logo
إمبراطورية بولوري لتشويه صورة الجزائر

إمبراطورية بولوري لتشويه صورة الجزائر

الخبر٠٩-٠٢-٢٠٢٥

أثار تأثير فانسون بولوري على المشهد الإعلامي الفرنسي، جدلًا واسعًا بسبب الميول اليمينية المتطرفة للعناوين الإعلامية التي استحوذ عليها بعد استحواذه عليها، حيث وجهت إليه اتهامات باستخدامها لشن حملات مست أطرافا لم تسلم الجزائر منها.
اتُهمت وسائل إعلام بولوريه بالتحامل ضد الجزائر، خاصة في سياق العلاقات الفرنسية الجزائرية المتوترة.
في العديد من المناسبات، قدمت قنوات وصحف تغطية إعلامية متحيزة ضد الجزائر، مع التركيز على قضايا مثل الهجرة غير الشرعية، مما ساهم في تعزيز الصور النمطية السلبية عن الجزائر والجزائريين.
هذا التحامل الإعلامي يعتبر جزءا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز الخطاب القومي واليميني في فرنسا، حيث تُستخدم قضايا مثل الهجرة والعلاقات مع الدول العربية كأدوات لتعبئة الرأي العام الفرنسي ضد "الآخر". في هذا السياق، تعتبر الجزائر واحدة من أكثر الدول التي تتعرض لهجوم إعلامي من قبل وسائل بولوريه، خاصة في ظل التوترات التاريخية بين البلدين.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد انتقد في حواره لصحيفة "لوبينيون" تهميش الإعلام الفرنسي لشخصيات سياسية متوازنة، مقابل فتح المجال أمام متطرفين يمنيين عبثوا بالعلاقات الثنائية، حيث قال: "هناك مثقفون وسياسيون نكنّ لهم الاحترام، أمثال جان بيار رافاران وسيغولين رويال ودومينيك دو فيليبان، الذي يحظى باحترام كبير في العالم العربي، يجب عليهم أن يتكلموا ولا يتركوا الصحفيين يقطعون عليهم الحديث، خاصة في وسائل الإعلام التي يملكها رجل الأعمال فنسانت بولوريه الذي أصبح همه الوحيد واليومي هو تدمير صورة الجزائر".
فانسان بولوريه، الملياردير الفرنسي ورجل الأعمال البارز، يُعدّ واحدًا من أكثر الشخصيات تأثيرًا في المشهد الإعلامي الفرنسي والأفريقي. وتمتد إمبراطوريته الإعلامية لتشمل مجموعة واسعة من القنوات التلفزيونية والإذاعية والصحف والمجلات، التي تستخدم في كثير من الأحيان كأدوات لتعزيز أجندات سياسية واقتصادية معينة. وفي السنوات الأخيرة، برزت تقارير عديدة تتهم بولوريه بتسخير إمبراطوريته الإعلامية لخدمة اليمين المتطرف في فرنسا، بالإضافة إلى تحامل واضح ضد دول مثل الجزائر.
ويعتبر فانسان بولوريه هو مؤسس ورئيس مجموعة "فيفاندي"، وهي واحدة من أكبر الشركات العالمية في مجال الإعلام والاتصالات. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك بولوريه حصصًا كبيرة في مجموعة "كانال بلوس" التي تعدّ واحدة من أهم شبكات التلفزيون المدفوع في فرنسا والعالم الناطق بالفرنسية. كما يسيطر على صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" وقناة "سي نيوز" التي ميّزها خطابها اليميني المتطرف.
تتميز إمبراطورية بولوريه الإعلامية بتنوعها وقوتها، حيث تمتد لتشمل ليس فقط فرنسا، ولكن أيضًا العديد من الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية، من خلال شبكة "كنال بلوس أفريقيا"، حيث يتمتع بولوريه بنفوذ كبير في المشهد الإعلامي في دول مثل السنغال وكوت ديفوار والكاميرون والكونغو، حيث تُعتبر هذه القنوات مصدرًا رئيسيًا للأخبار، وامتدّ ليشمل الجانب السياسي والاقتصادي أيضًا.
ففي السنوات الأخيرة، اتُهمت قنوات بولوريه الإعلامية في إفريقيا، بتعزيز أجندات سياسية معينة، خاصة تلك التي تخدم مصالح فرنسا في القارة، من خلال التحكم في الخطاب الإعلامي، تمكّنت هذه القنوات من التأثير على الرأي العام في دول إفريقية عديدة، مما أثار انتقادات واسعة من قبل النشطاء والإعلاميين الذين يرون في ذلك استمرارًا لسياسات الاستعمار الجديد.
في أكتوبر 2021 أنتجت منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية، فيلما وثائقيا، وبثته وحظي بتغطية إعلامية كبيرة لأنه دعا "الدولة وهيئة الرقابة على الصحافة والمنافسة والمشرّع إلى التدخل" في مواجهة الدور الذي يلعبه فنسان بولوريه في وسائل الإعلام، ولاسيما ما يسمى بإجراءات "تكميم الأفواه" أو الرقابة المتكررة على الصحافة الاستقصائية. وندد بالممارسات التي، حسب منظمة مراسلون بلا حدود، "تمثل خطراً حقيقياً على حرية الصحافة، بل وعلى الديمقراطية أيضا"، في وقت وصف فيه موقع "هوف بوست" الأمريكي فانسون بولوريه بأنه "قطب إعلامي محافظ". وبالنسبة إلى صحيفة "لوبس"، فإن فانسون بولوريه أقام إمبراطورية إعلامية كمحافظ متطرف.
وفي فرنسا أصبحت قنوات بولوريه من أكثر القنوات إثارة للجدل بسبب خطابها اليميني المتطرف، تُعرف باستضافتها لشخصيات سياسية وإعلامية تتبنى مواقف متشددة في قضايا مثل الهجرة والإسلام والقومية. وتعرف بتقديم منصة للخطاب العنصري والمعادي للمسلمين، مما أثار غضب العديد من الجماعات الحقوقية والسياسية.
ويعد فانسان بولوريه، أحد الداعمين الرئيسيين لهذا الخطاب، فمن خلال السيطرة على وسائل إعلامية مؤثرة، تمكّن بولوريه من تعزيز أجندة اليمين المتطرف في فرنسا، مما أثار تساؤلات حول دور الإعلام في تشكيل الرأي العام وتأثيره على الديمقراطية.
وفي ديسمبر 2023، وثّقت صحيفة "لوموند" الطموحات السياسية لفانسون بولوريه، والتي يمكن تلخيصها في الرغبة في الاتحاد بين اليمين واليمين المتطرف. ووفقًا لصحيفة "لوموند"، فإن التجمع الوطني وإمبراطورية فانسان بولوريه الإعلامية يتقاربان تدريجيًا ويتشاركان المصالح المشتركة أكثر فأكثر منذ نهاية الانتخابات الرئاسية لعام 2022، بعد علاقة اتسمت بالعديد من التوترات من كلا الجانبين. ويبدو أن النتائج الانتخابية المنخفضة المتتالية لإريك زمور قد عززت هذا التقارب.
لقد تمحورت ثروة مجموعة بولوريه في المقام الأول حول النقل والخدمات اللوجستية في أفريقيا. ففي القارة الأفريقية، كانت مجموعة بولوريه حاضرة في أكثر من 20 بلداً في القارة الأفريقية، مع شبكة من ستة عشر امتيازاً للموانئ والمستودعات ومنصات الطرق والسكك الحديدية.
وبقدر ما حقق ثروته في القارة السمراء، إلا أنه وغالباً ما كانت استثماراته موضع جدل بسبب ظروف العمل والأجور المتدنية للعمال الأفارقة، فضلاً عن الفضائح البيئية التي نشأت عن أنشطته المختلفة، لا سيما في قطاع إنتاج زيت النخيل.
وقد تركت مجموعة بولوريه قطاع الخدمات اللوجستية في أفريقيا، فقد باع فانسون بولوريه بنيته التحتية وعمله الذي استمر لأكثر من 30 عاماً، من خلال بيع شركته التابعة "بولوريه أفريقيا للخدمات اللوجستية" إلى شركة "إم إس سي" الإيطالية السويسرية المالكة للسفن بمبلغ 5.7 مليار يورو. ومع ذلك، ظل فانسون بولوريه يتمتع بحضور في القارة الأفريقية، لاسيما مع قناة "كنال بلوس" التلفزيونية التي تقدّم برامج في السنغال وكوت ديفوار والكاميرون ومالي.
فقد كانت "بولوريه أفريكا لوجستيكس" في قلب شبهة فساد في توغو وغينيا، كلّفتا المجموعة في 2021 غرامة قدرها 12 مليون يورو للقضاء الفرنسي وملاحقات من الوكالة الفرنسية لمكافحة الفساد.
وقالت المجموعة المساهمة في "فيفيندي" أيضا إنها "ستبقي على وجود كبير في إفريقيا لا سيما من خلال قناة "كنال+"، وستواصل أيضًا تطوراتها في هذه القارة في عدد من القطاعات مثل الاتصالات والترفيه والاتصالات والنشر".
وفي عام 2010، أطلقت أربع منظمات غير حكومية، بما في ذلك منظمة "شيربا" الفرنسية، إجراءً أوليًا ضد مجموعة بولوريه، من خلال تقديم التماس إلى نقطة الاتصال الوطنية الفرنسية (وهي هيئة تدافع عن مبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للسلوك الجيد للشركات)، أدى هذا الإجراء في عام 2013، إلى وساطة بين المنظمات غير الحكومية ومجموعة بولوريه، تم خلالها وضع خطة عمل لحماية المجتمعات المحلية.
ومن القضايا الأخرى، تهم الفساد الموجهة ضد فانسون بولوريه واثنين من المقرّبين منه من شركة هافاس، وهي شركة تابعة لبولوريه. ففي عام 2013 فُتح تحقيق قضائي ضد المجموعة الفرنسية للاشتباه في قيامها بالترويج لإعادة انتخاب رئيس توغو، فوري غناسينغبي، ووصول رئيس غينيا، ألفا كوندي، إلى السلطة من خلال شركة هافاس التابعة لها في مجال الدعاية والإعلان، والتي يُزعم أنها تقاضت مبالغ أقل من قيمتها مقابل خدماتها. في المقابل، يُزعم أن الزعيمين الإفريقيين سمحا لفانسون بولوريه باستعادة امتيازات مينائي لومي وكوناكري.
وفي جوان 2019، ألغت محكمة الاستئناف في باريس الإجراءات المتعلقة بغينيا على أساس أنها سقطت بالتقادم. ومع ذلك، ظلت مجموعة بولوريه ورئيسها التنفيذي فانسون بولوريه واثنين من شركائه المقربين قيد المحاكمة في قضية توغو.
وأثناء المحاكمة في 26 فيفري 2021 أمام محكمة باريس، اعترف الرجال الثلاثة بالتهم الموجهة إليهم في توغو وغينيا. واعترفوا بالذنب في توغو بتهمة رشوة موظف عمومي أجنبي والتواطؤ في خيانة الأمانة في توغو، ووافقوا على دفع غرامة قدرها 375,000 يورو.
غير أن هذا الإجراء الذي تم التفاوض بشأنه مسبقًا مع مكتب المدعي العام المالي، والذي كان يهدف إلى تجنب المحاكمة، رفضته محكمة باريس القضائية التي اعتبرت أن الوقائع خطيرة للغاية، ووافقت المحاكم الفرنسية على دفع غرامة قدرها 12 مليون يورو لإنهاء الإجراءات ضد المجموعة. ومع ذلك مع توجيه القضية أمام محكمة جنائية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الناطقة باسم الحكومة الفرنسية تهين ماكرون
الناطقة باسم الحكومة الفرنسية تهين ماكرون

الخبر

timeمنذ 5 أيام

  • الخبر

الناطقة باسم الحكومة الفرنسية تهين ماكرون

يعيش الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نهاية عهدة ثانية صعبة، بعد أن فقد الأغلبية في البرلمان عقب قراره بحله (البرلمان) العام الماضي. وبعد أن أطيح بحكومة ميشال بارنيي، يوم 4 ديسمبر الماضي، استطاع أن يضمن استقرارا حكوميا نسبيا بتعيين فرنسوا بايرو، غير أنه سياسيا فقد الكثير من هيبته بعد أن صار محل انتقاد وزرائه القادمين من أحزاب أخرى مثل حزب "الجمهوريين". وكانت البداية مع برونو روتايو، وزير الداخلية، الذي انفرد بتسيير ملف الأزمة مع الجزائر، وذهب إلى حد التهديد بالاستقالة، إن لم يتم تطبيق خطته "الرد التدريجي"، ما وصفه متابعون بـ "إهانة" للرئيس ماكرون. وآخر ضربة، جاءت اليوم الثلاثاء، من الناطقة باسم الحكومة وعضوة مجلس الشيوخ الفرنسي عن حزب "الجمهوريين، سوفي بريما، فخلال استضافتها في قناة "سي نيوز" الاخبارية، ردت على سؤال حول وضع وزير الداخلية برونو رتايو، بعد فوزه برئاسة الحزب الذي تنتمي إليه، قالت "المسألة المطروحة ليست أن تكون معارضا للماكرونية، الماكرونية ستعرف نهايتها خلال الأشهر المقبلة مع نهاية العهدة الثانية، المسألة هي كيف نعيد البناء بعد ذلك". "Le macronisme trouvera probablement une fin dans les mois qui viennent" déclare @sophieprimas #LaGrandeITW #Europe1 — Europe 1 (@Europe1) May 20, 2025 ويفهم من كلام الناطقة الرسمية للحكومة، أن "الماكرونية" التي تحيل لمن اختاروا مساندة إيمانويل ماكرون، منذ اعتلائه سدة الحكم سنة 2017، ما هي إلا "فقاعة سياسية" ستختفي برحيل من تحمل اسمه، عن الحكم سنة 2027 . وأيضا لما تقول "نعيد البناء.." فيعني هذا أن ماكرون سيترك فرنسا في حالة يرثى لها تستوجب إعادة البناء. التصريحات أثارت سخط وجوه بارزة من "الماكرونية" مثل وزيرة المساواة بين الرجل والمرأة، أورور برجي، التي قالت عبر منشور في منصة "إكس"، إن "الماكرونية" باقية حتى بعد سنتين أي بعد الرئاسيات المقبلة التي لا يستطيع ماكرون المشاركة فيها بسبب منع الدستور الترشح أكثر من عهدتين متتاليتين. ويرى متابعون أن فوز روتايو برئاسة حزب "الجمهوريين" سيدفعه للابتعاد أكثر عن الرئيس إيمانويل ماكرون، ليبني لنفسه صورة معارض لحكم الرئيس الفرنسي تحسبا لرئاسيات 2027. ما يؤكد أن الصدام بين وزراء روتايو و"الماكرونية" وحتى ماكرون نفسه سيعرف انتعاشا خلال الأشهر المقبلة، ما يجعل نزيل قصر الإليزيه يتلقى ضربات مهينة بعد الأخرى.

الإعلام الفرنسي والازدواجية "عيني عينك"
الإعلام الفرنسي والازدواجية "عيني عينك"

الخبر

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • الخبر

الإعلام الفرنسي والازدواجية "عيني عينك"

لا تكترث وسائل الإعلام في فرنسا في اظهار ازدواجيتها بلا خجل، فأقامت الدنيا لأيام طويلة منذ حوالي أسبوعين بعد أن قام مراهق بشتم حاخام في مدينة ستراسبوع، لكنها غضت الطرف عن مقتل شاب مسلم داخل مسجد بـ 50 طعنة سكين من قبل متطرف معاد للإسلام. هذا التعامل يدخل في منطق الأشياء، فوسائل الإعلام الفرنسية ساهمت بقسط وفير خلال السنوات الأخيرة في تغذية "الإسلاوفوبيا"، بتخصيص ساعات وساعات من برامجها اليومية لكل ما يمكن أن يسهم في "شيطنة" الإسلام والمسلمين، بمساعدة طبقة سياسية مجندة لذلك باستثناء اليسار وفي مقدمته حزب "فرنسا الأبية". فيحسب لها (وسائل الإعلام) أنها لم تمش في جنازة من قتلت. ويمكن اعتبار الشاب أبو بكر الذي قضى نحبه على يد عنصري في منطقة "لوغار"، أحد ضحايا حملة بروباغاندا ممنهجة، قادتها قناة "سي.نيوز" لمالكها الملياردير فانسان بولوري وأيضا "بي.أف.أم.تي.في". فقناة الملياردير، ظلت تمنح حيزا واسعا للعنصري ايريك زمور، قبل أن يتفرغ للسياسة عبر تأسيس حزب، رغم ادانته من قبل القضاء الفرنسي بتهم العنصرية والتحريض على الكراهية بسبب تصريحات أغلبها ضد المسلمين والمهاجرين. كما أن وسائل الإعلام بفرنسا لم تكتف بصب الزيت على نار الكراهية ضد الإسلام، بل وجهت أيضا سهامها ضد كل من يدافع عن المسلمين والمعاملة التي يتعرضون لها في فرنسا. فأصبح حزب جون لوك ميلونشون، "فرنسا الأبية"، محل حملة شعواء يتهم خلالها بالدفاع عن المسلمين لاستقطاب أصواتهم في الاستحقاقات الانتخابية. والخوف كل الخوف، أن تفتح هذه الجريمة العنصرية والسكوت الذي رافقها من قبل الإعلام والطبقة السياسية الفرنسية، شهية متطرفين يتخلصون يوما بعد يوم في فرنسا عن كل العقد وصاروا يجهرون بكراهيتهم للمسلمين والأجانب، ويومها ستكون أيادي من يعتبرون أنفسهم في طليعة الإنسانية والدفاع عن حرية التعبير ملطخة بالدماء.

إجماع في فرنسا على أن وزيرا هزم رئيس الدولة
إجماع في فرنسا على أن وزيرا هزم رئيس الدولة

الشروق

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • الشروق

إجماع في فرنسا على أن وزيرا هزم رئيس الدولة

لخص 'كاريكاتور' بصحيفة 'لوكانار أونشيني' الفرنسية الساخرة بطريقة مثيرة دور وزير الداخلية الفرنسي ذي التوجهات اليمينية المتطرفة، برونو روتايو، في سحب العلاقات الجزائرية الفرنسية نحو أفق مظلم، وهو الموقف الذي خلصت إليه مواقف السلطات الجزائرية قبل وبعد حدوث القطيعة. وبلغة ساخرة علقت 'لو كانار أونشيني'، على قرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون سحب سفيره من الجزائر والرد بالمثل على قرارها بطرد 12 موظفا يعملون في السفارة الفرنسية بالجزائر، صورة لوزير الداخلية برونو روتايو مبتسما وعلقت قائلة: 'ساءت الأمور بشكل ممتاز'، في إشارة واضحة إلى الدور البارز الذي لعبه هذا الوزير في تدمير العلاقات الثنائية. ولم يكن اتهام السلطات الجزائرية للوزير روتايو بتفخيخ العلاقات بين البلدين، مجرد تجنّ أو توصيف غير دقيق لحالة الاحتقان التي خيمت على محور الجزائر ـ باريس، بل أصبح قناعة لدى الكثير من الفرنسيين أنفسهم، حتى ولو حاول وزير أوروبا والشؤون الخارجية ذاته، جون نويل بارو، تبرئة زميله في الحكومة من الوضع الذي آلت إليه العلاقات الثنائية في حوار خص به إذاعة فرنسا الدولية 'فرانس أنتر' غداة حدوث القطيعة بين البلدين. وليس أدل على ذلك، مما أفرزه النقاش في بلاطو قناة 'سي نيوز' المحسوبة على اليمين المتطرف، والذي خلص إلى أن الدبلوماسية الفرنسية وهي تتعاطى مع التصعيد الحاصل مع الجزائر، كان يتجاذبها تياران، الأول يقوده رئيس الدولة، إيمانويل ماكرون، ويدعو إلى التهدئة، في حين كان التيار الثاني ويمثله وزير الداخلية، برونو روتايو، ويدعو إلى التصعيد، وقد انتصر أنصار الخيار الثاني. والمثير في الأمر هو أن التيار الذي يقوده وزير الداخلية، انتصر على التيار الذي يقوده رئيس الدولة، وهذا يعتبر مفارقة غريبة، لأن ماكرون حاول عند اشتداد الأزمة، سحب ملف الجزائر من أيدي روتايو، وهو الذي يفترض أن لا صلاحية ولا منفذ للولوج إليه، انطلاقا من الصلاحيات الدستورية المخولة للطرفين، مع الفرق الشاسع في المقارنة بين المنصبين، ولاسيما إذا أدرك المراقب بأن النظام السياسي في فرنسا هو نظام رئاسي. ومن دون إغفال إمكانية احتمال فرضية تبادل الأدوار بين الرئيس ماكرون ووزير داخليته، لإرباك صانع القرار في الجزائر في خضم أزمة طاحنة وغير مسبوقة منذ إنهاء الاستعمار الفرنسي قبل أزيد من ستة عقود، تبقى فرضية ضعف الرئيس الفرنسي حاضرة بقوة، بسبب تراجع شعبيته وفقدانه الأغلبية البرلمانية في الانتخابات البرلمانية المسبقة التي دعا إليه الصائفة المنصرمة، ما اضطره إلى التحالف مع تيار يميني حاقد على الجزائر، لا يزال مترنحا من هزيمة سياسية وعسكرية وأخلاقية أمام الشعب الجزائري العنيد. غير أن تصريحات يمكن اعتبارها فلتة من برونو روتايو، صدرت عنه بعيْد ساعات معدودات من قرار ماكرون سحب سفير بلاده من الجزائر وتفعيل قرار المعاملة بالمثل مع الجزائر، ترجح فرضية وزير الداخلية 'القوي'، أمام رئيس الدولة 'الضعيف'، فقد جزم في حوار مع قناة 'سي نيوز' ذات التوجهات اليمينية المتطرفة، ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، بأن المصالح الخاصة الجزائرية هي التي دبرت عملية الاختطاف المزعومة لرعية جزائري هارب من العدالة على التراب الفرنسي. وقال في الحوار: 'إنه 'من غير المقبول، ومن غير المستساغ حقا، أن تكون فرنسا ساحة لعب للمصالح الخاصة الجزائرية'، في إشارة إلى مزاعم الاختطاف التي تروج لها سلطات باريس، في حين لا تزال هذه القضية بين أيدي العدالة، في انزلاق خطير يكشف أن استقلالية القضاء في فرنسا مجرد مسوغ لتصفية الحسابات مع الدول الأخرى، لأنه بهذا التصريح تدخل في قرارات العدالة بمحاولته تثبيت تهمة لم تحدث أبدا، ضد متهم بريء إلى أن تثبت إدانته، فضلا عن كون هذا الشخص يتمتع بالحصانة الدبلوماسية استنادا إلى اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لسنة 1963. وسبق لفرنسا أن شهدت حادثة تورط دبلوماسي من دولة الزائير في سنة 1996 في مقتل طفلين فرنسيين، غير أنها لم تسارع في القبض عليه، وتركته يغادر التراب الفرنسي من دون عناء، لتمتعه بالحصانة الدبلوماسية، وهي الحادثة التي تعري سياسة الكيل بمكيالين التي وظفتها فرنسا في التعاطي مع الجزائر، ولحسن الحظ فإن الرد الجزائري كان في مستوى التهور الفرنسي وربما تجاوزه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store