
هل من مخاوف من تفويت لبنان 'فرصة العمر'؟
كتب شارل جبور في 'نداء الوطن':
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال القمة الخليجية الأميركية في العاصمة السعودية أن 'لدى لبنان فرصة حقيقية لمستقبل خالٍ من 'حزب الله'، وفرصة لبنان تأتي مرة في العمر ليكون مزدهراً'. والفرصة بعلم السياسة، هي المومنتم الذي لا يجب إضاعته، والمومنتم الحالي لا يوصّف حتى بالمثالي، كونه أكثر من مثالي، إذ من كان يتوقّع حصول الانهيارات كلها دفعة واحدة، بدءاً من إيران، وصولاً إلى أذرعها، وما بينهما أن يطوّق 'حزب الله' في الداخل جغرافياً ووطنياً وسياسياً؟
وما يجب تأكيده بداية ، أن هدر الفرصة الذهبية، لا سمح الله، لا يعني العودة بلبنان إلى ما قبل 'حرب الإسناد'، فهذه العودة ممكنة فقط بأحلام 'حزب الله' وتمنياته، ولكن على أرض الواقع الزمن الماضي مضى إلى غير رجعة، والحمد لله، انطلاقاً من اللاءات التالية:
لا إسرائيل في وارد إعادة ترك 'حزب الله' يراكم قوته من جديد، وما تقوم به يومياً بقتل كوادره، منذ وقف الحرب في 27 تشرين الثاني، مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، لن يتوقّف، وهو لا يجرؤ على الرد كونه لا يستطيع الردّ.
ولا سوريا الشرع في وارد التساهل مع محاولات عبور الحرس الثوري من أراضيها إلى لبنان من أجل مده بالمسلحين والسلاح، والرئيس الشرع ليس بحاجة إلى توصية من الأميركيين لمنع تواجد الحرس و'حزب الله' في سوريا، فهو كأن أول من طرد ميليشيات إيران انتقاماً على ما ارتكبته بحق الشعب السوري.
ولا الولايات المتحدة ستسمح لإيران باستعادة دورها الخارجي المزعزع لاستقرار المنطقة، والإدارة الترامبية تضع جهودها كلها لإقفال ملفات النزاع مع طهران في حدود أشهر قليلة: النووي، الدور والصواريخ الباليستية.
ولا الدولة اللبنانية التي أصبحت أقوى من 'الحزب' ستتهاون مع أي أمر واقع عسكري يحاول فرضه أو اللجوء إليه، وواقعة إقفال طريق المطار أكبر دليل أنه لم يعد باستطاعته إقفال مجرّد طريق.
وعليه، فإن المقصود بهدر الفرصة التاريخية والذهبية ليس العودة إلى ما قبل 'حرب الإسناد'، إنما استمرار حالة المراوحة الوطنية والسياسية والمالية والاقتصادية والاستثمارية، وهذه الحالة مرشحة للاستمرار في ظل حلقة مقفلة ناتجة عن رفض مثلّث: رفض المجتمع الدولي مساعدة لبنان قبل احتكار الدولة وحدها للسلاح، رفض الدولة بسط سيطرتها بالقوة على رغم تأكيدها المستمر على ضرورة بسط سلطتها على كامل أراضيها، ورفض 'حزب الله' إنهاء مشروعه المسلّح على رغم انسداد أفق استخدام سلاحه إقليمياً ومحلياً.
والمؤسف في هذا المشهد، أن المنطقة دخلت في عصر جديد ومرحلة جديدة، فيما لبنان ما زال خارج هذا المشهد، والخشية هذه المرة ليست من عودة عقارب الساعة إلى الوراء، فلا عودة بتاتاً إلى الوراء، إنما من المراوحة في الفشل وعدم التقدُّم إلى الأمام، ويرتكب 'حزب الله' على هذا المستوى جريمة إضافية بحقّ اللبنانيين عموماً وبيئته خصوصاً، بسبب تمسكه بسلاح فقد دوره وصلاحيته، ويتحمّل مسؤولية الخروقات الإسرائيلية واستهدافه المتواصل، من دون أن تكون له القدرة على الردّ عليها وحتى الدفاع عن نفسه، وهذا الوضع، مرشّح للاستمرار إلى أن تبسط الدولة سلطتها، وما لم تبادر إلى بسط سلطتها يعني أن لا مساعدات ولا وقف للضربات الإسرائيلية، فتكون المنطقة انتقلت إلى حقبة الاستقرار، وبقي لبنان وحيداً بؤرة غير مستقرة، والفارق هذه المرة عن المرات السابقة، أنها ساحة معزولة وغير قادرة على التأثير على الساحات الأخرى، أي أن ضررها يرتد على اللبنانيين حصراً.
وانطلاقاً من ذلك، فلا المبالغة في التشاؤم صحيحة، ولا المبالغة في التفاؤل دقيقة، إنما البقاء في دائرة المراوحة طالما أن 'حزب الله' لم يبادر إلى إعلان نهاية مشروعه المسلّح، وطالما أن السلطة لم تبادر إلى إبلاغه بضرورة إنهاء هذا المشروع ضمن فترة زمنية محددة، وإلا ستضطر إلى استخدام القوة معه، ولكن ما هو غير معروف بعد يكمن في التساؤلات التالية: هل ينتظر 'الحزب' الإشارة الإيرانية ليتخلى عن سلاحه؟ وماذا لو أرادت طهران أن يُبقي على سلاحه؟ وهل يراهن أن الدولة لن تجرؤ على نزعه بالقوة؟ ولماذا يتخلى عن سلاحه إذا لم يشعر أن الدولة عازمة على نزعه بالقوة؟ وبالمقابل، هل رفض السلطة وضع جدول زمني لإنهاء السلاح غير الشرعي مرده إلى رهانها على المفاوضات بين واشنطن وطهران وما سترسو عليه؟أم أنها تراهن على القضم التدريجي للدولة الذي سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى بسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية؟
ما لا يفترض إغفاله، أن من يربح في الإقليم يربح في لبنان، وبما أن 'حزب الله' هُزِم في الإقليم، فإن نهاية دوره المسلّح في لبنان باتت مسألة وقت لا أكثر، خصوصاً أن الوضع في المنطقة يشهد تحولاً معاكساً للمسار الممانع السابق، ولن تنفع طويلاً محاولات 'الحزب' فصل لبنان عن المنطقة أو عزله عنها، فيما العزلة الحقيقية الداخلية والخارجية تصيب 'الحزب' نفسه وليس لبنان، الذي أعاد ترميم جسور علاقاته مع الغرب والشرق.
إن 'فرصة العمر' التي تحدّث عنها الرئيس الأميركي تحقّقت مع زوال مشروع الممانعة الذي تقطّعت أوصاله، ولا حياة لدور 'حزب الله' طالما أن مشروعه الإقليمي انتهى، ولكن السؤال الذي لا بدّ من طرحه: هل ستسهِّل هذه المجموعة 'فرصة العمر' لعودة لبنان سويسرا الشرق، أم ستعرقلها؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ ساعة واحدة
- سيدر نيوز
الاتحاد الأوروبي 'يوافق مبدئياً' على رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا
أعطت دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء، الضوء الأخضر لرفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا في محاولة لدعم تعافي دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد، بحسب ما أفاد مصادر دبلوماسية. ولم يُوافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رسمياً على هذه الخطوة بعد، والذين سيجتمعون في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء. تهدف هذه الخطوة إلى مساعدة حكام سوريا في الفترة الانتقالية على إعادة بناء البلاد بعد حرب طويلة. وصرح مسؤولون بأن هذا الإجراء قد يُعاد فرضه إذا لم يحترم القادة السوريون حقوق الأقليات ويتجهوا نحو الديمقراطية. تأتي مبادرة الاتحاد الأوروبي عقب إعلان الرئيس ترامب الأسبوع الماضي رفع واشنطن جميع عقوباتها المفروضة على سوريا. وأشارت المصادر الى أن سفراء الدول الـ27 الأعضاء في التكتل القاري توصلوا إلى اتفاق مبدئي بهذا الشأن، ومن المتوقع أن يكشف عنه وزراء خارجيتها رسميا في وقت لاحق اليوم الثلاثاء. وجاء قرار الاتحاد الأوروبي بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي رفع واشنطن عقوباتها عن سوريا. وتطالب الحكومة السورية بتخفيف العقوبات الدولية المفروضة. وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إن الاتفاق من شأنه أن يؤدي إلى وضع حد لعزلة البنوك السورية عن النظام العالمي وإنهاء تجميد أصول البنك المركزي. ومن المقرر الإبقاء على إجراءات أخرى تستهدف نظام الأسد وتحظر بيع الأسلحة أو المعدات التي يمكن استخدامها لقمع المدنيين. تأتي هذه الخطوة الأخيرة من الاتحاد الأوروبي بعد خطوة أولى في شباط/فبراير تم فيها تعليق بعض العقوبات على قطاعات اقتصادية سورية رئيسية. وكانت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، قد أعربت يوم الثلاثاء عن أملها في أن يتوصل الوزراء المجتمعون في بروكسل إلى اتفاق بشأن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا. وقالت كالاس للصحفيين قبل الاجتماع: 'فيما يتعلق بسوريا، آمل أن نتفق على رفع العقوبات الاقتصادية اليوم'، محذرة من أن أوروبا إما أن تمنح سوريا فرصة الاستقرار أو تخاطر بالوصول إلى وضع مشابه لما حدث في أفغانستان. وقال مسؤولون إن الوزراء يدرسون قرارًا سياسيًا برفع العقوبات الاقتصادية مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، واتخاذ تدابير ضد منتهكي حقوق الإنسان. وأفاد دبلوماسيون بأن السفراء توصلوا إلى اتفاق أولي صباح الثلاثاء بشأن الاتفاق السياسي لرفع العقوبات الاقتصادية، مشيرين إلى أن القرار النهائي يعود للوزراء. وقالت كالاس: 'من الواضح أننا نريد أن تكون هناك وظائف وسبل عيش للشعب (في سوريا)، حتى تصبح دولة أكثر استقراراً'. يأتي هذا التحول في سياسة الاتحاد الأوروبي بعد أن صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي بأنه سيأمر برفع العقوبات عن سوريا. وقد خفّف الاتحاد الأوروبي بالفعل العقوبات المتعلقة بالطاقة والنقل وإعادة الإعمار، بالإضافة إلى المعاملات المالية المرتبطة بها، إلا أن بعض العواصم جادلت بأن هذه الإجراءات لم تكن كافية لدعم التحول السياسي والتعافي الاقتصادي في سوريا. مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
زيارة عباس لبيروت...ما له وما عليه
في بيروت، يحطّ غداً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في زيارة تستمر ثلاثة ايام، يلتقي في خلالها رؤساء الجمهورية العماد جوزاف عون، مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام، في اطار جولة تقوده الى عدد من الدول العربية والأجنبية، في توقيت حساس ودقيق تتم خلاله اعادة رسم خريطة المنطقة بأصابع اميركية وتنسيق عربي- خليجي. زيارة عباس الاولى للبنان في عهد الرئيس جوزاف عون، بعدما زاره للمرة الاخيرة في العام 2017، تكتسب اهمية خاصة من زاوية تزامنها مع رفع شعار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، المعني به ليس حزب الله وحده، انما كل فريق مسلح على الاراضي اللبنانية وفي مقدمه الفصائل الفلسطينية في المخيمات، بعدما تسلّم الجيش اللبناني كل مواقع حركة "فتح – الانتفاضة" و"الجبهة الشعبية" - "القيادة العامة" المُسلحة في الناعمة والبقاع، على اثر اندحار النظام السوري الأسدي، ولم يعد من سلاح فلسطيني خارج المخيمات. وقد تم التأكيد على إنهاء هذا الملف خلال اجتماع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، مع هيئة العمل الوطني الفلسطيني، في كانون الثاني الماضي. وتأتي الزيارة في ظل الحرب الاسرائيلية على غزة التي شكلت موضع ادانة في القمة العربية ابان انعقادها يوم السبت الماضي في العراق، علما ان توقيتها وتنسيقها تم بين الرئيس جوزاف عون وعباس خلال لقائهما في قمة القاهرة الطارئة في اذار الماضي. وفيما تمنح اكاديمية هاني فحص للحوار والسلام الرئيس الفلسطيني جائزة "صناع السلام" تقديرا لدوره في إرساء المصالحة اللبنانية الفلسطينية، برعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، مساء الخميس المقبل ، يعرض عباس مع المسؤولين بحسب معلومات "المركزية" الملفات ذات الاهتمام المشترك لا سيما تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة ولبنان، وسبل المواجهة، وطبيعة المرحلة المقبلة في المنطقة بعد زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب ونتائجها وتداعياتها، الى جانب البت في ملف السلاح في داخل المخيمات ووجوب ايجاد حل سريع لضبطه، خصوصا في ظل القرار المتخذ بتسليم سلاح حزب الله للقوى الشرعية او وضعه تحت أمرة وسيطرة الجيش، ما يوجب حتماً انهاء السلاح الفلسطيني، بطريقة سلمية بعيدا من اي مواجهات مع الجيش اللبناني، انما بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المختصة وتحديدا سفارة فلسطين في لبنان وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" و"تحالف القوى الفلسطينية" والقوى الإسلامية. وبحسب المعلومات سيعيد عباس التأكيد على مواقفه المعهودة لجهة اعتبارالفلسطينيين ضيوفا على الأراضي اللبنانية، يلتزمون بالقوانين اللبنانية ويحترمون السيادة، وفي المقابل وجوب تأمين الحقوق المعيشية والاجتماعية والمدنية، وحق العمل والتملّك للاجئين الفلسطينيين في لبنان. الجدير ذكره ان المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد منذ نحو اسبوعين، برئاسة الرئيس عون، أصدر للمرة الاولى، تحذيرًا علنيًا وواضحًا لحركة المقاومة الفلسطينية "حماس" من استخدام الأراضي اللبنانية لتنفيذ أعمالً تمس بالأمن القومي اللبناني. وهدد المجلس باتخاذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية. نجوى ابي حيدر -المركزية انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
الكهرباء الأردنية والغاز المصري: الطريق إلى لبنان غير آمن
منذ عام 2022 ينتظر لبنان انفراجات أميركية تعفي عملية نقل الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، من تداعيات العقوبات المفروضة على نظام بشار الأسد، باسم قانون قيصر. إذ من المفترض أن تساهم الإمدادات المنتظرة، في زيادة ساعات الكهرباء. ومع أنّ العقود بين الدول الأربعة المعنية بهذا الملف، وُقِّعَت بين مطلع ذلك العام وشهر حزيران منه، إلاّ أنّ عملية التنفيذ بقيت متوقّفة. ومع سقوط نظام الأسد، فَتَحَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب نافذة أمل برفع العقوبات عن سوريا، الأمر الذي بشَّرَ لبنان بإمكانية وصول الغاز والكهرباء إليه. لكن رغم ذلك، لا يزال الطريق غير آمن. مؤشّرات إيجابية شكَّلَ سقوط نظام الأسد فرصة لسوريا والدول المحيطة بها، لبناء شبكة علاقات اقتصادية تفيد جميع الأطراف. فالعراق يتطلّع إلى استئناف ضخ النفط وتوسيع مشاريعه لتشمل نقل الغاز ومد خطّ فايبر أوبتيك. في حين كان سقوط النظام فرصة لإبطال قانون قيصر، وتالياً استئناف العلاقات بين الأردن وسوريا وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وفي كانون الثاني الماضي، أكّد منتدى الاستراتيجيات الأردني على أنّ قانون قيصر "أثّر سلباً على حجم التبادل التجاري وأعاق تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة". وبالتالي، فإن المؤشّرات الإيجابية المرتبطة برفع العقوبات "ستساهم في تعزيز التجارة ودعم إعادة الإعمار وتطوير قطاعات حيوية مثل النقل، والصناعة، والخدمات اللوجستية". ومن المؤشّرات الأخيرة على تفعيل العلاقات بين البلدين، وافق مجلس الوزراء الأردني على الإطار العام لإنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين الأردن وسوريا. وعلى المستوى المحلّي، لا يخفي لبنان أهمية الهدوء في المنطقة وتداعيات تحرُّر سوريا من مفاعيل قانون قيصر، فسوريا هي المحطّة الأساسية التي سيمرّ عبرها النفط العراقي والكهرباء الأردنية والغاز المصري إلى لبنان. معوّقات المشروع يكتسب وصول الغاز والكهرباء إلى لبنان أهمية خاصة لأنّ الانتظار طال 3 سنوات حتّى الآن، في حين أنّ الفيول العراقي بالكاد يؤمِّن نحو 6 ساعات من الكهرباء يومياً، بعد أن كانت التغذية تتراوح في معظم المناطق بين 12 و18 ساعة يومياً قبل العام 2019. كما أنّ زيادة التغذية بالكهرباء، سواء الآتية مباشرة من الأردن، أو الموَلَّدة في معمل دير عمار بواسطة الغاز الآتي من مصر، ستخفّف الأكلاف على المواطنين وأصحاب المؤسسات، ما يعني تعزيز النشاط الاقتصادي. لكن الأمور لا تجري بسهولة. فاستجرار الكهرباء والغاز ينتظر إقرار رفع العقوبات بصورة نهائية، وينتظر أيضاً استكمال السلطات اللبنانية إجراء الإصلاحات المطلوبة كشرط من البنك الدولي لإعطاء قرض بقيمة 270 مليون دولار لتمويل استجرار 650 مليون متر مكعب سنوياً من الغاز المصري و250 ميغاواط من الكهرباء الأردنية. ومن الإصلاحات، تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء وتحسين الجباية ووقف التعدّي على الشبكة، وهي إصلاحات لم تطبَّق حتى الآن، ما يعرقل موافقة البنك على القرض. وتعليقاً على ذلك، رأى الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أنّ "رفع العقوبات عن سوريا لا يتم بكبسة زر، بل يحتاج إلى فترة طويلة. كما أنّ هذه العملية قد تكون تدريجية وليست دفعة واحدة. لكن في جميع الحالات، فإنّ "رفع العقوبات يخلق مجالات تعاون كبيرة بين لبنان والدول المحيطة، خصوصاً مع سوريا. لكنه يخلق أيضاً مجالات للتنافس، لا سيّما عندما تبدأ عملية إعادة الإعمار في سوريا، إذ ستجذب الاستثمارات إلى هناك". وبالنسبة إلى عجاقة، إنّ المشاريع المرتبطة برفع العقوبات على سوريا "ستظهر مفاعيلها بعد سنة أو سنتين من القرار". ولذلك، قد تتأخّر عملية توريد الكهرباء والغاز إلى لبنان. وربط هذه العملية بالترتيبات السياسية في المنطقة، ليس مفاجئاً، بل جاء مواكباً للحديث عن العملية قبل 3 سنوات. ففي آذار 2022 أكّدت السفيرة الأميركية السابقة في لبنان، دوروثي شيا، خلال لقائها مع وزير الطاقة السابق وليد فيّاض، أنّ أميركا تتمسّك بـ"صفقات الطاقة الإقليمية التي تتقدّم باستمرار"، لكنّ الصفقات "عملية طويلة ومعقّدة". طريق الغاز والكهرباء إلى لبنان لا يزال غير آمنٍ. فهناك شرطان لم يُنجزا بعد، الاستقرار الكامل في سوريا ورفع العقوبات عنها، فبهذه العملية، تكون الأنابيب محمية من الأعمال التخريبية، وتتفادى الأردن ومصر عقوبات لخرقهما قانون قيصر، وكذلك يكون لبنان في الضفّة الآمنة من هذا القانون. وبالتوازي، يتعلّق شرط الإصلاحات بمدى جدية السلطات اللبنانية فتح صفحة جديدة في هذا البلد، وهو ما تحاول الحكومة الحالية القيام به من خلال بعض الخطوات الإصلاحية. ولذلك، فإنّ عامل الوقت أساسيّ، وضاغط في الوقت عينه، لكن وزير الطاقة جو الصدّي متفائل، فأعلن في آذار الماضي "بدء العمل على تشكيل الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء، بعد مرور 23 سنة على إقرارها، والعمل على تشكيل مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، وإطلاق حملة لمكافة التعديات قريباً، وتطبيق سياسة تشجيعية، بحيث أنّ المناطق التي تتجاوب مع معالجة التعديات ستستفيد من ساعات تغذية إضافية". خضر حسان- المدن انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News