فرنسا وبريطانيا وألمانيا : ملتزمون بالحل الدبلوماسي بشأن البرنامج النووي لطهران
وكتب وزراء خارجية ما يُسمى بمجموعة الدول الثلاث 'E3' إلى الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، لإثارة إمكانية فرض عقوبات 'سريعة' ما لم تتخذ إيران إجراء، وفقًا لرسالة شاركتها وزارة الخارجية الفرنسية.
وكانت صحيفتا فاينانشال تايمز ولوموند الفرنسية أول من نشر هذه الرسالة.
وقال الوزراء في الرسالة: 'أوضحنا أنه إذا لم تكن إيران راغبة في التوصل إلى حل دبلوماسي قبل نهاية أغسطس 2025، أو لم تغتنم فرصة التمديد، فإن مجموعة الثلاث مستعدة لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات'.
وأضافوا أنهم عرضوا على إيران توسعًا محدودًا للسماح بإجراء مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، لكن العرض ظل دون رد من إيران حتى الآن.
والدول الأوروبية الثلاث، إلى جانب الصين وروسيا، هي الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015 مع إيران، وانسحبت منه الولايات المتحدة، عام 2018، الذي رفع العقوبات عن الدولة الشرق أوسطية مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
يأتي تحذير مجموعة الثلاث بعد محادثات جدية وصريحة ومفصلة مع إيران في إسطنبول، الشهر الماضي، وهو أول اجتماع وجهًا لوجه منذ الضربات الإسرائيلية والأمريكية على المواقع النووية في البلاد، يونيو الماضي.
وقال النائب الإيراني منوشهر متكي، الذي شغل منصب وزير الخارجية من عام 2005 إلى 2010، إن البرلمان الإيراني 'لديه إصبعه على الزناد للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي' إذا أعيد فرض العقوبات الدولية بعد أي استدعاء من جانب الدول الأوروبية الثلاث لآلية إعادة فرض العقوبات.
وأضاف متكي لوكالة أنباء 'دفا برس' الإيرانية شبه الرسمية، أن البرلمان سيوافق على مشروع قانون للانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 خلال 24 ساعة، إذا لجأت الدول الأوروبية الثلاث إلى آلية 'سناب باك'.
خلال حربها التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، يونيو، قالت طهران إن مشرعيها يعدون مشروع قانون يمكن أن يدفعها نحو الخروج من المعاهدة التي صادقت عليها طهران عام 1970. وتضمن المعاهدة للدول الحق في السعي للحصول على الطاقة النووية المدنية مقابل إلزامها بالتخلي عن الأسلحة النووية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 5 ساعات
- حضرموت نت
الولايات المتحدة الأمريكية توجه دعوة عاجلة للحوثيين
جددت الولايات المتحدة الأمريكية دعوتها للمليشيات الحوثية، الإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي سفارتها المختطفين، وموظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية المحتجزين لديها منذ أكثر من عام. وأكدت السفارة في بيان مقتضب، أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية هي دليل واضح على وجودهم المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط. وهي تُظهر أيضاً مسؤولية الحوثيين عن التهديدات الاقتصادية والبيئية والأمنية الخطيرة ضد شعب اليمن. ودعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع أفراد الطاقم المختطفين، كما نواصل الدعوة إلى الإفراج عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية المحتجزين منذ أكثر من عام. إن تحدي إيران لقرارات هذا المجلس يمكّن الحوثيين من تصعيد التوترات الإقليمية. وجاءت دعوة السفارة تعليقا على كلمة الولايات المتحدة الأخيرة في مجلس الأمن، التي أدانت خلالها ممارسات مليشيا الحوثي في اليمن، متهمة إياها بتفاقم الأزمة الإنسانية من خلال عرقلة تدفق السلع الأساسية والمساعدات إلى اليمن والدول المجاورة. وقالت واشنطن إن الحوثيين قاموا بابتزاز المستوردين، ومداهمة مستودعات منظمات الإغاثة، وتهديدها بالاستيلاء على أصولها في حال عدم التعاون معهم. كما اتهمتهم باعتقال واحتجاز مدنيين يمنيين، بينهم موظفون في الأمم المتحدة ودبلوماسيون، في إطار حملة لقمع الأصوات المعارضة وترسيخ السيطرة عبر الخوف والترهيب. كما انتقدت الولايات المتحدة ما وصفته بـ'الممارسات الفاسدة' للحوثيين واستخدامهم للعملة المزورة، الأمر الذي يقوّض الاقتصاد الشرعي لليمن. وجددت واشنطن دعوتها لإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) عقب المراجعة المرتقبة للأمين العام، داعيةً الأمم المتحدة إلى إعادة هيكلة عملياتها وتوجيه الموارد بكفاءة أكبر. وأكدت الولايات المتحدة، التي قالت إنها تتحمل العبء الأكبر في حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، على ضرورة تمويل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM)، مشيرةً إلى فعاليتها في منع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وهو ما تؤكده – بحسب واشنطن – مطالب الحوثيين بإلغائها.


صحيفة مكة
منذ 7 ساعات
- صحيفة مكة
ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء في نيوم
رأس الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء، اليوم، في نيوم. وفي مستهل الجلسة؛ أطلع ولي العهد، مجلس الوزراء، على مضمون استقباله الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وما جرى خلاله من استعراض العلاقات بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث عدد من الموضوعات على الساحتين العربية والإسلامية وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في فلسطين. كما أحاط سموه، المجلس، بفحوى الاتصال الهاتفي مع الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين الذي ثمّن جهود المملكة ومواقفها المشرفة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -؛ التي أسهمت في التزام العديد من الدول الاعتراف بدولة فلسطين، فضلًا عن وقوفها الراسخ مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وأوضح وزير الإعلام الأستاذ سلمان بن يوسف الدوسري، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، أن المجلس أعرب عن ترحيب المملكة بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإعلان نيوزيلندا دراستها اتخاذ خطوة مماثلة، مشيدًا بالإجماع الدولي الداعم لمسار تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية. وندّد مجلس الوزراء بأقوى العبارات وأشدها بقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية احتلال قطاع غزة، وأدان إمعانها في ارتكاب جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، مؤكدًا أن استمرار عجز المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن وقف تلك الاعتداءات والانتهاكات يقوض أسس النظام الدولي والشرعية الدولية، ويهدد الأمن والسلم إقليميًا وعالميًا، وينذر بعواقب وخيمة تشجع ممارسات الإبادة الجماعية والتهجير القسري. وجدّد المجلس لدى اطلاعه على مضمون الاتصال الهاتفي الذي تلقاه ولي العهد من الرئيس فولوديمير زيلينسكي رئيس أوكرانيا؛ التأكيد على حرص المملكة ودعمها الجهود الرامية لحل الأزمة الأوكرانية والوصول إلى السلام، وبذل المساعي الحميدة لتسهيل الحوار. وبين أن المجلس رحّب بإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين جمهوريتي أرمينيا وأذربيجان، متطلعًا إلى بداية مرحلة جديدة من التفاهم والتعاون وترسيخ الأمن والاستقرار بين البلدين؛ بما يخدم مصلحة شعبيهما ومنطقة القوقاز. وتناول المجلس نتائج مشاركة المملكة العربية السعودية في مؤتمر الأمم المتحدة (الثالث) للدول النامية غير الساحلية الذي عقد بجمهورية تركمانستان، وما تضمنت من التأكيد على أهمية تفعيل الجهود الدولية لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، والإسهام في تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي وتعزيز التنمية المستدامة. وفي الشأن المحلي؛ استعرض مجلس الوزراء معدلات إنجاز الإستراتيجيات والبرامج الوطنية، وتحقيق مستهدفاتها في مسارات التنمية والتطوير والازدهار، وتحسين مستوى الأداء للقطاعين العام والخاص. وأشاد المجلس في هذا السياق بتحقيق الجهات الحكومية تقدمًا ملموسًا في مؤشر تطور التجربة الرقمية للخدمات الحكومية لعام 2025م، مواصلة بذلك التزامها بتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين والزائرين، وتيسير ممارسة الأعمال، وتعزيز تصنيف المملكة في المؤشرات الدولية. واطّلع مجلس الوزراء على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انـتهى إليه كل من مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، واللجنة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء في شأنها، وقد انتهى المجلس إلى ما يلي: أولًا: الموافقة على مذكرة تفاهم في شأن إنشاء مجلس الشراكة الإستراتيجية بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة جمهورية سنغافورة. ثانيًا: الموافقة على مذكرة تفاهم بين وزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة العربية السعودية ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المملكة المغربية في مجال حماية البيئة. ثالثًا: الموافقة على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التنمية الاجتماعية بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة ماليزيا. رابعًا: الموافقة على مذكرة تفاهم للتعاون في قطاع الخدمات اللوجستية بين وزارة النقل والخدمات اللوجستية في المملكة العربية السعودية ووزارة الصناعة والتجارة السنغافورية. خامسًا: الموافقة على مذكرة تفاهم في شأن تنمية العلاقات التجارية بين الهيئة العامة للتجارة الخارجية في المملكة العربية السعودية ووزارة التجارة في مملكة كمبوديا. سادسًا: الموافقة على اتفاقية التعاون الجمركي المشترك بين هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في المملكة العربية السعودية وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في المملكة المغربية للاعتراف المتبادل ببرنامج المشغل الاقتصادي المعتمد لدى كل منهما. سابعًا: الموافقة على مذكرة تفاهم بين هيئة تنمية الصادرات السعودية في المملكة العربية السعودية ووكالة الصادرات في جمهورية طاجيكستان في مجال تنمية الصادرات غير النفطية. ثامنًا: الموافقة على مذكرة تفاهم بين وكالة الفضاء السعودية وإدارة الفضاء والطيران الكورية للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي. تاسعًا: تمديد العمل لمدة (سنة) من تاريخ 20 / 2 / 1447 هـ بما ورد في الفقرة (أ) من البند (أولًا) من المرسوم الملكي رقم ( م / 14 ) وتاريخ 22 / 2 / 1440 هـ ، المتضمنة أنه (يجب في الدعوى العمالية، أن يسبق رفعها أمام المحكمة العمالية، التقدم إلى مكتب العمل ليتخذ الإجراءات اللازمة لتسوية النزاع وديًا). عاشرًا: تعديل بعض مواد تنظيم الهيئة السعودية للمحامين، وذلك على النحو الوارد في القرار. حادي عشر: الموافقة على ترقية عبداللّه بن ناصر بن صالح السحيباني إلى وظيفة (مستشار بحث ديني) بالمرتبة (الرابعة عشرة) بالمجلس الأعلى للقضاء. كما اتخذ مجلس الوزراء ما يلزم حيال عدد من الموضوعات العامة المدرجة على جدول أعماله.


Independent عربية
منذ 7 ساعات
- Independent عربية
كيف توازن واشنطن بين دعمها لـ"قسد" ومساندتها لحكومة الشرع؟
مع تصاعد التوترات بين الحكومة السورية الموقتة في دمشق بقيادة أحمد الشرع، و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة أميركياً، التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سوريا، بسبب الخلاف حول طبيعة دمج "قسد" في الجيش السوري ككيان موحد، ومستقبل الأقليات في سوريا الجديدة، يتطلع الطرفان إلى الولايات المتحدة التي غيرت سياستها منذ لقاء الشرع مع الرئيس دونالد ترمب في السعودية، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واتخذت نهجاً أكثر تركيزاً على المصالح والأعمال التجارية بدل النظر إلى الإدارة الجديدة من منظور مكافحة الإرهاب، فكيف توازن الإدارة الأميركية بين دعمها لـ"قسد" ومساندتها لحكومة دمشق؟ وما منظورها لطريقة حكم سوريا؟ تحول استراتيجي جاء الاجتماع الأخير في العاصمة الأردنية عمان بين المبعوث الأميركي الخاص توم براك، ووزيري خارجية الأردن أيمن الصفدي، وسوريا أسعد الشيباني، لبحث سبل دعم إعادة إعمار سوريا التي مزقتها الحرب وتحسين الوضع الأمني بعد الاشتباكات الدامية التي شهدتها محافظة السويداء الشهر الماضي، كدليل آخر على مستوى الدعم الأميركي المستمر لحكم الرئيس السوري أحمد الشرع. وتعززت هذه النظرة مع الأنباء التي نقلها موقع "أكسيوس" الأميركي بأن إدارة ترمب تسعى إلى التوسط في اتفاق لإنشاء ممر إنساني بين إسرائيل ومدينة السويداء جنوب سوريا، لإيصال المساعدات من إسرائيل إلى الدروز هناك، الذي سيبحثه توم براك في باريس خلال أيام مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، مما يسهم في إصلاح العلاقات بين سوريا وإسرائيل، وربما إعادة بناء الزخم وراء المساعي الأميركية إلى اتخاذ مزيد من الخطوات نحو تطبيع العلاقات المحتمل بين البلدين. ويعد الدعم الأميركي الأمني والسياسي والاقتصادي خلف حكومة الشرع التي تحتاج إلى 250 مليار دولار لإعادة إعمار سوريا، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، بمثابة تحول استراتيجي عن نظرتها الأولى للقيادة السورية الجديدة عقب الإطاحة بنظام حكم رئيس النظام السابق بشار الأسد، إذ نظرت إدارة ترمب في البداية إلى إدارة الشرع، الذي كان يعرف باسم أبو محمد الجولاني، بريبة ومن منظور مكافحة الإرهاب، إذ كانت "هيئة تحرير الشام"، التي قادها الشرع في محافظة إدلب السورية، لا تزال تصنف كمنظمة إرهابية من الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي في ذلك الوقت. بداية جديدة على رغم إلغاء إدارة بايدن السابقة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار، كانت الولايات المتحدة خصصتها سابقاً لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على الشرع لعلاقاته بتنظيم القاعدة الذي انفصل عنه رسمياً في عام 2016، إلا أنها أرجأت قرار رفع مزيد من العقوبات عن "هيئة تحرير الشام" وزعيمها، وسوريا بصورة عامة، إلى إدارة ترمب التي اعتمدت في البداية نظرة أمنية حيال الحكومة الجديدة، وهي نظرة رسخها مسؤولون أميركيون بارزون بمن فيهم مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد، التي قالت في جلسة تأكيد تعيينها يوم الـ25 من يناير (كانون الثاني) 2025، إنها تكره "وجود قادة يتوددون إلى المتطرفين الإسلاميين"، وأشارت إلى أن سوريا الآن تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" التي اعتبرتها فرعاً من تنظيم القاعدة، وبقيادة "متشدد إسلامي" هو المسؤول عن مقتل عدد من أفراد الجيش الأميركي، على حد وصفها. وحتى مارس (آذار) الماضي، لم تكن هناك أي مؤشرات على أن إدارة ترمب سترفع العقوبات عن سوريا، إذ صرح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والكردية بعد مقتل مئات المدنيين العلويين على يد قوات مرتبطة بالإدارة السورية الجديدة، بعد هجمات شنتها فلول الأسد على قوات الحكومة المنتشرة في الساحل السوري. لكن بعد اجتماع الرئيس ترمب في الرياض في الـ14 من مايو (أيار) الماضي بتنسيق من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تغيرت السياسة الأميركية بصورة كبيرة، وفي يونيو (حزيران) الماضي وقع ترمب أمراً تنفيذياً برفع العقوبات عن سوريا في سعيه المستمر إلى نيل جائزة نوبل للسلام، وبدأ بعد ذلك بتفكيك عقود من العقوبات، مراهناً بقوة على إعادة تأهيل سوريا وتكاملها الإقليمي. دور السفير براك على خلفية هذا التحول، برز دور كبير لشخصية محورية أسهمت في تحديد مسار العلاقات مع دمشق بصورة كبيرة، ففي مايو الماضي عينت إدارة ترمب السفير الأميركي الحالي لدى تركيا توم براك، مبعوثاً خاصاً لوزارة الخارجية إلى سوريا، وشارك قبل تعيينه في حفلة رفع العلم، في مقر إقامة رئيس البعثة الأميركية في دمشق في الـ29 من مايو. لكن براك وهو مستثمر عقاري ذو علاقات تجارية قديمة مع دول الخليج، هو أيضاً معين سياسياً أكثر منه دبلوماسياً محترفاً، على عكس أسلافه مثل السفير جيمس جيفري، الممثل الخاص للولايات المتحدة لشؤون سوريا والمبعوث الخاص للتحالف العالمي لهزيمة "داعش" خلال إدارة ترمب الأول، الذي كان دبلوماسياً محترفاً شغل سابقاً منصب سفير أميركا لدى أنقرة وبغداد، كما شغل مناصب عدة داخل الحكومة الأميركية تتعلق بشؤون إيران وتركيا والعراق. أما براك فيأتي بخلفية مختلفة، فهو يتمتع بعلاقة قوية ومباشرة وشخصية مع ترمب، ويرمز إلى سياسته الجديدة تجاه سوريا وتركيا، إذ دعم السفير الأميركي إدارة الشرع على رغم الاشتباكات بين الجماعات الدرزية والحكومة السورية التي أدت إلى مقتل أكثر من 1000 شخص، ولم يتطرق إلى حماية الأقليات، إذ كان مدفوعاً على ما يبدو برسالة أميركية مفادها بأن سوريا يجب أن تحكم كدولة مركزية، وتأثر بالمحادثات الأمنية الناشئة بين سوريا وإسرائيل في أذربيجان، وهو ما شكل علامة واضحة على أن الإدارة الأميركية غيرت سياستها تجاه إدارة الشرع نحو نهج أكثر تركيزاً على المصالح السياسية والأعمال التجارية، الأمر الذي تعكسه مشاركة المبعوث الأميركي في السادس من أغسطس (آب) الجاري في حفلة توقيع استثمارات تركية وقطرية في سوريا، بينما تتوقع الولايات المتحدة أن يكون لشركاتها نصيب وافر في مشاريع الطاقة والنفط السورية، وربما أيضاً في كعكة إعادة بناء ما هدمته الحرب التي استمرت 14 عاماً. ولبراك نظرة خاصة عن الرئيس الشرع الذي شبهه بجورج واشنطن (أول رئيس للولايات المتحدة، ويحظى بمنزلة عظيمة لدى الأميركيين)، خلال حديث له على قناة "أل بي سي آي" اللبنانية في الـ21 من يوليو (تموز) الماضي، مدعياً أن الأقليات تريد نظاماً مركزياً، كما نفى أيضاً في الـ23 من يوليو (تموز) الماضي تورط القوات الحكومية السورية في أعمال عنف ضد الدروز. وبحسب المدير الأول لوحدة الاستراتيجية والبرامج في القسم الأكاديمي بمعهد "نيو لاينز" نيكولاس هيراس، فإن براك هو في المقام الأول سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، وأسلوبه الدبلوماسي يشير إلى أن مهمته في المنطقة هي إيجاد سبل استباقية لتحسين ما كان في السابق علاقة متوترة للغاية بين واشنطن وأنقرة. مهمة شاقة كان مبدأ ترسيخ دولة سورية مستقرة وموحدة محوراً أساسياً في رؤية الولايات المتحدة التي يقود براك مهمة تنفيذها الشاقة، ولهذا يسعى إلى تفكيك مصادر التشرذم المحتملة، إذ تتمثل مهمته الأكثر أهمية وإثارة للجدل حالياً في دمج "قوات سوريا الديمقراطية" بقيادة الأكراد، وهم حلفاء أميركا على الأرض ضد "داعش"، في الجيش الوطني السوري الناشئ. وكانت رسالة براك إلى قائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي، خلال اجتماعات متوترة في دمشق هذا الشهر، حازمة، إذ أكد بأن الرؤية الأميركية لسوريا هي "بلد واحد، جيش واحد، شعب واحد". رفض براك صراحة المطالب الكردية بالفيدرالية أو الهياكل العسكرية المستقلة، واصفاً إياها بأنها غير قابلة للتطبيق ومزعزعة للاستقرار، مجادلاً بأنه في جميع هذه البلدان، تعلمت أميركا أن الفيدرالية غير مجدية. منع بلقنة سوريا هذا السعي نحو قيادة عسكرية موحدة هو حجر الأساس لاستراتيجية الولايات المتحدة لمنع بلقنة سوريا، ولإيجاد شريك فعال للسلام الإقليمي، بما في ذلك التطبيع مع إسرائيل، لكن اندلاع العنف في السويداء، معقل الدروز في سوريا يوم الـ11 من يوليو (تموز)، وفر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الحافز الأمثل لعرقلة هذا التقدم الهش عبر قصف وزارة الدفاع السورية في دمشق، والقوات الحكومية السورية في السويداء التي استهدفت السيطرة على الاشتباكات هناك بين الميليشيات الدرزية والقبائل البدوية، بدعوى أن مهمة إسرائيل حماية الدروز في سوريا. لكن تصرفات إسرائيل عبر قصفها دمشق خلال مفاوضات حساسة وتوغلها قبل ذلك داخل الأراضي السورية، وشنها مئات الغارات الجوية منذ سقوط نظام بشار الأسد، تقوض السياسة الأميركية بصورة مباشرة، على رغم أن إدارة ترمب لا تجاهر بذلك، لكن هذه السياسة الإسرائيلية تمنع ترسيخ سوريا موحدة ذات سيادة، قادرة على استعادة جنوبها، وأن تصبح شريكاً فعالاً للرؤية الأميركية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) التأثير في "قسد" تؤثر السياسة الأميركية الجديدة أيضاً في "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة التي كانت منخرطة في محادثات مع دمشق، ففي العاشر من مارس (آذار) الماضي وقع قائد "قسد" مظلوم عبدي اتفاقاً أولياً مع الحكومة في دمشق لدمج قواته في الإدارة السورية الجديدة، لكن بعد فشل المحادثات بين "قسد" ودمشق، انتقد براك فكرة الفيدرالية في العراق وسوريا، ولذلك لم يكن مفاجئاً أن تدين الأحزاب الكردية في شمال سوريا موقفه، متهمة إياه بالافتقار إلى الحياد في دوره كدبلوماسي، ومجادلة بأن تصريحاته تتجاوز مسؤوليات الوسيط المحايد. ومع ذلك، لم يكن هذا موقفاً أميركياً جديداً، إذ لم تدعم الإدارات السابقة أو تؤيد الحكم الذاتي في سوريا، ففي عام 2016 رفضت الولايات المتحدة ذلك أيضاً، وعارضت إجراء انتخابات في شمال شرقي سوريا في 2024. وقبل سقوط نظام الأسد، أعرب مسؤولو إدارة بايدن عن رغبتهم في أن تتوصل "قوات سوريا الديمقراطية" آنذاك إلى اتفاق مع نظام الأسد الذي لم تكن للولايات المتحدة علاقات رسمية به، على عكس الوضع الحالي، لكن نظام الأسد اعتقد مخطئاً أن الوقت في صالحه، ولم يبرم أي اتفاق مع "قوات سوريا الديمقراطية". غير أن السفير براك، الذي أبدى اهتماماً واضحاً بأحمد الشرع كزعيم سني شعبوي قادر على العمل عن كثب مع أنقرة، وله جاذبية في الخليج، أظهر علاقة متذبذبة مع "قوات سوريا الديمقراطية"، إذ يبدو أنه تركها لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ويعتبر ناقداً لها داخل الحكومة الأميركية. الاحتفاظ بـ"قسد" ومع ذلك أشاد المبعوث الأميركي أخيراً بقيادة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، والتقى به في الـ19 من يوليو، إذ شكره على قيادته وشراكة "قسد" المستمرة في مكافحة "داعش" في سوريا، مما يظهر أنه في حين تفضل الولايات المتحدة الآن التعاون مع دمشق، إلا أنها لا تنوي بالضرورة التخلي عن "قوات سوريا الديمقراطية"، وتأمل بإبرام صفقة بين الجانبين من دون عنف، بحسب المتخصص في الشأن الكردي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فلاديمير فان ويلغنبرغ. إضافة إلى ذلك، لا تزال "قسد" تتمتع بدعم خاص في الكونغرس الأميركي، وحتى الآن لا توجد أي مؤشرات على انسحاب القوات الأميركية من سوريا بصورة كاملة، على رغم أن الولايات المتحدة تخطط لتقليص قواتها هناك. في الوقت نفسه، ربما تستشعر"قسد" أن إسرائيل يمكن أن تكون عاملاً مساعداً في الضغط على إدارة ترمب في شأن قضية النظام الفيدرالي في سوريا، فقد كان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي سبق أن رفض حكومة الشرع باعتبارها "حفنة من الجهاديين"، يدافع علانية عن فكرة الفيدرالية في سوريا خلال شهر فبراير (شباط) 2025، وأصر على تقسيم البلاد على أسس طائفية لضمان احترام طرق الحياة المختلفة. غير أن هذه الرؤية التي تضمنت الضغط على واشنطن للسماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها على ساحل سوريا المتوسطي، لمواجهة النفوذ التركي والحفاظ على لامركزية سوريا، تتعارض مباشرة مع الدولة الموحدة والمستقرة التي تسعى إدارة ترمب إلى بنائها، مما يضع واشنطن واستراتيجيتها في مأزق حرج، إذ أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، دعم الولايات المتحدة للحوار بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" بهدف دمجها في الجيش السوري، كما دعمت أيضاً نية "قسد" تحويل وقف إطلاق النار الحالي في شمال شرقي سوريا إلى سلام شامل ودائم. تحديات قائمة ومع ذلك تعثرت محادثات تنفيذ اتفاق مارس (آذار) لدمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية، بما في ذلك قوات "قسد"، تحت سلطة الدولة السورية، إذ تشكل وجهات النظر المتباينة حول عملية الدمج تحدياً رئيساً، ففي حين تسعى "قوات سوريا الديمقراطية" إلى الانضمام إلى الجيش السوري ككيان موحد، تفضل دمشق دمج مقاتليها كأفراد ضمن وحداتها العسكرية القائمة. وما يزيد من تعقيد المشهد رفض الحكومة السورية في دمشق المشاركة في اجتماع مع "قسد"، كان مقرراً في باريس خلال أيام لاستكمال كيفية تنفيذ اتفاق مارس، وذلك في أعقاب انعقاد مؤتمر "وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا"، الذي حضره يوم الجمعة الماضي ممثلون عن الأقليات العرقية والدينية السورية في مدينة الحسكة، واعتبرته حكومة دمشق تحدياً لها، لا سيما بعدما خلص الاجتماع إلى جملة مواقف ومطالبات اعتبرت أن الإعلان الدستوري الراهن لا يلبي تطلعات الشعب السوري، داعياً إلى إعادة النظر فيه وتعديله بصورة تضمن التشاركية والتمثيل العادل في المرحلة الانتقالية، وأن الحل المستدام يمر عبر دستور ديمقراطي يكرس ويعزز حقيقة المجتمع السوري في تنوعه القومي والثقافي والديني، ويؤسس لدولة موحدة لا مركزية تضمن المشاركة الحقيقية للمكونات كافة في عملية بناء الدولة وإدارتها. ومع تصعيد المواقف، يبدو أن إدارة ترمب تواجه اختباراً صعباً يتطلب منها الموازنة بين متطلبات الحفاظ على تحالفها السابق مع "قسد" في مواجهة "داعش" والتنظيمات الإرهابية، مع الاستمرار في دعم واحترام حقوق الأقليات، وبين السماح لرؤيتها الخاصة بدعم سلطة دمشق لتحقيق سوريا موحدة ومستقرة بالتجذر.