدت إلى تكثيف العنف الجهادي".
ومن عواقب الغزو الأخرى تجدد تنظيم القاعدة وتحوله إلى ما يُسمى الدولة الإسلامية.
لا يُعرف بالضبط عدد العراقيين الذين قتلوا نتيجة غزو عام 2003.
ووفقًا لأرقام مشروع إحصاء ضحايا العراق، وهو مبادرة لتسجيل وفيات المدنيين عقب الغزو، قُتل 209,982 مدنيًا عراقياً بين عامي 2003 و2022.
وقال حزبون إن ما نحتاجه الآن هو أن تدعم الولايات المتحدة الجهود الإقليمية لتعزيز الأمن.
وقال: "قد يكون من الأفضل خدمة المصالح العالمية للولايات المتحدة من خلال منطقة تعمل على تحقيق فهم مشترك للأمن بدلاً من فرض النظام من خلال القوة العسكرية الساحقة للولايات المتحدة وحلفائها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 3 ساعات
- الوسط
ترامب يوقع مشروع الضرائب والإنفاق الشامل ليصبح قانوناً نافذاً
Reuters وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشروع قانونه التاريخي ليصبح قانوناً نافذاً، وذلك بعد أن أقرّه الكونغرس بصعوبة قبل يوم واحد فقط. وجاءت مراسم التوقيع في البيت الأبيض عصر الجمعة، تزامناً مع احتفالات الرابع من يوليو/ تموز، لتُجسّد محاور رئيسية من أجندة ترامب، مثل تخفيض الضرائب، وزيادة الإنفاق الدفاعي، وتشديد القيود على الهجرة. وبدأ ترامب جولة انتصاره من تجمع جماهيري في ولاية أيوا مساء الخميس، حيث قال لمؤيديه إن القانون سيفجر النمو الاقتصادي، لكنه يواجه الآن تحدياً في إقناع الأمريكيين المتشككين، إذ تُظهر استطلاعات الرأي رفض الكثيرين له. وحتى داخل حزبه الجمهوري، عارض بعض الأعضاء القانون خشية تفاقم الدين الأمريكي، فيما حذّر الديمقراطيون من أن المشروع يصبّ في مصلحة الأثرياء على حساب الفقراء. ويتضمن القانون، المكون من 870 صفحة: تمديد تخفيضات الضرائب التي أُقرت في عام 2017 خلال الولاية الأولى لترامب تقليص كبير في تمويل برنامج "ميديك إيد"، وهو نظام الرعاية الصحية الذي توفره الدولة لأصحاب الدخل المنخفض وذوي الإعاقة إعفاءات ضريبية جديدة على الإكراميات، والعمل الإضافي، والضمان الاجتماعي. زيادة في ميزانية الدفاع بقيمة 150 مليار دولار تقليص الحوافز الضريبية للطاقة النظيفة التي أُطلقت في عهد بايدن تخصيص 100 مليار دولار إضافية لدعم عمليات وكالة الهجرة والجمارك (ICE) وقبل لحظات من توقيع مشروع القانون، حلقت قاذفات شبح أمريكية من طراز بي-2، وهو نفس نوع الطائرات التي شاركت في العملية ضد إيران، ترافقهما مقاتلات متقدّمة من طراز F-35 وF-22. وفي كلمة ألقاها من شرفة البيت الأبيض المطلة على الحديقة الجنوبية، وجّه ترامب الشكر لأعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين ساهموا في تمرير مشروع القانون حتى وصل إلى مكتبه. وأشاد بالتخفيضات الضريبية التي يتضمنها مشروع القانون، متجاهلاً الانتقادات التي تشير إلى تأثيرها السلبي على برامج الرعاية الاجتماعية، مثل مساعدات الغذاء وخدمة "ميديك إيد" الصحية. وقال عن مشروع القانون: "هذا أكبر تخفيض في الإنفاق، ومع ذلك، لن تلاحظوه. الناس راضون". كما أشاد ترامب بالموارد الإضافية المخصصة لإنفاذ قوانين الحدود والهجرة، وإلغاء الضرائب المفروضة على الإكراميات، وساعات العمل الإضافية، والضمان الاجتماعي لكبار السن، وهي خطوات قال إن مشروع القانون سيحققها. وسبق مراسم توقيع مشروع القانون إطلاق ألعاب نارية بمناسبة يوم الاستقلال الأمريكي في الرابع من يوليو/ تموز، إضافة إلى فعالية عسكرية حضرها الطيارون الذين شنوا هجوما ضد إيران لضرب ثلاثة مواقع نووية. وتأتي هذه الأجواء الاحتفالية بعد أيام من مفاوضات شاقة مع أعضاء جمهوريين معارضين لمشروع القانون في الكونغرس، وساعات من الضغط السياسي في مبنى الكابيتول، شارك فيها الرئيس نفسه في بعض الأحيان. وكان زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، قد عطّل التصويت النهائي في المجلس يوم الخميس عبر إلقاء خطاب استمر قرابة تسع ساعات. ووصف مشروع القانون بأنه "هجومٌ غير عادي على الرعاية الصحية للشعب الأمريكي"، واستشهد بروايات من أفراد عبّروا عن قلقهم من تداعياته. لكن خطابه المطوّل لم يغيّر مسار الأمور؛ فبمجرد أن أنهى كلمته، بدأ المجلس إجراءات التصويت. Getty Images احتفل مشرعون جمهوريون بعد إقرار مشروع قانون الميزانية الشامل بفارق ضئيل قبل الموعد النهائي الذي حدده ترامب في الرابع من يوليو/ تموز وقال ترامب: "لا يمكن أن تحظى أمريكا بهدية عيد ميلاد أفضل من هذا الانتصار العظيم الذي حققناه قبل ساعات فقط" وأضاف: "بكل بساطة، سيمنحنا هذا القانون الكبير والجميل أقوى حدود على وجه الأرض، وأقوى اقتصاد، وأقوى جيش". ويقول البيت الأبيض إن التخفيضات الضريبية التي يتضمنها القانون ستدفع بعجلة النمو الاقتصادي، لكن خبراء كُثر يحذرون من أن ذلك قد لا يكون كافياً لمنع عجز الموازنة، أي الفارق السنوي بين الإنفاق والإيرادات الضريبية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الدين العام للولايات المتحدة. وتُظهر تحليلات مكتب الميزانية في الكونغرس (سي بي أو)، أن هذه التخفيضات قد تحقق فائضاً في العام الأول، لكنها بعد ذلك ستؤدي إلى ارتفاع حاد في العجز. وبحسب مركز السياسات الضريبية، ستصب التغييرات الضريبية في مشروع القانون في مصلحة الأمريكيين الأكثر ثراءً أكثر من أصحاب الدخل المنخفض، إذ تشير تحليلاته إلى أن نحو 60 في المئة من الفوائد ستذهب لمن يتقاضون أكثر من 217,000 دولار سنوياً، أي 158 ألف جنيه إسترليني. وتحدثت البي بي سي، إلى أمريكيين قد يشهدون خفضاً في الدعم الذي يساعدهم على شراء المواد الغذائية. ومن بينهم جوردان، أب لطفلين، وهو واحد من بين 42 مليون أمريكي يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية، الذي يستهدفه القانون الجديد. ويتلقى جوردان وزوجته ما يقارب 700 دولار شهرياً لإطعام أسرتهما المكوّنة من أربعة أفراد، ويقول الشاب البالغ من العمر 26 عاماً، إنه سيلجأ إلى عمل إضافي إذا انخفض المبلغ الذي يحصل عليه. ويضيف: "سأفعل كل ما بوسعي لإطعام عائلتي". وإلى جانب تقليص دعم برنامج المساعدات الغذائية، تشير التعديلات إلى برنامج "ميديك إيد"، الذي يوفّر الرعاية الصحية للأمريكيين أصحاب الدخل المحدود، وكبار السن، وذوي الإعاقة، إلى أن ما يقرب من 12 مليون شخص قد يفقدون تغطيتهم الصحية خلال العقد المقبل، بحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس. أما الجمهوريون، فيدافعون عن هذه التغييرات بقولهم إن تشديد شروط العمل في البرنامج ضروري لمكافحة سوء الاستخدام والاحتيال. لكن استطلاعات الرأي التي أُجريت قبل تمرير القانون في الكونغرس تشير إلى أن التأييد الشعبي له منخفض، ولا يقارن بعدد المعارضين. فقد أظهر استطلاع لجامعة "كوينيبياك" أن 29 في المئة فقط يؤيدون مشروع القانون، وترتفع النسبة إلى الثلثين بين الجمهوريين. مع ذلك، يبدو أن كثيرين لا يعرفون تفاصيله بعد؛ فقد أفادت وكالة رويترز بأن أنصار ترامب الذين التقتهم خلال تجمّع أيوا ليلة الخميس لم يكونوا على دراية تامة بمحتوى القانون.


الوسط
منذ 3 ساعات
- الوسط
هل أنقذت الرسوم الجمركية اقتصاد الولايات المتحدة أم أضرّت به؟
Getty Images بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، بدأ سريعاً بفرض الرسوم الجمركية، متجاهلاً تحذيرات الاقتصاديين والشركات من مخاطر إلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي. إذ بدأ ترامب بفرض رسوم على المكسيك وكندا والصين، ثم استهدف الصلب والألمنيوم والسيارات، وأخيراً، في شهر أبريل/نيسان، أعلن فيما سمّاه "يوم التحرير" عن موجة من الرسوم الجديدة على السلع القادمة من مختلف دول العالم. أثرت هذه الخطط على حركة التجارة وأحدثت اضطراباً في الأسواق المالية، لكن مع تصاعد القلق، سارع ترامب إلى تجميد أكثر قراراته جرأة لإفساح المجال أمام مفاوضات تستمر 90 يوماً. ومع اقتراب الموعد النهائي في 9 يوليو/تموز، وبينما يركز الرئيس استراتيجيته المقبلة، تبقى عينه على أداء الاقتصاد الأمريكي، فما التأثير الفعلي الذي حدث حتى الآن؟ سوق الأسهم تعافت تضمنت خطط ترامب فرض رسوم بنسبة 20 في المئة على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي، وبنسبة 145 في المئة على منتجات من الصين، وبنسبة 46 في المئة على الواردات من فيتنام، رغم أنه أعلن يوم الأربعاء عن اتفاق تفرض بموجبه الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 20 في المئة على فيتنام. وتلقى سوق الأسهم الأمريكي الضربة الأولى، حين بدأ بالتراجع في فبراير/شباط، ثم انهار في أبريل/نيسان بعد أن كشف ترامب كامل تفاصيل خطته في ما سمّاه "يوم التحرير". وهبط مؤشر S&P 500، الذي يتتبع أداء 500 من كبرى الشركات الأمريكية، بنحو 12 في المئة خلال أسبوع واحد. لكن الأسهم سرعان ما تعافت بعد أن تراجع ترامب عن خططه، مستبدلاً الرسوم المرتفعة بمعدل أكثر اعتدالاً يبلغ 10 في المئة فقط. أما الآن، فقد ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة تقارب 6 في المئة منذ بداية العام، وشهدت أسواق الأسهم في المملكة المتحدة وأوروبا تعافياً مماثلاً. لكن أسهم الشركات المعرّضة للتأثر بالرسوم، مثل شركات التجزئة وصناعة السيارات، لا تزال تعاني خاصة مع اقتراب موعد انتهاء المهلة المحددة للمحادثات. وأبقى البيت الأبيض جميع الاحتمالات مفتوحة، إذ أعلن من جهة أن الموعد "ليس حاسماً"، ومن جهة أخرى قال إن الرئيس قد يقدّم ببساطة "اتفاقاً" للدول الأخرى في ذلك التاريخ. وقالت ليز آن سوندرز، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في شركة تشارلز شواب، إن تعافي السوق يوحي بوجود "قدر كبير من التراخي" بين المستثمرين، الذين قد يُفاجؤون مجدداً إذا قرر ترامب إعادة فرض رسوم أعلى مما يتوقعونه. Getty Images التجارة عند مفترق طرق وتسببت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في اندفاع كبير للسلع نحو السوق الأمريكية في بداية العام، تبعه تراجع حاد في شهري أبريل/نيسان، ومايو/أيار. لكن بالنظر إلى الصورة الأوسع، فإن واردات السلع الأمريكية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام ارتفعت بنسبة 17 في المئة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وما سيحدث في الأشهر المقبلة يعتمد على ما إذا كان ترامب سيمدد فترة التجميد المؤقت للرسوم، أم سيعيد تفعيل خططه الأكثر تشدداً، بحسب شركة هاكيت التي تتابع حركة الموانئ لصالح الاتحاد الوطني لتجار التجزئة. وقالت هاكيت: "في هذه المرحلة، لا يمكن لأحد أن يتوقع ما سيحدث"، مشيرةً إلى أن الوضع حالياً في حالة "جمود مؤقت". وأضافت أنه "إذا انتهى تجميد الرسوم وأُعيد فرض الرسوم المرتفعة، فمن شبه المؤكد أننا سنشهد ركوداً اقتصادياً قصير الأجل". من المبكر الحكم على الأسعار ويُقدر إجمالي السلع المستوردة في الولايات المتحدة بنحو 11 في المئة من إجمالي إنفاق المستهلكين. ويرى ترامب وحلفاؤه أن المخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية – التي أصبحت الآن أعلى بنحو ستة أضعاف مقارنة ببداية العام – إلى رفع تكاليف المعيشة بشكل مبالغ فيه. وقد استندوا جزئياً إلى بيانات التضخم الأخيرة، التي أظهرت أن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 0.1 في المئة فقط بين أبريل/نيسان، ومايو/أيار. لكن بعض السلع، مثل الألعاب، شهدت زيادات أكبر، كما أن العديد من المنتجات التي تواجه رسوماً أعلى لم تصل بعد إلى الأسواق. Getty Images وقد تختار الشركات، وخاصة تلك التي تتمتع بهوامش ربح قوية، رفع الأسعار تدريجياً بدلاً من إثارة استياء الزبائن بارتفاعات مفاجئة. ورغم ضغط الرئيس على الشركات لـ"تحمّل الرسوم"، لا يزال الاقتصاديون يتوقعون على نطاق واسع أن المستهلكين هم من سيدفعون الثمن في النهاية. وتقول ليز آن سوندرز إنه "قد يبدو أن التضخم مستقر ولاشي يذكر حوله إذا لم تتعمق في البيانات"، وتضيف: "لكن من السابق لأوانه إعلان النصر". الإنفاق الاستهلاكي يتباطأ وبدأت ثقة الأمريكيين في الاقتصاد بالتراجع مطلع هذا العام، مع بدأ ترامب بالكشف عن خططه الجمركية. لكن التوجهات السياسية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل الانطباعات حول الاقتصاد، لذا كان من غير الواضح ما إذا كانت هذه المخاوف ستؤدي إلى تقليص إنفاق الأسر على المدى الطويل. الآن، بدأت بعض مؤشرات التراجع بالظهور: فقد انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.9 في المئة من أبريل/نيسان إلى مايو/أيار، وهو الشهر الثاني على التوالي من التراجع، وهي أول مرة يحدث فيها ذلك منذ نهاية عام 2023. وعلى الصعيد العام، شهد الإنفاق الاستهلاكي أبطأ معدل نمو له منذ عام 2020 خلال الربع الأول من هذا العام، كما انخفض بشكل غير متوقع في مايو/أيار، وهو أحدث شهر تتوافر بيانات عنه. ورغم أن التوقعات لا تزال تشير إلى تباطؤ كبير في النمو مقارنة بالعام الماضي، فإن معظم المحللين يرون أن الاقتصاد قد ينجو من الدخول في حالة ركود، ما دام سوق العمل صامداً. ورغم أن إخطارات التسريح من العمل بدأت بالارتفاع، إلا أن معدل البطالة لا يزال منخفضاً عند 4.2 في المئة، كما استمر خلق فرص العمل الشهر الماضي بوتيرة مشابهة لمتوسط الأشهر الـ12 الماضية. وتقول سوندرز: "نحن الآن في وضع أشبه بالجمود الاقتصادي المؤقت، فهناك حالة من الترقب، ناتجة عن حالة من عدم اليقين الشديد وعدم الاستقرار في السياسات"، مشيرة إلى أن كثيراً من الشركات استجابت بتجميد التوظيف والاستثمار بشكل ذاتي. لكنها حذّرت من أن الاقتصاد لن يخرج من هذه المرحلة دون أذى. وتضيف: "من الصعب رسم سيناريو يشير إلى تسارع النمو من الآن فصاعداً، والسؤال الأهم في هذا الوقت: هل سنشهد فقط تباطؤاً ناعماً في الاقتصاد، أم تراجعاً أكثر حدة؟".


الوسط
منذ 7 ساعات
- الوسط
ترامب يوقع مشروع الميزانية الضخم في العيد الوطني للولايات المتحدة
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ختام الاحتفال بعيد الاستقلال في البيت الأبيض مشروع الميزانية الضخم الذي كان قد أقره الكونغرس، ليصبح قانونا. وقال ترامب وهو يوقع على الوثيقة، الجمعة: «هذا قانون جيد»، بينما أحاط به عشرات النواب الجمهوريين الذين دعموا مشروع القانون ووصفهوه بـ «الكبير والجميل»، حسبما نقلت وكالة «فرانس برس». ترامب يرى أن مشروع قانون الضرائب يقوي الاقتصاد قبل ذلك، شاد الرئيس الأميركي بإقرار«الكونغرس» بمجلسيه مشروع القانون الرئيسي للضرائب والإنفاق، قائلا إن هذا التشريع سيدفع اقتصاد البلاد بقوة «صاروخ فضائي». ووافق الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون الإعفاءات الضريبية وخفض الإنفاق بقيمة 4.5 تريليون دولار الذي اقترحه الرئيس دونالد ترامب، بحسب وكالة «أسوشيتدبرس». ويشمل القانون توسيع نطاق الإعفاءات الضريبية الكبيرة لمعظم الأسر، في مقابل تخفيضات كبيرة في برنامج التأمين الصحي العام للأميركيين من ذوي الدخل المحدود.