logo
حذف مناهج دراسية فلسطينية يضع "أونروا" في دائرة الاتهام

حذف مناهج دراسية فلسطينية يضع "أونروا" في دائرة الاتهام

Independent عربية١٢-٠٢-٢٠٢٥

باعتباره "انتهاكاً للاتفاقات بين وكالة 'أونروا' والدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين" طالبت "منظمة التحرير" الفلسطينية الوكالة بالتراجع عن قرارها القاضي بسحب بعض المواد من المنهاج التعليمي في مدارسها، الذي يأتي تتويجاً لحملة ضد المنهاج التعليمي الفلسطيني بدعوى "تحريضه على الكراهية ضد الإسرائيليين".
ومع بداية الفصل الدراسي الثاني تلقى مديرو المدارس في وكالة "أونروا" في الضفة الغربية تعليمات إدارية بسحب كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي من التدريس واستبدال كتاب آخر به، وفق مصادر "اندبندنت عربية".
"التحريض على العنف"
وأشارت تلك المصادر إلى أن ذلك الطلب "يأتي بعد أعوام من الجدل في شأن المناهج التعليمية الفلسطينية، واتهام بعض الدول الممولة وكالة 'أونروا' بالمشاركة في 'التحريض على العنف، وكراهية إسرائيل'".
وبحسب تلك المصادر فإن إجراء الوكالة يهدف إلى "إرضاء مموليها الماليين في ظل وقف دعم الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها الممول الرئيس للوكالة إضافة إلى السويد".
بلغ عدد الطلبة بمدارس "أونروا" في قطاع غزة أكثر من 290 ألفاً (أ ف ب)
وعلى رغم طلب "اندبندنت عربية" الحصول على تعليق من وكالة "أونروا"، فإن ذلك لم يتوفر.
ويتلقى أكثر من 47 ألف طالب وطالبة تدريسهم في 97 مدرسة تابعة لوكالة "أونروا" بالضفة الغربية، فيما بلغ عدد الطلبة بمدارس الوكالة في قطاع غزة أكثر من 290 ألفاً.
وفي عام 2018 أجبرت الاحتجاجات الفلسطينيين إدارة وكالة "أونروا" على التراجع عن خططها لتغيير كامل في مناهجها التدريسي.
وينص نظام وكالة "أونروا" على التزامها قانون الدولة المستضيفة ومناهجها التدريسية، حيث تقدم الوكالة خدماتها التعليمية في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة ولبنان وسوريا والأردن.
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين فيها أحمد أبو هولي، خطوة الوكالة "خرقاً لذلك الاتفاق، وبأنه من غير المسموح لأحد العبث بهذا المنهاج بشطب بعض فصوله".
إملاءات أميركية؟
وأشار أبو هولي في حديث إلى "اندبندنت عربية" إلى أن خطوة "'أونروا' خضوع للإملاءات الأميركية الإسرائيلية، واشتراطات بعض الدول المانحة، ويتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والعالم الحر".
وقال أبو هولي إن المنهاج التعليمي الفلسطيني "يخلو من التحريض ونشر الكراهية، ومنسجم مع مبادئ اليونيسكو، وحقوق الإنسان وقيم الأمم المتحدة".
كما لفت إلى تلك المناهج تتضمن "الحد الأدنى من الذاكرة الجماعية حيال الثوابت والمقدسات الوطنية والدينية"، مضيفاً أن تلك الثوابت "لا يمكن حذفها أو تعديلها أو استبدالها".
ويراجع مفتشون تابعون للوكالة المناهج الدراسية في مدارسها بصورة دورية، وبحسب مراجعة "اندبندنت عربية" كتاب اللغة العربية للصف الخامس، فإنه يتضمن إشادة بالمقاومة الفلسطينية دلال المغربي التي نفذت هجوماً مسلحاً عام 1978، أسفر عن مقتل 38 إسرائيلياً في جنوب حيفا، كذلك يتضمن الكتاب المدرسي إشادة بخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي وعز الدين القسام وياسر عرفات.
وفي رسالة رسمية إلى مفوض عام وكالة "أونروا" فيليب لازاريني، طالب أبو هولي بإلغاء قرار "سحب كتاب اللغة العربية للصف الخامس، واستبدال ملف مواد التعلم الذاتي به".
الذاكرة الجماعية
ودعا أبو هولي الوكالة التابعة للأمم المتحدة إلى "ضمان حق الشعب الفلسطيني في الحفاظ على وعيه وثقافته وذاكرته الجماعية في شأن أرضهم وحقهم ومقدساتهم وثوابتهم الوطنية".
وطالبت الرسالة "أونروا" بـ"مناصرة المناهج الفلسطينية، وحمايتها والدفاع عنها، والحفاظ على دورها وتفويضها وفقاً للقرار 302، وليس الخضوع للشروط الإسرائيلية".
وعبر أبو هولي عن استيائه من قرار الوكالة "فمن غير المقبول تعميمها على مدارسها إلغاء بعض المواد التدريسية، من دون التواصل مع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية".
واعتبر أبو هولي "أن حرب الإبادة الجماعية لإسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية أكبر محرض عليها، وليس المناهج التعليمية".
ورأى مدير مركز "إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية" عمر رحال أن قرار حذف مادة اللغة العربية للصف الخامس في مدارس وكالة "'أونروا' مبني على ادعاءات باطلة، ويأتي في إطار التحريض على الوكالة من إسرائيل وأميركا".
وبحسب رحال فإن تلك "الادعاءات تستهدف تجفيف منابع دعم 'أونروا' على طريق حلها، بهدف القضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى ديارهم التي هجرتهم منها إسرائيل"، وأوضح رحال أن تلك المناهج "وضعها خبراء فلسطينيون بإشراف دولي، ولا تتضمن أي تحريض أو معاداة للسامية"، لكن المحاضر الإسرائيلي في جامعة "بار إيلان" مردخاي كيدار رفض ذلك، وأشار إلى أن المناهج التعليمية الفلسطينية "تنكر وجود إسرائيل ولا تعترف بها".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منهاج أردني؟
وبحسب كيدار فإن "الكتب المدرسية بخاصة مواد الجغرافيا لا يوجد فيها ذكر لإسرائيل، بل إنها خريطة فلسطين التاريخية لا تظهر فيها إسرائيل، وحتى بعد إقامة السلطة الفلسطينية واعترافها بإسرائيل، وتأسيس منهج تدريسي خاص بها قبل 30 عاماً".
وروى كيدار قصة زيارته وهو جندي في الجيش الإسرائيلي إلى إحدى المدارس في مخيم الأمعري برام الله عام 1994، وملاحظته عدم وجود اسم إسرائيل على خريطة فلسطين التاريخية، ووفق كيدار فإن مدير المدرسة أبلغه حينها بأن المنهاج التدريسي أردني، وليس فلسطينياً.
وقال كيدار إن "ذلك الإنكار هو منبع المشكلات، فكيف ستقيم سلاماً مع طرف وأنت تنكر وجوده، فإسرائيل وفق الفلسطينيين كيان سيزول مع الوقت كما تذكر المناهج التعليمية المدرسية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل تعتمد ليبيا "تجربة رواندا" لنزع السلاح المتفلت؟
هل تعتمد ليبيا "تجربة رواندا" لنزع السلاح المتفلت؟

Independent عربية

timeمنذ 11 ساعات

  • Independent عربية

هل تعتمد ليبيا "تجربة رواندا" لنزع السلاح المتفلت؟

أكدت البعثة الأممية للدعم في ليبيا مساء الأحد أن المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، وبالتعاون مع البعثة "شكل لجنة هدنة برئاسة رئيس الأركان محمد الحداد بالبناء على التهدئة الهشة التي جرى التوصل إليها الأسبوع الماضي" بعد الاشتباكات التي شهدتها مدينة طرابلس. وشدد رئيس المجلس الرئاسي والقائد الأعلى للجيش الليبي محمد المنفي، على ضرورة العمل المشترك بين كل الأطراف العسكرية والأمنية لضمان عدم تكرار الأحداث الأخيرة والحفاظ على الأمن العام، مؤكداً أهمية دور المؤسسة العسكرية في حماية المواطنين وضبط الأوضاع بما يخدم مسار الاستقرار السياسي والأمني، وذلك إثر اجتماع للمجلس الرئاسي مع المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، مساء الأحد، خصص لبحث سبل التعامل مع تداعيات التطورات الأخيرة التي شهدتها العاصمة طرابلس وإطلاق آلية لتثبيت الهدنة ودعم ترتيبات أمنية تفضي إلى تهدئة دائمة وتعزيز الاستقرار. وشهدت العاصمة طرابلس خلال الأيام القليلة الماضية اشتباكات مسلحة بين اللواء 444 التابع لحكومة "الوحدة الوطنية" برئاسة عبدالحميد وعناصر من جهاز الردع لمكافحة الجريمة والإرهاب الموالي للمجلس الرئاسي الذي يقوده محمد المنفي، أعمالاً مسلحة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وتدمير في الممتلكات الخاصة والعامة. نزع السلاح وللتخلص من الميليشيات المسلحة في ليبيا التي يناهز عددها 300 ميليشيا، في حين يصل عدد قطع السلاح الموجودة خارج الشرعية الأمنية إلى 29 مليون قطعة وفق تقارير أممية، يرى مراقبون أن ليبيا باتت بحاجة إلى تطبيق "تجربة رواندا" التي تبنت برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج المعروف ببرنامج DDR. وأشرفت الأمم المتحدة على تنفيذ عدد من مهام نزع السلاح في دول عدة على غرار رواندا التي عاشت حرباً أهلية في تسعينيات القرن الماضي. ولضمان نجاح خطة حل الميليشيات في ليبيا، يقول المتخصص بالشأن العسكري العميد عادل عبدالكافي، إن "تحقيق هذا الهدف رهن الإرادة الدولية باعتبار أن برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج المعروف ببرنامج DDR، لا يمكن أن تنفذه إلا الأمم المتحدة، مؤكداً أن استقرار الدولة وأمنها هما نتيجة جمع السلاح وإدماج جميع التشكيلات المسلحة والأجهزة الأمنية التي تشكلت بعد انتفاضة فبراير (شباط) عام 2011، فهناك سلاح منتشر وانقسام عسكري داخل الأراضي الليبية أديا إلى حالة من التفلت عند الحدود الليبية". ويؤكد العميد الليبي لـ"اندبندنت عربية" أن أولى خطوات بناء الدولة تبدأ بعملية إعادة جمع الأسلحة وإدماج العناصر المسلحة، بمؤسسات الدولة، منوهاً بأن هذا الأمر يرتكز على عوامل رئيسة، أولها إعادة التأهيل وبخاصة للعناصر التي لم ترتكب جرائم حرب أو أسهمت في نهب المال العام، لأن هذا الموضوع من اختصاص القضاء وهو الذي يفصل في مثل هذه الأمور. عقد مصالحة ويرى أنه في الحال الليبية هناك بعض التشكيلات المسلحة التي فرضت نفسها على بعض الوزارات والوزراء، وتغولت في إدارات الدولة وأصبح لها صلاحيات، مستفيدة من قرارات شرعنتها الصادرة عن المجلس الرئاسي ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية، وهو أمر ينطبق على الشرق والغرب والجنوب. ويقول عبدالكافي إن أولى الخطوات تكون عبر عقد مصالحة والجلوس مع قادة الميليشيات، ثم تُدمج العناصر الصالحون منهم في مؤسسات الدولة عبر إعادة تأهيل عناصرها من خلال الهيكلية الهرمية للجهاز الأمني أو القوات العسكرية، مضيفاً أن إعادة الإدماج تبدأ بعملية جمع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من أجل أن يكون هناك تكوين لوحدات عسكرية وأمنية تعمل بمهنية بعيداً من سطوة السلاح، ويتابع "إذا قبل قادة هذه الميليشيات المسلحة وعناصرها الاندماج الفعلي بإدارات الدولة، سواء كانت أجهزة أمنية أو عسكرية، ثم خضوعهم لعملية إعادة التأهيل التي ستتولاها الأمم المتحدة، وقتها ستنتهي عملية انتشار السلاح وستتفكك هذه التشكيلات". عقبات ويقول المحلل السياسي إبراهيم لاصيفر إن عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج اللبنة الأولى لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا، ويستدرك قائلاً إن عملية دخول السلاح إلى البلد بطريقة غير شرعية على رغم فرض حظر الأسلحة على ليبيا منذ عام 2011 وفق القرار رقم 2292، هي العقبة الكبرى أمام تطبيق برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في ليبيا. ويؤكد أن عملية "إيرني" فشلت في تطبيق القرار رقم 2292 القاضي بفرض حظر توريد السلاح إلى ليبيا، إذ سبق ووجدت صواريخ "جافلن" في غريان خلال حرب قائد قوات الشرق خليفة حفتر على طرابلس عام 2019، موضحاً أن تركيا وروسيا متورطتان في تزويد أطراف الصراع الليبي بالسلاح وخرق قرار حظر توريد الأسلحة المفروض على ليبيا، معتبراً أن الذهاب نحو نزع السلاح لن ينجح في ظل استمرار دخول الأسلحة إلى ليبيا بطريقة غير شرعية. ويرى أن "عملية تذويب الميليشيات في ليبيا ضرورة حتمية ليس للعملية السياسية فقط، بل هي واجب إنساني يجب أن يتكفل به المجتمع الدولي، لأن السلاح في ليبيا معضلة دولية قبل أن تكون ليبية، فعملية نزع السلاح هي منظومة كاملة يجب تطبيقها بحذافيرها"، ورأى أنه "من المفترض أن تكون في سياق برنامج متكامل لا ضمن عملية جزئية أو نوعية، لأن أي خلل أو قصور قد يحول المشكلة إلى اجتماعية". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) المراحل ويقول لاصيفر إن عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج يجب أن تمر بثلاث مراحل مهمة، أولاها تطبيق قرار منع دخول الأسلحة إلى ليبيا لأن ما يحدث الآن وحتى مع قرار مجلس الأمن رقم 2292، القاضي بفرض حظر الأسلحة على ليبيا، ما هو إلا حبر على ورق، فتدفق السلاح لم يتوقف من خارج ليبيا إلى داخلها. أما المرحلة الثانية لنجاح برنامج نزع السلاح فتتمثل بإيجاد جسم تنفيذي عبر تشكيل حكومة غرضها الرئيس نزع السلاح وتكون لها قوات أمنية أقوى من هذه الميليشيات. ويتابع أن المرحلة الثالثة تتمثل في تغيير مهام بعثة الأمم المتحدة من بعثة للدعم إلى بعثة إدارة أزمة مثلما حدث في رواندا، وتكون البعثة الأممية مزودة بعناصر القبعات الزرقاء وهي قوات فض النزاع، تضبط العنف ويكون الحكم بيد قوة شرعية دولية. ويوضح لاصيفر أن "المجموعات المسلحة لا تعد فقط حاضنة مسلحة بل أصبحت حاضنة اجتماعية واقتصادية، فهناك أفراد من المجتمع الليبي تعتمد على هذه الميليشيات المسلحة، وليس لها مورد رزق سوى المرتب الذي تحصل عليه من العمل لصالح تلك المجموعات". ويوصي لاصيفر بمعالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لحل هذه الميليشيات، بحيث يجب توفير بدائل وظيفية لعناصر هذه المجموعات المسلحة التي لا تصلح للالتحاق بمؤسسات الدولة مثل دعم المشاريع الصغرى وتنمية الاقتصاد، وهذه مشاريع يجب تمويلها من المجتمع الدولي. "فمن يقاتل في صفوف هذه الميليشيات هو من فئة الشباب العاطل عن العمل، لأن الدولة عاجزة عن استيعاب هذا الكم من الشباب، والقطاع الخاص غير منظم، الأمر الذي دفع كثيراً منهم للتوجه إلى هذه المجموعات المسلحة من أجل لقمة العيش، فما يجري في ليبيا ليس أمراً جديداً على العالم، والمجتمع الدولي نجح في احتواء هذه الظواهر في دول عدة، مثل أنغولا والبوسنة والهرسك ورواندا، وهو يملك الأدوات الضرورية لمعالجة هذا الأمر، لكن ما يحدث بالبلد هو ارتداد للانقسام الدولي حول ليبيا".

رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"
رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • Independent عربية

رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"

نايا ومهدي وحسين وتاتيانا وسعاد ومحمد وغيرهم من عشرات الضحايا غدر بهم الرصاص الذي يطلق في لبنان ابتهاجاً أو حزناً أو اعتزازاً بخطاب سياسي، واللائحة تطول عاماً بعد عام ومناسبة تلو الأخرى، في ظاهرة متوارثة عبر الأجيال يواصل فيها الرصاص الطائش تهديد حياة المواطنين بغياب الإجراءات الحاسمة والجدية التي يمكن أن تضع حداً له. وتسبب الرصاص الطائش في إزهاق أرواح عدد كبير من الأبرياء على مر الأعوام، في متوسط سنوي مقلق يقارب الثمانية وأكثر من 15 جريحاً، بحسب أرقام منظمة "الدولية للمعلومات"، فإذا بالأفراح تتحول إلى مآتم ومراسم التشييع تحصد ضحايا إضافيين من أطفال وأمهات وآباء وشباب، حين يقرر بعضهم التعبير عن فرحه أو حزنه بإطلاق النار. وكأن المناسبات على اختلافها تتحول في لبنان إلى مصدر خطر ومآسٍ، كان آخرها صدور نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية وإطلاق النار ابتهاجاً بالأسماء الفائزة، وكانت النتيجة سقوط ضحايا في عكار شمال لبنان ما بين طفل قتيل، وآخر موجود في العناية الفائقة في المستشفى بسبب خطورة حالته، ومن المصابين برصاص مطلقي النار ابتهاجاً الإعلامية ندى أندراوس عزيز أثناء تغطيتها الإعلامية للانتخابات، فكادت تفقد حياتها أيضاً، إذ أصيبت بالرصاص في قدمها على رغم وجودها داخل السيارة. مأساة تتكرر والرادع مفقود تلك التجربة الصعبة التي مرت بها الإعلامية ندى أندراوس كادت تتحول إلى مأساة حقيقية بفقدان أم لا يزال أطفالها الصغار في أشد الحاجة إليها، لو تبدل مسار الرصاصة الطائشة ميليمترات قليلة. وشاءت العناية الإلهية أن تحط الرصاصة في ساقها لتبقى إلى جانب عائلتها، وتستمر بمسيرتها المهنية. في رسالتها عبر "اندبندنت عربية" شددت أندراوس على أن القانون يجب أن يكون أكثر حزماً في المحاسبة ليكون العقاب موجعاً ويشكل رادعاً حقيقياً، قائلة "اتصل بي أحد النواب مؤكداً طرح تعديل للقانون في مجلس النواب من أجلي عبر زيادة الغرامة وعقوبة السجن، لكن هدفي ليس تعديل القانون من أجلي بل من أجل كل مواطن يمكن أن يعيش التجربة نفسها ويفقد حياته بسبب الرصاص الطائش، ولائحة الضحايا تطول خلال الأعوام الأخيرة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضافت، "أنا مواطنة كغيري، وما نريده هو وضع رادع فعلي لهذا التفلت والاستهتار بحياة المواطنين. يجب ألا يقتصر العقاب على التوقيف، بل على مصادرة الأسلحة وعلى غرامة موجعة، والسجن الملزم بحيث لا يكون من الممكن لمطلق النار الخروج منه، ولو بكفالة. يكفي أن مطلق النار يعرض حياة عائلات للخطر، وبسببه تخسر أمهات أطفالهن، ويخسر أطفال أمهاتهم. كما أدعو إلى التشهير بهؤلاء الأشخاص الذين يقدمون على عمل مماثل مع ضرورة تسليط الضوء عليهم ليكون ذلك درساً لهم. فهم مجرمون وجريمتهم لا تقل فظاعة عن تلك التي يقوم بها من يرتكب جريمة عن سابق إصرار وتصميم". في كل مناسبة ضحايا وفي كل مناسبة يسقط مزيد من الضحايا بسبب الرصاص الطائش، وتصبح أسماؤهم متداولة بكثرة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتتحرك الأجهزة الأمنية، ونسمع عن عشرات المعتقلين، لكن سرعان ما تصبح أسماء الضحايا في طي النسيان، ولا تزال ثقافة السلاح تسيطر في مختلف المناطق اللبنانية لتعكس أزمة حقيقية في البلاد، حيث يبدو الرصاص وسيلة يتفاخر بها بعضهم ويشكل مظهراً من مظاهر القوة الكاذبة بدلاً من أن يكون أداة تستخدم عند الضرورة القصوى، وفي حالات محدودة، لذلك تتكرر المآسي من دون رادع ومعها المشاهد الصادمة. تقول المحامية فداء عبدالفتاح إن "المحكمة العسكرية تصدر قرارات بملاحقة مطلقي النار، وهناك توقيفات لمئات من مطلقي النار، وكان من المفترض أن يشكل ذلك رادعاً، إنما في الواقع تكون تلك التوقيفات موقتة من دون معالجة جدية بعيدة المدى لهذه القضية، وخلال عام 2017 كان هناك اتجاه جدي لتحويل إطلاق النار إلى جناية، كرد فعل على مقتل فتاة بالرصاص العشوائي، ففي قانون العقوبات يعد إطلاق النار في الهواء جنحة، وعقوبتها السجن لمدة شهر مع حجز السلاح، وغرامة تصل إلى 1500 دولار أميركي، ما لم تحصل إصابة أو ضرر". وتضيف أنه "من السهل شراء السلاح في أي مكان في لبنان من دون ضوابط، وهو موجود في حوزة معظم الناس داخل المنازل بلا تراخيص. وخلال الانتخابات البلدية والاختيارية في عكار، الكل يعرف المنازل التي أطلق منها الرصاص، لكن يغيب الدور الرقابي ويغلب التخاذل، وأجزم أنه على رغم مئات التوقيفات لمطلقي النار خلال الأعوام الأخيرة، لم يحصل مرة أن اعتقل مطلق نار تسبب بوفاة، أو إصابة، أو ضرر. يضاف إلى ذلك أن التوقيفات تحصل أيضاً بطريقة عشوائية من دون إثباتات أن هؤلاء الأشخاص أطلقوا النار فعلاً". تراخيص السلاح بالجملة يبقى السلاح المتفلت أساس المشكلة هنا، ففي لبنان يباع السلاح عشوائياً لأي كان، وتعطى التراخيص بالواسطة بدلاً من أن يكون ترخيص السلاح محصوراً بفئات معينة. وعلى سبيل المثال، يعد تجار الذهب من الفئات التي يحق لها اقتناء السلاح والحصول على تراخيص بعد تقديم الأوراق الشخصية إلى وزارة الدفاع مع سجل عدلي يؤكد أن الشخص المعني لا حكم سابق عليه، وينطبق ذلك على الحالات التي يكون فيها العمل ليلياً، وحتى في المنازل، ففي حال اقتناء قطعة سلاح للدفاع عن النفس، من المفترض أن يكون السلاح مرخصاً، وإلا سيكون غير قانوني، وفق عبدالفتاح. وتشدد المحامية على أن "حيازة السلاح تستدعي الحصول على ترخيص، ولا يمكن أن يكون السلاح بيد أي كان، ويبيعه في أية زاوية كأي غرض آخر، كما يحصل في لبنان حيث يمكن لمن يعرف مسؤولاً أن يحصل على رخصة سلاح، ولو لم يكُن يحق له ذلك. فتجارة السلاح موجودة في كل مكان، وهي متنقلة وبيد كثر". وتضيف أنه "لبناء البلد لا بد من إجراءات متعددة الاتجاهات والجوانب، بدءاً من التوعية لإلغاء ثقافة السلاح التي تربط بين الرجولة واستخدام السلاح. وهنا يأتي دور الإعلام والبلديات لتوعية الشباب، مع أهمية التشديد على ضرورة أن يتقدم بشكوى كل من يكون شاهداً على أعمال شغب مماثلة يمكن أن تهدد حياة كثر". من جهتها توضح المحققة الجنائية الوحيدة المعتمدة من قبل وزارة العدل في لبنان جنان الخطيب أنه "من المفترض تتبع البصمة الباليستية للكشف عن مطلق النار، فهي الطريقة الوحيدة المجدية التي يستند إليها العلم الجنائي. بغير ذلك، خصوصاً في حال أصاب الرصاص أحد الأشخاص أو تسبب بضرر ما، لن يكون من الممكن معرفة مصدر الرصاص". وتذكر الخطيب أنه في إحدى المرات توفيت فتاة بسبب الرصاص الطائش الذي أطلق أثناء تشييع فتاة أقدمت على الانتحار لتصبح المأساة مضاعفة. "ما دام أن سياسة الإفلات من العقاب موجودة وبغياب المحاسبة، ستبقى هذه الظاهرة موجودة، ولن يكون من الممكن وضع حد لها. فلم يحصل مرة أن جرت محاسبة شخص بعد توقيف مطلق نار تسبب بوفاة. فكيف يردع من يطلقون النار عندها؟". وتأسف الخطيب لأنه "حتى اليوم لا يستخدم التحقيق الباليستي في لبنان للكشف عن مطلقي النار، فيسهّل تحديد موقع مطلق النار والمسافة التي تفصله عن الضحية واتجاه الرصاصة. ويؤخذ عندها في الاعتبار الهواء والمطر وغيرهما من العوامل التي يمكن أن تؤثر في مسار الرصاصة. فلكل مسدس بصمة باليستية يمكن الاعتماد عليها في التحقيقات للوصول إلى القاتل بصورة علمية وسريعة، في ما يعرف بـ'العلم الجنائي الباليستي'".

"الأونروا": 92 % من المنازل في غزة دُمرت أو تَضرَّرت
"الأونروا": 92 % من المنازل في غزة دُمرت أو تَضرَّرت

صحيفة سبق

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة سبق

"الأونروا": 92 % من المنازل في غزة دُمرت أو تَضرَّرت

أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الإثنين، أن 92 بالمئة من المنازل في غزة دُمرت أو تَضرَّرت. وقالت "الأونروا" في منشورٍ على صفحتها بمنصة "فيسبوك"، الإثنين، إن "العائلات في غزة تواجه دماراً لا يمكن تصوره". وأشارت -وفق "سكاي نيوز"-، إلى أنه "تمّ تشريد عددٍ لا يُحصى من الناس مرات عدة، والمأوى نادر"، لافتة إلى أن الوكالة "لاتزال على أرض الواقع، تقدّم معونةً بالغة الأهمية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store