بين الإنكار الأميركي والانفتاح الإيراني.. ماذا بعد الضربات؟
الضربات الأمريكية... نفي العروض وتصعيد في النبرة
في تصريح واضح، نفى الرئيس ترامب وجود أي اتصالات مباشرة أو عروض تفاوضية مقدّمة لإيران بعد الضربات الأخيرة. وأكد أن الولايات المتحدة "حيّدت تمامًا" منشآت نووية رئيسية في إيران، وهو ما فجر جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والاستخباراتية الأمريكية، بعد تقارير متضاربة تحدثت عن محدودية تأثير تلك الضربات.
ومع ذلك، كشف مسؤول أمريكي بارز أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف أبلغ أعضاء الكونغرس بأن الضربات دمرت منشأة تحويل المعادن الوحيدة في إيران، مشيرًا إلى أن البرنامج النووي الإيراني تلقى "انتكاسة هائلة ستستغرق سنوات للتعافي منها".
وأضاف أن غالبية اليورانيوم المخصب ربما لا تزال مدفونة تحت أنقاض منشآت أصفهان وفوردو.
لكن في تناقض لافت، أظهرت صور أقمار صناعية حديثة من شركة "ماكسار تكنولوجيز" أنشطة إصلاح مستمرة داخل مجمع فوردو النووي، ما يعكس قدرة إيران على امتصاص الصدمة وإعادة تأهيل منشآتها بسرعة.
وعلى الضفة المقابلة، حاولت طهران قلب الطاولة سياسيًا لا عسكريًا، إذ أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني أن بلاده مستعدة للعودة إلى المفاوضات، بشرط واضح يتمثل في "استبعاد فكرة أي ضربات أمريكية جديدة".
وأوضح أن وسطاء نقلوا لإيران رغبة واشنطن في استئناف المحادثات، ما يعكس وجود تحرك دبلوماسي خفي رغم التصريحات المتشددة.
إيران، التي كانت قد روّجت داخليًا للنصر بعد استهداف قاعدة أمريكية في العديد، وجدت نفسها بين خيارين: الاستمرار في الخطاب التعبوي، أو استثمار الضربات في سياق تفاوضي يعيدها إلى المشهد الدولي بقوة.
بين الردع والتغيير من الداخل
في مقابلة مع برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية"، قدّم توم حرب، مدير التحالف الأمريكي الشرق الأوسطي للديمقراطية، تحليلاً حادًّا لما يراه تحولاً استراتيجيًا في التعاطي الأمريكي مع إيران.
قال حرب إن الرسالة الأمريكية "مباشرة إلى المرشد الأعلى"، وإن ترامب يتعمد التصعيد لإجبار طهران على التفاوض من موقع الهزيمة، وليس الندية.
وأكد حرب أن المرشد الإيراني لا يزال يستخدم خطاب "الموت لأمريكا وإسرائيل"، ما يضع حواجز أمام أي مسار تفاوضي جدي. وتابع: "ترامب وضع الأمور في نصابها، وألغى فكرة أي مبادرة حوار، ما لم يعترف المرشد بخسارته ويبدأ من موقع الانكسار".
واحدة من النقاط المثيرة في تحليل حرب، كانت إشارته إلى "احتمالات تحركات داخلية" في إيران، في ظل ما وصفه بـ"خسارة منظومة الدفاع الجوي" وانكشاف الداخل أمام الضربات. وتحدث عن وجود تواصل بين شخصيات معارضة مثل رضا بهلوي وقيادات عسكرية داخل الجيش الإيراني، مما قد يؤسس لانشقاقات محتملة أو حتى محاولة انقلاب.
وربط حرب بين هشاشة الرد الإيراني على الضربات الجوية المتكررة و"الخوف من ضرب الباسيج"، الجهاز الأمني المرتبط بقمع الداخل. فبحسبه، تردد النظام في استخدام الباسيج ضد الشعب خوفًا من أن تتحول الضربات الخارجية إلى شرارة ثورة داخلية.
تقاطع استخباراتي... ومهام متعددة الجنسيات
يرى حرب أن الضربات التي اخترقت العمق الإيراني على مدى 12 يومًا لم تكن فقط نجاحًا عسكريًا، بل أيضًا استخباراتيًا متعدد الجنسيات. وأشار إلى أن دولًا عدة - لم يسمّها - شاركت في جهود التنسيق والتخطيط، مما يعكس إجماعًا دوليًا متزايدًا على منع إيران من استعادة قدراتها النووية.
كما شدد على أن الخيارات المطروحة أمام إيران اليوم محصورة: إما القبول بتغيير سلوكها النووي والسياسي، أو مواجهة سيناريو "تغيير النظام من الداخل"، وهو ما قد يكون مدعومًا بشكل غير مباشر من قوى غربية.
موقف الدول العربية: بين الرهان والتوجّس
في قراءته لمواقف الدول العربية، لفت توم حرب إلى أن غالبية الدول في المنطقة لم تعد تحتمل "سياسات التشدد" الإيرانية، وبدأت تتجه بوضوح نحو مشروع النهضة الاقتصادية والتكنولوجية، ما يجعلها على استعداد لدعم أي تحرك يردع إيران عن تخصيب اليورانيوم أو زعزعة الاستقرار الإقليمي.
وحذّر حرب من فقدان الثقة العربية بالولايات المتحدة في حال لم يكن هنالك التزام أمريكي طويل الأمد، داعيًا إلى نموذج استقرار شبيه بما جرى في اليابان وكوريا الجنوبية بعد الحرب العالمية الثانية.
سيناريوهات مقبلة: التفاوض أم تغيير النظام؟
يرى حرب أن الأشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار العلاقة بين طهران وواشنطن. فإن قبلت إيران بالتفاوض بشروط جديدة، قد يُعاد فتح القنوات الدبلوماسية، لكن في حال استمرت بالمراوغة، فإن السيناريو المرجّح هو "التحول نحو إسقاط النظام من الداخل"، بدعم شعبي واسع يقدره حرب بأكثر من 70% من الإيرانيين.
ويشير إلى أن "المسألة لم تعد مسألة تخصيب فقط، بل تتعلق أيضًا بتصدير الثورة الإيرانية، وتوسيع نفوذ طهران عبر أذرعها المسلحة، وهو ما ترفضه واشنطن والعواصم العربية والإقليمية".
مفترق حاسم ومشهد مفخخ
في ظل التصريحات المتضاربة، والمواقف المتباينة بين واشنطن وطهران، يظل مسار التفاوض محفوفًا بالمخاطر، لا سيما أن كل طرف يسعى إلى فرض شروطه من موقع القوة. وبينما تلوّح إيران بشروط التفاوض، ترفع واشنطن سقف المطالب والردع، ما يجعل طاولة المفاوضات المقبلة - إن عُقدت - ساحةً مفخخة بألغام الماضي والحاضر.
وفي انتظار ما ستسفر عنه الأشهر المقبلة، تبقى الحقيقة الأهم أن الشرق الأوسط قد دخل مرحلة جديدة من الصراع، يتداخل فيها العسكري بالدبلوماسي، وتُرسم معادلاتها بأدق الحسابات السياسية والاستخباراتية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خليج تايمز
منذ 36 دقائق
- خليج تايمز
إقبال كبير من أثرياء الشرق الأوسط على "بطاقة ترامب الذهبية": إقامة أمريكية مقابل 5 ملايين دولار
قال "أرماند أرتون"، الرئيس التنفيذي لشركة أرتون كابيتال الرائدة في مجال الاستثمار في الهجرة، إن هناك "اهتماما كبيرا" من جانب أصحاب الملايين في الشرق الأوسط ببرنامج الإقامة الذهبية الذي أعلن عنه مؤخرا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وفي حديثه لصحيفة "خليج تايمز" ، قال أرتون إن الأفراد في المنطقة "فضوليون للغاية"، وأن الاهتمام الحقيقي ظهر بالفعل من المتقدمين المحتملين. في ١٢ يونيو/حزيران، أعلن ترامب أن إدارته تقبل طلبات ما يُسمى بـ"بطاقة ترامب"، التي تُتيح الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة مقابل مساهمة غير مستردة قدرها ٥ ملايين دولار أمريكي (١٨.٣٥ مليون درهم إماراتي). وقد أُطلق موقع إلكتروني مُخصص لتسجيل الراغبين في التقديم، حيث أفادت التقارير أن أكثر من ٧٠ ألف شخص قد سجلوا طلباتهم في غضون أيام قليلة. وقال أرتون "لا أعتقد أننا سنرى إقبالا قويا من الأوروبيين أو الأفارقة - ربما عدد قليل من النيجيريين". "هناك أفراد أثرياء في بلدان رابطة الدول المستقلة مثل كازاخستان وأوزبكستان وأذربيجان قد يكونون مهتمين، لكن بلدانهم لا تسمح بالجنسية المزدوجة، على غرار الهند والخليج." يتركز معظم أصحاب الملايين والمليارات في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسنغافورة والصين وهونغ كونغ. أتوقع أن يأتي حوالي 50% من المتقدمين من الشرق الأوسط - معظمهم من دول غير خليجية - لأنهم يميلون إلى تأييد ترامب أكثر من العديد من الآسيويين أو الأوروبيين. وأشار أرتون إلى أن الأفراد من البلدان المحظورة حاليا من دخول الولايات المتحدة - بما في ذلك أفغانستان وميانمار وتشاد والكونغو وغينيا الاستوائية وإريتريا وهايتي وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن - من غير المرجح أن يكونوا مؤهلين للبرنامج. وأضاف أن فريق ترامب لا يزال يعمل على وضع اللمسات الأخيرة على الإطار القانوني، وتطوير نظام التقديم، واختيار وكالة التدقيق، وتحديد إجراءات الدفع. أتوقع أن يستغرق إطلاق البرنامج أكثر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. وقد تتضمن بعض المتطلبات تغييرات دستورية أعمق، وفقًا لآرتون، متوقعًا أن يُطلق البرنامج رسميًا في الربع الأخير من العام. الإقامة، وليس الجنسية المباشرة وبحسب أرتون، فإن مبلغ الخمسة ملايين دولار هو بمثابة تبرع وليس استثمارًا، على عكس العديد من برامج الإقامة الأوروبية، والتي تنطوي عادة على شراء العقارات أو السندات أو الأسهم. وأوضح أن "هذا سيكون أشبه بالبرامج الكاريبية، حيث يقدم المتقدمون مساهمة غير قابلة للاسترداد للدولة". في المقابل، قد يحصل المتقدمون على إقامة أمريكية مُعجّلة، مما قد يجعل البرنامج جذابًا، خاصةً بالمقارنة مع برنامج EB-5 الحالي، الذي يُعدّ أبطأ ويعاني من تراكم آلاف الطلبات. وكان ترامب قد صرّح سابقًا بأن البطاقة قد تكون "طريقًا" للحصول على الجنسية الأمريكية في نهاية المطاف. ومع ذلك، لا تزال العديد من الأسئلة المهمة دون إجابة. قال أرتون: "هل سيُطلب من المتقدمين الإقامة في الولايات المتحدة لفترة محددة؟ والأهم من ذلك، هل سيُفرض عليهم ضرائب على دخلهم العالمي منذ لحظة إقامتهم؟ إنه سؤالٌ بالغ الأهمية. إذا أدت الإقامة إلى فرض ضرائب عالمية فورًا، فسيكون الطلب منخفضًا جدًا. أقدر أن عدد المتقدمين عالميًا لن يتجاوز 1000 متقدم". أغلى إقامة في العالم ووصف أرتون بطاقة ترامب الذهبية بأنها برنامج الإقامة الأكثر تكلفة. قال: "قد تكلف برامج أخرى خمسة ملايين دولار، لكنها مُصممة كاستثمارات؛ أموال تُسترد خلال بضع سنوات". في المقابل، يتضمن برنامج ترامب تبرعًا دائمًا غير قابل للاسترداد. سيتكبد المتقدمون أيضًا رسومًا قياسية صغيرة للفحص النافي للجهالة والمعالجة القانونية. والأهم من ذلك، سيخضع جميع المرشحين لتدقيق دقيق للتأكد من مصدر ثروتهم وخلفيتهم. ستحتاج إلى إثبات ليس فقط قدرتك على التبرع بخمسة ملايين دولار، بل أيضًا إلى تقديم وثائق واضحة تُبيّن مصدر المال. هذا مُتّبع في جميع برامج الإقامة أو الجنسية الشرعية - يجب أن تكون الأموال نظيفة وخاضعة للضرائب وغير مرتبطة بأي أنشطة غير مشروعة. دمج الأسرة بموجب قانون الهجرة الأمريكي الحالي، عادةً ما يكون زوج/زوجة مقدم الطلب الرئيسي وأبناؤه المعالون دون سن الثامنة عشرة مؤهلين للحصول على الإقامة. ويتوقع أرتون أن تتبع بطاقة ترامب هذه السابقة. وعندما سُئل عما إذا كانت الإدارة الأميركية المستقبلية قادرة على إلغاء الإقامة التي تم الحصول عليها من خلال البرنامج، أعرب أرتون عن ثقته في أن هذا الوضع سوف يظل آمنا، شريطة عدم وجود أي احتيال. قال: "الحكومات الغربية لا تلغي الإقامة أو الجنسية الممنوحة بموجب قوانين سارية، إلا إذا كذب المتقدم أو قدم وثائق مزورة. إذا اكتشفوا ذلك، فيمكنهم إلغاء إقامتك، حتى بعد عقود". لكن إذا أُنهي البرنامج قانونيًا من قِبل إدارة جديدة، فلن يؤثر ذلك إلا على المتقدمين المستقبليين، ولن يتأثر المقيمون الحاليون، كما خلص إلى ذلك. نظرة أولى: ترامب يكشف عن "البطاقة الذهبية" بقيمة 5 ملايين دولار مع صورته، ويصبح أول مشترٍ لها. ترامب يعرض "التأشيرة الذهبية": المستثمرون الإماراتيون الذين يبحثون عن البطاقة الخضراء يتعين عليهم دفع 525٪ أكثر.

سكاي نيوز عربية
منذ 37 دقائق
- سكاي نيوز عربية
الدولار يسجل أسوأ أداء في النصف الأول منذ 1973.. ما الأسباب؟
تزامن هذا التحول اللافت مع سياسات اقتصادية وتجارية مثيرة للجدل تنتهجها الإدارة الأميركية، ما دفع كثيراً من المستثمرين إلى إعادة النظر في مدى الاعتماد على الدولار كملاذ آمن. في الوقت نفسه، ظهرت بوادر تغيير في موازين القوى المالية العالمية، وسط منافسة متزايدة من عملات كبرى وأصول بديلة بدأت تستقطب الاهتمام. هذا التراجع المفاجئ، الذي يُعد من بين الأسوأ في تاريخ الدولار الحديث، يطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل العملة الأميركية، ومكانتها في النظام النقدي الدولي. فما العوامل التي تقف وراء هذا الأداء الضعيف؟ وهل يُعد الأمر عارضاً أم مؤشراً على تحول أعمق في المشهد الاقتصادي العالمي؟ أسوأ أداء يشير تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إلى تسجيل الدولار أسوأ نصف عام منذ سنة 1973، في ظل دفع سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية والاقتصادية المستثمرين العالميين إلى إعادة النظر في تعرضهم للعملة المهيمنة في العالم. وانخفض مؤشر الدولار ، الذي يقيس قوة العملة مقابل سلة من ست عملات أخرى تشمل الجنيه الإسترليني و اليورو و الين ، بأكثر من 10 بالمئة حتى الآن في عام 2025، وهي أسوأ بداية للعام منذ نهاية نظام بريتون وودز المدعوم بالذهب. ونقلت الصحيفة عن استراتيجي العملات الأجنبية في بنك آي إن جي، فرانسيسكو بيسول، قوله: "لقد أصبح الدولار بمثابة كبش فداء لسياسات ترامب غير المتوقعة". وأضاف أن حرب الرسوم الجمركية التي يشنها الرئيس الأميركي ، واحتياجات الاقتراض الهائلة في الولايات المتحدة، والمخاوف بشأن استقلال مجلس الاحتياطي الفيدرالي، قوضت جاذبية الدولار كملاذ آمن للمستثمرين. ويضع الانخفاض الحاد للدولار العملة الأميركية على مسار أسوأ نصف أول من العام منذ خسارته 15 بالمئة في عام 1973 وأضعف أداء لها على مدى أي فترة ستة أشهر منذ عام 2009. وقد أدى انزلاق العملة إلى إرباك التوقعات واسعة النطاق في بداية العام بأن الحرب التجارية التي يشنها ترامب من شأنها أن تلحق ضررا أكبر بالاقتصادات خارج الولايات المتحدة في حين تعمل على تغذية التضخم الأميركي، مما يعزز العملة في مواجهة منافسيها. أبرز الأسباب من جانبه، يشير الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى مجموعة من الأسباب وراء أسوأ بداية للدولار في النصف الأول من العام منذ عام 1973، تتراوح نسبته بين 10 إلى 11 بالمئة، على النحو التالي: تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي: تُقدّر الأسواق الآن تخفيضات أسعار الفائدة بما يصل إلى 137 نقطة أساس بحلول أوائل عام 2027، والتي قد تبدأ في وقت لاحق من هذا العام، مما يُقلل من جاذبية الدولار. الضغط السياسي يُضعف استقلالية الاحتياطي الفيدرالي: أثارت انتقادات ترامب اللاذعة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وحديثه عن تعيين رئيس احتياطي "ظلي"، قلق المستثمرين، مما قوّض الثقة في السياسة النقدية الأمريكية. سياسات التجارة والمالية في عهد ترامب: تؤدي الرسوم الجمركية الصارمة، علاوة على (مشروع القانون الضخم الجميل)، والتهديدات بفرض رسوم جمركية أوسع، والارتفاع الهائل في الدين الأميركي، إلى ظهور اتجاه "بيع أميركا" بين المستثمرين الأجانب. إعادة توازن واسعة النطاق للمحافظ الاستثمارية من قبل المستثمرين العالميين: بدأت صناديق التقاعد/التأمين الأوروبية ومستثمرو البنوك المركزية الآسيوية بالتخارج من استثماراتهم في الدولار الأميركي وسندات الخزانة الأميركية. تحول أوسع نحو الأصول غير الأميركية: مع النمو القوي في الصين والتيسير المالي في ألمانيا، يتجه المستثمرون نحو الأسهم الأوروبية، والتكنولوجيا الصينية، والسلع، والذهب - مما يُضعف الدولار. تراجع الملاذات الآمنة الجيوسياسية: على الرغم من التوترات في الشرق الأوسط، انخفض الطلب على الدولار وسندات الخزانة الأميركية، حيث فضّل المستثمرون الأسهم والسلع بدلاً منها. ويتوقع الرفاعي بأنه على المدى القريب قد يظل الدولار تحت الضغط إذا استمر الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، وإذا استمر ترامب في اتباع سياسات تيسيرية، وكذلك إذا استمر عدم الوضوح المبكر بشأن قيادة الاحتياطي الفيدرالي. بينما على المتوسط حتى نهاية العام، فيحذر بعض المحللين من أن الدولار قد يخسر 10 بالمئة أخرى قبل أن يصل إلى قيمة عادلة قريبة من مستويات تعادل القوة الشرائية. ومع ذلك، بحسب الرفاعي، إذا جاءت البيانات الاقتصادية الأميركية إيجابية بشكل مفاجئ أو عاد خطاب الاحتياطي الفيدرالي المتشدد، فقد ينتعش الدولار. ويشدد على أنه "لا يزال هروب رؤوس الأموال الأجنبية يهدد وضع الدولار كاحتياطي". ويختتم حديثه قائلا: على عكس عام 2024، عندما صمد الدولار، يتوقع معظم الاقتصاديين الآن ضعفًا للدولار حتى نهاية العام - ربما بنسبة 5-10 بالمئة أخرى ما لم تطرأ تغييرات جوهرية على السياسة النقدية الأميركية. رابحون آخرون في السياق، نقل تقرير لرويترز عن آمو ساهوتا، المدير التنفيذي لشركة كلاريتي إف إكس للاستشارات في سوق الصرف الأجنبي في سان فرانسيسكو، قوله: "شهد الدولار تراجعًا في قيمته.. لقد دخلنا منتصف العام، وكان الرابحون الأكبر هم الكرونة السويدية، والفرنك السويسري، واليورو.. لكن حظوظ اليورو تبدلت بعد أن أعلنت منطقة اليورو عن مشروع قانون إنفاق ضخم". وقال يوجين إبستاين، رئيس هيكلة أميركا الشمالية لدى موني كورب في نيوجيرسي: "لدينا دولار ضعيف بسبب زيادة كبيرة محتملة في عجز ميزانيتنا، وهناك حالة من عدم اليقين المستمر حول صفقات التعريفات الجمركية". وأضاف إبستاين: "إنها أشبه بلعبة كراسي موسيقية، سواءً تعلق الأمر بمشروع القانون الضخم، أو صفقات التجارة، ثم الصراع الإيراني الإسرائيلي. الأمر أشبه بتناوب الأدوار على مركز الصدارة؛ فبمجرد أن يمرّ أمرٌ ما، يُركّز على أمرٍ آخر"، في إشارة إلى العوامل المتتابعة التي تؤثر على استقرار العملة الأميركية. أداء سلبي من جانبها، تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن: الدولار الأميركي يشهد حالياً أحد أسوأ أداءاته مقارنة بالعملات العالمية. السياسات الجمركية التي يفرضها الرئيس دونالد ترامب على عدد من الدول تسهم في تصاعد معدلات التضخم داخل الولايات المتحدة. تلك السياسات وضعت ضغوطاً متزايدة على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ما قد يدفعه إلى التفكير في خفض أسعار الفائدة، وهو ما ينعكس سلباً على أداء سندات الخزانة الأميركية، سواء على المدى القصير أو الطويل. وتتابع: "نشهد حالياً منافسة محتدمة بين الدولار من جهة، واليوان واليورو من جهة أخرى، في الوقت الذي باتت فيه العديد من الدول تنظر إلى العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين، باعتبارها أدوات استثمارية واعدة تحقق عوائد مجزية في المستقبل". وتوضح رمسيس أن الذهب لا يزال يحتفظ بجاذبيته كملاذ آمن، لا سيما في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وغموض المشهد العالمي، إلى جانب فشل الاتفاقات في تحقيق تهدئة دائمة للنزاعات القائمة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تُعد من أكثر المناطق تأثراً بالأزمات. وتضيف: "رغم تلك التحديات، لا يزال الدولار يحافظ على مكانته العالمية، لكن أي تحوّل جوهري قد يهدد عرشه". "ترامب يُلوّح باستخدام سلطات اقتصادية قوية، تشمل فرض عقوبات ورسوم جمركية مرتفعة ضد أي محاولة لمنافسة الدولار". ظهر ذلك جلياً في موقفه من عملة بريكس، حيث حذّر من عقوبات على الدول المشاركة، لا سيما الصين وروسيا". "التحدي الأكبر أمام الدولار هو التحول الفعلي في التكتلات الاقتصادية. فلو نجح الاتحاد الأوروبي في تحقيق انتعاش اقتصادي وتخفيف التزاماته تجاه أوكرانيا، قد نشهد صعوداً لافتاً لليورو. أما اليوان، فيمتلك فرصة كبيرة لتجاوز الدولار، شريطة أن تُبرم اتفاقيات اقتصادية تُحقق مصالح مشتركة بين بكين وواشنطن". وتختتم خبيرة أسواق المال تصريحاتها بالإشارة إلى أن "الدولار يظل مستنداً إلى قوته السياسية أكثر من الاقتصادية، وهذه الهيمنة السياسية هي ما تحفظ له صدارته في النظام المالي العالمي".


سكاي نيوز عربية
منذ 37 دقائق
- سكاي نيوز عربية
رويترز: بروكسل تسعى لإعفاءات عاجلة قبيل موعد ترامب الجمركي
إعفاءات فورية لا تنتظر اتفاقاً نهائياً بحسب دبلوماسيين أوروبيين تحدثوا لوكالة "رويترز"، تطالب المفوضية الأوروبية ، المسؤولة عن تنسيق السياسة التجارية للاتحاد، بأن يبدأ تخفيف الرسوم الجمركية فور التوصل إلى اتفاق مبدئي، دون انتظار الصياغة النهائية التي قد تستغرق أسابيع أو شهوراً. واعتبرت مصادر أوروبية أن تأجيل بدء تطبيق التخفيضات سيفرغ الاتفاق من مضمونه. وتأتي هذه الجهود في ظل قبول أوروبي ضمني بأن الرسوم الأميركية الأساسية البالغة 10 بالمئة على بعض القطاعات قد تكون "أمراً لا مفر منه"، لكنّ بروكسل في المقابل تطالب بخطوات تعويضية على الجانب الأميركي. ثلاث مطالب أساسية في قلب المفاوضات المفوضية وضعت على الطاولة ثلاث أولويات تفاوضية أساسية: أولاً ، تسعى بروكسل إلى إلغاء الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على المنتجات الأوروبية أو إعادتها إلى مستويات ما قبل التصعيد التجاري، خاصة في قطاعات المشروبات الكحولية، التكنولوجيا الطبية، وأشباه الموصلات. كما تطالب بإدراج الطائرات التجارية وقطع الغيار والمستحضرات الطبية ضمن نطاق الاتفاق المرتقب. ثانياً ، تصرّ الدول الأوروبية على إعفاء شامل من الرسوم البالغة 25 بالمئة المفروضة على السيارات وقطع غيارها، والتي تعتبرها "خطاً أحمر". وفي حال تعذّر التوصل إلى تسوية عادلة، قد تلجأ بروكسل إلى تدابير مضادة. كما تشمل المطالب خفضاً فورياً للرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم، والتي رفعتها واشنطن في يونيو إلى 50 بالمئة. ثالثاً ، تدعو المفوضية إلى أن يبدأ تنفيذ أي إعفاءات جمركية فور توقيع الاتفاق المبدئي، حتى لو استغرقت التفاصيل الفنية وقتاً أطول. بعض دول التكتل اعتبرت أن أي اتفاق مؤجل التنفيذ سيكون غير مقبول من الناحية السياسية والاقتصادية. ورقة التمديد ليست مستبعدة ورغم التعقيدات، لا يُستبعد أن يتم تمديد المهلة النهائية، فوزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قال، الإثنين، إن قرار التمديد يبقى بيد الرئيس ترامب، مشيراً إلى أن الموعد الجديد المطروح لإتمام الاتفاقات هو الأول من سبتمبر. في المقابل، أرسلت إدارة ترامب الأسبوع الماضي "وثيقة تفاوض قصيرة" توضح ما تنتظره من الجانب الأوروبي، دون تقديم أي تنازلات مقابلة، وفق ما ذكره دبلوماسيون أوروبيون مطلعون على المفاوضات. وحتى الآن، يبدو أن الولايات المتحدة متمسكة بفرض رسوم على قطاعات حيوية، بما في ذلك الأدوية، حيث صرّح ترامب سابقاً بأن الإعلان عن الرسوم الجمركية على هذا القطاع سيكون "قريباً جداً". وفد أوروبي رفيع في طريقه إلى واشنطن في محاولة أخيرة للتوصل إلى تسوية قبل انقضاء المهلة، يتوجه مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروش شفتشوفيتش، ومدير مكتب رئيسة المفوضية الأوروبية بيورن سيبرت، إلى واشنطن خلال الأسبوع الجاري. ويأمل الوفد أن يتم التوصل إلى اتفاق مبدئي يضمن تخفيفاً فورياً للرسوم الجمركية ويجنّب التصعيد التجاري. أما في حال فشل المباحثات، فإن بروكسل ستكون أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما القبول بتفاوتات كبيرة في الاتفاق الجديد، أو الدخول في مواجهة تجارية مفتوحة مع واشنطن.