logo
محكمة أميركية تحكم على إيران و"الحزب" بتعويضات لعائلة عامر فاخوري

محكمة أميركية تحكم على إيران و"الحزب" بتعويضات لعائلة عامر فاخوري

المركزية٠٨-٠٥-٢٠٢٥

في خطوة هامة تُضاف إلى سلسلة القضايا التي تشكل تحدياً للنفوذ الإيراني و'حزب الله' في لبنان، أصدرت المحكمة الجزائية الأميركية لمقاطعة كولومبيا حكماً تاريخياً فنّد الأذى الذي لحق بعائلة عامر فاخوري، المواطن الأميركي اللبناني الأصل، من جراء احتجازه كرهينة في لبنان، 'بناءً على طلب من حزب الله'، وهو ما ورد حرفياً في مذكرة الحكم الصادرة عن القاضي جون د. بيتس في قضية Estate of Fakhoury v. Islamic Republic of Iran، الصادر في 1 أيار 2025.
الحكم، الذي جاء مع تعويضات ضخمة لصالح الورثة وأفراد العائلة، سلّط الضوء على الدور الخبيث الذي تلعبه إيران و'حزب الله' في إدارة الشؤون القضائية في لبنان، وأدى إلى وضع المحاكم اللبنانية، وتحديداً المحكمة العسكرية، تحت المجهر.
فضح التدخل الإيراني والتعويضات
وتعود قضية عامر فاخوري إلى أيلول 2019، عندما استُدرج وعائلته للعودة من الولايات المتحدة إلى لبنان، حيث أعطي تطمينات مُسبقة، ليتم احتجازه من قبل سلطة الأمر الواقع التي تأتمر بأوامر 'حزب الله' وبتوجيهات من إيران، من 12 أيلول حتى منتصف كانون الأول 2019، قبل أن يُمنع من مغادرة لبنان حتى آذار 2020. ووفق حيثيات قرار المحكمة، أدّى اعتقال فاخوري إلى 'تدهور حالته الصحيّة بشكل كبير، وانقلبت حياة عائلته رأساً على عقب، حيث عاشت زوجته ميشلين إلياس وأولاده الأربعة في قلق مستمر'.
توفي عامر الفاخوري في آب 2020 في الولايات المتحدة، بعد خضوعه لفترة علاج من مرض السرطان. وفي أعقاب وفاته، بادرت عائلته إلى رفع دعوى قضائية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالمباشر بسبب دعمها المادي لـ 'حزب الله'، متهمةً إياها بالوقوف خلف ما تعرض له في لبنان، واعتبارها المسؤول الأول عن الأذى الذي لحق بهم؛ وذلك عبر دعوى رُفعت أمام القضاء الأميركي استناداً إلى 'قانون الحصانات السيادية الأجنبية (FSIA)'، الذي يتيح ملاحقة الدول المتورطة في دعم الإرهاب، وشملت الدعوى أيضاً 'حزب الله' كجهة مسؤولة.
في ما يتعلق بالقضية، خلصت المحكمة الأميركية إلى أن 'فاخوري تم احتجازه في لبنان كرهينة من قبل 'حزب الله' بدعم من إيران'. واعتبرت 'الأذى النفسي الذي تعرضت له العائلة بسبب احتجازه كرهينة كافياً للحصول على تعويضات'.
وقررت المحكمة منح 2.113.500 دولار لورثة عامر فاخوري.
1.409.000 دولار لزوجته ميشلين إلياس.
4.277.000 دولار لأولاد فاخوري الأربعة.
المجموع 7.749.500 دولار
وتشمل هذه المبالغ التعويضات عن الأضرار النفسية والمعنوية التي تعرضت لها العائلة نتيجة احتجاز فاخوري كرهينة، بالإضافة إلى تعويضات عقابية تهدف إلى ردع أي ممارسات مشابهة في المستقبل. كما تم احتساب الفائدة قبل الحكم في قضية المدعين منذ عام 2019، ليتجاوز المبلغ الإجمالي 13.4 مليون دولار، مترتب على إيران و'حزب الله' كتعويضات عقابية.
مصادر حقوقية كشفت لـ 'نداء الوطن' أن 'الحكم الصادر لا يُعد مجرد إنصاف لعائلة فاخوري، بل يمثل إعلاناً واضحاً عن تورط القضاء اللبناني، وخاصة المحكمة العسكرية، في تنفيذ أجندات سياسية وأمنية لـ 'حزب الله' المدعوم من إيران'. وأشار المصدر إلى أن 'التحقيقات الأميركية وثّقت أن جهاز الأمن العام اللبناني، خلال فترة تولي اللواء عباس إبراهيم إدارته، والمحكمة العسكريّة، نسقا مع 'حزب الله' المصنّف منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة في هذه القضية'.
الحُكم يضع القضاء اللبناني، وتحديداً المحكمة العسكرية، في موقع المساءلة القانونية والأخلاقية. إذ إن تنفيذ أحكام واعتقالات استناداً إلى توجيهات حزب مسلّح محظور دولياً، يُعد انتهاكاً صارخاً لمبدأ فصل السلطات، ويهدد شرعية المؤسسة القضائية في لبنان على المستوى الدولي.
ويرى حقوقيون أن هذا الحكم قد يفتح الباب أمام المتضررين من أحكام المحكمة العسكرية اللبنانية، من بينها قضايا حساسة مثل المبعدين قسراً إلى إسرائيل أو مناصري الثورة السورية، للطعن بتلك الأحكام أمام محافل أممية.
وفي ظل انكباب المسؤولين اللبنانيين على إعادة الانتظام إلى عمل السلطة القضائية في لبنان، اعتبرت جهات متابعة أن 'الحكم الأميركي قد يشكل نقطة انطلاق حقيقية نحو إصلاح قضائي شامل، يحد من النفوذ السياسي على القضاء والتأثير المدمّر الذي تمارسه إيران وحزب الله على استقرار لبنان القضائي والاجتماعي، ما يعيد بعضاً من ثقة المجتمعين المحلي والدولي بهذه السلطة الحيوية'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد مرور عام، لا تزال التساؤلات قائمة حول حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني
بعد مرور عام، لا تزال التساؤلات قائمة حول حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني

سيدر نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • سيدر نيوز

بعد مرور عام، لا تزال التساؤلات قائمة حول حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني

صعد إبراهيم رئيسي سريعاً في هيكل السلطة في إيران، لكن رئاسته انتهت فجأةً، بحادث تحطم مروحية، لم يُسهم تفسيره الرسمي – المتعلق بالطقس – في تهدئة أمة غارقة في الشكوك. في 19 مايو/أيار 2024، توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في محافظة أذربيجان الشرقية، بالقرب من الحدود مع أذربيجان. كما قُتل في الحادث أيضا وزير الخارجية آنذاك، حسين أمير عبد اللهيان، وعدد من كبار المسؤولين. بعد عام، لا يزال التفسير الرسمي – أن سوء الأحوال الجوية تسبب في اصطدام الطائرة بجبل – موضع تساؤل واسع النطاق داخل إيران، حيث يسود انعدام ثقة الجمهور في روايات الحكومة. أصدر الجيش الإيراني ثلاثة تقارير تستبعد التخريب أو الاغتيال. وأشار أحدثها إلى تراكم الضباب المتصاعد كسبب. مع ذلك، صرّح رئيس الأركان السابق في عهد رئيسي بأن الطقس كان صافيا، ويشير منتقدون إلى احتمال وجود أعطال فنية بالطائرة. بينما حاولت الدولة إغلاق القضية، تزايدت التكهنات العامة. ولم تؤدِّ الصور المحدودة والضبابية لحطام الطائرة إلا إلى تأجيج الشكوك. شكوك داخلية ورحلة مثيرة للجدل جاء الحادث بعد تغيير في خطط سفر رئيسي. ووفقاً لـ مجتبى موسوي، الذي ترأس شقيقه فريق أمن رئيسي وتوفي في الحادث، فإن الرحلة إلى حدود أذربيجان لم تكن الوجهة الأصلية – وقد عارضتها وحدة الأمن بشدة. وقال إنه تم تقديم خطاب رسمي يعترض على الزيارة. رفض الجيش هذه التعليقات ووصفها بأنها محاولة 'لزرع الشك'، لكن هذه الرواية اكتسبت زخماً، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية واجتماع رئيسي مع الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، قبل وقت قصير من الحادث. شائعات التصفية السياسية ألمح سياسيون متشددون علناً إلى أن رئيسي ربما يكون قد قُتل عمداً. ادعى عضو البرلمان، حامد رسايي، أنه 'أقُصي' لإزالة عقبة داخلية أمام التطورات الإقليمية. وذهب نائب آخر، وهو كامران غضنفري، إلى أبعد من ذلك، مدعياً وجود عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وأذربيجان أسفرت عن مقتله – دون تقديم أدلة. تتزامن هذه الادعاءات مع أحداث إقليمية، بما في ذلك مقتل قادة من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني على يد إسرائيل. وقد نفى المسؤولون الإسرائيليون أي تورط في الحادث. في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع تظهر امرأة، عُرِّفت بأنها والدة رئيسي، في حالة من الضيق الشديد، وهي تقول: 'أياً كان من قتلك، أرجو من الله أن يُقتل'. لم يتسن التحقق من صحة الفيديو بشكل مستقل، ولكنه انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. غموض حول موقع التحطم كانت التقارير الإعلامية الإيرانية الأولية متناقضة. قال البعض إن رئيسي واصل رحلته براً، ووصف آخرون الحادث بأنه 'هبوط اضطراري'. وسرعان ما تحول السرد إلى حادث تحطم مميت، وبدأت حملة وطنية للدعاء. كان رئيسي على متن إحدى ثلاث طائرات هليكوبتر تحلّق في دوائر. أدلى المسؤولون بتصريحات متضاربة حول ترتيبات الموكب. استغرق تحديد موقع الحطام أكثر من 16 ساعة، على الرغم من مزاعم بأن أحد الركاب رد على اتصال عبر هاتف محمول بعد الحادث. أعلنت تركيا أن إحدى طائراتها المسيرة حددت الموقع، لكن بي بي سي الخدمة الفارسية وجدت أن الإحداثيات التي تمت مشاركتها غير دقيقة. بدلاً من ذلك، كانت مجموعة من سائقي الدراجات النارية عبر الطرق الوعرة أول من وصل إلى الموقع، وهي حقيقة لم تعترف بها وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية. جثث محترقة، وأمتعة غير محترقة أظهرت الصور المنشورة جثثاً متفحمة، إلا أن بعض المتعلقات والأمتعة بدت سليمة نسبياً. زعم أحد المشاركين في التأبين، وهو مؤيد للحكومة، أن جثمان رئيسي كان محترقاً بشدة لدرجة أنه تم إجراء 'التيمم' للكفن، بدلاً من الغسل التقليدي. وبحسب ما ورد، لم يُسمح لزوجة الرئيس ووالدته برؤية الجثمان. صرح بعض المسؤولين لاحقاً بأنه لم يتم العثور على أجزاء من جثمان رئيسي، ما زاد من شكوك الرأي العام. إرث من انعدام الثقة لا يمكن فصل الشكوك المحيطة بوفاة رئيسي عن تاريخ إيران الطويل من السرية. من إسقاط طائرة أوكرانية عام 2020، إلى وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة، إلى عقود سابقة من الاغتيالات السياسية، شهد الإيرانيون مراراً وتكراراً روايات رسمية لم تحل ألغاز تلك الأحداث. حتى لو كان حادث التحطم عرضياً بحتاً، فإن سجل الدولة أدى إلى عدم تصديق رواية الأجهزة الأمنية من قِبل مواطنيها. صعود رئيسي وأفوله السياسي كان رئيسي، رجل الدين ورئيس السلطة القضائية السابق، يُنظر إليه في السابق على أنه 'خليفة محتمل' للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. بدعم من النخبة المحافظة في إيران، انتُخب عام 2021، مع وعوده بالإصلاح الاقتصادي والاستقرار السياسي. لكن رئاسته واجهت صعوبات. ارتفع التضخم بشكل حاد، وتعثرت دبلوماسيته الدولية، وأدت الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني إلى إضعاف إدارته بشكل أكبر. ووصف محللون من مختلف الأطياف السياسية حكومته بأنها غير فعالة. بحلول عام 2024، كان مستقبل رئيسي السياسي غامضاً. لقد أنهى موته فجأةً مشروعاً سعى إلى بناء جيل جديد من القيادة 'الشبابية والثورية'. على الرغم من جهود الدولة لتصوير رئيسي على أنه 'شهيد'، إلا أن ظروف وفاته زادت من سخرية الرأي العام. وبعد مرور عام على الحادث، لا تزال فكرة أن الرئيس الإيراني اختفى في سحابة، بالنسبة لكثير من الإيرانيين، غير معقولة لدرجة يصعب تقبلها. مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يعلن عن مشروع القبة الذهبية لحماية أمريكا
بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يعلن عن مشروع القبة الذهبية لحماية أمريكا

صدى البلد

timeمنذ 2 ساعات

  • صدى البلد

بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يعلن عن مشروع القبة الذهبية لحماية أمريكا

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عزمه إصدار قرار لبناء منظومة دفاع صاروخي جديدة تحت اسم "القبة الذهبية"، مؤكداً أن المشروع يأتي ضمن وعوده الانتخابية لتعزيز قدرات الدفاع الجوي للولايات المتحدة. وقال ترامب في تصريحات صحفية إن القبة الذهبية ستكون "أقوى منظومة دفاعية في العالم"، وستوفر حماية شبه كاملة من مختلف أنواع الصواريخ، بما فيها الصواريخ الفرط صوتية. وأوضح ترامب أن المشروع سيستغرق نحو ثلاث سنوات، وتُقدّر تكلفته الأولية بـ175 مليار دولار، مضيفاً أن الولايات المتحدة ساعدت سابقاً إسرائيل في بناء "القبة الحديدية"، وأنها ستبني الآن نسختها الخاصة لكن بقدرات أعلى. ويُنظر إلى هذا الإعلان كجزء من توجه ترامب لدعم الصناعات الدفاعية الأمريكية، في ظل تزايد التهديدات العالمية وتطور تكنولوجيا الصواريخ. ونقل موقع "بوليتيكو" عن مصادر مطلعة أن ترامب سيخصص مبدئياً 25 مليار دولار لبدء تنفيذ المشروع، وهو مبلغ أُدرج ضمن مسودة مشروع قانون الميزانية الذي لم يحصل بعد على موافقة الكونجرس. وأشار الموقع إلى أن مكتب الميزانية بالكونجرس يقدّر الكلفة الكلية للمشروع بنحو 500 مليار دولار على مدى عشرين عاماً. ومن المتوقع أن يُعلن ترامب القرار رسمياً في البيت الأبيض بحضور وزير الدفاع بيت هيجسيث، مع تعيين الجنرال مايكل جيتلين من قوة الفضاء الأمريكية رئيساً للبرنامج. وتلقى المشروع دعماً من بعض الجمهوريين الذين اقترحوا تمويلاً أولياً ضمن حزمة دفاعية أوسع، إلا أن المشروع يواجه معارضة من الديمقراطيين الذين أعربوا عن قلقهم بشأن فعاليته وتكلفته الباهظة.

إعادة تكوين المشهد السياسي في المشرق العربي: التوازن المفقود!
إعادة تكوين المشهد السياسي في المشرق العربي: التوازن المفقود!

المدن

timeمنذ 2 ساعات

  • المدن

إعادة تكوين المشهد السياسي في المشرق العربي: التوازن المفقود!

"إن توازن القوى هو أساس السلام" تسبّب هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023 بتراجع النفوذ الإيراني في المشرق العربي: بشكل تام في سوريا، ونسبيًا في لبنان، وإلى حدّ أقل في العراق البلد المشرقي الذي يقع على حدود إيران ويشكل البوابة الشرقية للعالم العربي عليها. دول ثلاث عاشت عقودًا من الهشاشة السياسية والاقتصادية كما الأمنية وفي بُناها الاجتماعية منذ مطلع الألفية الثالثة، هشاشة أصابت نسيج العراق الاجتماعي واقتصاده وأمنه ووحدة أهله عند اجتياح الأميركيين له عام 2003، حيث توزع النفوذ عمليًا هناك بين الأميركي والإيراني، تبعه لبنان منذ وبعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005 وانسحاب الجيش السوري منه ما عزّز من نفوذ "حزب الله" المرتبط أيديولوجيًا في إيران، فسوريا بعد انطلاق الثورة فيها عام 2011 واستعانة النظام بـ"حزب الله" أولًا لقمع الثورة فيها فالحرس الثوري وإيران ثانيًا، حتى طلب التدخل الروسي من قبل إيران ما عزّز من نفوذ وحضور طهران في ذاك البلد بشكل مؤثر جدًا. خط الأحداث منذ السابع من أكتوبر 2023 ضَرَبَ المعادلة الآنفة منذ قرر الحشد الشعبي العراقي مبكرًا فك الاشتباك مع الولايات المتحدة الأميركية وتاليًا إسرائيل، بعد اغتيالات جرت لقيادات فيه ما نأى بالعراق عن أحداث غزة وما يجري فيها، إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحكة "حماس" إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران يوم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وضرب القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، ثمّ عملية "البايجر" في لبنان واغتيال السيّدَيْن حسن نصر الله وهاشم صفي الدين إلى سقوط نظام الأسد في سوريا ووقف النار في لبنان الذي توقف من جانب واحد عمليًا هو جانب "حزب الله" في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بعمليات الضرب والقصف والقتل دون رادع. لقد اختلّ التوازن منذ ما بعد تلك الأحداث لغير مصلحة ايران ونفوذها، ومالت الكفة بشكل كبير إلى مصلحة إسرائيل التي لم تكن يومًا منذ تأسيسها عامل استقرار في المشرق العربي، ولم تستطع يومًا فرض استقرار ما، إلا مع سوريا في ظل حكم آل الأسد منذ اتفاق فك الاشتباك عام 1974، غير أن حافظ الأسد، ورغم عدم حصول أي خرق لوقف النار بين بلاده وإسرائيل انطلاقًا من الأراضي السورية ظلّ يستخدم ساحات أخرى لمشاغلتها سواء في الجولان المحتل أو فلسطين وإلى حد أكبر بكثير في لبنان منذ اندلاع الحروب المتعددة فيه منذ العام 1976. التنافس الإقليمي حول المشرق في المشرق، وبعد السابع من أكتوبر 2023، تتنافس قوّتان إقليميتان حسب الظاهر على ترسيخ مكاسبهما: إسرائيل وتركيا. فيما تسعى إيران لتخفيف خسائرها من جهة وتحصين جبهتها الداخلية تخوفًا من عدم وصول المفاوضات الأميركية - الإيرانية إلى مخرجات مريحة، واستعدادًا للتصدي لضربات محتملة للمرافق النووية الإيرانية ما يدفع المنطقة إلى حافة نزاعات دموية، على الأرجح بالغة الخطورة على دول الخليج أولًا، وعلى المشرق العربي ثانيًا، وعلى أمن العالم كله ثالثًا، صراعات قد تحيي تدفقات الهجرة، أو إعادة تفعيل الإرهاب، أو ضرب طرق التجارة البحرية والبرية في آن. فإيران ولو أنها وهنت، لكنّها لم تفقد قدراتها بعد على استخدام العديد من الوسائل لإعادة تحريك مجاميع قوى موزعة في دول المنطقة كلها، تحركٌ قد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف سياسية وطائفية داخلية في الدول المشرقية الثلاث نتيجة فشل المفاوضات أو نتيجة ضربة عسكرية لإيران بشكل أو بآخر. وفي حال نجاح تلك المفاوضات قد تعمد إيران على استعادة المبادرة وتحين الفرصة لاستعادة الحضور والنفوذ بطريقة ما. توصيف المشهد في العراق، بعد القمة العربية التي عقدت هناك يوم السبت الواقع فيه 17 أيار/مايو يبدو أن خيار العرب بالانخراط بات أكثر وضوحًا هناك، وكذلك انخراط العراق في محيطه العربي بات أصرح، لكن الواضح أيضًا أن نفوذ إيران لا زال على قدر عالٍ من القوة ولا زال الحكم هناك يقيم لها وزنًا كبيرًا في آلية اتخاذ القرارات وفي مراعاة مزاج القوى الموالية لها في العراق. وفي سوريا يبدو أن قرار دعم أحمد الشرع ونظامه بات خيارًا وحيداً حاليًا لأسباب عديدة أولها أن هذا النظام بات واقعًا، وأحد لا يريد عودة هذا البلد إلى الفوضى، وأحد لا يريد تقسيم سوريا، وثانيها أن نجاح الشرع في إبعاد النفوذ الايراني يعتبر نقطة حُسْن سلوك له عربيًا وغربيًا، وثالثها أنّ إسرائيل، حليفة أميركا، بعد سقوط الأسد، شنت ضربات على مخازن الأسلحة وأهداف أخرى داخل سوريا، وسعت إلى توسيع سيطرتها الإقليمية على أجزاء من البلاد، معارضةً التوغلات التركية هناك، في محاولة لإظهار امتلاكها اليد العليا هناك ما دفع الشرع لاجراء مفاوضات مرحب بها أميركيًا و"إبراهيميًا" معها بواسطة تركيا في أذربيجان وبواسطة الإمارات في أبو ظبي. وفي لبنان وبعد انتخاب الرئيس جوزيف عون وتأليف الرئيس نواف سلام حكومته، اتضح أنّ التفويض الدولي الذي يحوزان عليه يختص بتجريد "حزب الله" والفصائل الفلسطينية من سلاحهم كما وضرورة الدخول في إصلاحات سياسية، ومالية، وقضائية، واضحة. في الوقت الذي تحتفظ إسرائيل فيه بموقع مهيمن وتواصل قصف البلاد، في انتهاك صريح لكن مسنود لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. من يملأ فراغ المشهد ويعيد التوازن؟ شهدت كلّ من سوريا ولبنان موجة من الانخراط العربي، تقودها المملكة العربية السعودية، بعد انفتاح مماثل وسابق على العراق الذي لعب دورًا اساسيًا في الوساطة بين المملكة وإيران وأمّن منصة حوار خلال أعوام 2022 و2023 إلى جانب عُمان، وصولًا لعقد اجتماع بكّين في آذار/ مارس 2023 بين إيران والمملكة واتفاقهما على إعادة العلاقات السياسية والديبلوماسية بين البلدين، إلى سعيهما لتبريد النزاعات الإقليمية وأبرزها وأهمها بالنسبة للمملكة نزاع اليمن. وقد تكون السعودية إحدى أبرز الدول القادرة على صياغة توازن ما بالتعاون الأكيد مع تركيا كما حصل في سوريا، ومن خلال التواصل المباشر مع إيران كما حصل حول العراق خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، ومن خلال إيجاد سبل للتعاون والتنافس في آنٍ واحد مع القوى الإقليمية تلك ومن خلال بناء شراكات شاملة. ويُعد العمل المشترك بين تركيا والسعودية، وهما الأكثر التزامًا باستقرار المشرق من غيرهما من القوى الإقليمية، عنصرًا أساسيًا في هذا المسعى كما ويعتبر تحييد إيران وعقد شراكات معها عاملًا مهمًا لصياغة توازن مع إسرائيل الدولة الـمحتلة لأرض والفاتكة باهلها والعاملة على تعزيز الفصل العنصري فيها والتي تعتقد أنها حققت انتصارًا نهائيًا في صراع ليس لنهايته أفق مهما تعدّدت الجولات أو النهايات الافتراضية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store