
كارولين ليفيت «قائدة الأوركسترا» دخلت التاريخ كأصغر ناطقة باسم البيت الأبيض
من النادر أن يحظى «وافد» شاب يطمح للدخول في عالم السياسة بفرصة الظهور على أهم منصة إعلامية حكومية في الولايات المتحدة. لكن كارولين ليفيت «الإعلامية» المغمورة، البالغة 27 سنة، وبعدما «كافأها» الرئيس دونالد ترمب جراء تفانيها في خدمة حركته «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)، دخلت التاريخ في يناير (كانون الثاني) 2025 لتصبح أصغر ناطقة باسم البيت الأبيض. وكتب ترمب مشيداً بها «كارولين ذكية، صلبة، وقد أثبتت كفاءتها العالية في التواصل». وأضاف: «لديّ ثقة تامة بأنها ستتألق على المنصة، وستساعد في إيصال رسالتنا إلى الشعب الأميركي».
خلال أول 100 يوم من ولاية دونالد ترمب الرئاسية الثانية، تمكنت كارولين ليفيت من خطف الأضواء الإعلامية من باقي الناطقين باسم الإدارات الأميركية، كوزارات الخارجية والدفاع والخزانة والتجارة، لتتحوّل بتنسيق وإشراف من رئيسها ستيفن تشيونغ مدير الاتصالات في البيت الأبيض إلى أحد أكثر الوجوه حضوراً في الدفاع عن سياسات الرئيس، من الهجرة والتجارة والإعلام إلى قضايا الدفاع والسياسة الخارجية.
مع هذا، قد يكون من المبكر تقدير المدة التي يمكن أن تمضيها ليفيت في منصبها بالنظر إلى تجارب أربعة ناطقين سبقوها في هذا الموقع إبان ولاية ترمب الأولى، الذين تساقطوا الواحد تلو الآخر جراء ادعاءات أو معلومات غير صحيحة. وسيتعين عليها إدارة توقعات الرئيس والتعامل في الوقت نفسه مع مطالب هيئة الصحافة في البيت الأبيض. وسيجعلها منصبها على الفور شخصيةً عامةً بطريقة لن يتمكن من تحقيقها سوى قلة من مسؤولي ترمب الآخرين.
وُلدت كارولين ليفيت في أغسطس (آب) 1997 لبوب وإيرين ليفيت، ولها شقيقان أكبر منها، جو ومايك. كان الزوجان يمتلكان متجراً للآيس كريم في أتكينسون بولاية نيو هامبشير، حيث ساعدتهما في العمل فيه.
تعليمياً، التحقت كارولين بمدرسة «سنترال كاثوليك» الثانوية في لورانس، بولاية ماساتشوستس. وذكرت في «بودكاست» عن هذه المؤسسة إنها لعبت دوراً محورياً في تشكيل شخصيتها وترسيخ إيمانها. وأوضحت: «كانت مدرسة (سنترال كاثوليك) الثانوية مكاناً رائعاً. لقد علمتني الانضباط، وقرّبتني من الله، وعلمتني أيضاً أهمية الخدمة العامة ورد الجميل لمجتمعي».
بعدها التحقت بكلية «سانت أنسيلم» (الجامعية) في نيو هامبشاير بمنحة دراسية في رياضة البيسبول عام 2015. وتخصّصت في الجامعة بمجال الاتصالات والسياسة، ولعبت مع فريق البيسبول خلال عامي 2016 و2017. ووفقاً لليفيت، فإن كونها رياضية منحها الأساس الذي تحتاجه «للصمود في ظل الأجواء السياسية». كذلك في حديث لها مع شبكة «سي بي إن نيوز»، قالت «كنت رياضية تنافسية في نشأتي، وهيّأني لعب البيسبول والرياضة للسياسة».
في أول إحاطة صحافية لليفيت يوم 28 يناير (كانون الثاني) 2025، قدمت الناطقة الرئاسية معلوماتٍ عن ترشيحات الوزراء والعديد من الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب بشأن الهجرة غير الشرعية، والتضخم، والاعتراف بالجنسين. وقالت عن هذه الإحاطة في برنامج «وجهة نظري مع لارا ترمب» (زوجة ابن الرئيس البكر): «لقد كانت لحظة رائعة حقاً، حيث رأيت حشداً من الناس الذين يريدون تشويه سمعتي. أنا وحدي هنا، لكنها لحظة تمكين، وكما ترين أنا قائدة الأوركسترا».
وسائل الإعلام الليبرالية في مرمى هجماتها
اهتمام كارولين ليفيت بالسياسة بدأ يتبلور خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016. يومذاك كانت لا تزال طالبة جامعية، حين كتبت مقالة رأي نُشرت في صحيفة «سانت أنسيلم كارير» انتقدت فيه «وسائل الإعلام الليبرالية»، ووصفتها بأنها «مجحفة، عديمة الإنصاف، وأحياناً مجرد كاذبة». وخلال سنتها الجامعية الثانية، شاركت في تأسيس نادٍ إذاعي أنتج برنامجاً إخبارياً أسبوعياً في الحرم الجامعي. وبالإضافة إلى الحصول على مندوبين في الأخبار والطقس، كان النادي أيضاً منصة لليفيت لممارسة التحليل السياسي أمام الكاميرا. وخلال برنامج بعد تنصيب ترمب لأول مرة، قالت: «بإمكان الجميع توقع انتقال السلطة - الانتقال السلمي للسلطة في هذا البلد... هذا ما يجعل أميركا عظيمة جداً». ولكن عام 2020، بعد خسارة ترمب الانتخابات تغيّر موقفها لتزعم أنه فاز. وللعلم، البعض نقل عنها سراً أنها لا تتوافق مع مزاعمه «بسرقة الانتخابات» لكنها قالت إنها لا تتذكر هذا الموقف.
أيضاً، أتيحت لليفيت فرصة العمل مع «فوكس نيوز» ومقابلة العديد من المرشحين الرئاسيين في حرمها الجامعي خلال أسبوع الانتخابات التمهيدية في ولاية نيو هامبشير، كما صرحت لصحيفة «بوليتيكو». وأضافت: «كانت تلك التجربة أول لمحة لي في عالم الصحافة، وعرفت حينذاك أنني أرغب في متابعتها في مسيرتي المهنية بعد التخرج».
وحقاً، نما شغفها السياسي من خلال معهد نيو هامبشير للسياسة في سانت أنسيلم، وهو معهد دأب على دعوة السياسيين المخضرمين والطموحين للتحدث إلى الطلاب.
خلال سنتها الجامعية الثالثة عام 2018، عادت ليفيت إلى «فوكس نيوز» مجدداً للحصول على فرصة تدريب، لكن المؤسسة لم تخترها. ومع هذا حصلت في النهاية على تدريب في البيت الأبيض في كتابة رسائل الرئيس ترمب. وفي مقابلة لها مع برنامج «ميغين كيلي شو» على المحطة نفسه، وصفت تعيينها السلس في البيت الأبيض بالمفاجئ، قائلة: «دخلتُ موقع البيت الأبيض الإلكتروني وتقدّمتُ بطلب التدريب، واختاروني... لا أعرف السبب، لكنهم اختاروني». وكشفت أن فكرة هذا المنصب راودتها بعدما روى لها زميل في الدراسة تجربته في التدريب مع إدارة أوباما «أتذكر أنني سمعته يتحدث عن ذلك، وقلت هذا مثير للاهتمام، أريد أن أصبح متدربة مع دونالد ترمب».
تخرّجت كارولين ليفيت من كلية «سانت أنسيلم» عام 2019، وعادت إلى البيت الأبيض في العام نفسه لتعمل كاتبة رئاسية وسكرتيرة صحافية مساعدة حتى تولت إدارة بايدن السلطة عام 2021.
وبعدها حصلت على وظيفة مديرة اتصالات لدى النائبة الجمهورية عن ولاية نيويورك إليز ستيفانيك، قبل أن تضع نصب أعينها أحلاماً سياسية أكبر. وشهدت كيف أطاحت رئيستها الجديدة بالنائبة الجمهورية ليز تشيني، المعارضة لترمب، من قيادة الحزب الجمهوري، وتُعزز دعم الحزب لترمب وإنكاره خسارة الانتخابات. وهنا يقول أليكس ديغراس، كبير المستشارين السياسيين لستيفانيك، الذي يعتبر ليفيت مؤمنةً راسخةً بحركة «ماغا»، أن «كارولين تعلّمت من إليز أن ناخبي حركة (ماغا) سيكافئونك ويدعمونك عندما تتخذين مواقف حازمةً للدفاع عن قضيتك».
بعد فترة وجيزة، في عام 2022، ترشّحت ليفيت البالغة آنذاك 25 سنة، للكونغرس في انتخابات التجديد النصفي، لتنافس عضو الكونغرس الحالي عن نيو هامبشير، الديمقراطي كريس باباس، مرشحةً للحزب الجمهوري بعد فوزها في انتخاباته التمهيدية. غير أنها خسرت، بحصولها على 46.2 في المائة من الأصوات، مقابل 53.8 لباباس وأقرت بالهزيمة.
في حينه، خلال حملتها الانتخابية قالت: «لقد سُرقت انتخابات 2020... نحن بحاجة إلى مرشحين مستعدين لقول الحقيقة بشأن الانتخابات». وحقاً، خاضت معركة شرسة، وكانت واثقة تماماً من الفوز. وخلال الحملة أبلغت قناة محلية: «أشعر بثقة كبيرة، وأعلم أن فريقنا بذل جهداً كبيراً. طرقنا مئات الآلاف من الأبواب. بذلنا جهداً كبيراً للتكلم مع الناخبين مباشرة، والتواصل معهم لمناقشة القضايا التي تواجههم، وتواجه عائلاتهم وأعمالهم ومجتمعنا».
التقت ليفيت لأول مرة بالمطوّر العقاري نيكولاس ريتشيو الذي يكبرها بنحو 32 سنة، أثناء حملتها الانتخابية للكونغرس. في البداية، كانت متشككةً بشأن مواعدة ريتشيو بعد تعرّضها لانتقادات قاسية على وسائل التواصل الاجتماعي نظراً لفارق السن بينهما. لكنها قالت لبرنامج تلفزيوني إنها اختارت «التركيز على صفاته الرائعة».
رُزقت ليفيت مع ريشيو بمولودها الأول، نيكولاس روبرت، في 10 يوليو (تموز) 2024. لكن بعد 3 أيام، وقعت محاولة اغتيال ترمب خلال حملته الانتخابية لولاية ثانية في ولاية بنسلفانيا، فقررت ليفيت، التي كانت تعمل ناطقة باسم حملته العودة إلى العمل فوراً، ومحاولة التوفيق بين أمومتها ومسيرتها المهنية.
تتقاضى ليفيت راتباً ضخماً كسكرتيرة صحفية لترمب، إذ يتوقع أن تحصل على راتب سنوي مقداره 180 ألف دولار، بعدما كشف تقرير صدر عام 2024 أن العديد من موظفي البيت الأبيض، بمن فيهم السكرتيرة الصحافية، يتقاضون هذا المبلغ، خلال عملهم في إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
إلا أن هذا الراتب يأتي على حساب النوم الكافي، وهو أمر لا تمانع به ليفيت، التي قالت لشبكة «السي بي إن نيوز» عن جدول نومها «في الواقع، عادة ما أنام من 5 إلى 6 ساعات في الليلة، وهذا كل ما نحتاجه... وكما يقول الرئيس ترمب، عندما تحب عملك وحياتك، لا تحتاج إلى النوم كثيراً».
قد يكون هذا الأمر مفهوماً، لا بل منسجماً مع معايير «الولاء» لا «التجربة»، التي اعتمدها ترمب في اختيار مسؤولي إدارته. إذ إنه دفع بفئة من «المبعوثين الخاصين»، لتولي تنفيذ سياساته الأكثر إثارة للجدل، بدلاً من الوزراء المسؤولين أنفسهم. وهكذا صار ستيف ويتكوف مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، وكيث كيلوغ مبعوثه الخاص إلى أوكرانيا، أهم من وزير الخارجية ماركو روبيو، ومن وزير الدفاع بيت هيغسيث. وبالنتيجة تراجع حضور الناطقين باسم وزارتيهما، سواءً بسبب تهميش دور وزير الخارجية، أو بسبب «الفوضى» التي تعم البنتاغون مع «فضائح» الوزير.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 18 دقائق
- العربية
الغربُ الصامتُ أمام إسرائيل
لم تتجاوز الولايات المتحدة وأغلبية الدول الأوروبية حتى الآن مرحلة مناشدتهم إسرائيل بالحرص على حياة الفلسطينيين المدنيين العزل بغزة، وإبداء قلقهم أمام جرائم الحرب البشعة التى ترتكبها إسرائيل، وتهديدهم بأخذ إجراءات عقابية ضدها! برغم أن جرائم إسرائيل تجاوزت كل السقوف، مع إصرارها، بتصريحات رسمية علنية من كبار مسئوليها، على استمرار جرائمها فى غزة، حتى تجاوزت أعداد القتلى الـ52 ألف ضحية، مع تقديرات أخرى أكبر بكثير، مع هدم كل منازل سكان غزة، مع فرضها حصاراً يمنع الغذاء والمياه والدواء والوقود، وتدميرها كل المدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه، وقد بدأت تتسارع حالات الوفاة من الجوع، وطيَّرت وكالات الأنباء صور أطفال يحتضرون جوعاً وقد بَدَت عليهم علامات الهزال المميت..إلخ، إلا أن هذه الدول الغربية لا تزال حتى الآن لم تر بعد ما يدعوها إلى أن تتخذ موقفاً عملياً يمنع إسرائيل من الاستمرار فى هذه الجرائم! بل إن بعضها يعمل على عرقلة المحاكم الدولية، العدل والجنائية، عن أن تُفَعِّل الإجراءات القانونية إزاء انتهاك إسرائيل بكل إصرار للقانون الدولى وللقانون الدولى الإنساني، وعلى هدرها كل ضمانة، قانونية وإنسانية، للمدنيين، وعلى التنصل من مسئوليتها بصفتها دولة احتلال مُلْزَمَة بمسئوليات تجاه من يقعون تحت احتلالها. كما أنهم لا يتحركون إزاء الاعتداءات الصارخة لإسرائيل على موظفى المنظمات الدولية، وعلى منعها بالقوة عمل هذه المنظمات بعد التشهير بها بأنها تساعد الإرهاب. كما أن مسئولى هذه الدول يَصمُّون آذانَهم ويُغلِقون أعينَهم عن التظاهرات الصاخبة فى مدنهم لمواطنيهم الذين يدينون إسرائيل ويطالبون بإنقاذ الفلسطينيين، أو ربما يرى المسئولون أن إبداءهم القلق كافٍ! كما أن من هؤلاء السياسيين من يقول إن ضربة حماس فى 7 أكتوبر 2023 ضد إسرائيل، هى أبشع جريمة بالعالم منذ سنوات! بما يعنى أن جرائم إسرائيل فى غزة أخفّ منها، حسب رأيه، بل إنه يبرر جرائم إسرائيل كرد فعل لما فعلته حماس! من مفارَقات هذا الموقف الغربي، عملياً، أنه لا يَعْتَدّ بأن يراعى موقف عائلات الأسرى الإسرائيليين، بل إنه ينسجم مع سياسة حكومة نيتانياهو المُتَّفَق على أنها الأكثر تطرفاً منذ تأسيس إسرائيل!


الشرق السعودية
منذ 36 دقائق
- الشرق السعودية
كتاب يكشف تفاصيل تستر الدائرة المقربة من بايدن على تدهور حالته الصحية
كشف كتاب جديد أن الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، مرّ خلال العامين الأخيرين من ولايته، بلحظات خاصة لم يتمكن فيها من تذكر أسماء كبار مساعديه، كما بات جدول أعماله محدوداً بشكل متزايد، وكان عرضة لفقدان الترابط في الحديث وتشتت الأفكار، في حين عمل مساعدوه على إبقائه بعيداً عن الأنظار العامة لإخفاء مدى تدهور حالته. ويسرد الكتاب، الذي ألفه الصحافيان جيك تابر من شبكة CNN، وأليكس تومسون من موقع "أكسيوس"، سلسلة من الوقائع التي صُدم خلالها مشرعون ديمقراطيون، ومستشارون في البيت الأبيض، وأعضاء في حكومة بايدن، ومتبرعون للحزب الديمقراطي من تراجع قدرات الرئيس الذهنية والبدنية، في وقت كان فيه بايدن يخوض حملة انتخابية فاشلة لإعادة انتخابه في عام 2024، ومع ذلك، لم يتحدث معظمهم علناً، أو يحاولوا منعه من الترشح. وكتب تابر وتومسون: "ما رآه العالم في مناظرته الوحيدة عام 2024 لم يكن حالة شاذة، ولم يكن نتيجة إصابة بنزلة برد، أو بسبب ضعف التحضير أو المبالغة فيه، ولم يكن مجرد تعب بسيط". وأضافا: "كان ذلك نتيجة طبيعية لرجل يبلغ من العمر 81 عاماً تتراجع قدراته منذ سنوات.. بايدن وأسرته وفريقه سمحوا لمصالحهم الشخصية وخوفهم من عودة ترمب بأن يبرروا محاولة الإبقاء على رجل مسن ومشوش الذهن في بعض الأحيان داخل المكتب البيضاوي لأربع سنوات أخرى". وصدر الكتاب الجديد، الثلاثاء، بعنوان: "الخطيئة الأصلية: تدهور الرئيس بايدن، والتستر عليه، وخياره الكارثي بإعادة الترشح". ويستند الكتاب إلى أكثر من 200 مقابلة، أغلبها مع شخصيات ديمقراطية مطلعة، أُجريت معظمها بعد انتهاء انتخابات 2024، بحسب CNN. صحة بايدن وتصاعدت التساؤلات بشأن صحة بايدن وسنه في الأيام الأخيرة، بعد أن أعلن مكتبه، أنه مصاب بـ"نوع عدواني" من سرطان البروستاتا، انتشر إلى عظامه، وأضاف البيان أن الرئيس السابق وعائلته "يبحثون خيارات العلاج مع أطبائه". وأثارت إصابة بايدن بالسرطان موجة من الدعم والتعاطف، شملت الرئيس دونالد ترمب، الذي كتب على منصة "تروث سوشيال": "نشعر بالحزن، أنا وميلانيا، بعد سماع تشخيص جو بايدن الأخير.. نبعث بأحر التمنيات والدعوات لجيل بايدن والعائلة، ونتمنى لجو شفاءً سريعاً وناجحاً". رغم ذلك، استمرت النقاشات بشأن قرار بايدن الترشح مجدداً، وقال نائب الرئيس، جيه دي فانس، للصحافيين، الاثنين، إنه يتمنى لبايدن الشفاء، لكنه أضاف: "علينا أن نكون صادقين بشأن ما إذا كان الرئيس السابق قادراً على أداء مهامه". وتابع: "في بعض الجوانب، لا ألومه بقدر ما ألوم المحيطين به.. يمكننا أن نصلي من أجل صحته، لكن علينا أيضاً أن ندرك أنه إذا لم يكن الشخص لائقاً بما يكفي للقيام بالمهمة، فلا ينبغي أن يقوم بها". ونشر "أكسيوس"، الجمعة، تسجيلات صوتية من مقابلة بايدن مع المحقق الخاص روبرت هور بشأن تعامله مع الوثائق السرية، ما أضاف مزيداً من السياق إلى استنتاج تقرير هور، الذي وصف بايدن بأنه "رجل مسن، حسن النية، وذو ذاكرة ضعيفة". وأفاد تابر وتومسون بأن القلق من الحالة الصحية لبايدن بين العاملين معه يعود إلى عام 2020، لكن التدهور العقلي والجسدي تسارع خلال عامي 2023 و2024، قبل المناظرة الكارثية التي جمعته بترمب في يونيو الماضي. وذكر الكاتبان أنه في ديسمبر 2022، عجز بايدن عن تذكر أسماء مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان، ومديرة الاتصالات كيت بيدينجفيلد. وفي خريف 2023، بدا أنه لم يتعرف على جيمي هاريسون، رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، لكن هاريسون نفى ذلك. وفي أوائل عام 2024، أفاد تابر وتومسون بأن بايدن لم يتعرف على النجم السينمائي جورج كلوني، رغم معرفته به منذ سنوات، ونقل المؤلفان عن بعض وزراء الحكومة أنهم لم يكونوا يعتقدون أن بايدن يمكن الاعتماد عليه في حال وقوع طارئ وطني الساعة الثانية فجراً. مجموعة معلقة لحماية بايدن وقال أحد كبار مساعدي بايدن لمؤلفي الكتاب: "الأمور التي كنا سنعتبرها كارثية في عام 2023، بحلول 2024 كنا نقول: حسناً، تجاوزنا ذلك". وذكر تابر وتومسون أن بايدن كان محاطاً بمجموعة مغلقة تحميه، تضم زوجته وابنه وعدداً من مساعديه القدامى الذين أُطلق عليهم لقب "البوليتبيرو" (أو المكتب السياسي)، في إشارة إلى اللجنة القيادية في الأحزاب الشيوعية. وقال المؤلفان إن كبار مساعدي بايدن - مايك دونيلون، وستيف ريتشيتي، وبروس ريد - كانوا يقدمون الولاء للرئيس على أي اعتبار، أما من هم خارج هذه الدائرة الضيقة، بمن فيهم أفراد حملة بايدن ومستطلعو الرأي وأعضاء في حكومته، فكانوا يعتقدون أن هؤلاء المساعدين يعزلون بايدن عن المعلومات السلبية، بينما قرر المضي قدماً في الترشح لولاية ثانية دون أي نقاش أو مشورة من داخل البيت الأبيض أو فريق حملته. وكتب تابر وتومسون أن "الأمر كان أقرب إلى عقيدة تلامس التعصب: ففي يناير 2025، ظل مايك دونيلون متمسكاً برأيه أن بايدن، رغم نسيانه وخلطه بين الأسماء، كان ذكياً بحق عندما قرر ما ينبغي أن تتضمنه مقترحات اتفاق السلام بين (حماس) وإسرائيل". وفي تصريح لـCNN، انتقد متحدث باسم بايدن الكتاب قائلاً: "ما زلنا ننتظر أي دليل يوضح أن جو بايدن فشل في اتخاذ قرار رئاسي، أو أن الأمن القومي كان مهدداً، أو أنه لم يكن قادراً على أداء مهامه. في الواقع، تشير الأدلة إلى العكس تماماً. لقد كان رئيساً فعالاً للغاية". "كأنه شخص مختلف" وجد تابر وتومسون أن المخاوف بشأن الحالة الصحية لبايدن تعود إلى حملته الانتخابية في عام 2020، حين صور بايدن مقاطع فيديو للحملة يتحدث فيها إلى الناخبين عبر "زووم" قبل المؤتمر الحزبي، لكن ساعات طويلة من هذه اللقطات كانت غير صالحة للاستخدام، ما أثار صدمة بعض أعضاء فريقه. وقال أحد الديمقراطيين، بحسب ما ورد في الكتاب: "كان الأمر كما لو أنه شخص مختلف تماماً. كان ذلك لا يُصدق. كان أشبه بمشاهدة جد لا ينبغي أن يقود السيارة". وأضاف: "لم أكن أعتقد أنه قادر على أن يكون رئيساً". ورأى البعض من المقربين أن تدهور بايدن ارتبط بلحظات من التوتر الشديد، خصوصاً تلك المرتبطة بمشكلات ابنه هانتر القانونية، وفقاً للكتاب. وكتب تابر وتومبسون أن أحد أعضاء الحكومة شبه محاكمة هانتر بايدن في يونيو 2024 وإدانته بأنها كانت "أشبه بسقوط حملٍ وزنه 500 رطل على رأس الرئيس". وأبلغ عدة مشرعين المؤلفين أن صورة بايدن التي شاهدوها ذكرتهم بآباء وأجداد يعانون من مشكلات صحية. وعلى الصعيد العلني، تفاقمت الأسئلة في عام 2024 بشأن صحة بايدن، بعد التقرير اللاذع من روبرت هور، الذي قرر عدم توجيه تهم للرئيس جزئياً بسبب تأثير عامل السن على قرارات هيئة المحلفين. أما في الاجتماعات المغلقة واللقاءات مع المتبرعين، فقد عبر ديمقراطيون عن صدمتهم خلال تفاعلهم مع بايدن العام الماضي. ونقل الكتاب عن أعضاء في مجلس الشيوخ أنهم لاحظوا تغيراً واضحاً في شخصية بايدن خلال لقاءات مغلقة في أوائل 2024، ما أثار قلقهم، لكنهم أعطوا زميلهم السابق في المجلس الفرصة لإثبات نفسه. وواجه مسؤول كبير في الإدارة زميلاً له في البيت الأبيض بغضب بعد اجتماع لفريق العمل المعني برعاية الصحة الإنجابية قائلاً: "ما الذي تفعلونه بحق الجحيم؟ لا أفهم كيف يمكن لهذا الرجل أن يخوض حملة لإعادة انتخابه"، وأضاف لاحقاً للمؤلفين: "رغم كل ما قدمه للبلاد، لا يمكنني أن أغفر له". وبعد الخطاب القوي الذي ألقاه بايدن عن "حال الاتحاد" في مارس 2024، والذي استشهد به كثيرون كمبرر لاستمراره في الترشح، أُصيب بعض الموظفين بالقلق بعد حضوره فعالية مع طلاب ثانوية مساء اليوم نفسه، حيث ألقى خطاباً غير مترابط. وكتب المؤلفان أن أحد هؤلاء المساعدين لم يستطع إلا أن يسأل نفسه: "ما الذي شاهدناه للتو؟". وقال في نفسه، وفقاً للكتاب: "هذا لن ينجح. لا يستطيع القيام بذلك. هذا جنون. جنون. جنون". ضغوط ما بعد المناظرة بعد المناظرة الكارثية مع ترمب في يونيو، أفاد تابر وتومبسون أن أقرب مساعدي بايدن حاولوا تجاوز الأمر وكأن شيئاً لم يحدث. وكتب المؤلفان: "المناظرة جعلت مساعدي بايدن أكثر يقظةً تجاه أي مؤشرات على عدم الولاء. لقد اعتبروا المناظرة مجرد مثال جديد على استبعاد بايدن". وفي الكواليس، حاول ديمقراطيون إقناع الفريق المقرب بضرورة ظهور بايدن في مناسبات غير معدة سلفاً. لكن تابر وتومبسون أفادا بأن الرئيس لم يكن قادراً على أداء ما طُلب منه لإثبات قدراته الذهنية. وروى مستشار في الحملة نقاشاً بعد المناظرة مع بايدن على متن طائرة الرئاسة، قائلاً: "ما الذي نفعله هنا؟" تساءل وهو يسمع بايدن يتحدث. "هذا الرجل لا يستطيع أن يكون جملة مفيدة". ومع تزايد عدد الديمقراطيين المطالبين بتنحي بايدن، تمسك الرئيس وعائلته بموقفهم. وخلال زيارة جيل بايدن لولاية ميشيجان في 3 يوليو 2024، دافعت الديمقراطية ديبي ستابينو بقوة عن الرئيس، لكنها طلبت التحدث مع السيدة الأولى على انفراد، وأبلغتها أن زملاءه السابقين في مجلس الشيوخ يشعرون بالقلق حياله. "كل ما أعرفه هو أنك لن تفوز" ونقل المؤلفان عن السيناتورة قولها للسيدة الأولى: "لا نعلم إن كان ما حدث مجرد حدثاً عابراً، أم أن هناك أمر آخر يتعلق بالرئيس". وأضافا أن جيل لم تُجب عن السؤال الضمني، لكنها عبرت لاحقاً عن غضبها حيال ذلك لموظفي البيت الأبيض. ودافع بايدن وزوجته عن أدائه الرئاسي في مقابلة مشتركة على برنامج The View على شبكة ABC في وقت سابق من هذا الشهر، ورفضا ما قيل عن تراجع حالته الذهنية في عامه الأخير بالمنصب. وقالت جيل بايدن: "الذين كتبوا هذه الكتب لم يكونوا معنا في البيت الأبيض، ولم يروا كم كان جو يعمل بجد كل يوم". وكشف الكتاب أن الرئيس السابق باراك أوباما وزعيم الأغلبية آنذاك في مجلس الشيوخ تشاك شومر، عبرا عن قلقهما من أن مساعدي بايدن المقربين لا يقدمون له صورة واضحة عن فرصه الحقيقية في إعادة الانتخاب. وحث أوباما شومر على التحدث إلى بايدن، وعرض البيانات عليه. في الفترة التي سبقت قرار بايدن بالانسحاب من السباق في يوليو 2024، أصر شومر على مقابلة الرئيس، وسافر إلى ديلاوير لإجراء هذه المحادثة الصعبة. كتب المؤلفان أن شومر أخبر بايدن أنه لن يحصل إلا على 5 أصوات إذا أُجري اقتراع سري بين الديمقراطيين في مجلس الشيوخ بشأن استمراره في الترشح. سأل بايدن شومر: "هل تعتقد أن كامالا قادرة على الفوز؟". وأجاب شومر، وفقاً للكتاب: "لا أعرف إن كانت قادرة على الفوز. كل ما أعرفه هو أنك لن تستطيع".


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
ترامب من الرياض: زيارة التسويات الكبرى
قبل أن تهبط الطائرة التي تقل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مطار الرياض، كان العالم في حالة اختيار بين تصعيد متوقع، أو تسويات كبرى، تضع حداً لسنوات من الخلاف، وعدم الاستقرار في أكثر من بلد حول العالم. لم يكن العالم في حالة استقرار خلال السنوات الماضية بسبب ضعف الدور الأمريكي في العالم، فهناك حرب بين روسيا وأكرانيا، وتصعيد بين الهند وباكستان، والشيء ذاته في إيران وسوريا والعراق وفلسطين وإسرائيل. بيد أن هذه الزيارة أسهمت في أن يفهم العالم أن سنوات الرئيس القادمة ستكون سنوات التسويات الكبرى، حيث أعلن الرئيس ترامب من الرياض عزمه على استخدام نفوذه بشكل كبير في فرض الاستقرار حول العالم، ولديه القدرة على فعل ذلك بكل تأكيد. إن ترامب هو كلمة السر في مستقبل السياسة العالمية، وتعاونه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، سوف يكون له أثر كبير على مستقبل المنطقة. الزيارة، في حد ذاتها، ليست مجرّد تحرّك شخصي أو دعاية انتخابية، بل هي تعبير عن إدراك عميق من قِبل شخصية لها وزنها في السياسة الأمريكية بأن الشرق الأوسط لا يزال عنصراً حاسماً في معادلة الاستقرار العالمي. ترامب، حتى وهو خارج البيت الأبيض، يمثل تيارًا مؤثرًا في الداخل الأمريكي، وزيارته تُرسل رسالة بأن السعودية لا تزال حجر الزاوية في أمن المنطقة، وفي صياغة التوازنات الكبرى، سواء في الملف الإيراني أو في جهود السلام أو حتى في ملف الطاقة. وتوقيتها دقيق؛ نحن أمام صعود حاد للتوتر في غزة، وارتباك دولي في التعامل مع إيران، وإعادة ترتيب أوراق في سوريا، وأزمة ثقة غربية بعد الحرب في أوكرانيا. العلاقة بين السعودية وأمريكا علاقة إستراتيجية عابرة للإدارات. لا نراها من منظور شخص أو حزب، بل من منظور مصالح إستراتيجية واقتصادية وأمنية مشتركة. بيد أنه من الإنصاف القول إن إدارة ترامب كانت واضحة في شراكتها مع الرياض. تعاملت معنا كدولة محورية في المنطقة، لا كلاعب تابع أو هامشي. كان هناك تفاهم في الملفات الأمنية، ومرونة في دعم مشاريعنا التنموية، واعتراف بدورنا كقوة استقرار إقليمي. أخبار ذات صلة