
الصراعات تذكر العالم بحاجته إلى الطاقة التقليدية
لا يقتصر أي صراع على الجبهات العسكرية والصواريخ، بل يتحول غالباً إلى نقاش حول النفط والغاز، هذه الموارد التي أصبحت بمرور الزمن شريان الحياة للاقتصاد العالمي. هذا الشريان، على رغم أهميته، يعد من أكثر الأهداف هشاشة في أي نزاع، لماذا؟
يوضح المختص في الشؤون الدولية عزام الشدادي أن أمن الطاقة يختلف عن المنشآت النووية أو مراكز القيادة العسكرية التي تبنى عادة تحت الأرض وتحصن بعناية، فالبنية التحتية لقطاع الطاقة مكشوفة وممتدة، مما يجعلها عرضة للاستهداف السريع، ويضيف: "ضربة واحدة قد تخرج مصفاة نفط ضخمة من الخدمة لأسابيع أو حتى أشهر، مما يتسبب في شلل تدفق الطاقة لدولة بأكملها، وربما لسوق إقليمية واسعة".
ويتابع الشدادي "هجوم على منشأة واحدة قد يرفع أسعار النفط بنسبة تتراوح بين 10 في المئة و20 في المئة خلال ساعات، مما يؤثر مباشرة في التضخم، وتكاليف النقل، وأسعار الغذاء. بمعنى آخر، صاروخ يستهدف منشأة غاز لا يضرب خزانات فقط، بل يؤثر في حياة الناس حتى في قارات بعيدة، وذلك بفضل العولمة. وعلى رغم أن استهداف المنشآت يعتبر خطاً أحمر دولياً، فإن هذا الحد لا يحترم دائماً".
وعلى رغم الحديث عن الطاقة البديلة، يؤكد الشدادي في تسجيل صوتي مع "اندبندنت عربية" أن تاريخ الصراعات أثبت أهمية النفط والغاز، فتهديد أمن الطاقة يثير قلقاً عالمياً، حتى مع وجود مصادر جديدة مثل الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين، ويضيف: "التجربة العملية أظهرت أن هذه المصادر لا تلبي الطلب الحالي بصورة كاملة، ولا يمكنها أن تحل محل النفط والغاز حالياً، بل إن الطاقة البديلة تضاف تدريجاً إلى الطاقة التقليدية".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويوضح أن الانتقال إلى "صافي صفر انبعاثات" يتطلب استثمارات هائلة تتجاوز 200 تريليون دولار خلال العقود المقبلة، وحتى لو تحقق هذا الانتقال خلال 10 إلى 15 عاماً، فإن الطاقة التقليدية تظل الأرخص الأسرع، والأكثر قدرة على تلبية احتياجات المصنعين والمستهلكين. الفجوة التقنية والزمنية بين الطاقة التقليدية والبديلة لا تزال كبيرة، مما يجعل الاعتماد الكلي على الطاقة النظيفة صعباً، خصوصاً في أوقات الأزمات.
وفي ختام رسالته، يتساءل الشدادي: "لماذا لا نستثمر جزءاً من مئات التريليونات المخصصة لمشاريع الطاقة البديلة طويلة الأمد في تحسين كفاءة الطاقة التقليدية وتعزيز أمنها؟"، فالنفط والغاز يظلان العمود الفقري لنمو الاقتصادات وضمان استقرارها. هجوم على منشأة طاقة في أي مكان بالعالم قد يرفع فاتورة الكهرباء في أوروبا، أو يعطل الصناعة في آسيا.
لذلك يجب أن تكون حماية أمن الطاقة مسؤولية دولية مشتركة، تعتمد على الردع والتحصين والتخطيط الاستباقي، وليس على ردود أفعال متأخرة تأتي بعد فوات الأوان. أمن الطاقة ليس ملفاً تقنياً يناقش في غرف مغلقة، بل قضية استراتيجية تؤثر في استقرار العالم. من يستهدفه لا يخاطر فقط بإشعال حرب، بل يطلق سلسلة أزمات قد تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، ويدفع ثمنها الجميع.
Listen to "لماذا أمن الطاقة أكثر أهداف المعركة هشاشة؟" on Spreaker.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
النفط يواصل الارتفاع مع استمرار الصراع بين إيران وإسرائيل
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.11 دولار أو 2.88 بالمئة إلى 75.35 دولار للبرميل بحلول الساعة 1544 بتوقيت جرينتش، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.43 دولار أو 1.99 بالمئة إلى 73.20 دولار. وكان كلاهما ارتفع بأكثر من ثلاثة بالمئة في وقت سابق من الجلسة، لكنهما انخفضا قبل صعودهما من جديد في تداولات متقلبة. ولا توجد أي دلائل على تراجع في الإمدادات، لكن إيران أوقفت جزئيا إنتاج الغاز في حقل بارس الجنوبي الذي تشترك فيه مع قطر بعد غارة إسرائيلية أدت إلى اندلاع النيران هناك. واستهدفت إسرائيل أيضا مستودعا للنفط في إيران. وقال فيل فلين كبير المحللين لدى برايس فيوتشرز جروب إن استمرار تبادل الضربات الجوية بين إسرائيل وإيران أعاد المخاطر الجيوسياسية إلى أسواق النفط التي تُدرك بالفعل وجود توازن محدود بين العرض والطلب. وأضاف فلين "لن يكون حدثا عابرا، وإنما سيكون على الأرجح أشبه (بالحرب) بين روسيا وأوكرانيا". وقال أولي هانسن المحلل في ساكسو بنك "تشعر السوق بقلق كبير إزاء الاضطراب في مضيق هرمز، لكن خطر حدوث ذلك ضئيل جدا". وأضاف أنه لا توجد رغبة في إغلاق المضيق لأن إيران ستخسر ما يعود عليها من إيرادات، ولأن الولايات المتحدة تريد نزول أسعار النفط وخفض التضخم. واصطدمت ناقلتا نفط واشتعلت فيهما النيران اليوم بالقرب من مضيق هرمز، حيث تزايد التداخل الإلكتروني، مما يسلط الضوء على المخاطر التي تواجه الشركات التي تنقل إمدادات النفط والوقود في المنطقة. وعلى الرغم من احتمال حدوث تعطيل، هناك دلالات على أن إمدادات النفط ستظل وفيرة وسط توقعات بانخفاض الطلب. وفي تقريرها الشهري عن النفط الصادر اليوم الثلاثاء، خفضت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها للطلب العالمي على النفط 20 ألف برميل يوميا عن توقعات الشهر الماضي، ورفعت تقديراتها للإمدادات 200 ألف برميل يوميا إلى 1.8 مليون برميل يوميا. وقال تاماس فارجا المحلل لدى بي.في.إم أسوشيتس في مذكرة إن المستثمرين يركزون أيضا على قرارات أسعار الفائدة، مشيرا إلى أن من المقرر أن تناقش لجنة السوق المفتوحة الاتحادية الأمريكية الأسعار في وقت لاحق اليوم.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
بين التنديد والأمل... مشاعر متباينة للإيرانيين في المهجر
مع تصاعد الهجمات غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران، تتنازع إيرانيين في المهجر مشاعر متناقضة ما بين الأمل في تغيير النظام في طهران، والتنديد بعنف الحرب التي تحاصر أقرباءهم المقيمين في الجمهورية الإسلامية، وفق شهادات جمعتها وكالة الصحافة الفرنسية. سواء في فرانكفورت أم برلين أم لندن أم استوكهولم أم المنطقة الباريسية، يتساءل الإيرانيون بقلق حول مستقبل بلادهم والشرق الأوسط عموماً، على وقع التصعيد الذي بدأ بهجوم إسرائيلي واسع الجمعة الماضي، ورد طهران بإطلاق صواريخ ومسيرات، وأوقع التصعيد عدداً من الضحايا وألحق أضراراً فادحة حتى الآن. وقال حميد ناصري، الموظف في شركة أدوية ويقيم في فرانكفورت، العاصمة المالية لألمانيا، "أشعر بنزاع داخلي". وأضاف الرجل البالغ 45 سنة "أبكي بالطبع الضحايا في إيران"، لكن رؤية إسرائيل تهاجم "الحكومة الإسلامية المعروفة هي نفسها بأساليبها الوحشية، يبعث في قدراً من التفاؤل". ولخص هذه المشاعر المتضاربة، مشبهاً الوضع الحالي بوضع ألمانيا النازية المهزومة أمام الحلفاء في 1945، وقال "كان السؤال المطروح في ذلك الحين: هل هي هزيمة أم تحرير؟ اليوم إسرائيل تهاجم إيران: هل هو عدوان أم خلاص من النظام؟". لكنه يبقى "مقتنعاً بأن الديمقراطية الحقيقية تأتي من الداخل"، ولا تفرض من الخارج، وهو تحفظ يعبر عنه عدد من الإيرانيين. وقال أحدهم، وهو يدير مطعماً في فرانكفورت، "ينبغي أن يقرر الإيرانيون بأنفسهم كيف يتخلصون من رجال الدين، من دون تدخل أجنبي"، مبدياً "غضبه" حيال الضربات الإسرائيلية. ويرى حميد رضا جاودان، الممثل والمخرج المتحدر من طهران والمقيم في منطقة باريس، "إنها مسيرة التاريخ"، معرباً عن "أمله" في انتقال سياسي. وتشن إسرائيل منذ الـ13 من يونيو (حزيران) الجاري هجوماً على إيران غير مسبوق من حيث حجمه، مستهدفة على وجه الخصوص مواقع عسكرية ونووية، بهدف معلن هو منع طهران من امتلاك القنبلة الذرية، وترد الجمهورية الإسلامية التي تنفي سعيها إلى تطوير أسلحة ذرية، بإطلاق دفعات من الصواريخ على إسرائيل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقالت بهران كاظمي (42 سنة)، وهي مؤلفة كتب للأطفال سويدية إيرانية تقيم في استوكهولم، "كنت أخشى هذه للحظة منذ وقت طويل جداً، لكن مشاهد مدينتي تحترق تبدو لي خيالية". وقالت باريا (32 سنة)، وهي مديرة مطعم إيراني في لندن، "ثمة أبرياء يموتون، لكن الحرب تبدو الحل الوحيد حتى يحصل تغيير حقيقي، كم من التظاهرات جرت؟ ولم يحصل شيء"، في إشارة خصوصاً إلى التظاهرات التي أعقبت وفاة مهسا أميني أواخر عام 2022 وقابلتها السلطات الإيرانية بقمع شديد. وإن كانت والدتها منى (65 سنة) المقيمة في لندن منذ 30 عاماً تتمنى تغيير النظام، إلا أنها تبدي "قلقاً حيال ما سيلي ذلك"، ويقترن هذا الخوف من المجهول بالخشية على الأقرباء المقيمين في إيران. وقالت باريا "بعض أفراد عائلتي لم يردوا على رسائلنا، وآخرون غادروا طهران". وروى جاودان أن شقيقه اتصل به أمس الإثنين ليبلغه بأن الوضع يحتم إخلاء العاصمة، بعد إصدار الجيش الإسرائيلي إنذاراً، وقال "شقيقي من ذوي الاحتياجات الخاصة ولا يمكنه مغادرة طهران بسهولة، ثم هناك 10 ملايين نسمة في طهران، إلى أين سيذهبون؟". كذلك أبدى علي المقيم في لندن قلقه على عائلته، وقال "إنني مضطرب حقاً، لدي أقرباء في إيران، في كرمنشاه (غرب) التي تتعرض للقصف". وأضاف الرجل البالغ 49 سنة "لم أدعم يوماً النظام الإيراني، لا أحب هذا النظام"، لكن "من الذي سيعاني؟ الشعب". وقالت محامية سويدية إيرانية عمرها 34 سنة إن "إسرائيل لا تحترم القانون الدولي وارتكبت مذبحة في حق سكان غزة"، مضيفة "هذا يبعث قلقاً كبيراً من احتمال أن تخوض إسرائيل حرباً من النوع ذاته في بلدي الثاني إيران". وأكد مترجم إيراني في برلين، طلب عدم ذكر اسمه، أنه لا أمل لديه، وقال "فلتسقط هذه الحرب نظام رجال الدين، هذا ما أتمناه من كل قلبي، عندها لن يكون كل هؤلاء القتلى سقطوا سدى".


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
عالقون إسرائيليون في قبرص وخارجها يبحثون عن طريق العودة
رن جرس هاتف حاخام قبرص الأكبر باستمرار في الرابعة فجر يوم الجمعة الماضي، بعدها علم باندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران. ولدى وصوله بعد ثلاث ساعات إلى الكنيس الذي يخدم فيه، كان الشارع يعج بالإسرائيليين حاملين حقائبهم. وكان بعض هؤلاء على متن رحلات عودة إلى إسرائيل، لكنها حُوِّلت وجهتها إلى قبرص عند إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي فجأة. وكان آخرون يقضون عطلتهم في الجزيرة المتوسطية، وكان من المقرر أن يعودوا إلى إسرائيل خلال ذلك اليوم، لكنهم الآن عالقون من دون مأوى. وقال الحاخام الرئيس أرييه زئيف راسكين في مكتبه في لارنكا، "نشعر بألمهم. إنهم يمشون ويبكون. لديهم حاجات عائلية وطبية عاجلة". ويحاول راسكين مساعدة المسافرين الإسرائيليين، من خلال تنسيق البحث عن غرف متاحة في الفنادق وعروض الضيافة من العائلات اليهودية والقبرصية في الجزيرة. ونام بعض الناس في الكنيس. وتشير تقديرات وزارة النقل الإسرائيلية إلى أن أكثر من 50 ألف إسرائيلي عالقون في جميع أنحاء العالم يحاولون العودة إلى البلاد. ولا توجد طرق واضحة. فلا يزال المجال الجوي الإسرائيلي مغلقاً أمام الطيران المدني، فيما حثت الحكومة المواطنين على عدم العودة براً عبر الأردن أو مصر، وذلك لأسباب أمنية. وكانت لورا هوفمان، وهي مسؤولة مبيعات تنفيذية في شركة تكنولوجيا، عائدة من رحلة عمل إلى دالاس عندما حُوِّل مسار طائرتها إلى ولاية نيوجيرسي. لدى هوفمان ثلاثة أطفال، وزوجها مُستدعى للخدمة العسكرية الاحتياطية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وشقت طريقها إلى قبرص، ولكن بعد أيام من الانتظار من دون جدوى، لم تعد تطيق الأمر. تجاهلت النصيحة الرسمية، وسافرت جواً إلى الأردن رفقة بعض الأشخاص. وقالت لورا، "أنا في الغالب مع أمهات ونحن نمر بلحظات رغبة شديدة في لقاء أطفالنا بأي ثمن". وذكرت شركة "مانو ماريتايم" الإسرائيلية التي تدير السفينة السياحية الفاخرة "كراون إيريس" أنه في الفترة الراهنة، قد يكون الطريق البحري هو أفضل أمل للعالقين في قبرص. وستقوم السفينة بالعبور مرتين إلى حيفا بموجب خطة وافقت عليها السلطات الإسرائيلية. ويمكن للسفينة أن تقل 2000 راكب. رحلات جوية للإنقاذ والمبادرات لا تكفي على ما يبدو للتعامل مع الطلبات المرسلة. فقد دشنت شركة "طيران العال" الإسرائيلية موقعاً إلكترونياً للمسافرين الراغبين في العودة، لينضم أكثر من 60 ألف شخص على الفور إلى قائمة انتظار إلكترونية للتسجيل. وذكرت الشركة اليوم الثلاثاء أنها حصلت على إذن من الحكومة لبدء تسيير رحلات لإعادة العالقين في الخارج. وقالت الشركة إنها تتوقع تسيير رحلات إلى إسرائيل غداً الأربعاء من لارنكا وأثينا وروما وميلانو وباريس. وأضافت أن الرحلات ممتلئة وتم إخطار الركاب الذين حصلوا على مقاعد. وقالت وزيرة النقل الإسرائيلية ميري ريجيف أمس الإثنين إن الحكومة تعمل مع الجيش وشركات الطيران على خطة لإعادة الجميع سالمين في عملية تدريجية ومنسقة، لكنها حذرت من أن الأمر سيستغرق وقتاً. وقالت ريجيف في تصريحات أثارت استياء بعض المسافرين العالقين "أقول للمواطنين: لا داعي للقلق. أنتم في الخارج، استمتعوا بوقتكم. أعلم أن الأمر ليس سهلاً". وكان زوهار برونفمان، الرئيس التنفيذي لشركة "بيكان" للذكاء الاصطناعي والأب لثلاثة أطفال، عائداً من رحلة عمل إلى سان فرانسيسكو عندما ألغيت رحلته، وسافر إلى أثينا مع زملائه الراغبين في العودة إلى إسرائيل.