logo
«4» تحديات حاسمة تواجه رئيس وزراء السودان الجديد

«4» تحديات حاسمة تواجه رئيس وزراء السودان الجديد

جريدة الوطنمنذ يوم واحد

تحديات جمّة تواجه رئيس الوزراء الجديد في السودان الدكتور كامل الطيب إدريس، الذي جرى تعيينه يوم الاثنين. وقد جاء اختياره بعد مخاض طويل بدأ منذ أكتوبر/‏‏ تشرين الأول 2021، وكانت الأنظار كلها تتجه يمنةً ويَسْرة بحثاً عن شخص مناسب وَفقاً لاشتراطات الواقع ومعايير مجلس السيادة، بأن يكون رئيس الوزراء من الشخصيات المستقلة وأقرب إلى التكنوقراطيين الفنيين.
وما كان الدكتور إدريس ليتبوأ موقعه في ظل ظروف وأوضاع سودانية معقّدة وبيئة إقليمية ودولية، لولا اعتبارات سياسية ضاغطة، وحسابات داخلية شديدة الحساسية، هي التي رجّحت كفته على سواه من المرشحين الآخرين ودفعت به نحو الكرسي الساخن في السودان.
منذ دخوله حلبة السياسة، لم يغب الدكتور كامل عن المشهد السوداني، وحُفظت له أدوار في عهد البشير عقب انفجار التمرّد في دارفور عام 2003، وصدور قرارات من المحكمة الجنائية الدولية (الادعاء العام) في 2007 ضد عدد من كبار المسؤولين السودانيين، ثم ضد الرئيس نفسه، عندما التقط اللحظة المناسبة، وقام بترتيب لقاءات سرية في جنيف بين وزير الدولة للعدل السوداني آنذاك (ثم وزير الدولة ووزير الخارجية لاحقاً)، مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
يحتفظ إدريس بعلاقة متميزة مع لويس مورينو أوكامبو مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، فهما زميلان في إحدى الجامعات الأميركية، أحدهما مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، والثاني مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية (ICC). وقد بلغت تلك الاجتماعات بين أوكامبو والمسؤول السوداني بضعة وثلاثين اجتماعاً مشتركاً بين الجانبين، حكومة السودان والمحكمة، لكنها لم تفلح في تسوية القضية السودانية.
وعقب سقوط نظام الإنقاذ، راج ترشيح كامل إدريس مرة أخرى لرئاسة الوزراء، لكن فصائل اليسار وجماعات أخرى في قوى الحرية والتغيير وجهات خارجية عارضت ترشيحه، مفضّلة الدكتور عبدالله حمدوك القادم من منصب نائب رئيس اللجنة الاقتصادية الأفريقية التابعة للأمم المتحدة (UNECA). وغاب الدكتور كامل بعد ترشيح حمدوك، وسط غبار وزحام تلك الفترة، لكنه حافظ على حضور خفيض الجناح في أجواء الفترة الانتقالية وضجيجها.
عقب الحرب وتعقّد الوضع في السودان، وتعليق عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي وتوقف التعاون من جانب الاتحاد الأوروبي، كانت الضرورة تتطلب تعيين حكومة مدنية يشكلها رئيس وزراء مدني، ليفتح الباب من جديد للسودان لاستعادة عضويته ونشاطه الكامل في الاتحاد الإفريقي، وتعاملاته مع الاتحاد الأوروبي والأطراف الغربية التي كانت تشترط ذلك.
ومن بين عديد المرشحين، كان الدكتور كامل على رأس القائمة دائماً، وكثيراً ما تجد في وسائل الإعلام السوداني وشبكات التواصل الاجتماعي الدعوات المؤيدة لتوليه رئاسة الوزراء، وتجد المناهضين له. وهو حالة أشبه بشعر نزار قباني: إما أن تحبه حد الثمالة، أو تبغضه وتكرهه كراهية التحريم.
يبدو أن حظوظ الدكتور كامل إدريس توافقت مع مطالع نجمه السياسي. تم الآن تعيينه في الموقع، فما هي التحديات التي تواجهه؟ وكيف سيتعامل معها؟ وهل بمقدوره اجتياز الاختبار الأصعب بقيادة الحكومة والسودان إلى بر الأمان؟
الإجابة عن هذه الأسئلة ضرورية للغاية، وتكمن في الآتي:
أولاً: تحدي الحرب القائمة هو التحدي الأكبر أمام رئيس الوزراء الجديد، ولا بدّ له أن يكون متوافقاً مع موقف مجلس السيادة وقيادة الجيش. عليه أن يكون مشاركاً في عملية إنهاء التمرد ودحره، وأن يقود العملية السياسية الداخلية، ويتحرّك خارجياً، ويبدأ نشاطاً حكومياً ناجزاً وناجعاً لدرء المخاطر المحيطة بالبلاد.
ثانياً: يواجه تحدي إعادة بناء مؤسسات الدولة وتفعيلها، وإعادة الإعمار. وهذه من أعقد التحديات الداخلية، ولا يمكن أن يتقدم رئيس الوزراء الجديد خطوة واحدة للأمام من دون تشكيل حكومة ذات كفاءة عالية غير حزبية، لديها برنامج واقعي وخطط عملية لاستعادة الثقة في أدوات الدولة ومؤسساتها، وتهيئتها للمرحلة المقبلة.
ثالثاً: يتأمل السودانيون في رئيس الوزراء الجديد، أن تكون لديه رؤية متكاملة للنهضة ومعالجة الاختلال والتدهور الاقتصادي، وتقديم تصوّرات شاملة للاستفادة من موارد البلاد، ومن العلاقات مع المجتمع الدولي.
رابعاً: من التحديات المقترنة بما سبق، فإن أكبر ما يواجه رئيس الوزراء الجديد، أنه جاء من خارج السياق الداخلي الملامس لمشكلات البلاد البنيوية والسياسية والخدمية والتنموية. فالرجل في كل حياته المهنية لم يمكث إلا فترات محدودة جداً في وزارة الخارجية، ثم هاجر في رحلته الطويلة، وظل بعيداً عن تفاعلات الداخل وهمومه.
إذا كانت تحديات المرحلة الراهنة الداخلية والخارجية تقف عقبات كأداء أمام السيد رئيس الوزراء الجديد، فإن أكبر تحدٍ له هو كيفية التعامل مع تقاطعات الواقع الداخلي، ومعالجة حالة الاستقطاب الخارجي، وتفعيل جهاز الدولة، وحسن اختيار الوزراء والمعاونين، وإجراء إصلاح شامل للجهاز التنفيذي، وكبح ومحاربة الفساد، وبعث الأمل في نفوس السودانيين من جديد. وتلك، لعمري، مهمة شاقة دونها خرط القتاد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كامل إدريس الطيب رئيس الوزراء السوداني
كامل إدريس الطيب رئيس الوزراء السوداني

الجزيرة

timeمنذ 17 ساعات

  • الجزيرة

كامل إدريس الطيب رئيس الوزراء السوداني

كامل إدريس الطيب سياسي وأكاديمي ودبلوماسي سوداني بارز. وُلد في 26 أغسطس/آب 1954 بمدينة أم درمان. شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) بين عامي 1997 و2008. وفي 19 مايو/أيار 2025، عين رئيسا لمجلس الوزراء السوداني. المولد والنشأة ولد كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ في 26 أغسطس/آب 1954 في مدينة أم درمان، إحدى المدن الثلاث المشكلة للعاصمة الخرطوم. ينحدر من أسرة نوبية تنتمي إلى قرية الزورات الواقعة شمال دنقلا في الولاية الشمالية في السودان. والده هو الطيب إدريس عبد الحفيظ، ووالدته هي أمونة حاج حسين محمد جمعة، وهو متزوج من الدكتورة عزة محيي الدين أحمد مبروك، ولهما 5 أبناء هم: محمد ودينار وداليا ودعد ومؤمن. نشأ في بيئة تقليدية محافظة، وتلقى تعليمه الأولي في السودان، متأثرا بالقيم الثقافية والدينية لمجتمعه المحلي. الدراسة والتكوين العلمي بدأت رحلة كامل إدريس التعليمية بحصوله على شهادة الثانوية العامة بتفوق، ثم التحق بجامعة القاهرة -فرع الخرطوم وفيها نال بكالوريوس الفلسفة بمرتبة الشرف، وبعدها انتقل إلى جامعة الخرطوم، وحصل على البكالوريوس في الحقوق. ولم يتوقف عند ذلك، بل سعى لتوسيع آفاقه الأكاديمية، فحصل على دبلوم في الإدارة العامة بامتياز من معهد الإدارة العامة في الخرطوم. وتوجه إلى الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال دراساته العليا، فحصل على ماجستير في الشؤون الدولية من جامعة أوهايو، واحتل الرتبة الأولى في دفعته، ثم أكمل دراسته في أوروبا، ونال درجة الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية بجامعة جنيف، بتقدير امتياز، عن أطروحة بعنوان "دراسة حول المعاهدة المنشئة لمنطقة التجارة التفضيلية لدول شرق وجنوب أفريقيا". لم تقتصر دراساته على هذه الدرجات الأكاديمية، بل واصل تعميق معرفته في مجالات متعددة، فشارك في دراسات تكميلية في الاقتصاد الدولي والتاريخ الدولي والعلوم السياسية والقانون الدولي للتنمية والقانون الدولي للملاحة والقانون الدولي للنظام المالي والبنكي، وذلك في المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف. التجربة السياسية والعملية كان كامل إدريس ناشطا في الحركة الطلابية والسياسية في السودان أثناء سنوات دراسته الجامعية، وبعد ذلك بدأ العمل مع مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، خاصة في مجال الاستشارات القانونية وقضايا الملكية الفكرية. كذلك عمل في مجال التحكيم الدولي، وساهم في تقديم حلول عملية ودبلوماسية لكثير من النزاعات التجارية والدولية. وفي عام 2000، تولى رئاسة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، وعمل على تطوير العديد من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. ترأس أيضا الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (أوبوف)، وهو منظمة تركز على تطوير الأنظمة القانونية لحماية النباتات والمزارع. وكان له دور بارز في محافل دولية أخرى تتعلق بمكافحة الجرائم الاقتصادية، وساهم في تطوير التشريعات الدولية لمحاربة الفساد. وساهم في العديد من الهيئات الاستشارية الدولية التي ساعدت في صياغة التشريعات والقوانين الدولية الخاصة بالتجارة وحماية البيئة. وفي 2010، أعلن ترشحه للرئاسة في السودان مرشحا مستقلا، وقدم برنامجا تحت شعار "إنسان السودان أولا"، ودعا إلى بناء دولة مدنية تقوم على سيادة القانون، واستقلال القضاء والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، لكنه خسر السباق نحو الرئاسة. وفي 19 مايو/أيار 2025، عينه رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان في منصب رئيس وزراء السودان. وجاء تعيين كامل إدريس بعد فترة من الفراغ الحكومي عقب استقالة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك في أغسطس/آب 2021، إثر إجراءات سياسية اتخذها الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021. إعلان وفي تلك الفترة نفسها جرت مشاورات داخلية وخارجية لتعيين شخصية توافقية تقود المرحلة الانتقالية، وكان اسم كامل إدريس من بين الأسماء المطروحة. الوظائف والمسؤوليات المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) من نوفمبر/تشرين الثاني 1997 حتى سبتمبر/أيلول 2008. الأمين العام للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (أوبوف). عضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة. أستاذ الفلسفة والقانون بجامعات القاهرة وأوهايو والخرطوم. رئيس مجلس الوزراء السوداني (19 مايو/أيار 2025).

«4» تحديات حاسمة تواجه رئيس وزراء السودان الجديد
«4» تحديات حاسمة تواجه رئيس وزراء السودان الجديد

جريدة الوطن

timeمنذ يوم واحد

  • جريدة الوطن

«4» تحديات حاسمة تواجه رئيس وزراء السودان الجديد

تحديات جمّة تواجه رئيس الوزراء الجديد في السودان الدكتور كامل الطيب إدريس، الذي جرى تعيينه يوم الاثنين. وقد جاء اختياره بعد مخاض طويل بدأ منذ أكتوبر/‏‏ تشرين الأول 2021، وكانت الأنظار كلها تتجه يمنةً ويَسْرة بحثاً عن شخص مناسب وَفقاً لاشتراطات الواقع ومعايير مجلس السيادة، بأن يكون رئيس الوزراء من الشخصيات المستقلة وأقرب إلى التكنوقراطيين الفنيين. وما كان الدكتور إدريس ليتبوأ موقعه في ظل ظروف وأوضاع سودانية معقّدة وبيئة إقليمية ودولية، لولا اعتبارات سياسية ضاغطة، وحسابات داخلية شديدة الحساسية، هي التي رجّحت كفته على سواه من المرشحين الآخرين ودفعت به نحو الكرسي الساخن في السودان. منذ دخوله حلبة السياسة، لم يغب الدكتور كامل عن المشهد السوداني، وحُفظت له أدوار في عهد البشير عقب انفجار التمرّد في دارفور عام 2003، وصدور قرارات من المحكمة الجنائية الدولية (الادعاء العام) في 2007 ضد عدد من كبار المسؤولين السودانيين، ثم ضد الرئيس نفسه، عندما التقط اللحظة المناسبة، وقام بترتيب لقاءات سرية في جنيف بين وزير الدولة للعدل السوداني آنذاك (ثم وزير الدولة ووزير الخارجية لاحقاً)، مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. يحتفظ إدريس بعلاقة متميزة مع لويس مورينو أوكامبو مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، فهما زميلان في إحدى الجامعات الأميركية، أحدهما مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، والثاني مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية (ICC). وقد بلغت تلك الاجتماعات بين أوكامبو والمسؤول السوداني بضعة وثلاثين اجتماعاً مشتركاً بين الجانبين، حكومة السودان والمحكمة، لكنها لم تفلح في تسوية القضية السودانية. وعقب سقوط نظام الإنقاذ، راج ترشيح كامل إدريس مرة أخرى لرئاسة الوزراء، لكن فصائل اليسار وجماعات أخرى في قوى الحرية والتغيير وجهات خارجية عارضت ترشيحه، مفضّلة الدكتور عبدالله حمدوك القادم من منصب نائب رئيس اللجنة الاقتصادية الأفريقية التابعة للأمم المتحدة (UNECA). وغاب الدكتور كامل بعد ترشيح حمدوك، وسط غبار وزحام تلك الفترة، لكنه حافظ على حضور خفيض الجناح في أجواء الفترة الانتقالية وضجيجها. عقب الحرب وتعقّد الوضع في السودان، وتعليق عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي وتوقف التعاون من جانب الاتحاد الأوروبي، كانت الضرورة تتطلب تعيين حكومة مدنية يشكلها رئيس وزراء مدني، ليفتح الباب من جديد للسودان لاستعادة عضويته ونشاطه الكامل في الاتحاد الإفريقي، وتعاملاته مع الاتحاد الأوروبي والأطراف الغربية التي كانت تشترط ذلك. ومن بين عديد المرشحين، كان الدكتور كامل على رأس القائمة دائماً، وكثيراً ما تجد في وسائل الإعلام السوداني وشبكات التواصل الاجتماعي الدعوات المؤيدة لتوليه رئاسة الوزراء، وتجد المناهضين له. وهو حالة أشبه بشعر نزار قباني: إما أن تحبه حد الثمالة، أو تبغضه وتكرهه كراهية التحريم. يبدو أن حظوظ الدكتور كامل إدريس توافقت مع مطالع نجمه السياسي. تم الآن تعيينه في الموقع، فما هي التحديات التي تواجهه؟ وكيف سيتعامل معها؟ وهل بمقدوره اجتياز الاختبار الأصعب بقيادة الحكومة والسودان إلى بر الأمان؟ الإجابة عن هذه الأسئلة ضرورية للغاية، وتكمن في الآتي: أولاً: تحدي الحرب القائمة هو التحدي الأكبر أمام رئيس الوزراء الجديد، ولا بدّ له أن يكون متوافقاً مع موقف مجلس السيادة وقيادة الجيش. عليه أن يكون مشاركاً في عملية إنهاء التمرد ودحره، وأن يقود العملية السياسية الداخلية، ويتحرّك خارجياً، ويبدأ نشاطاً حكومياً ناجزاً وناجعاً لدرء المخاطر المحيطة بالبلاد. ثانياً: يواجه تحدي إعادة بناء مؤسسات الدولة وتفعيلها، وإعادة الإعمار. وهذه من أعقد التحديات الداخلية، ولا يمكن أن يتقدم رئيس الوزراء الجديد خطوة واحدة للأمام من دون تشكيل حكومة ذات كفاءة عالية غير حزبية، لديها برنامج واقعي وخطط عملية لاستعادة الثقة في أدوات الدولة ومؤسساتها، وتهيئتها للمرحلة المقبلة. ثالثاً: يتأمل السودانيون في رئيس الوزراء الجديد، أن تكون لديه رؤية متكاملة للنهضة ومعالجة الاختلال والتدهور الاقتصادي، وتقديم تصوّرات شاملة للاستفادة من موارد البلاد، ومن العلاقات مع المجتمع الدولي. رابعاً: من التحديات المقترنة بما سبق، فإن أكبر ما يواجه رئيس الوزراء الجديد، أنه جاء من خارج السياق الداخلي الملامس لمشكلات البلاد البنيوية والسياسية والخدمية والتنموية. فالرجل في كل حياته المهنية لم يمكث إلا فترات محدودة جداً في وزارة الخارجية، ثم هاجر في رحلته الطويلة، وظل بعيداً عن تفاعلات الداخل وهمومه. إذا كانت تحديات المرحلة الراهنة الداخلية والخارجية تقف عقبات كأداء أمام السيد رئيس الوزراء الجديد، فإن أكبر تحدٍ له هو كيفية التعامل مع تقاطعات الواقع الداخلي، ومعالجة حالة الاستقطاب الخارجي، وتفعيل جهاز الدولة، وحسن اختيار الوزراء والمعاونين، وإجراء إصلاح شامل للجهاز التنفيذي، وكبح ومحاربة الفساد، وبعث الأمل في نفوس السودانيين من جديد. وتلك، لعمري، مهمة شاقة دونها خرط القتاد.

بناء القدرات في القانون الدولي مسألة حيوية
بناء القدرات في القانون الدولي مسألة حيوية

جريدة الوطن

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • جريدة الوطن

بناء القدرات في القانون الدولي مسألة حيوية

جنيف- قنا- أكدت سعادة الدكتورة هند بنت عبدالرحمن المفتاح المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف، أمس، أن دولة قطر تعتبر القانون الدولي حجر الزاوية في سياستها الخارجية، ووسيلة لتحقيق التعايش السلمي بين الدول استنادا إلى رؤيتها الوطنية 2030 التي تضع العدالة وسيادة القانون والتنمية المستدامة في صميم استراتيجياتها. وأوضحت سعادتها، في كلمة خلال مشاركتها في جلسة حوارية رفيعة المستوى حول العدالة وبناء القدرات في القانون الدولي نظمها الوفد الدائم لدولة قطر بجنيف، ومعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث بمكتب الأمم المتحدة في جنيف، أن تنظيم هذا الحوار يأتي في وقت يتسم بتنامي التعقيدات الجيوسياسية، وتراجع الثقة في المؤسسات متعددة الأطراف، ما يستدعي إعادة تصور دور القانون الدولي ليصبح أكثر استجابة لمتطلبات العدالة والتضامن الدولي. وأشارت سعادتها إلى أن هذه المبادئ ليست مجرد شعارات، بل التزامات راسخة تتجلى في الدور الفاعل الذي تلعبه دولة قطر في استضافة الحوارات الدولية في سياق الوساطة وتسوية النزاعات، ودعم التعليم القانوني الدولي، وتقديم الحماية القانونية للاجئين والنازحين، مؤكدة أن القانون الدولي بالنسبة لقطر أداة لتحقيق السلام العادل والشامل. ونوهت المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف بأهمية تمكين الشباب، خصوصا في دول الجنوب العالمي، وتزويدهم بالمعرفة القانونية والمهارات الدبلوماسية للمشاركة الفاعلة في النظام القانوني الدولي، مشيرة في هذا السياق إلى مبادرات قطرية فاعلة كبرنامج «حماية التعليم في مناطق النزاع» التابع لمؤسسة التعليم فوق الجميع، ومشاريع مؤسسة صلتك، واستثمارات صندوق قطر للتنمية. وشددت سعادة الدكتورة هند بنت عبدالرحمن المفتاح، خلال كلمتها، على أن بناء القدرات في القانون الدولي يشكل مسألة حيوية ترتبط مباشرة بالسيادة الوطنية والاستقلالية الاستراتيجية لدولة قطر، مؤكدة أن امتلاك خبرات قانونية متقدمة يمكن الدولة من الدفاع عن مصالحها بفعالية والمساهمة في تطوير الأعراف القانونية الدولية، خاصة في ظل تعقيد القضايا المعاصرة مثل الأمن السيبراني وتغير المناخ وحقوق الإنسان. كما استعرضت سعادتها الشراكة المتميزة بين دولة قطر ومعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث UNITAR، مشيرة إلى المشاركة القطرية في فعالية «يوم التفاوض العالمي 2024» خلال منتدى الدوحة التي أبرزت البُعد الأخلاقي للتفاوض باعتباره مسؤولية قائمة على التعاطف والاحترام المتبادل، لافتة إلى استعداد دولة قطر لتنظيم مؤتمرين إقليميين في الدوحة هذا العام ما يعكس التزامها بتعزيز الحوار القانوني الدولي أولهما بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) حول دور القانون الدولي في دعم الابتكار، وتسوية المنازعات بالوسائل البديلة، وجذب الاستثمار المستدام، والثاني بالشراكة مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) لمراجعة الأطر القانونية للاستثمار من منظور أكثر شمولية وعدالة واستدامة. وأبرزت سعادتها أن هذه المبادرات والحوارات والجهود ليست مجرد حوارات سياسية بل تعبير صريح عن إيمان دولة قطر العميق بأن القانون الدولي يجب أن يتطور لخدمة الأجيال القادمة، مشيرة إلى أن مساهمتها بمبلغ 60 مليون دولار في تنفيذ «برنامج عمل الدوحة للبلدان الأقل نموا (2022-2031)» تعكس التزامها تجاه العدالة والتمكين القانوني. وبينت سعادة الدكتورة هند بنت عبدالرحمن المفتاح المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف، أن بناء القدرات في القانون الدولي ليس مجرد مسعى تقني أو مؤسسي، بل مسعى أخلاقي وشكل من أشكال الإبداع المشترك، داعية إلى التفاعل بشجاعة والتعاون بسخاء والعمل بعزم من أجل نظام قانوني دولي أكثر عدالة وشمولا يحترم صوت كل دولة ويحتضن مستقبل كل شعب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store