
القضاء على التلوث البلاستيكي
وفي ضوء هذه التحديات، يجتمع في مدينة جنيف السويسرية، اليوم، ممثلون لنحو 180 دولة لعقد الجولة الأخيرة من المفاوضات التي يفترض أن تكلل بإبرام معاهدة عالمية ملزمة قانونيا لمكافحة التلوث البلاستيكي.
وكما هو الحال مع أزمة المناخ، يعد تلوث البلاستيك مشكلة عالمية تستدعي تعاونا طموحا من المجتمع الدولي، وانطلاقا من الحاجة إلى مواجهة خطر تنامي هذه الآفة، اعتمدت جمعية الأمم المتحدة للبيئة قرارا تاريخيا عام 2022 بوضع معاهدة دولية ملزمة قانونا لمكافحة التلوث البلاستيكي، من خلال تغطية دورة تصنيع البلاستيك بأكملها، لا سيما من خلال الحد من إنتاجه وتحسين إدارة النفايات.
وقد عقد ممثلو العالم خمس جولات وأمضوا ما يقرب من ثلاث سنوات في التفاوض على معاهدة ملزمة قانونا بشأن التلوث البلاستيكي، وكان من المفترض أن تكون الدورة الخامسة للجنة التفاوض الحكومية الدولية التي عقدت في بوسان بكوريا الجنوبية، في ديسمبر 2024، الجولة الأخيرة من المحادثات الرامية إلى إبرام معاهدة بشأن التلوث البلاستيكي، إلا أن الوفود لم تتوصل إلى اتفاق.
وتشمل النقاط الرئيسية التي ستتم مناقشتها في جنيف على مدار عشرة أيام تقليل الإنتاج، من خلال وضع حدود عالمية لإنتاج البلاستيك غير الضروري، مع التركيز على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، كما تشمل مسألة إعادة التدوير والاقتصاد الدائري، وذلك عبر تعزيز أنظمة إعادة التدوير عالميا، مع وضع معايير لتصميم منتجات بلاستيكية قابلة لإعادة الاستخدام.
كما ستتطرق المفاوضات إلى موضوع دعم الدول النامية بتقنيات متقدمة وبنية تحتية لإدارة النفايات بفعالية، وكذلك منع استخدام المواد الكيميائية السامة في إنتاج البلاستيك والتخلص التدريجي من المواد غير القابلة للتحلل.
ورغم الزخم الدولي، تواجه المفاوضات عقبات كبيرة، حيث تخشى بعض الدول المنتجة للنفط والبلاستيك من التأثير الاقتصادي لتقليص الإنتاج، بينما تطالب دول أخرى بتمويل دولي لدعم الانتقال إلى اقتصاد خالٍ من التلوث البلاستيكي، كما تضيف الخلافات حول مدى الالتزام القانوني للمعاهدة تعقيدا إضافيا، ومع ذلك، هناك تفاؤل حذر، إذ أبدت أكثر من 170 دولة دعمها للمعاهدة، مع التزامات من شركات عالمية كبرى بالتحول نحو ممارسات مستدامة.
ويقول مراقبون إن خفض الإنتاج يمثل أهم الملفات المطروحة على مائدة التفاوض وأصعبها أيضا، وذلك لأن هذا الموضوع الحساس يضع معسكرين في مواجهة بعضهما البعض في صراع يشبه مفاوضات المناخ، فمن ناحية، يوجد ائتلاف طموح تقوده النرويج ورواندا، يطالب بآلية ملزمة بخفض الإنتاج بحلول عام 2040، تماشيا مع تفويض الأمم المتحدة، وتغطي دورة إنتاج البلاستيك بأكملها، من تصنيعه حتى التخلص منه، وفي المقابل، تريد بعض الدول المنتجة للنفط والبلاستيك قصر المعاهدة على إدارة النفايات، دون تقييد الإنتاج.
وكانت المناقشات حول المعاهدة المرجوة قد بدأت في جنيف قبل مدة من الافتتاح الرسمي للمفاوضات غدا، فعلى مدى عدة أشهر، تجند خبراء وخبيرات في الصحة، وحقوق الإنسان لحمل المشاركين والمشاركات في المفاوضات على مراعاة تأثير البلاستيك على الصحة وحقوق الإنسان. .وقد اضطلعت منظمة الصحة العالمية بدور محوري في هذه المناقشات، حيث جاء في إحدى مداخلات المنظمة أن المعاهدة المرجوة تمثل رهانا كبيرا في مجال الصحة العامة، خاصة أن الصحة البشرية والصحة البيئية مرتبطتان ارتباطا وثيقا، فيما أشار خبراء إلى أن بإمكان بعض المواد المضافة والمواد الكيميائية الموجودة في البلاستيك تعطيل النظام الهرموني، والتأثير في التكاثر أو مضاعفة خطر الإصابة بالسرطان.
كما يعتقد أيضا ارتباط هذه المواد بأمراض مزمنة مثل السكري والسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى اضطرابات الجهاز التنفسي والهضمي والعصبي.
ومع اقتراب المحادثات الخاصة بمعاهدة حظر التلوث البلاستيكي، من خط النهاية، يأمل خبراء البيئة في العالم أن تنتج الجولة الجديدة اتفاقا عالميا يغير مسار المستقبل، ويضمن أن تتنفس الأجيال القادمة هواء نقيا، وتعيش على أرض خالية من وطأة التلوث البلاستيكي.
ويقول محللون إنه إذا نجحت مفاوضات جنيف، فإن المعاهدة ستكون بمثابة خريطة طريق لعالم أنظف، ويمكن أن تحفز ابتكارات في المواد القابلة للتحلل الحيوي، وتعزز الاقتصاد الدائري، وتقلل من الاعتماد على البلاستيك التقليدي، مؤكدين أن هذه الخطوة لن تحمي البيئة فحسب، بل ستفتح أبوابا لفرص اقتصادية جديدة، خاصة في الدول التي تعتمد على الابتكار الأخضر.
وتشير التقديرات إلى أن العالم ينتج في كل عام أكثر من 400 مليون طن من البلاستيك، نصفها للاستخدام مرة واحدة، ويتم إعادة تدوير أقل من 10 بالمائة من هذه النفايات، بينما تتراكم الكمية المتبقية في المكبات العمومية وفي التربة والبحار، أو تتحلل إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة تلوث النظم البيئية وتتسرب إلى دم الإنسان.
وعلى الرغم من فوائده العملية العديدة، فإن البلاستيك معروف بأنه يتحلل ببطء شديد، مما يجعله خطرا دائما على البيئة، كما أن الدول النامية، التي غالبا ما تفتقر إلى بنى تحتية متطورة لإدارة النفايات، تتحمل العبء الأكبر لهذا التلوث، بينما تساهم الدول الصناعية الكبرى في تصدير النفايات إليها.
وقد تضاعف الإنتاج العالمي من البلاستيك خلال عشرين عاما، وقد يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2060، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الأمر الذي ينذر بحدوث «تسونامي» من التلوث، لم تقدر بعد كل عواقبه الصحية والبيئية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب القطرية
منذ 2 ساعات
- العرب القطرية
رسوم ترامب الجمركية الجديدة على عشرات الدول تدخل اليوم حيز التنفيذ
رسوم ترامب الجمركية الجديدة على عشرات الدول تدخل اليوم حيز التنفيذ قنا دخلت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ في جميع أنحاء العالم اليوم، في الوقت الذي بدأت فيه تداعيات تهديدات الرسوم المستمرة على مدى شهور على الاقتصاد الأمريكي في الظهور. وتطبق الرسوم الجديدة على الواردات من دول الاتحاد الأوروبي وعشرات الدول الأخرى. وأعلن البيت الأبيض أنه ابتداء من منتصف الليل، ستفرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة أو أكثر على منتجات أكثر من 60 دولة والاتحاد الأوروبي. في حين سيتم فرض رسوم جمركية بنسبة 15 في المئة على منتجات الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، بينما سيتم فرض رسوم بنسبة 20 بالمئة على الواردات من تايوان وفيتنام وبنغلاديش. ويتوقع ترامب من دول مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية استثمار مئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة. وقال أمس: "أعتقد أن النمو سيكون غير مسبوق"، مضيفا أن الولايات المتحدة "تحصل على مئات المليارات من الدولارات من الرسوم الجمركية"، لكنه لم يستطع تحديد رقم محدد للإيرادات، لأننا "لا نعرف حتى الرقم النهائي" فيما يتعلق بمعدلات الرسوم. وعلى الرغم من حالة عدم اليقين، فإن البيت الأبيض واثق من أن بدء تطبيق رسومه الجمركية الشاملة سيوضح الطريق أمام أكبر اقتصاد في العالم. وتشمل الرسوم الجديدة والمتنوعة الواردات من حوالي 70 دولة، بما في ذلك 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، وتعهد الاتحاد الأوروبي بالقيام باستثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، إلى جانب قبول الرسوم الجمركية البالغة 15 بالمئة، ولا تزال الشروط الدقيقة وتوقيت تلك الاستثمارات قيد التفاوض. ويخضع شريكان تجاريان رئيسيان، هما الصين والمكسيك، لجداول زمنية مختلفة للرسوم الجمركية مع استمرار المفاوضات. وفي الوقت نفسه، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الدول التي تتعامل مع روسيا، أو أمر بالفعل بفرضها، بدعوى أن هذه العلاقات تدعم بشكل غير مباشر حرب روسيا ضد أوكرانيا.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
رويترز: إدارة ترامب تحث الدول على رفض سقف لإنتاج البلاستيك
أفادت مصادر لوكالة رويترز بأن الولايات المتحدة الأميركية أرسلت مذكرات إلى عدد من الدول، تحثها على رفض هدف التوصل إلى اتفاق عالمي يتضمن فرض قيود على إنتاج البلاستيك والمواد الكيميائية المضافة إلى البلاستيك. ويأتي ذلك مع بداية مفاوضات معاهدة البلاستيك التي تعقدها الأمم المتحدة في جنيف، للتوصل إلى إجماع بشأن إبرام اتفاق دولي ملزم قانونا بشأن التلوث البلاستيكي ومخاطره الجسيمة، وذلك بعد فشل جولة المفاوضات الخامسة في بوسان بكوريا الجنوبية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. وفي المراسلات والمذكرات التي اطلعت عليها رويترز والمؤرخة في 25 يوليو/تموز وتم توزيعها على الدول في بداية المفاوضات يوم الاثنين، حددت الولايات المتحدة خطوطها الحمراء للمفاوضات التي تضعها في معارضة مباشرة لأكثر من 100 دولة دعمت تلك التدابير. وفي الجولة السادسة والأخيرة من المفاوضات التي بدأت عام 2022، تضاءلت الآمال في التوصل إلى معاهدة عالمية طموحة تمثل "الفرصة الأخيرة" وتتناول دورة حياة التلوث البلاستيكي الكاملة من إنتاج البوليمرات إلى التخلص من النفايات، مع تجمع الوفود للمشاركة. ولا تزال هناك انقسامات كبيرة بين الدول المنتجة للنفط، التي تعارض بعضها فرض قيود على إنتاج البلاستيك الخام المشتق أساسا من البترول والفحم والغاز، والأطراف مثل الاتحاد الأوروبي والدول الجزرية الصغيرة، التي تدعو إلى فرض قيود، فضلا عن إدارة أقوى للمنتجات البلاستيكية والمواد الكيميائية الخطرة. وأرسل الوفد الأميركي، بقيادة مسؤولين محترفين في وزارة الخارجية، مذكرات إلى الدول توضح موقفها، وتقول إنها لن توافق على معاهدة تعالج التلوث البلاستيكي. وجاء في المذكرة -التي علمت رويترز أنها أُرسلت إلى دول لم يتسنَّ تسميتها بسبب الحساسيات المحيطة بالمفاوضات- "لن ندعم النهج العالمي غير العملي مثل تحديد أهداف لإنتاج البلاستيك أو حظر أو فرض قيود على المواد المضافة أو المنتجات البلاستيكية، والتي من شأنها زيادة تكاليف جميع المنتجات البلاستيكية المستخدمة في حياتنا اليومية". السقف العالي وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لرويترز "إن كل طرف يجب أن يتخذ التدابير وفقا لسياقه الوطني، وأن بعض البلدان قد تختار فرض حظر، في حين قد ترغب بلدان أخرى في التركيز على تحسين عملية جمع النفايات وإعادة تدويرها". من جهته، أكد جون هوسيفار، مدير حملة المحيطات في منظمة السلام الأخضر في الولايات المتحدة، أن تكتيكات الوفد الأميركي في عهد ترامب تمثل عودة إلى الترهيب القديم من جانب الحكومة الأميركية التي تحاول استخدام قوتها المالية لإقناع الحكومات بتغيير مواقفها بطريقة تعود بالنفع على ما تريده الولايات المتحدة، حسب تعبيره. كما قال مصدر دبلوماسي من دولة تدعم معاهدة البلاستيك لرويترز إن المعاهدة ستكون مثالا رئيسيا لمحاولة الحفاظ على النظام المتعدد الأطراف في سياق عالمي مليء بالتحديات. وأضاف المصدر: "إما أن تصبح التعددية هي القاسم المشترك الأدنى، ونكون قادرين على المضي قدما فقط في أمور غير طموحة، أو أن نظهر أننا قادرون على الحصول على إطار عالمي بشأن القضايا المهمة". واقترحت الولايات المتحدة، وهي أحد أكبر منتجي البلاستيك في العالم، مراجعة مسودة هدف المعاهدة للحد من التلوث البلاستيكي من خلال إزالة الإشارة إلى "نهج متفق عليه يتناول دورة حياة البلاستيك الكاملة"، في قرار مقترح اطلعت عليه رويترز. قال خوان كارلوس مونتيري غوميز، رئيس وفد بنما، لرويترز: "رفض إدراج إنتاج البلاستيك في هذه المعاهدة ليس موقفا تفاوضيا، بل هو تخريب اقتصادي ذاتي، وإن من يعيقون التقدم لا يحمون صناعاتهم، بل يحرمون شعوبهم من موجة الازدهار المقبلة". ويتماشى الموقف الأميركي بشكل عام مع مواقف حددتها صناعة البتروكيماويات العالمية، حتى قبل المحادثات، وعدد من الدول القوية المنتجة للنفط والبتروكيماويات التي تمسكت بهذا الموقف طوال المفاوضات، بينما تؤيد أكثر من 100 دولة فرض حد أقصى على الإنتاج العالمي للبلاستيك. ويتسق الموقف الأميركي من معاهدة البلاستيك مع الإجراءات والتدابير التي اتخذتها إدارة ترامب لإلغاء سياسات المناخ والبيئة والتي تقول إنها تفرض أعباء كثيرة على الصناعة، ومن أهمها الخروج من اتفاق باريس للمناخ لعام 2015. ومن المتوقع أن يتضاعف إنتاج البلاستيك 3 مرات بحلول عام 2060 إذا لم يتم التدخل بشكل حاسم، مما سيؤدي إلى اختناق المحيطات والإضرار بصحة الإنسان وتسريع تغير المناخ، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.


جريدة الوطن
منذ 11 ساعات
- جريدة الوطن
استراتيجيات أمنية لتأمين الفعاليات الكبرى
الدوحة- قنا- ترأس سعادة الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني، وزير الداخلية، قائد قوة الأمن الداخلي «لخويا» رئيس اللجنة الأمنية، الاجتماع الأول للجنة الأمنية التابعة للجنة العليا للمشاريع والإرث، وذلك بمركز القيادة الوطني (NCC)، بحضور أصحاب السعادة والسادة أعضاء اللجنة من مختلف الجهات العسكرية والأمنية. وأوضحت وزارة الداخلية، في بيان أمس، أن الاجتماع ناقش سبل تطوير الاستراتيجيات الأمنية لتأمين الفعاليات الكبرى المختلفة التي تستضيفها الدولة، بما يضمن أعلى درجات الجاهزية والتنسيق المشترك بين الجهات المعنية. كما تم استعراض آخر الاستعدادات الجارية لاستضافة البطولات والأحداث الرياضية المرتقبة، وعلى رأسها بطولة «كأس العالم تحت 17 سنة FIFA قطر 2025»، وسباق «جائزة قطر الكبرى للفورمولا 1 – 2025»، وبطولة «كأس العرب FIFA قطر 2025». وشمل الاجتماع كذلك، بحث مشاركة دولة قطر في تأمين «دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2026» في الجمهورية الإيطالية، وبطولة «كأس العالم 2026 FIFA»، التي ستقام في الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى الاطلاع على التحضيرات الجارية ضمن ملف استضافة «دورة الألعاب الأولمبية 2036».