
شي ولافروف يعززان التحالف: شراكة استراتيجية وتنسيق ضد الضغوط الغربية
جاء ذلك خلال استقبال شي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يزور مدينة تيانجين الصينية للمشاركة في اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، حيث أُجري لقاء موسّع تناول قضايا التعاون الثنائي والتحديات الإقليمية والدولية الراهنة.
ووصف الزعيم الصيني لافروف بأنه 'صديق قديم للشعب الصيني'، في تعبير يعكس ليس فقط العلاقات الرسمية، بل أيضًا عمق الصلة الشخصية بين قيادتي البلدين. كما شدد شي على أهمية التنفيذ الفعّال للاتفاقات التي تم التوصل إليها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز الدعم المتبادل في المنصات الدولية مثل منظمة شنغهاي.
من جهتها، نشرت وزارة الخارجية الروسية لقطات من اللقاء، وأكدت في بيان لها أن لافروف نقل تحيات بوتين إلى الرئيس الصيني، وأشاد بمستوى العلاقات بين البلدين، التي أصبحت نموذجًا لما يسمى 'بالتعاون الاستراتيجي غير المقيّد'، في ظل تصاعد التوترات الدولية ومحاولات الغرب لعزل موسكو.
وأشار البيان الروسي إلى أن اللقاء تناول استعدادات زيارة بوتين المقبلة إلى الصين للمشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، والمقرر عقدها بالتزامن مع الاحتفالات بالذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء على اليابان في الحرب العالمية الثانية، في سبتمبر المقبل.
وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه الساحة الدولية تحولات متسارعة، لا سيما في ظل الصراع في أوكرانيا وتنامي التنافس بين بكين وواشنطن. وبالنظر إلى التحديات المتزايدة، يبدو أن الصين وروسيا تسعيان لتكثيف تعاونهما السياسي والاقتصادي والأمني لمواجهة الضغوط الغربية وبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب.
هذا التعاون المتصاعد داخل إطار منظمة شنغهاي للتعاون يُبرز طموحات الدولتين لتوسيع نفوذهما الإقليمي والدولي، في ظل تراجع الثقة العالمية في المؤسسات التي تقودها الولايات المتحدة، وبروز تحالفات جديدة تُعيد رسم خريطة العلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الزمان
منذ يوم واحد
- الزمان
العولمة وتأثيراتها على العلاقات الدبلوماسية الدولية
العولمة وتأثيراتها على العلاقات الدبلوماسية الدولية – فؤاد الصباغ يعود تاريخ الدبلوماسية إلى الزمن البعيد تقريبا إلى العصر البرونزي أي قبل 3000 سنة من ميلاد المسيح، عندما كانت الشعوب تتبادل الهدايا السخية بينها كرمز للسلام وللمحبة والإستقرار. فتاريخ الدبلوماسية الدولية شهد العديد من التطورات مع مرور الزمن وذلك مواكبة لما عرفته البشرية من تغيرات جذرية في نمط حياتها ومعاملاتها اليومية مع بقية شعوب العالم. كما شهدت حقبة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم في الدول العربية نشاطا مكثفا للدبلوماسية بحيث كان يخاطب الأمم بمراسلات يرسلها عن طريق مرسول خاص، ولعل أبرزها تلك الرسالة التي وجهها إلى هيرقل عظيم الروم يدعوه فيها إلى السلام. فمفهوم الدبلوماسية التقليدية بعد الحرب العالمية الثانية كان ينطبق بشكل أساسي على الجهات الفاعلة الحكومية، إلا أن نهاية الحرب الباردة ومع تقدم ظاهرة العولمة برزت أنواع جديدة من الجهات الفاعلة في العلاقات الدولية والدبلوماسية نذكر أهمها المنظمات الاقتصادية متعددة الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي والتي تعتبر من الفئة الأولى على الصعيد العالمي. فتلك المؤسسات المالية الدولية التي أنشأت من مخرجات قمة البريتن وودز أضحت تلعب دورا سياسيا موازيا إلى جانب دورها الإقصادي الدولي بحيث أصبحت تدافع عن مواقفها الخاصة وتدفع نحو تنفيذ برامج إصلاحات هيكلية وسياسات اقتصادية. أما الفئة الثانية تشمل المؤسسات التي كان من المفترض في الأصل أن تلعب دورًا استشاريًا، وإنتاج المعرفة وتبادل المعلومات، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي بسويسرا، وغرفة التجارة الدولية، إلا أن هذا النوع الثاني قد تأثر بشكل كبير بالجهات الفاعلة على غرار القطاع الخاص والشركات الدولية متعددة الجنسيات، كما أصبحت تلك الفئة الثانية من المؤسسات تقترح أيضًا تغييرات على الإطار الاقتصادي الدولي وتضع للدول الأعضاء برامج تنفيذية في صلب اقتصادياتها الوطنية. الدبلوماسية الدولية والتطورات التكنولوجية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ونشأة منظمة الأمم المتحدة عام 1945، اعتمدت الدبلوماسية الدولية على آلية هرمية، مُنظمة حسب الدول الأعضاء التي تنتمي إليها، والتي اعتبرها تلك الدول شرعية. إلا أنه في المقابل تُؤسس العديد من الدول الأعضاء سياساتها الخارجية دون موافقة الأمم المتحدة، ولا تُفكر في اللجوء إليها إلا في أوقات الأزمات الدبلوماسية. أما في مجال العلاقات الدولية، فقد ظهر مصطلح الدبلوماسية العامة في منتصف الستينيات وذلك لوصف إدارة السياسة الخارجية الموجهة إلى الشعوب الأجنبية، إما من خلال وسائل الإعلام التي تُبث بلغاتها وعلى أراضيها، أو من خلال شبكات ثقافية وإنسانية متنوعة داخل المناطق المعنية. فمنذ نشأة الدول القومية، اعتُبرت المؤسسات الرسمية والحكومية الفاعل الرئيسي في الدبلوماسية الدولية، وضمنت المؤسسات الدولية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية وحدها شرعية الاتفاقيات بين مختلف الدول. فعلى مدار تاريخ الدبلوماسية الدولية الحديثة، اقتصر دور الجهات الرسمية الحكومية على التفاوض بشأن السياسات الخارجية وتنفيذها، وذلك من خلال وزارات الخارجية وممثلي الدول بالخارج وتم توقيع جميع التدابير الرامية إلى تحسين تلك العلاقات بين الدول. أما اليوم فقد شهدت الدبلوماسية الدولية تغيرات عديدة ومتنوعة واكبتها بروز أجيال من التطورات التكنولوجية والتقدم في وسائل الاتصالات السمعية والبصرية. فالثورة التكنولوجية الحديثة خاصة من خلال بروز الإنترنت كوسيلة للتواصل والإتصال أصبحت بدورها تلعب دورًا حاسمًا في تطور استراتيجيات العلاقات الدبلوماسية الدولية بين مختلف دول العالم. فتلك التكنولوجيات الحديثة أدت إلى ظهور أطراف فاعلة جديدة وصعود قوى عظمى في العلاقات الدبلوماسية الدولية وإلى إحداث تغيير جذري في الأنماط الراسخة بين مختلف دول العالم. الإنترنت والهاتف المحمول أو «السلاح» الدبلوماسي الجديد يعتبر تاريخ الإنترنت حديثا نسبيًا، ومع ذلك يعتبره البعض ثورةً تكنولوجية واجتماعيةً جديدةً في حضارتنا. فمنذ سنة 1991 إلى غاية الآن استمر ازدهار العصر الرقمي والصناعة الرقمية وذلك من خلال تطور محتوى الشبكة الإلكترونية وظهور العديد من المواقع والبرامج في صلبها، وأيضا إنتشر إستعمال البريد الإلكتروني والمنتديات، والآن المدونات وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي. فتطور تلك التكنولوجيات الحديثة ووسائل الإتصالات الرقمية باستمرار أدت بالنتيجة إلى ضرورة التواجد الدبلوماسي وخاصة إعلام وزارات الخارجية على شبكات التواصل الاجتماعي الرئيسية. كذلك أصبحت وسائل التواصل الإجتماعي لها تأثير على المفاوضات والعلاقات الدبلوماسية الدولية. أيضا من السمات الأخرى لتطور التقنيات الرقمية، وخاصة الإنتشار الكبير بين مستخدمين شبكة الإنترنت نجد نمو شبكات التمرد والاحتجاج التي ظهرت خلال فترة ما يعرف بالربيع العربي ولا شك أن أشهر تلك المجموعات هي «أنونيموس»، التي اخترقت العديد من المواقع الحكومية خلال الثورات العربية. كما شهد نهاية القرن العشرين ظهور الهاتف المحمول بحيث يمتلك اليوم ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان العالم هواتف محمولة، ومن المتوقع أن يتجاوز عدد المشتركين في جميع أنحاء العالم «قريبًا» عدد سكان العالم. كما تشير تلك الثورة التكنولوجية إلى تغييرات جوهرية في سلوك المواطنين، ويجب على الحكومات مراعاة تطور تلك التقنيات في تنفيذ سياستها الخارجية وتطبيق دبلوماسيتها الإقتصادية والثقافية. كما تسهل تلك الوسائل في الترويج للمنتجات الوطنية وربط قنوات تواصل مباشرة مع رجال الأعمال وتنظيم تظاهرات وفعاليات دولية. العولمة الإقتصادية وتأثيراتها على المفاوضات الدولية لم يعد اليوم هناك شك لدى مراقبي الساحة الدولية في أن الاقتصاد أصبح أحد المجالات الرئيسية للنشاط الدبلوماسي خاصة في ظل العولمة والتحرر الكلي للأسواق العالمية. فالعولمة الاقتصادية أحدثت اضطرابًا شاملًا في إطار العمل الخارجي للدول وفي العلاقات الدولية، إذ أصبحت تقلل من سلطة الدول لصالح الجهات الفاعلة الخاصة. كما أدت عولمة التجارة إلى زيادة المبادلات التجارية والاتفاقيات الدولية، وهكذا تطورت الدبلوماسية مواكبةً بذلك التطورات التجارية والتكنولوجية. وصولًا إلى يومنا هذا، حيث يلعب انتشار وسائل الاتصال دورًا حاسمًا في السياسة العالمية، مما خلق بدوره نشاطا مكثفا للدبلوماسية الإقتصادية والتي كان من أهم أسباب ظهورها هو إنتشار العولمة الإقتصادية وتزايد تأثيراتها على المفاوضات بين الدول وإبرام الصفقات والترويج للمنتجات والأهم في تشكل التكتلات الإقتصادية الكبرى. الثقافة أداة استراتيجية محورية في العلاقات الدولية برزت الدبلوماسية الثقافية كأداة استراتيجية محورية في العلاقات الدولية، لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة، عندما أصبحت الثقافة أداة للتنافس الجيوسياسي. ومع إنتشار العولمة والثورة الرقمية، اكتسبت الثقافة أهمية كبرى كوسيلة للتأثير (القوة الناعمة)، خاصة بعد اعتماد إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي سنة 2001. فالثقافة تستخدمها الدول اليوم لتعزيز صورتها بالخارج، وتعزيز جاذبيتها، والدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية. كما يشهد مجال الدبلوماسية الثقافية تحولاتٍ كبرى خاصة في ظل العولمة الرقمية وبروز تلك التكنولوجيات الحديثة التي تسهل من وصول المعلومات لكافة مستخدميها. فالعولمة وسرعة تداول المعرفة والنماذج الثقافية ونشرها، ودور وسائل الإعلام الجديدة واستخداماتها، والتزام شعوب العالم بالحفاظ على التنوع الثقافي تعتبر كلها تحدياتٌ تُواجه العمل الثقافي. فقد اعتُبرت الثقافة، إلى جانب الاقتصاد والبيئة والقضايا الاجتماعية، الركيزة الرابعة للتنمية في القمة العالمية للتنمية المستدامة في جوهانسبرغ سنة 2002، ولا يُمكن تفسيرها إلا من منظور عالمي في القرن الحادي والعشرين. فالعولمة، بمعناها الثقافي الأوسع تمثل عملية عالمية تساهم في سرعة وسهولة تداول الأفكار والمعلومات وفي توحيد أشكال الفنون والعادات الثقافية عبر مختلف المناطق الجغرافية الثقافية في العالم. كما تؤثر ظاهرة العولمة على جميع جوانب المجتمع الحديث. ومن أهم تحديات الدبلوماسية الثقافية في ظل العولمة يتلخص في مدى تكيف الدولة التي تدافع عن مصالحها مع جميع الاضطرابات التي تُهدد استدامة خصوصياتها الثقافية، وجاذبيتها، ونشرها من خلال وسائل تُسهّل استقبالها وفهمها، وتُعزز أيضًا الطلب عليها وتحدد هدفها. ففي هذا السياق، ومع أخذ ذلك في الاعتبار، اكتسبت القضايا المتعلقة بالأعراف والثقافة أهمية متزايدة في العلاقات الدولية وتحتل الشؤون الثقافية الآن مكانة غير مسبوقة في السياسة الخارجية لعدد كبير من الدول حول العالم، التي بدأت ترى في إبراز أعرافها الثقافية وسيلةً فعّالة لتعزيز نفوذها الدولي. فعلى سبيل المثال، وسّعت الولايات المتحدة بشكل كبير البعد الثقافي في سياستها الخارجية، وتعتمد بشكل متزايد على هذا البعد الجديد من دبلوماسيتها للحفاظ على مكانتها الدولية.


شفق نيوز
منذ 2 أيام
- شفق نيوز
قمة الاتحاد الأوروبي والصين تنطلق وسط علاقات متأزمة
تنطلق قمة الصين والاتحاد الأوروبي في بكين، يوم الخميس، ويناقش خلالها القادة عدداً من القضايا من بينها الخلاف التجاري والحرب في أوكرانيا. وعلى الرغم من ذلك تباينت التوقعات بشأن نتائج القمة بسبب حالة الغموض التي تشوب التجارة العالمية والسياسة، فضلا عن حضور الرئيس الصيني، شي جينبينغ، بعد أن أفادت أنباء سابقة بأنه رفض زيارة بروكسل، حيث كان من المقرر عقد القمة أصلاً. وأكدت الصين هذا الأسبوع أن شي جينبينغ سيلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، في بكين. وكانت حالة من التفاؤل قد سادت في بداية العام الجاري بشأن علاقات الاتحاد الأوروبي والصين، مع تصاعد آمال بأن رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة ستؤدي إلى تقارب بين هاتين القوتين الاقتصاديتين. بيد أنه بعد مرور أشهر، أصبحت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين أكثر توتراً مما كانت عليه سابقاً. "توقعات متشائمة" وقبل انعقاد القمة، صرح مسؤولون في الاتحاد الأوروبي بأنهم مستعدون لمحادثات مباشرة، بينما وصف مسؤولون صينيون القمة بأنها فرصة لتعزيز التعاون. وصرّح متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، خلال مؤتمر صحفي، يوم الثلاثاء بأن العلاقة الثنائية تمر بـ"مرحلة حاسمة للبناء على إنجازات سابقة وفتح فصل جديد" للعلاقات. وعلى الرغم من ذلك، لا يسود في بروكسل سوى قدر محدود من التفاؤل بأن تثمر القمة عن أي شيء مهم، رغم أن الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تواجه ضغوطاً مماثلة للصين، لا سيما التعريفات الجمركية المفروضة على صادراتها إلى الولايات المتحدة. وثمة أمل في إيجاد أرضية مشتركة، وتحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في وقت سابق من شهر يوليو/تموز الجاري عن علاقة الاتحاد الأوروبي ببكين باعتبارها "واحدة من أكثر العلاقات تحديداً وتأثيراً خلال القرن"، وأشارت إلى ضرورة إحراز تقدم في القضايا المتعثرة. بيد أن قرار الرئيس الصيني ورفضه الدعوة لزيارة بروكسل في وقت سابق من العام الجاري، ثم زيارته موسكو في مايو/أيار لحضور مراسم عيد النصر السنوي لروسيا في ذكرى الحرب العالمية الثانية، شكل بداية سيئة. ويرى إنجين إيروغلو، رئيس وفد البرلمان الأوروبي للصين، أن الثقة الهشة بين الصين والاتحاد الأوروبي سجلت مستويات جديدة من التراجع: "في هذه الأجواء من عدم الثقة الاستراتيجية، يسود توتر واضح، وإن لم يكن حالة جمود". فإحدى الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدهور العلاقات بين القوتين العظميين هي الحرب الروسية الأوكرانية. كما أثار قرار الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، بفرض عقوبات على مصرفين صينيين لدورهما في تمويل روسيا، استياء بكين في الأيام الماضية التي تسبق هذه القمة، ما أوجد أجواءً من التوتر. وقالت الصين إنها قدمت "ملاحظات رسمية" إلى رئيس الشؤون التجارية في الاتحاد الأوروبي قبل القمة. وتفيد تقارير بأن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أخبر رئيسة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الشهر الجاري بأن بكين لا ترغب في خسارة روسيا للحرب في أوكرانيا، وهو ما يتعارض مع موقف الصين الرسمي المحايد. وقال وانغ يي، بحسب تقارير، إن الحرب الروسية الأوكرانية ستشغل الولايات المتحدة عن منافستها مع الصين، وهو ما نفته بكين. كما وصفت كايا كالاس، في وقت سابق من هذا العام، الصين بأنها "العنصر الأساسي في الحرب التي تخوضها روسيا" في أوكرانيا، مضيفةً أنه "لو أرادت الصين حقاً وقف الدعم، فسيكون لتلك الخطوة أثرها". وتعتبر العلاقات التجارية محوراً رئيسياً ضمن اهتمامات الاتحاد الأوروبي. فبعد أن فرض الاتحاد الأوروبي تعريفة جمركية على السيارات الكهربائية المصنّعة في الصين العام الماضي، ردت بكين بخطوة ثأرية تقضي بفرض تعريفة جمركية على المشروبات الكحولية الأوروبية. كما قلّصت بكين، الشهر الجاري، حجم مشتريات الحكومة للأجهزة الطبية الأوروبية، رداً على فرض الاتحاد الأوروبي قيوداً مماثلة على المعدات الطبية الصينية في يونيو/حزيران. والأهم من ذلك، على الأرجح، عززت الصين خلال العام الجاري ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة والمعادن الحيوية، وقد اتهمت رئيسة المفوضية الأوروبية، فون دير لاين، بكين باستخدام "الاحتكار شبه المطلق" في السوق العالمية لهذه المعادن كسلاح لتقويض المنافسين في الصناعات الحيوية. وتشعر أوروبا بحالة إحباط جراء تهديد صناعاتها أمام البضائع الصينية الرخيصة والمدعومة، إذ بلغ العجز التجاري مع الصين العام الماضي 305.8 مليار يورو (360 مليار دولار)، وقد تضاعف خلال تسع سنوات فقط. وفي مقابلة سابقة مع صحيفة داعمة للحكومة الصينية تُدعى "ذا بيبر"، انتقد سفير الصين لدى الاتحاد الأوروبي، تساي رون، موقف الاتحاد الأوروبي الذي يصف الصين بأنها "شريك للتعاون، ومنافس اقتصادي، وخصم منهجي". وأضاف: "التصنيف الثلاثي للاتحاد الأوروبي للصين يشبه إشارة مرور تضيء بالأخضر والبرتقالي والأحمر في آن واحد، فهو توصيف لا ينظم الحركة فحسب، بل يخلق صعوبات وعرقلة".


شفق نيوز
منذ 3 أيام
- شفق نيوز
في مصر، هل أطاحت المخابرات المركزية بالملك فاروق في يوليو 1952؟
قد يبدو السؤال مريباً بالنسبة لأنصار الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، الرجل الأقوى في حركة الضباط الأحرار التي غيّرت وجه مصر إلى الأبد في ذلك اليوم الشهير من شهر يوليو/ تموز 1952. لكن كتاباً صدر في لندن قدّم في إطار سرده لقصة التنافس الأمريكي البريطاني على المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، قصة علاقة الجاسوس الأمريكي الشهير كيم روزفلت مع الضبّاط الأحرار، وكيف التقى بمجموعة منهم في قبرص. كان ذلك قبل أشهر من الإطاحة بالملك فاروق، الذي لطالما كان يردد قبل رحلته الأخيرة من الإسكندرية إلى إيطاليا بعد الانقلاب عليه "أن ملوك العالم لن يبقى منهم سوى ملوك ورق الكوتشينة الأربعة وملك بريطانيا". الكتاب الذي ألّفه المؤرخ البريطاني الشاب جيمس بار بعنوان " Lords of the Deserts" (سادة الصحراء) يرسم خريطة معقدة للمنطقة العربية وإيران خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات وصولاً إلى أوائل الستينيات. ويسلط بار الضوء من خلال الوثائق البريطانية والأمريكية التي بحث فيها خلال تأليفه الكتاب، على صراع النفط بين أرامكو السعودية-الأمريكية وشركة النفط البريطانية الإيرانية، وكيف ورّطت لندن حليفتها وخصمها في آن واحد، واشنطن، في عملية "أجاكس" الشهيرة التي أطاحت برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدّق وثبّتت حكم شاه إيران آنذاك، محمد رضا بهلوي، عام 1953. إذاعة صوت العرب ويحضر عبد الناصر بقوة في صفحات الكتاب، فقد ظهر أولاً كحليف لواشنطن وخصماً للندن، ثم عدواً لكليهما. ويتضمن الكتاب شرحاً مع سرد لقصص من تلك المرحلة عن لعبة المساومة التي احترفها الزعيم المصري الراحل بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وكيف عوضته الأخيرة عن صفقة سلاح بتقديم هدية، هي إذاعة "صوت العرب" التي استخدمت لبث الدعاية السياسية لنظامه إلى المنطقة بأسرها مترافقة مع أغنيات أم كلثوم. من القصص التي يرويها الكتاب كيف التقى الجاسوس روزفلت وضابط وكالة الإستخبارات الأمريكية الآخر مايلز كوبلاند بعبد الناصر في بيته من أجل تخفيف حدة التوتر مع إسرائيل، وبينما هما في طور الحديث مع مضيفهما، جاء خبر زيارة السفير البريطاني في القاهرة للزعيم، وهنا اضطر الرجلان للصعود إلى الطابق العلوي، ومازح كوبلاند شريكه روزفلت بالقول: "سيكون من الممتع أن نرى ردة فعل السفير البريطاني ونحن نقاطع جمال عبد الناصر لنقول له إن المرطبات في الأعلى قد نفدت". ومن بين ما يذكره بار في كتابه، أن اللمسات الأخيرة للانقلاب الأمريكي البريطاني على رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق وضعت في فندق سان جورج على الساحل الغربي للعاصمة اللبنانية بيروت، كذلك هوية من شاركوا في الانقلاب، وكيف جرى التدبير له وما سبقه من مفاوضات حول الاتفاقية الإيرانية البريطانية حول حصص النفط، وقول أحد رؤساء شركة النفط الإيرانية البريطانية لدى سؤاله عما يمكن التنازل عنه للإيرانيين: "إذا ما أعطيتم الإيرانيين شبراً فهم سيأخذون ميلاً". تأسيس إسرائيل في الفصول الأولى يعود بار إلى مرحلة التأسيس لإسرائيل، وتأثير الانتخابات الداخلية في أمريكا على القرار النهائي بشأن دعم قيام دولة لليهود. في هذا الإطار ينقل الكاتب نوعاً من التردد البريطاني للمضي قدماً بوعد بلفور كما هو، وهو أمر عززه تقرير أمني وصل إلى الوزير البريطاني المقيم ريتشارد كايسي حول تصالح جماعة الهاغانا اليهودية مع العصابات الأخرى تمهيداً لتأسيس دولة يهودية على أرض فلسطين التاريخية. هذا الأمر دفع بكايسي لتحذير لندن في عام 1943 من أن المنطقة مُقدمة على صراع عنيف لم تشهده من قبل بمجرد أن تنتهي الحرب العالمية، أو ربما بعد ذلك بأشهر قليلة. سعى كايسي لتوحيد الجهود الأمريكية البريطانية للخروج ببيان موحد يؤكد رفض تبني خطة ديفيد بن غوريون لدولة أمر واقع، وهو أمر كاد أن يحصل لولا تلكؤ رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرتشل، ووزير خارجيته، أنتوني إيدن، اللذين لم يرغبا بذلك. وبعد أن أقنع كل من الوزير البريطاني المقيم تشرشل وإيدن بضرورة إصدار بيان مشترك، جرى الاتفاق مع الأمريكيين على ذلك، وحُدّد يوم 27 تموز/ يوليو لذلك، لكن حماس مسؤولي البلدين خفت لحظة الإعلان المقرر، وضاعت جهود كايسي التي امتدت ستة أشهر سدى. تداخل أحداث المنطقة وكما كان الملك فاروق متيقناً في البداية من أن حكمه سيأتي إلى نهايته في لحظة ما قريباً، فإن بريطانيا بدت بدورها متحسبة لانتهاء الدور، مما أجج صراعها مع الولايات المتحدة، ودفع مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، وندل ولكي، للقول "إن الزمن الاستعماري أصبح من الماضي". في تلك المرحلة بدت بريطانيا، بحسب الكتاب، كمن يصارع القدر لا سيما مع الترابط الذي بدا جلياً بين تأميم مصدق في إيران للنفط في العام 1951 وطلبه خروج الموظفين البريطانيين من ميناء عابدان الإيراني، وتحرك البرلمان المصري لتعديل اتفاقية 1936، حيث عبّر تشرشل عن الوضع بالقول إن أزمة السويس هي "لقيطة الحالة الإيرانية". في فصل تحت عنوان "التخلص من عبد الناصر" يوصّف بار حالة الحنق التي وصل إليها رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن إلى حد طلبه من الوزير أنتوني نوتينغ بصيغة واضحة اغتيال عبد الناصر لا مجرد عزله أو محاصرته. ويشرح الكاتب أهمية قناة السويس بالنسبة لبريطانيا، حيث ينقل عن إيدن قوله عنها في العام 1929 "إنها حلقة وصل في الدفاع عن الإمبراطورية وبوابتها الخلفية"، ولذلك فإن خسارتها ستكون كارثة بالنسبة للبريطانيين، وهو ما كان بالنسبة لعبد الناصر هدفاً. لكن عبد الناصر لم يكن خصماً للبريطانيين فقط، بل للكثيرين من جيرانه العرب، يروي الكتاب كيف نصح رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد نظيره البريطاني إيدن خلال زيارة إلى 10 دواننغ ستريت في لندن بضرب عبد الناصر. قال السعيد: "اضربه، اضربه بقوة الآن وإلا سيفوت الأوان، وعندما يصبح وحيداً سيجهز علينا جميعاً". لكن نوري السعيد لن يطيل المكوث، إذ إن ضابطاً في الجيش العراقي، هو عبد الكريم قاسم، سيطيح به وبالنظام الملكي في انقلاب عسكري في 14 يوليو/تموز 1958. وبحسب بار فإن هذا الانقلاب شكل أيضاً ضربة أخرى للندن بعد تأميم قناة السويس قبل عامين. يستعرض الكتاب أيضاً محاولة انقلاب سعودية فاشلة في سوريا ضد عبد الناصر، كانت واشنطن قد حذرت الرياض من مخاطرها. يروي بار في فصل بعنوان "عام الثورات" كيف أن وزير داخلية الجمهورية العربية المتحدة، عبد الحميد السرّاج، كشف لعبد الناصر تلقيه مليوني جنيه إسترليني مقابل تنفيذه انقلاباً على الوحدة المصرية السورية، مع وعد بدفع مليونين إضافيين في حال إغتيال عبد الناصر. وفي واشنطن كان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يتحدث بأسف عن تحذيره للسعوديين، خاصة وأن المحاولة شكّلت ضربة لواشنطن التي تأثرت بشكل سلبي بحكم علاقتها مع الرياض، وهو الأمر الذي أدى لاحقاً إلى تقدم ولي العهد، الأمير فيصل، لتولي أمور البلاد. يختم الكاتب في هذا الإطار: "بحلول 1959، كانت وظيفة (الملك) سعود تقتصر على توزيع المساعدات، وتوقيع أوراق الإعدام، وبعض الأوراق الرسمية الأخرى".