
مقاومة الحمائية التجارية
لم يكن في حسبان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تواجه قراراته الاقتصادية، التي تستند إلى مبدأ الحمائية، معارضة من الداخل الأمريكي ذاته، إلى جانب الاستياء الدولي الواسع بالطبع.
ففي أوائل أبريل الماضي، فرض ترامب في "يوم التحرير" رسومًا جمركية عقابية على واردات الولايات المتحدة القادمة من معظم دول العالم، دون تمييز بين حليف وعدو، في خطوة مثيرة للجدل تهدف إلى حماية الصناعة المحلية.
لكن ما لم يكن في الحسبان، جاء في نهاية مايو، حين أصدرت محكمة التجارة الدولية الأمريكية حكمًا قضائيًا تاريخيًا يقضي بوقف تنفيذ تلك الرسوم.
وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن قانون الطوارئ الذي استند إليه البيت الأبيض لا يمنح الرئيس السلطة المطلقة لفرض رسوم جمركية شاملة بهذه الطريقة.
وقد مثل هذا القرار القضائي ضربة قاسية للحمائية وهي ركيزة أساسية من ركائز السياسات الاقتصادية لترامب.
انقسام في الداخل
اللافت في هذه القضية أن الحكم القضائي جاء نتيجة دعوى قانونية تقدّم بها "مركز العدالة الليبرالية"، وهو مؤسسة غير حزبية، بالنيابة عن خمس شركات صغيرة متضررة، كانت تستورد بضائع من الدول التي شملتها الرسوم الجمركية.
وهذا الحكم، الذي سارعت الإدارة الأمريكية إلى الطعن عليه، كشف عن انقسام داخلي أمريكي واضح تجاه سياسات ترامب الحمائية.
الصلب والألومنيوم
لكن المفاجأة الأكبر كانت في تجاهل ترامب الكامل لهذا الحكم القضائي. فبدلاً من التراجع عن سياساته الحمائية المُربكة للتجارة الدولية، أعلن في بداية يونيو عن مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50%.
الهدف؟ حماية المصانع الأمريكية من المنافسة الخارجية، وتشجيع الإنتاج المحلي، تحت مظلة "قانون الطوارئ".
انتقادات دولية متزايدة
هذا القرار فجّر موجة من الانتقادات الدولية، حيث أعربت كندا عن نيتها اتخاذ إجراءات انتقامية، فيما أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه، خصوصًا أن السوق الأمريكية تستوعب نحو خمس صادراته من الصلب. كذلك، عانت دول آسيوية مثل كوريا الجنوبية والهند وفيتنام من آثار هذه الرسوم، إذ تُعدّ من كبار مصدّري المعادن إلى الولايات المتحدة.
أما في الداخل الأمريكي، فتعتبر هذه الإجراءات سيفًا ذا حدّين، إذ من المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار الصلب والألومنيوم داخل السوق الأمريكية، مما سيلقي بظلاله على قطاعات عديدة مثل الصناعات التحويلية والبناء، وسيتحمل المواطن الأمريكي العبء الأكبر من هذه التداعيات.
تسييس التجارة الدولية
إن إصرار الإدارة الأمريكية على المضي في فرض الرسوم رغم الحكم القضائي يُعدّ مؤشرًا خطيرًا على تسييس التجارة الدولية، ويهدد بإشعال فتيل حرب تجارية شاملة، ستدفع ثمنها ليس فقط الدول المستهدفة، بل كذلك الاقتصاد الأمريكي ذاته، من خلال ارتفاع الأسعار واضطراب سلاسل التوريد وضعف ثقة المستثمرين.
وفي نهاية المطاف، فإن الرهان الحقيقي لا يكمن في رفع الحواجز الجمركية، بل في تعزيز القدرة التنافسية وفتح قنوات الحوار العالمي، لأن الحمائية ليست درعًا دائمًا، بل قد تكون قيدًا خانقًا في اقتصاد يقوم على الانفتاح والتكامل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 31 دقائق
- مصراوي
المستشار الألماني يلتقي الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض اليوم
برلين- (د ب أ) يلتقي المستشار الألماني فريدريش ميرتس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض بواشنطن في تمام الساعة 1730 بالتوقيت المحلي. ومن المقرر عقد اجتماع خاص ومأدبة غداء مشتركة في البيت الأبيض، يعقبه مؤتمر صحفي في مكتب الرئيس الأمريكي (حوالي الساعة 1930(حيث وقعت من قبل مشادات مثيرة للجدل خلال زيارتي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا. وسيركز الاجتماع بين ميرتس وترامب على جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا، وتعامل حلف شمال الأطلسي (ناتو) مع التهديدات الخارجية المتزايدة، والنزاع حول الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأوضح ميرتس من قبل أنه لن يسافر إلى واشنطن "كمتوسل"، وأنه سيمثل المواقف الأوروبية هناك بثقة. ولم يلتقِ ميرتس وترامب إلا لفترة وجيزة قبل سنوات عديدة في نيويورك، لكن منذ تولي المستشار منصبه قبل أربعة أسابيع، تحدثا أربع مرات عبر الهاتف - مرة على انفراد، ثم ثلاث مرات ضمن مجموعة أكبر مع عدد من قادة دول أوروبية حول الحرب في أوكرانيا. وسيبقى المستشار في العاصمة الأمريكية حوالي 17 ساعة فقط. ويعتزم أيضا زيارة مبنى الكابيتول، مقر مجلسي البرلمان. ومن المقرر أن يلتقي ميرتس وترامب مرتين أخريين في يونيو الجاري: في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى منتصف هذا الشهر في كندا، وفي قمة الناتو في نهاية هذا الشهر في لاهاي.


الدولة الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- الدولة الاخبارية
الاستعانة بالأصدقاء.. خطة أوكرانيا لتغيير الحسابات في حرب روسيا
الخميس، 5 يونيو 2025 09:14 صـ بتوقيت القاهرة قال وزير الدفاع الأوكراني رستم عميروف، إن الحكومة الأوكرانية تعتمد على زيادة الإنتاج بالتعاون مع شركائها الأوروبيين في الحصول على إمدادات الأسلحة والذخيرة. وذكر عميروف أن هناك اهتمامًا بتصنيع شركات السلاح الأوكرانية أنظمة مطورة حديثا خارج البلاد، وأدلى بتصريحاته بعد اجتماع لمجموعة الاتصال بشأن أوكرانيا، المعروفة باسم مجموعة راماشتاين، في بروكسل. وأضاف أن هذه الأسلحة يجب أن يتم إرسالها إلى أوكرانيا طالما استمرت الحرب. وقال عميروف، الذي تحدث عن نتائج الاجتماع مع وزيري الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس والبريطاني جون هيلي: "سنصنع مسيرات وصواريخ وذخيرة وأسلحة أخرى معا. لقد غيرت المسيرات الأوكرانية المجريات في ساحة المعركة. والآن سنغير كيفية استعداد دول راماشتاين للتهديدات المستقبلية". وأضاف أن الإنتاج المشترك يمثل تحولا إستراتيجيا. يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يقدم دعما ماليا لكييف منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير عام 2022. وأعلنت الحكومة الأوكرانية في أبريل عن تلقيها دعما ماليا بقيمة 5ر3 مليار يورو (8ر3 مليار دولار) من التكتل. كان بيستوريوس قد تعهد مسبقا ببذل مزيد من الجهود لتعزيز أنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية، لاسيما في ما يتعلق بالحماية وتعطيل الاتصالات ونشر الأسلحة. وتشارك دول أخرى في هذه المبادرات. من جانبه، أدان هيلي الهجمات الروسية المتواصلة على المدن والمدنيين في أوكرانيا رغم الجهود المبذولة لتحقيق السلام، قائلا: "أوكرانيا، والولايات المتحدة، وجميعنا هنا ندعو إلى وقف لإطلاق النار. نحن مع السلام. بوتين يواصل الحرب، لذا تصبح أعمال هذه المجموعة التنسيقية أكثر أهمية من أي وقت مضى. علينا أن نكثف جهودنا، ولا يجوز لنا أن نتراجع أبدا".


جريدة المال
منذ ساعة واحدة
- جريدة المال
الأسهم الأمريكية تغلق الأربعاء مرتفعة وسط ترقب بيانات الوظائف ومحادثات الرسوم الجمركية
ارتفعت الأسهم الأمريكية في ختام تعاملات الأربعاء، وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية مع ترقب المستثمرين لمحادثات الرسوم الجمركية وبيانات الوظائف. وشهدت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية الثلاثة ارتفاعًا طفيفًا، متعاطفةً مع نظيراتها الأوروبية، بينما انخفض الدولار، وظل الذهب مستقرًا بشكل أساسي. وقال روس مايفيلد، محلل استراتيجيات الاستثمار في شركة بيرد في لويزفيل، كنتاكي: "يوفر هذا التحرك الكبير في أسعار الفائدة بعض الراحة، إن لم يكن للأسهم بشكل مباشر، فعلى الأقل لبعض الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع أسعار الفائدة". وأضاف: "هناك بعض الارتياح في أسواق الأسهم، إذ يبدو أن هناك نطاقًا أعلى لسعر الفائدة في ظل هذه الظروف". وقال كبير المفاوضين الأوروبيين إن محادثات التجارة الأمريكية الأوروبية تحرز تقدمًا، مشيرًا إلى أن مضاعفة الرسوم الجمركية الأمريكية على المعادن، والتي دخلت حيز التنفيذ الأربعاء، لا تُسهم في دفع المفاوضات. وقد أضرت القيود الصينية على صادرات المعادن الأساسية بشركات صناعة السيارات العالمية، التي حذرت من أن النقص يهدد بتعطيل سلاسل التوريد العالمية. ومع احتمالية إجراء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتصالًا هاتفيًا قريبًا مع الرئيس الصيني شي جين بينج، وصف ترامب شي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه صارم و"من الصعب للغاية إبرام صفقة معه"، مما يشير إلى أن التوصل إلى حل سريع للخلافات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم قد يكون بعيد المنال. وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 18.57 نقطة، أو 0.04%، ليصل إلى 42,537.23 نقطة. كما ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 12.69 نقطة أو 0.21% إلى 5982.97 نقطة، كما ارتفع مؤشر ناسداك المركب 84.52 نقطة أو 0.44% إلى 19483.48 نقطة.