
معجزة علمية.. كيف تشم الكلاب رائحة إصابة البشر بالسرطان؟
في أحد أيام الصيف الحارة نسبيا سنة ١٩٨٩، لاحظت امرأة بريطانية أن كلبها الهجين يشم باستمرار شامة على ساقها، حتى من خلال بنطالها، دفعها هوس الكلب الغريب ومحاولاته لعضّ الشامة إلى فحصها طبيا، واكتشف الأطباء أنها ورم ميلانيني خبيث في مراحله المبكرة.
كانت هذه واحدة من القصص الكثيرة المدهشة التي عدّت من الدلائل الأولى على أن حاسة الشم المذهلة لدى الكلاب يمكن أن تكشف عن أمراض بشرية خطيرة كامنة تحت الجلد، وما بدأ كتقارير عن حالات غريبة تطور منذ ذلك الحين إلى مجال بحثي واعد يحاول تدريب الكلاب على اكتشاف السرطان عن طريق الرائحة.
أثارت تلك القصص المبكرة عن الكلاب التي تشمّ السرطان قدرًا متساويًا من الشك والأمل في الأوساط الطبية، وفي عام ١٩٨٩ نشرت مجلة "ذا لانسيت" المرموقة بيانا موجزا عن الكلب البريطاني الذي يشمّ الجلد، ليفترض الباحثون أن "الأنسجة السرطانية قد تكون لها رائحة مُميزة" تُدركها الكلاب دون البشر.
أنوف مذهلة
تمتلك الكلاب نظامًا شميا أكثر حساسية بكثير من نظامنا، ولذلك يمكنها اكتشاف تركيزات منخفضة تصل إلى جزء واحد من التريليون، وهو ما يُشبه استشعار قطرة دم واحدة مُذابة في حوضي سباحة أولمبيين.
يعرف العلماء أن أنوف الكلاب مذهلة من الناحية التركيبية والوظيفية، إذ تمتلك ما يُقدر بـ220-300 مليون مستقبل للرائحة مقابل حوالي 5 ملايين في أنف الإنسان، أي أكثر بحوالي 50 ضعفًا.
كذلك فإن الجزء من الدماغ المسؤول عن معالجة الروائح (البصلة الشمية) أكبر بحوالي 40 ضعفًا لدى الكلاب (بالنسبة إلى حجم الدماغ) منه لدى البشر، ومن ثم يُخصص جزء كبير من دماغ الكلب لتفسير الروائح.
وتستطيع الكلاب فصل التنفس عن الشم، فعندما تستنشق يتجه جزء من الهواء مباشرة إلى الرئتين، ويتجه جزء آخر إلى منطقة الشم، وهذا يسمح بتحليل مستمر ودقيق للرائحة حتى أثناء التنفس الطبيعي.
كذلك تحتوي أنوف الكلاب على هياكل عظمية معقدة (محارة أنفية) تزيد من مساحة سطح مستقبلات الشم. تساعد هذه الهياكل على تدفئة الهواء وترطيبه، وتعريض جزيئات الرائحة للمستقبلات بكفاءة، وهذا يعني أن الكلاب تُحلل الروائح بدقة مع كل شمّة بينما يتنفس البشر في الغالب الهواء مباشرة.
رائحة المرض
كل خلية، سواء كانت عادية أو سرطانية، تُصدر مركبات عضوية متطايرة مجهرية كجزء من عملية أيضها. ويمكن للخلايا السرطانية، بسبب نموها غير الطبيعي، أن تُطلق أنماطًا فريدة من المركبات العضوية المتطايرة، مُصدرةً روائح تختلف عن روائح الخلايا الطبيعية، إذ تُغير السرطانات عملية الأيض الطبيعية، مُنتجة مواد كيميائية غير عادية أو كميات مختلفة من نواتج الأيض الطبيعية، تتسرب جزيئات الرائحة من هذه المركبات إلى سوائل الجسم مثل العرق والبول والنَفَس.
بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحالي، قرر عدد من الباحثين الرائدين اختبار أنف الكلاب في ظل ظروف مُراقبة، وفي عام 2004 نُشرت أول دراسة رسمية لإثبات المبدأ في دورية "بي إم جي"، إذ دربت كارولين ويليس وزملاؤها في المملكة المتحدة 6 كلاب على مدى 7 أشهر على التمييز بين رائحة بول مرضى سرطان المثانة والأشخاص الأصحاء.
وفي تجارب مزدوجة التعمية، أي تجارب لا يعرف عن آليتها القائمون بها من الفنيين وكذلك الخاضعون للاختبارات، كان على الكلاب اختيار عينة بول واحدة إيجابية للسرطان من بين 7 خيارات، وكانت النتائج مذهلة: اختارت الكلاب عينة البول الصحيحة بنسبة 41% من المرات، وهي نسبة أعلى من المتوقع بالمصادفة.
في الواقع، أثبت نجاح هذه التجارب دلالة إحصائية، مؤكدًا أن شيئًا ما في رائحة بول السرطان كان يُنبه الكلاب. كتب فريق ويليس، موضحًا السبب: "تُنتج الأورام مركبات عضوية متطايرة، وحتى عند وجودها بكميات ضئيلة يُمكن للكلاب اكتشافها بفضل حاسة الشم الاستثنائية التي تتمتع بها".
لكن اللافت للنظر في هذه التجارب كان مفاجأة جديدة، إذ ظل أحد الكلاب يُشير إلى أن عينة بول من مجموعة "التحكم"، أي من شخص غير معروف إصابته بالسرطان، فقرر العلماء فحصها، وهنا كانت المفاجأة، فبإعادة فحص ذلك الشخص الذي يُفترض أنه سليم، كشفت الفحوصات عن ورم في الكلى لم يُشخص بعد. بمعنى آخر، اكتشف الكلب سرطانًا لم يكتشفه الأطباء.
هذا ليس جديدا، فالبشر يُلاحظون أحيانًا التلميحات عن بعض الأمراض من الشم. على سبيل المثال، يمكن أن يُسبب فشل الكبد الحاد تغير رائحة أنفاس المريض إلى حلوة أو عفنة، ويمكن أن يُسبب مرض السكري غير المُعالج رائحة أسيتون فاكهية في النفس، ولكن هذه الروائح واضحة عند التركيزات العالية، أما الكلاب فلا تحتاج إلى مثل هذا التطرف، فهي قادرة على استشعار أضعف الروائح.
كيمياء خاصة جدا
حددت تحاليل مخبرية العديد من المواد الكيميائية المحتملة المرتبطة بالسرطان. فعلى سبيل المثال، قد تُطلق بعض أنواع سرطان الرئة مواد تسمى الألكانات أو مشتقات بنزين في الزفير، بينما قد تُصدر الأورام الميلانينية على الجلد مركبات أليفاتية معينة. ومع ذلك، لا تزال المكونات الدقيقة "لرائحة السرطان" قيد الدراسة.
يعلم الباحثون وجود شيء ما تُثبته الكلاب من خلال التمييز الدقيق لعينات السرطان، لكن تحديد الجزيئات الدقيقة كان صعبًا.
ويُعدّ اكتشاف هذه الجزيئات مجالًا بحثيا مهما، لأنه قد يُمكّن من تطوير "أنوف" ميكانيكية أو اختبارات كيميائية تؤدي الوظيفة نفسها. ففي الوقت الحالي، يبدو أن الكلاب تكتشف نمطًا من الروائح بدلًا من مادة كيميائية واحدة، حيث تُجري بفعالية شكلًا متطورًا من التحليل الكيميائي باستخدام أجهزة استشعار بيولوجية.
بعد دراسة سرطان المثانة عام 2004، أطلق باحثون من مختلف أنحاء العالم تجارب صغيرة لمعرفة ما إذا كانت الكلاب قادرة على شم أنواع أخرى من السرطان. ففي كاليفورنيا، قام فريق بقيادة مايكل ماكولوتش بتدريب كلاب منزلية عادية على شمّ عينات أنفاس مرضى سرطان الرئة والثدي، وفي عام 2006 نُشرت النتائج في دراسة بدورية "إنتجريتف كانسر ثيرابي".
أظهرت الدراسة دقة مذهلة في تحديد مرضى السرطان من خلال عينات التنفس، فقد بلغت حساسية الكلاب وخصوصيتها 99% في تحديد مرضى السرطان (مقارنة بالتشخيصات المؤكدة بالخزعة).
وجدت الدراسة نفسها أنه بالنسبة لسرطان الثدي، حققت الكلاب حساسية وخصوصية بنسبة 88% في تحديد الأورام من خلال شم عينات التنفس.
هذه النتائج المبكرة، على الرغم من صغر حجم العينات نسبيا، تصدرت عناوين الصحف وقدمت دليلًا على أن السرطانات حتى في مراحلها المبكرة لها رائحة يمكن اكتشافها. وبعد فترة وجيزة في عام 2011، طوّرت مجموعة من الباحثين اليابانيين هذه الفكرة بشكل أكبر في تجربة دقيقة لفحص سرطان القولون والمستقيم.
عمل الفريق مع مارين، وهي كلبة لابرادور سوداء مُدرّبة خصيصًا، للكشف عن سرطان الأمعاء باستخدام عينات من النفس والبراز. نُشرت دراستهم في مجلة "جَت"، حيث أجرت مارين ٧٤ اختبارًا مُعمّى، في كل مرة عُرضت عليها عينات من مجموعة أشخاص (واحد منهم فقط مصاب بالسرطان).
وكان أداء الكلبة رائعًا، فقد حدّدت سرطان الأمعاء بشكل صحيح في 33 من 36 اختبارًا للتنفس و37 من 38 اختبارًا للبراز، وهذا يُترجم إلى دقة تبلغ حوالي 95% لعينات التنفس و98% لعينات البراز، وهو ما يُضاهي دقة تنظير القولون في القدرة التشخيصية.
والأكثر إثارة للاهتمام هو أن الكلبة اكتشفت السرطان في مراحله المبكرة ولم تنخدع بعينات من أشخاص يعانون من حالات معوية غير سرطانية (مثل القرحة أو الالتهاب). أظهر هذا أن رائحة السرطان دقيقة بما يكفي لتمييز الأورام الخبيثة عن غيرها من الأمراض، وهي نقطة أساسية إذا ما أردنا للكلاب أن تكون مفيدة في المجال السريري. وبحلول ذلك الوقت، كانت الأدلة تتزايد على أن الكلاب التي تشم السرطان ليست مجرد مصادفة، بل ظاهرة قابلة للتكرار.
ففي دراسة تلو الأخرى، وفي بلدان مختلفة، كشفت الكلاب عن سرطانات الرئة والثدي والقولون والمثانة والمبيض بدقة تضاهي أو حتى تفوق اختبارات التشخيص القياسية. ففي عام 2015، على سبيل المثال، أفاد باحثون إيطاليون بأن اثنين من كلاب الراعي الألماني المدربة استطاعا تحديد سرطان البروستاتا من عينات البول بدقة تزيد على 90%، في تجربة شملت 900 رجل (360مصابًا بسرطان البروستاتا و540 سليمًا)، شمّت الكلاب كل عينة بول وأشارت بشكل صحيح إلى وجود "سرطان" أو "عدم وجود سرطان" في الغالبية العظمى من الحالات.
غالبًا ما يصعب تشخيص سرطان البروستاتا بشكل موثوق، فاختبار الدم المعتاد يتميز بمعدل نتائج إيجابية كاذبة مرتفع، أي نتائج اختبار تقول إن شيئا ما موجود (سرطان البروستاتا في هذه الحالة)، بينما هو في الحقيقة غير موجود، كانت فكرة أن أنف الكلب قد يتفوق في الدقة على الاختبارات المعملية الروتينية بمثابة جرس إنذار للباحثين.
تدريب الكلاب
ولكن هنا يبرز سؤال مهم: كيف تُدرّب كلبًا وفقًا لمعايير المخبر الطبي؟ اتضح أن الأمر عبارة عن مزيج من تقنيات تدريب الكلاب الكلاسيكية وبروتوكول علمي صارم. يستخدم المدربون عادة شكلا من أشكال التعزيز الإيجابي، مثل تدريب الكلاب على شم القنابل أو شم المخدرات.
إحدى الطرائق الشائعة هي نظام تدريب النقر، تُهيّأ الكلاب أولًا لفهم أن صوت النقر، متبوعًا بمكافأة، يعني أنها فعلت الشيء الصحيح.
ثم تأتي مرحلة تكييف الرائحة: يُعرَّض الكلب لعينات من مرضى سرطان مؤكدين، ربما بشم قطعة شاش تنفس عليها مريض سرطان، أو قارورة بول من مريض سرطان، ويُكافأ في كل مرة يُشير فيها (بالجلوس، أو اللمس، أو أي إشارة أخرى يُعلَّمها) إلى تلك العينة.
على مدار أشهر، يُصعِّب المدربون المهمة تدريجيا، فمثلا يقومون بإدخال عينات "ضابطة" من أشخاص غير مصابين بالسرطان، وخلطها مع أشخاص مصابين بالسرطان، والتأكد من أن الكلب يحصل على المكافآت فقط عندما يُنبِّه إلى العينة الصحيحة.
وبحلول نهاية التدريب، قد يواجه الكلب صفًّا من 7 عينات، على سبيل المثال، وعليه اختيار العينة الإيجابية الوحيدة من بين 6 عينات سلبية، وهو نظام يشبه التجارب في الدراسات البحثية.
لا ينجح كل الكلاب؛ فبعضها يفشل إذا فقد الاهتمام أو لم يحافظ على الدقة، لكن العديد من الكلاب تنخرط في اللعبة بحماسة.
وعمليا، جُرِّبت العديد من السلالات (من لابرادور ريتريفر والراعي الألماني إلى البودل والسبانيل والكلاب الهجينة) على فحص السرطان، والأهم هو قدرة الشم القوية وقابلية التدريب.
إعلان
تشتهر كلاب لابرادور بتوازنها بين حاسة الشم الممتازة، ورغبتها الشديدة في الطعام (مفيدة للتدريب القائم على المكافأة)، وطبعها اللطيف.
كذلك تفوقت كلاب الراعي الألماني، المعروفة بأعمالها في الشرطة والجيش، في تجارب الكشف عن السرطان (مثل دراسة سرطان البروستاتا الإيطالية)، كما تم اختبار سلالات أصغر حجمًا ذات أنوف حادة، مثل البيجل.
وفي إحدى التجارب المبكرة في المملكة المتحدة، كانت الكلاب المشاركة في تلك الدراسة مزيجًا من سلالات مختلفة، وذلك يشير إلى أنها مهارة قابلة للتعلم وليست مقتصرة على سلالة واحدة، فالقاسم المشترك هو أن الكلب متحمس لألعاب الشم ويمكنه تعلم التركيز على الروائح الدقيقة.
في هذا السياق، تختلف مدة التدريب، فقد أفادت بعض الدراسات بتدريب الكلاب في مدة لا تتجاوز 6-8 أسابيع على إتقان أساسيات التدريب، بينما قد تستغرق البرامج الأكثر تقدمًا 6 أشهر أو أكثر قبل أن تعمل الكلاب بكامل طاقتها.
محدودية الطريقة
لكن على الرغم من كل تلك النجاحات، ونشر عشرات الدراسات، فإن العديد منها كان دراسات تجريبية صغيرة شملت ما بين كلب واحد وعدد قليل من الكلاب، وعشرات أو بضع مئات من المرضى على الأكثر.
ورغم أن النتائج غالبًا ما تكون باهرة، فإنها قد تتفاوت. فقد وجدت مراجعة للتجارب المنشورة أن الحساسيات تراوح بين 41% في بعض الحالات (وهي نسبة ليست أفضل بكثير من المصادفة) و99% تقريبًا في حالات أخرى.
يشير هذا التباين إلى أن الدراسات لم تكن جميعها تقيس النتيجة نفسها بالدقة نفسها، فقد تؤثر الاختلافات في أساليب التدريب، أو العينات المستخدمة، أو حتى سلالة الكلاب على النتائج.
وتُمثل إمكانية إعادة إنتاج النتائج مشكلة: فإذا حققت كلاب مختبر ما دقة تزيد على 90%، بينما حققت كلاب مختبر آخر 50% فقط، فماذا يعني ذلك؟ هل بعض الكلاب أفضل فحسب؟ أم إن العينات كانت مختلفة؟
إعلان
بالنسبة للمشككين من العلماء، تُطرح هذه الأسئلة كثيرا، وتجعل من المبكر أن نتحدث عن أدوات كشف دقيقة جدا يمكن استخدامها حاليا في الكشف عن السرطان، لكن المؤكد إلى الآن هو أن الكلاب تتمكن من شمّ هذا المرض الذي يعد حتى اليوم الأشرس في تاريخنا.
فإذا استطعنا يوما تحديد الجزيئات التي تشمّها الكلاب، وكيفية شمها بدقة، يُمكننا محاولة بناء مُستشعرات لتلك الجزيئات. وحاليا يعمل العلماء على ابتكار أجهزة مدعمة بمصفوفات من المُستشعرات الكيميائية (التي تُدمج أحيانًا مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي) التي تُحاول اكتشاف أنماط المُركّبات العضوية المُتطايرة المُرتبطة بالمرض.
ففي بعض الحالات، استخدم العلماء الكلاب لتوجيههم في بناء هذه الأجهزة، عبر إعطاء الكلاب عينات لشمها، ثم إزالة مواد كيميائية معينة منها بشكل منهجي، فإذا تسببت إزالة المركب "س" في توقف الكلب عن تمييز العينة على أنها سرطان، فقد تم اكتشاف جزء أساسي من بصمة الرائحة.
وبتكرار هذه العملية، يمكن للباحثين التركيز على عدد قليل من المركبات العضوية المتطايرة الأكثر أهمية، ثم تصبح هذه المركبات أهدافًا للتحليل الكيميائي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
لاعبو كمال الأجسام يواجهون احتمالية أكبر للموت.. لماذا؟
توصلت دراسة حديثة إلى أن لاعبي كمال الأجسام يواجهون خطرا كبيرا للوفاة القلبية المفاجئة، وخاصة أولئك الذين يتنافسون في المسابقات الاحترافية. وأجرى الدراسة باحثون بقيادة الدكتور ماركو فيشياتو، خبير الطب الرياضي من جامعة بادوفا في إيطاليا، ونشرت في مجلة القلب الأوروبية. وفحص الباحثون سجلات 20 ألفا و286 لاعب كمال أجسام شاركوا في فعالية رسمية واحدة على الأقل بين عامي 2005 و2020. بعد تحليل البيانات، وجدوا أن 121 رياضيا قد توفوا، بمتوسط عمر عند الوفاة 45 عاما. ووجد الباحثون أن أولئك الذين بنوا مستويات عالية من العضلات على مدار حياتهم كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب الوفاة القلبية المفاجئة بمرتين، مقارنة بعامة السكان. كما ازداد خطر الوفاة المفاجئة لدى المشاركين في مسابقات كمال الأجسام المنتظمة، مثل حاملي لقب "مستر أولمبيا"، 5 أضعاف مقارنة بنظرائهم الهواة. ومن المثير للقلق أن نحو 40% من الوفيات بين جميع لاعبي كمال الأجسام الذين خضعوا للدراسة كانت مفاجئة ومرتبطة بأمراض القلب. أشار المؤلفون إلى أن أرقامهم قد تكون أقل من الواقع، حيث تم تصنيف العديد من الوفيات على أنها "مجهولة". تقارير التشريح وقال الدكتور فيشياتو، إن تحليل تقارير التشريح يشير إلى أن مجموعة من العوامل هي المسؤولة، وفقا لما نقلت صحيفة ديلي ميل البريطانية. وأضاف: "تتضمن رياضة كمال الأجسام العديد من الممارسات التي قد تؤثر على الصحة، مثل تدريب القوة الشديد، وإستراتيجيات إنقاص الوزن السريعة، بما في ذلك القيود الغذائية الشديدة، والجفاف". كما أشار إلى مخاطر "الاستخدام الواسع النطاق للمنشطات". كان الخطر أعلى لدى لاعبي كمال الأجسام المحترفين، مثل حاملي لقب "مستر أولمبيا" أرنولد شوارزنيجر، الذين كانوا أكثر عرضة للوفاة القلبية المفاجئة بـ5 مرات مقارنة بنظرائهم الهواة. وشرح "يمكن أن تسبب هذه الأساليب ضغطا كبيرا على الجهاز القلبي الوعائي، وتزيد من خطر عدم انتظام ضربات القلب، وقد تؤدي إلى تغييرات هيكلية في القلب مع مرور الوقت". أشارت دراسات سابقة إلى أن ما يصل إلى 3 من كل 4 لاعبي كمال أجسام استخدموا عقاقير محسنة للأداء، مثل المنشطات، المعروفة بإجهادها الإضافي للقلب. قال الدكتور فيكياتو: "في حين أن السعي لتحقيق التميز البدني أمر جدير بالإعجاب، فإن السعي وراء تغيير جذري في الجسم بأي ثمن قد يحمل مخاطر صحية كبيرة، وخاصة على القلب". وأضاف "ينبغي أن يشجع الوعي بهذه المخاطر على اتباع ممارسات تدريب أكثر أمانا، وتحسين الإشراف الطبي، واتباع نهج ثقافي مختلف يرفض بشدة استخدام المواد المحسنة للأداء". كما شجع على تشديد قواعد مكافحة المنشطات في المسابقات، بالإضافة إلى إطلاق حملات في الأوساط الرياضية حول مخاطر استخدام المواد المحسنة للأداء. وأضاف الدكتور فيكياتو أن البحث يذكر بأنه مهما بدت صحة الشخص جيدة، فقد يمارس سلوكا يعرضه للخطر. وقال: "يشكك البحث في فكرة أن المظهر وحده مؤشر على الصحة، ويسلط الضوء على المخاطر الخفية التي قد تكمن حتى وراء أكثر الأجساد رشاقة". ومع ذلك، أضاف أنه لا ينبغي اعتبار النتائج دليلا على أن كمال الأجسام، أو أي نوع آخر من اللياقة البدنية، ضار بطبيعته. إعلان وأضاف: "يمكن أن يكون النشاط البدني المنتظم وتمارين القوة مفيدا للغاية للصحة وجودة الحياة وخطر الوفاة". لا تعد الوفاة القلبية المفاجئة حالة طبية محددة، بل هي وصف لوفاة غير متوقعة بسبب مشكلة قلبية خفية. قد تكون هذه نوبة قلبية مفاجئة دون أعراض سابقة، أو عيبا خلقيا في القلب لم يكتشف منذ الولادة. وقد سلط الضوء مؤخرا على تأثير المنشطات على لاعبي كمال الأجسام ومرتادي الصالات الرياضية بشكل عام من خلال حالة زاك ويلكنسون، البالغ من العمر 32 عاما. مضاعفات ولجأ السيد ويلكنسون، كغيره من الشباب، إلى المنشطات، التي تحاكي دور هرمون التستوستيرون الطبيعي، لتعزيز نمو عضلاته. إلا أن هذا كان له ثمن باهظ على صحته، حيث بدأ يعاني من نوبات صرع وقيء وتعرق غزير، وفي مرحلة ما، أدى إلى دخوله في غيبوبة. وقال الأطباء إنه من المرجح أن يعاني من مضاعفات طوال حياته. تعد المنشطات الابتنائية الأندروجينية أكثر أنواع المنشطات شيوعا. وتحقن هذه الأدوية عادة في العضلات مباشرة، ويمكن تناولها أيضا عن طريق الفم على شكل أقراص أو حتى كريم. تشمل الآثار الجانبية الشائعة حب الشباب الحاد، والفشل الكلوي، وارتفاع نسبة الكوليسترول، وحتى السكتة الدماغية. ومن النتائج الأخرى للدراسة الجديدة أن عددا كبيرا من الوفيات بين لاعبي كمال الأجسام صنفها الباحثون على أنها "وفيات مفاجئة ناجمة عن صدمة". ويشمل ذلك حوادث مثل حوادث السيارات، والانتحار، وجرائم القتل، والجرعات الزائدة. قال الدكتور فيكياتو إن هذه البيانات تشير إلى الحاجة إلى زيادة الوعي بالصحة النفسية والدعم بين مجتمع كمال الأجسام. وقال: "تؤكد هذه النتائج على ضرورة معالجة التأثير النفسي لثقافة كمال الأجسام". وأضاف: "تتفاقم هذه التحديات المتعلقة بالصحة النفسية أحيانا مع تعاطي المخدرات، ويمكن أن تزيد من خطر السلوكيات الاندفاعية أو المدمرة للذات". يخطط الفريق الآن لإجراء دراسة مماثلة على لاعبات كمال الأجسام للتحقق مما إذا كن معرضات أيضا لخطر متزايد للوفاة القلبية المفاجئة. معلومات عن المنشطات الرياضية المنشطات الرياضية على عمومها هي هرمونات ومواد تنتج في الجسم طبيعيا وتقوم بتحفيز بناء أنسجته وتطورها، ولكن يقوم متعاطوها بتزويد أجسامهم بها من مصدر خارجي، عبر الحقن مثلا، وبتركيز مرتفع جدا ظانين أنهم بذلك يحفزون بناء عضلاتهم. ومع أن بعض المنشطات قد تزيد حجم العضلات وقوتها إلا أن ثمن ذلك يكون غاليا. من المنشطات الرياضية التستوستيرون والأندروستينيدون والغونداتروبين. كما قد يتعاطى البعض مدرات البول التي وإن لم تكن تعتبر من المنشطات إلا أن البعض قد يستخدمها لغرض تخفيض الوزن وتخفيف البول لإخفاء آثار المنشطات الرياضية، مما يؤدي أيضا إلى عواقب خطيرة على الصحة. التستوستيرون هرمون من عائلة الإسترويدات البنائية "Anabolic hormones"، وهو هرمون بنائي، أي أن الجسم يقوم بإفرازه لتحفيز عملية البناء. وللتستوستيرون في أجسامنا تأثيران أساسيان، الأول تحفيز عملية بناء العضلات، والثاني مسؤوليته عن تطوير صفات الذكورة، مثل شعر الوجه وخشونة الصوت. التستوستيرون هو أحد الهرمونات التي تفرز في الجسم من الخصيتين لدى الذكور والمبيضين لدى الإناث، وهو هرمون الذكورة الأساسي لدى الذكور. وبسبب خصائصه فإن له استعمالات طبية وعلاجية، ولكن ليس من بينها على الإطلاق تحفيز الأداء الرياضي، ولذلك فإن تعاطيه يعد أمرا غير قانوني. كما توجد مجموعة صناعية من الهرمونات تم تصميمها خصيصا للتنشيط الرياضي، ويطلق عليها اسم "الإسترويدات البنائية المصممة"، وهي ليست مواد تم تصنيعها لأغراض طبية كهرمون التستوستيرون المذكور وبالتالي لم تخضع لاختبارات على الإطلاق، وهذا يعني أنه لا توجد وسيلة لتقييم مخاطرها التي قد تكون وخيمة. مخاطر التستوستيرون والإسترويدات البنائية: الشعور بالغثيان والتقيؤ. زيادة مخاطر التهابات الأوتار وتمزقها. مشاكل الكبد وأورامه. حب الشباب. ارتفاع تركيز الدهنيات المنخفضة الكثافة "LDL" السيئة، وانخفاض تركيز الدهنيات المرتفعة الكثافة "HDL" الجيدة، مما يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب. ارتفاع ضغط الدم. مشاكل في المزاج كالاكتئاب والغضب والسلوك العنيف. الإدمان على المنشطات. مشاكل في النمو. ازدياد مخاطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. الصلع. صعوبة في التبول. العقم. ضمور الخصيتين. العنة. الأندروستينيدون هرمون تفرزه الغدة الكظرية والمبيض والخصية، ويتم تحويله في الجسم إلى التستوستيرون. ويتعاطى البعض هذا الهرمون معتقدين أنه يساعد على تحسين أدائهم الرياضي، ولكن الدراسات العلمية تشير إلى أن غالبية الأندروستينيدون الذي يتم تعاطيه لا يحسن الأداء الرياضي ويتحول إلى إستروجين، وهو الهرمون الجنسي الأساسي لدى الإناث. حب الشباب. تناقص إنتاج المني. ضمور الخصيتين. تضخم الثدي. هرمون النمو البشري هرمون بنائي يفرز في الجسم، ويعرف أيضا باسم غونداتروبين. ويأخذه الرياضيون لزيادة حجم عضلاتهم وقوتها، ورغم أنه لا يوجد دليل علمي قاطع على فعالية هرمون النمو البشري فإن مخاطره ثابتة ومؤكدة على صحة الشخص، وتشمل: ألم المفاصل وضعف العضلات. احتباس السوائل في الجسم. مشاكل في تنظيم الغلوكوز في الدم. داء السكري. ارتفاع الكوليسترول في الدم. ارتفاع ضغط الدم. أمراض القلب.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
الأجساد الحية "تتوهج" بضوء خافت يختفي حين تموت
عرف العلماء منذ عقود أن الكائنات الحية تصدر ضوءا خافتا للغاية، يعرف علميا بـ"الانبعاث الفوتوني الضعيف جدا"، وهو ضعيف لدرجة أنه يكاد يكون غير قابل للرصد بأجهزة القياس المعروفة. وفي دراسة سابقة أجريت عام 2009، ونشرت بدورية "بلوس وان"، توصل باحثون من معهد توهوكو للتكنولوجيا باليابان إلى أن البشر أنفسهم يتمتعون بهذا الانبعاث الضوئي، وكتب مؤلفو الدراسة آنذاك: "يتوهج جسم الإنسان حرفيا، لكن شدة الضوء المنبعث من الجسم أقل بألف مرة من حساسية أعيننا المجردة". لكن هذا الضوء سواء الصادر من الإنسان أو الكائنات الحية الأخرى بقي لغزا، وبشكل خاص أرادوا معرفة هل يمكن لهذا الضوء أن يكشف لنا عن الصحة والمرض، أو حتى الحياة والموت؟ وهل يمكن أن نصنع منه أداة طبية غير جراحية ترصد ما تعجز عنه أعيننا؟ تجربة الفأر الحي والميت في بيئة مظلمة تماما، وداخل حجرة محكمة تمنع تسرب أي شعاع، وضع الباحثون من جامعة كالغاري الكندية فأرا صغيرا تحت عدسة كاميرا شديدة الحساسية. ما ظهر على الشاشة كان مذهلا، وهو بقع من الضوء الخافت تتلألأ من جسمه، كأن الحياة نفسها تشع، لكن عندما توقف قلب الفأر، وتم تعريض جسده لنفس الظروف، اختفى الضوء تقريبا. كان الجسم في التجربتين بنفس درجة الحرارة، لكن الفارق الوحيد، أن الحياة قد غادرته. إعلان هذا المشهد لم يكن مجرد لحظة مثيرة، بل كان أحد الأدلة الحية والمهمة التي قدموها في دراسة نشرت قبل أيام بدورية"جورنال أوف فيزيكال كمستري ليترز"، على أن" الانبعاث الفوتوني الضعيف جدا"، يرتبط ارتباطا وثيقا بالحياة. النباتات تتألم وتضيء لم يكتف الباحثون بتجربة الفئران، ففي تجارب أخرى، عرضوا أوراق النباتات لتغيرات في درجة الحرارة، وأخرى لجرح مباشر أو مواد كيميائية. والنتيجة زاد انبعاث الضوء في المناطق المصابة، حتى قبل أن تظهر أي علامات مرئية، وكانت النباتات "تضيء" استجابة للضغط أو الإصابة، وكأنها تصدر صرخة صامتة من الضوء، لا تسمعها الأذن، ولا تراها العين المجردة. ما ينتجه هذا الضوء الخافت داخل أجسام الكائنات الحية، كما كشف الباحثون في دراستهم، كان سلسلة من التفاعلات الكيميائية الحيوية. وأوضحت الدراسة، أنه "في قلب كل خلية، تولد عملية التمثيل الغذائي جزيئات نشطة تسمى الجذور الحرة، وهذه الجزيئات، حين تتزايد تحت الضغط أو الإصابة، تحدث اضطرابات صغيرة في الإلكترونات، تؤدي إلى إطلاق فوتونات، أي جزيئات من الضوء، وهنا يكمن السر، فكلما زاد التوتر داخل الجسم، زاد هذا الضوء الخافت، ليكون بمثابة مؤشر حيوي على ما يحدث في الداخل". وبعيدا عن الجانب المثير لهذا الاكتشاف، فإن الدراسة تعد بأن نتائجها ستكون لها تطبيقات طبية واعدة، إذ يمكن أن تحفز نتائجهم تطبيق التصوير بالموجات فوق الصوتية كتقنية غير جراحية لكل من البحث البيولوجي الأساسي والتشخيص السريري لاكتشاف الإجهاد الخلوي مبكرا، وتقييم إصابات الأنسجة بدقة، وربما لرصد علامات المرض قبل ظهورها خارجيا.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
جراحة بريطانية: أطفال غزة يعانون صعوبة فرص شفاء جروحهم بسبب افتقارهم إلى الفيتامينات والمعادن
قالت جراحة بريطانية في غزة إن الأطفال أصغر حجما بكثير من الأطفال في الغرب، مشيرة إلى صعوبة فرص شفاء جروحهم بسبب افتقارهم إلى الفيتامينات والمعادن. وأضافت فيكتوريا روز في تصريحات للقناة الثانية في التلفزيون الألماني إن المستشفيات في القطاع المحاصر أصبحت الآن تفتقر حتى إلى المشارط اللازمة لإجراء عمليات جراحية. وقالت فيكتوريا واصفة الوضع الكارثي في غزة: "كل ما نستخدمه الآن هو مواردنا الأخيرة؛ لم يتبق لدينا سوى مقاس واحد من المشارط، وهو ببساطة غير مناسب للعديد من العمليات"، مضيفة أن هناك أيضا نقصا في المواد التخديرية، وقالت: "عندما نجري عمليات جراحية، يقوم أطباء آخرون بتثبيت هؤلاء المرضى"، مضيفة أنه تعذر تماما تخدير العديد منهم، وقالت "إنه أمر وحشي حقا". وتوجد روز في قطاع غزة للمرة الثالثة منذ اندلاع الحرب. وبحسب بياناتها، أجرت روز أمس الأربعاء عمليات جراحية لـ10 مرضى في مستشفى خان يونس في جنوب غزة، وبدأت في الصباح بطفل يبلغ من العمر 3 سنوات تعرض سطح جسمه -في الذراعين والساقين والوجه والجزء العلوي من الجسم- لحروق بنسبة 45% بسبب انفجار. وذكرت روز أنها عالجت بعد ذلك فتاة تبلغ من العمر 4 سنوات فقدت يدها، وقالت: "لقد فقد جميع المرضى أحد أطرافهم أو أصيبوا بحروق. وكان نصفهم دون سن العاشرة". وأضافت روز: "نحن لسنا قادرين على إنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس كما هو ممكن في أوروبا، ولكننا ننقذ أفرادا، ولهذا السبب نستمر في ذلك"، مضيفة أن سكان القطاع يعانون من نقص تغذية، وهو أمر يتضح على الفور عند النظر إلى الأطفال، إذ إنهم أصغر حجما بكثير من الأطفال في الغرب، مشيرة إلى صعوبة فرص شفاء جروحهم بسبب افتقارهم إلى الفيتامينات والمعادن، مضيفة أن هذا أيضا يتسبب في الكثير من العدوى، كما أن العديد من الأطفال يفقدون أسنانهم، مشيرة إلى أن ابنة صديقتها البالغة من العمر عامين تفقد شعرها. وبحسب سلطات الصحة في القطاع، فإن جميع المستشفيات في شمال قطاع غزة أصبحت الآن خارج الخدمة. أطفالنا تموت ببطء كان محمود الحو، وهو أب لـ4 أطفال، ضمن جمع من الفلسطينيين الذين احتشدوا أمام مطبخ خيري في غزة، يتدافعون بأجسادهم للأمام ويلوحون بالأطباق في سعي محموم للحصول على طبق من الحساء. ويبكي أطفال صغار يشعرون بضغط الحشود عليهم من الخلف. ويحمل أحدهم طبقا بلاستيكيا على أمل الحصول على بعض مغارف الحساء. وواصل الحو التقدم وسط الحشد حتى حصل على نصيبه. ويقوم الحو بذلك كل يوم لأنه يخشى أن يموت أطفاله من الجوع. فهو يسير وسط أنقاض جباليا في شمال غزة بحثا عن الطعام وينتظر وسط حشود مذعورة لمدة تصل إلى 6 ساعات حتى يحصل بالكاد على ما يكفي لإطعام أسرته. وفي بعض الأيام يحالفه الحظ ويتمكن من العثور على حساء العدس. وفي أيام أخرى يعود خالي الوفاض. وقال الحو (39 عاما) "أنا عمري 39 سنة مش قادر، أنا عندي برضه بنت مريضة مش قادر أوفر لها أي حاجة، مفيش خبز، مفيش حاجة". وأضاف "يعني من الساعة 8 الصبح جاي واقف عند التكية هانا عشان نحصل بس على صحن نسد رمق الجوع اللي احنا عايشينه. يعني الصحن اللي احنا بناخده مبيكفيش نفر يعني، ومفيش خبز بناكل فيه هذا فبناكله بالملعقة، يعني بيظله البني آدم جعان. قد ما ياكل بيظله جعان لأنه مفيش خبز، مفيش طحين الواحد يغمس فيه". إعلان ويدور عالم الحو حول المشي إلى مطابخ الطعام الخيرية (التكايا) يوميا، وسط الدمار الناجم عن القصف الإسرائيلي. وحتى قبل اندلاع الحرب، التي دار بعض من أسوأ معاركها حول منزل العائلة في جباليا، كانت عائلة الحو تعاني من صعوبات ومشاكل. فابنة أخيه، التي تعيش معهم، تستخدم كرسيا متحركا. ويقول أيضا إن ابنته تعاني من مرض القلب والربو الشعبي. وتقع جباليا إلى الشمال مباشرة من مدينة غزة. ويصعد الحو الدرج إلى شقته المكونة من غرفة واحدة، حيث ينتظره أطفاله جالسين على حشوة فراش. ولا مفاجأة في ما يحضره معه إلى المنزل. فهو الحساء في كل مرة. أوعية معدنية صغيرة ويضع الحساء في أوعية معدنية صغيرة ويسلمها لأطفاله الأربعة وطفلَي أخيه. ويجلس الأطفال في هدوء ويأكلون ببطء وحذر. وقال الحو "الحمد لله، زي ما انتوا شايفين، هاي هدا منه فطور وغدا وعشاء، الحمد لله بعد ما حصلنا على التكية". وأضاف أن عائلته لم تجد شيئا لتأكله في اليوم السابق. وقال "أتمنى أن الكل يقف جنبنا. أطفالنا بتموت بالبطيء". ومنعت إسرائيل دخول الإمدادات الطبية والغذائية والوقود إلى غزة منذ بداية مارس/آذار مما دفع خبراء دوليين إلى التحذير من مجاعة وشيكة في القطاع المحاصر الذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني. وسُمح لبعض الشاحنات بدخول غزة الاثنين، بعد أن وافقت إسرائيل على السماح باستئناف عمليات تسليم مساعدات إنسانية محدودة في أعقاب ضغوط دولية متزايدة. لكن بحلول ليل الثلاثاء، قالت الأمم المتحدة إنه لم يتم توزيع أي مساعدات. وتقول السلطات الصحية الفلسطينية، إن الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة أسفرت عن استشهاد أكثر من 53 ألف شخص.