
الصين تطلب تخفيف القيود الأميركية على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي
الصين
تريد من الولايات المتحدة تخفيف قيود التصدير على الرقائق الإلكترونية المهمة للذكاء الاصطناعي في إطار اتفاق تجاري قبل قمة محتملة بين الرئيس الأميركي
دونالد ترامب
والرئيس الصيني شي جينبينغ. وقالت الصحيفة نقلاً عن مصادر مطلعة، إن مسؤولين صينيين أبلغوا خبراء في واشنطن بأن بكين تريد من إدارة ترامب تخفيف قيود التصدير على رقائق الذاكرة عالية النطاق الترددي (إتش.بي.إم). ولم يرد البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأميركية ولا وزارة الخارجية الصينية بعد على طلبات للتعليق على تقرير الصحيفة.
وتحظى رقائق إتش.بي.إم، التي تساعد على أداء مهام الذكاء الاصطناعي كثيفة البيانات بسرعة، بمتابعة دقيقة من المستثمرين نظراً إلى استخدامها إلى جانب معالجات الرسومات القائمة على الذكاء الاصطناعي، من إنفيديا. وأضافت فاينانشال تايمز أن الصين تشعر بالقلق لأن القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على رقائق إتش.بي.إم تعيق قدرة شركات صينية مثل هواوي على تطوير رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. وقلصت الإدارات الأميركية المتعاقبة صادرات الرقائق المتقدمة إلى الصين، سعياً لعرقلة تقدم بكين في مجال الذكاء الاصطناعي والدفاع.
ورفعت الولايات المتحدة الشهر الماضي حظراً فرض في إبريل/ نيسان على بيع رقاقة إتش20 إلى الصين بعد التوصل إلى اتفاق قامت الصين بموجبه برفع الحظر عن صادرات المعادن النادرة التي تستخدم على نظاق واسع في صناعات السيارات الكهربائية والصناعات الدفاعية. و
قال مسؤول أميركي لوكالة رويترز يوم الجمعة، إن وزارة التجارة الأميركية بدأت إصدار تراخيص لإنفيديا لتصدير رقائق إتش20 إلى الصين، وهو ما يزيل عقبة كبيرة أمام وصول الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى سوق رئيسية.
طاقة
التحديثات الحية
الصين تتحدى ترامب وتتمسك بشراء النفط الروسي
وفي الوقت الذي أثر فيه ذلك على قدرة الشركات الأميركية على تلبية الطلب المتزايد من الصين بشكل كامل، فإنها لا تزال تشكل مصدر دخل مهماً لشركات تصنيع الرقائق الأميركية. والصين واحدة من أكبر أسواق أشباه الموصلات في العالم.
وحذرت شركة إنفيديا من انخفاض مبيعاتها في ربع السنة المنتهي في يوليو/تموز بثمانية مليارات دولار جراء القيود المفروضة على صادرات الرقائق للصين.
ووفقًا لإنفيديا، فقد ساهمت الصين بمبلغ 17 مليار دولار من عائدات الشركة في السنة المالية المنتهية في 26 يناير/كانون الثاني، ما يمثل 13% من إجمالي المبيعات.
وأسس الكونغرس الأميركي برنامج دعم لتصنيع أشباه الموصلات والأبحاث بقيمة 52.7 مليار دولار في عام 2022. وأقنعت وزارة التجارة العام الماضي، في عهد الرئيس السابق جو بايدن جميع شركات أشباه الموصلات الخمس الرائدة بإنشاء مصانع في الولايات المتحدة في إطار البرنامج. وقالت الوزارة في العام الماضي إن الولايات المتحدة أنتجت حوالي 12 % من رقائق أشباه الموصلات على مستوى العالم، بعد أن كانت تنتج 40 % في عام 1990.
(رويترز، العربي الجديد)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 23 دقائق
- العربي الجديد
"بيربليكسيتي" الناشئة تعرض 34.5 مليار دولار لشراء متصفح كروم من غوغل
قالت شركة (بيربليكسيتي إيه.آي) إنها قدمت عرضاً قيمته 34.5 مليار دولار نقداً بالكامل لشراء المتصفح (كروم) التابع لشركة غوغل المملوكة لألفابت، وهو عرض منخفض لكنه يحتاج إلى تمويل أكبر بكثير من القيمة السوقية للشركة الناشئة نفسها، بحسب رويترز. وليس من الغريب على بيربليكسيتي، التي يديرها أرافيند سرينيفاس، تقديم عروض تتصدر عناوين الأخبار. فقد عرضت في يناير/كانون الثاني الاندماج مع تطبيق (تيك توك) في الولايات المتحدة لتبديد المخاوف الأميركية بشأن امتلاك صينيين لتطبيق المقاطع المصورة القصيرة الشهير. ومن شأن شراء كروم السماح للشركة الناشئة بالاستفادة من أكثر من ثلاثة مليارات مستخدم للمتصفح للحصول على أفضلية في سباق البحث بالذكاء الاصطناعي مع تهديد الضغوط التنظيمية هيمنة غوغل على القطاع. ولم ترد غوغل بعد على طلب من رويترز للتعليق. ولم تعرض الشركة المتصفح كروم للبيع وتخطط للطعن على قرار محكمة أميركية العام الماضي خلص إلى احتكارها البحث على الإنترنت دون سند من القانون. وتسعى وزارة العدل إلى تصفية كروم في إطار تسوية القضية. ولم تكشف بيربليكسيتي اليوم عن كيفية تخطيطها لتمويل العرض. وجمعت الشركة التي أنشئت قبل ثلاث سنوات نحو مليار دولار من التمويل حتى الآن من مستثمرين، بينهم (إنفيديا) و(سوفت بنك) اليابانية. وبلغت أحدث قيمة سوقية لها 14 مليار دولار. وقال شخص مطلع إن صناديق كثيرة عرضت تمويل الصفقة بالكامل، دون ذكر أسماء الصناديق. أسواق التحديثات الحية ما قيمة المتصفح "كروم" وكيف ستكون "غوغل" من دونه؟ ويعد متصفح غوغل كروم أحد أكثر المتصفحات استخداماً في العالم، حيث يمتلك حصة سوقية تزيد على 60%، ويخدم أكثر من ثلاثة مليارات مستخدم. تأسس عام 2008 وسرعان ما أصبح بوابة أساسية للوصول إلى خدمات غوغل، مما عزز مكانتها المهيمنة في سوق البحث والإعلانات الرقمية. وشركة بيربليكسيتي إيه.آي، التي تأسست قبل ثلاث سنوات على يد أرافيند سرينيفاس، تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي وتطوير أنظمة بحث تعتمد على المحادثة الذكية، وجذبت استثمارات من شركات كبرى مثل إنفيديا وسوفت بنك. وقدرت القيمة السوقية لشركة بيربليكسيتي إيه.آي مؤخرا بنحو 14 مليار دولار بعد جولات تمويل بلغ مجموعها نحو مليار دولار. كما أن العرض المقدم من بيربليكسيتي يعكس اتجاهاً متزايداً بين شركات التكنولوجيا الناشئة نحو التوسع السريع عبر الاستحواذ على أصول رقمية ضخمة بدلا من الاعتماد فقط على تطوير منتجات جديدة من الصفر. وينظر إلى هذا التوجه على أنه محاولة لتسريع النمو وتوسيع قاعدة المستخدمين في وقت قياسي، لكنه يحمل أيضاً تحديات كبيرة، أبرزها تأمين التمويل اللازم وإقناع الجهات التنظيمية بالموافقة على صفقات قد تؤثر على المنافسة في السوق العالمية. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
الصين تحذر شركاتها من رقائق "إنفيديا" الأميركية
قالت مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ اليوم الثلاثاء، إن السلطات في الصين حثت الشركات المحلية على تجنب استخدام معالجات HP20 التي تنتجها شركة إنفيديا، خاصة للأغراض المختلفة بالحكومة. في خطوة قد تعيق جهود الشركة لإنعاش مبيعاتها المتراجعة في الصين. وأضافت الوكالة أن السلطات أرسلت إخطارات إلى مجموعة من الشركات تثنيها عن استخدام أشباه الموصلات تلك التي تعد أقل تقدما، مع تضمن التوجيهات موقفا قويا بشكل خاص ضد استخدام الشركات الحكومية أو الشركات الخاصة رقائق إتش20 من إنفيديا في أي عمل مرتبط بالحكومة أو الأمن القومي. وأوضحت إنفيديا، في بيان اليوم الثلاثاء، أن رقائق إتش20 "ليست منتجا مخصصا للأغراض العسكرية أو البنية التحتية الحكومية". وأضاف البيان: "لدى الصين إمدادات كافية من الرقائق المحلية لتلبية احتياجاتها. ولم تعتمد مطلقا على الرقائق الأميركية في العمليات الحكومية ولن تفعل ذلك، مثلما تفعل الحكومة الأميركية الشيء ذاته مع الرقائق الصينية". ورفعت واشنطن الشهر الماضي حظرا على بيع رقائق إتش20 في الصين، وهي الآن أكثر شرائح الذكاء الاصطناعي تقدما التي يُسمح لإنفيديا ببيعها هناك. وتأتي هذه الخطوة بعد تقارير في وسائل إعلام رسمية صينية تتعلق بمخاوف أمنية حيال استخدام رقائق إتش20. وأكدت إنفيديا أن منتجاتها لا تحتوي على "أبواب خلفية" تسمح بالوصول أو التحكم عن بعد. ويأتي هذا القرار بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الاثنين، إنه قد يسمح لشركة إنفيديا ببيع نسخة مصغرة من رقائق الجيل القادم لوحدات معالجة الرسومات المتقدمة (بلاكويل) إلى الصين، على الرغم من المخاوف البالغة في واشنطن من أن الصين قد تسخّر قدرات الذكاء الاصطناعي الأميركية لتعزيز قدراتها العسكرية. اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب يمدّد تعليق الرسوم على الصين 90 يوماً إضافية وقال ترامب إن "جين-سون (هوانغ، الرئيس التنفيذي لإنفيديا) لديه أيضا الشريحة الجديدة، بلاكويل. بلاكويل محسّنة إلى حد ما بطريقة سلبية. وبعبارة أخرى، تم اقتطاع 30 إلى 50% منها" في إشارة واضحة إلى خفض إمكانات الشريحة. وأضاف: "أعتقد أنه سيأتي لرؤيتي مرة أخرى بشأن ذلك، لكن هذه ستكون نسخة غير محسّنة من الشريحة الكبيرة". وعبّرت وزارة الخارجية الصينية اليوم الثلاثاء عن أملها في أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات عملية للحفاظ على استقرار سلسلة توريد الرقائق العالمية وسلاسة عملها. واتهمت الوزارة في السابق واشنطن باستخدام التكنولوجيا والتدابير التجارية "لاحتواء الصين وقمعها بشكل خبيث". وأكدت إدارة ترامب الأسبوع الماضي إبرام صفقة غير مسبوقة مع شركتي إنفيديا وإيه إم دي لمنح الحكومة الأميركية 15 بالمائة من عائدات مبيعات بعض الرقائق المتقدمة في الصين. وأفادت التقارير وفقاً لوكالة أسوشييتد برس، بأن إنفيديا ستحول جزءاً من إيرادات صادراتها من رقائق إتش20 المتطورة، فيما ستحول أيه.إم.دي جزءاً من حصيلة صادرات رقائق إم.آي 308 التي كانت ممنوعة سابقاً من تصديرها. ووفقاً لتقرير صحيفة نيويورك تايمز، قد تدر هذه الصفقة على الحكومة الأميركية أكثر من ملياري دولار. وأعلن الرئيس ترامب، أمس الاثنين، أنّه وقّع أمرا تنفيذيا أرجأ بموجبه إعادة فرض رسوم جمركية مشددة على المنتجات الصينية، قبل ساعات قليلة من انقضاء الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين. وسيطبّق قرار البيت الأبيض تعليق فرض رسوم جمركية أعلى حتى العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني. وتسعى أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم للتوصل إلى اتفاق لخفض التوترات التجارية بعدما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية باهظة على عشرات البلدان. طاقة التحديثات الحية الصين تتحدى ترامب وتتمسك بشراء النفط الروسي وتوصل الطرفان في مايو/أيار، إلى هدنة مدتها 90 يوما واتفقا الشهر الماضي على إجراء مزيد من المحادثات لتمديدها لما بعد 12 أغسطس/آب. وحدّد الاتفاق الرسوم الجمركية الجديدة على المنتجات الصينية عند 30% بينما تبلغ نسبة الرسوم التي فرضتها بكين على المنتجات الأميركية 10%. وعُقدت جولات عدّة من المفاوضات شارك فيها مسؤولون كبار من الجانبين في لندن واستوكهولم لتجنّب أيّ تصعيد جديد والحفاظ على الهدنة، بدون تمديدها إلى ما بعد 12 أغسطس/آب، وهو الموعد المحدّد لتطبيق الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة أعلى. وبالتزامن مع تأكيد ترامب التمديد الجديد، نشرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) بيانا مشتركا عن المحادثات الأميركية الصينية في استوكهولم، جاء فيه أن بكين ستمدد أيضا جانبها من الهدنة. وذكر التقرير أن الصين ستواصل تعليق تطبيق زيادة سابقة للرسوم الجمركية لمدة 90 يوما اعتبارا من 12 أغسطس مع الإبقاء على رسوم جمركية نسبتها 10%. وقالت "شينخوا" إن الصين "ستتخذ أو تبقي على الإجراءات اللازمة لتعليق أو إلغاء التدابير غير الجمركية ضد الولايات المتحدة، بموجب ما اتُّفق عليه في إعلان جنيف المشترك". (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
من وعود الأبراج الزجاجية إلى واقع العشوائيات ومخيمات اللجوء
تُطرح الاستثمارات الأجنبية وكأنها الحل السحري لأزمة السكن في سورية. تتكرّر صور الأبراج والمدن الحديثة باعتبارها رموزاً للتعافي، فيما تُقدَّم المؤتمرات والوعود الكبرى بوصفها المدخل إلى مستقبل أفضل. خلف هذه الوعود يبرز سؤال أساسي: هل تكفي هذه المشاريع الكبرى لمعالجة أزمة سكن تراكمت عبر عقود وتفاقمت بفعل الحرب، أم أن السوريين أمام وهم جديد يكرّس التفاوت الاجتماعي تحت لافتة الإعمار؟ حتى في الاقتصادات المستقرّة، تحتاج المشاريع الكبرى سنوات قبل أن تنتج وحدات سكنية بأعداد كافية، أما في بيئة ما بعد الحرب، حيث تزداد الحاجة بفعل العودة الجماعية والنمو الديمغرافي ما يُغفل في هذا الخطاب أن إعادة الإعمار في بلدٍ أنهكته الحرب تختلف جذرياً عن معالجة نقص المساكن في اقتصادٍ مستقر. ففي البيئات المستقرة، ترتكز الاستراتيجيات على بنية تحتية قائمة ونظام مالي يعمل وقدرة دفع معقولة للأسر، أما في الحالة السورية فالمعادلة مختلفة: انهيار البنى الأساسية، تراجع الدخول، هشاشة حقوق الحيازة، وأولوية إعادة الخدمات الأساسية لتحريك الاقتصاد المحلي قبل أي أحلام عمرانية كبرى. لماذا لا تكفي الاستثمارات الكبرى لحلّ أزمة السكن؟ تبدو فكرة الاعتماد على رؤوس الأموال الكبيرة والمشاريع الاستثمارية الضخمة مغرية لأي بلد يسعى إلى النهوض من كارثة، فهي تحمل وعوداً بالبنية التحتية الحديثة وضخ السيولة وإيحاد فرص عمل. لكن التجارب تظهر أن هذا الخيار، حين يُعتمد باعتباره مساراً رئيسياً، يواجه تحدّياتٍ تحدّ من أثره، خصوصاً في سياقات ما بعد النزاع. أولى المشكلات القدرة على تحمل التكاليف: تقوم هذه المشاريع على منطق استرداد الكلفة وتحقيق الربح، ما يجعل منتجاتها موجهة في الغالب إلى الشرائح المقتدرة، فيما تبقى الفئات الأشد حاجة، وهي الغالبية في سورية، خارج المعادلة. النتيجة أن فجوة السكن للفقراء لا تُسد مهما بلغت قيمة الاستثمارات. المشكلة الثانية الزمن: حتى في الاقتصادات المستقرّة، تحتاج المشاريع الكبرى سنوات قبل أن تنتج وحدات سكنية بأعداد كافية، أما في بيئة ما بعد الحرب، حيث تزداد الحاجة بفعل العودة الجماعية والنمو الديمغرافي، فإن هذا البطء يعني توسّع البناء العشوائي ومخاطر اجتماعية أكبر. ثم هناك الآثار الجانبية: ضخ استثمارات عقارية كبيرة في سوق عقاري هشّ قد يؤدّي إلى تضخّم أسعار الأراضي وتصاعد المضاربة وتكوين فقاعاتٍ لا علاقة لها بالإنتاج الفعلي، ما يفاقم الاختلالات بدل تحقيق الاستقرار. وغالباً ما تهمل هذه النماذج الأبعاد الاجتماعية للتخطيط، إذ تُصمم وفق منطق السوق لا وفق حاجات الأسر الممتدة وأنماط العيش المحلية، ما يضعف شبكات الدعم التي يعتمد عليها الفقراء للبقاء. الواقع السوري أكثر تعقيداً لم تدمّر الحرب الحجر فحسب، بل أيضاً أضعفت منظومة الاقتصاد برمتها. تفيد التقديرات بأن سورية ستحتاج ما بين 108 و242 ألف وحدة سكنية سنوياً لتعويض الدمار (خلال 5 إلى 12 سنة)، إضافة إلى 160 ألف وحدة أخرى لتلبية النمو الطبيعي، أي ما يفوق قدرة القطاعين العام والخاص بمرات. حتى إذا نُفذت جميع المشاريع الاستثمارية المعلنة، فلن تغطي سوى جزء ضئيل من هذه الحاجة، وغالباً ستستهدف الشرائح المقتدرة. وحدها كلفة إعادة المساكن قد تصل إلى 30 مليار دولار، من دون احتساب البنية التحتية أو المساكن الجديدة المطلوبة للشباب، في حال تولّى السكان البناء الذاتي. أما إذا نفّذتها الشركات الاستثمارية، فقد تتضاعف الكلفة إلى أضعاف. في الوقت نفسه، تدهورت القدرة الشرائية للأسر السورية بشكلٍ حاد، إذ انخفض متوسّط الدخل بأكثر من 60% مقارنة بما كان عليه قبل الحرب. حتى قبل 2011، كان امتلاك منزل يتطلب أضعاف دخل الأسرة السنوي، فما بالك اليوم؟ أي مشروع استثماري سيعتمد على منطق استرداد التكاليف وتحقيق الربح، ما يجعل هذه الوحدات خارج متناول الغالبية. أما الإطار القانوني فليس مجرد عائق يجب تجاوزه، بل شبكة أمان لحقوق الحيازة. أي تعديل متسرع، خصوصاً في المناطق العشوائية، قد يفتح الباب أمام حرمان واسع، في ظل فقدان الوثائق وتعدد المرجعيات القانونية. الحفاظ على هذه الحقوق ضرورة، لأن المساس بها يعني موجات جديدة من الإقصاء والتوتر الاجتماعي. كما لا يمكن تجاهل الآثار الاقتصادية لمشاريع ضخمة في بيئة هشّة. ضخ استثمارات عقارية بهذا الحجم سيرفع أسعار الأراضي، ومع مبدأ تناقص العوائد سترتفع الأسعار أسرع من القيمة الحقيقية، ما يفتح الباب أمام المضاربات ويهدد بنزوح اقتصادي قد يفوق في قسوته النزوح الذي فرضته الحرب، ويخلق أحزمة فقر جديدة حول المدن. ل يمكن الرهان على الاستثمارات الخارجية لتكون الحل السحري لأزمة السكن في سورية؟ التجارب تقول لا عامل الوقت لا يرحم تحتاج المشاريع الكبرى وقتاً طويلاً قبل أن تسلّم أول وحدة سكنية لساكنيها. من تخصيص الأرض إلى تسليم المفاتيح، قد تمتد الدورة إلى سنوات طويلة، وقد تطول الدورة إذا كان نموذج الحل يقتضي أن تبيع الشركات أولى منتجاتها وأن تستخدم أرباحها لتوسيع العمل وتوفير مزيد من المساكن في دورات لاحقة. بينما تواجه سورية ضغطاً متزايداً من موجات العودة وطفرة شبابية غير مسبوقة تدخل سوق السكن أول مرة منذ عشية الربيع العربي. فهل يمكن لملايين السوريين الانتظار عقداً جديداً في المخيمات أو في مساكن مؤقتة؟ يثبت الواقع الميداني أن السوريين لم ينتظروا ولن ينتظروا. من يملك القدرة رمّم منزله أو أضاف غرفة جديدة بمساعدة الجيران والأقارب، حتى في أحلك ظروف الحرب. تفرض هذه الدينامية حقيقة واضحة: الناس سيتصرّفون بمواردهم الذاتية مهما كانت شحيحة، سواء أدرجتهم الخطط الرسمية أم أهملتهم. تجاهل ذلك يعني انفجار البناء العشوائي بكل مخاطره على السلامة العامة والخدمات، وإعادة إنتاج التهميش الذي كان أحد أسباب النزاع في الأصل. ما البديل الواقعي؟ لا يكمن الحل في استنساخ تجارب الآخرين ولا في انتظار استثماراتهم، بل في صياغة مقاربة سورية واقعية تنطلق من موارد المجتمعات المحلية وقدراتها. وأبرز ملامحها: • تمكين البناء الذاتي التدريجي: (Self-Help) بدلاً من محاربة البناء الذاتي أو تركه عشوائياً، يجب تقنينه عبر كودات إنشائية مرنة تحدد معايير السلامة، وتسهيل التراخيص وربط المناطق السكنية بحد مقبول من الخدمات وعدم المبالغة في الوعود التي لا يمكن تحقيقها عبر معايير التخطيط الدولية. • دعم الحيازة وحماية الحقوق: إن أي تعديل قانوني لحقوق الحيازة يجب أن يتم بحذر شديد لحماية حقوق الحيازة الهشة لأغلب النازحين واللاجئين. أغلب مناطق السكن العشوائي تملك نوعاً من إثباتات الحيازة، ولكنه غير كاف لاستصدار تراخيص بناء أو الوصول إلى فرص التمويل الصغير. تثبيت تلك الحقوق قد يعطيها الضمانات اللازمة لتبدأ في البناء. • تمويل موجه للأسر لا للمشاريع الضخمة: عبر منح صغيرة، قروض دوارة، وضمانات حكومية تقلّل المخاطر، مع إنشاء صناديق إسكان محلية بتمويل مشترك من البلديات والقطاع الخاص والمغتربين. • إشراك السلطات المحلية والمجتمع: البلديات يجب أن تكون في قلب القرار لتحديد الأولويات بواقعية، بعيداً عن التخطيط المركزي الذي فشل سابقاً في تلبية الاحتياجات. ومن غير المتوقع أن ينجح مجدّداً إذا استمر بالنهج المركزي نفسه مستقبلاً. • ضبط السوق العقارية للحد من التضخم: من خلال ضرائب عادلة وآليات رقابة تمنع المضاربات التي من شأنها أن تدفع آلاف العائلات خارج المدن إلى أحزمة الفقر بسبب التضخّم. إذاً، هل يمكن الرهان على الاستثمارات الخارجية لتكون الحل السحري لأزمة السكن في سورية؟ التجارب تقول لا. هذه النماذج، حتى في بيئات مستقرة وغنية، لم تنجح في سد فجوة السكن للفئات الأشد حاجة، وهي الفئات التي تشكّل اليوم الشريحة الأكبر والأكثر إلحاحاً في سورية. الخطر لا يكمن في طول فترة الانتظار أو ارتفاع الكلفة فحسب، بل في ما يمكن أن تخلقه هذه الاستراتيجيات من تضخم في الأسعار، ومضاربات عقارية، ونزوح اقتصادي جديد يزيد تعقيد التحدّيات الاجتماعية، ويضع عراقيل أمام مسار التعافي والاستقرار على المدى الطويل. يجب ألا يُختزل إعمار سورية في أبراج عاجية وألا يتحوّل إلى مشروع للنخبة، بل ينبغي أن يكون مساراً يشارك فيه الجميع، يراعي العدالة والقدرة الاقتصادية، ويضع الإنسان قبل الإسمنت. عندها فقط يمكن الحديث عن تعافٍ حقيقي يخدم السوريين جميعاً، لا عن وهم جديد عنوانه الإعمار.