هل أنظمة الذكاء الاصطناعي متحيزة؟
تثير المعرفة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي تساؤلات عميقة حول طبيعتها ومصدرها ومدى حياديتها.
الذكاء الاصطناعي، بقدرته على تحليل البيانات الضخمة واستخلاص رؤى دقيقة، أداة قوية لتعزيز القرار الاقتصادي، كما في اكتشاف الاحتيال المالي أو بعض التطبيقات في تحديد اتجاهات الأسواق.
سؤالنا الأساسي اليوم: هل هذه المعرفة محايدة موضوعياً، أم أنها مشبعة بتحيزات المطورين، والأطر الثقافية والمصالح الاقتصادية التي صيغت فيها؟
نظرياً، المعرفة في الأسواق موزعة ومحلية، وتنشأ من قرارات الأفراد بناء على سياقاتهم الخاصة، والذكاء الاصطناعي وفق هذا المبدأ، يجمع بيانات متناثرة ويحولها إلى معرفة قابلة للاستخدام، كما في تحليل سلوك المستهلكين لتحسين إستراتيجيات التسويق.
ندرك أن المعرفة هي نتائج عفوية لتفاعلات الأفراد، لكن المعرفة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي ليست عفوية، بل مصممة، فالخوارزميات تبرمج من مطورين يختارون البيانات التي تغذي النماذج، والمعايير والأهداف التي تحققها، هذا التصميم يدخل في تحيزات محتملة، سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة.
على سبيل المثال، إذا استخدمت بيانات تاريخية تحتوي على تمييز عنصري أو جنسي لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي، فقد يعيد النموذج إنتاج هذه التحيزات، كما حدث في بعض أنظمة التوظيف الآلية التي فضلت مرشحين ذكورا بناء على أنماط بيانات سابقة، وهذا ما يؤكد مقولة إن المعرفة ليست "حرة" أو محايدة، بل مشروطة بالقرارات البشرية التي سبقتها، ما يحد من قدرتها على تمثيل الواقع بشكل كامل.
يمكن رؤية هذا الارتباط في كيفية سيطرة الشركات التكنولوجية الكبرى على تصميم الخوارزميات والبيانات، هذه الشركات، بمواردها الهائلة، تملك القدرة على تشكيل المعرفة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي لخدمة مصالحها الاقتصادية أو الأيديولوجية.
من منظور اقتصادي، تؤثر مسألة حيادية المعرفة في كفاءة الأسواق وعدالتها، إذا كانت المعرفة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي متحيزة، فقد تؤدي إلى تخصيص غير فعال للموارد بين الأفراد والدول، كما في استبعاد عملاء مؤهلين من الخدمات المالية بناءً على معايير متحيزة.
موضوعا الكفاءة والعدالة في المعرفة إذا لم يمثلا الواقع، فسيؤديان إلى عدم الثقة بالأنظمة الذكية، ما يحد من اعتمادها ويقلل فوائدها الاقتصادية، على سبيل المثال، إذا شعر المستهلكون بأن توصيات الشراء على مواقع الإنترنت المدعومة بالذكاء الاصطناعي متحيزة أو استغلالية، فقد يترددون في التفاعل معها، ما يؤثر في المبيعات.
ولضمان حيادية المعرفة التي يولدها الذكاء الاصطناعي، ينبغي السعي نحو تصميم يتجاوز التحيزات البشرية من خلال ضمان تمثيل تنوع اجتماعي وثقافي في البيانات المستخدمة لتدريب النموذج، وإشراك مطورين من خلفيات متنوعة لتقليل التحيز، إضافة إلى ذلك تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي مفتوحة للتدقيق العام لتحديد التحيزات وتصحيحها بما يتماشى مع مبدأ العدالة، والسماح للذكاء الاصطناعي بالتقييم الذاتي لنفسه من أنظمة أخرى مستقلة، ووضع إطار أخلاقي يضمن أن إنتاج المعرفة يخدم المصلحة العامة.
وفي الختام: المعرفة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي ليست محايدة بطبيعتها، إنها انعكاس للقرارات والبيانات المختارة، والسياقات الاقتصادية والاجتماعية التي تشكلها أو صيغت فيها. فلنوحد جهودنا العالمية لوضع إطار أخلاقي دولي يضمن عدالة المعرفة، ويحتضن تنوع البشرية، ويعزز التقدم العادل لعالمنا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
إطلاق اشتراك مدفوع للشركات بوكيل مانوس الصيني
أطلقت منصة وكيل الذكاء الاصطناعي مانوس (Manus) الصيني، يوم الثلاثاء، اشتراكًا مدفوعًا يستهدف الشركات والمؤسسات الصغيرة وفرق العمل. ويحمل الاشتراك اسم "Manus Team"، ويبدأ من 39 دولارًا شهيرًا للعضو الواحد بالفريق بحد أدنى خمسة أعضاء، أي أنه يعادل 195 دولارًا للشركة الواحدة، بحسب منشور لمانوس على منصة إكس (تويتر سابقًا). ويحصل كل فريق على رصيد بـ 19,500 نقطة ويمكن مشاركته ضمن المجموعة، ويمكن لكل عضو بالفريق العمل على ما يصل إلى مهمتين في وقت واحد. ويمكن إنفاق هذا الرصيد على المهام التي يتم تكليف وكيل الذكاء الاصطناعي بها، وتستهلك المهام التي تتطلب وقتًا أطول رصيدًا أكبر قد يصل إلى الآلاف، بحسب تقرير لموقع "TechCrunch" المتخصص في أخبار التكنولوجيا، اطلعت عليه "العربية Business". وأطلق "مانوس"، الذي انتشر على نطاق واسع في مارس، اشتراكًا وعروض أخرى في الأسابيع الأخيرة، بالإضافة إلى تطبيق للهاتف. وجمعت شركة "Butterfly Effect" الناشئة التي تقف وراء منصة وكيل الذكاء الاصطناعي "مانوس" مؤخرًا 75 مليون دولار في جولة تمويلية بقيادة شركة بينشمارك الأميركية، مما رفع تقييم الشركة إلى 500 مليون دولار. وتهدف الشركة إلى التوسع في طرح "مانوس" في أسواق جديدة تشمل اليابان والشرق الأوسط، وتعتزم الشركة الاستمرار في تحسين نماذج الذكاء الاصطناعي التي تشغل منصتها، حيث يستخدم وكيل مانوس حاليًا بشكل رئيسي نموذج "Claude 3.7 Sonnet" من شركة أنثروبيك، بالإضافة إلى نسخ مخصصة من نموذج "Qwen" التابع لشركة علي بابا الصينية.


مجلة سيدتي
منذ 2 ساعات
- مجلة سيدتي
السعودية تحقق المركز الثاني على دول مجموعة العشرين في مؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية الدولي
حققت السعودية إنجازًا استثنائيًا جديدًا بحصولها على المركز الثاني على دول مجموعة العشرين في مؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية"ICTRegulatory Tracker" الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2024. ويأتي هذا الإنجاز تأكيدًا على مدى تقدم تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية في السعودية وتعزيز الابتكار التنظيمي، وإرساء بنية تحتية رقمية متطورة، وتطبيق أدوات تنظيمية فاعلة لسوق الاتصالات والتقنية، بالإضافة إلى التزامها بتوفير بيئة تنظيمية جاذبة ومحفزة للاستثمار ونمو الاقتصاد الرقمي ما يعزز من مكانة السعودية قوة تنظيمية رائدة على المستوى الدولي. الهدف من مؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات والتقني وأوضحت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية السعودية أن المؤشر يهدف إلى دعم صناع القرار والهيئات التنظيمية في مواكبة تطورات هذا القطاع الحيوي، ويقيس تطور البيئة التنظيمية ل قطاع الاتصالات والتقنية في 194 دولة حول العالم ويرتكز على 50 معيارًا موزعة على أربعة محاور رئيسية هي استقلالية الجهة التنظيمية والصلاحيات التنظيمية والإطار التنظيمي وإطار المنافسة في القطاع، وفقًا لوكالة الأنباء السعودية. ويُعد هذا الإنجاز امتدادًا لعدد من النجاحات الدولية التي حققتها السعودية في قطاع الاتصالات والتقنية، وواصلت تعزيز مكانتها العالمية من خلال تحقيقها أعلى التصنيفات والمراكز المتقدمة، وحافظت على المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية للعام 2024 لعاميين متتاليين، إضافة لتحقيقها المركز الثاني ضمن مجموعة العشرين في مؤشر البنية التحتية للاتصالات TII الصادر عن الأمم المتحدة. تابعوا المزيد: حجم سوق الاتصالات والتقنية في السعودية ووفقًا لهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية فإن حجم سوق الاتصالات والتقنية في المملكة وصل إلى 180 مليار ريال خلال عام 2024 ، وبنسبة نمو سنوي مركب بلغت 7.5% خلال السنوات الخمس الماضية. كما بلغ وسيط سرعة الإنترنت المتنقل إلى 129 ميجابت في الثانية، مما يجعل المملكة تحتل المرتبة الرابعة على مستوى دول مجموعة العشرين لعام 2024، كما بلغت اشتراكات الاتصالات المتنقلة 68.2 مليون اشتراك بنسبة نمو سنوي وصلت 7%، كما بلغ حجم سوق الفضاء في عام 2024 ما يقارب 7.1 مليارات ريال، وفق مدير عام التنظيمات بهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية المهندس ثامر الخويطر.


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
لبناء وكلاء للذكاء الاصطناعي في البحث والابتكارسدايا تحتفي بالمشاركين في "آيسف 2025" وتمنحهم برنامجًا تدريبيًا خاصًا
احتفت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" اليوم بالمشاركين في المعرض الدولي للعلوم والهندسة "آيسف 2025" من أبناء وبنات الوطن الموهوبين تقديرًا لتفوقهم في هذا المحفل العلمي العالمي, الذي يُعد من أبرز الملتقيات الدولية في مجال البحث والابتكار، ودعمهم في المجالات العلمية التي تعود بالنفع لصالح الوطن, وذلك بحضور معالي رئيس مكتب إدارة البيانات الوطنية في "سدايا" الأستاذ الربدي بن فهد الربدي، وأمين عام مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) الدكتور خالد بن محمد الشريف. وألقى معالي الأستاذ الربدي بن فهد الربدي كلمة خلال الحفل عبّر فيها عن فخره بهذه المنجزات التي حققها أبناء وبنات الوطن، مبينًا أن ما تحقق هو ثمرة الدعم السخي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- الذين جعلوا من التعليم، والموهبة، والابتكار ركائز أساسية لرؤية المملكة 2030. وأوضح أن هذا التميز يعكس تكامل الجهود الوطنية، والشراكات الإستراتيجية بين مؤسسة "موهبة"، ووزارة التعليم، وعدد من الجهات الوطنية، ومن بينها "سدايا"، التي تتبنى تمكين العقول الشابة بوصفه هدفًا وطنيًا ساميًا، مبينًا أن التميز العلمي هو أحد أعمدة النهضة الوطنية، وهو المحرك الحقيقي لاقتصاد البيانات، ومفتاح الريادة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وأن هذه الإنجازات ليست مجرد جوائز، بل نقاط قوة ترسم خارطة المستقبل، لمواهب وطنية ستكون في طليعة صُنّاع التغيير وقادة الابتكار في المملكة والعالم. وأكد معاليه التزام "سدايا" المستمر بتمكين العقول ودعم الابتكار وبناء القدرات الوطنية، حيث قامت بتدريب أكثر من 9900 مختص، ورفعت مستوى الوعي لدى أكثر من 740 ألف مهتم في المملكة، ويتم العمل من خلال مبادرة مليون سعودي للذكاء الاصطناعي (سماي) على تمكين مليون سعودي من مهارات الذكاء الاصطناعي، ليكون هذا الجيل هو من يقود المرحلة القادمة". ومن جهته أعرب الدكتور الشريف خلال كلمته عن اعتزازه بما حققه الطلاب والطالبات من جوائز مشرفة في "آيسف 2025"، مؤكدًا أن هذا الإنجاز الوطني ثمرة لرعاية المواهب والحرص المشترك بين الجهات المعنية على اكتشافها وتنميتها. وأعلن خلال الحفل عن تقديم "سدايا" برنامجًا تدريبيًا مخصصًا للطلبة المشاركين في ISEF 2025 لتزويدهم بالمهارات التطبيقية المتقدمة في أتمتة المهام البحثية بكفاءة ومسؤولية، ويمكنهم من بناء وكلاء ذكاء اصطناعي في البحث العلمي والابتكار، وفق تقنيات متقدمة وممارسات متبعة في كبرى الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية. ويأتي هذا البرنامج ضمن جهود "سدايا" في بناء القدرات الوطنية وتمكين العقول الواعدة، ودعم مسيرة الابتكار، واحتضان المواهب، بما يسهم في تطوير منظومة البحث العلمي وتعزيز جودة المخرجات المعرفية والتقنية في المملكة.