logo
الناتو و الحرب بين إسرائيل وإيران

الناتو و الحرب بين إسرائيل وإيران

الجزيرةمنذ 5 ساعات

بروكسل- "الناتو يركز على منطقة أوروبا والأطلسي، لذا فإن الوضع الحالي بين إسرائيل وإيران لا يندرج ضمن نطاق عمل الحلف. ومع ذلك، فإن الحلفاء الأفراد يتعاملون مع هذه الأزمة، بما فيهم الولايات المتحدة، وهذه حالة تتطور بسرعة، لذا فأنا متردد قليلا في التعليق".
كان هذا هو الرد الرسمي الذي تلقته الجزيرة نت من المكتب الإعلامي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل إجابة عن سؤال بشأن موقف الحلف تجاه الحرب بين إيران وإسرائيل.
ويعكس ذلك، وما سبقه من تصريحات مماثلة أدلى بها الأمين العام لحلف الناتو مارك روتّه، الحرج المؤسسي داخل الحلف حيال التصعيد بين إسرائيل وإيران، الذي "قد يصرف الاهتمام عن قضية أوروبا الرئيسية في أوكرانيا".
وفق المصالح
وخلف هذا الرد الحذر، تتباين المواقف داخل العواصم الأوروبية وبين أعضاء الناتو. ويقول الصحفي المعتمد داخل الإتحاد الأوروبي والناتو حسين الوائلي، إن "لكل دولة مصالحها وشراكاتها الجيوسياسية والطاقوية، ما يجعل الخروج بموقف موحّد أمرا معقدا".
ويضيف الوائلي للجزيرة نت أن هذا "التباين طبيعي بين دول تختلف مصالحها، لكنها تحاول الانصهار داخل كتلة واحدة".
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بروكسل البروفيسور كورت ديبوف، أن هذا الانقسام ينعكس في حلف الناتو، حيث نجد من جهة، أن ألمانيا وأميركا تدعمان إسرائيل بالكامل، فيما ترفض دول أخرى مثل تركيا وفرنسا وإسبانيا هذا الانحياز وتطالب بإدانة التصعيد الإسرائيلي.
ويبدو أن ردّ مارك روته، عكس الإرباك الأوسع في الموقف الأوروبي، غير القادر على ملاحقة توجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتسارعة وغير المبالية بمواقف شركائه.
وتفجَّرت شرارة هذه المواقف حين سخر ترامب من تصريحات نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن مغادرة الأول لقمة مجموعة السبع، حيث قال ماكرون: إن ترامب "غادر للعمل على وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل".
إعلان
ورد ترامب على منصة "تروث سوشيال" أن "ماكرون الباحث عن الشهرة، قال إنني غادرت قمة مجموعة السبع الصناعية للعودة إلى واشنطن لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. خطأ! ماكرون لا يعرف سبب عودتي، لكنه بالتأكيد ليس لوقف إطلاق النار. الأمر أكبر من ذلك بكثير، ماكرون دائما يخطئ. ترقّبوا".
ولم يكن هذا التوتر السياسي بين واشنطن وباريس مجرد سجال، بل عكس خللا أعمق في التنسيق الغربي، لا سيما داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يبدو الناتو الآن عالقا بين جبهتين مفتوحتين؛ حرب لم تُحسم في أوكرانيا، وتصعيد إقليمي متفجر في الشرق الأوسط.
تباين المواقف
ويعلق الخبير الأميركي وعميد معهد السياسة العالمية في واشنطن، الدكتور جيمس إس روبنز قائلا "ليس من الواضح ما إذا كان هذا التباين حقيقيا".
ويضيف للجزيرة نت أن "رئيس الجمعية البرلمانية لحلف الناتو دعا للتهدئة، كما أظهر الاتحاد الأوروبي رغبته في الحلول الدبلوماسية بدلا من القوة، لكن دول الاتحاد تبدو أكثر تعاطفا مع إسرائيل مقارنة بموقفها تجاه الحرب في غزة".
من جانبه، يوضح الأكاديمي ديبوف هذا التعاطف، ويقول إن "الانحياز الأوروبي لإسرائيل ليس جديدا"، مضيفا للجزيرة نت "أن بعض الدول الأوروبية، كألمانيا وهولندا والنمسا، لا تزال تشعر بثقل الذنب تجاه الهولوكوست، ولهذا فهي تدعم إسرائيل مهما فعلت، ونرى ذلك يتجلى بوضوح في تصريحات أورسولا فون دير لاين الألمانية رغم موقعها الأوروبي".
ويرى مراقبون أنه في حال وقوع مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران، فإنه لا نية لدول الناتو بالتدخل. ويقول روبنز "لا يوجد سيناريو لتدخل قوات الناتو جماعيا، لكن إذا تعرّضت أميركا لهجوم، فقد تلجأ إلى المادة الخامسة من ميثاق الناتو، وربما تردّ بريطانيا".
ويضيف أن "الرئيس ترامب مستعد أن تتصرف الولايات المتحدة بشكل منفرد لتحقيق هدفه الأساسي، وهو إنهاء البرنامج النووي الإيراني".
في المقابل، لا يرى ديبوف أن أي دولة أوروبية ستشارك أميركا في عملية عسكرية ضد إيران، لأن "أميركا ربما هي الدولة الوحيدة التي تمتلك الأسلحة المناسبة لضرب منشآت نووية إيرانية، وليس فرنسا أو بريطانيا".
ورغم ذلك، يقول روبنز إن كلا من فرنسا وبريطانيا ساعدتا إسرائيل فعلا في التصدي لهجمات الصواريخ الإيرانية، كما شاركتا مؤخرا في عمليات ضد الحوثيين.
كما نشرت بريطانيا طائرات تايفون وطائرات تزود بالوقود في المنطقة، "ما يعني أنها تملك القدرات الكافية للمشاركة في الضربات".
ورغم ذلك، أعلنت بريطانيا أنها قد تدعم أي عمل ضد إيران، لكن "دون تأكيد المشاركة". أما فرنسا فقد تستمر في اتخاذ إجراءات دفاعية، لكن من غير المرجح أن تخوض معركة مباشرة.
الوساطة بالدبلوماسية
ويعتقد متحدثون أن غياب الإرادة لاتخاذ موقف أوروبي مما يحدث في غزة ألحق ضررا بالغا بمصداقية الاتحاد الأوروبي، بل وعلى مستوى العالم، ويقول ديبوف "اليوم أكثر من أي وقت مضى، يبدو خطاب الاتحاد عن الديمقراطية وحقوق الإنسان فارغا وسطحيا".
ويضيف أن جميع الاتفاقيات التجارية للاتحاد تتضمن شروطا متعلقة بحقوق الإنسان، "لكن يبدو أن العالم بدأ يردّ على هذا النفاق".
إعلان
من جهته، يرى حسين الوائلي، أن الاتحاد الأوروبي يهتم كثيرا بالدبلوماسية وفتح قنوات إنسانية، لكنه لا يملك القدرة على إقناع إسرائيل بالتهدئة، مشيرا إلى الضغوط الكبيرة على المستوى الإنساني لإدخال مساعدات إلى غزة.
بدوره، يتابع روبنز أن الاتحاد الأوروبي أصدر تصريحات تُعبّر عن استيائه من سلوك إسرائيل في غزة، لكنه لم يُعارض بوضوح الضربات الإسرائيلية ضد إيران. وختم قائلا "يبدو أن أوروبا تتعاطف مع غزة، لكنها ترى في إيران النووية تهديدا مباشرا وخطيرا".
وفي سؤال حول ما إذا كان يمكن لأوروبا أن تلعب دور الوسيط، يرى ديبوف، أن هناك بالفعل قدرا لا بأس به من الاتصالات بين إيران وأميركا، وكل ذلك يتم عبر الاتحاد الأوروبي وعُمان، لكنه يشكك في جدوى هذا الدور، معتبرا أن الولايات المتحدة لا تحتاج فعليا إلى الاتحاد الأوروبي في هذا الأمر.
وفي المقابل، يرى حسين الوائلي أن الاتحاد الأوروبي قد يدفع بحالة انصهار دبلوماسي، لكن تبقى لكل عضو فيه خياراته. ويقول إن هناك رغبة حقيقية بدعم أميركا وإسرائيل، خاصة من فرنسا وألمانيا، لكن كثيرا من الدول تخاف على مصالحها ولا تريد إعلان ذلك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

النفط والذهب يواصلان الارتفاع مع تصاعد حرب إسرائيل وإيران
النفط والذهب يواصلان الارتفاع مع تصاعد حرب إسرائيل وإيران

الجزيرة

timeمنذ 25 دقائق

  • الجزيرة

النفط والذهب يواصلان الارتفاع مع تصاعد حرب إسرائيل وإيران

ارتفعت أسعار النفط اليوم الخميس بعد أن قالت إسرائيل إنها هاجمت مواقع نووية إيرانية في نطنز وآراك خلال الليل، في وقت يترقب فيه مستثمرون بقلق احتمالات توسع نطاق الصراع في الشرق الأوسط بما يعطل إمدادات الخام. وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 0.23% إلى 76.88 دولارا للبرميل، في أحدث تعاملات بعد أن ارتفعت 0.3% في الجلسة السابقة عندما شهدت الأسعار تقلبات شديدة أدت إلى انخفاضها بما وصل إلى 2.7% خلال التعاملات. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.59% إلى 75.58 دولارا للبرميل بعد أن سجل ارتفاعا عند التسوية بنسبة 0.4% في الجلسة السابقة، التي انخفضت فيها الأسعار بنسبة بلغت 2.4%. وقال محلل السوق لدى "آي جي" توني سيكامور في مذكرة "لا تزال هناك علاوة مخاطرة جيدة في السعر مع ترقب المتعاملين لمعرفة ما إذا كانت المرحلة التالية من الصراع الإسرائيلي الإيراني هي ضربة أميركية أم محادثات سلام". وقال بنك غولدمان ساكس أمس الأربعاء إن علاوة المخاطر الجيوسياسية التي تبلغ حوالي 10 دولارات للبرميل لها ما يبررها بالنظر إلى انخفاض الإمدادات الإيرانية ومخاطر من اضطراب أوسع نطاقا قد يدفع خام برنت فوق 90 دولارا. ولم يوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأربعاء للصحفيين قراره بشأن الانضمام إلى إسرائيل في شن هجمات على إيران. و إيران هي ثالث أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إذ تنتيج نحو 3.3 ملايين برميل يوميا من النفط الخام، لكن الأهم من ذلك هو مرور نحو 19 مليون برميل يوميا من الخام والمنتجات النفطية عبر مضيق هرمز الذي تُطل عليه إيران ويمر عبره معظم صادرات النفط في منطقة الخليج، ويتصاعد القلق من أن يتسبب القتال في تعطيل التدفقات التجارية من هناك. وأبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة الأميركية دون تغيير أمس الأربعاء، لكنه توقع خفضها مرتين بحلول نهاية العام. ومن شأن خفض أسعار الفائدة تحفيز الاقتصاد، وبالتالي زيادة الطلب على النفط، لكن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم التضخم. الذهب ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس مع دخول الصراع بين إسرائيل وإيران يومه السابع، وسجل البلاتين أعلى مستوى في أكثر من 10 سنوات وسط توقعات بنقص الإمدادات. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.1% إلى 3369.6 دولارا للأوقية (الأونصة)، في حين انخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.7% إلى 3384 دولارا. وقال تيم ووترر كبير محللي السوق في "كيه سي إم تريد": حقق الذهب انتعاشا متواضعا مع ترقبنا للخطوات التالية في الصراع الإسرائيلي الإيراني. إذا قررت الولايات المتحدة التدخل بشكل مباشر في الصراع، فقد يزيد ذلك من المخاطر الجيوسياسية. وغالبا ما يستخدم الذهب ملاذا آمنا لحفظ القيمة في أوقات الضبابية الجيوسياسية والمالية. وظل التوتر الجيوسياسي متصاعدا مع إحجام ترامب أمس الأربعاء عن تأكيد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في قصف المواقع النووية والصاروخية الإيرانية، مما دفع سكان طهران إلى النزوح من العاصمة. وقال مسؤولان أميركيان لرويترز أمس الأربعاء إن جيش بلدهما نقل بعض الطائرات والسفن من قواعد في الشرق الأوسط قد تكون عرضة لأي هجوم إيراني محتمل. وكان أداء المعادن النفيسة الأخرى كالتالي: تراجع البلاتين 2.6% ليصل إلى 1289.20 دولارا. زاد البلاديوم 0.87% إلى 1039.15 دولارا. انخفضت الفضة 0.85% عند 36.42 دولارا.

إسرائيل تعتّم على خسائر الصواريخ الإيرانية وبن غفير يهاجم "شبح" الجزيرة
إسرائيل تعتّم على خسائر الصواريخ الإيرانية وبن غفير يهاجم "شبح" الجزيرة

الجزيرة

timeمنذ 41 دقائق

  • الجزيرة

إسرائيل تعتّم على خسائر الصواريخ الإيرانية وبن غفير يهاجم "شبح" الجزيرة

أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الشرطة أوقفت بث وسائل إعلام أجنبية من مواقع سقوط الصواريخ التي أطلقتها إيران اليوم الخميس وتسببت بدمار كبير خاصة في تل أبيب، في وقت هاجم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير مجددا قناة الجزيرة. وقالت الشرطة الإسرائيلية، الخميس، إنها نشرت وحدات دورية لوقف بث وسائل إعلام أجنبية كانت توثق مواقع سقوط الصواريخ الإيرانية. وأضافت في بيان أنه "بعد تلقي بلاغات عن قيام وسائل إعلام أجنبية بتوثيق مواقع سقوط المقذوفات، وكشف المواقع الدقيقة للسقوط، تم إرسال دوريات من شرطة إسرائيل لإيقاف البث، بما في ذلك وكالات أنباء كانت تنقل عبرها قناة الجزيرة بثًا غير قانوني"، وفق زعمها. وذكرت الشرطة أن الخطوة جاءت "بناءً على سياسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وبتوجيه من المفوض العام للشرطة داني ليفي، وبالتعاون مع وزير الاتصالات شلومو كَرعي، ومن أجل الحفاظ على سلامة وأمن مواطني دولة إسرائيل". في السياق أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن الشرطة اعتقلت أحد المصورين بزعم أنه يصور لقناة الجزيرة. بدوره، قال بن غفير "لن نسمح لقناة الجزيرة بأن تبث من إسرائيل وهي تشكل خطرا على أمننا"، ودعا للإبلاغ عن أي شخص يتابع القناة، دون أن يشير إلى العواقب التي سيواجهها ذلك الشخص أو الجرم الذي سيوجه له. وقبل بدء بن غفير تصريحاته من أحد المواقع التي استهدفتها صواريخ إيرانية اليوم تساءل "هل هناك أحد من الجزيرة؟". وكانت الحكومة الإسرائيلية صادقت في مايو/أيار 2024 على اقتراح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الاتصالات شلومو كرعي بإغلاق مكاتب قناة الجزيرة في إسرائيل، ليدخل القرار حيز التنفيذ بشكل فوري بتوقيع وزير الاتصالات، بموجب ما أطلق عليه " قانون الجزيرة". وأطلقت إيران صباح اليوم الخميس دفعة صواريخ ومسيرات جديدة باتجاه مناطق واسعة من إسرائيل هي الأكبر خلال 48 ساعة، مما أسفر عن إصابة 137 شخصا على الأقل، وتسبب بدمار واسع داخل تل أبيب من بينها مقر البورصة. ويشهد الداخل الإسرائيلي جدلا واسعًا حول حقيقة الخسائر التي تكبدتها إسرائيل نتيجة الهجمات التي تشنها إيران في العمق الإسرائيلي، وسط اتهامات للحكومة والجيش بتعمد التعتيم، وظهور أصوات تشكك في قدرتهما على حماية المدنيين ومنع تصاعد الهجمات الإيرانية. ومنذ بدء المواجهة الجارية مع إيران قبل نحو أسبوع، تفرض إسرائيل تعتيما على المواقع المستهدفة بصواريخ إيرانية، وسبق أن اعتبرت الجبهة الداخلية التابعة للجيش أن نشر فيديوهات لتلك المواقع يعد مساعدة للعدو (إيران) في خضم القتال. وفتحت الشرطة الإسرائيلية، مساء الاثنين تحقيقا ضد أشخاص صوروا منطقة ميناء حيفا (شمال)، بعد استهدافها بصواريخ إيرانية، بينما دهمت قواتها مواقع إقامة فرق قنوات تلفزيونية في حيفا أيضا . ومنذ فجر الجمعة، بدأت إسرائيل، وبدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران، سمته " الأسد الصاعد" وقصفت خلاله منشآت نووية وعسكرية بمناطق مختلفة، واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين، كما استهدفت مقار مدنية وسيادية من بينها مبنى التلفزيون الرسمي. ومساء اليوم نفسه، بدأت إيران عملية سمتها " الوعد الصادق -3″ للرد على هذا الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والمسيّرات، أدت وفق المصادر الإسرائيلية حتى الآن لمقتل عشرات الإسرائيليين وإصابة المئات، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات في تل أبيب وحيفا وعدد من المدن. وفي آخر الإحصاءات، أعلنت القناة 12 الإسرائيلية اليوم أن الصواريخ الإيرانية منذ بدء الحرب في 13 يونيو/حزيران الجاري أدت إلى مقتل 24 وإصابة 838، وتسببت بإجلاء نحو 5 آلاف شخص من منازلهم.

ترامب وكواليس الحيرة الأميركية في حرب إسرائيل وإيران
ترامب وكواليس الحيرة الأميركية في حرب إسرائيل وإيران

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ترامب وكواليس الحيرة الأميركية في حرب إسرائيل وإيران

مساء الثلاثاء، بتوقيت العاصمة واشنطن، سادت أجواء من الترقب الدولي بانتظار ما إذا كانت الولايات المتحدة ستُعلن انخراطها العسكري إلى جانب إسرائيل في الحرب التي بدأتها قبل أسبوع، مستهدفة منشآت نووية وعسكرية داخل الأراضي الإيرانية. فالقائد الأعلى للجيش الأميركي الرئيس دونالد ترامب ، عاد إلى واشنطن بعد مغادرته المفاجئة لقمة مجموعة السبع في كندا، ليعقد اجتماعا مغلقا مع فريقه للأمن القومي، غير أن الاجتماع لم يفضِ إلى إعلان أو تغيير ملموس في نهج الإدارة الأميركية تجاه الأزمة المتصاعدة في الشرق الأوسط. وفي اليوم التالي، ترأس ترامب اجتماعا ثانيا في غرفة العمليات في البيت الأبيض، إلا أن الاجتماع انتهى أيضا دون قرار واضح، لتواصل واشنطن في إرسال إشارات متضاربة بشأن نيتها المشاركة في عملية " الأسد الصاعد". ضبابية في البيت الأبيض مع انطلاق أولى الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مواقع حيوية في العاصمة الإيرانية طهران، صرّح ترامب أنه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"تأجيل توجيه ضربة لإيران"، بهدف منح واشنطن مزيدا من الوقت لدفع المسار الدبلوماسي، على أمل التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران. في الأيام التالية، نفي الرئيس الأميركي أي تورط مباشر لإدارته في الغارات، أو تقديم دعم عسكري لإسرائيل. لكن في الوقت نفسه أشار، إلى أن "إيران أُعطيت مهلة 60 يوما وقد انتهى الموعد". ومع تسارع العمليات العسكرية الإسرائيلية، أخذ خطاب ترامب منحى آخر اتسم بالتناقض، ففي إحدى التصريحات، وجّه ضغطا علنيا على القيادة الإيرانية وطالبها بـ"الاستسلام غير المشروط"، ومشيرا إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي"هدف سهل"، قبل أن يستدرك: "لن نقتله، على الأقل ليس الآن". واعتبر مراقبون هذا التصريح تحولا من موقف الرفض المبدئي للضربات إلى القبول الضمني بها وربما تشجيعها. لاحقا، طرح عليه الصحفيون سؤالا مباشرا حول احتمال قيام الولايات المتحدة بضرب إيران، فكان رده: "قد أقوم بذلك، وقد لا أفعل. لا أحد يعرف ما الذي سأفعله"، وهو ما تم تداوله في وسائل الإعلام بأنه إشارة إلى إبقاء جميع السيناريوهات مفتوحة. ورغم تكرار محاولات الصحفيين استخلاص موقف واضح، حافظ ترامب على موقف حذر، قائلا: "أفضل اتخاذ القرار النهائي قبل موعده بثانية واحدة، خاصة في أوقات الحرب، حين تتأرجح الأمور بين طرفين متناقضين" مضيفا أن البعض لا يريد تدخلا أميركيا لكن من الممكن أن "نُجبَر على القتال لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي". وكان الرئيس الأميركي كتب منشورا على منصته "تروث سوشيال" رفع التوقعات بتدخل أميركي وشيك، حذر فيه الإيرانيين من البقاء في العاصمة طهران، داعيا إلى "إخلاء المدينة فورًا" دون تقديم توضيحات إضافية. وبحسب ما أوردته شبكة "سي إن إن"، فإن إدارة ترامب كانت في تلك اللحظات تتابع عن كثب الاتصالات الواردة من إسرائيل بشأن خططها لتوسيع نطاق الهجمات. وتشير المصادر إلى أن تحذير ترامب قد استند إلى إشارات ميدانية محددة نقلها حلفاء واشنطن في تل أبيب، مما عزّز احتمالات التصعيد. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء أن الرئيس ترامب أبلغ كبار مساعديه في وقت متأخر من يوم الثلاثاء أنه وافق على خطط هجوم على إيران، لكنه امتنع عن إصدار أمر نهائي لمعرفة ما إذا كانت طهران ستتخلى عن برنامجها النووي. لماذا التردد؟ يسعى ترامب في ولايته الثانية لترسيخ صورته كزعيم يؤمن بالسلام، ويدرك أن الناخب الأميركي لا يرغب في حروب خاصة في مناطق لا تشكل تهديدا إستراتيجيا مباشرا للولايات المتحدة. ويذهب محللون إلى أن التردد الظاهر في الموقف الأميركي يعكس صراعا داخل الدوائر المقربة لقائد الجيش. ففي حين يُحذر القادة العسكريون من الانجرار إلى صراع مفتوح مع إيران، ترى الدائرة السياسية المحيطة بترامب أن توجيه ضربات محدودة قد يكون كافيا لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات، وفق شروط أميركية أكثر صرامة. وتتباين مواقف صناع القرار في مبنى الكابيتول بين من يدعو إلى التروي في التدخل عسكريا، ومن يمارس ضغطا علنيا خاصة من أوساط اليمين المحافظ والجماعات المؤيدة لإسرائيل لدفع الرئيس نحو تدخل أوسع. وكان المستشار السابق لترامب ستيف بانون قد حذر من أن أي انخراط عسكري مباشر في الشرق الأوسط سيقوّض القاعدة الشعبية لترامب التي تأسست على "وعود بإنهاء التورط الخارجي وتقييد الهجرة غير الشرعية، وتقليص العجز التجاري". وكتب نائب الرئيس جيه دي فانس على منصة "إكس" مدافعا عن موقف الرئيس قائلا إنه أظهر تركيزا واضحا على "حماية قواتنا ومواطنينا"، مضيفا أنه "رغم تباين الآراء حول التدخل الأميركي، يبقى القرار النهائي بيد ترامب. وهذا هو واقع الحال. ما يجري في ذهن ترامب لا يمكن لأحد توقعه". لكن تقريرا نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخرا، كشف أبعادا أخرى لموقف الإدارة الأميركية، فبحسب الصحيفة، كان ترامب مترددا في بداية الأمر، لرغبته في إدارة الملف الإيراني وفق أجندته الخاصة، وليس تبعا لأجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم اطلاعه على تفاصيل الهجوم وخططه المستقبلية، بما في ذلك وجود قوات إسرائيلية سرية داخل الأراضي الإيرانية. وبحسب التقرير، لم يُقدّم ترامب أي التزامات مباشرة، لكنه قال لمساعديه في وقت لاحق: "أعتقد أننا قد نضطر إلى مساعدته" في إشارة إلى إمكانية دعم العملية إذا تصاعدت المواجهة. مسارات ترامب يجمع غالبية المراقبين للسياسات الأميركية أن مواقف ترامب في التعامل مع التصعيد الإيراني الإسرائيلي تسير ضمن 4 مسارات رئيسية، بعضها اتُّخذ بالفعل، بينما تبقى الأخرى مطروحة على طاولة القرار، وهي: الدعم غير المباشر: وهو المسار القائم والأقل كلفة سياسيا، إذ تُقدم واشنطن لإسرائيل دعما استخباريا وتسهيلات لوجستية، دون أن تنخرط بشكل مباشر في العمليات العسكرية الجارية. توجيه ضربة محدودة: يتضمن هذا الخيار تنفيذ عملية أميركية عسكرية تستهدف منشآت نووية أو بطاريات دفاع جوي إيرانية. يهدف إلى إرسال رسالة رادعة، دون الانزلاق إلى مواجهة. حملة جوية مشتركة: في هذا السيناريو، تنخرط الولايات المتحدة بشكل كامل إلى جانب إسرائيل في حملة جوية موسعة، قد تمتد أسابيع. المسار الدبلوماسي: وهو خيار لا يزال حاضرا في الداخل الأميركي، ويتضمن ممارسة ضغوط متزامنة على تل أبيب لتقليص نطاق هجماتها، وعلى طهران لاستئناف المفاوضات النووية. ويرى محللون أن ضبابية الموقف الأميركي لا ترتبط فقط بقرار التدخل، بل تتعداه إلى طبيعة الأهداف المحتملة في حال حصوله. إذ تتراوح الخيارات المطروحة بين استهداف منشآت نووية، وتقليص قدرات إيران الاستخباراتية، أو توجيه ضربة رمزية لهيكل القيادة السياسية الإيرانية، قد تطال المرشد الأعلى الإيراني. وأفادت تقارير إعلامية أميركية بأن الإدارة تدرس فعليا خيار الانضمام إلى العمليات الجوية، بما يشمل توجيه ضربة محتملة إلى منشأة فوردو النووية، إحدى أكثر المواقع الإيرانية تحصينا، مما يجعل استهدافها يتطلب قدرات جوية لا تملكها سوى الولايات المتحدة. وفي وقت سابق، أفادت أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن منشأة التخصيب الإيرانية المدفونة على عمق كبير في فوردو، والتي تقع في عمق الجبل "لم تتضرر إلا قليلا أو لم تتضرر على الإطلاق". وذكرت رويترز أنه في حين أن فوردو لا تحتوي إلا على نحو ألفي جهاز طرد مركزي قيد التشغيل، فإنه ينتج الغالبية العظمى من اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة تصل إلى 60%، باستخدام عدد أجهزة الطرد المركزي نفسه تقريبا مثل نطنز، لأنه يغذي اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 20% في تلك الشلالات، مقارنة بنحو 5% في نطنز بحسب وكالة الأنباء. إيران تلوّح بالرد في العاصمة الإيرانية طهران، أحدثت التصريحات الملتبسة للرئيس ترامب حالة من الارتباك والقلق بين المواطنين، ودفعت السلطات إلى رفع درجة الاستنفار داخل منظومات الدفاع الجوي، وتعزيز الاستعدادات في مواقع إستراتيجية تحسّبا لأي تطور. وهدد مسؤولون إيرانيون بالتلويح برد غير مباشر، مؤكدين استعداد بلادهم لاستهداف قواعد أميركية في المنطقة إذا ما قررت واشنطن الانخراط عسكريا في الهجمات التي تنفذها ضدهم. ورغم أن اللهجة الإيرانية تعكس استعدادا لمواجهة محتملة، فإن طهران تبدو حذرة، فهناك من يرى أن واشنطن تتبع تكتيكا يقوم على دفع إسرائيل إلى تصعيد محسوب، في محاولة لاستفزاز إيران ودفعها إلى رد عنيف، يُوظف لاحقًا كمبرر لتدخل أميركي محدود لكنه حاسم. وألقى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي خطابا متلفزا شنّ فيه هجوما على ترامب، وحذر من عواقب أي مغامرة عسكرية. وقال خامنئي "على الأميركيين أن يدركوا أن أي تدخل عسكري سيُلحق ضررا لا يمكن إصلاحه"، مضيفا أن "الأمة الإيرانية لن تخضع للابتزاز، ولن تستسلم". وفي سياق متصل، نقلت وكالة "رويترز" عن السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة تأكيده أن طهران أبلغت واشنطن رسميا بأنها سترد "بكل حزم" إذا ثبت وجود تدخل مباشر في الحملة العسكرية الإسرائيلية. كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، لقناة الجزيرة الإنجليزية قائلا: "أي تدخل أميركي سيكون سببا لحرب شاملة في المنطقة، تخلف عواقب كارثية على المجتمع الدولي بأسره". وعلى الجانب الآخر، لا يتوقف نتنياهو عن توجيه رسائل متكررة إلى البيت الأبيض أن الولايات المتحدة وحدها من تملك القدرة الحاسمة على إنهاء البرنامج النووي الإيراني"بلا رجعة". ويقرأ مراقبون هذه التصريحات على أنها محاولة لإقناع إدارة ترامب بتجاوز التردد والانضمام إلى حربه على إيران. ورغم الطبيعة الهجومية التي ميزت النهج الإسرائيلي في الملف الإيراني، فإن تل أبيب تتابع الموقف الأميركي بكثير من الحذر. فوفقا لتحليلات سياسية، تدرك القيادة الإسرائيلية أن المضي في تصعيد واسع من دون تنسيق واضح مع واشنطن قد يعرّض دعمها الدولي للخطر، ويقوّض شرعية حملتها العسكرية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store