logo
التضخّم على الأبواب: المحروقات والسلع وواردات الدولة!

التضخّم على الأبواب: المحروقات والسلع وواردات الدولة!

المركزيةمنذ 6 ساعات

يشكّل التضخّم أحد أبرز التحدّيات التي يواجهها الاقتصاد اللبناني في ظلّ الحرب الإسرائيلية – الإيرانية الآخذة في التوسّع، نظرًا الى اعتماد لبنان بنسبة 80 % على الاستيراد في تأمين معظم احتياجاته من الغذاء، الطاقة، والمواد الأولية… فأي ارتفاع في الأسعار العالمية نتيجة الحرب وجراء ارتفاع أسعار النفط ينعكس بشكل مباشر وسريع على السوق المحلية، وأي إقفال لمضيق هرمز يعيق النقل البحري ووصول المنتجات الأساسية إلى البلاد . فهل بدأ لبنان يلمس ارتفاعًا في الأسعار مع زيادة أسعار النفط بنسبة 8 % وماذا عن ارتفاع أسعار المواد المستوردة؟
لم يمرّ أسبوع على انطلاق الحرب الإسرائيلية – الإيرانية حتى بدأنا نشهد ارتفاعات في أسعار البنزين والمازوت في لبنان بعد ارتفاع أسعار النفط العالمية بنسبة 8 % في ظرف 5 أيام منذ يوم الجمعة المنصرم. يعتمد لبنان مؤشر 'بلاتس' العالمي التسعيري الصادر عن (S&P Global Platt) لتحديد أسعار النفط الخام والمشتقات النفطية، وتتعدّل أسعار المحروقات في لبنان وفق التحرّك العالمي في غضون ثلاثة أو أربعة أسابيع من تغيّر السعر في المؤشر، بدأ لبنان يلمس تأثّراً فور ارتفاع سعر برميل النفط العالمي، خصوصًا وأن الحرب لا تزال متواصلة، فسجّل سعر صفيحة البنزين أمس زيادة بقيمة 10 آلاف ليرة وهي جزء كما قال ممثل نقابة موزعي المحروقات فادي أبوشقرا لـ'نداء الوطن' من الارتفاعات التي سجّلت إذ أن الارتفاع يتمّ تقسيمه على الجداول ولا تحل الزيادة دفعة واحدة. في الجدول الأخير الصادر لأسعار المحروقات في لبنان كان سعر برميل النفط 67 دولارًا وبات سعره اليوم نحو 75 دولارًا'.
ومع حياد لبنان لغاية الساعة عن الحرب، إلا أن ارتفاع أسعار المحروقات سينعكس حتمًا زيادة في أسعار النقل والتنقّل في لبنان، هذا إذا لم ترتفع أكلاف الشحن وأقساط بوالص التأمين جراء ارتفاع المخاطر. عندها ستزيد أسعار السلع الأساسية بشكل ملموس في وقت لا يزال فيه الاقتصاد في وضعٍ هشّ ويحتاج إلى جرعة من الأوكسيجين كان يترقبّ حدوثها مع فصل الصيف وموسم السياحة، الذي كان يتوقّع أن يكون واعداً.
عن مدى تأثّر لبنان بالتضخّم المستورد أوضح الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنيس بو دياب لـ'نداء الوطن' أن لبنان يتاثر بأي تضخّم في الخارج وخصوصًا أننا نستورد أكثر من 80 % من سلّتنا الغذائية وبالتالي أي ارتفاع في الأسعار سيشهده الخارج ستكون له تداعيات على الأسعار في لبنان، وهو ما يعرف بالتضخّم المستورد. ناهيك عن أن السلع الأكثر ارتفاعًا هي أسعار النفط لذلك بدأنا نشهد زيادة في أسعار السلع بسبب الحرب. فمنذ نحو أسبوع وفور اندلاع الحرب حلّق برميل النفط بنسبة 13% قبل أن يصحّح السعر لتصل الزيادة إلى نسبة 8 % هذا في ظلّ انحصار الحرب بين إسرائيل وإيران ومن دون إقفال مضيق 'هرمز'.
أكثر من 20 مليون برميل نفط يوميًا تمرّ عبر مضيق هرمز وربع الغاز العالمي في المنطقة يمرّ عبره أيضاً. من هنا سيشكّل النفط عنصرًا أساسيًا في تفاقم التضخم في أسعار النفط والسلع الأخرى، عدا عن تأثير التوترات الأمنية وعدم اليقين بسبب ارتفاع تكاليف النقل بما سيشكّل حصّة في التضخّم.
نسب التضخّم المرجّحة
حول نسب التضخّم المرجّحة، يقول بو دياب 'تشير التقارير إلى إمكانية ارتفاع الأسعار بين 10 و20 % بشكل تلقائي عندما ترتفع أسعار النفط، كما تشير إلى إمكانية ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار في حال استمرّت الحرب لأسبوعين أو ثلاثة أو أكثر من دون أن يقفل مضيق 'هرمز'. وفي حال إقفال المضيق سيصل برميل النفط إلى 120 أو 150 دولارًا، بما سيؤدي إلى تضخّم كبير في الأسعار في لبنان'.
انكماش القدرة الشرائية
طبعاً سينتج عن زيادة أسعار السلع تآكل القدرة الشرائية للعملة الوطنية، وزيادة الإنفاق من قبل الدولة على القطاع العام والرواتب في ظلّ تراجع الإيرادات الناجمة عن تدهور الموسم السياحي، وهذا سينجم عنه تضخم إضافي ليس مستورداً وإنّما هو تضخم داخلي، وهذا أخطر ما يمكن أن يصيب الإقتصاد اللبناني.
إلى ذلك يقول بو دياب: 'لن يقتصر تأثير الحرب على التضخم فحسب، بل على زيادة التكاليف وتراجع ميزان المدفوعات، وتأثّر القطاع السياحي برمّته، عندها كيف ستغطي الدولة اللبنانية نفقاتها؟
ولا يمكن تفادي كل تلك التداعيات السلبية، إلا إذا انتهت الحرب في أسرع وقت، كي لا نذهب إلى المحظور في ارتفاع الأسعار أو اندلاع حرب المضائق الموعودة التي لم تحصل لغاية اليوم، فإيران حذرة من إقفال مضيق 'هرمز' نظراً إلى انعكاس ذلك سلباً عليها إذ أن أكثر من نسبة 80 % من صادرات النفط الإيرانية تمرّ عبر هذا المضيق.
من هنا، تكمن النقطة الأهم، في ظل استمرار الحرب، في بقاء المضيق مفتوحاً لتستمرّ عملية نقل النفط عبره، عندها تبقى الأمور تحت السيطرة فارتفاع أسعار النفط بنسبة تتراوح بين 10 و 13 % يقول بو دياب ' أقلّ بكثير من ارتفاعه بنسبة 20 و 30 % في حال وصل برميل النفط إلى 100 دولار أو 150 دولارًا'.
ارتفاع الأسعار في لبنان
في هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أننا بدأنا نشهد ارتفاعاً في الأسعار قبل بدء الحرب جراء ارتفاع أسعار النفط منذ فرضت الدولة ضريبة المئة ألف ليرة على أسعار المحروقات منذ أسبوعين فكيف بالحري مع وثبة أسعار المحروقات، والمرجّحة للتفاقم حسب تطوّرات الحرب؟
بو دياب أجاب على هذا السؤال فقال' في ظلّ غياب الرقابة على الاستهلاك من وزارة الاقتصاد والبلديات والمعنيين، بدأنا نشهد ارتفاعات في الأسعار مع وثبة أول سلعة استراتيجية وهي أسعار النفط إذ تلقائيًا تتأثر سلاسل التوريد وتبدأ عملية زيادة الأسعار.
فالتجار في لبنان يباشرون فورًا باستغلال الظرف، متذرّعين بزيادة أقساط التأمين وتكاليف النقل فتعمّ فوضى السوق والأسعار.
إذا بقيت نسبة زيادة أسعار النفط على حالها بنسبة 8 % سترتفع أسعار السلع بين 10 و 15 % فيكون عندها التضخّم محدودًا خاصةً إذا لم تطول الحرب ولم يتأثّر موسم السياحة المعوّل عليه . وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن الإيراد المالي الوحيد اليوم الذي يحرك السوق ويضخّ الدولارات هو فصل الصيف، فإذا شهدنا إلغاءات في الحجوزات من قبل القادمين إلى لبنان، عندها تزداد التعقيدات ونفوّت علينا فرصة تحريك العجلة الاقتصادية.
وسائل تفادي الصدمات الخارجية
في ظلّ هذا الواقع الضبابي، تتطلب مواجهة التداعيات المتفاقمة للتضخّم المستورد، والذي يتكرّر مع كل هزة أمنية أو صحية، اعتماد مجموعة من السياسات الوقائية والتدخّلية من قبل الدولة اللبنانية للتخفيف من الأثر على الأمن المعيشي والاجتماعي. في طليعة هذه الإجراءات، تبرز أهمية تأمين احتياطات استراتيجية من المواد الأساسية (مثل القمح، المحروقات، والأدوية)، لتجنّب التقلبات الفجائية في الأسعار أو انقطاع السلع. كما يُعدّ تعزيز الشفافية والرقابة على الأسواق ضروريًا لمنع الاحتكار والمضاربة، عبر تفعيل دور مديرية حماية المستهلك وتطبيق القوانين بفعالية.
على المدى المتوسط، تعتبر إعادة هيكلة سلاسل الإمداد وتشجيع الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي من الخطوات الحيوية لتقليص الاعتماد على الخارج، وبالتالي، تقليل التعرّض لصدمات خارجية، عدا طبعاً عن عوامل إصلاحية مالية ومصرفية أخرى تحتاج إلى التصحيح بعد الانهيار المالي والمصرفي الذي لا نزال نتخبّط في تداعياته.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصرف لبنان يرفع سقوف السحوبات النقدية… خطوة استثنائية لتخفيف معاناة المودعين
مصرف لبنان يرفع سقوف السحوبات النقدية… خطوة استثنائية لتخفيف معاناة المودعين

لبنان اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • لبنان اليوم

مصرف لبنان يرفع سقوف السحوبات النقدية… خطوة استثنائية لتخفيف معاناة المودعين

في خطوة وُصفت بالجريئة، أعلن مصرف لبنان تعديل سقوف السحوبات النقدية الشهرية للمودعين بموجب التعميمين رقم 158 و166، وذلك اعتبارًا من 1 تموز/يوليو 2025. ووفق البيان الرسمي، تم رفع سقف السحوبات الشهرية ضمن التعميم 158 من 500 دولار إلى 800 دولار نقدًا، بينما ارتفع سقف السحوبات في التعميم 166 من 250 دولارًا إلى 400 دولار نقدًا. ويُعمل بالقرار لمدة سنة قابلة للتجديد حتى 1 تموز/يوليو 2026. وأكد المصرف أن هذه الخطوة تأتي في ظل استمرار التحديات الاقتصادية والمالية، وحرصًا على تلبية الاحتياجات الإنسانية والمالية العاجلة للمودعين، إلى جانب دعم الاستقرار الاجتماعي. كما أشار إلى أن العمل بالتعميمين كان من المقرر أن ينتهي في 30 حزيران/يونيو 2025. وشدد المصرف في بيانه على ضرورة الإسراع في إقرار القوانين الضامنة لاستعادة أموال المودعين، مؤكدًا استمرار التنسيق مع الحكومة اللبنانية ومجلس النواب لتحقيق هذا الهدف. من جانبها، وصفت مصادر رفيعة في مصرف لبنان القرار بأنه استجابة مباشرة لمطالب المودعين، معتبرة أن رفع السقوف يُمثل نسبة مقبولة تساعد في تلبية جزء من احتياجات المواطنين الذين عانوا لسنوات من القيود على السحوبات المصرفية. كما توقعت المصادر أثرًا إيجابيًا للقرار على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، لا سيما من خلال تعزيز توافر النقد الأجنبي وتنشيط الحركة التجارية والدورة الاقتصادية في البلاد.

لا عدالة في رواتب القطاع العام: 8000 دولار لرئيس مجلس الإنماء والإعمار و1400 للمدير العام!
لا عدالة في رواتب القطاع العام: 8000 دولار لرئيس مجلس الإنماء والإعمار و1400 للمدير العام!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 3 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

لا عدالة في رواتب القطاع العام: 8000 دولار لرئيس مجلس الإنماء والإعمار و1400 للمدير العام!

في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في 16 حزيران الجاري في القصر الجمهوري، وافق مجلس الوزراء على 3 مشاريع مراسيم تُحدد مخصصات كل من رئيس وأعضاء مجلس الإنماء والإعمار، رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، ورئيس وأعضاء الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء. للوهلة الأولى قد يبدو الإجراء روتينيا وخطوة نحو تطبيق الإصلاحات، التي يطلبها صندوق النقد من لبنان للخروج من الأزمة، لكن الإطلاع على قيمة رواتب الموظفين الذين تمّ تعيينهم، يُظهر أن هوّة سحيقة تفصل بين المخصصات التي حددتها الدولة اللبنانية لهم، وبين الرواتب و"المساعدات" التي يتقاضاها موظفو القطاع العام والأسلاك العسكرية والتي لا يصل أعلاها إلى 700 دولار أميركي (راتب العميد في الجيش اللبناني)، و1400 دولار لموظفي الفئة الاولى. بلغة الأرقام وبحسب القرارات التي إتخذها مجلس الوزراء، بلغ التعويض الشهري لرئيس مجلس إدارة مجلس الإنماء والإعمار 805,500,000 ليرة لبنانية، وراتب العضو المتفرغ 626,500,000 ليرة لبنانية، وراتب العضو غير المتفرغ 134,250,000 ليرة لبنانية. أما التعويض الشهري المقطوع لرئيس وأعضاء الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء فهو بين 8 و7 آلاف دولار، يتم تقاضيها بالليرة اللبنانية. وبلغت تعويضات رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني 716,000,000 ليرة لبنانية، والأعضاء 626,500,000 ليرة لبنانية ولا يستفيد الرئيس والأعضاء من أي تعويضات أو بدل إضافي، ما عدا التقديمات الصحية والعائلية التي يستفيد منها المستخدون لدى الهيئة. بغض النظر عن المآخذ على إنتاجية موظفي القطاع العام، خصوصا في ظل الأزمة، ومع الموافقة على ضرورة إعادة هيكلته (القطاع العام) وضرورة تحديد ماهية الوظيفة العامة من جديد ، إلا أنه لا يجوز في ظل الظروف الطاحنة التي تخيّم على جميع اللبنانيين، ومنهم موظفي القطاع العام ( إنهيار عملة، تضخم مفرط، ومراوحة في الأزمة)، أن تعمد الحكومة التي رفعت شعار الاصلاح منذ تشكيلها، إلى تعميق الفجوة عدم الإنصاف بين موظفيها وتكرّيس مبدأ عدم العدالة بينهم. لأن ذلك سيؤدي بحسب مصدر مختص إلى "خطر أكبر وهو شعور الموظفين "المظلومين" إما باللامبالاة تجاه واجباتهم، أو بقرار الإنكفاء، أو حتى إلى تطبيع سلوكيات غير سليمة، كطلب التعويض بطرق غير رسمية أو السعي وراء مكاسب فردية من خارج إطار القانون"، مشددا على أن "هذا الفارق الكبير بين الرواتب يمهّد الطريق لتجذّر الفساد، فيتحول الإنحراف الأخلاقي إلى وسيلة مبررة للبقاء في وجه نظام متهاوٍ، والنتيجة الحتمية هي خسارة القيادات النزيهة والمجرّبة، وتكريس ثقافة الإستغلال التي تهدف الإصلاحات أصلًا للقضاء عليها، وتآكل الأسس التي يقوم عليها العمل العام". يجزم المصدر على أنه "لا يمكن لأي مشروع إصلاحي أن يُبنى على قرارات مجتزأة أو متفرقة. فقد أظهرت الدول التي واجهت أزمات مشابهة أن التجاهل الطويل لإنهيار الأجور، أو معالجتها بتسرّع ودون دراية مالية، أدى إلى تجدّد الأزمات، ولا يمكن لأي عملية نهوض أن تعتمد فقط على وجوه جديدة. فالتعافي الحقيقي يبدأ بإنصاف من ثبت في زمن الإنهيار، وإشراكهم في عملية التعافي، والإستفادة من خبراتهم المتراكمة، لا معاملتهم كمجرد شهود على مرحلة انتهت". ويختم:"لا يمكن بناء قدرة الدولة على تقديم خدمات فعّالة ومستدامة، ومواجهة مقتضيات العمل في منطقة متقلّبة متأثرة بالنزاعات عبر اللجوء إلى قرارات مرحلية، بمعزل عن سياسة أجور وتقاعد واضحة ضمن خطة مالية متماسكة. هذا أمر لا يهدد فقط العدالة بين العاملين، بل يُقوّض شرعية المؤسسات، ويُرسّخ حالة من التخبط تعيق أي إصلاح حقيقي". قطب: قرارات الحكومة ستؤدي الى فرز طبقي بين موظفيها يعتبر الدكتور مروان قطب (أستاذ المالية العامة في الجامعة اللبنانية) عبر "ليبانون ديبايت" ، أن"التعويضات التي وافق مجلس الوزراء عليها والمذكورة أعلاه ، مُبالغ فيها وتصل إلى 8000 دولار تقريبا في حين أن الاجور في القطاع العام حاليا تتراوح بين 400 الى 1400 دولار كحد أقصى(موظف الفئة الاولى)، أي المدراء العامين وهذه الاجور مشروطة بالدوام الكامل للموظف، ولا يستطيع التغيب حتى في حال الاجازة المرضية والادارية، وفي حال لم يستوف عدد أيام محدد من الدوام، يُحرم من البدلات الاضافية التي تعطى له". يضيف:"هذه القرارات تخلق تفاوت كبير داخل القطاع العام، وتؤدي إلى مجموعة من النتائج وتولد إهتزازا في معنويات موظفي القطاع العام وشعورا بعدم الإنصاف والظلم، خصوصا أن الأجور التي يتقاضونها هزيلة ولا تتناسب مع الواقع المعيشي والاقتصادي القائم في البلاد"، لافتا إلى أن "هذا الأمر يدفع موظفي القطاع العام ولا سيما الفئة الاولى إلى ترك وظائفهم، وأن ينضموا في هذه الهيئات مما يؤدي الى شغور جديد في وظائف الفئة الاولى، كما أن النخب في القطاع العام ستترك وظائفها للعمل في القطاع الخاص لأن التعويضات التي يحصلون عليها هزيلة، ويؤكد عليها مجلس الوزراء من خلال المراسيم التي وافق عليها". ويُشدد قطب على أن "هذه القرارات تخلق نوع من الطبقية داخل القطاع العام، ونقمة وعدم تعاون وتخلق شرخا في جسم القطاع العام، علما أن الهيئات الناظمة لا يمكنها القيام بدورها الا من خلال الإدارة العامة. الشعور بالغبن لدى موظفي القطاع العام سيؤدي إلى عدم تحفيزه وتراجع الخدمات التي يقدمها"، مشيرا إلى أنه "يعزز الفساد المالي والرشوة في الإدارات التي هي على تماس بالمواطنين مباشرة، للتعويض عن ما فاته من حقوق وهذا أمر خطير. ولذلك فإن محاربة الفساد والرشوة تقتضي بإعطاء الموظفين حقوقهم". ويلفت إلى أنه "حاليا تسعى الحكومة الى تفعيل دور مجلس الخدمة المدنية في التعيينات المقبلة في القطاع العام ، فإذا كانت الرواتب هزيلة سيؤدي ذلك الى العزوف عن التقدم للعمل فيها. أما أساليب معالجة هذه تبدأ من تحريك الرأي العام وخلق نوع من ضغط شعبي"، جازما أن "الدخول في هذا المسار لا يدل على أن الحكومة تسلك مسارا إصلاحيا، وسيؤدي الى البقاء الى نفس الاساليب القديمة التي حوّلت الإدارة العامة إلى مكان فيه ظلم وتفاوت ومحسوبية، وهذا أمر لن يوصل الى الإصلاح الإداري المنشود". ويشير إلى أنه "على المسار القانوني يمكن اللجوء الى مجلس شورى الدولة، للطعن بالمراسيم التي أقرت هذه البدلات لأنها تتعارض مع مبدأ المساواة على مستوى الوظيفة العام والرواتب والأجور ويمكن إبطالها". ويختم:"نطرح العودة الى وضع سلسلة رتب ورواتب للقطاع العام بكل قطاعاته (من ضمنها الهيئات الناظمة ومجلس الانماء والاعمار) لكي تكون متناسبة مع الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، ولا تُثقل كاهل المالية العامة وهو أمر مُلح يجب إقراره قريبا". ليبانون ديبايت - باسمة عطوي انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

التضخّم على الأبواب: المحروقات والسلع وواردات الدولة!
التضخّم على الأبواب: المحروقات والسلع وواردات الدولة!

صوت لبنان

timeمنذ 3 ساعات

  • صوت لبنان

التضخّم على الأبواب: المحروقات والسلع وواردات الدولة!

كتبت باتريسيا جلاد في 'نداء الوطن': يشكّل التضخّم أحد أبرز التحدّيات التي يواجهها الاقتصاد اللبناني في ظلّ الحرب الإسرائيلية – الإيرانية الآخذة في التوسّع، نظرًا الى اعتماد لبنان بنسبة 80 % على الاستيراد في تأمين معظم احتياجاته من الغذاء، الطاقة، والمواد الأولية… فأي ارتفاع في الأسعار العالمية نتيجة الحرب وجراء ارتفاع أسعار النفط ينعكس بشكل مباشر وسريع على السوق المحلية، وأي إقفال لمضيق هرمز يعيق النقل البحري ووصول المنتجات الأساسية إلى البلاد . فهل بدأ لبنان يلمس ارتفاعًا في الأسعار مع زيادة أسعار النفط بنسبة 8 % وماذا عن ارتفاع أسعار المواد المستوردة؟ لم يمرّ أسبوع على انطلاق الحرب الإسرائيلية – الإيرانية حتى بدأنا نشهد ارتفاعات في أسعار البنزين والمازوت في لبنان بعد ارتفاع أسعار النفط العالمية بنسبة 8 % في ظرف 5 أيام منذ يوم الجمعة المنصرم. يعتمد لبنان مؤشر 'بلاتس' العالمي التسعيري الصادر عن (S&P Global Platt) لتحديد أسعار النفط الخام والمشتقات النفطية، وتتعدّل أسعار المحروقات في لبنان وفق التحرّك العالمي في غضون ثلاثة أو أربعة أسابيع من تغيّر السعر في المؤشر، بدأ لبنان يلمس تأثّراً فور ارتفاع سعر برميل النفط العالمي، خصوصًا وأن الحرب لا تزال متواصلة، فسجّل سعر صفيحة البنزين أمس زيادة بقيمة 10 آلاف ليرة وهي جزء كما قال ممثل نقابة موزعي المحروقات فادي أبوشقرا لـ'نداء الوطن' من الارتفاعات التي سجّلت إذ أن الارتفاع يتمّ تقسيمه على الجداول ولا تحل الزيادة دفعة واحدة. في الجدول الأخير الصادر لأسعار المحروقات في لبنان كان سعر برميل النفط 67 دولارًا وبات سعره اليوم نحو 75 دولارًا'. ومع حياد لبنان لغاية الساعة عن الحرب، إلا أن ارتفاع أسعار المحروقات سينعكس حتمًا زيادة في أسعار النقل والتنقّل في لبنان، هذا إذا لم ترتفع أكلاف الشحن وأقساط بوالص التأمين جراء ارتفاع المخاطر. عندها ستزيد أسعار السلع الأساسية بشكل ملموس في وقت لا يزال فيه الاقتصاد في وضعٍ هشّ ويحتاج إلى جرعة من الأوكسيجين كان يترقبّ حدوثها مع فصل الصيف وموسم السياحة، الذي كان يتوقّع أن يكون واعداً. عن مدى تأثّر لبنان بالتضخّم المستورد أوضح الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنيس بو دياب لـ'نداء الوطن' أن لبنان يتاثر بأي تضخّم في الخارج وخصوصًا أننا نستورد أكثر من 80 % من سلّتنا الغذائية وبالتالي أي ارتفاع في الأسعار سيشهده الخارج ستكون له تداعيات على الأسعار في لبنان، وهو ما يعرف بالتضخّم المستورد. ناهيك عن أن السلع الأكثر ارتفاعًا هي أسعار النفط لذلك بدأنا نشهد زيادة في أسعار السلع بسبب الحرب. فمنذ نحو أسبوع وفور اندلاع الحرب حلّق برميل النفط بنسبة 13% قبل أن يصحّح السعر لتصل الزيادة إلى نسبة 8 % هذا في ظلّ انحصار الحرب بين إسرائيل وإيران ومن دون إقفال مضيق 'هرمز'. أكثر من 20 مليون برميل نفط يوميًا تمرّ عبر مضيق هرمز وربع الغاز العالمي في المنطقة يمرّ عبره أيضاً. من هنا سيشكّل النفط عنصرًا أساسيًا في تفاقم التضخم في أسعار النفط والسلع الأخرى، عدا عن تأثير التوترات الأمنية وعدم اليقين بسبب ارتفاع تكاليف النقل بما سيشكّل حصّة في التضخّم. نسب التضخّم المرجّحة حول نسب التضخّم المرجّحة، يقول بو دياب 'تشير التقارير إلى إمكانية ارتفاع الأسعار بين 10 و20 % بشكل تلقائي عندما ترتفع أسعار النفط، كما تشير إلى إمكانية ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار في حال استمرّت الحرب لأسبوعين أو ثلاثة أو أكثر من دون أن يقفل مضيق 'هرمز'. وفي حال إقفال المضيق سيصل برميل النفط إلى 120 أو 150 دولارًا، بما سيؤدي إلى تضخّم كبير في الأسعار في لبنان'. انكماش القدرة الشرائية طبعاً سينتج عن زيادة أسعار السلع تآكل القدرة الشرائية للعملة الوطنية، وزيادة الإنفاق من قبل الدولة على القطاع العام والرواتب في ظلّ تراجع الإيرادات الناجمة عن تدهور الموسم السياحي، وهذا سينجم عنه تضخم إضافي ليس مستورداً وإنّما هو تضخم داخلي، وهذا أخطر ما يمكن أن يصيب الإقتصاد اللبناني. إلى ذلك يقول بو دياب: 'لن يقتصر تأثير الحرب على التضخم فحسب، بل على زيادة التكاليف وتراجع ميزان المدفوعات، وتأثّر القطاع السياحي برمّته، عندها كيف ستغطي الدولة اللبنانية نفقاتها؟ ولا يمكن تفادي كل تلك التداعيات السلبية، إلا إذا انتهت الحرب في أسرع وقت، كي لا نذهب إلى المحظور في ارتفاع الأسعار أو اندلاع حرب المضائق الموعودة التي لم تحصل لغاية اليوم، فإيران حذرة من إقفال مضيق 'هرمز' نظراً إلى انعكاس ذلك سلباً عليها إذ أن أكثر من نسبة 80 % من صادرات النفط الإيرانية تمرّ عبر هذا المضيق. من هنا، تكمن النقطة الأهم، في ظل استمرار الحرب، في بقاء المضيق مفتوحاً لتستمرّ عملية نقل النفط عبره، عندها تبقى الأمور تحت السيطرة فارتفاع أسعار النفط بنسبة تتراوح بين 10 و 13 % يقول بو دياب ' أقلّ بكثير من ارتفاعه بنسبة 20 و 30 % في حال وصل برميل النفط إلى 100 دولار أو 150 دولارًا'. ارتفاع الأسعار في لبنان في هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أننا بدأنا نشهد ارتفاعاً في الأسعار قبل بدء الحرب جراء ارتفاع أسعار النفط منذ فرضت الدولة ضريبة المئة ألف ليرة على أسعار المحروقات منذ أسبوعين فكيف بالحري مع وثبة أسعار المحروقات، والمرجّحة للتفاقم حسب تطوّرات الحرب؟ بو دياب أجاب على هذا السؤال فقال' في ظلّ غياب الرقابة على الاستهلاك من وزارة الاقتصاد والبلديات والمعنيين، بدأنا نشهد ارتفاعات في الأسعار مع وثبة أول سلعة استراتيجية وهي أسعار النفط إذ تلقائيًا تتأثر سلاسل التوريد وتبدأ عملية زيادة الأسعار. فالتجار في لبنان يباشرون فورًا باستغلال الظرف، متذرّعين بزيادة أقساط التأمين وتكاليف النقل فتعمّ فوضى السوق والأسعار. إذا بقيت نسبة زيادة أسعار النفط على حالها بنسبة 8 % سترتفع أسعار السلع بين 10 و 15 % فيكون عندها التضخّم محدودًا خاصةً إذا لم تطول الحرب ولم يتأثّر موسم السياحة المعوّل عليه . وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن الإيراد المالي الوحيد اليوم الذي يحرك السوق ويضخّ الدولارات هو فصل الصيف، فإذا شهدنا إلغاءات في الحجوزات من قبل القادمين إلى لبنان، عندها تزداد التعقيدات ونفوّت علينا فرصة تحريك العجلة الاقتصادية. وسائل تفادي الصدمات الخارجية في ظلّ هذا الواقع الضبابي، تتطلب مواجهة التداعيات المتفاقمة للتضخّم المستورد، والذي يتكرّر مع كل هزة أمنية أو صحية، اعتماد مجموعة من السياسات الوقائية والتدخّلية من قبل الدولة اللبنانية للتخفيف من الأثر على الأمن المعيشي والاجتماعي. في طليعة هذه الإجراءات، تبرز أهمية تأمين احتياطات استراتيجية من المواد الأساسية (مثل القمح، المحروقات، والأدوية)، لتجنّب التقلبات الفجائية في الأسعار أو انقطاع السلع. كما يُعدّ تعزيز الشفافية والرقابة على الأسواق ضروريًا لمنع الاحتكار والمضاربة، عبر تفعيل دور مديرية حماية المستهلك وتطبيق القوانين بفعالية. على المدى المتوسط، تعتبر إعادة هيكلة سلاسل الإمداد وتشجيع الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي من الخطوات الحيوية لتقليص الاعتماد على الخارج، وبالتالي، تقليل التعرّض لصدمات خارجية، عدا طبعاً عن عوامل إصلاحية مالية ومصرفية أخرى تحتاج إلى التصحيح بعد الانهيار المالي والمصرفي الذي لا نزال نتخبّط في تداعياته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store