
الحرب الإمبريالية على إيران
في هذا المقال، سنتناول موضوع الحرب الإمبريالية على إيران من خلال الإجابة على أسئلة من قبيل طبيعة هذه الحرب وسياقاتها وأبعادها العالمية والإقليمية، وموقف اليسار منها وأولوية ذلك، مع تحليل وتبيان البرنامج النووي الإيراني ضمن برامج الدول الأخرى، وكيل أدوات الإمبريالية المختلفة بمكيالين اتجاه ذلك، ولا سيما منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن والاتحادات الإقليمية، وذلك في ثلاث حلقات.
الحلقة الأولى: السياق العالمي والإقليمي للحرب على إيران
كان الصراع على أرض أوكرانيا، ولا يزال، المحور الرئيسي والأساسي للحرب الإمبريالية العالمية الثالثة من نوعها، وفق معطيات واعتبارات وتقنيات جديدة مختلفة عن الحربين العالميتين الأولى والثانية. حرب تشارك فيها عدة أطراف، إما مباشرة أو خلف الظل، عبر الدعم المتنوع التقني والاستخباراتي وما شابه. حرب واجهت فيها روسيا أكثر من 50 دولة من الغرب بكل قواتها الاقتصادية والتكنولوجية، حرب تدور بأساليب وطرق جديدة بدون زحف للجيوش. وكما سبق أن أكدنا عليه في مقالات سابقة، فإن هذه الحرب/الصراع لها ارتدادات في عدة مجالات وحقول وبكل مكان بالعالم، حيث انفجرت بشكل طفيف في إفريقيا بالمستعمرات الفرنسية السابقة لحمل فرنسا على المغادرة، لتنتقل إلى حرب ضروس عنيفة وقاسية في فلسطين/غزة ولبنان وسوريا، واليوم بإيران، وستنقل الحرب/الصراع بأشكال متنوعة إلى كل بلد في العالم. ما يميز الحرب اليوم هو البعد العالمي، لكونها ليست بين بلدين مختلفين على حدود أو على مواضيع ثنائية، بل هي حرب عالمية وصراع أقطاب حول الهيمنة على العالم.
ما يعيشه العالم العربي الآن، هو صدمة كبيرة حقيقية. لقد حصلت تغييرات مهمة وسريعة في المنطقة، بحيث تُرسم بها خرائط جديدة في ظل تحولات وحراك للقوى العالمية الفاعلة للبحث عن توازن عالمي جديد ترسمه موازين القوى العالمية.
في ظل المتغيرات الدولية، توجد بالمنطقة حاليا ثلاث دول إقليمية مهمة، كلها دول غير عربية: تركيا وإيران وإسرائيل. أما دول العالم العربي فغير موجودة على الخريطة، موجودة جغرافيا واقتصاديا، لكن سياسيا غير حاضرة، بدليل أن التفاعلات القائمة لا نكاد نرى فيها دورا عربيا يُذكر. وحتى مصطلح 'العالم العربي' اختفى ولم يعد يُذكر، وتم تعويضه بمفهوم 'الشرق الأوسط'، لإقحام إسرائيل كقوة غربية غريبة على المنطقة.
المنطقة في حالة كارثية، بدليل النتائج الواقعية على الأرض. فمن المنظور التاريخي السياسي الملموس، تم القضاء على محور المقاومة في الشرق الأوسط بالكامل تقريبا: تدمير شبه كامل لغزة، واغتيال إسماعيل هنية بطهران، ومقتل الرئيس الإيراني في ظروف غامضة، واغتيال قادة الصف الأول لحماس وحزب الله، وأيضا الإطاحة بنظام الأسد، وتعرض القوات الإيرانية سابقا لضربات قاسية.
لم تكن الأوضاع الحالية وليدة اليوم، بل مُهّد لها على الأقل منذ الغزو الإمبريالي الأمريكي للعراق خلال حرب الخليج الثالثة في مارس 2003، وما تلاها من أحداث سنة 2011 ومسلسل التطبيع مع العدو الصهيوني. كما أنه من الأخطاء الاستراتيجية عزل عملية 'طوفان الأقصى' عن أي استراتيجية واضحة بتحالفات معلنة واتفاقات معينة، حيث غاب التنسيق مع المحيط الفلسطيني الداعم، ولم نشاهد أي رد فعل عربي أو إسلامي موحد، مساند وداعم. ولقد ساهمت الماكينة الإعلامية الغربية والعربية، وتصريحات قادة دول غربية ومثقفون عرب ومغاربيون وغربيون، في محاولة إلصاق تهمة الإرهاب على عملية طوفان الأقصى. أما الجامعة العربية فقد أصبحت جمع أصفار. فعلى هذا المستوى، كان الهجوم غير مدروس وبدون التوفر على رسم الخطوات الموالية.
تصعيد حماس الاستباقي، استغلته إسرائيل والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كمبرر للوصول إلى أهدافهم في قطاع غزة وفي عموم المنطقة. وما يطرح تساؤلات عريضة هو عدم مشاركة العالم العربي والإسلامي بأي شكل من الأشكال في الأحداث، واكتفاؤه ببيانات إدانة أو باحتجاجات شعبية، وهو ما لم يكن متناسبا مع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني من طرف النظام الصهيوني المحتل.
ولقد أفقدت حرب الإبادة الجماعية الكيان الإسرائيلي تماما صورته كضحية في نظر المجتمع الدولي، إذ استُنزف 'الرصيد الأخلاقي' وفُقد التعاطف الذي اكتسبه اليهود بسبب ما سُمي بالمحرقة الفظيعة خلال حكم هتلر. لكنه ظهر كقوة طبعت معها عديد من الأنظمة ويخشاها الجميع، ويجب التعامل معها بجدية، ما جعله يروج لخريطة جديدة للشرق الأوسط ولإسرائيل الكبرى كقوة تضع نفسها قوة إقليمية مهيمنة وقائدة للمنطقة، خاصة مع إضعاف ما تبقى من محور المقاومة بعد القضاء، سابقا، على النظامين العراقي والليبي.
كما خلق تدمير غزة وإضعاف محور المقاومة وضعا دوليا جديدا بالمنطقة، ومع خلو الساحة من فاعلين أقوياء، بدا أنه ليس هناك من خيار حقيقي لمعارضة هذا التوجه الإمبريالي الخطير، خاصة مع حالة الترقب والحذر بسبب المصالح والحسابات الجيوسياسية والاستراتيجية للقوى العالمية الأخرى كالصين وروسيا وحلفائهما، وجبن وخيانة الأنظمة الرجعية بالمنطقة.
- إشهار -
أمام هذا الواقع، وإن لم يحقق الكيان الصهيوني كامل أهدافه المعلنة بسبب الصمود البطولي للمقاومة، فقد ظهر منتصرا ومنتشيا وأصابه الغرور، مدعوما من الغرب الذي يكيل بمكيالين، في عالم اختفى فيه القانون الدولي أو يكاد، ليُعوض بقانون الغاب، حيث السياسة سياسة الأقوى، قانون 'أقتلني أو أقتلك'.
دفع الغرور بالطفل المدلل والابن الولود الذي ترعاه الدول الغربية، الكيان الصهيوني، قادته الإرهابيين، المطلوبين للعدالة الجنائية الدولية، إلى التجرؤ على دولة إيران التي كانت، وما تزال، رغم تناقضاتها الداخلية، شوكة في خاصرة المشروع الصهيوني الأمريكي التوسعي، والدخول معها في حرب جبانة وتوجيه ضربات على إيران يوم الجمعة 13 يونيو 2025، شملت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين. عملية أُطلق عليها الاسم الرمزي «عم كلافي»، وتعني حرفيا 'شعب كلبؤة'، هذا في الوقت الذي فُتح الحوار معها حول مشروعها النووي الموجَّه، حسبها، للاستعمال السلمي.
هكذا دخلت المنطقة بكاملها في فصل صراع جديد ومرحلة جديدة، عنوانها إلغاء الحوار 'الحضاري' واستبداله بحوار البندقية، المعزز بالإرهاب الإمبريالي وترويع الشعوب والدول باغتيال السياسيين والنخب العلمية ونشر الأكاذيب بهدف زرع البلبلة. إنها حرب قانونها 'إما أنا أو أنت' في هذه المنطقة، إنها حرب وجود، لم تعد لفصائل المقاومة، بعد إضعافها وتحييدها، فيها من تأثير حقيقي، مع تراجع وحدة الساحات. تحولت إلى الصدام الحقيقي بين القوتين والأيديولوجيتين الأكثر تأثيرا: إيران، التي يقودها نظام عقدي عقائدي أيديولوجي من جهة، والكيان الإسرائيلي الصهيوني الإمبريالي الممتد على المستوى العالمي والمستوى الإقليمي عبر دول التحالف الإبراهيمي التطبيعي الغادر والجبان من جهة ثانية.
ولعل ما يميز هذا الفصل من الصراع المحموم هو أنه بلغ ذروته، حيث تُضرب قلب العواصم، ما يجعلها آخر الحروب الإمبريالية بالمنطقة، لفرز القيادة الإقليمية لشرق أوسط جديد فوق ألغام القهر والظلم.
في السابق، كانت إسرائيل تحارب فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ولأول مرة، منذ 1973، تدخل في حرب مع دولة قائمة الذات. فإيران دولة عظمى تحتل موقعا مهما في الخارطة السياسية والاستراتيجية إقليميا وعالميا. فهو بلد تأسس سنة 1501م، متسع جغرافيا ومترامي الأطراف وغني بموارده. يقع في قلب القارة الآسيوية، يحدها من الشمال دول الاتحاد السوفيتي (سابقا)، ومن الشرق أفغانستان وباكستان، ومن الغرب العراق وتركيا، ومن الجنوب خليج عمان والخليج العربي. وتبلغ مساحة إيران 1,648 مليون كلم². ويبلغ طول حدودها البرية 5440 كلم. كما يبلغ طول شريطها الساحلي قرابة 2440 كلم على طول الخليج العربي وخليج عمان، وقرابة 740 كلم بحر قزوين (بحر الخزر). وقد بلغ عدد سكان إيران أزيد من 85,6 مليون نسمة سنة 2024.
إيران، بلد تعايش الثقافات والأعراق، حيث الفارسي والأذري والجيلكي والمازندراني والعربي والكردي واللور والبلوش والترك وغيرها، وحيث تعايش الأديان والمذاهب من مختلف الأعراق: من الشيعة 65%، والسنة 25%، والطوائف اليهودية والنصرانية والبهائية والزرادشتية 10%.
ولقد كانت إيران دولة سنية حتى القرن العاشر الهجري، لكن أهل السنة في هذا البلد من الشعوب غير الفارسية يقطنون بالهوامش، بعيدين عن المدن الكبرى والعاصمة، حيث الشيعة الفرس. وفي ذلك، يوضح المفكر فهمي هويدي أن المشاكل التي يتعرض لها أهل السنة في إيران مرجعها ليس مذهبيا، إذ تعتبر إيران ليست دولة سنية أو شيعية، بل دولة مركزية.
وبالفعل، فإيران دولة بكل المقومات الحضارية والسياسية والاقتصادية، استطاعت بكل المقاييس بناء دولة صناعية، السلمية والعسكرية، ضمنت بفعل علمائها وقادتها السياسيين الاكتفاء الذاتي والسيادة الأمنية للدفاع عن شعبها، باعتبار الصناعات العسكرية الخاصة بها تُشغلها بحرية خارج التعاقدات المفروضة من القوى الإمبريالية وشروط صفقات الأسلحة التي تلزم الدولة المشترية باحترام شروط تشغيل الأسلحة بواسطة كودات لا تسلمها، عادة، القوى الإمبريالية للدول المشترية. وهذا ما يخيف العدو الإسرائيلي، الذي يرى أن إيران، بترسانتها العسكرية والنووية السلمية التي قد ترتقي إلى مستوى سلاح نووي حقيقي، تشكل التهديد الحقيقي لوجود إسرائيل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بديل
منذ 5 ساعات
- بديل
الحرب الإمبريالية على إيران
في هذا المقال، سنتناول موضوع الحرب الإمبريالية على إيران من خلال الإجابة على أسئلة من قبيل طبيعة هذه الحرب وسياقاتها وأبعادها العالمية والإقليمية، وموقف اليسار منها وأولوية ذلك، مع تحليل وتبيان البرنامج النووي الإيراني ضمن برامج الدول الأخرى، وكيل أدوات الإمبريالية المختلفة بمكيالين اتجاه ذلك، ولا سيما منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن والاتحادات الإقليمية، وذلك في ثلاث حلقات. الحلقة الأولى: السياق العالمي والإقليمي للحرب على إيران كان الصراع على أرض أوكرانيا، ولا يزال، المحور الرئيسي والأساسي للحرب الإمبريالية العالمية الثالثة من نوعها، وفق معطيات واعتبارات وتقنيات جديدة مختلفة عن الحربين العالميتين الأولى والثانية. حرب تشارك فيها عدة أطراف، إما مباشرة أو خلف الظل، عبر الدعم المتنوع التقني والاستخباراتي وما شابه. حرب واجهت فيها روسيا أكثر من 50 دولة من الغرب بكل قواتها الاقتصادية والتكنولوجية، حرب تدور بأساليب وطرق جديدة بدون زحف للجيوش. وكما سبق أن أكدنا عليه في مقالات سابقة، فإن هذه الحرب/الصراع لها ارتدادات في عدة مجالات وحقول وبكل مكان بالعالم، حيث انفجرت بشكل طفيف في إفريقيا بالمستعمرات الفرنسية السابقة لحمل فرنسا على المغادرة، لتنتقل إلى حرب ضروس عنيفة وقاسية في فلسطين/غزة ولبنان وسوريا، واليوم بإيران، وستنقل الحرب/الصراع بأشكال متنوعة إلى كل بلد في العالم. ما يميز الحرب اليوم هو البعد العالمي، لكونها ليست بين بلدين مختلفين على حدود أو على مواضيع ثنائية، بل هي حرب عالمية وصراع أقطاب حول الهيمنة على العالم. ما يعيشه العالم العربي الآن، هو صدمة كبيرة حقيقية. لقد حصلت تغييرات مهمة وسريعة في المنطقة، بحيث تُرسم بها خرائط جديدة في ظل تحولات وحراك للقوى العالمية الفاعلة للبحث عن توازن عالمي جديد ترسمه موازين القوى العالمية. في ظل المتغيرات الدولية، توجد بالمنطقة حاليا ثلاث دول إقليمية مهمة، كلها دول غير عربية: تركيا وإيران وإسرائيل. أما دول العالم العربي فغير موجودة على الخريطة، موجودة جغرافيا واقتصاديا، لكن سياسيا غير حاضرة، بدليل أن التفاعلات القائمة لا نكاد نرى فيها دورا عربيا يُذكر. وحتى مصطلح 'العالم العربي' اختفى ولم يعد يُذكر، وتم تعويضه بمفهوم 'الشرق الأوسط'، لإقحام إسرائيل كقوة غربية غريبة على المنطقة. المنطقة في حالة كارثية، بدليل النتائج الواقعية على الأرض. فمن المنظور التاريخي السياسي الملموس، تم القضاء على محور المقاومة في الشرق الأوسط بالكامل تقريبا: تدمير شبه كامل لغزة، واغتيال إسماعيل هنية بطهران، ومقتل الرئيس الإيراني في ظروف غامضة، واغتيال قادة الصف الأول لحماس وحزب الله، وأيضا الإطاحة بنظام الأسد، وتعرض القوات الإيرانية سابقا لضربات قاسية. لم تكن الأوضاع الحالية وليدة اليوم، بل مُهّد لها على الأقل منذ الغزو الإمبريالي الأمريكي للعراق خلال حرب الخليج الثالثة في مارس 2003، وما تلاها من أحداث سنة 2011 ومسلسل التطبيع مع العدو الصهيوني. كما أنه من الأخطاء الاستراتيجية عزل عملية 'طوفان الأقصى' عن أي استراتيجية واضحة بتحالفات معلنة واتفاقات معينة، حيث غاب التنسيق مع المحيط الفلسطيني الداعم، ولم نشاهد أي رد فعل عربي أو إسلامي موحد، مساند وداعم. ولقد ساهمت الماكينة الإعلامية الغربية والعربية، وتصريحات قادة دول غربية ومثقفون عرب ومغاربيون وغربيون، في محاولة إلصاق تهمة الإرهاب على عملية طوفان الأقصى. أما الجامعة العربية فقد أصبحت جمع أصفار. فعلى هذا المستوى، كان الهجوم غير مدروس وبدون التوفر على رسم الخطوات الموالية. تصعيد حماس الاستباقي، استغلته إسرائيل والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كمبرر للوصول إلى أهدافهم في قطاع غزة وفي عموم المنطقة. وما يطرح تساؤلات عريضة هو عدم مشاركة العالم العربي والإسلامي بأي شكل من الأشكال في الأحداث، واكتفاؤه ببيانات إدانة أو باحتجاجات شعبية، وهو ما لم يكن متناسبا مع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني من طرف النظام الصهيوني المحتل. ولقد أفقدت حرب الإبادة الجماعية الكيان الإسرائيلي تماما صورته كضحية في نظر المجتمع الدولي، إذ استُنزف 'الرصيد الأخلاقي' وفُقد التعاطف الذي اكتسبه اليهود بسبب ما سُمي بالمحرقة الفظيعة خلال حكم هتلر. لكنه ظهر كقوة طبعت معها عديد من الأنظمة ويخشاها الجميع، ويجب التعامل معها بجدية، ما جعله يروج لخريطة جديدة للشرق الأوسط ولإسرائيل الكبرى كقوة تضع نفسها قوة إقليمية مهيمنة وقائدة للمنطقة، خاصة مع إضعاف ما تبقى من محور المقاومة بعد القضاء، سابقا، على النظامين العراقي والليبي. كما خلق تدمير غزة وإضعاف محور المقاومة وضعا دوليا جديدا بالمنطقة، ومع خلو الساحة من فاعلين أقوياء، بدا أنه ليس هناك من خيار حقيقي لمعارضة هذا التوجه الإمبريالي الخطير، خاصة مع حالة الترقب والحذر بسبب المصالح والحسابات الجيوسياسية والاستراتيجية للقوى العالمية الأخرى كالصين وروسيا وحلفائهما، وجبن وخيانة الأنظمة الرجعية بالمنطقة. - إشهار - أمام هذا الواقع، وإن لم يحقق الكيان الصهيوني كامل أهدافه المعلنة بسبب الصمود البطولي للمقاومة، فقد ظهر منتصرا ومنتشيا وأصابه الغرور، مدعوما من الغرب الذي يكيل بمكيالين، في عالم اختفى فيه القانون الدولي أو يكاد، ليُعوض بقانون الغاب، حيث السياسة سياسة الأقوى، قانون 'أقتلني أو أقتلك'. دفع الغرور بالطفل المدلل والابن الولود الذي ترعاه الدول الغربية، الكيان الصهيوني، قادته الإرهابيين، المطلوبين للعدالة الجنائية الدولية، إلى التجرؤ على دولة إيران التي كانت، وما تزال، رغم تناقضاتها الداخلية، شوكة في خاصرة المشروع الصهيوني الأمريكي التوسعي، والدخول معها في حرب جبانة وتوجيه ضربات على إيران يوم الجمعة 13 يونيو 2025، شملت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين. عملية أُطلق عليها الاسم الرمزي «عم كلافي»، وتعني حرفيا 'شعب كلبؤة'، هذا في الوقت الذي فُتح الحوار معها حول مشروعها النووي الموجَّه، حسبها، للاستعمال السلمي. هكذا دخلت المنطقة بكاملها في فصل صراع جديد ومرحلة جديدة، عنوانها إلغاء الحوار 'الحضاري' واستبداله بحوار البندقية، المعزز بالإرهاب الإمبريالي وترويع الشعوب والدول باغتيال السياسيين والنخب العلمية ونشر الأكاذيب بهدف زرع البلبلة. إنها حرب قانونها 'إما أنا أو أنت' في هذه المنطقة، إنها حرب وجود، لم تعد لفصائل المقاومة، بعد إضعافها وتحييدها، فيها من تأثير حقيقي، مع تراجع وحدة الساحات. تحولت إلى الصدام الحقيقي بين القوتين والأيديولوجيتين الأكثر تأثيرا: إيران، التي يقودها نظام عقدي عقائدي أيديولوجي من جهة، والكيان الإسرائيلي الصهيوني الإمبريالي الممتد على المستوى العالمي والمستوى الإقليمي عبر دول التحالف الإبراهيمي التطبيعي الغادر والجبان من جهة ثانية. ولعل ما يميز هذا الفصل من الصراع المحموم هو أنه بلغ ذروته، حيث تُضرب قلب العواصم، ما يجعلها آخر الحروب الإمبريالية بالمنطقة، لفرز القيادة الإقليمية لشرق أوسط جديد فوق ألغام القهر والظلم. في السابق، كانت إسرائيل تحارب فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ولأول مرة، منذ 1973، تدخل في حرب مع دولة قائمة الذات. فإيران دولة عظمى تحتل موقعا مهما في الخارطة السياسية والاستراتيجية إقليميا وعالميا. فهو بلد تأسس سنة 1501م، متسع جغرافيا ومترامي الأطراف وغني بموارده. يقع في قلب القارة الآسيوية، يحدها من الشمال دول الاتحاد السوفيتي (سابقا)، ومن الشرق أفغانستان وباكستان، ومن الغرب العراق وتركيا، ومن الجنوب خليج عمان والخليج العربي. وتبلغ مساحة إيران 1,648 مليون كلم². ويبلغ طول حدودها البرية 5440 كلم. كما يبلغ طول شريطها الساحلي قرابة 2440 كلم على طول الخليج العربي وخليج عمان، وقرابة 740 كلم بحر قزوين (بحر الخزر). وقد بلغ عدد سكان إيران أزيد من 85,6 مليون نسمة سنة 2024. إيران، بلد تعايش الثقافات والأعراق، حيث الفارسي والأذري والجيلكي والمازندراني والعربي والكردي واللور والبلوش والترك وغيرها، وحيث تعايش الأديان والمذاهب من مختلف الأعراق: من الشيعة 65%، والسنة 25%، والطوائف اليهودية والنصرانية والبهائية والزرادشتية 10%. ولقد كانت إيران دولة سنية حتى القرن العاشر الهجري، لكن أهل السنة في هذا البلد من الشعوب غير الفارسية يقطنون بالهوامش، بعيدين عن المدن الكبرى والعاصمة، حيث الشيعة الفرس. وفي ذلك، يوضح المفكر فهمي هويدي أن المشاكل التي يتعرض لها أهل السنة في إيران مرجعها ليس مذهبيا، إذ تعتبر إيران ليست دولة سنية أو شيعية، بل دولة مركزية. وبالفعل، فإيران دولة بكل المقومات الحضارية والسياسية والاقتصادية، استطاعت بكل المقاييس بناء دولة صناعية، السلمية والعسكرية، ضمنت بفعل علمائها وقادتها السياسيين الاكتفاء الذاتي والسيادة الأمنية للدفاع عن شعبها، باعتبار الصناعات العسكرية الخاصة بها تُشغلها بحرية خارج التعاقدات المفروضة من القوى الإمبريالية وشروط صفقات الأسلحة التي تلزم الدولة المشترية باحترام شروط تشغيل الأسلحة بواسطة كودات لا تسلمها، عادة، القوى الإمبريالية للدول المشترية. وهذا ما يخيف العدو الإسرائيلي، الذي يرى أن إيران، بترسانتها العسكرية والنووية السلمية التي قد ترتقي إلى مستوى سلاح نووي حقيقي، تشكل التهديد الحقيقي لوجود إسرائيل.


أكادير 24
منذ 9 ساعات
- أكادير 24
هل ظهور الحكومة العالمية بات وشيكا .!؟
agadir24 – أكادير24 الاستاذ اليزيد كونكا لا يختلف اتنان على ان هناك نظاما عالميا موجود ا،وقد بدأ ظهوره منذ نهاية الحرب العالمية التانية وهو الذي يدير العالم وفق تصوره ومصالح الجهة التي اوجدته ممثلة في الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية ، إلا ان هذاالنظام لم يعد يتسع للجميع و قد نفذت مهمته ، وقد يفتح المجال لقيام نظام عالمي جديد و في هيكل مخالف لسابقه سيكون اكثر تحكما وسيطرة، إذا نجح في الخروج إلى العلن . والحديث السائد لدى الاوساط المهتمة في العلاقات الدولية ومستقبل العالم، فإنهم يخمنون من خلال ما توفر لديهم من معطيات ، وقراءت للأحداث وربط بعضها ببعض، أن من يسعى إلى تغيير النظام العالمي القائم الممثل ظاهريا بجمعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن بها واجهزتها الاخرى ، فإنه يخطط لوضع بديل له تكون له الوسيلة والقوة ما بجعل جهاز ه المركزي مرتبط بشكل مباشر بحكومات الدول التي ستكون ممثلة فيه، والذي سيأخذ تشكيله وقتا -إذا نجحت الخطط الموضوعة سلفا _ هذا الجهاز العالمي الذي سيجعل كل دول العالم منضوية تحت لوائه ومن بقي خارجا منها عن التمثيل فيه ستصنف كدولة مارقة Rogue state وستحارب بكل الوسائل حتى خضوعها للنظام العالمي الجديد ، والعمل تحت لوائه ،وهو ما يعني انتهاء مرحلة ما يعرف بسيادة الدول وذوبانها وجعل كل قرارات الدول المصيرية رهينة بالموافقة من الحكومة العالمية ،التي وإن تشكلت أجهزتها من دول العالم ،إلا أن قادتها، واطرها ستتشكل من رؤساء الشركات العابرة للقارات التي ستعطى لها الإمكانية والوسيلة العملية لخلق تبعية مباشرة لها للشركات المحلية بكل دولة بحسب طبيعة النشاط الاقتصادي او الخدماتي للشركات الكبرى والمهيمنة على الاقتصاد العالمي . والظاهر ان منظري هذه الحكومة العالمية قد عملوا منذ مدة في البحث عن دمج النخب السياسية والدينية في العالم لها . والسؤال الذي يطرح هو لماذ لم تعلن هذه الحكومة عن خروجها او قيامها حتى الآن؟ وقد أظهرت ما يعرف بجائحة كورونا مدى قدر تها وتحكمها فعلا في حكومات العالم ونخبها السياسية ؟ . والجواب عن السؤال يكمن في حدثين الأول هو وصول الرئيس ترامب إلى السلطة بما يمثله من توجه مخالف تماما لبرامج هذه الحكومة العالمية ،وهو الذي يعمل بإدراك او من غير إدراك من أجل تقويض اطروحة الحكومة العالمية ،وذلك بالتخلص من نخبها المتحكمة والمتجدرة في الإدارة المركزية الأمريكية وفي صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم .،وأما الحدث الثاني والذي لم تتشكل معالمه بعد وهو ظهور تجمع ما يسمى دول بريكس ،والذي ظهر كمن يسابق الزمن ليعرقل ظهور تلك الحكومة العالمية. فماذا تخفي السنوات القادمة وماهو مصير عالم اليوم الذي فقد نظامه القائم كل أسباب وجوده ،وهل يسبق ظهور الحكومة العالمية اولا تفكيك الدول القائمة وتقسيمها إلى دويلات صغيرة بعرقيات وطوائف ؟، حتى تسهل عملية التحكم والسيطرة ام أنه قد يكون فات الأوان على المتربصين والمخططين لقيام حكومة عالمية؟، وبالتالي تكون العودة بالعالم إلى نظام ما قبل الحرب العالمية الأولى وما تبعها من تشكيل عصبة الأمم. ؟ وتبقى الاجوبة معلقة ،لكن المؤكد أن النظام العالمي القائم حاليا سيزول وستكون لذلك تبعات كبرى ستؤدي شعوب العالم ولا شك ثمنا لذلك .


المغرب اليوم
منذ يوم واحد
- المغرب اليوم
تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل وهجمات متبادلة تطال منشآت نووية ومواقع مدنية وسط ترقب دولي حذر
صعّدت طهران وتل أبيب حربهما الاستنزافية، مع اختتامهما الأسبوع الأول من المواجهة غير المسبوقة بينهما، أمس (الخميس)، بهجمات طالت منشآت نووية في إيران وقصف صاروخي تسبب بأضرار واسعة في جنوب إسرائيل. وفي غضون ذلك، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب سيعطي فرصة للجهود الدبلوماسية وأنه سيتخذ قراره حول إيران خلال الأسبوعين المقبلين. واستهدفت إسرائيل، أمس، مواقع في نطنز ومفاعل أصفهان للأبحاث ومفاعل أراك للمياه الثقيلة، بهدف «تعطيل أي نشاط يمكن أن يُستخدم لأغراض عسكرية»، حسب قولها، فيما أطلقت إيران زهاء 30 صاروخاً، أصاب أحدها «مستشفى سوروكا» في بئر السبع بجنوب إسرائيل ومباني قرب تل أبيب ومناطق أخرى. وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن الصواريخ سقطت أمس على 4 مواقع في وسط وجنوب إسرائيل، وتسببت في إصابة 147 شخصاً على الأقل. ونفت إيران وقوع أضرار إشعاعية من جراء القصف، مؤكدة إخلاء المنشآت بشكل مسبق. وتراجعت إسرائيل عن بيان بشأن ضرب محطة بوشهر النووية، المطلة على الخليج. كما أكدت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» تعرض مفاعل أراك للقصف، من دون تسريب مواد مشعة.وأكدت طهران أن دفاعاتها أسقطت طائرات مسيّرة ومقاتلات إسرائيلية، وشددت على أن العمليات ستتواصل حتى «إزالة التهديد». وقال نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، إن «كل الخيارات مطروحة»، محذراً من مغبة تدخل الولايات المتحدة في الحرب دعماً لإسرائيل. وبدوره، قال بهنام سعيدي عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إن إغلاق مضيق هرمز، سيكون أحد الخيارات التي قد تتخذها طهران «للرد على أعداء البلاد». لكن وزير الخارجية عباس عراقجي لمح، في المقابل، إلى مرونة دبلوماسية مشروطة بهدف وقف الهجمات الإسرائيلية. وأعلن عن لقاء مرتقب مع مسؤولين أوروبيين، وسط اتصالات غير مباشرة مع واشنطن لاحتواء التصعيد لكن من دون التراجع عن البرنامج النووي، على حد قوله. وتطرق عراقجي بدوره إلى التطورات الميدانية، أمس، فقال إن القوات المسلّحة الإيرانية دمرت مقراً للقيادة والسيطرة والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وهدفاً حيوياً آخر، نافياً الاتهامات الإسرائيلية بتعمُّد مهاجمة مستشفى عسكري. وبينما بدت إسرائيل مصدومة من زخة الصواريخ الإيرانية في اليوم السابع للحرب؛ توعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بإزالة التهديد النووي والصاروخي الإيراني. وقال نتنياهو للصحافيين من أمام «مستشفى سوروكا» أمس: «هدفنا مزدوج، القضاء على التهديد النووي وتهديد الصواريخ الباليستية. نحن في المراحل النهائية من القضاء على هذا التهديد». من جهة أخرى أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن الرئيس ترمب متمسك بالأمل استناداً إلى وجود فرصة كبيرة لإجراء مفاوضات قد تعقد في المستقبل القريب. ورفضت الإجابة على أسئلة حول شكل الاتفاق الذي يمكن تقديمه لإيران وبنوده. وأكدت ليفيت وجود مراسلات بين الولايات المتحدة والإيرانيين لكنها لم توضح ما إذا كان المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف على اتصال بوزير الخارجية الإيراني وما إذا كان يخطط للذهاب لحضور اللقاء الأوروبي - الإيراني في جنيف اليوم (الجمعة). بدورهما، أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ، خلال مكالمة هاتفية بينهما أمس، استحالة تحقيق تسوية للصراع المتفاقم عبر الوسائل العسكرية، وعبّرا عن «إدانة شديدة لتصرفات إسرائيل التي تنتهك بها ميثاق الأمم المتحدة»، وشددا على ضرورة العودة للدبلوماسية.