
مشروع قانون المالية 2026… أرقام طموحة وخطاب قروي: بين وعود الاستثمار وأسئلة الواقع
العالم القروي في قلب الاستثمار العمومي
بنسبة يقال إنها تصل إلى 60% من إجمالي الاعتمادات. أرقام بمليارات الدراهم، مشاريع ضخمة للماء والتحلية، ومدارس جماعاتية تنتشر في القرى النائية… كلها تبدو، على الورق، كخارطة طريق لإنهاء الفوارق المجالية وربط القرى بدينامية النمو الوطني.
لكن، كما في كل خطاب رسمي، تبقى الأسئلة مفتوحة: ما مدى دقة هذه الأرقام؟ وهل ستترجم فعلاً إلى واقع يعيشه المواطن القروي؟
وعود الأرقام الرسمية
في قلب الوثيقة المالية، تتصدر مشاريع الماء والأمن المائي المشهد:
5.6 مليار دولار
(حوالي 56 مليار درهم) مخصصة لبرنامج وطني للماء الصالح للشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي، بهدف مواجهة أزمة الجفاف المتفاقمة.
خطة لإنجاز
9 محطات تحلية جديدة بحلول 2030
، بطاقة إنتاجية تصل إلى
1.4 مليار متر مكعب
سنويًا، لتأمين حاجيات الشرب والري.
في التعليم، يبرز
برنامج بناء 150 مدرسة جماعاتية
في المناطق القروية، بدعم من البنك الأوروبي للاستثمار والاتحاد الأوروبي، في محاولة لتقليص الفوارق التعليمية وربط التلاميذ في القرى بالفرص التي توفرها المدن.
الهدف المعلن واضح:
تقليص الفوارق المجالية، تحقيق العدالة الاجتماعية، وربط المواطن القروي بدينامية التنمية الوطنية
.
بين الأرقام والواقع – أسئلة مشروعة
النسبة 60%
: هل توجد وثيقة مالية رسمية تثبت تخصيص 60% من الاستثمار العمومي للعالم القروي، أم أن الأمر تقدير أو خطاب سياسي أكثر منه رقم محاسباتي موثق؟ عند مقارنة مشروع قانون المالية 2026 بالسنوات السابقة (2024 و2025)، يبرز تساؤل: هل هذه النسبة قفزة نوعية، أم استمرار لسياسات قائمة؟
الاستدامة المالية
:
استثمارات بمليارات الدراهم تعني ضغطًا على الميزانية. الحكومة تعلن أنها ستخفض العجز إلى 3–3.5% من الناتج الداخلي، فكيف ستوفق بين هذين الهدفين؟ وهل تم تقييم أثر هذه المشاريع على الدين العام؟
الجدوى على المدى الطويل
:
محطات التحلية مكلفة في التشغيل والصيانة، فهل هناك خطط واضحة لتأمين ميزانيات تشغيلها بعد البناء؟ أما المدارس الجماعاتية، فهي خطوة مهمة، لكن ماذا عن توفير المدرسين المؤهلين، والنقل المدرسي، والبنية الداعمة؟
هوامش مقارنة بين مشروع قانون المالية 2025 و2026
المحور
سنة 2025
سنة 2026 (المعطيات المتوفرة)
الاستثمار العمومي الإجمالي
340 مليار درهم، بزيادة طفيفة (+1.5%) مقارنة بـ2024
ارتفاع متوقّع لكن الرقم الإجمالي لم يُعلن رسميًا بعد.
حصة الاستثمارات عبر المؤسسات والمقاولات العمومية
138 مليار درهم (+4% عن 2024)
141.61 مليار درهم تقريبًا (تقديرات أولية)
استثمار مجموعة OCP
45 مليار درهم في 2025 (من أصل 139 مليار درهم مبرمجة بين 2025-2027)
52 مليار درهم مبرمجة لسنة 2026 ضمن مخطط استثمارات المؤسسات العمومية
التعليم القروي
68% من أصل 189 مؤسسة تعليمية جديدة في 2025 موجهة للعالم القروي، بميزانية 85.6 مليار درهم
التوجّه نفسه معلن في 2026 لكن بدون رقم مفصّل حتى الآن
الماء الصالح للشرب في القرى
غلاف مالي بـ 1.32 مليار درهم مخصص في 2025
لم يُعلن الرقم الخاص بـ2026 في المصادر الحالية
السياق الأوسع – تحديات على الأرض
المغرب يواجه أزمة مائية هي الأشد منذ عقود، والجفاف يغير الخريطة الزراعية والاقتصادية للبلاد. مشاريع الماء والتحلية ضرورية، لكن السؤال: هل وتيرة الإنجاز تكفي لمجاراة سرعة الأزمة المناخية؟
الهجرة القروية نحو المدن الكبرى لم تتوقف. هل تكفي هذه الاستثمارات، مهما كانت ضخامتها، لوقف نزيف الهجرة، أم أن الأمر يحتاج أيضًا إلى تحفيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص شغل داخل القرى؟
التجارب السابقة ليست كلها مشجعة. مشاريع مشابهة في الماء أو التعليم شهدت تأخيرات أو تعثرات، إما بسبب إكراهات مالية أو عراقيل إدارية. فهل تغيّر أسلوب التنفيذ هذه المرة؟
الخطاب والنتيجة – الفجوة المحتملة
الفرق بين من يشتغل على مشاريع ملموسة ومن يكتفي بالنقد… عبارة تتكرر في خطاب الحكومة. لكن الإنجاز المادي وحده لا يكفي. التنمية القروية الحقيقية تحتاج إلى حكامة رشيدة، ومتابعة مستمرة، وضمان أن البنية التحتية لا تتحول إلى هياكل بلا خدمات.
فبناء مدرسة في قرية لا يعني بالضرورة تحسين التعليم إذا غاب المعلم والنقل المدرسي. وإنشاء محطة تحلية لا يحل الأزمة إذا لم تُوزع المياه بعدل وبتكلفة مقبولة.
الخاتمة – أسئلة مفتوحة
مشروع قانون المالية 2026 يضع أهدافًا طموحة ويعلن أرقامًا ضخمة. لكن نجاحه لن يُقاس بالتصريحات ولا بالجداول المالية، بل بما ستشهده القرى المغربية على الأرض خلال السنوات القادمة.
هل ستصل 60% من الاستثمارات فعلًا إلى القرى؟
هل ستتحقق العدالة المجالية المنشودة، أم ستظل شعارًا سياسيًا؟
وهل ستتحول هذه الأرقام إلى ماء صالح للشرب، ومدارس مؤهلة، وفرص اقتصادية، أم ستبقى حبرًا على ورق؟
حتى ذلك الحين، ستبقى 'صحافة النظر' تراقب، تسأل، وتقارن بين ما وُعد به وما تحقق، لأن الأرقام مهما كانت ضخمة، تبقى بلا قيمة إذا لم تتحول إلى واقع يلمسه المواطن القروي في حياته اليومية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الصباح
منذ 17 دقائق
- جريدة الصباح
صادرات الصناع التقليديين تجاوزت 73 مليارا
صدر الصناع التقليديون منتوجات بقيمة إجمالية تجاوزت، عند متم يوليوز الماضي، 737 مليون درهم (73 مليارا و700 مليون سنتيم). وأفاد مصدر من كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني أن منتجات الصناعة التقليدية حققت أداء ملحوظا خلال يوليوز الماضي، إذ ارتفعت بنسبة 34 في المائة مقارنة


المغربية المستقلة
منذ 5 ساعات
- المغربية المستقلة
مشروع القانون رقم 19.25 حماية الحيوانات الضالة في خطوة تشريعية غير مسبوقة في قلب النقاش السياسي والتشريعي بالمغرب، جدل واسع في الأوساط الحقوقية والمجتمعية
المغربية المستقلة : في خطوة تشريعية غير مسبوقة، وضع مشروع القانون رقم 19.25 حماية الحيوانات الضالة في قلب النقاش السياسي والتشريعي بالمغرب، مثيرا بذلك جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية والمجتمعية، حيث يتضمن هذا المشروع الذي تم إيداعه بمكتب مجلس النواب يوم الجمعة 18 يوليوز 2025، قبل أن يحال إلى لجنة القطاعات الإنتاجية يوم الثلاثاء 22 من الشهر ذاته، مقتضيات صارمة تنظم التعامل مع الحيوانات الضالة، وتفرض قيودا على المبادرات الفردية المتعلقة بها، بغرض الحفاظ على الصحة العامة وضمان الأمن في الفضاءات المشتركة. ويعتبر تجريم المشروع لأي شكل من أشكال الرعاية الفردية للحيوانات الضالة أبرز ما يثير الانتباه، حيث تنص المادة 5 صراحة على منع إيواء هذه الحيوانات أو إطعامها أو علاجها من قبل الأفراد، وهو ما اعتبره شخصيا رفقة النشطاء تقييدا لمبادرات الرحمة والتضامن الشعبي، وتحويلا للرفق بالحيوان إلى جنحة يعاقب عليها القانون، خاصة وأن المادة 44 خصصت غرامة مالية تتراوح بين 1,500 و3,000 درهم لكل من يقدم على رعاية هذه الحيوانات في الفضاء العام، بما في ذلك الشوارع والمباني المشتركة.وصفات طبخ مغربية الحكومة المغربية عليها ان تتخد حلولا تنظيمية بدل اعتتماد عقوبات زجرية منذ الأزل و المغاربة يعملون على انتهاج الشفقة و الرحمة على الحيوانات الضالة و خصوصا القطط التي أوصى عليها الرسول صلى عليه و سلم و بما ان الدستور المغربي يعتمد المنهاج الإسلامي كمرجعية دينية له فيتوجب ايقاف العمل بمشروع قانون زجري تجاه إطعام الحيوانات من طرف المواطنين ٠ نحن نطعمهم من مالنا الخاص و الدولة لا تقوم ببرمجة ميزانيات لاطعام هده الحيوأنات ٠


العالم24
منذ 5 ساعات
- العالم24
عملة 'بيتكوين' تسجل قفزة غير مسبوقة
سجّلت عملة 'بيتكوين' قفزة تاريخية خلال ساعات التداول الأولى من صباح الخميس في الأسواق الآسيوية، حيث تخطت لأول مرة حاجز 124 ألف دولار أمريكي، مستفيدة من الزخم الإيجابي في سوق الأسهم الأمريكية والدعم التشريعي الملحوظ، إلى جانب اهتمام متزايد من مؤسسات استثمارية كبرى. وبذلك تكون 'بيتكوين' قد كسرت أعلى مستوى سابق لها، الذي كانت قد بلغته في 14 يوليو عند 123,205 دولارات. وقد وصل سعر العملة الرقمية لفترة وجيزة إلى 124,500 دولار صباح اليوم، قبل أن يتراجع قليلًا لاحقًا. وحوالي الساعة 02:08 صباحًا بتوقيت غرينتش، جرى تداول 'بيتكوين' عند مستوى يقارب 123,600 دولار. يأتي هذا الارتفاع على خلفية أداء قوي للأسهم الأمريكية يوم الأربعاء، حيث أغلقت مؤشرات بورصة نيويورك على مكاسب كبيرة. وسجّل كل من مؤشر 'ستاندرد آند بورز 500″ و'ناسداك' مستويات قياسية جديدة، مدعومَين بالصعود القوي لأسهم قطاع التكنولوجيا، وهو ما انعكس بدوره إيجابًا على سوق العملات الرقمية.