
فحيلي لصوت بيروت: قرار القاضي شعيتو بين الرسالة السياسية واستحالة التنفيذ المالي
هذا القرار الذي وصفه البعض بالتاريخي والاستثنائي ليس أكثر من رسالة سياسية بالشكل والمضمون من وجهة نظر الباحث لدى كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال (OSB) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) الدكتور محمد فحيلي الذي شرح القرار من عدة نواحي :
أولاً الناحية القانونية:
يؤكد فحيلي أن تطبيق القرار يتطلب وجود أساس قانوني صلب يفرض على الأشخاص إعادة الأموال المحوّلة للخارج خصوصاً أن التحويلات قد تكون جرت ضمن أطر قانونية أو تعاقدية سليمة حتى لو اعتُبرت غير أخلاقية.
ووفقاً لفحيلي أي إجراء من هذا النوع قد يصطدم بمبدأ حرية التصرف بالأموال وحماية الملكية الخاصة المكرسة في الدستور ما لم يثبت أنها ناتجة عن جرائم (اختلاس أوتبييض أموال أو إساءة أمانة…) 'والتنفيذ قد يتطلب أحكاماً قضائية فردية وليس قراراً عاماً لتفادي الطعن أمام مجلس شورى الدولة أو المحاكم المختصة'.
ثانياً من الناحية العملية:
يتوقع فحيلي حتى إذا صدر القرار فإن القدرة على تنفيذه محدودة ما لم يكن هناك تعاون من الدول التي أُودعت فيها الأموال وهذا يعني الدخول في مسار قضائي دولي طويل ومعقّد. وإذا كانت الأموال قد تحوّلت إلى حسابات خارجية وتم استخدامها أو استثمارها فإعادة المبالغ نفسها بالدولار أو اليورو خلال شهرين أمر شبه مستحيل من الناحية الواقعية.
ثالثاً من الناحية الاقتصادية:
يتخوف فحيلي حتى لو تمكّن جزء من هذه الأموال من العودة فالمصرف اللبناني الذي ستودع فيه سيواجه مشكلة: فهذه الأموال تصبح 'ودائع جديدة' بالدولار الفريش لكنها ستظل جزءاً من ميزانيات مثقلة بالخسائر وبالتالي لن تغيّر الواقع المصرفي جذرياً مستبعداً إذا استُخدمت هذه الخطوة لتعزيز السيولة وتحسين صورة القطاع المصرفي أن تكون مستدامة ما لم تترافق مع إعادة هيكلة شاملة للقطاع وحلّ فجوة الخسائر.
واعتبر فحيلي القرار أقرب إلى رسالة سياسية تستهدف إيصال إشارات إلى الداخل والخارج بأن الدولة أو على الأقل بعض أجهزتها القضائية مستعدة لاتخاذ خطوات غير اعتيادية في مواجهة ممارسات مصرفية مثيرة للجدل وإلى ضغط قضائي يضع المعنيين تحت المجهر ويفتح الباب أمام مساءلة طال انتظارها 'لكنه من منظور مالي واقتصادي لا يرقى إلى مستوى الحل القابل للتنفيذ الفعلي نظراً لتعقيد المسارات القانونية والعملية'.
ووفقاً لفحيلي نجاح هذه الخطوة مرهون بثلاثة عناصر حاسمة:
1.قوة الإطار القانوني أي أن يكون القرار مؤسساً على نصوص صلبة تتيح ملاحقة الأموال المحوّلة وإلزام أصحابها بإعادتها مع القدرة على الصمود أمام الطعون الدستورية والدعاوى المحلية.
2.القدرة على التنفيذ عبر النظام القضائي المحلي والدولي إذ يتطلب الأمر تعاوناً فعالاً مع السلطات القضائية والمالية في الدول التي أُودعت فيها الأموال وهو تعاون غالباً ما يكون بطيئاً ومعقداً وقد يواجه عراقيل سياسية وقانونية.
3.تزامنه مع إصلاحات مصرفية واقتصادية أعمق لأن عودة الأموال إن حصلت لن تغيّر مسار الأزمة إذا لم تُدمج ضمن خطة شاملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وردم فجوة الخسائر واستعادة الثقة بالاقتصاد. مؤكداً أنه بدون هذه الركائز سيظل القرار محصوراً في إطار الرمزية السياسية عاجزاً عن إحداث تحول نوعي في مسار الأزمة المالية.
ويختم فحيلي قائلاً: 'يبقى قرار القاضي شعيتو خطوة جريئة في الشكل لكنها محفوفة بالعوائق في الجوهر فبين نصوص دستورية تحمي الملكية الخاصة وتعقيدات التعاون القضائي الدولي والواقع الاقتصادي المثقل بالخسائر يبدو أن أثر القرار سيكون رمزياً أكثر منه فعلياً ومع ذلك فإن رمزية الخطوة تكشف عن حاجة ملحّة إلى مسار قضائي متماسك وإصلاحات مصرفية شاملة حتى لا يبقى تحريك الملفات الكبرى مجرد ومضات إعلامية بل يصبح جزءاً من مسار مستدام لاستعادة الثقة بالنظام المالي اللبناني.'

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 11 ساعات
- الديار
من قاعات القضاء الى الأسواق الماليّة: قرار شعيتو يفتح باب المحاسبة!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في خضم أزمة مالية غير مسبوقة تضرب لبنان منذ خريف العام 2019، برز قرار المدعي العام المالي، القاضي ماهر شعيتو، كخطوة لافتة تحمل أبعادًا قانونية واقتصادية وسياسية عميقة. فقد شكّل هذا القرار، القاضي بإلزام من حوّلوا أموالًا إلى الخارج خلال سنوات الانهيار المالي بإعادة ما يعادل تلك المبالغ إلى المصارف اللبنانية خلال مهلة شهرين، محاولة لإعادة الاعتبار لهيبة الدولة وموقع القضاء المالي، وسط ضغوط شعبية متصاعدة لاسترداد الأموال المهربة ومحاسبة المسؤولين عن الانهيار. فالقرار لم يأت من فراغ، بل يتزامن مع تصاعد الضغوط الدولية على لبنان لتطبيق معايير الشفافية ومكافحة تبييض الأموال، ومع تزايد القلق من الانكشاف المالي الكامل للدولة. وفيما ما يرى البعض في القرار، خطوة في مسار طويل، يعتبره كثيرون بارقة أمل في استعادة جزء من الحقوق المنهوبة، وتحريك المياه الراكدة في ملف الإصلاحات المالية المجمّدة، بوصفه يتخطى كونه إجراءً قضائيًا تقنيًا، ليصبح محكًا لموقف الدولة اللبنانية من محاربة الفساد واستعادة السيادة المالية. مصدر مالي متابع للملف كشف، ان القرار يهدف إلى إعادة ضخ الأموال في الاقتصاد الوطني، ورفع منسوب الثقة بالنظام المصرفي، ومعالجة آثار عمليات التحويل التي ساهمت في تفاقم الأزمة النقدية، في خطوة نحو استعادة جزء من الأموال المنهوبة أو المهرّبة، ومنح المودعين أملًا ملموسًا باسترداد حقوقهم. ويتابع المصدر، بان القرار جاء من جهة اخرى، في ظل ضغوط دولية متزايدة على لبنان، مع إدراجه على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF) وتلميحات بإمكانية فرض عقوبات ما لم يتحرك سريعًا باتجاه سد مسارات تبييض الأموال واتخاذ إجراءات قضائية حيالها. ويتابع المصدر بالتاكيد ان أهمية القرار تكمن في النقاط التالية: - مكافحة الفساد: اذ يأتي في إطار الجهود الرامية إلى استعادة الأموال العامة التي تم تهريبها بشكل غير قانوني، وهو يعكس إرادة قضائية للتحرك ضد الفساد المالي الذي أرهق الاقتصاد اللبناني. - استعادة الثقة: فهو يساهم في إعادة بناء ثقة المواطنين في القضاء والدولة، بعد سنوات من الشعور بالإحباط تجاه غياب المحاسبة. - تطبيق القوانين: لجهة تعزيز مبدأ سيادة القانون ويؤكد على أن الملاحقة القانونية تطال كل من يتورط في قضايا فساد، مهما كان نفوذه. غير انه، على الرغم من أهميته، يواجه القرار صعوبات جدية قد تعيق تنفيذه، وفقا لاوساط حقوقية، توقفت عند نقاط اساسية ابرزها: - العقبات القانونية: يتطلب استرداد الأموال المهربة إلى الخارج تعاونًا قضائيًا دوليًا، وهو ما يعتمد على الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف بين لبنان والدول التي توجد فيها الأموال، فقد تختلف القوانين في هذه الدول، وقد تكون إجراءاتها معقدة وبطيئة. - التعاون الدولي: قد لا تكون بعض الدول مستعدة للتعاون بالسرعة المطلوبة، خاصة إذا كانت الأموال المهربة تعود لشخصيات نافذة أو إذا كانت التشريعات المحلية لديها تحمي سرية الحسابات المصرفية. - التدخلات السياسية: قد تواجه جهود المدعي العام ضغوطًا سياسية هائلة من قبل جهات متنفذة قد تكون متورطة في تهريب الأموال أو مرتبطة بأصحابها. هذه التدخلات قد تؤثر على مسار التحقيقات. في الخلاصة، يمثل قرار المدعي العام المالي ماهر شعيتو محطة مفصلية في المشهد القضائي والمالي اللبناني، إذ يضع للمرة الأولى إطارًا عمليًا لمساءلة عمليات تحويل الأموال إلى الخارج، ويعيد النقاش حول مفهوم العدالة المالية في بلد يعيش على وقع الانهيار والثقة المفقودة. ورغم أن تنفيذ القرار لا يزال مرهونًا بإرادة سياسية فعلية، إلا أنه يُعتبر مؤشرًا على تحوّل تدريجي نحو محاسبة المسؤولين عن تهريب الأموال، وفرض قواعد قانونية أكثر صرامة على القطاع المالي. وفي حال تفعيله بجدية، قد يشكّل خطوة أولى نحو إعادة ترميم الثقة الداخلية والدولية بمؤسسات الدولة.


صوت بيروت
منذ 12 ساعات
- صوت بيروت
معظم بورصات الخليج تغلق على انخفاض مع ترقب تصريحات باول
تراجعت معظم البورصات في منطقة الخليج، اليوم الأربعاء، تماشيا مع انخفاض أسواق الأسهم العالمية، إذ يترقب المستثمرون تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول خلال ندوة سنوية في جاكسون هول في وقت لاحق من الأسبوع الجاري للحصول على صورة أوضح بشأن مسار أسعار الفائدة. وعندما يلقي باول كلمته يوم الجمعة، سيراقب المتعاملون عن كثب أي تراجع عن توقعات خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل. وتؤثر السياسة النقدية الأمريكية بشدة على الأسواق المالية في منطقة الخليج نظرا لأن معظم عملاتها مربوطة بالدولار. وتراجع المؤشر القياسي في قطر للجلسة الرابعة على التوالي، ليغلق منخفضا 1.6 بالمئة مع استمرار عمليات جني الأرباح بعد الارتفاع الذي شهدته الأسبوع الماضي مدفوعة بالأرباح. وانخفضت جميع الأسهم على المؤشر، بما في ذلك سهم مصرف قطر الإسلامي الذي هبط 2.9 بالمئة وسهم بنك قطر الوطني الذي تراجع 1.5 بالمئة. وقال أسامة الصيفي العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة ترايز دوت كوم 'السوق في قطر تترقب المراجعة الفصلية للمؤشر فوتسي جلوبال إكويتي هذا الأسبوع، والتي قد تؤثر على نشاط التداول'. ويعتبر المؤشر معيارا رئيسيا لدى المؤسسات الاستثمارية العالمية. وهبط المؤشر القياسي في دبي 0.5 بالمئة بعد أربع جلسات من المكاسب، مع تسجيل خسائر في معظم القطاعات. وتراجع سهم شركة إعمار العقارية واحدا بالمئة وسهم بنك الإمارات دبي الوطني 1.3 بالمئة. وذكرت خدمة آي.إف.آر لأخبار الدخل الثابت أن بنك الإمارات دبي الوطني أصدر أمس الثلاثاء سندات بقيمة مليار يوان (139 مليون دولار) لأجل ثلاث سنوات بعائد 2.4 بالمئة. وقال الصيفي 'لا يزال المؤشر يحوم بالقرب من أعلى مستوياته في عدة سنوات، مع عدم وضوح اتجاهه التالي. ويظل التصحيح ممكنا إذا لم تعثر السوق على دعم جديد'. وتراجع المؤشر الرئيسي في أبوظبي 0.1 بالمئة متأثرا بهبوط سهم مصرف أبوظبي الإسلامي 0.9 بالمئة وسهم أدنوك للحفر اثنين بالمئة. أما المؤشر القياسي السعودي، فلم يطرأ عليه تغير يذكر، إذ عوضت مكاسب أسهم قطاع الخدمات المالية وأسهم شركات السلع الاستهلاكية غير الأساسية أثر خسائر الأسهم الأخرى. وارتفع سهم مصرف الراجحي 0.9 بالمئة وسهم البنك العربي الوطني 2.4 بالمئة، بينما انخفض سهما الشركة السعودية للصناعات الأساسية وشركة أكوا باور 2.6 بالمئة و1.2 بالمئة على الترتيب. واختتم المؤشر الرئيسي في سلطنة عمان اليوم مرتفعا 0.4 بالمئة. وارتفع المؤشر الرئيسي في البحرين 0.3 بالمئة. لكن المؤشر الرئيسي في الكويت تراجع 0.3 بالمئة. وخارج منطقة الخليج، تراجع مؤشر الأسهم القيادية في مصر واحدا بالمئة مع انخفاض جميع الأسهم تقريبا. وتراجع سهم البنك التجاري الدولي 1.5 بالمئة وسهم جهينة للأغذية 5.2 بالمئة.

المركزية
منذ 13 ساعات
- المركزية
عيد يحذّر من توسّع الغش في البيع: تراجع استيراد اللحوم الحية بين 70 و80%.. والأسعار على حالها
المركزية- كشف أمين سرّ نقابة تجار المواشي الحيّة ماجد عيد في بيان، أن "استيراد اللحوم الحية لا يزال يعاني من تراجع كبير يتراوح بين 70 و80% مقارنة بما كان عليه قبل الأزمة، في مقابل طغيان واضح للحوم المستوردة المثلجة"، مشيراً إلى أنّ "هذا الملف طُرح مراراً لكن من دون أي تحرك من جانب الدولة". وإذ لفت الى أنّ الموسم السياحي الحالي سجل إرتفاعاً في حركة بيع للحوم، إلا أنه أوضح "أنها تتركز على لحوم البقر المبرّدة والمجلّدة، التي تعتمد عليها غالبية المطاعم والوكالات". وأشار الى أن أسعار لحوم البقر الحية بقيت على حالها، وذلك بفعل استقرار سعر صرف اليورو وعدم تسجيل أي تبدّل كبير في أسعار الأسواق الخارجية. وكشف عن أن عمليات الغش باتت جزءاً أساسياً من واقع السوق اللبنانية، حيث ازدادت نسب الخلط في اللحوم بشكل كبير والدليل الواضح على ذلك هو تراجع استيراد المواشي الحيّة مقابل ارتفاع استيراد اللحوم المجلّدة، ولا سيما اللحم الهندي، محذراً من أن "الأرقام والمعطيات المتوافرة تؤكد وجود عمليات غش واسعة ومخيفة في السوق اللبناني، من دون أي حسيب أو رقيب". وفي سياق متصل، نَبَّهَ عيد إلى دخول لحوم حيّة خصوصاً من الأبقار من سوريا إلى لبنان بالمئات وربما بالآلاف من دون أي رقابة أو فحوصات ومن دون أن تُذبح تحت إشراف رسمي، حيث يتم بيعها بأسعار زهيدة في السوق المحلية. وأكد أنّ النقابة حذّرت مراراً من مخاطر استيراد الأبقار السورية من دون إجراء الفحوص المعتمدة من دون أن يتغيّر الوضع حتى اليوم، معلناً ان النقابة ستتابع هذا الموضوع بشكل حثيث لخطره الكبير على صحة اللبنانيين وعلى المواشي في لبنان.