
ما الذي تغيّر؟.. الاتحاد الاشتراكي بين بن بركة ولشكر
يشكّل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية جزءًا من الذاكرة الجمعية للمغاربة، ومكونًا رئيسيًا لا يمكن القفز عليه – بأي شكل من الأشكال – ضمن الهوية المعاصرة للسياسة في المغرب.
وأعاد الموقف الذي عبّر عنه الكاتب الوطني لحزب 'الوردة'، إدريس لشكر، بخصوص العملية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني يوم 7 أكتوبر 2023، الحزب إلى واجهة الأحداث. لكن هذه المرة – وخلافًا لما كان عليه الحال أيام 'القوات الشعبية' – بشكل مؤسف، جعل الكثيرين يشعرون بالحسرة والأسف على مصير حزب نحت تاريخه رجال ونساء قدموا الكثير للمغرب وللمغاربة.
وفي وقت سابق من شهر مارس المنصرم، وصف إدريس لشكر عملية 'طوفان الأقصى'، يوم 7 أكتوبر 2023، بـ'النكسة الخطيرة'، محمّلًا المسؤولية للمقاومة الإسلامية 'حماس'، التي 'اتخذت القرار بمعزل عن السلطة الفلسطينية'، وفق تعبيره.
وجرَّ هذا التصريح غضبًا كبيرًا على لشكر، تجاوز أعضاء الحزب إلى الكثير من المتعاطفين معه أو المنتمين لمختلف تنظيمات اليسار، بل وأغلب الأحزاب والتنظيمات ذات المرجعية الوطنية.
وعلى خلفية هذا التصريح، تقدم الكاتب المحلي للحزب بالجماعة الترابية تاكونيت، عضو الكتابة الإقليمية بزاكورة، رضوان الشركاوي، والكاتب المحلي بابن جرير، محمد خليفة، باستقالتيهما، فيما عبّر أعضاء آخرون عن رفضهم لهذه التصريحات، التي وصفوها بـ'غير المقبولة من زعيم حزب وطني تقدمي'.
وبالعودة إلى التاريخ، واستحضار أحد أشهر وأبرز قادة حزب الاتحاد الاشتراكي، المهدي بن بركة، فقد سبق له أن نبّه في محاضرة شهيرة إلى خطورة التغلغل الصهيوني في إفريقيا، معتبرًا أنه يهدف إلى 'تطويق المنطقة العربية بمحيط إفريقي مناهض للقضية الفلسطينية ومعادٍ للأنظمة التقدمية عربيًا وإفريقيًا'.
وفي ماي 2023، أفرج مجلس النواب عن لائحة الأسماء المشكلة لمجموعة الصداقة البرلمانية بين المغرب وإسرائيل، والتي تضمنت الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية (فريق حزب الوردة). وكان رئيس الفريق، عبد الرحيم شهيد، قد قال حينها: 'لدينا عضو في المجموعة وليس لدينا أي مشكل'.
ومعلوم أن حزب الاتحاد الاشتراكي، بمرجعيته التقدمية المناهضة للإمبريالية والصهيونية، شكّل لعقود جزءًا من التحالف العالمي الذي يقف في وجه التغوّل الإمبريالي، وضد التمدد الصهيوني في فلسطين وكل المنطقة.
ويعتقد الكثير من المتتبعين أن حزب 'الوردة' قد انسلخ عن جلده منذ سنوات، ولم يبقَ له من التاريخ الذي كان يفتخر به الاتحاديون والمغاربة عمومًا سوى الاسم، وهو الآن بصدد التخلص من إرثه ليتحول إلى تجمع وطني آخر للأحرار، بدلًا من 'القوات الشعبية' – النموذج الانتخابي الذي يقود الحكومة.
ويربط بعض المهتمين بالشأن الحزبي في المغرب المواقف الأخيرة للحزب بالرغبة الواضحة لكاتبه الوطني في الدخول إلى الحكومة بأي شكل من الأشكال، مؤكدين أن اللوبي الصهيوني وداعمي إسرائيل أصبح لهم وزن معتبر في المغرب، ويمكنهم مساعدة لشكر على تحقيق حلمه.
وجدير بالذكر أن الحزب، في مؤتمره السابع المنعقد سنة 2005، ندد بما يتعرض له الشعب الفلسطيني آنذاك من 'تنكيل واعتداء من طرف الغزاة الصهاينة'، مؤكدًا 'دعمه الراسخ لنضال الشعب الفلسطيني'.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجريدة 24
منذ 4 ساعات
- الجريدة 24
المعارضة الاتحادية تجر 7 مؤسسات للمساءلة
بادر الفريق الاشتراكي بمجلس النواب إلى توجيه سلسلة من الطلبات إلى اللجان البرلمانية الدائمة، دعا فيها إلى عقد جلسات استماع بحضور مسؤولين كبار بعدد من المؤسسات والمقاولات العمومية، إلى جانب الوزراء الوصيين. ويستهدف الفريق الاتحادي التركيز على المؤسسات المعنية من حيث اعتماد الحكامة، ونجاعة الأداء، ومديونية المؤسسات، وفعالية الاستثمارات العمومية، في قطاعات حيوية تتصدر المشهد الاقتصادي والاجتماعي المغربي. الفوسفاط.. الاستثمار تحت المجهر في طليعة هذه الملفات، برزت دعوة الفريق الاتحادي لمساءلة المجمع الشريف للفوسفاط، أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، بشأن توجهاته الاستثمارية وتحدياته الاستراتيجية في ظل تقلبات السوق الدولية للفوسفاط واحتدام المنافسة. ورغم ريادة المجمع عالميا، نبه الفريق الاشتراكي إلى انخراطه المتزايد في مجالات تتجاوز نشاطه المرجعي، وتعدد مساهماته في قطاعات مثل الاستشارات والهندسة، ما يثير تساؤلات حول مدى انسجام هذه الاختيارات مع الدور الأساسي للمؤسسة، وحول مردوديتها الفعلية على الاقتصاد الوطني. المطارات.. وفي مجال النقل الجوي، رفعت فريق حزب "الوردة" مطالب بمساءلة المكتب الوطني للمطارات حول مشاريع بملايير الدراهم لم تترجم إلى أثر ملموس على جودة الخدمات أو التنمية السياحية، رغم تسجيل المكتب لرقم قياسي بلغ 27.1 مليون مسافر في 2023، وتحقيق أرباح تجاوزت مليار درهم. وحذر الفريق من هشاشة الحكامة في التدبير، وضعف استغلال الطاقة الاستيعابية، وتأخر إنجاز المشاريع، داعيا إلى تقييم معمق لأداء المكتب في ضوء تطلعات المغرب السياحية واستحقاقات كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030. الكهرباء والماء.. مديونية مقلقة وبالنظر لما يستنزفه المكتب الوطني للكهرباء والماء، من مليارات الدراهم سنويا في استثمارات لم تعفه من مديونية ثقيلة قاربت الخط الأحمر، ودفعت الفريق إلى التشكيك في ديمومة نموذجه الاقتصادي. وفي ظل الإجهاد المائي وتزايد الطلب على الطاقة، نبه الفريق الاشتراكي إلى ضرورة الوقوف على فعالية الهيكلة المالية المعتمدة، وجدوى الاستمرار في فتح اعتمادات ضخمة دون مراجعة جذرية لمنظومة التسيير. السكك الحديدية.. لا تخفي عمق الأزمة في قطاع النقل السككي، يسائل الفريق المذكور المكتب الوطني للسكك الحديدية، حيث تجاوز عدد المسافرين 55 مليونا، وبلغ رقم المعاملات 4.6 مليار درهم، لكن نسبة تنفيذ الاستثمارات لم تتجاوز 33%!. كما نبه إلى ارتفاع مديونية المكتب إلى 42.6 مليار درهم، متسائلا عن مدى واقعية البرامج الاستثمارية المستقبلية التي تناهز 87 مليار درهم، والمبرمجة للفترة 2025-2027، خصوصا في ظل دعم خزيني متواصل بأكثر من 3 مليارات درهم سنويا. الخطوط المغربية.. ثقل المديونية أما الخطوط الملكية المغربية، فقد تم استدعاؤها لمساءلة نموذجها الاقتصادي في ظل صعوبات متكررة، أبرزها المديونية، تحديات التموقع الدولي، وضعف التنافسية مقارنة بشركات الطيران الإقليمية. ودعا الفريق الاشتراكي إلى تقييم الجهود المبذولة لإعادة الهيكلة وتدقيق خطط الشركة المستقبلية في سوق دولي يشهد تغيرات متسارعة وضغطا متزايدا على التكاليف والأسعار. السياحة.. دعم بلا مردودية حقيقية لم يسلم القطاع السياحي من انتقادات الفريق الاشتراكي، حيث تم استدعاء كل من المكتب الوطني المغربي للسياحة والشركة المغربية للهندسة السياحية، بسبب ضعف الأثر التنموي للدعم العمومي، وغياب استراتيجية تسويقية شاملة، تركز في الغالب على وجهات محدودة دون استثمار مؤهل في المؤهلات السياحية للجهات الأخرى. وأشار الفريق إلى أن النتائج الإيجابية في عدد السياح لا تنعكس بالضرورة على توزيع عادل للعائدات، ولا على دينامية الاستثمار الجهوي أو خلق فرص الشغل المستدامة في المناطق غير المستفيدة من هذا الزخم. المؤسسات العمومية.. هيكلة عالقة ونبه الفريق الاشتراكي إلى تأخر تفعيل الإصلاح الشامل للمؤسسات العمومية، رغم إقرار قانون إطار واضح، وتأسيس الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة منذ 2021. وتساءل عن أسباب تعطيل التحويل إلى شركات مساهمة، وتأجيل حذف المؤسسات غير الفعالة، وتباطؤ تشكيل أقطاب المؤسسات ذات المهام المتقاربة، في وقت تعرف فيه بعض المؤسسات ارتفاعا مهولا في المديونية دون مساءلة حقيقية أو ارتباط التمويل بالنتائج. وتأتي هذه المبادرة البرلمانية في ظرفية دقيقة، تطرح فيها بحدة إشكالية نجاعة الإنفاق العمومي وشفافية التدبير، وسط رهانات كبرى تتعلق بالعدالة المجالية، وإنعاش الاستثمار، والاستعداد للمواعيد الرياضية والسياحية القادمة.


اليوم 24
منذ 14 ساعات
- اليوم 24
بنعبد الله: مشروع توحيد اليسار مع الاتحاد الاشتراكي تبخر ولم يعد له أثر ولانفهم السبب (فيديو)
قال نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن مشروع توحيد اليسار الذي اتفق عليه مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قد « تبخر » مضيفا « لانفهم السبب الحقيقي وراء ذلك ». وكشف بنعبد الله في حوار مع « اليوم 24″، (انظر الفيديو المرفق)، أن مبادرة توحيد جهود اليسار انتهت بإعداد وثيقة سياسية وصفها ب »القوية »، تضمنت انتقادا واضحا للحكومة، وتحمل بين طياتها بديلا ديمقراطيا تقدميا من صياغة الحزبين. وأضاف زعيم حزب الكتاب أنه تم الاتفاق على الذهاب بوثيقة توحيد اليسار إلى الرأي العام، عبر عقد ندوة صحفية نهاية السنة الماضية، وتقرر على إثر ذلك القيام بجولات في عدد من المدن، لكن كل ذلك توقف قائلا: » سبحان الله تبخر كل شيء ولم يعد هناك أي أثر لهذا المشروع »، محملا المسؤولية للإتحاد الاشتراكي وكاتبه الأول. بالنسبة لبنعبد الله، فقد استمرت محاولات توحيد صفوف اليسار، طيلة السنة الماضية، وكانت هناك مساع حقيقية لعب فيها حزب التقدم والاشتراكية أدوارا مهمة، » من أجل أن نشكل قطبا جديدا يعطي أملا جديدا في اليسار ». وكان كل من نبيل بن عبدالله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وإدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قد وقعا في 2023، وثيقة التصريح السياسي المشترك، للعمل معا على توحيد جهودهما في عدد من القضايا مع الانفتاح على اليسار.


كواليس اليوم
منذ يوم واحد
- كواليس اليوم
ملتمس الرقابة من لحظة لمكاشفة الحكومة إلى فرصة لكشف نزوات بعض مكونات المعارضة
فتح الله رمضاني يعلم الجميع أن الغاية من لجوء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى استثمار آلية ملتمس الرقابة لم تكن أبدا إسقاط الحكومة، بقدر ما كان هدفها الرئيسي هو جعل مناقشته لحظة لمكاشفة هذه الحكومة، ولإثارة العديد من القضايا والملفات التي تهم الرأي العام، والتي نجحت الحكومة إلى اليوم في تغييب النقاش حولها من داخل غرفة مجلس النواب. إن القول بأن ملتمس الرقابة لم تكن غايته إسقاط الحكومة، هو قول راجع بالأساس إلى معطى موضوعي، ومنطقي، فمن الصعب جدا، بل من المستحيل الرهان على إسقاط هذه الحكومة عبر آلية ملتمس الرقابة، ذلك أن الأمر يتعلق بحكومة تتوفر على أغلبية عددية مريحة جدا، فحتى لو تمكنت مكونات المعارضة من تقديمه ووضعه أمام رئاسة مجلس النواب، فالأكيد أنها ستفشل في ضمان الموافقة عليه، هذه الموافقة التي تتطلب تصويت الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب، وهو رهان خاسر أكيد، سيما أن اختلافات مكونات الأغلبية، لم تصل بعد إلى مستوى فك الارتباط، مما يحيل على إمكانية التحاق أحد مكوناتها بالمصوتين لصالح قبول ملتمس الرقابة. لكن المؤكد، هو أن مكونات المعارضة كانت قادرة على تقديم هذا الملتمس، حيث لا يتطلب إيداعه طبقا لأحكام الفصل 105 من الدستور، إلا توقيع خمس الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب على الأقل، وهو ما كان سيكون فرصة سانحة لإحراج الحكومة، ولمواجهتها بالعديد من الممارسات التي تعتبر خطرا على المسير الديموقراطي في المغرب. إن هذا التقديم، ليس محاولة لتذكير البعض بالعديد من المعطيات المعلومة للجميع، بل نريد منه أن يكون مدخلا للمساهمة في نقاش مفتعل ومغلوط تديره بعض مكونات المعارضة، في تفاعلها مع قرار الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية صاحب مبادرة إشهار ورقة ملتمس الرقابة في وجه الحكومة، توقيف كل أشكال التنسيق بخصوصها، بعد أن تبين له غياب الجدية في التعاطي معها. فكيف أجهضت هذه المبادرة؟ وكيف تحولت من فرصة لمكاشفة الحكومة، إلى لحظة سلّ فيها آخر خيط من جورب نايلون بعض مكونات المعارضة؟ نتذكر جميعا، أن الدعوة إلى تقديم ملتمس الرقابة ضد حكومة السيد أخنوش، كانت مبادرة اتحادية، تقدم بها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتبناها امتداده النيابي بمجلس النواب، في وقت لم يكن هناك من يرى في تغول الحكومة، وفي نهجها اللاشعبي سببا للجوء المعارضة إلى آلية ملتمس الرقابة، كان ذلك قبل سنة وأكثر من اليوم، وهي المبادرة التي قوبلت حينها برفض واضح من طرف حزب العدالة والتنمية، بل إن أمينه العام هاجمها وهاجم المبادر إليها، بدعوى استحالة إدراكها لغايتها الأساسية والمتمثلة في إسقاط الحكومة، قبل أن تتغير مواقفه تجاهها ليلتحق بها، وقبل أن يخرج اليوم ليعلن أن السبب الرئيس في فشل تفعيلها يعود إلى رغبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في أن يكون قائدا للمعارضة، وهو ما تعذر عليه، وما جعله يعلن انسحابه من أي تنسيق بخصوصها. طيب، ما الذي تغير بين الأمس واليوم؟ ما الذي جعل ذ بنكيران ومجموعته النيابية تلتحق بمبادرة تقديم ملتمس الرقابة؟ وهي الآلية التي لا يمكن أن تؤدي إلى إسقاط الحكومة، وهو المبرر الذي 'اتكأ' عليه ذ بنكيران لرفضها في لحظة الإعلان عنها من طرف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ثم ما معنى قيادة المعارضة؟ أو 'باطرون' المعارضة وهو الوصف الذي استعمله في تفاعله مع قرار الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بخصوص وقف التنسيق بخصوص ملتمس الرقابة. إن المتغير الوحيد، الذي جعل ذ بنكيران وحزبه يلتحقان بمبادرة تقديم ملتمس الرقابة، هو رغبة هذا الأخير في تمديد جو 'البوليميك' الذي يجيده ويبدع فيه، والذي انتعش فيه خلال الفترة التي عرفت نقاش تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول الوقائع المتعلقة بالدعم الحكومي لاستيراد المواشي، وهو الجو الذي لا يمكن أن يتحقق مع مبادرة يقودها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي لا يهدف من خلال مبادراته إلا استثمار ما يتيحه أمامه القانون من أجل ممارسة أدواره، وبمنهجية بعيدة كل البعد عن جميع صور المزايدات السياسية. لقد انخرط حزب العدالة والتنمية، في مبادرة تشكيل لجنة تقصي الحقائق بخصوص دعم استيراد المواشي، وهو يعلم جيدا، أنها مبادرة يستحيل تفعيلها، باستحالة تحقيق شرط تشكيلها المنصوص عليه في الدستور المغربي، وهو الشرط الذي يتطلب توقيع ثلث أعضاء مجلس النواب، وهو ما لا يمكن إدراكه حتى لو انخرط في المبادرة كل المحسوبين على موقع المعارضة، لكنه انخرط فيها، وفي النقاش الدائر بخصوصها، في الوقت الذي رفض فيه الالتحاق بمبادرة ملتمس الرقابة، بالرغم من أنها تتطلب نصابا قانونيا أقل بكثير من النصاب الذي تتطلبه مبادرة لجنة تقصي الحقائق، وهو النصاب (نصاب إيداع ملتمس الرقابة) الذي كان من الممكن تحقيقه حتى من دون توقيعات نواب حزب العدالة والتنمية. بناء عليه، يتضح أن مواقف ذ بنكيران وحزبه تجاه مبادرة ملتمس الرقابة، هي مواقف محكومة بمنطق الزعامة، والقيادة، حيث يظهر جليا أنه يرفض الانخراط في أي مبادرة لا يتزعمها، وما انخراطه في لجنة تقصي الحقائق السالفة الذكر، إلا لأنه كان يعلم جيدا استحالة تفعيلها، وإلا لأنه وجدها فرصة لإدارة النقاش بخصوص موضوعها بصورة تخدم حساباته السياسية. في نفس السياق المرتبط بزعامة المعارضة، الأكيد أن المعارضة موقع لا زعامة ولا قيادة فيها، ذلك أنها ليست تحالفا مؤسسا على برامج واستراتيجيات، بل إنها لا تكون محكومة إلا بتنسيقات في مواضيع وقضايا وملفات ينتفي فيها اختلاف تصورات ومواقف مكوناتها، ثم إن قيادتها وبعيدا عن منطق العدد، الذي يعطي لمكونها الأول عددياشرف هذا النعت، أي قائد المعارضة، لا تتحقق إلا بحجم المبادرات النيابية، وإلا بمستوى استثمار الآليات التي يخولها القانون لمكونات المعارضة، سواء على مستوى مهمة التشريع أو الرقابة أو الديموقراطية التشاركية والديبلوماسية البرلمانية، ولعل المتتبع للعمل البرلماني خلال هذه الولاية، ولأداء الفرق وجميع السادة النواب، يعلم جيدا من يقود هذه المعارضة. دائما في نفس السياق، أي في سياق 'باطرون' المعارضة، أو بالأحرى في سياق من كان من المفروض أن يقود المعارضة في مبادرة تقديم ملتمس الرقابة، بمعنى من كان يجب أن يعرض دواعي تقديم ومبررات الملتمس وفق مسطرة مناقشته كما يحددها الدستور، حيث يتضح أن هذه المسألة هي التي يحاول بعض مكونات المعارضة، سيما حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة الشعبية، جعلها سببا في إعلان الاتحاد الاشتراكي إيقافه لكل أشكال التنسيق بخصوص ملتمس الرقابة، وكأنهم يستكثرون على الاتحاد الاشتراكي ربط الاستمرار في التنسيق حول هذه المبادرة بضرورة قيادتها، وهو صاحب المبادرة فيها، والمتشبث بها لأكثر من سنة ونصف، وهو ما لا يستقيم مع المنطق والعرف، ذلك أن الأعراف السياسية والبرلمانية لا تعطي حق قيادة المبادرات إلا لمن كان سباقا في الدعوة إليها، بمعنى أنه حتى لو كان هذا الادعاء صحيحا، فهو لا يضير الاتحاد الاشتراكي في شيء، بل هو حق مشروع له ولفريقه النيابي. هكذا، فإن موقف الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بخصوص وقف كل أشكال التنسيق حول ملتمس الرقابة، لم يكشف فقط عن نزوات وخلفيات بعض مكونات المعارضة، بل إنه دافع من خلاله عن حقه في رفض 'السطو' على مبادرة أعلنها وتبناها، وتحمل بخصوصها مجموعة من الادعاءات، والكثير من التأويلات، في ظرفية لم تكن هذه الآلية مطروحة على أي أجندة من الأجندات السياسية لمكونات المعارضة. أجل، لقد كان الأمر يتعلق بمحاولة تتجاوز منطق الاستيلاء إلى منطق السطو على مبادرة نيابية بخلفية سياسية، ذلك أنه جرى فيها استعمال الحيلة، أو الكولسة كما هو شائع في الأدبيات السياسية والحزبية، حيث كان الهدف الرئيسي لبعض مكونات المعارضة، هو إفشال مبادرة الاتحاد الاشتراكي في تقديم ملتمس الرقابة، أولا بتعطيل هذه المبادرة، إما برفضها كحالة حزب العدالة والتنمية، أو باشتراط انضمام جميع مكونات المعارضة إليها، بالرغم من 'اللاحاجة' إليها من أجل تحقيق النصاب القانوني لتفعيلها، وهو أول موقف يصدره حزب الحركة الشعبية بخصوصها، وثانيا بالدخول في تفاصيل مسطرة مناقشتها، وهي المسطرة المؤطرة بالقانون، والمحكومة بالأعراف السياسية والبرلمانية. وخلاصة القول، أن بعض مكونات المعارضة قد فوتت على المغاربة تمرينا ديموقراطيا مهما، وفرصة سانحة لمساءلة الاختيارات الحكومية، ولكشف الكثير من زلاتها أمام جميع المغاربة، بسبب حسابات سياسية ضيقة.