
عن حرب إيران... والإصلاحات في لبنان
أعدّ كبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي غربيس إيراديان تقريراً حول تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على اقتصادات دول المنطقة ضمنها لبنان. وفي مقابلة مع "نداء الوطن" أشار إلى أنه تم خفض توقعات النمو في لبنان نتيجة الحرب بسبب تأثيرها المباشر على القطاع السياحي وعمليات البناء والإعمار.
- أعددت أخيراً دراسة في معهد التمويل الدولي حول تأثير الحرب بين إسرائيل وإيران على اقتصادات الشرق الأوسط في ظل سيناريوين. ما هي الافتراضات الرئيسية لكلا السيناريوين؟
- السيناريوان هما كما يلي:
أ. في سيناريو الحرب المحدودة، ستظل الحرب محصورة في إسرائيل وإيران، وتستمر لعدة أسابيع أو أشهر دون أن تنجرّ إليها الولايات المتحدة الأميركية أو أي جهات فاعلة إقليمية أخرى. سيتكبّد كلّ من إسرائيل وإيران أضرارًا جسيمة. وفقًا لهذا السيناريو، يستمرّ تدفق إمدادات النفط عبر مضيق هرمز، الذي يحمل حوالى 20 % من النفط العالمي، من دون انقطاع. وضمن هذا السيناريو، ستتراوح أسعار النفط حول 70 دولارًا للبرميل.
ب. في سيناريو الحرب الشاملة أو أسوأ السيناريوات، يتصاعد الصراع مع تدخل أميركي مباشر. قد تستهدف إيران أهدافًا أميركية في المنطقة وتمنع مرور ناقلات النفط عبر مضيق هرمز، مما سيخنق إمدادات النفط العالمية ويؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط. ومع ذلك، فإن وجود الأسطول الخامس للبحرية الأميركية في المنطقة قد يُصعّب على إيران إغلاق المضيق تمامًا لفترة طويلة. في ظل هذا السيناريو، قد يستمر الصراع لعدة أشهر أو حتى نهاية عام 2025، وستتعطل إمدادات نفطية كبيرة من دول الخليج.
يعتمد التأثير المحتمل لانقطاع إمدادات النفط والغاز الطبيعي على أسعار الطاقة على مدة الصراع وشدته. في هذا السيناريو، نتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط حوالى 90 دولارًا للبرميل، مع ارتفاعها إلى ما يزيد عن 100 دولار للبرميل في الأشهر القليلة المقبلة.
- ما هو تأثير الحرب على الاقتصاد اللبناني؟
- لحسن الحظ، قرر "حزب الله" عدم المشاركة في الحرب. هذا، بالإضافة إلى التأثير المدمّر للحرب على إسرائيل وإيران، وإضعاف النظام الإسلامي في إيران، قد يساعد السلطات اللبنانية على التوصل إلى اتفاق مع "حزب الله" خلال الأشهر القليلة المقبلة لتسليم أسلحته الثقيلة للجيش اللبناني. كما نتوقع إحراز مزيد من التقدم في تنفيذ الإصلاحات الحاسمة، بما في ذلك إعادة هيكلة النظام المصرفي ما من شأنه أن يمهّد الطريق للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج إصلاح شامل قبل نهاية عام 2025. ونتيجة لذلك، ستتوفر مساعدة مالية كافية من المجتمع الدولي على شكل قروض ميسّرة ومنح جزئية لإعادة إعمار لبنان. علاوة على ذلك، ستكون المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول خليجية أخرى على استعداد للاستثمار في لبنان في مشاريع البنية التحتية الكبرى.
في المقابل، بدّدت الحرب بين إسرائيل وإيران بالفعل، الأمل في أي انتعاش في قطاعي السياحة والبناء لهذا العام، مما دفعنا إلى مراجعة توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2025 من 2.4 % قبل الحرب إلى 1.4 % حاليًا وإلى 1,2 % في حال توسّع الحرب. مع الإشارة إلى أن ارتفاع أسعار النفط العالمية في الأشهر القليلة المقبلة إلى أكثر من 100 دولار للبرميل في أسوأ السيناريوات سيؤدي إلى عودة الضغوط التضخمية.
مع ذلك، نتوقع انتعاشًا أقوى في العام 2026 مع نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 5 % وانخفاض في التضخم في حال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
- ماذا عن تأثير الحرب على الاقتصادين الإيراني والإسرائيلي؟
- في إيران، أضعف القصف الجوي المكثف، بما في ذلك الغارات الجوية على الجيش الإيراني والمواقع النووية ومنشآت النفط والغاز الطبيعي، النظام الإسلامي. إذا استمرت الحرب لمدة شهر على الأقل، فقد ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في إيران بنسبة -3 % هذا العام في ظل سيناريو الحرب المحدودة. وقد يتجاوز التضخم 50 % بحلول نهاية عام 2025 بسبب الانخفاض الحاد في سعر الصرف الموازي، الذي يدور الآن حول مليون ريال إيراني للدولار الأميركي. حوالى 70 % من الاحتياطيات الرسمية (المقدرة بـ 95 مليار دولار في عام 2024) غير متاحة بسهولة للسلطات، حيث منعت العقوبات الأميركية إيران فعليًا من إعادة أرباح صادرات النفط والأصول الموجودة في الخارج. وفي أسوأ السيناريوات، مع التدخل الأميركي المباشر في الحرب لعدة أشهر، قد ينكمش الاقتصاد الإيراني بأكثر من -6 % مع أضرار جسيمة في البنية التحتية.
أتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في إسرائيل بنسبة -1.5 % في عام 2025 (وهو أول انكماش منذ عام 1960، باستثناء عام 2020 الذي شهد جائحة كوفيد). حتى خلال حربي 1967 و1973، نما الاقتصاد الإسرائيلي وتجنب أي ركود، ولكن ليس هذه المرة. فقد تسببت الحرب في غزة، والآن الحرب مع إيران، في أضرار جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي. وألحقت هجمات الصواريخ الباليستية الإيرانية على إسرائيل أضرارًا بالغة بالبنية التحتية الإسرائيلية، بما في ذلك طاقة تكرير الهيدروكربونات وغيرها من الصناعات الحيوية. وستؤدي العمليات العسكرية الموسعة إلى فشل إسرائيل في تحقيق هدفها المتعلق بالعجز المالي بهامش كبير. ونتوقع أن يبلغ العجز المالي لعام 2025 -8.5 % من الناتج المحلي الإجمالي (مقارنةً بهدف السلطات البالغ -5.5 %)، مما سيؤدي إلى ارتفاع الدين الحكومي إلى 75 % من الناتج المحلي الإجمالي (مقارنةً بـ 69 % في بداية الصراع)، وزيادة علاوة المخاطر للبلاد. ومع ذلك، تتمتع إسرائيل بأساس اقتصادي قوي وصحي (احتياطيات رسمية وفيرة من النقد الأجنبي، تبلغ نحو 215 مليار دولار، وفوائض مستمرة في الحساب الجاري على مدى العقدين الماضيين، وديون خارجية متواضعة، وقد أظهرت قدرتها على الصمود في وجه الصدمات الشديدة على مدى العقود الماضية).
- ماذا عن تأثير الحرب على السعودية والإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى؟
- في سيناريو الحرب المحدودة الذي نقترحه، ستتعامل دول مجلس التعاون الخليجي الست (المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، الكويت، عُمان، والبحرين) مع الصراع الحالي بشكل جيّد نسبيًا. نتوقع أن يرتفع النمو الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي الست من 2،3 % في عام 2024 إلى 3،2 % في عام 2025، مع التراجع التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط التي اتُخذت خلال العامين الماضيين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. سيحافظ الاستهلاك والاستثمار الخاصان القويان على قوة النمو غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي.
مع ذلك، في أسوأ السيناريوات، ستكون عواقب توسيع نطاق الحرب على منطقة مجلس التعاون الخليجي وخيمة. قد تُغلق إيران حركة ناقلات النفط عبر مضيق هرمز. قد تُؤدي هذه الخطوة إلى توقف حوالى 20 % من إمدادات النفط العالمية، بما في ذلك صادرات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. ستتضرر قطر بشدة، إذ تُصدّر أكثر من نصف غازها الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز. وقد يؤدي انقطاع شحنات النفط والغاز الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز لأكثر من بضعة أشهر، إلى جانب الانخفاض المتوقع في الاستثمار بسبب حالة عدم اليقين السياسي والصراع، إلى نمو إجمالي أقل من 1%.
وأخيرًا، في هذا السيناريو، سيؤثر تفاقم الصراع بشدة على السياحة، لا سيما في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان والبحرين. وعلى الرغم من المخاطر، لا تزال نقاط الضعف المالية الكلية منخفضة، حيث تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بوفرة من الأصول الأجنبية العامة، وانخفاض الدين العام، وقوة الأوضاع المالية. وتتمتع البنوك برأسمال وسيولة جيّدين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المركزية
منذ ساعة واحدة
- المركزية
الحجار يبحث ورسامني في الإجراءات المتخذة في مطار بيروت
المركزية - عقد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار ووزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني اجتماعا، صباح اليوم في وزارة الأشغال، حيث تم البحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك لاسيما الإجراءات المتخذة في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، وسبل تعزيز الجهوزية اللوجستية والأمنية فيه، لاسيما مع بداية الموسم السياحي. وتم خلال الاجتماع التشديد على ضرورة التكامل بين الأجهزة الأمنية والإدارية لتأمين سلاسة الحركة في المطار، وضمان راحة المسافرين وسلامتهم. وتبلّغ الوزير الحجار من الوزير رسامني بأن وزارة الأشغال العامة والنقل خصصت من موازنتها مبلغ 3,5 مليون دولار لاستكمال مشروع بناء مجمع الدوائر الحكومية في بلدة شحيم.


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
الإجراءات في مطار بيروت الدولي بين رسامني والحجار
عقد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار ووزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني اجتماعا في وزارة الأشغال، حيث تم البحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك لاسيما الإجراءات المتخذة في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت ، وسبل تعزيز الجهوزية اللوجستية والأمنية فيه، لاسيما مع بداية الموسم السياحي. وتم خلال الاجتماع التشديد على "ضرورة التكامل بين الأجهزة الأمنية والإدارية لتأمين سلاسة الحركة في المطار ، وضمان راحة المسافرين وسلامتهم". وتبلّغ الوزير الحجار من الوزير رسامني بأن وزارة الأشغال العامة والنقل خصصت من موازنتها مبلغ 3,5 مليون دولار لاستكمال مشروع بناء مجمع الدوائر الحكومية في بلدة شحيم.


IM Lebanon
منذ ساعة واحدة
- IM Lebanon
إجراءات مطار بيروت بين رسامني والحجار
عقد وزير الداخلية أحمد الحجار ووزير الأشغال فايز رسامني، اجتماعًا صباح اليوم الجمعة في وزارة الأشغال، حيث تم البحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك ولاسيما الإجراءات المتخذة في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، وسبل تعزيز الجهوزية اللوجستية والأمنية فيه، ولاسيما مع بداية الموسم السياحي. وتم في خلال الاجتماع التشديد على ضرورة التكامل بين الأجهزة الأمنية والإدارية لتأمين سلاسة الحركة في المطار، وضمان راحة المسافرين وسلامتهم. وتبلّغ الحجار من رسامني، بأن وزارة الأشغال خصصت من موازنتها مبلغ 3,5 مليون دولار لاستكمال مشروع بناء مجمع الدوائر الحكومية في بلدة شحيم.