
الإمارات والسودان.. علاقات تسمو فوق مكائد «الإخوان»
ترتبط دولة الإمارات والسودان الشقيق بعلاقات تاريخية تضرب بجذورها في عمق التاريخ، حيث كان السودان من أوائل الدول التي أقامت معها دولة الإمارات علاقات دبلوماسية وذلك في ديسمبر عام 1971.
كما تم تبادل الزيارات على أرفع المستويات من بدايات الاتحاد، إذ قام المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بزيارته الرسمية الأولى للسودان في العشرين من فبراير عام 1972 بعد حوالي شهرين ونصف من قيام الاتحاد.
حيث زار فيها كافة ولايات السودان، وتمت له استقبالات رسمية وشعبية حاشدة، فيما قام الرئيس السوداني الراحل جعفر نميري بزيارة دولة الإمارات كأول رئيس دولة يزور الإمارات، وكان ذلك في الثالث والعشرين من أبريل من العام 1972. ومنذ ذلك التاريخ يرتبط البلدان رسمياً وشعبياً بعلاقات وثيقة.
وكانت دولة الإمارات دائماً سنداً للشعب السوداني، وخلال العقد الماضي وحده بلغ إجمالي قيمة المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات للشعب السوداني نحو 3.5 مليارات دولار.
وبرز هذا الدعم الإماراتي بصورة واضحة خلال الحرب الأهلية التي انزلق إليها السودان في السنوات الأخيرة، حيث كانت الإمارات أولى الدول التي استجابت للوضع الإنساني في السودان.
وقدمت أطناناً كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين السودانيين من الحرب داخل السودان وخارجه، وبلغ مجموع ما قدمته منذ بدء الأزمة نحو 600 مليون دولار، لدعم الاستجابة الإنسانية.
ولم يقتصر هذا الدعم على الجانب الإنساني والإغاثي، بل شمل أيضاً تحركاً سياسياً نشطاً من أجل وقف الحرب التي يدفع ثمنها السودانيون الأبرياء، حيث دعت الإمارات إلى هدنة إنسانية خلال شهر رمضان احتراماً لقدسية هذا الشهر، ولكن هذه الجهود وتلك الدعوات لم تلقَ من الجيش السوداني إلا النكران وعض اليد الإماراتية الممدودة بالخير والمساعدات والسلام.
وهذا الموقف المخزي للجيش السوداني الذي وصل إلى حد رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية بتهم واهية، يجد تفسيره في سيطرة جماعة «الإخوان» الإرهابية على مراكز صنع واتخاذ القرار في الجيش السوداني، الذي أصبح بدوره رهينة في يد جماعة لا تريد إلا بسط سيطرتها على السودان وشعبه، حتى لو كان الثمن هو دماء الشعب السوداني ومكتسباته التي بناها طيلة عقود من الزمن.
هذه الجماعة الإرهابية المهيمنة على قرار الجيش السوداني، لا تريد وقف آلة الحرب، وتقنع نفسها بأوهام الحسم العسكري وفرض سيطرتها على السودان كله.
كما أنه يتملكها الحقد الدفين تجاه دولة الإمارات التي كانت تقف لها دائماً بالمرصاد، وتحارب فكرها الإرهابي وأيديولوجيتها المتطرفة وممارساتها المدمرة للدول العربية. كما تدرك هذه الجماعة الإرهابية، ومن أمامها الجيش السوداني الذي تحركه، أن دفع الإمارات بعيداً عن دعم الشعب السوداني هو السبيل لتحقيق حلمها في السيطرة على هذا البلد الشقيق وثرواته وشعبه.
ولكن دولة الإمارات لم ولن تترك الشعب السوداني، وستظل تقف سنداً لهذا الشعب تقدم له المساعدات الإنسانية لمواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها بسبب الحرب التي فرضها هذا الطرف على السودان كله.
وكانت ردود الإمارات على اتهامات الجيش السوداني ومن خلفه «الإخوان»، أمام محكمة العدل الدولية، كافية ليس فقط لإظهار ضعف وزيف الاتهامات السودانية، ولكن أيضاً لتأكيد أن موقفها الإنساني الداعم للشعب السوداني لا يستطيع أحد أن يشوهه أو ينال منه ومن صورتها الإيجابية لدى السودانيين وفي العالم كله.
لن تستطيع مكائد «الإخوان» والقوى المتحالفة معها وخاصة قيادات الجيش أن تضر بالعلاقات التاريخية التي تربط الإمارات بالشعب السوداني، وهذه الجماعة الطارئة سيلفظها الشعب السوداني كما حصل في مصر ودول أخرى، وستبقى العلاقات الإماراتية - السودانية تسمو فوق هذه المكائد الإخوانية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ ساعة واحدة
- البوابة
رئيس الوزراء يستقبل عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني.. صور
استقبل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم الثلاثاء، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، لي شولي، عضو المكتب السياسي، أمين الأمانة العامة رئيس دائرة الإعلام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، والوفد المرافق له، وذلك بحضور كل من المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة، ولياو ليتشيانغ، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى مصر، والسفير أحمد شاهين، مُساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية وشئون استراليا ونيوزيلندا وجزر المحيط الهادئ. وفي مستهل الاجتماع، أعرب رئيس الوزراء عن ترحيبه بـ لي شولي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية، أمين الأمانة العامة للجنة المركزية للحزب، رئيس دائرة الإعلام باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، والوفد المرافق له، مُعرباً عن سعادته لاستقبال هذا الوفد رفيع المستوى من دولة الصين، والذي يعكس عمق العلاقات بين البلدين، خاصةً بعد مرور 10 سنوات على ترفيع العلاقات لمستوي الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، حيث شهدت العلاقات الثنائية خلال هذه الفترة تطوراً كبيراً. كما أكد رئيس الوزراء تطلعه لزيارة الرئيس الصيني المُرتقبة لمصر، لما تمثله هذه الزيارة من دفعه تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية لآفاق أرحب، مُضيفًا أن هذه المرحلة تتطلب تعزيز التعاون المشترك بين البلدين لدعم جهود التنمية ودعم الاستقرار في المنطقة والعالم. وخلال الاجتماع، أشاد الدكتور مصطفى مدبولي بدعم الصين لمصر على مدار السنوات العشر الماضية في مختلف القضايا الجوهرية في المحافل الدولية، مؤكدًا استمرار دعم مصر الكامل لمبدأ الصين واحدة. وأعرب رئيس الوزراء عن التقدير لدعم الصين لمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول واحترام سيادة كل دولة. كما أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن تطلعه إلى توجيه جزء من الاستثمارات التي أعلن عنها الرئيس الصيني للقارة الأفريقية بقيمة تصل إلى 52 مليار دولار خلال منتدى التعاون الصيني الأفريقي إلى مصر. كما أشاد رئيس الوزراء بدور الشركات الصينية في دعم مشروعات البنية التحتية، والقطار الكهربائي في مصر، بالإضافة إلى تطوير الموانئ وكذا منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مُشيرًا إلى تطلع الحكومة لجذب المزيد من الاستثمارات الصينية، وتعزيز التعاون الثنائي في مجال نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة. وقال الدكتور مصطفى مدبولي: نتطلع إلى دعم الصين لتشجيع المشروعات الصينية لنقل صناعاتها إلى مصر، لاسيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خاصةً صناعات السيارات الكهربائية، والهواتف المحمولة، وذلك في ظل التجربة الناجحة التي تحققت في منطقة "تيدا" الصناعية الصينية، بما يسهم في توطين الصناعة، والاستفادة من الموقع الجغرافي لمصر، وقدرتها على النفاذ للعديد من الأسواق. وأضاف رئيس الوزراء: نأمل في أن تسهم قمة "البريكس" المقرر عقدها في البرازيل خلال العام الجاري في دفع التعاون المشترك بين أعضاء التجمع. وأعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن تطلع الحكومة لتشجيع السياحة الصينية إلى مصر، مُشيرًا إلى أن الشعب الصيني مُحب للثقافة والسياحة، لذا تتطلع الحكومة لزيادة خطوط ورحلات الطيران التبادلية بين البلدين لتشجيع السياحة، قائلًا: "تم إدراج الصين ضمن الدول التي تحصل على تأشيرة فورية بمجرد وصول مُواطنيها إلى المطارات المصرية". وخلال الاجتماع، قدم ي شولي، الشكر لرئيس الوزراء على حسن الاستقبال، ونقل تحيات رئيس الوزراء الصيني للدكتور مصطفى مدبولي، مُشيرًا إلى أن هذه الزيارة تستهدف تبادل الرؤى المشتركة حول عددٍ من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، بما يُسهم في دفع وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وأشاد "شولي" بما حققته الدولة المصرية من إنجازات ملموسة على مدار السنوات العشر الماضية على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مُضيفًا أنه زار مصر قبل 20 عامًا لكن زيارته هذه المرة أظهرت وجود تطور في ملامح المدن والمباني خاصة في القاهرة والإسكندرية. وأكد عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أن العلاقات المصرية الصينية هي علاقات تاريخية، فمصر والصين دولتان لديهما قواسم مشتركة من حيث أصالة التاريخ والحضارة العظيمة. كما أكد أن الصين تدعم مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى. وعلى الصعيد الاقتصادي، أشار لي شولي، إلى أن هناك رغبة حقيقية لدى الكثير من المستثمرين الصينيين للاستثمار في السوق المصرية، كما أن لدى الحكومة الصينية حرص على تعزيز التعاون مع مصر في مجالات السياحة والآثار والثقافة والإعلام، قائلًا: بعد عودتي سأطلب من وسائل الإعلام نشر مواد ثقافية حول الحضارة المصرية بما يُسهم في جذب المزيد من السائحين الصينيين إلى مصر. كما أعرب "شولي" عن تطلعه إلى التعاون مع مصر في مجال حماية التراث والآثار القديمة والتاريخية، لاسيما أن مصر لديها خبرات كبيرة في هذا المجال، قائلًا: خلال زيارتي الحالية قمت بجولة في كل من القاهرة والإسكندرية، ورأيت كيف حافظت المباني التاريخية على ملامحها وأثار هذا إعجابي الشديد.


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
ترامب وضريبة المستقبل.. تجربة قديمة في ظل اقتصاد حديث (تحليل)
طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فكرة استبدال ضرائب الدخل بالتعريفات الجمركية كآلية جديدة لتمويل الحكومة الفيدرالية، في خطوة تعيد إحياء نموذج ضريبي قديم. في أوائل القرن العشرين، كانت الرسوم الجمركية على الواردات تمثل المصدر الأساسي لإيرادات الحكومة الفيدرالية، كان ذلك قبل أن تفرض الولايات المتحدة ضريبة الدخل. واليوم، يسعى الرئيس دونالد ترامب إلى إعادة إحياء هذا النموذج، مقترحًا تحولًا جذريًا من ضرائب الدخل إلى ما سماه "هيئة الإيرادات الخارجية". ووفقًا لرؤيته، سيتم إلغاء ضرائب الدخل – لا سيما لمن يكسبون أقل من 200 ألف دولار سنويًا – ليتم استبدالها بالتعريفات الجمركية المفروضة على الواردات. وقد وصف ترامب هذا المقترح على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه "طفرة مالية"، مدعيًا أن هذه الرسوم يمكنها تمويل الحكومة بالكامل دون الحاجة لضرائب الدخل على المواطنين ذوي الدخل المتوسط والمنخفض. رغم وعود ترامب بـ"طفرة مالية"، تشير الدراسات والتحليلات إلى أن الرسوم الجمركية قد لا تكون بديلاً فعالاً أو مستداماً لضرائب الدخل، بل قد تؤدي إلى تشوهات اقتصادية وتأثيرات سلبية على المستهلكين والشركات الأمريكية. لكن هذا المقترح يثير تساؤلات اقتصادية جوهرية حول مدى ملاءمته لواقع الاقتصاد الحديث، الذي يتسم بتعقيدات التجارة العالمية والتطورات في سلاسل التوريد. ووفقا لتقرير لمجلة الإيكونوميست، فإن هذه الوصفة الاقتصادية تتجاهل واقع الاقتصاد الحديث والسياق التاريخي. إذ لطالما انتقد الاقتصاديون الرسوم الجمركية بسبب التشوهات التي تُحدثها في التجارة، حيث لا يدفعها الأجانب كما يُروج لها، بل يتحملها المستهلكون والشركات المحلية الأمريكية. أثار سلبية وفي الواقع، أظهرت دراسة أجرتها ماري أميتي من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك عام 2020 أن معظم التعريفات التي فرضها ترامب في ولايته الأولى انعكست سلبًا على الشركات الأمريكية من خلال انخفاض هوامش الربح، وكذلك على المستهلكين من خلال ارتفاع الأسعار. والأسوأ من ذلك أن الاتفاقيات التجارية مع دول مثل بريطانيا والصين ساهمت في تقليص متوسط معدلات الرسوم، مما قلل من الإيرادات المتوقعة من هذه السياسات. ومن المرجح أن تستمر هذه التوجهات مع توقيع المزيد من الاتفاقيات. ورغم هذه التحديات، لا تزال الرسوم الجمركية تُدر إيرادات متزايدة. ففي عام 2023، جنت الحكومة حوالي 100 مليار دولار من الرسوم الجمركية من أصل 4.9 تريليون دولار من إجمالي الإيرادات الفيدرالية. وحتى منتصف مايو/أيار الجاري، بلغت إيرادات الرسوم الجمركية 47 مليار دولار، بزيادة قدرها 15 مليارًا عن نفس الفترة من العام الماضي. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة قد تعود جزئيًا إلى تسارع الشركات في الاستيراد قبل فرض رسوم جديدة، وليس نتيجة لتغييرات سياسية جوهرية. من جانبه، يزعم بيتر نافارو، مستشار ترامب السابق للتجارة، أن التعريفات الحدودية يمكن أن تدر أكثر من 6 تريليونات دولار خلال العقد المقبل، أي حوالي 600 مليار دولار سنويًا. ويعتمد حسابه على فرض رسوم بنسبة 20% على واردات بقيمة 3.3 تريليون دولار. لكن هذا الحساب يتجاهل الديناميكيات الاقتصادية الأساسية. فزيادة الرسوم تؤدي إلى انخفاض الطلب على الواردات، ما يقلص قاعدة الضرائب. كما أن هذه السياسات تُضعف عائدات ضرائب الدخل والرواتب، مما يلغي ما يصل إلى 25% من مكاسب الرسوم، وفقًا لمعظم التقديرات. وعند إضافة تداعيات الانتقام التجاري، والتهرب الجمركي، وتغيير سلاسل التوريد، تنخفض الإيرادات المتوقعة أكثر. أما التقديرات المستقلة فهي أكثر تحفظًا. إذ يُقدر نموذج الميزانية في جامعة بنسلفانيا (Penn Wharton) أن الحزمة الكاملة من الرسوم المقترحة قد تدر نحو 290 مليار دولار سنويًا على مدى العقد المقبل. وتشمل هذه الحسابات انخفاض الطلب على الواردات وانخفاض إيرادات ضرائب الشركات والرواتب. أما مركز الميزانية في جامعة ييل فيتوقع عائدًا سنويًا يبلغ 180 مليار دولار، بينما تقدر مؤسسة الضرائب (Tax Foundation) الرقم بـ140 مليارًا فقط. دليل عملي ويقدم المثال الصيني مؤشرًا مهمًا: تقليل الرسوم على الواردات الصينية من 145% إلى 30% لن يُحدث فارقًا كبيرًا في الإيرادات، لأن الرسوم المرتفعة كانت تردع الواردات بشدة. ووفقًا لنموذج بنسلفانيا، فإن رسومًا بنسبة 145% كانت ستجلب إيرادات إضافية قدرها 25 مليار دولار فقط مقارنة بالنسبة الحالية البالغة 30%. وبالرغم من كل هذا، فإن الرسوم الجمركية، حتى في أفضل حالاتها، لا يمكن أن تحل محل ضرائب الدخل. ففي عام 2023، جمعت ضرائب الدخل الشخصي نحو 2.4 تريليون دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 4.4 تريليون دولار بحلول عام 2035. وتُظهر تقديرات مؤسسة الضرائب أن إلغاء ضرائب الدخل لمن يقل دخلهم عن 200 ألف دولار سيكلف 737 مليار دولار في عام 2025 وحده، أي ما بين ضعفين إلى خمسة أضعاف ما يمكن للرسوم أن توفره فعليًا. وعلى أقصى تقدير، يمكن استبدال ضرائب الدخل فقط للأشخاص الذين يقل دخلهم عن 80 ألف دولار، والذين لا يمثلون سوى 10% من إجمالي إيرادات ضرائب الدخل. كما أن إلغاء ضرائب الدخل عن أصحاب الدخل المنخفض يتطلب تخفيض المعدل الضريبي الأولي، الذي ينطبق على جميع دافعي الضرائب، مما يعني أن الفائدة الكبرى ستعود على أصحاب الدخول المرتفعة. والواقع أن الرسوم الجمركية كانت قادرة على تمويل الحكومة الفيدرالية في أوائل القرن العشرين لأن الإنفاق كان لا يتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وكان يقتصر على الدفاع، وخدمة الدين، والبنية التحتية. أما اليوم، فإن هذا الرقم يزيد عن 20%. كما أن الواردات تُعد قاعدة ضريبية ضيقة ومتقلبة، مما يجعلها غير مناسبة لتمويل حكومة حديثة تعتمد على برامج ضخمة. والمفارقة الأكبر أن الاعتماد على الرسوم الجمركية سيجعل الإنفاق الأمريكي مرتبطًا أكثر بالإنتاج الصيني، وهو أمر يتعارض مع الخطاب السياسي المعادي للصين الذي يتبناه ترامب. وأكد التقرير على أنه في النهاية، قد تبدو سياسات ترامب الحمائية جذابة من منظور شعبوي، لكنها تستند إلى أوهام اقتصادية. فالأرقام لا تدعمها، وتأثيراتها تميل إلى الإضرار بالفقراء أكثر من الأغنياء، ولا تتماشى مع متطلبات دولة حديثة ذات إنفاق مرتفع. ولهذا السبب، لا يحاول معظم الساسة، حتى الشعبويين منهم، العودة إلى نموذج ما قبل ضريبة الدخل – لأنه ببساطة لا يصلح لعصرنا الحالي. aXA6IDM4LjIyNS4xOC4yMzEg جزيرة ام اند امز SE


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
الشرق الأوسط يتحول إلى كرة لهب.. اتفاق واشنطن مع الحوثيين يكشف عن تسارع أمريكي في إنقاذ سمعتها.. والميليشيات اليمنية تستغل حرب غزة لبسط نفوذها
تحولت منطقة الشرق الأوسط إلى كرة لهب نتيجة تداعيات الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، والتي تسببت في إحداث تشابكات على مستويات عدة، انطلاقًا من فكرة "وحدة الساحات" التي تحدثت عنها قوى عدة في منطقة الشرق الأوسط لمؤاذرة الشعب الفلسطيني الأعزل في مواجهة العدوان الإسرائيلي على المدنيين من أهالي القطاع، وكان أبرز تلك الساحات الساحة اليمنية، خاصة بعدما شنت جماعة الحوثي التي تسيطر على مناطق شمال اليمن هجمات صاروخية استهدفت مطار بن جوريون، وأوقفت حركة الملاحة الجوية في سماء الأراضي المحتلة بمدينة تل أبيب، وهو ما تسبب في هجمات إسرائيلية متكررة على مطار صنعاء الدولي ردًا على ذلك. كانت آخر تلك الهجمات التي شنتها إسرائيل على اليمن وبالتحديد مطار صنعاء وميناء الحديدة والصليف، تسببت في إلحاق "أضرارا بالغة" بالموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، وذلك بعد ساعات من مغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنطقة، عقب زيارة له إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات، حصل خلالها على ما يزيد عن 3 تريليون دولار في صورة استثمارات خليجية في الولايات المتحدة الأمريكية. ونقلت صحيفة ذا ناشيونال الناطقة باللغة الإنجليزية عن جيش الاحتلال الإسرائيلي قوله إنه "ضرب وفكك بنية تحتية إرهابية" في ميناءي الحديدة والصليف، اللذين زعم أنهما كانا يُستخدمان لنقل الأسلحة. لم ترد تقارير فورية عن سقوط ضحايا، لكن الضربات الإسرائيلية تسببت في خروج مطار صنعاء الدولي عن الخدمة، وحققت خسائر كبيرة في مقدرات الشعب اليمني. ونقلت الصحيفة عن وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس قوله: "إذا استمر الحوثيون في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، فسيتلقون ضربات موجعة". وأضاف أن زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، قد يكون أبرز القادة العسكريين الذين ستقضي عليهم إسرائيل بعد اغتيال قادة حماس وحزب الله. وقال كاتس في إشارة إلى بعض الذين اغتالتهم إسرائيل: "كما فعلنا مع الضيف والسنوار في غزة، ومع نصر الله في بيروت، ومع هنية في طهران... سنقوم أيضا بمطاردة عبد الملك الحوثي في اليمن والقضاء عليه". اتفاق أمريكي حوثي كانت إدارة الرئيس الأمريكي أعلنت وقف إطلاق النار مع الحوثيين هذا الشهر، بعد حملة غارات جوية أمريكية لوقف الهجمات من اليمن على سفن الشحن في البحر الأحمر، ولم تكن إسرائيل طرفًا في اتفاق وقف إطلاق النار، حيث توسطت سلطنة عمان في ذلك الاتفاق بإيصال رسالة حوثية إلى واشنطن مفادها أنها ستوقف ضرباتها على السفن الأمريكية المارة في البحر الأحمر مقابل وقف واشنطن الهجمات عليها، وهو ما اتفق عليه الطرفان من أجل رأب الصدع فيما بين القوتين، إذ تسببت صواريخ الحوثي في إزمة اقتصادية لدول منطقة البحر الأحمر وقناة السويس المصرية. وتشير بعض المعلومات التي نشرها موقع ناشونال إنترست إن لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى عقد ذلك الاتفاق مع الحوثيين كان بناءً على تقرير تلقته واشنطن يفيد بأن صاروخا أطلقه الحوثيون كاد يسقط جوهرة التاج فى ترسانة المقاتلات الأمريكية إف-35، لولا اتخاذها إجراء مراوغا، وهو ما كان سيضع سمعة السلاح الأمريكي على المحك، إذا ما نجح الحوثيون في إسقاط تلك الطائرة الأمريكية المتطورة. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن الباحث المتخصص فى الدفاع والأمن هاريسون كاس، أن هذا الحادث أثار تساؤلات عن قدرة إحدى أكثر المقاتلات الأمريكية تقدما على مواجهة الدفاعات الحوثية، وهو ما أكده الباحث والخبير العسكري جريجورى برو، الذي كتب على صفحته على موقع إكس قائلًا: "الدفاعات الجوية الحوثية كادت تصيب طائرات أمريكية عدة من طراز إف-16 وطائرة من طراز إف-35". وأضاف: "سبق أن أسقط الحوثيين طائرات أمريكية من طراز إم كيو-9، وهي من أغلى الطائرات المسيرة والتي تبلغ قيمتها حوالى 30 مليون دولار، فضلًا عن أن الحوثيين لم يسقطوا طائرة واحدة من هذا النوع بل 7 طائرات من هذا الطراز المميز ". وتشير تقارير استخباراتية إلى أن الحوثيين يمتلكون بعض الأنظمة الصاروخية الحديثة التي زودتهم بها إيران خلال السنوات الماضية وأبرزها صواريخ سام "برق-1" و"برق-2″، وهي صواريخ يقول الحوثيين إن مدااها يبلغ 31 ميلا و44 ميلا، ويمكنها إصابة أهداف على ارتفاع 49 ألف قدم و65 ألف قدم على التوالي، وفقا لصحيفة ناشيونال إنترست. بسط النفوذ الحوثي وفي جانب آخر يمثل الصراع الحوثي الإسرائيلي فرصة للحوثي لتثبيت دعائمه، إذ تعلن قادة الميليشيات دائمًا أنها في حالة صراع مع إسرائيل، وأنها نجحت في استهداف عمق إسرائيل وهو ما تستخدمه الميليشيات الحوثية في الترويج لنفسها وسط الشباب اليمني. وفي هذا الإطار يقول عبد السلام القيسي، الباحث السياسي اليمني أن الميليشيات الحوثية تعمل على غسل أدمغة الشباب في اليمن وبالتحديد في الأماكن التي تخضع لسيطرتها، من خلال إيهامهم بقدرة صواريخها على استهداف عمق تل أبيب، وهو ما يشجعها على ضم الشباب في صفوف التنظيم، والزج بهم في الجبهات العسكرية الداخلية. وأضاف القيسي، في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن أهالي اليمن المعارضين لسياسات الحوثيين يعانون من محاولات الحوثيين تصنيفهم كعملاء إذا ما رفضوا ممارسات الميليشيات، لافتًا: "أحيانًا نصمت كيلا نصنف أننا صهاينة.. وللأسف نحن في اليمن ندرك جيدًا أن الحرب الإسرائيلية على غزة باتت ترياق نجاة للحوثي وزادت من نفوذهم". وتابع الباحث السياسي اليمني، مؤكدًا أن الحوثي سيوهمون الجميع بأنهم يحاربون إسرائيل وسيجمعون ضريبة "الخمس" ويفرضون الضرائب الأخرى والجبايات، ويجندون الأطفال بأسرع وتيرة ممكنة استنادَا على انفعال الشعب اليمني إزاء الضربات الإسرائيلية.. وفي كل الأحوال كل ذلك مصلحة لزيادة تموضع الحوثيين.