
تضارب حول نقاشات سعر العملة بين أميركا واليابان
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو، اتفقا يوم الأربعاء على أن سعر صرف الدولار مقابل الين يعكس حالياً العوامل الأساسية، في تصريح نادر وصريح بشأن وضع السوق.
وأدى تركيز الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معالجة العجز التجاري الأميركي الضخم، وتصريحاته السابقة التي اتهم فيها اليابان بالحفاظ على ين ضعيف عمداً، إلى توقعات السوق بأن طوكيو ستواجه ضغوطاً لتعزيز قيمة عملتها مقابل الدولار الأميركي، بما يمنح المصنِّعين الأميركيين ميزةً تنافسيةً.
وأكد بيسنت وكاتو، في بيان لهما، أن أسعار الصرف يجب أن تُحددها السوق، وأن سعر صرف الدولار مقابل الين في الوقت الحالي يعكس العوامل الأساسية. وكان اللقاء على هامش اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع في بانف بكندا. وفي بيان متناقض نوعاً ما، قالت الوزارة أيضاً إنه «كما في اجتماعهم السابق في أبريل (نيسان)، لم يتم نقاش مستويات أسعار الصرف الأجنبي».
وعندما سُئل كاتو، في مؤتمر صحافي لاحق، عن ادعاء وزارة الخزانة بأن أسعار الصرف المتفق عليها تعكس العوامل الأساسية، قال إنه ليس في وضع يسمح له بالتعليق، لكنه أضاف أنه لم يناقش «مستويات أسعار الصرف»، لكنه قال: «اتفقنا على أن أسعار الصرف يجب أن تُحددها الأسواق».
وقفز الدولار لفترة وجيزة إلى 144.40 ين بعد البيان الأميركي، لكن عدم وجود تأكيد من الجانب الياباني دفع الدولار إلى ما دون 143.50 ين.
وفي وقت لاحق من يوم الأربعاء، أوضح أتسوشي ميمورا، كبير الدبلوماسيين اليابانيين المعنيين بالعملة، الذي حضر أيضاً الاجتماع الثنائي، أن كاتو وبيسنت لم يناقشا أهداف العملة ولا أسعار الفائدة الحالية.
وصرَّح ميمورا للصحافيين: «نفهم أن الجانب الأميركي ربما كان يقصد المبادئ الأساسية المتفق عليها، التي تنصُّ على أن سعر العملتين يجب أن تحدده الأسواق، وأن التقلبات المفرطة والحركات غير المنظمة غير مرغوب فيها».
وصرَّح كاتسوتوشي إينادومي، كبير الاستراتيجيين في شركة «سوميتومو ميتسوي ترست لإدارة الأصول»، بأن البيان الأميركي قد يعكس رغبته في تجنب مزيد من انخفاض قيمة الدولار. وقال: «لولا البيان، لتوقَّعت السوق أن الولايات المتحدة ربما كانت ستضغط على اليابان لتعزيز الين. أعتقد شخصياً أن بيسنت، بحسه بوصفه لاعباً في السوق، أراد سحق هذه التوقعات».
وشهدت بعض العملات الآسيوية، بما في ذلك عملتا كوريا الجنوبية وتايوان، هذا الشهر، تقلبات حادة نتيجة تكهنات السوق بشأن احتمال ممارسة الولايات المتحدة ضغوطاً لدعم عملاتها في محادثات الرسوم الجمركية.
واتفقت اليابان والولايات المتحدة على إبقاء مسألة أسعار الصرف الشائكة منفصلة عن مفاوضات التجارة المباشرة، وتخصيصها لمحادثات بين وزيرَي مالية كل منهما. كما شكّل ضعف الين مشكلةً لصانعي السياسات اليابانيين، إذ يُسرّع التضخم برفع تكاليف الاستيراد ويُثقل كاهل الاستهلاك.
لكن الين ارتفع بالفعل بنحو 9 في المائة هذا العام، حيث دفعت حالة عدم اليقين القوية الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة المستثمرين إلى شراء عملات الملاذ الآمن مثل الين.
وفي المؤتمر الصحافي، قال كاتو إنه لم يناقش مباشرةً مع بيسنت حيازات اليابان الضخمة من سندات الخزانة الأميركية. وفي وقت سابق من مايو (أيار)، فاجأ كاتو الأسواق بقوله إن اليابان قد تستخدم حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية، التي تزيد قيمتها على تريليون دولار، بوصفها ورقة ضغط في محادثات التجارة مع واشنطن، لكنه أوضح لاحقاً أن تعليقاته لم تقصد الإشارة إلى احتمال بيعها.
ومن جهة أخرى، أفاد تلفزيون طوكيو، يوم الخميس، بأن كبير المفاوضين التجاريين اليابانيين ريوسي أكازاوا، ووزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، اتفقا على إجراء محادثات الأسبوع المقبل.
وأجرى الطرفان محادثات غير رسمية، عبر الهاتف، بشأن مفاوضات التعريفات الجمركية قبل يوم الأربعاء، حيث أعرب بيسنت عن تردده في لقاء أكازاوا هذا الأسبوع، وفقاً لما ذكرته قناة تلفزيون طوكيو نقلاً عن مصدر حكومي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 30 دقائق
- العربية
خبير علاقات دولية: انقلاب في سياسة الحلفاء التقليديين لإسرائيل بسبب حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري
اتخذت ثلاث دول كبرى وهي فرنسا وبريطانيا وكندا، قرارات ضد إسرائيل أعلنت عنها في بيان مشترك عبرت فيه عن إدانتها لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة. ووصل الأمر إلى قيام لندن بسلسلة من الإجراءات التصعيدية ضد إسرائيل، حيث أعلنت تعليق المفاوضات التجارية مع تل أبيب، وفرض عقوبات على مستوطنين في الضفة الغربية، واستدعاء السفير الإسرائيلي احتجاجاً على العمليات العسكرية في غزة وأعمال العنف في الضفة. فيما أعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، الثلاثاء، أن "التحرك بدأ للاعتراف بدولة فلسطينية، كما تنوي بريطانيا وكندا فعله". دعمت إسرائيل.. وتغير موقفها وحول هذا التحول الكبير في صفوف حلفاء إسرائيل التقليديين، يقول اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، الخبير العسكري والاستراتيجي المصري والمستشار في كلية القادة والأركان لـ"العربية.نت/الحدث.نت": "هذه الدول دعمت إسرائيل ببداية الحرب ولمدة ليست بالقليلة، ولما تبين للجميع فشل آلة الحرب الإسرائيلية في تنفيذ وتحقيق أهدافها المعلنة، ومع كثافة تداول الأخبار وما تحتويه من تسجيلات وفيديوهات وصور للأوضاع في غزة، تغير الوضع تماما خاصة مع الضغوط الداخلية والشعبية عليها". وتابع: "إن ما حدث يعد صحوة من المجتمع الدولي تجاه أفعال اليمين الإسرائيلي، الذي أذهل العالم أجمع بمدى قسوته وتطرفه ودمويته"، مضيفا أن التمادي الإسرائيلي دفع هذه الدول لتغيير موقفها. انقلاب في سياسة الحلفاء من جانبه، يقول الخبير في العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، الدكتور إسماعيل تركي، لـ"العربية.نت"/"الحدث.نت": إن التحول في مواقف هذه الدول يعني رسالة إلى حكومة اليمين مفادها "لقد طفح الكيل، ولم يعد مقبولا استمرار حرب الإبادة، ولن نقف مكتوفي الأيدي تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة". وأضاف الخبير المصري: "إن هذه الخطوة تعد انقلابا في سياسة الحلفاء التقليديين لإسرائيل بسبب حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري وحصار التجويع علي قطاع غزة"، وحيث تواجه إسرائيل ضغطاً دبلوماسياً متزايداً من حلفائها التقليديين في الغرب، موضحا أن ذلك يحدث "رغم أن هذه الدول لا تزال تدعم حق إسرائيل في الوجود وأمنها". وأكد تركي أن هذا التوتر قد يؤدي إلى تغييرات في العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين هذه الدول وإسرائيل، وقد يشكل نقطة تحول في التعامل الدولي مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، "وهو ما ظهر في البيان الثلاثي الفرنسي البريطاني الكندي شديد اللهجة ضد إسرائيل، وأيضا في اجتماعات الاتحاد الأوروبي وتعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل، ووقف مباحثات الشراكة بين بريطانيا وإسرائيل". توتر ملحوظ بالآونة الأخيرة وأردف الخبير المصري: "العلاقات بين بريطانيا وفرنسا وكندا وإسرائيل شهدت توتراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، وجاء على خلفية عدد من القضايا، من بينها حل الدولتين، حيث تلتزم الدول الثلاث بشكل ثابت بمبدأ حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق السلام الدائم في المنطقة، وتعتبر أن الإجراءات الإسرائيلية التي تقوض هذا الحل، مثل توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، غير مقبولة".


العربية
منذ 40 دقائق
- العربية
أكد أن العوامل السياسية تلعب دورًا محوريًا في عوائد السندات
قال طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، إن السوق لا يتفق مع التخفيضات الضريبية الأميركية وتأثيراتها المستقبلية على الاقتصاد الأميركي، مشيرًا إلى أن هذا الرفض يتجلى في الارتفاعات القياسية لعوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عامًا. وأوضح الرفاعي في مقابلة مع "العربية Business"، أن هناك تغييرًا في سيكولوجية المستثمرين بدأ مع تراجع مؤشر الدولار (DXY) أمام سلة العملات الرئيسية، مدفوعًا بالحرب التجارية التي اندلعت في بداية العام. وبعد فترة قصيرة من الارتياح في الشهر الماضي، عاد القلق ليسيطر على المستثمرين تجاه هذه التخفيضات الضريبية. وأكد أن العوامل السياسية تلعب دورًا محوريًا في عوائد السندات. فبعد خفض تصنيف وكالة "موديز" للولايات المتحدة، قفزت عوائد سندات الخزانة الأميركية، ما يؤكد للمستثمرين المشاكل المتراكمة في عجز الميزانية وارتفاع تكاليف الحكومة، بالإضافة إلى القلق على الدولار كملاذ آمن. وذكر أن هذا القلق لم يقتصر على الولايات المتحدة فقط، بل امتد ليشمل اليابان. فالعوائد على سندات الخزانة اليابانية طويلة الأجل (30 عامًا) تسجل اليوم أعلى مستوياتها منذ أكثر من 25 عامًا، ما يشير إلى أن المستثمرين أصبحوا قلقين على اقتصاد البلدين.


الاقتصادية
منذ ساعة واحدة
- الاقتصادية
هل يمكن لأمريكا المثقلة بالأعباء المالية أن تتخلف عن سداد ديونها؟
لم يسبق للولايات المتحدة أبدا أن تخلفت عن سداد ديونها والتزاماتها المالية، رغم كونها صاحبة أكبر حجم ديون في العالم بنحو 32.1 تريليون دولار، إذ إنها لاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، وتملك عملتها دورا مهما ومؤثرا في هذا الاقتصاد. مع خفض تصنيفها الائتماني من قبل وكالة "موديز" عند "Aa" من "AAA" وفقدها آخر موطئ قدم في منطقة التصنيف الأعلى، قد يتساءل سائل: هل من الممكن أن تنطوي أدوات الدين الأمريكية على أي قدر من المخاطرة حتى يُخفّض تصنيفها ولو بدرجة واحدة؟ وهل من الممكن أن يتخلف بلد يملك هذا الاقتصاد الضخم عن الوفاء بالتزاماته؟ عادة ما يتخلف أي بلد عن السداد عندما يصبح غير قادر على الوفاء بالتزاماته المالية من ديون أو فوائد؛ وقد يصل البلد إلى هذا الوضع عندما لا يملك الموارد المالية اللازمة للسداد، أو بسبب عدم الاستقرار السياسي، أو خوضه حروبا تستنزف موارده، وبالتالي يدخل تصنيف ديونه في المنطقة الرديئة. في الولايات المتحدة، أثير في الآونة الأخيرة كثير من الحديث حول احتمال تخلفها عن سداد ديونها بحلول أغسطس أو سبتمبر المقبل إذا لم يتم رفع سقف الديون المسموح به من الكونجرس أو تعليق العمل به لفترة مؤقتة، في ظل وضع يشير إلى حاجتها لاستدانة مزيد من الأموال. أمريكا بحاجة إلى مزيد من الاقتراض منذ عام 2001، تنفق الحكومة الأمريكية أموالا أكثر مما تجمعه كل عام؛ لذلك، فإنها تلجأ دائما إلى الاقتراض لسد الفجوة بين فاتورة الإنفاق وحجم الدخل، وتصدر في هذا الإطار أدوات دين مثل السندات، التي تشكل تقريبا نحو ربع حجم ديونها عند نحو 9 تريليونات دولار. تعد اليابان أكبر مستثمر في السندات الأمريكية بما يصل إلى 1.13 تريليون دولار، تليها المملكة المتحدة، التي انتزعت الترتيب الثاني من الصين بحيازتها سندات أمريكية بقيمة 779.3 مليار دولار، بعد أن قلصت الأخيرة حجم استثماراتها في هذه السندات إلى 765.4 مليار دولار. تضم قائمة كبار المستثمرين في أدوات الدين الأمريكية كذلك كلا من جزر كايمان بـ 455.3 مليار دولار وكندا بـ 426.2 مليار ولكسمبورج بـ 4.12 مليار دولار. ومع موافقة مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون يسمح بتمديد العمل بتخفيضات ضريبية تعود إلى عام 2017 وتنامي احتمال إقراره، من المتوقع أن تضيف هذه التخفيضات 5 مليارات دولار إلى حجم ديون الولايات المتحدة، التي تزيد أصلا بنحو تريليون دولار كل 3 أشهر تقريبا وفقا لتقديرات. وبينما يمثل حجم الديون الأمريكية حاليا نحو 122% من ناتجih المحلي الإجمالي، وفقا لبيانات وزارة الخزانة، فإن هذه النسبة مرشحة للارتفاع، مع الحاجة إلى مزيد من التمويل. سقف الدين الأمريكي بحاجة إلى الارتفاع يمنح الدستور الأمريكي سلطة الاقتراض الوحيدة للكونجرس؛ وبينما فوّض المشرّعون تلك السلطة إلى الحكومة، فقد جعلوا مستوى الاقتراض خاضعا لموافقتهم. ويرى محللون أن البيت الأبيض ليس بعيدا أبدا عن مواجهة مع الكونجرس قريبا بشأن رفع سقف الدين، حتى لا تصبح قدرة البلاد على الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها على المحك. لذلك، يتعين على صناع القرار في الولايات المتحدة العمل بجدية لتفادي التخلف عن سداد ديون البلاد، وهو سيناريو يهدد الاستقرار المالي العالمي ويؤثر سلبا في الأسواق. يتفق الخبراء على أن تجاوز سقف الدين بدون حل سيؤدي إلى نتائج كارثية تؤثر في مصداقية الولايات المتحدة في الأسواق المالية، بينما سيؤدي التخلف عن السداد إلى رفع تكلفة الاقتراض وزيادة معدل البطالة. في حين تملك الولايات المتحدة عديدا من الأدوات الاقتصادية والسياسية لتفادي التخلف، فقد أبلغ وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في وقت سابق من هذا الشهر الكونجرس بأن قدرة الحكومة على الاقتراض باستخدام التدابير الاستثنائية التي تلجأ إليها منذ يناير الماضي قد تُستنفد في أغسطس، مع دخول الكونجرس في عطلة. أمريكا تجد دوما الحل لتدبير احتياجاتها في يناير 2023، وصلت الحكومة إلى سقف ديونها البالغ 31.4 تريليون دولار وقتها؛ وكان على الكونجرس إما رفع السقف بمقدار مبلغ ثابت بالدولار، أو تعليقه لفترة معينة من الوقت لكي تتمكن وزارة الخزانة من الاقتراض أكثر؛ وقد اختار المشرعون التعليق حتى 2 يناير الماضي. وبينما أعيد تحديد سقف الدين عند 36.1 تريليون دولار دولار في بداية هذا العام، تفاوض الجمهوريون في الكونجرس على مشروع قانون للميزانية يتضمن زيادة الحد الأقصى للدين، كجزء من خطة لتمويل تمديد التخفيضات الضريبية التي تمت الموافقة عليها في عام 2017 خلال فترة رئاسة ترمب الأولى. يقدر الجمهوريون أن الميزانية التي وافقوا عليها ستسمح لهم بدفع نقطة الأزمة التالية لسقف الدين إلى ما بعد انتخابات التجديد النصفي لعام 2026. وحتى الآن، يوافق المشرعون دائما على تعديل حد الدين قبل نفاد السيولة من وزارة الخزانة؛ وعلى مدار أكثر من قرن من الزمان منذ أن كان سقف الدين تم تعديله أكثر من 100 مرة. هل تنطوي أدوات الدين الأمريكية على مخاطرة؟ لم يكن خفض "موديز" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأول، حيث سبقتها في اتخاذ هذا الخطوة وكالتا "ستاندرد آند بورز" و"فيتش" قبل سنوات. استندت "موديز" في قرار خفض التصنيف إلى "العجز المالي الكبير والمستمر" الذي لا يظهر إشارات على التباطؤ؛ وقالت في بيان "إنها لا تعتقد أن المباحثات الجارية في الولايات المتحدة ستسفر عن أي خفض ملموس في الإنفاق والعجز لسنوات"، متوقعة نمو العجز إلى 134% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035. رغم خفض التصنيف من قبل أكبر 3 وكالات متخصصة في هذا الشأن، فإن الولايات المتحدة ما زالت بعيدة كل البعد عن منطقة الديون الرديئة، بل إنها تبعد خطوة واحدة عن التصنيف الأعلى، وهو ما يعني أن إصداراتها من الديون ما زالت في الفئة الممتازة. تنقسم تصنيفات الوكالات إلى 9 مستويات، كل منها مقسم إلى درجات. بينما تمثل المستويات الـ 4 الأولى درجة استثمارية، تنطوي المستويات الـ 5 الأخرى على مضاربة. وتصنيف الولايات المتحدة الحالي يضعها في المستوى الثاني ضمن أعلى درجة، ما يعني درجة ائتمانية عالية ومخاطر منخفضة. علاوة على ذلك، فإن احتمالات التخلف عن السداد نتيجة لأي إغلاق حكومي ينتج عن عدم إقرار الميزانية قبل أغسطس المقبل، تبدو شبه منعدمة، حيث مرت الولايات المتحدة بهذه التجربة كثيرا في الماضي، وكانت دائما تجد مخرجا من الأزمة. أكثر من 20 إغلاقا مرت على أمريكا بسلام على مدار نحو 5 عقود، تعطلت الحكومة الأمريكية أكثر من 20 مرة، منها 3 مرات خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في عامي 2018-2019. أحدث تلك الإغلاقات الحكومية، استمر 35 يوما في عام 2019، وكلف الولايات المتحدة أكثر من 3 مليارات دولار، وفقا لمكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي. شهد عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر 5 إغلاقات حكومية، استمر أطولها 17 يوما في عام 1978. وكان رونالد ريجن صاحب أكبر عدد من الإغلاقات الحكومية، حيث شهد عهده 8 إغلاقات؛ لكن أطولها لم يتجاوز 3 أيام في عام 1983. ولتمرير مشروع قانونهم هذه المرة، يخطط الجمهوريون للاعتماد على عملية تُعرف باسم تسوية الميزانية، وهو إجراء متعدد المراحل لتسريع النظر في التشريعات لمواءمة الإنفاق والضرائب وحد الدين مع أهداف الميزانية المتفق عليها. تتفادى التسوية هذه الشرط المعتاد في مجلس الشيوخ، وهو الحصول على أغلبية ساحقة للمضي قدما في معظم مشاريع القوانين، وبدلاً من ذلك تحتاج فقط إلى أغلبية بسيطة، ما يعني أن الجمهوريين يمكنهم تجاوز الديمقراطيين في المجلس، شريطة اتحاد عدد كاف منهم معا. من شأن المسودة التي كان ينظر فيها مجلس النواب منذ منتصف مايو الجاري رفع حد الدين بمقدار 4 تريليونات دولار، وهو أقل من زيادة تبلغ 5 تريليونات، يفضلها مجلس الشيوخ. هل يمكن لأمريكا طباعة مزيد من النقد لسداد ديونها؟ لا تتضمن تصنيفات الوكالات الائتمانية المخاطر الأكبر المتمثلة في أن الدول المدينة يمكنها ببساطة أن تطبع الأموال لسداد ديونها، ما يتسبب في تكبد حاملي السندات خسائر من انخفاض قيمة الأموال التي يحصلون عليها، وفقا لرأي مؤسس شركة "بريدج ووتر" راي داليو. من الناحية الفنية، يمكن للحكومة الأمريكية طباعة مزيد من النقود لتغطية ديونها، حيث يعتمد النظام الحالي على مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) لإدارة المعروض النقدي. وعلى الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي لا يطبع النقود بنفسه، وتقوم وزارة الخزانة بذلك، فإن بوسعه التأثير في المعروض النقدي من خلال أدوات مختلفة. لكن هذا ليس حلا مستداما أو مرغوبا فيه، حيث سيؤدي إلى تضخم شديد ينتج عن انخفاض قيمة العملة، وعدم استقرار اقتصادي، فضلا عن أن خطوة كهذه من الممكن أن تؤدي إلى عزوف المستثمرين عن شراء أدوات دين البلد المصدر والتخلص من حيازاتهم، وهو سيناريو كارثي. تداعيات خفض التصنيف الائتماني لأمريكا رغم بقاء الولايات المتحدة في نطاق الدرجة المشجعة على الاستثمار في ديونها، فإن التصنيف الجديد ينعكس على عوائد سنداتها برفعها، في ظل طلب المستثمرين في أدوات الدين الأمريكية عائدا أعلى مع زيادة مخاطر التخلف، ولو في الوقت الراهن، وبالتالي ترتفع تكلفة الاقتراض. يؤثر هذا بدوره في الإنفاق الحكومي، وبالتالي النمو الاقتصادي المتأثر في الأساس بتشديد السياسة النقدية لمواجهة التضخم. وارتفع العائد على السندات الأمريكية لأجل 30 عاما متجاوزا مستوى 5% أمس، كأعلى مستوى منذ أكتوبر 2023؛ كذلك ارتفعت عوائد السندات لآجل 10 أعوام إلى نحو 4.6% بعد خفض التصنيف. وتنامي القلق من أن مشروع قانون الموازنة الجديد قد يزيد الضغط على عجز الموازنة المتفاقم أصلا. أحد الانعكاسات هو تراجع العملة الأمريكية، بالتالي ارتفاع التضخم الذي ما زال الفيدرالي الأمريكي يكافحه منذ بدء الحرب الروسية - الأوكرانية في 2022، حتى وصل في أبريل الماضي إلى 2.3%، وهو مستوى يظل دون مستهدف الفيدرالي البالغ 2%. وتراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنحو 1.5% منذ خفض التصنيف الائتماني إلى 99.5 نقطة. تأتي هذه الأخبار في الوقت الذي لا توجد فيه ضمانة لعودة الحرب التجارية عالميا بعد الهدنة المعلنة بين أكبر اقتصادين في العالم وتجميد الرسوم عن معظم الدول. يضاف إلى هذه التداعيات خفض التصنيف الائتماني للمؤسسات المالية الأمريكية المرتبطة بالتصنيف السيادي للدولة. وعقب خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة، خفضت "موديز" التصنيفات الائتمانية طويلة الأجل لأكبر البنوك الأمريكية. وشمل خفض التصنيف للبنوك إلى درجة "Aa2" من "Aa1" بنوكا مثل "جيه بي مورجان" و"بنك أوف أمريكا" و"ويلز فارجو" و"بنك أوف نيويورك ميلون". وأشارت الوكالة إلى ضعف قدرة الحكومة الأمريكية على دعم هذه البنوك بعد خفض تصنيف الولايات المتحدة. سوق الأسهم الأمريكية تأثرت أيضا، في ظل ارتفاع تكلفة تمويل الشركات بعد خفض التصنيف، إلى جانب تزايد المخاطر في الاقتصاد الأمريكي وأصوله، وارتفاع عوائد السندات الأمريكية. يمكن القول إن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يؤكد عديدا من المخاطر فيما يخص الاقتصاد الأمريكي؛ لكنه لا يمثل خطرا داهما إلا إذا فشل الجمهوريون والديمقراطيون في رفع سقف الدين في القريب العاجل. مشروع القانون "الكبير والجميل"، الذي أقره مجلس النواب الأمريكي اليوم بأغلبية 215 صوتا، يمدد إعفاءات ضريبية بنحو 4.5 تريليون دولار صيغت خلال ولاية الرئيس دونالد ترمب الأولى عام 2017، مع إضافة إعفاءات جديدة مؤقتة كان قد دعا إليها خلال حملته الانتخابية لعام 2024. وتضيف الحزمة 350 مليار دولار من الإنفاق الجديد، مع تخصيص نحو 150 مليار دولار للبنتاجون، بما في ذلك درع الرئيس الدفاعية الجديدة "القبة الذهبية"، وهو ما سيزيد الحاجة إلى مزيد من الاقتراض لتمويل الإنفاق الأمريكي.