
استئناف الرحلات الجوية في مطار بورتسودان بعد استهدافه بطائرات مسيرة فجر الأحد
أعلنت سلطات مطارات السودان، استئناف العمل بمطار بورتسودان الذي تعرض لهجوم بواسطة مسيرات انتحارية، من قبل قوات الدعم السريع فجر الأحد.
وأعلن الجيش السوداني، أن طائرات مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع نفذت هجوماً استهدف مطاراً عسكرياً في مدينة بورتسودان.
وقال المتحدث باسم الجيش، نبيل عبد الله، إن قوات الدعم السريع أطلقت عدداً من "الطائرات المسيرة الانتحارية" على المدينة الساحلية شرق البحر الأحمر، مستهدفة قاعدة عثمان دقنة الجوية و "مستودعا للبضائع وبعض المنشآت المدنية".
وأضاف عبدالله أنه "لم تُسجل أي إصابات، إلا أن الهجوم أسفر عن "أضرار محدودة"، بينما لم يصدر تعليق من قوات الدعم السريع بشأن الحادث.
فيما أفادت مصادر عسكرية لبي بي سي بأن الهجوم "أسفر عن مقتل عدد من الجنود داخل القاعدة العسكرية، وتدمير عدد من الطائرات العسكرية، إلى جانب حدوث أضرار جزئية في المطار المدني".
وأضافت المصادر أن الهجمات بدأت نحو الساعة الثالثة والنصف صباحاً، حيث استهدفت طائرة مسيّرة مهبط المطار، تلتها خلال أقل من ساعة هجمات بمسيّرتين على القاعدة العسكرية.
وهذه هي المرة الاولي التي يتم فيها استهداف مدينة بورتسودان بطائرات دون طيار، منذ أن أصبحت بمثابة العاصمة الإدارية للبلاد بعد سيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم بداية الحرب.
وتستمر الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023، بسبب نزاع عنيف على السلطة.
وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 150 ألف شخص قتلوا، بينما فر نحو 12 مليون شخص من منازلهم.
ووصفت الأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه أكبر وأشد أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى المساعدات، ويعاني الملايين من نقص حاد في الغذاء والمجاعة.
وقبل هجمات الأحد، كانت مدينة بورتسودان بعيدة عن القصف، وتعتبر من أكثر المناطق أمناً في السودان الذي يعاني من الحرب.
ونقلت وكالات الأمم المتحدة مكاتبها وموظفيها إلى المدينة الساحلية، بينما فر مئات الآلاف من المدنيين النازحين إليها خلال الحرب.
وقال مسافر لوكالة فرانس برس، الأحد، بعد الضربات: "كنا في طريقنا إلى الطائرة عندما تم إجلاؤنا بسرعة وتم إخراجنا من المبنى".
وأظهرت لقطات فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لم تتمكن بي بي سي من التحقق منها بشكل مستقل، انفجاراً كبيراً وأعمدة ضخمة من الدخان الأسود تتصاعد في السماء.
وذكر شهود عيان أنهم شاهدوا انفجارات عنيفة وتصاعد أعمدة كثيفة من الدخان في سماء المدينة، ترافقت مع دوي متتالٍ لانفجارات الذخائر والأسلحة.
وأفاد أحد موظفي المطار بأن الهجوم تسبب في حالات إغماء بين المسافرين جراء الفزع والاضطراب.
وكشفت معلومات حصلت عليها بي بي سي أن سلطات مطار بورتسودان ألغت جميع الرحلات الجوية، سواء القادمة أو المغادرة، قبل استئنافها مساء الأحد.
ويُعد مطار بورتسودان حالياً المنفذ الجوي الدولي الوحيد في البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل أكثر من عامين، بعد خروج مطار الخرطوم الدولي عن الخدمة.
Reuters
وبعد عامين من الصراع، تسيطر قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، على معظم منطقة دارفور غربي السودان، وأجزاء من الجنوب.
بينما تسيطر الحكومة التابعة للجيش بقيادة البرهان على شرق وشمال السودان، بما في ذلك مدينة بورتسودان الرئيسية على ساحل البحر الأحمر.
واستعاد الجيش السوداني مساحات واسعة من الأراضي في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك استعادة السيطرة على القصر الرئاسي في الخرطوم في مارس/آذار الماضي.
وكان استعادة العاصمة بمثابة نقطة تحول في الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين.
وعلى الرغم من أن قوات الجيش السوداني تتمتع حالياً بالزخم، إلا أنه من غير المرجح أن يتمكن أي من الجانبين من تحقيق نصر يتمثّل في حكم السودان بأكمله، وفقاً لتقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 8 دقائق
- موقع كتابات
'اسكناس' تكشف .. عناصر القوة الإيرانية في الملف النووي
خاص: ترجمة- د. محمد بناية: تلعب التكنولوجيا النووية دورًا هامًا في الارتقاء بمكانة الشعوب، والنهضة العلمية، وتحسّين أجواء التنمية، وتؤثر بشكلٍ إيجابي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العامة. وعليه لا يمكن اعتبار التكنولوجيا النووية سلعة كمالية، وكذلك لا يمكن تقييّدها وحصّر استخداماتها في التطبيقات العسكرية؛ لأنه استخداماتها الكثيرة تحولت إلى عنصر أسياس في علمية الردع وموازنة القوة بين الدول. بحسّب ما استهل 'محمد حسب الرسول'؛ خبير شؤون غرب آسيا، تحليله المنشور بصحيفة (اسكناس) الاقتصادية الإيرانية. مفاوضات تحت سلاح التهديدات.. وفي خضم المواجهات الإقليمية الجادة، منذ نيسان/إبريل الماضي، بدأت مباحثات نووية مكثفة بين 'إيران' و'الولايات المتحدة'؛ ووسّاطة عُمانية، ولا تزال مستَّمرة حتى الآن. وقد ساد التفاؤل الحذر في بداية المفاوضات، لكن بعد الجولتين الأخيرتين، غلب إحساس عدم الثقة برز في ملاسنَّات الطرف الأميركي، المقترنة بتهديدات الكيان الصهيوني بالهجوم على 'إيران'. كذلك فقد اقترنت هذه التهديدات بتكثيف الضغوط 'الأميركية-الغربية'. وردًا على تداعيات هذه التهديدات والضغوط، حذرت 'إيران' بردٍ حاسم وفق القوانين الدولية، وإجراءات فورية ومؤثرة دفاعًا عن المواطنين والمكاسب والمنشآت ضد أي خطوة إرهابية أو تخريبية. ونوهت 'إيران' بانتهاك الكيان الصهيوني المتكرر لمنشور 'الأمم المتحدة' والتهديد باستخدام القوة، وطلبت إلى 'منظمة الأمم المتحدة' و'مجلس الأمن' اتخاذ إجراء فوري ضد تهديدات الكيان الصهيوني. وفي هذا الصدّد أعلنت 'طهران' مسؤولية 'واشنطن' القانونية عن أي اعتداء يقوم به الكيان الصهيوني ضد 'إيران'. وفي هذه الظروف الصعبة والحساسة، تدخل 'إيران' مفاوضات حول ملفها النووي وهي تمتلك عناصر من القوة الذاتية، وتسعى إلى استخدامها لتشكيل بيئة تفاوضية مواتية. كما تسعى إلى توظيف هذه العناصر لخلق موقف تفاوضي يجمع بين الحزم والمرونة. ويمكن استخلاص هذه العناصر فيما يلي: 01 – الشرعية القانونية للاستفادة من التكنولوجيا النووية.. الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية، هو حق مشروع لكل الدول، كفلته المعاهدات والمواثيق الدولية؛ لا سيّما 'معاهدة حظر انتشار السلاح النووي'؛ (NPT)، واتفاقيات السلامة النووية مع 'الوكالة الدولية للطاقة الذرية'. وطبيعة البرنامج النووي الإيراني السلمية، هو حق بلادنا في الاستفادة من التكنولوجيا النووية باعتبارها مصدر نظيف للطاقة في تقوية وزيادة القدرات العلمية، وفتح آفاق أرحب في مجالات الطب، والصناعة، والزراعة، والبيئة، وكذلك تنمية البُنية التحتية في المجالات المختلفة. 02 – المشروعية التاريخية.. شهدت فترة السبعينيات تطوير التعاون النووي بين 'إيران' والغرب؛ حيث شاركت الشركات الغربية الرائدة مثل (فراماتوم) الفرنسية، و(سيميز) الألمانية، و(جنرال إلكتريك) الأميركية، في إنشاء الأبنية وتوفير المعدات النووية بالأراضي الإيرانية. وكجزء من هذا التعاون، تم بناء مفاعل بحثي بقُدرة خمسة ميغاوات في 'طهران'، بالإضافة إلى مشاريع نووية أخرى كانت قد توقفت بسبب انتصار 'الثورة الإسلامية'. والبحوث التاريخية تكشف عن مسألتين، الأولى: الشرعية القانونية للمشروع النووي الإيراني النابعة عن طبيعته وخلفيته التاريخية ودور 'الولايات المتحدة الأميركية' والغرب في إنشائه وتطويره. الثانية: ازدواجية المعايير الغربية بعد سقوط النظام الملكي في 'إيران'. 03 – الملكية العامة للمشروع.. يعتبر الشعب الإيراني الطاقة النووية مشروعًا وطنيًا وحقًا طبيعيًا، ويؤكد على حقه في الاستفادة من التكنولوجيا النووية وتحقيق النهضة. والمسّار التاريخي للملف النووي خلق هذا القناعة بين أوساط الشعب الإيراني بفئاته المختلفة، وأدركوا الأهمية الاستثنائية للطاقة النووية في مسّار التقدم والرقي. وانطلاقًا من هذا الوعي، تحول الملف النووي الإيراني من ساحة للصراعات السياسية وسوق للمنافسات الحزبية، إلى أفق للمحافظة على الوحدة الوطنية. الإيديولوجية القومية في 'إيران' هي أحد أهم عناصر قوة الملف النووي. هذا النظام يقوم على ركنين أساسيين هما: الاستقلال الوطني واتخاذ القرار المستقل، بالإضافة إلى اعتبار العلم والمعرفة والتطوير قيمًا حاكمة في مسّار تاريخ 'إيران'.


وكالة أنباء براثا
منذ 6 ساعات
- وكالة أنباء براثا
كيف نعرف العالم بالزيارات المليونية
يفرض الإعلام العالمي والطائفي الحصار على الزيارات المليونية التي تحتضنها الأماكن المقدسة في العراق وخصوصاً كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء ، حتى لا تعرف الشعوب هذه الزيارات والأعداد الهائلة التي تأتي من شتى بقاع العالم ومن مختلف القوميات ، ولا تطلع هذه الشعوب على الأسباب الحقيقية لهذه الزيارات ومن ثم التعرف على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وطريق الحق المتمثل بطريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، ومن أبسط الطرق التي قد تؤدي الى كسر هذا الحصار مع تعريف العالم بعالمية هذه الزيارات المليونية هو رفع راية ( علم) الدولة التي يأتي منها زوار للمشاركة بهذه الزيارة ، أي تصبح هذه الأماكن التي تحتضن هذه المراقد المشرفة عواصم الدنيا من خلال احتضانها لشعوب أكثر الدول ، كما أن جنيف أو نيويورك تحتضنان اجتماعات الأمم المتحدة فيرفع على أرضيهما أعلام ( رايات) الدول المشاركة في هذه الاجتماعات حتى تبين للعالم من خلال هذه الأعلام الدول التي شاركت في هذه المؤتمرات ، فإذا كانت اجتماعات الأمم المتحدة تحتضن الحكومات التي تمثل الدول فترفع لها الأعلام لتظهر نسبة المشاركة للعالم من خلال هذه الأعلام التي تمثل الدول ، فمن باب اولى أن ترفع الأعلام للشعوب التي تشارك في الاجتماعات أو الزيارات لأن الأعلام تمثل الشعوب وهم احق بالتمثيل وتظهر للعالم مدى مشاركة الشعوب في هذه الزيارات او الاجتماعات او المؤتمرات ، لذا علينا أن نرفع أعلام الدول التي تشارك شعوبها في الزيارات المليونية ونكتب على كل علم أو راية المسلمون في ذلك البلد ينادون لبيك ( يا أمير المؤمنين ) في يوم ولادته او يوم المبعث النبوي أو يوم الغدير او يوم استشهاده سلام الله عليه أو يكتب عليها المسلمون في ذلك البلد ينادون لبيك (يا حسين) في يوم عاشوراء أو زيارة الأربعين أو يوم عرفة او ليلة النصف من شعبان وغيرها من الزيارات المليونية التي تحتضنها كربلاء ، ومثلها يعمل في مدينة الكاظمية المقدسة في المناسبات التي تحتضنها وكذلك سامراء المقدسة ، ومن خلال رفع هذه الأعلام ( الرايات) سوف نثير تسائل لدى شعوب الدول التي ترفع راياتها في هذه الأماكن المقدسة لماذا رفعت هذه الأعلام ؟؟؟؟ وهذا التساؤل سوف يدفع هذه الشعوب الى التعرف على أسباب هذه الزيارات ومن ثم التعرف على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، ومن خلال رفع أعلام الدول التي تشارك شعوبها في هذه الزيارات سوف نحصل على مجموعة من الفوائد ، الأول : كسر الحصار وتعريف العالم بمليونية هذه الزيارات والأخلاق التي ترافق هذه الزيارات ، الثاني : تعريف العالم بشعبية هذه الزيارات ، الثالث والأهم : تعريف العالم بولاية أمير المؤمنين عليه السلام وهو طريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين .


وكالة أنباء براثا
منذ 6 ساعات
- وكالة أنباء براثا
هل سلاح حزب الله غير شرعي؟ ومن هي الدول القادرة على مدّ الشيعة بمليار دولار سنويًا؟
حضرات السيدات والسادة البداية: هذا الكلام غير موجّه إلى فئة أو طائفة أو حزب، بل هو توصيف لواقع يجب أن يطّلع عليه الجميع. لأن الفكرة الأساسية التي تسعى إليها إسرائيل من خلال عملية نزع سلاح حزب الله بالقوة، أو حتى عبر الضغط الأميركي على بعض الأفرقاء السياسيين، هي الوصول إلى هذه النتيجة. الفكرة ببساطة: كما أنك عندما تهدم منزلًا لبناء آخر جديد تحتاج إلى مساحة فارغة ترمي فيها الركام القديم، كذلك في مشروع 'الشرق الأوسط الجديد' هناك الكثير من الركام البشري، وهنا المقصود الأقليات الدينية والفلسطينيون، الذين يجب أن يكون لهم مكان يُوضَعون فيه. والأرض التي يُعتقَد أنها مهيّأة لتكون تلك المساحة التي يُسكَن فيها كل هؤلاء، هي لبنان. ولكي يتحقق هذا المخطط، يجب أن يدخل لبنان في الفوضى. أما المدخل إلى الفوضى، فهو الصراع حول سلاح حزب الله بدل التفاهم على استراتيجية تعالج هذا السلاح. حضرات السيدات والسادة في أعراف السياسة الدولية، لا يُقاس الخطر بحجم الضجيج، بل بعمق العمل في صمت. ومن هذا المبدأ، لا أجد حرجًا في القول إن الخطاب الذي يصدر أحيانًا عن بعض الجهات اللبنانية بشأن سلاح حزب الله، هو خطاب شعبوي بامتياز. حتى بعض الجهات التي تعتقد أنها تدافع عن سلاح الحزب، تقع بدورها في فخ الشعبوية. كل هذا الضجيج لا يرقى إلى مستوى النقاش الوطني المسؤول، ولا يستند إلى معايير سيادية ووطنية، أو حتى واقعية. ومع كل التباينات، نراهن على أن هذه الجهات، بحكم موقعها السياسي، تملك من الرؤية والمسؤولية ما يؤهّلها لتقديم طرح وطني متكامل، بعيدًا عن الانفعالات الإعلامية. إذ إنّ محاولة نزع سلاح مقاومة حملت عبء الدفاع عن الوطن في أصعب اللحظات، وبدعم من قرارات حكومية وتفاهمات أُقرت في الأمم المتحدة بعد عام 1996، هي مقاومة شملتها البيانات الوزارية ونالت شرعية الدولة نفسها. أما الذهاب إلى نظرية نزع سلاح حزب الله، في ظل ظروف إقليمية معقّدة، تُعيد تشكيل خرائط الكيانات وتستهدف الأقليات في وجودها، بينما إسرائيل تعاود احتلال أجزاء من لبنان وتغتال ابناء الطائفة الشيعية وتعتدي يوميًا حتى لمجرد الشبهة، فهذا ليس نقاشًا وطنيًا بل وصفة جاهزة لتقسيم لبنان إلى الأبد. فإضعاف أي مكوّن لبناني من دون تفاهمات شاملة، شبيهة بما جرى في اتفاق الطائف، يفتح الباب أمام فتنة لا تبقي ولا تذر. وحين يُقال إن سلاح حزب الله غير شرعي، نسأل: ماذا نقول عن آلاف الشهداء الذين سقطوا لتحرير الجنوب من الاحتلال؟ هل سقطوا في معركة 'خارج القانون'؟ هل أمهات الشهداء وعائلاتهم، التي تعيش على الدعم الشهري المباشر من الحزب، يجب أن تُدرج ضمن 'ضحايا الفوضى'؟ هذا المنطق ليس قاسيًا فحسب، بل خطير، لأنه يطعن في التاريخ الرسمي اللبناني منذ عام 2000، ويشكك في الميثاقيات الوطنية التي أجمعت عليها الحكومات، من 'عيد التحرير' الذي أقرته الدولة اللبنانية، إلى ثلاثية 'الجيش والشعب والمقاومة'. ولنفترض جدلًا أن المجتمع الدولي والدول المانحة تطالب بنزع سلاح حزب الله، وتعتبره تنظيمًا غير شرعي، فهل هي مستعدة حرفيًا لتحمّل ما يعنيه ذلك ماليًا واجتماعيًا؟ لا يمكن الحديث عقلانيًا عن مصير السلاح، من دون التوقف عند البنية الاجتماعية والاقتصادية التي يقوم عليها الحزب. نحن لا نتحدث فقط عن السلاح، بل عن شبكة دعم اجتماعي تصرف أكثر من 50 مليون دولار شهريًا على عائلات الشهداء والجرحى والمقاتلين والمتفرغين، فضلًا عن مؤسسات خيرية تقدّم خدمات مجانية لأكثر من 400 ألف مواطن. من سيتكفّل بهذه الكلفة الهائلة التي تتجاوز مليار دولار سنويًا؟ • هل الدولة اللبنانية قادرة؟ لا. • هل واشنطن وباريس مستعدتان؟ أبدًا. • هل تُترك هذه العائلات في العراء، وتتحوّل من سند للوطن إلى ضحايا لانهيار اجتماعي شامل؟ إذا كان الجواب 'نعم'، فنحن أمام انهيار لن يطال الجنوب والضاحية والبقاع فحسب، بل سيمتد على مساحة الوطن. الخطأ السياسي لا يدفع ثمنه شخص، بل الشعب، الكيان، الوطن، بل الخطر على علة الوجود اللبناني نفسه. وقبل أي نقاش عن نزع السلاح، نطرح سؤالًا بسيطًا وجوديًا: من يضمن أمن قيادات حزب الله ومقاتليه بعد نزع سلاحهم؟ هل نثق بهذه الدول التي عجزت عن ضمان أمن لبنان من اعتداءات إسرائيل اليومية؟ هل نطمئن لحماية أممية فشلت في تنفيذ القرار 425 لعقود؟ حضرات السيدات والسادة، ما يتمثل أمامكم في هذا الملخص من خطر هو فقط الجانب الاقتصادي، فكيف إذا أكملتُ لكم ما قد ينتج عن انهيار دراماتيكي قد يُطيح بكل شيء، حتى داخل المؤسسات الرسمية اللبنانية؟ في الختام، الشيعة هم جزء طبيعي وأصيل من مؤسسات الدولة. وإذا شعر أبناء الطائفة الشيعية، أو أي طائفة أخرى، بأن وجودهم مهدَّد، فمن الطبيعي أن يلتفّوا حول طائفتهم، فالتآمر الدولي لا يرحم. حتى الموارنة أنفسهم، حين تآمرت عليهم الولايات المتحدة الأميركية بالتوافق مع حافظ الأسد، سُحبت منهم الصلاحيات، وغُيّبت قياداتهم السياسية، وهاجر من الوطن أكثر من 40% من أبنائهم، ولفترة طويلة حكم الموارنة زعماء مسيحيون من غير الموارنة. فهل يمكن أن نتخيل حجم الفوضى، التي قد تصيب لبنان إذا لم تتدخل الحكمة الوطنية في مسألة مقاربة سلاح حزب الله؟ وفي المقابل، من سيربح من كل هذه الفوضى التي قد تدخل لبنان في نفق لعقود قادمة؟ إنها إسرائيل. اذا كانت القوى اللبنانية والدول حريصة فعلًا على لبنان، فلتكن خطواتها ضمن رؤية وطنية شاملة، تعيد بناء الدولة على أسس جديدة، وتضع آلية انتقالية تعترف بالمراحل السابقة دون إنكارها. فالحكم استمرارية، والطعن بشرعية قرارات سابقة يفتح الباب للطعن بكل شيء صدر عن الدولة منذ الطائف حتى اليوم. الرؤساء الهراوي، لحود، سليمان، ميشال عون… هل وصفوا يومًا سلاح المقاومة بأنه غير شرعي؟ رؤساء الحكومات، من الشهيد رفيق الحريري إلى نجيب ميقاتي، هل أصدروا يومًا بيانًا يقول بذلك؟ حتى في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، جاء في البيان الوزاري 2008: 'تعتبر الحكومة أن المقاومة اللبنانية هي تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في تحرير أرضه والدفاع عن كرامته…' أما تفاهم نيسان 1996، فقد رعته الأمم المتحدة، وعنونته الصحافة العالمية بقولها: 'الحريري رجل الدبلوماسية الأبرز عالميًا'، وهو بمثابة اعتراف دولي بشرعية حزب الله. عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار، الذي يُحتفل به رسميًا تحت رعاية مجلس الوزراء، هو تتويج لهذه الشرعية. بل إن مشاركة الرئيسين لحود ورفيق الحريري في الاحتفال الرسمي بذلك العيد هي ذروة الشرعية السياسية لسلاح المقاومة. فهل السلاح غير شرعي؟ الجواب واضح: لا. ولا يمكن لأي طرف أن يقول بذلك إلا إن كان يقصد الطعن بالدولة نفسها وبكل مؤسساتها وذاكرتها. لكن، في الوقت ذاته، من المشروع تمامًا، بل من الواجب، أن نسأل: هل هذا السلاح بحاجة إلى إعادة تنظيم ضمن مقاربة سيادية جديدة؟ الجواب أيضًا: نعم. فالزمن تغيّر، التحالفات تبدّلت، والعدو نفسه يعيد رسم قواعد الاشتباك. ولهذا، فإنّ أي رجل دولة حقيقي لا يمكنه أن يغضّ الطرف عن ضرورة تطوير هذا السلاح – لا عسكريًا فقط، بل استراتيجيًا – ليصبح جزءًا من منظومة دفاع وطني تُقرّها الدولة وتحتضنها، لا أن تنكرها أو تنبذها. خاتمة: لا أحد ينجو بمفرده قد يتوهم البعض أنّ الضغوط الاقتصادية أو الحرب الإعلامية يمكنها أن تؤدي إلى نتائج سياسية. لكن الحقيقة أن انهيار الهيكل لن يستثني أحدًا. ومن يعتقد أنه قادر على بيع الوطن فوق ركام شريحة لبنانية، إنما يسير فوق أنقاض منزله، معتقدًا أنه 'ينتصر'. الحديث عن سلاح حزب الله لا يُختزل بجملة شعبوية على منبر أو في مقابلة، بل هو مسؤولية دولة. مسؤولية وطنية، اجتماعية، اقتصادية، أخلاقية، وسيادية. إما أن نرتقي جميعًا إلى مستوى الوطن… أو نغرق معًا في أوهامنا، ونسقط ما تبقى من جمهورية لم تعد حتى قادرة على تعريف نفسها.