
احتواء رسمي وعسكري للإشكال مع "اليونيفيل": موقف واحد مع الجيش في الجنوب
مع أن الموقف الرسمي اللبناني كان مبتوتاً ومحسوماً من التمديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل" قبل موجة الاعتداءات الاخيرة عليها في قرى الجنوب وبلداته، فإن عاصفة المواقف المؤيدة داخلياً لهذه القوة زادت الموقف الرسمي ثباتاً بحيث ستتقدم الحكومة بطلب التمديد من مجلس الأمن الدولي من دون أي تعديل في تفويض القوة وصلاحياتها المعمول بها راهناً.
وكان الموقف الرسمي من هذه التطورات مرتقباً في جلسة لمجلس الوزراء، لكن الجلسة أُرجئت إلى مطلع الأسبوع المقبل بعد اتفاق بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، علماً أن أبرز البنود الداخلية المرشحة للبحث في الجلسة تتعلق بالتعيينات المالية ولا سيما منها نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة والمدعي العام المالي. ولم تحسم بعد وجهة إصدار أو التريث مجدداً في إصدار هذه التعيينات في ظل معلومات عن تباينات في التوجهات بين الرؤساء الثلاثة لم تذلّل بعد حيالها.
وجاء في" الاخبار": أفادت مصادر أمنية بأن قيادة القوات في الناقورة طلبت من الجيش اللبناني المساعدة في وقف تعرّض قواتها لـ«تحرّشات من قبل مجموعات أهلية مناصرة لحزب الله».
ومع أن الجيش أكّد عدم قبوله بكل ما يحصل، إلا أن مصدراً رسمياً تحدّث عن إبلاغ القوات الدولية، بأن المحافظة على التنسيق المُسبق مع قيادة الجيش تسمح بتجنّب كل هذه الإشكالات، خصوصاً أن هذا التنسيق لا يعطّل عمل القوات الدولية، إذ إن الجيش غالباً ما يرافقها إلى أي نقطة تريدها في مناطق عملها جنوب نهر الليطاني.
وجاء في" اللواء": احتوى لبنان الرسمي الاشكالات الاخيرة مع اليونيفيل، على المستويات الرسمية والروحية والعسكرية والشعبية والحزبية، من زاوية ان وحدات حفظ السلام مرحب بها في لبنان، وان الجنوب والجنوبين ممتنون لدور قوات الطوارئ جنوبي الليطاني كشاهد على همجية الاحتلال والبربرية الاسرائيلية غير المسبوقة في ازمنة ما بعد الحرب العالمية الثانية..
واكدت مصادر سياسية مطلعة ان لبنان حريص على بقاء عمل قوات اليونيفيل في الجنوب، واشارت الى عدم تبلغه اي قرار رسمي بشأن إنهاء مهامها، وان ما اثير في هذا السياق يندرج في اطار الحملة الاسرائيلية لإبتزاز لبنان.
وقالت ان الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا لم تبلغا لبنان اي امر في هذا الشأن،كما ان الدول المشاركة في هذه القوات ابدت رغبة في ابقائها تعمل وفق ما هو منصوص عنه في القرارات الدولية.
الى ذلك، أفادت المصادر ان لبنان يبدي تعاونا مع لجنة وقف اطلاق النار وهو ملتزم بالإتفاق الذي صدر في السابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي والجيش يقوم بمهامه، في حين ان اسرائيل تواصل خروقاتها واكبر دليل ما أقدمت عليه عشية عيد الاضحى المبارك وبدء الموسم السياحي.
اما في ملف سلاح حزب الله ، فإن المصادر تحدثت عن تواصل يتم بين رئاسة الجمهورية والحزب والأمور تأخذ مداها علما ان الموضوع دقيق وله تشعباته، في حين ان موضوع تسليم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات ولا سيما الواقعة في جنوب الليطاني كالرشيدية والبرج الشمالي وفق التاريخ المحدد له في منتصف الشهر الجاري فلا يزال قائما اما اذا كان هناك من تأخير لأي سبب فلن يلغي بأي حال من الأحوال القرار المتخذ بسحب هذا السلاح.
وكتبت" النهار" وفق المعطيات التي أبرزتها عاصفة الاعتداءات على اليونيفيل وما أثارته من ردود فعل واسعة منددة بالاعتداءات، وجد "حزب الله" نفسه أمام خطأ فادح جديد هو الانكشاف أمام إجماع داخلي لم يأخذ بأي تبرير أو ذريعة للاعتداءات التي دفع إليها أهالي العديد من أبناء المنطقة الحدودية، كما أن الحزب لم يجد التبرير المنطقي للتقاطع مع إسرائيل في تقييد اليونيفيل وتهديد مهمتها. ولكن صورة الواقع الميداني الحدودي جنوباً لا تزال على كثير من القلق والمحاذير، ولا يقتصر الأمر على موضوع اليونيفيل، بل أيضاً على التطورات الميدانية المثيرة للريبة. وفي هذا السياق، كان لافتاً للغاية تسجيل أربع عمليات توغّل بري محدودة للقوات الإسرائيلية داخل المنطقة الحدودية الجنوبية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية والقيام باعمال تجريف وسواها، بما ترك مخاوف من المؤشرات الميدانية لهذه التوغلات. وتتزامن هذه التحركات مع خلل واضح في تنفيذ آلية اجتماعات لجنة المراقبة لتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل التي لم تنعقد منذ وقت طويل، ولكن اختراقاً لافتاً سجل في عملها بعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية الأسبوع الماضي بحيث تكررت في الأيام الأخيرة عمليات دهم مبانٍ في الضاحية وتفتيشها على يد الجيش بناء على طلبات اللجنة.
وقالت جهات مطلعة على موقف اليونيفيل لـ«البناء» أن «الإشكالات بين بعض وحدات القوات الدولية وأهالي عدد من القرى يعود الى عدم التنسيق بشكلٍ كافٍ مع الجيش اللبناني في الدوريات وريبة بعض الأهالي بدخول دوريات الى مناطق مفتوحة وزراعية وذلك بعد الحرب الأخيرة، لكن هذا الوضع المستجدّ لن يؤثر على عمل اليونيفيل ولا على قرار التجديد له في آب المقبل، كاشفة أن الاتصالات والتواصل قائمان بين قيادة اليونيفيل وقيادة الجيش والسلطات اللبنانية لحل الإشكالات، ونفت الجهات أي علاقة لحزب الله بتحريض الأهالي على اعتراض قوات اليونيفيل. وتنفي الجهات أي تنسيق بين قيادة اليونيفيل وقيادة الجيش الإسرائيلي بما خص الغارات الإسرائيلية أو بالمهمات التي تقوم بها وحدات اليونيفيل في جنوب الليطاني، وبالتالي لا علاقة لليونيفيل بـ»الميكانيزم» المتبعة بين لجنة الإشراف والجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، ما يعني أن دور اليونفيل يقتصر على المهمة الموكلة اليه وفق القرار 1701».
مصادر رسمية أشارت لـ "نداء الوطن" الى أن المؤشرات تدل على وجود عقدتين خطيرتين، واحدة إقليمية وأخرى داخلية، وتتمثل العقدة الإقليمية برفض انسحاب اسرائيل من النقاط الخمس، وإبلاغ لبنان بهذا الموقف، وسط تصاعد المخاوف من توجيه ضربة ستكون أكثر قساوة، وذلك وفق ما يصل إلى المسؤولين اللبنانيين من زوار الخارج. أما العقدة الداخلية فتتمثل برفض "حزب الله" تسليم سلاحه وعدم تقديمه أي تنازل من شأنه أن يقوي موقف الدولة تجاه تل أبيب. وأمام هذه المواقف قد يبدو الصدام حتمياً، إلا في حال وصلت المفاوضات النووية إلى إيجابية تنعكس على لبنان بحلحلة ملف السلاح غير الشرعي.
وكتبت" الديار": لا تزال تداعيات الاحتكاك الأخير مع عناصر «اليونيفيل» تتفاعل على مستويات سياسية وأمنية عدة، وسط دعوات محلية ودولية لضمان سلامة عناصر البعثة. وفي هذا الإطار، زار قائد الجيش العماد رودولف هيكل الناقورة، مؤكداً التزام المؤسسة العسكرية بالقرار 1701 وبالتنسيق الكامل مع «اليونيفيل»، في ظل مناخ إقليمي ينذر بمزيد من التصعيد. زيارة القائد جاءت في وقت تزايدت فيه الضغوط على الدولة اللبنانية للتحرك قضائيًا ضد من اعتدى على القوات الدولية، في محاولة لاحتواء أي تداعيات قد تمسّ بمهمة هذه القوات في الجنوب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


IM Lebanon
منذ 3 ساعات
- IM Lebanon
مخزومي: لوضع جدول زمني لتسليم السلاح
عقد منتدى 'حوار بيروت' اجتماعه الدوري في دارة النائب فؤاد مخزومي، بحضور رئيس المجلس البلدي لبيروت المهندس ابراهيم زيدان، حيث تم التداول في آخر التطورات وشؤون العاصمة بيروت وقضايا أهلها. وفي مستهل الاجتماع، أطلع النائب مخزومي أعضاء المنتدى، على 'مجريات لقائه مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان'، مشيراً إلى أن 'البحث تناول الإصلاحات المطلوبة من الحكومة'. وأكد مخزومي 'للمبعوث الفرنسي ضرورة وضع خطة واضحة للإصلاح تلتزم بها الحكومة'، مشددا على أن 'لبنان ليس فقيرا، بل هو بلد غني، لكنه منهوب'. وأشار إلى أن 'مصلحة الجميع تكمن في نجاح الحكومة لكن هنالك ما يجب التوقف عنده، خصوصا في ما يتعلق بقرار حصرية السلاح في يد الدولة'، وقال: 'على الحكومة التحرك بفعالية وسرعة، لا سيما لجهة الالتزام بتطبيق الـ1701 وفق آلية عمل واضحة لضمان عدم انهيار اتفاق وقف إطلاق النار'. ولفت مخزومي إلى أن 'الحكومة مطالبة بتحقيق الشفافية في هذا الملف، لا سيما لجهة تعاطي حزب الله معه'، مؤكدا 'ضرورة وضع جدول زمني لتسليم السلاح'.

المدن
منذ 6 ساعات
- المدن
كيف يقرأ حزب الله وجود القوات الدولية في الجنوب؟
منذ صدور القرار 1701 عام 2006، وانتشار قوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل" في جنوب لبنان بصيغتها الجديدة، حافظ حزب الله على موقف مزدوج: قبول مبدئي بالوجود الدولي في إطار "ضوابط السيادة"، وتحفّظ عميق على أي محاولة لتوسيع الصلاحيات أو تعديل قواعد الاشتباك. هذه المعادلة التي استمرت لسنوات، دخلت اليوم مرحلة دقيقة، في ظل ضغوط دولية، أميركية خصوصاً، لإعادة النظر في تفويض اليونيفيل وصلاحياتها، مما يضع الحزب أمام سيناريوهات حساسة قد تعيد خلط الأوراق جنوباً. حزب الله واليونيفيل .. قبول مشروط "منذ انتهاء حرب تموز 2006، وافق حزب الله، بضغط التوازنات الداخلية والإقليمية، على وجود اليونيفيل في الجنوب، لكنه وضع مجموعة من الضوابط غير المكتوبة لهذا الوجود. الضابط الأبرز يتمثل بعدم المسّ بـ"المعادلة الميدانية"، أي البنية الردعية غير المعلنة للمقاومة في القرى والمحيط، والتي يرى فيها الحزب حقاً مشروعاً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وخروقاته اليومية"، تقول مصادر مطلعة على موقف الحزب من قوات اليونيفيل. وترى المصادر عبر "المدن" أن الحزب كان دائماً يُشدّد على أن أي تحرّك للقوات الدولية يجب أن يتم عبر الجيش، لا بشكل مستقل. وقد اعتبر هذا التنسيق بمثابة ضمانة، سواء لحماية القرى من الاستفزاز، أو لتفادي المواجهات مع الأهالي، الذين غالباً ما يلعبون دور "الخط الدفاعي الأول" في وجه الدوريات غير المنسقة. مصدر القلق.. تشدد المصادر على أن "التحول الخطير الذي يرصده حزب الله اليوم، يتمثل في محاولات متكررة، بقيادة أميركية – إسرائيلية، لفرض تعديل على تفويض اليونيفيل، والسماح لها بالتحرك دون تنسيق مع الجيش اللبناني، أو حتى تنفيذ مداهمات مباشرة لمواقع معينة، علماً أن الحزب يعتبر أن التحرك من دون الجيش يختلف تماماً عن التحرك من دون تنسيق مع الجيش، فالتنسيق أمر مفروض بموجب القرار والصلاحيات المعطاة للقوة الدولية، وما يجري اليوم بحسب معلومات "الحزب" هو أن بعض القوات الدولية تتحرك بلا التنسيق المسبق مع الجيش، كما أنها تدخل إلى عقارات وأملاكاً خاصة، وهو ما لا يندرج ضمن صلاحياتها أيضاً. هذه المحاولات غالباً ما تتم تحت عنوان "فرض احترام القرار 1701"، أو "منع انتشار سلاح غير شرعي"، وهي عناوين يعلم الحزب أن ترجمتها العملية قد تعني استهداف وجوده بشكل مباشر. السيناريو الأسوأ بالنسبة للحزب، أن يتم دفع مجلس الأمن الدولي إلى اعتماد قرار يُدخل مهمة اليونيفيل تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما يمنحها صلاحيات التدخل القسري بالقوة المسلحة، وهو ما سيعتبره الحزب خرقاً مباشراً لقواعد الاشتباك، واستدراجاً لمواجهة، قد تبدأ مع القوات الدولية، لكنها لن تنتهي عند هذا الحد، والأقل سوءاً بالنسبة إليه هو تثبيت مبدأ تحرك اليونيفيل بلا تنسيق وحضور الجيش اللبناني، وهو ما يعني وضع الأهالي بمواجهة اليونيفيل، مع ما يستتبع ذلك من أحداث قد تنعكس سلباً على الأهالي. ما الذي يريده الحزب من اليونيفيل؟ "يريد حزب الله من قوات اليونيفيل أن تبقى في الجنوب"، تقول المصادر، لكن ضمن إطار وظيفي لا يتجاوز "المراقبة والتوثيق"، وليس "الاستهداف والتنفيذ". بعبارة أوضح: الحزب لا يمانع وجودها كمُراقب يحدّ من التوتر، ويوثّق الخروقات الإسرائيلية، لكنه يرفض أن تتحول إلى ذراع تنفيذية لمطالب إسرائيل وأميركا على الأرض، فهو يقبل بدور الجيش اللبناني لكنه لا يتحمل دوراً أجنبياً كهذا. وتضيف المصادر: "المعادلة التي يتمسك بها الحزب هي استمرار اليونيفيل في أداء دور "الحاجز الوقائي" بين لبنان وإسرائيل، لا "الوسيط العدائي" الذي ينفذ أجندات خارجية"، وبحسب مقربين من قيادة الحزب، فإن أي محاولة لتوسيع الصلاحيات ستُعتبر بمثابة عدوان ناعم، لا يقل خطورة عن خرق جوي أو غارة. تحرك الأهالي عفويّ؟ ترى المصادر أن اليونيفيل، كما يراها حزب الله، ليست المشكلة بحدّ ذاتها، بل الأداة التي قد تتحوّل إلى مشكلة قريبًا، إن غيّر أحد وظيفتها أو دفع بها نحو قلب المواجهة. لذلك، فإن الصراع اليوم ليس فقط على الأرض، بل على طبيعة التفويض. وعن تحرّكات الأهالي، تؤكّد المصادر أنها كانت، في جزء منها -وهذا أمر سابق للحرب الأخيرة وما يجري من تطوّرات اليوم- تحصل بدفع غير مباشر من الحزب، الذي يؤكّد، من خلال تحرّكات أبناء القرى، عدم رضاه عن تغيير دور اليونيفيل، ويسعى إلى وضع حدود لتحرّكاتها. لكنّ هذه التحرّكات (حسب المصادر) "بدأت اليوم تحصل بشكل عفوي، بسبب الحالة النفسية الصعبة التي يمرّ بها أبناء الجنوب بعد الحرب الأخيرة وشكل الحرب الجديدة القائمة حاليًا، وهي في غالبيتها المطلقة تحصل بقرارات محلية وغضبٍ محلّي". في حال تحقّق سيناريو تعديل مهام اليونيفيل، فإن حزب الله، بحسب المصادر، لن يتردّد في محاولة قلب الطاولة. وهنا، لن يكون الردّ مباشرًا ضدّ القوات الدولية، بل سيكون من خلال قواعد اشتباك جديدة، عنوانها تعطيل فعالية اليونيفيل ميدانيًا.

المدن
منذ 6 ساعات
- المدن
إيران في ساعتها الحاسمة.. وأميركا تطالب لبنان بجواب نهائي
على حبل مشدود يتحرك إيقاع منطقة الشرق الأوسط. إما الحرب أو التنازل الكبير الذي يفترض أن تقدمه إيران. بلغ التصعيد مداه وذروته، وهو حتماً يتصل بالجولة التفاوضية الإيرانية- الأميركية يوم الأحد المقبل، على وقع محاولات إسرائيلية مستمرة للإطاحة بها لصالح العمل العسكري. كل الإشارات الأميركية تتجه نحو التصعيد. وقد يكون ذلك أحد أساليب التفاوض لوضع إيران أمام أمر لا مفر منه، وهو تقديم التنازلات لتجنّب الحرب. أما ما دون ذلك، فإن الخيار العسكري يصبح خياراً وحيداً. وسواء نجحت المفاوضات أم فشلت، فإن انعكاساتها ستكون كبيرة على أوضاع المنطقة وتوازناتها. تنازلات هائلة إذا تقدم خيار الضربة العسكرية، فإن المنطقة كلها يفترض أن تشتعل، خصوصاً أن حلفاء إيران لن يقفوا مكتوفي الأيدي، أو أن إسرائيل ستوجه المزيد من الضربات لهم. أما في حال نجحت المفاوضات، فعلى الرغم من تأكيدات إيران بأنها لا تشمل الاتفاق على وضع المنطقة ولا الصواريخ البالستية، إلا أن كل الجو الدولي يؤكد عكس ذلك، ولا سيما التأكيد بأن إيران ستكون مجبرة على دفع حلفائها إلى تقديم تنازلات هائلة والتخلي عن العمل العسكري وعن النفوذ الإقليمي. وفي هذا السياق، تقول مصادر ديبلوماسية إن التصعيد هدفه واضح ولا أحد يريد إراحة الإيرانيين، ولذلك تتصاعد كل التهديدات بإمكانية حصول حرب من أجل إجبار إيران على تقديم تنازلات كبيرة وجوهرية. أما في حال لم تؤد هذه الضغوط إلى نتائج، فإن الضربة العسكرية ستكون أكثر حتمية. كل المنطقة تنتظر تطورات الوضع الأميركي الإيراني وما سيقرره الإسرائيليون مع الأميركيين. لكن لبنان أكثر من ينتظر فحزب الله يعتبر أن أي اتفاق إيراني أميركي، وتطور العلاقات بين البلدين سينعكس إيجاباً لصالحه ما يعني سيتم غض النظر عن سلاحه. هذا الأمر لا يبدو أنه وارد دولياً وإقليمياً وسط رسائل كثيرة تصل إلى لبنان بأنه يجب تفكيك كل بنية حزب الله العسكرية، وهذا ما سيتبلغه لبنان بوضوح من قبل المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك. عرض باراك زيارة باراك إلى بيروت ستطرح بشكل أساسي مسألة مزارع شبعا، على قاعدة أطلقها هوكشتاين سابقاً في شهر آب، قبل الحرب التي شنها الإسرائيليون في أيلول على لبنان. في حينها، توجه المبعوث الأميركي إلى المسؤولين اللبنانيين بأن يقبلوا بما هو معروض عليهم وإلا سيخسرون كل شيء. الآن يعود باراك باللهجة نفسها، والتي يريد عليها أجوبة واضحة وحاسمة، حول خروج لبنان من معادلة الصراع مع إسرائيل، وسحب كل "الذرائع" من حزب الله حول تحرير الأرض، وتفكيك كل البنى العسكرية التابعة له، وسلوك الطريق نفسها التي سلكتها سوريا بقيادة أحمد الشرع. ما دون ذلك، فإن اللهجة الأميركية ستكون أكثر صرامة وتشدداً تجاه لبنان، على قاعدة أن الولايات المتحدة الأميركية ستسحب يدها من الملف ولن تعود مهتمة. ما يعني ترك لبنان في مواجهة حرب اسرائيلية جديدة. بين سوريا وإسرائيل خطورة كل هذه التطورات، لا يمكن أن تنفصل عن التسريبات التي تحدثت عن زيارة المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك إلى تل أبيب، ومطالبته من قبل نتنياهو بفتح مسار تفاوضي إسرائيلي- سوري، بغية إنجاز ترتيبات عسكرية أو أمنية مشتركة. فذلك يمثل تحولاً جيوستراتيجياً على مستوى المنطقة. وهو ما سيكون له تداعيات على الكثير من الدول المحيطة بما فيها لبنان، لا سيما في ظل تقدّم سوريا في سلّم الأولويات بالنسبة إلى الدول العربية والغرب، وسط رفع عنوان واضح أمام لبنان، بأنه سيبقى متعثراً ومعطلاً بانتظار إيجاد حل لمسألة سلاح حزب الله. وذلك سيكون له صلة مباشرة بأي تطورات سورية إسرائيلية، قد تجعله ملحقاً بسورياً أو هامشياً.