
السودان بعد استعادة الخرطوم.. تحديات استقرار البلاد وسط استمرار التوترات والفصائل المسلحة
في تطور كبير يشهده السودان، أعلن الجيش السوداني أنه قد تمكن من السيطرة الكاملة على العاصمة الخرطوم بعد أكثر من أسبوع من المعارك العنيفة التي شهدت تقدمًا لافتًا للقوات المسلحة في عدة مناطق استراتيجية.
هذا الإعلان جاء بعد استعادة القصر الرئاسي من قبضة قوات الدعم السريع في هجوم واسع شنته قوات الجيش على مواقع المليشيات في قلب الخرطوم.
وفي بيان صادر، أكد المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبدالله، أن القوات المسلحة قد "تمكنت من تطهير آخر جيوب لشراذم ميليشيا آل دقلو الإرهابية" في محلية الخرطوم، ف
هذا التصريح الذي أطلقه جاء بعد أيام من المواجهات الدامية التي دارت في عدة مناطق داخل العاصمة، لتضع بذلك نهاية تقريبية لأحد أطول فصول النزاع العسكري في تاريخ البلاد.
وأعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، من داخل القصر الجمهوري أن الخرطوم تحررت من قبضة (قوات الدعم السريع)، وأن الأمر انتهى، فيما شوهدت أرتال من مشاة قوات الدعم السريع، وهي تتجه خارج الخرطوم عبر جسر جبل أولياء في اتجاه ولاية النيل الأبيض.
وحط البرهان بطائرته الخاصة داخل مطار الخرطوم لأول مرة منذ اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع في أبريل (نيسان) 2023، وقال البرهان وهو يتجول داخل القصر الجمهوري: الخرطوم حرة والأمر انتهى.
وفسَّر مراقبون هذا الانسحاب المفاجئ لقوات الدعم السريع، بسبب عدم قدرتهم على الحفاظ على المواقع التي يسيطرون عليها، والصمود طويلاً أمام الهجوم الكبير الذي شنه الجيش، ما دفعها للانسحاب بدلاً من الدخول في معارك خاسرة.
يعود الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى أبريل 2023، عندما اندلعت اشتباكات بين الطرفين نتيجة لخلافات عميقة بشأن الترتيبات السياسية والأمنية في البلاد.
وعلى الرغم من أن قوات الدعم السريع كانت قد تزايدت قوتها ونفوذها في السنوات الأخيرة، إلا أن الخلافات على القيادة والتأثير بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، ومحمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي" قائد قوات الدعم السريع، كانت الشرارة التي أشعلت الحرب.
ومنذ بداية الصراع، شهدت الخرطوم وعدد من المدن السودانية الأخرى معارك عنيفة تسببت في سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، كما أسفرت عن نزوح أعداد كبيرة من المدنيين إلى مناطق أكثر أمانًا داخل السودان أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة مثل مصر وتشاد.
ومع مرور الوقت، بدأ الجيش السوداني في تغيير استراتيجيته العسكرية في مواجهة قوات الدعم السريع، حيث تكثف الجيش من عملياته العسكرية بشكل منظم، مستفيدًا من قواته البرية والجوية، وأطلق هجمات متزامنة على عدة مواقع في العاصمة السودانية.
وتمكنت القوات المسلحة من استعادة القصر الرئاسي بشكل تدريجي، وسط تقارير عن معارك عنيفة في أحياء مختلفة من الخرطوم.
وركز الجيش السوداني في عملياته على القضاء على جيوب المليشيا وتفكيك شبكاتها العسكرية في مناطق استراتيجية، وهو ما ساهم في إحراز تقدم كبير نحو السيطرة الكاملة على المدينة.
وبينما كان الجيش يحقق تقدماً ملحوظاً في العاصمة، كانت قوات الدعم السريع تحاول مقاومة التقدم من خلال شن هجمات مضادة باستخدام أساليب غير تقليدية.
على الرغم من الانتصار العسكري الذي حققه الجيش السوداني في السيطرة على الخرطوم، فإن الوضع الإنساني في العاصمة يبدو مأساويًا للغاية.
فقد تسبب الصراع في تدمير العديد من المنشآت المدنية، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس، كما ارتفعت أعداد القتلى والجرحى بشكل كبير نتيجة للقتال العنيف، وتعرضت الخرطوم لشلل تام في الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء.
في ظل هذه الظروف، يعيش المدنيون في العاصمة السودانية حالة من القلق والترقب، حيث أن الاشتباكات لا تزال مستمرة في بعض الأحياء، وسط تقارير عن مئات من المدنيين العالقين بين طرفي النزاع.
وعلاوة على ذلك، فإن الأزمة الغذائية والإنسانية قد تفاقمت بسبب نقص الإمدادات الطبية والغذائية، مما يهدد حياة الآلاف من المواطنين.
وتستمر الأوضاع في السودان في جذب انتباه المجتمع الدولي، الذي أعرب عن قلقه العميق إزاء التصعيد العسكري والأزمة الإنسانية في البلاد، فقد أصدرت الأمم المتحدة تحذيرات من أن النزاع قد يتحول إلى أزمة إقليمية إذا استمر العنف في الانتشار، حيث أن السودان يشترك في حدود مع عدة دول تعاني من أوضاع أمنية غير مستقرة مثل تشاد وجنوب السودان.
وقد طالبت العديد من الدول الغربية ومنظمات الإغاثة الدولية بضرورة وقف القتال فوريًا وتحقيق تسوية سياسية من خلال حوار بين الأطراف المتنازعة.
كما سعت بعض الدول العربية الكبرى إلى التدخل على الساحة الدبلوماسية لتهدئة الأوضاع، لكن الوضع يظل معقدًا للغاية بسبب استمرار التوترات بين الفصائل المختلفة في السودان.
ورغم إعلان الجيش السوداني عن استعادة السيطرة على الخرطوم، فإن المستقبل السياسي للبلاد لا يزال غامضًا، حيث يتساءل العديد من المراقبين عما إذا كان الجيش قادرًا على بسط الاستقرار في البلاد بعد هذه الحرب الطويلة، خاصة في ظل وجود الكثير من الميليشيات المسلحة الأخرى التي قد لا تلتزم بالسلام.
إن التحدي الأكبر أمام السودان الآن هو كيف يتم بناء توافق سياسي بين القوى المختلفة، بما في ذلك الجيش وقوات الدعم السريع، والحركات المسلحة الأخرى التي قد تكون لها مطالبها الخاصة.
بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الحكومة السودانية المقبلة أن تتعامل مع التحديات الاقتصادية الهائلة وإعادة بناء المؤسسات الحكومية والإصلاحات السياسية التي تمثل مطلبًا شعبيًا كبيرًا في البلاد.
ويري مراقبون بأن الوضع في السودان يدخل مرحلة حاسمة، حيث يتطلب الأمر جهودًا دولية وإقليمية مكثفة لضمان استقرار البلاد وتخفيف معاناة شعبها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- شفق نيوز
استئناف الرحلات الجوية في مطار بورتسودان بعد استهدافه بطائرات مسيرة فجر الأحد
أعلنت سلطات مطارات السودان، استئناف العمل بمطار بورتسودان الذي تعرض لهجوم بواسطة مسيرات انتحارية، من قبل قوات الدعم السريع فجر الأحد. وأعلن الجيش السوداني، أن طائرات مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع نفذت هجوماً استهدف مطاراً عسكرياً في مدينة بورتسودان. وقال المتحدث باسم الجيش، نبيل عبد الله، إن قوات الدعم السريع أطلقت عدداً من "الطائرات المسيرة الانتحارية" على المدينة الساحلية شرق البحر الأحمر، مستهدفة قاعدة عثمان دقنة الجوية و "مستودعا للبضائع وبعض المنشآت المدنية". وأضاف عبدالله أنه "لم تُسجل أي إصابات، إلا أن الهجوم أسفر عن "أضرار محدودة"، بينما لم يصدر تعليق من قوات الدعم السريع بشأن الحادث. فيما أفادت مصادر عسكرية لبي بي سي بأن الهجوم "أسفر عن مقتل عدد من الجنود داخل القاعدة العسكرية، وتدمير عدد من الطائرات العسكرية، إلى جانب حدوث أضرار جزئية في المطار المدني". وأضافت المصادر أن الهجمات بدأت نحو الساعة الثالثة والنصف صباحاً، حيث استهدفت طائرة مسيّرة مهبط المطار، تلتها خلال أقل من ساعة هجمات بمسيّرتين على القاعدة العسكرية. وهذه هي المرة الاولي التي يتم فيها استهداف مدينة بورتسودان بطائرات دون طيار، منذ أن أصبحت بمثابة العاصمة الإدارية للبلاد بعد سيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم بداية الحرب. وتستمر الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023، بسبب نزاع عنيف على السلطة. وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 150 ألف شخص قتلوا، بينما فر نحو 12 مليون شخص من منازلهم. ووصفت الأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه أكبر وأشد أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى المساعدات، ويعاني الملايين من نقص حاد في الغذاء والمجاعة. وقبل هجمات الأحد، كانت مدينة بورتسودان بعيدة عن القصف، وتعتبر من أكثر المناطق أمناً في السودان الذي يعاني من الحرب. ونقلت وكالات الأمم المتحدة مكاتبها وموظفيها إلى المدينة الساحلية، بينما فر مئات الآلاف من المدنيين النازحين إليها خلال الحرب. وقال مسافر لوكالة فرانس برس، الأحد، بعد الضربات: "كنا في طريقنا إلى الطائرة عندما تم إجلاؤنا بسرعة وتم إخراجنا من المبنى". وأظهرت لقطات فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لم تتمكن بي بي سي من التحقق منها بشكل مستقل، انفجاراً كبيراً وأعمدة ضخمة من الدخان الأسود تتصاعد في السماء. وذكر شهود عيان أنهم شاهدوا انفجارات عنيفة وتصاعد أعمدة كثيفة من الدخان في سماء المدينة، ترافقت مع دوي متتالٍ لانفجارات الذخائر والأسلحة. وأفاد أحد موظفي المطار بأن الهجوم تسبب في حالات إغماء بين المسافرين جراء الفزع والاضطراب. وكشفت معلومات حصلت عليها بي بي سي أن سلطات مطار بورتسودان ألغت جميع الرحلات الجوية، سواء القادمة أو المغادرة، قبل استئنافها مساء الأحد. ويُعد مطار بورتسودان حالياً المنفذ الجوي الدولي الوحيد في البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل أكثر من عامين، بعد خروج مطار الخرطوم الدولي عن الخدمة. Reuters وبعد عامين من الصراع، تسيطر قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، على معظم منطقة دارفور غربي السودان، وأجزاء من الجنوب. بينما تسيطر الحكومة التابعة للجيش بقيادة البرهان على شرق وشمال السودان، بما في ذلك مدينة بورتسودان الرئيسية على ساحل البحر الأحمر. واستعاد الجيش السوداني مساحات واسعة من الأراضي في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك استعادة السيطرة على القصر الرئاسي في الخرطوم في مارس/آذار الماضي. وكان استعادة العاصمة بمثابة نقطة تحول في الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين. وعلى الرغم من أن قوات الجيش السوداني تتمتع حالياً بالزخم، إلا أنه من غير المرجح أن يتمكن أي من الجانبين من تحقيق نصر يتمثّل في حكم السودان بأكمله، وفقاً لتقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية.


الحركات الإسلامية
٢٨-٠٣-٢٠٢٥
- الحركات الإسلامية
السودان بعد استعادة الخرطوم.. تحديات استقرار البلاد وسط استمرار التوترات والفصائل المسلحة
في تطور كبير يشهده السودان، أعلن الجيش السوداني أنه قد تمكن من السيطرة الكاملة على العاصمة الخرطوم بعد أكثر من أسبوع من المعارك العنيفة التي شهدت تقدمًا لافتًا للقوات المسلحة في عدة مناطق استراتيجية. هذا الإعلان جاء بعد استعادة القصر الرئاسي من قبضة قوات الدعم السريع في هجوم واسع شنته قوات الجيش على مواقع المليشيات في قلب الخرطوم. وفي بيان صادر، أكد المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبدالله، أن القوات المسلحة قد "تمكنت من تطهير آخر جيوب لشراذم ميليشيا آل دقلو الإرهابية" في محلية الخرطوم، ف هذا التصريح الذي أطلقه جاء بعد أيام من المواجهات الدامية التي دارت في عدة مناطق داخل العاصمة، لتضع بذلك نهاية تقريبية لأحد أطول فصول النزاع العسكري في تاريخ البلاد. وأعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، من داخل القصر الجمهوري أن الخرطوم تحررت من قبضة (قوات الدعم السريع)، وأن الأمر انتهى، فيما شوهدت أرتال من مشاة قوات الدعم السريع، وهي تتجه خارج الخرطوم عبر جسر جبل أولياء في اتجاه ولاية النيل الأبيض. وحط البرهان بطائرته الخاصة داخل مطار الخرطوم لأول مرة منذ اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع في أبريل (نيسان) 2023، وقال البرهان وهو يتجول داخل القصر الجمهوري: الخرطوم حرة والأمر انتهى. وفسَّر مراقبون هذا الانسحاب المفاجئ لقوات الدعم السريع، بسبب عدم قدرتهم على الحفاظ على المواقع التي يسيطرون عليها، والصمود طويلاً أمام الهجوم الكبير الذي شنه الجيش، ما دفعها للانسحاب بدلاً من الدخول في معارك خاسرة. يعود الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى أبريل 2023، عندما اندلعت اشتباكات بين الطرفين نتيجة لخلافات عميقة بشأن الترتيبات السياسية والأمنية في البلاد. وعلى الرغم من أن قوات الدعم السريع كانت قد تزايدت قوتها ونفوذها في السنوات الأخيرة، إلا أن الخلافات على القيادة والتأثير بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، ومحمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي" قائد قوات الدعم السريع، كانت الشرارة التي أشعلت الحرب. ومنذ بداية الصراع، شهدت الخرطوم وعدد من المدن السودانية الأخرى معارك عنيفة تسببت في سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، كما أسفرت عن نزوح أعداد كبيرة من المدنيين إلى مناطق أكثر أمانًا داخل السودان أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة مثل مصر وتشاد. ومع مرور الوقت، بدأ الجيش السوداني في تغيير استراتيجيته العسكرية في مواجهة قوات الدعم السريع، حيث تكثف الجيش من عملياته العسكرية بشكل منظم، مستفيدًا من قواته البرية والجوية، وأطلق هجمات متزامنة على عدة مواقع في العاصمة السودانية. وتمكنت القوات المسلحة من استعادة القصر الرئاسي بشكل تدريجي، وسط تقارير عن معارك عنيفة في أحياء مختلفة من الخرطوم. وركز الجيش السوداني في عملياته على القضاء على جيوب المليشيا وتفكيك شبكاتها العسكرية في مناطق استراتيجية، وهو ما ساهم في إحراز تقدم كبير نحو السيطرة الكاملة على المدينة. وبينما كان الجيش يحقق تقدماً ملحوظاً في العاصمة، كانت قوات الدعم السريع تحاول مقاومة التقدم من خلال شن هجمات مضادة باستخدام أساليب غير تقليدية. على الرغم من الانتصار العسكري الذي حققه الجيش السوداني في السيطرة على الخرطوم، فإن الوضع الإنساني في العاصمة يبدو مأساويًا للغاية. فقد تسبب الصراع في تدمير العديد من المنشآت المدنية، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس، كما ارتفعت أعداد القتلى والجرحى بشكل كبير نتيجة للقتال العنيف، وتعرضت الخرطوم لشلل تام في الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء. في ظل هذه الظروف، يعيش المدنيون في العاصمة السودانية حالة من القلق والترقب، حيث أن الاشتباكات لا تزال مستمرة في بعض الأحياء، وسط تقارير عن مئات من المدنيين العالقين بين طرفي النزاع. وعلاوة على ذلك، فإن الأزمة الغذائية والإنسانية قد تفاقمت بسبب نقص الإمدادات الطبية والغذائية، مما يهدد حياة الآلاف من المواطنين. وتستمر الأوضاع في السودان في جذب انتباه المجتمع الدولي، الذي أعرب عن قلقه العميق إزاء التصعيد العسكري والأزمة الإنسانية في البلاد، فقد أصدرت الأمم المتحدة تحذيرات من أن النزاع قد يتحول إلى أزمة إقليمية إذا استمر العنف في الانتشار، حيث أن السودان يشترك في حدود مع عدة دول تعاني من أوضاع أمنية غير مستقرة مثل تشاد وجنوب السودان. وقد طالبت العديد من الدول الغربية ومنظمات الإغاثة الدولية بضرورة وقف القتال فوريًا وتحقيق تسوية سياسية من خلال حوار بين الأطراف المتنازعة. كما سعت بعض الدول العربية الكبرى إلى التدخل على الساحة الدبلوماسية لتهدئة الأوضاع، لكن الوضع يظل معقدًا للغاية بسبب استمرار التوترات بين الفصائل المختلفة في السودان. ورغم إعلان الجيش السوداني عن استعادة السيطرة على الخرطوم، فإن المستقبل السياسي للبلاد لا يزال غامضًا، حيث يتساءل العديد من المراقبين عما إذا كان الجيش قادرًا على بسط الاستقرار في البلاد بعد هذه الحرب الطويلة، خاصة في ظل وجود الكثير من الميليشيات المسلحة الأخرى التي قد لا تلتزم بالسلام. إن التحدي الأكبر أمام السودان الآن هو كيف يتم بناء توافق سياسي بين القوى المختلفة، بما في ذلك الجيش وقوات الدعم السريع، والحركات المسلحة الأخرى التي قد تكون لها مطالبها الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الحكومة السودانية المقبلة أن تتعامل مع التحديات الاقتصادية الهائلة وإعادة بناء المؤسسات الحكومية والإصلاحات السياسية التي تمثل مطلبًا شعبيًا كبيرًا في البلاد. ويري مراقبون بأن الوضع في السودان يدخل مرحلة حاسمة، حيث يتطلب الأمر جهودًا دولية وإقليمية مكثفة لضمان استقرار البلاد وتخفيف معاناة شعبها.


شفق نيوز
٢٣-٠٣-٢٠٢٥
- شفق نيوز
السودان: ماذا بعد إعادة الجيش السيطرة على مناطق حيوية في الخرطوم؟
استعاد الجيش السوداني، الجمعة 21 من مارس/آذار، السيطرة على القصر الجمهوري، من قوات الدعم السريع التي كانت تسيطر عليه منذ اندلاع الحرب بين الطرفين في 15 إبريل/نيسان 2023. كذلك تمكن الجيش السوداني، عقب السيطرة على القصر الجمهوري، من استعادة السيطرة على عدة مناطق حيوية داخل العاصمة، منها مباني رئاسة جهاز المخابرات ومباني بنك السودان المركزي ومتحف السودان القومي. وقال المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد/ نبيل عبد الله: "في ملحمة بطولية خالدة، توجت قواتنا اليوم نجاحاتها بمحاور الخرطوم، حيث تمكنت من سحق شراذم مليشيا آل دقلو الإرهابية بمناطق وسط الخرطوم والسوق العربي ومباني القصر الجمهوري". ومن جانبه، قال رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، إن "القوات المسلحة والشعب السوداني اتخذا موقفهما بزوال التمرد وزوال هذه الطغمة". وأضاف البرهان أنه "لا تفاوض إلا بعد القضاء على التمرد وتجميعهم في معسكرات لتسليم أسلحتهم، ولا يمكن التفاوض مع الميليشيا وهي تحاصر الفاشر وتستهدف المدنيين". ويأمل مؤيدو الجيش السوداني أن تمثل استعادة القصر الجمهوري نقطة تحول في الحرب، بالنظر إلى ما يمثله القصر الرئاسي من رمز لسيادة الدولة. لكن في المقابل، قال مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، إن "سقط القصر الجمهوري لا يعني خُسران الحرب". وأضاف طبيق في منشور له على موقع (أكس): "بالأمس القريب حققت قواتنا انتصارات كبيرة في منطقة المالحة بشمال دارفور وجحافل قواتنا متقدمة الآن، الحرب مستمرة حتى تحقيق النصر الشامل وتجفيف منابع الإرهاب في السودان". وشدد طبيق على أن قوات الدعم السريع ستستمر في الحرب "حتى نحرر كل شبر من أرض الوطن من دنس الطغاة والجبابرة والإرهابيين". وعلى الرغم من استعادة الجيش السوداني السيطرة على القصر الجمهوري ومناطق أخرى داخل العاصمة الخرطوم، ما زالت قوات الدعم السريع تسيطر على عدة مناطق داخل العاصمة، منها الجانب الجنوبي من مطار الخرطوم الدولي. ولا يعني التقدم الذي حققه الجيش السوداني في الخرطوم نهاية الحرب، إذ لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على أنحاء واسعة من جنوب السودان، إضافة الى معظم إقليم دارفور في غرب البلاد. ووقعت قوات الدعم السريع وقوى سياسية وحركات مسلحة سودانية، في 22 من فبراير/شباط، ميثاقا سياسيا لتشكيل حكومة موازية في السودان، في خطوة أثارت رفض وتنديد الحكومة السودانية. ونص الميثاق على أن يكون الحكم في السودان "ديمقراطيا تعدديا، وأن يكون نظام الحكم لامركزيا يقوم بالاعتراف بحقوق الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية". لكن لم يحظَ هذا الميثاق بأي اعتراف دولي أو إقليمي يُذكر. ويعيش السودان أكبر أزمة نزوح في العالم بعد أن اضطر أكثر من 11 مليون شخص للفرار من ديارهم منذ اندلاع الحرب، منهم ما يقرب من 3 ملايين شخص عبروا الحدود إلى الدول المجاورة. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى انتشار سريع لأمراض الكوليرا والملاريا وحمى الضنك والحصبة الألمانية، نتيجة انهيار البنية التحتية، مع توقف عمل الأنظمة الصحية الحيوية وشبكات المواصلات وأنظمة المياه والصرف الصحي وخطوط الإمداد والإنتاج الزراعي. وتطالب الأمم المتحدة طرفي الصراع في السودان، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بضرورة وقف الأعمال القتالية والتوافق على هدنة إنسانية لخلق فرص للحوار، وضمان حماية المدنيين بما يتوافق مع حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فضلا عن ضرورة التزام الطرفين بضمان تدفق المساعدات الإنسانية. وتشير تقارير أممية وحقوقية إلى انتهاكات إنسانية جسيمة يشهدها السودان، تشمل القتل العشوائي واستخدام المدنيين كدروع بشرية، فضلا عن الاغتصاب والاعتداءات الجنسية. ولا يمكن التحقق بدقة من أعداد القتلى في السودان، لكن تشير تقديرات بعض المنظمات الإنسانية مثل "لجنة الإنقاذ الدولية"، وهي منظمة غير حكومية أمريكية، إلى أن عدد القتلى قد يتجاوز حاجز 150 ألف قتيل. برأيكم، ما دلالات استعادة الجيش السوداني السيطرة على القصر الجمهوري ومناطق حيوية داخل الخرطوم؟ ما خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارة العديد من مواقعها في الخرطوم؟ هل يستطيع الجيش السوداني حسم الحرب عسكريا؟ أم أن السودان يواجه خطر التقسيم؟ وهل يبذل المجتمع الدولي ما يكفي لإنهاء الحرب في السودان؟ سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 24 مارس/آذار. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message