
«هيومن رايتس»: الجيش السوداني استخدم قنابل غير موجهة وقتل مدنيين بنيالا
قالت منظمة 'هيومن رايتس ووتش'، إن القوات المسلحة السودانية استخدمت قنابل غير موجهة أُلقيت جوا لشن هجمات على أحياء سكنية وتجارية في نيالا بجنوب دارفور أوائل فبراير 2025.
وأضافت في تقرير اليوم الأربعاء، أن هذه الهجمات العشوائية، التي تشكل جرائم حرب مفترضة، قتلت وأصابت أعدادا كبيرة من المدنيين.
وشنّ الجيش السوداني هجمات متكررة على نيالا، عاصمة جنوب دارفور، منذ سيطرة خصمه 'قوات الدعم السريع' على المدينة أواخر أكتوبر 2023.
المدينة، التي كان يقطنها أكثر من 800 ألف نسمة قبل النزاع الحالي، هي الأكبر في دارفور وإحدى أكبر مدن السودان.
تقاير موثوقة
وقال جان باتيست غالوبان، باحث أول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: 'قصف الجيش السوداني أحياء سكنية وتجارية مكتظة بالسكان في نيالا باستخدام قنابل غير دقيقة. قتلت هذه الهجمات عشرات الرجال والنساء والأطفال، ودمرت العائلات، وزرعت الخوف والنزوح'.
تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير موثوقة عن غارات جوية عديدة بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025، وأجرى باحثون تحقيقات مفصّلة في خمس غارات جوية شُنت في 3 فبراير، أوقعت بشكل خاص إصابات قتلى بين المدنيين.
أجرى الباحثون مقابلات مع 11 شخصا ضحايا وشهود، وثلاثة أشخاص من الطواقم الطبية التي عالجت الضحايا، وحللوا صورا فوتوغرافية وفيديوهات من وسائل التواصل الاجتماعي، منها ما يُظهر بقايا ذخائر من ثلاث غارات.
قال شهود إن غارات 3 فبراير أصابت مناطق سكنية وتجارية مزدحمة في حيَيْ الجمهورية والسينما بوسط المدينة في تتابع سريع، بالإضافة إلى شارع الكونغو، وهو طريق رئيسي في المدينة.
أفادت منظمة 'أطباء بلا حدود' أن 32 شخصا قُتلوا وأصيب العشرات بحسب المزاعم.
قال شهود إن غارة جوية أصابت متجرا للبقالة قرب 'مستشفى مكة للعيون' في شارع يعج بالناس والمركبات، ما أوقع عددا كبيرا من القتلى.
قال رجل وصل إلى مكان الحادث بعد وقت قصير: 'دُمر المكان بالكامل وتضرر جراء الغارة الجوية. قُتل كثيرون. من بين القتلى سيدة مسنة… وركاب سيارة تويوتا، وبعض المارة'. أضاف أن أكثر من 35 شخصا قُتلوا هناك.
وأفاد 'مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة' الذي يجمع بيانات عن النزاعات حول العالم أنه بين 2 و4 فبراير قُتل ما بين 51 و74 مدنيا وأُصيب العشرات.
أفادت أطباء بلا حدود عن مقتل 25 شخصا على الأقل في غارات جوية في 4 فبراير، وإصابة 21 آخرين في غارة جوية على مصنع لزيت الفول السوداني نُقلوا إلى 'مستشفى نيالا التعليمي' الذي تديره المنظمة.
راجعت هيومن رايتس ووتش صورا لبقايا ذخيرة لتحديد الأسلحة المستخدمة في ثلاث غارات في 3 فبراير، وتمكنت من ذلك في اثنتين.
خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أنه تم استخدام قنبلة من طراز 'أوفاب-250' (OFAB-250) في الغارة التي وقعت أمام 'مستشفى مكة للعيون'، وهي قنبلة غير موجهة شديدة الانفجار ومتشظية.
قنابل غير موجهة
وحسب التقرير، أنه في غارة أخرى، حددت هيومن رايتس ووتش استخدام قنبلة من طراز 'فاب' (FAB) متعددة الأغراض وغير موجهة أُلقيت جوا أصابت طريقا يبعد حوالي 140 مترا شمال غرب المستشفى.
وصف خمسة شهود طائرة واحدة، لا يبدو أنها مقاتلة نفاثة، كانت تحلق في السماء وقت الغارات.
قال أحد الشهود: 'رأيت الطائرة تحلق حول المدينة. كانت طائرة كبيرة، تشبه طائرة الشحن… قصفت في دورتها الثانية حول المدينة'.
قال عامل يومي نجا من غارة أودت بحياة أخته وابن أخيه في 3 فبراير: 'كانت الطائرة تحلق على ارتفاع كبير جدا جدا. لم يكن الوقت الفاصل بين الغارتين طويلا، ربما دقيقة أو دقيقتين – قصفت الطائرة، ثم انعطفت، ثم قصفت ثانية بعد فاصل زمني قصير جدا'.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن غارات 3 فبراير يُفترض أنها عشوائية وتنتهك القانون الإنساني الدولي. شن هجمات عشوائية عمدا أو بتهور يشكل جريمة حرب.
كانت غارات غرة فبراير جزءاً من موجة قصف جوي أوسع نطاقا شنّها الجيش على نيالا.
سجّل مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة 41 يوما من الغارات الجوية على مدى ثلاثة أشهر بين ديسمبر 2024 وفبراير 2025، شملت أياما شهدت غارات جوية متعددة.
وقد أصابت العديد من هذه الغارات الأحياء الشرقية من نيالا، التي تضمّ تمركزا كثيفا لمقاتلي قوات الدعم السريع في مواقع عديدة، بما في ذلك مطار نيالا ومحيطه، وهو مركز رئيسي لقوات الدعم السريع.
ألحقت الغارات الجوية على المناطق السكنية في وسط نيالا خسائر فادحة في صفوف المدنيين.
قال العامل اليومي: 'الغارات الجوية هي الأسوأ، لأنها تدمر كل شيء. في حالة الأعيرة النارية، يستطيع الناس تجنبها والاحتماء منها، لكن لا يمكننا الاحتماء من الغارات الجوية. إنها قوية جدا'.
إمكانية تلقي الضحايا الرعاية الطبية وتوافرها محدودان للغاية. قال أربعة شهود تمت مقابلتهم إنهم لم يتمكنوا من تلقي العلاج اللازم لإزالة شظايا الذخائر، إما لعدم قدرتهم على تحمل تكلفته أو لنقص الأطباء المؤهلين في نيالا.
إيقاف الهجمات العشوائية
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للجيش السوداني إيقاف جميع الهجمات العشوائية فورا، بما فيها تلك التي تنطوي على استخدام قنابل غير موجهة تُلقى جوا على مناطق مأهولة بالسكان.
ينبغي للدول الأخرى أن تحذو حذو 'الاتحاد الأوروبي' في فرض عقوبات على قيادة القوات الجوية السودانية جرّاء هذه الهجمات. وينبغي للسودان ضمان وصول المراقبين، بمن فيهم أولئك التابعون لـ 'المحكمة الجنائية الدولية' و'بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان'، للتحقيق في انتهاكات جميع الأطراف المتحاربة. وينبغي للحكومات ضمان الدعم السياسي والمالي اللازم للتحقيقات الجارية.
قال غالوبان: 'ما يزال المدنيون يتحملون وطأة حرب السودان المدمرة المستمرة منذ عامين رغم التعبيرات الدولية عن القلق. على الدول الأخرى اتخاذ إجراءات متضافرة لحماية المدنيين ومنع المزيد من الهجمات العشوائية من خلال التحقيق في أفعال المسؤولين من جميع الأطراف ومعاقبتهم'.
وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى لعقود هجمات جوية عشوائية شنها الجيش السوداني على مناطق مأهولة بالسكان باستخدام قنابل غير موجهة أُلقيت من طائرات شحن تحلق على ارتفاعات كبيرة.
في الحرب الحالية، التي اندلعت في أبريل 2023، أدت غارات جوية عديدة شنتها القوات المسلحة السودانية على المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في السودان إلى مقتل وإصابة عدد لا يُحصى من المدنيين.
تزامنت حملة الغارات الجوية المكثفة التي شنّها الجيش السوداني على نيالا مع تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع بدأت باستخدام مطار نيالا كقاعدة للطائرات المسيّرة، وأن طائرات شحن كبيرة كانت تهبط فيه.
استخدام قوات الدعم السريع المطار لأغراض عسكرية يجعله من الأعيان العسكرية وهدفا مشروعا.
أفادت وسائل إعلام محلية أن قوات الدعم السريع في نيالا نفذت حملات اعتقالات واسعة بحق أشخاص يُشتبه في تقديمهم إحداثيات الغارات الجوية للجيش السوداني في أوائل ديسمبر، ومرة أخرى في أواخر يناير.
الهجمات الموجهة ضد مقاتلي قوات الدعم السريع والأهداف العسكرية كالمطار متوافقة مع قوانين الحرب طالما أنها لا تُلحق بالمدنيين أضرارا عشوائية أو غير متناسبة.
وتحققت هيومن رايتس ووتش من فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي في 3 فبراير، وحددت موقعه الجغرافي، ويُظهر عمود كبيرا من الغبار والدخان من موقع الضربة.
كما تحققت هيومن رايتس ووتش من ستة صور فوتوغرافية التقطها أحد سكان نيالا، وحددت موقعها الجغرافي، تُظهر مبنيَيْن متضررَيْن عند زاوية الطريق. تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 5 مارس أضرارا لحقت بالمبنيين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التغيير
منذ 3 أيام
- التغيير
الخرطوم.. عاصمة الخوف والنهب المسلح
منتدى الإعلام السوداني رغم مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، فإن المشهد الأمني في العاصمة الخرطوم لا يزال يزداد سوء وانهيارا. بعد استعادة الخرطوم والجزيرة وسنار من قوات الدعم السريع لصالح الجيش، تركّزت العمليات العسكرية الكبرى على جبهات دارفور وكردفان ، وتُرك المدنيون في العاصمة لمواجهة واقع مروع من الفوضى والانفلات، يصل إلى النهب والابتزاز تحت تهديد السلاح واحيانا القتل. فالعاصمة الخرطوم التي كانت تنبض بالحياة قبل الحرب، تتحول ببطء إلى مدينة مفككة يسكنها الخوف، وتغيب عنها الدولة. وكشف الوضع الأمني المنهار عن ظهور فئات جديدة من الناهبين، تضم عصابات مدنية تشكلت أثناء الحرب من مجرمين فارين من السجون، إلى جانب مجموعات ترتدي الزي الرسمي لكنها لا تنتمي لأي جهة معلومة. وحسب تقارير موثوقة من منظمات حقوقية فإن الانتهاكات على المدنيين في الخرطوم ظلت مستمرة حتى بعد خروج قوات الدعم السريع، ما يرجح أنه تتم من داخل المؤسسة العسكرية النظامية نفسها. في تقرير صادر عن منظمة 'تحالف السودان للحقوق' (Sudanese Alliance for Rights – SAR) في أبريل 2025، تم توثيق عشرات الحالات التي قام فيها جنود يرتدون الزي الرسمي للقوات المسلحة السودانية بانتهاكات في مناطق مثل الكلاكلة والصحافة والحتانة. تضمنت تلك الانتهاكات اقتحام منازل، نهب ممتلكات، وترويع السكان، وغالبا ما تمت في وضح النهار، دون أي مقاومة أو تدخل رسمي. من جهتها، أشارت منظمة 'هيومن رايتس ووتش' في تقريرها السنوي إلى تزايد حالات النهب في المناطق التي دخلها الجيش عقب انسحاب قوات الدعم السريع. وأكدت شهادات من سكان أمدرمان والخرطوم أن جنودا من الجيش شاركوا في نهب ممتلكات خاصة والسطو على منازل خالية. كما عبّر كثيرون عن إحباطهم من غياب أي محاسبة داخل المؤسسة العسكرية، ما يشير إلى وجود تواطؤ أو على الأقل 'صمت مؤسسي'. تقرير آخر نشرته صحيفة 'ذا غارديان' البريطانية في مارس 2025 كشف عن وجود مراكز احتجاز غير رسمية داخل مناطق خاضعة لسيطرة الجيش، يُعتقد أن مدنيين اعتُقلوا فيها دون تهم واضحة. وقد أُشير في التقرير إلى ممارسات تشمل التعذيب وسوء المعاملة، وهو ما يتنافى مع كل القوانين المحلية والدولية، ويكشف عن تجاوزات لم تخرج بعد إلى العلن بالكامل. الأمر لا يقف عند الانتهاكات المباشرة، بل يشمل أيضا حالات تقاعس وامتناع عن حماية المدنيين. في أبريل 2025، وقعت مجزرة مأساوية في منطقة الصالحة بأمدرمان، نُسبت مسؤوليتها إلى قوات الدعم السريع، لكن شهود عيان أفادوا أن وحدات من الجيش السوداني كانت متمركزة على بعد مسافة قريبة من موقع المجزرة، وأُبلغت مسبقا بوجود تهديد، ومع ذلك لم تتحرك لمنعه. هذا التقاعس العسكري، في لحظة كانت تستدعي التدخل، يثير تساؤلات خطيرة عن حدود المسؤولية الأخلاقية والمهنية للجيش. في موازاة هذه التقارير، تنتشر يوميا شهادات من مواطنين سودانيين على منصات التواصل الاجتماعي، منها Reddit، توثق حالات متكررة لعمليات نهب نفذها جنود الجيش في أحياء شرق النيل وأم درمان. تقول إحدى المواطنات: بعد خروج قوات الدعم السريع، قلنا أخيرا سنرتاح، لكن دخل عناصر الجيش وفتشوا البيوت، وأخذ العفش والذهب، وقالوا إن ما قاموا به هو إجراء روتيني. هذا الواقع جعل من الصعب التمييز بين من يُفترض أن يكون في موقع الحماية، ومن يمارس الانتهاك، خاصة في ظل تلاشي خطوط السلطة المركزية، وتعدد الجهات المسلحة، واختلاط الأزياء الرسمية بالعصابات المدنية. في الشارع الخرطومي يختلط الخوف بالذهول ففي حي الكلاكلة القبة، روت أم سارة (اسم مستعار) وهي معلمة سابقة، 'للتغيير' كيف أوقفها مسلحون أمام أطفالها خلال عودتهم إلى المنزل، حيث سرقوا هاتفها ومحفظتها، وهددوها بالسلاح. وتقول إن أحدهم صرخ بها: 'ابقي ساكتة، الجيش ما حينفعك'. لم تستطع حتى تقديم بلاغ، لأن أقرب قسم شرطة مغلق منذ شهور. في حي الصحافة، تحدث محمد (اسم مستعار) وهو موظف سابق في شركة خاصة، عن نقطة تفتيش وهمية اعترضته أثناء عودته من العمل. ارتدى المسلحون زيا عسكريا مختلطا، وطلبوا منه مبلغ 25 ألف جنيه نظير 'تأمين المرور في منطقة خطرة'. سلّموه ورقة مختومة بختم غريب يحمل اسم 'لجنة الأحياء'، ثم اختفوا في سيارة دفع رباعي لا تحمل لوحات. حتى الأسواق، التي كانت تشكل نبض الحياة في العاصمة، لم تسلم من هذا الانفلات. في سوق ليبيا بأمدرمان، تروي عطيات (اسم مستعار) وهي بائعة ملابس، كيف أصبحت تتعرض للنهب شبه اليومي من قبل مجموعات مسلحة تأتي على متن ركشات (تكتوك) ودراجات نارية، وتدعي الانتماء إلى استخبارات الجيش. تقول عطيات: 'بياخدوا البضاعة ويقولوا (دي مساهمة للدولة). الزبائن بقوا ما بيجوا، والسوق مات'. في أبريل الماضي أعلنت قوات الشرطة السودانية استئناف العمل الشرطي في 59 مركزًا بولاية الخرطوم. ونقل موقع (سودان تربيون) عن المتحدث باسم قوات الشرطة، العميد فتح الرحمن محمد التوم، قوله إن الشرطة تلقت بلاغات معظمها يرتبط بالحرب والانتهاكات التي مارستها قوات الدعم السريع، لكن 'أقسام الشرطة لم تسجل أي بلاغات تتعلق باستخدام السلاح خارج نطاق العمليات العسكرية'. في هذا الفراغ الأمني الذي تعيشه الخرطوم، يشير المواطنون إلى أن الجريمة لم تعد مرتبطة بحالة القتال بين الطرفين، بل أصبحت نمطا متكرّرا، منفصلا عن خطوط التماس العسكري. واللافت في استطلاعات المواطنين أن معظم حالات النهب تحدث في مناطق لم تشهد وجودا حقيقيا لقوات الدعم السريع، ما يُسقِط فرضية أن كل عمليات الفوضى تُنسب لهذه القوات فقط، ويدفع إلى إعادة النظر في المسؤولية الشاملة للجهات النظامية. الواقع الأمني المنهار كشف عن عناصر متعددة تقوم بالنهب، بعضها يضم مجرمين فارين من السجون. كما ظهر عناصر ما يسمى بـ 'لجان حماية الأحياء'، وهي تشكيلات محلية مسلحة يُفترض أنها وُجدت لحماية السكان، لكنها تمارس الابتزاز وفرض الإتاوات كما تفعل العصابات تماما. في بعض المناطق وفي ظل غياب الشرطة، وتعطّل جهاز النيابة والقضاء، لم تعد هناك جهة يُمكن للمواطنين الرجوع إليها. ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد صحيفة (التغيير) في إطار عكس التردي الأمني والكلفة العالية التي يدفعها المواطنون في الخرطوم حتى بعد توقف العمليات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتشير المادة إلى غياب تام لعناصر الشرطة والنيابات، ما يغيب بدوره أي جهة قانونية يمكن الرجوع إليها.


التغيير
٠٦-٠٧-٢٠٢٥
- التغيير
الجيش السوداني: المصنع الأم للإجرام ومأزق النخبة النيلية:
حين يُشيطن 'الابن' ويُطهّر 'الأب'- رد علي الأستاذ (س ا، واخرين) اندلعت الحرب الحالية في السودان بتاريخ 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في العاصمة الخرطوم، قبل أن تمتد سريعًا إلى مدن رئيسية أخرى مثل أم درمان، بحري، الأبيض، مدني، سنار، وغيرها… وقد شكّلت هذه الحرب، بعنفها المركّز وبلوغها مناطق لم تعرف الحرب في تاريخها الحديث، منعطفًا وجوديًا كشف عن البُنى العميقة للوعي الجمعي السوداني، وأخرج إلى السطح مكبوتات جهوية وعرقية، وانحيازات كانت حتى وقت قريب مغطّاة بطلاء رقيق من خطاب الدولة القومية 'المتخيّلة.' ولأن هذه الحرب، مثل سابقاتها في الجنوب (1955–1972، 1983–2005)، وفي دارفور (2003–الآن)، وجبال النوبة والنيل الأزرق (2011–الآن)، قد وضعت الهامش والمركز وجهاً لوجه، فقد ظهر مجددًا أسوأ ما في البنية السودانية: الاصطفاف الإثني، الجهوي والنخبوي باسم الدولة، والانحياز الانتقائي باسم الوطنية. إنّ ما نشهده اليوم من إدانة مطلقة لقوات الدعم السريع، وإعفاء تام للجيش السوداني، من قبل الكثير من النخب وأصحاب الامتيازات التاريخية لا يستند إلى معيار أخلاقي أو قانوني، بل إلى موقف ذاتي متحيّز، تحكمه الانتماءات الجهوية والطبقية لهذه النخب، لا الحقائق الموضوعية ولا التاريخ الموثّق. أولاً: من صنع الدعم السريع؟ الجيش لا غيره: جميع الوثائق الرسمية، بما فيها المراسيم الرئاسية الصادرة عن عمر البشير، تشير بوضوح إلى أنّ الدعم السريع تأسّس كقوة نظامية تحت إشراف مباشر من جهاز الأمن والمخابرات، وبأمر رئاسي، وتمّ إلحاقه بالجيش لاحقًا بموجب تعديل دستوري (2017) جعل منه 'قوة مستقلة تتبع للقائد الأعلى للقوات المسلحة'، أي رئيس الجمهورية، الذي هو القائد الأعلى للجيش. وبموجب هذا الترتيب، تم تسليح وتدريب ودمج قوات الدعم السريع ضمن المنظومة العسكرية السودانية، وليس خارجها ولم يكن هذا مجرد 'خطأ سياسي' أو 'تحالف تكتيكي'، بل كان استثمارًا استراتيجيًا في العنف، ووسيلة لحماية النظام الإسلامي – العسكري من خطر السقوط، سواء في دارفور، او كردفان أو حتي أمام حراك سبتمبر 2013، أو في انتفاضة ديسمبر 2018. وبعبارة أدق: الدعم السريع حينها هو ملحق تكتيكي لجيش استراتيجي في القمع. ثانيًا: كل ما ارتكبه الدعم السريع… سبقه الجيش إليه: من دارفور إلى جبال النوبة، ومن النيل الأزرق إلى الجنوب، الجيش السوداني كان وما زال الفاعل الرئيسي في جرائم الإبادة، التطهير العرقي، القصف الجوي للقرى، استخدام سلاح الاغتصاب، الحصار الغذائي، التهجير القسري، وجرائم أخرى موثقة في تقارير هيومن رايتس ووتش، الأمم المتحدة، مجموعة الأزمات الدولية وغيرها… بل إنّ ما تتهم به النخب المركزية اليوم الدعم السريع في مدني والجزيرة – من نهب وسرقة واغتصاب – مارسه الجيش حرفيًا في بابنوسة، هجليج، دلامي، تلودي، أبوكرشولا…الخ.. بل إنّ القصف الجوي على المدنيين في جبال النوبة (2011–2016)، الذي وثّقته مبادرة كفاية ومشروع القنابل، كان يتم عبر الطيران الحربي الذي يملكه الجيش، وليس الدعم السريع! ثالثًا: النخبة النيلية وصمتها المُطبِق حين كانت الحرب 'في مكان آخر:' حين كانت الحرب محصورة في 'الهامش'، تبنّت ذات النخب التي تصرخ الآن ضد تحالف تأسيس مستخدمة ذريعة الدعم السريع خطابًا مخزيًا: أن ما يجري هو 'حرب ضد المتمردين'، و'كفار يحملون السلاح ضد الوطن'، و'متمردون تدعمهم إسرائيل'! كان الجنود يقتلون الأبرياء في جنوب السودان باسم 'الجهاد'، ويُغتصب نساء جبال النوبة والنيل الازرق بدعوى 'التطهير العرقي'، وتُحرق قرى دارفور على يد الجيش والمليشيات تحت شعار 'هي لله'. وكل ذلك مرّ تحت سمع وبصر النخبة النيلية التي لم تحرّك ساكنًا، لا ماديًا ولا معنويًا. لم تكن تلك النخبة تجهل الجرائم. كانت تبرّرها. رابعًا: حين وصلت الحرب إلى الخرطوم… تغيّر الموقف فجأة: اليوم فقط، عندما وصلت الحرب إلى أحياء بري، العمارات، كافوري، ود نوباوي، ظهرت فجأة خطابات 'حل الدعم السريع'، و'استعادة الجيش القومي'، و'إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية'، دون أي ذكر لسجل الجيش الإجرامي، أو لدوره التاريخي في قمع الشعب، أو لتحالفه مع الإسلاميين حتي، وان تم الذكر يكون علي حياء! هنا، يظهر التناقض الصارخ: يريدون حل المليشيا التي صنعتها أيديهم، دون أن يعترفوا بأنّ المجرم الأكبر ما زال هو الجيش السوداني، بكل مؤسساته، من القيادة العامة حتى المدرعات… ويريدون منه ان يعيد هيكلة نفسه …لا اكثر! خامسًا: الجيش بوصفه أداة الإسلام السياسي وهيمنة النخبة: الجيش ليس قوة 'قومية محايدة'، بل هو أداة سلطوية بيد طبقة حاكمة مركزية، إسلامية، وعرقية. وهو ما تكشّف بوضوح بعد الانقلاب على الوثيقة الدستورية (2021)، وإعادة إنتاج السلطة العسكرية عبر تحالف البرهان–الكيزان، وتعديلاتهم على الوثيقة الدستورية لترسيخ سلطتهم المطلقة. في المقابل، فإن الدعم السريع، ورغم سجله الدموي، قد: – وقّع على ميثاق تأسيس السودان الجديد (فبراير 2025 – وقّع على دستور انتقالي جديد قائم على مبادئ العلمانية، الفيدرالية، العدالة التاريخية، حق تقرير المصير، والمساواة بين الشعوب. – قبِل الخضوع لعملية دمج تحت إشراف مدني وليس عسكري – اعترف بمسؤوليته عن بعض الجرائم في دارفور، وهو ما لم يقم به الجيش إطلاقًا وهنا المفارقة التي تعري كل شيء: قوة مارست الإجرام، وتراجع موقفها باتجاه مشروع ديمقراطي، تُرفض رفضًا مطلقًا، بينما يُمنح الجيش، رغم تاريخه الأسود، حصانة مقدّسة باسم 'القومية' و'الوطنية' و'المؤسسة العريقة' وتريدونه ان يعيد هيكلة نفسه!! سادسًا: في الرد على مقولة 'الجيش يحتاج لإعادة صياغة، أما الدعم السريع فهو مليشيا يجب حلها' هذه المقولة مضللة: ١/ الجيش أيضًا مليشيا بمقاييس القانون الدولي: لأنه لم يخضع قط لسلطة مدنية، وشارك في كل انقلابات السودان، وقتل المتظاهرين السلميين، واستغل سلطته لتقويض الدولة. ٢/ الجيش درّب وصنع الدعم السريع، بل درّب أيضًا مليشيات القبائل، وكتائب الظل، ومليشيا الأمن الشعبي، وسهّل تكوين مليشيات الدفاع الشعبي…والان البنيان المرصوص والبراء بن مالك والقائمة تطول… ٣/ ما من مؤسسة يمكن إعادة هيكلتها دون اعتراف بجرائمها أولًا. أما أن يُعاد بناء الجيش دون مساءلة فهو تكريس للديكتاتورية العسكرية لا غير. في الختام: المعيار ليس من أنت، بل ما الذي تمثّله: إنّ الموقف الصحيح في هذا الوقت من أي قوة مسلّحة في السودان، سواء كانت الجيش أو الدعم السريع أو غيرهما، لا يجب أن يُبنى على الانتماءات الهوياتية أو الاصطفافات الجغرافية، بل على موقف هذه القوى من المشروع الوطني الجديد، كما ورد في ميثاق تحالف تأسيس، والذي ينادي بقيام دولة سودانية مدنية، ديمقراطية، لا مركزية، تقوم على العلمانية، العدالة التاريخية، المساواة بين الشعوب، وحق تقرير المصير، وبناء جيش وطني جديد. وعليه، فإنّ تقييم الجيش أو الدعم السريع يجب أن ينبني على مدى التزام كل منهما بهذه المبادئ: – إذا كان الجيش هو من رعى العنف الممنهج منذ الاستقلال، وكرّس هيمنة الدولة المركزية القامعة، ورفض علنًا أي إصلاح حقيقي يمسّ بنيته العقائدية والطبقية، فإنّه لا يمكن أن يكون شريكًا في بناء السودان الجديد. – وإذا كانت قوات الدعم السريع، رغم سجلها المأساوي، قد أبدت استعدادًا مبدئيًا للدخول في مشروع تأسيسي جديد، عبر التوقيع على ميثاق ودستور يقر بالمواطنة المتساوية والعدالة التاريخية، فإنّ ذلك يستوجب النظر إليها لا بوصفها خصمًا مسبقًا، بل بوصفها طرفًا يجب اختباره بناءً على التزامه العملي بهذا التحوّل. إنّ انحياز بعض النخب النيلية للجيش، رغم سجله الدموي الأوسع، لا يعكس موقفًا مبدئيًا من العنف، بل هو انعكاس لرغبة دفينة في إعادة إنتاج الدولة القديمة التي ظلّت لعقود تمثّل مصالحها. وفي المقابل، فإنّ المناداة بحل الدعم السريع دون الحديث عن إعادة بناء المؤسسة العسكرية بالكامل، بما في ذلك تفكيك بنيتها الأيديولوجية والعقائدية، هو موقف انتقائي، لا يخدم سوى استمرار الديكتاتورية بثوب قومي زائف. إنّ بناء جيش جديد، متعدد، خاضع لسلطة مدنية، يندمج في رؤية السودان الجديد، هو المهمة التاريخية التي لا تقبل التأجيل. وكل ما دون ذلك، هو استمرار في إعادة تدوير المأساة. النضال مستمر والنصر اكيد.


التغيير
٠٤-٠٦-٢٠٢٥
- التغيير
«هيومن رايتس»: الجيش السوداني استخدم قنابل غير موجهة وقتل مدنيين بنيالا
هيومن رايتس ووتش أكدت أن الهجمات العشوائية للجيش والتي تشكل جرائم حرب مفترضة قتلت وأصابت أعدادا كبيرة من المدنيين في نيالا. قالت منظمة 'هيومن رايتس ووتش'، إن القوات المسلحة السودانية استخدمت قنابل غير موجهة أُلقيت جوا لشن هجمات على أحياء سكنية وتجارية في نيالا بجنوب دارفور أوائل فبراير 2025. وأضافت في تقرير اليوم الأربعاء، أن هذه الهجمات العشوائية، التي تشكل جرائم حرب مفترضة، قتلت وأصابت أعدادا كبيرة من المدنيين. وشنّ الجيش السوداني هجمات متكررة على نيالا، عاصمة جنوب دارفور، منذ سيطرة خصمه 'قوات الدعم السريع' على المدينة أواخر أكتوبر 2023. المدينة، التي كان يقطنها أكثر من 800 ألف نسمة قبل النزاع الحالي، هي الأكبر في دارفور وإحدى أكبر مدن السودان. تقاير موثوقة وقال جان باتيست غالوبان، باحث أول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: 'قصف الجيش السوداني أحياء سكنية وتجارية مكتظة بالسكان في نيالا باستخدام قنابل غير دقيقة. قتلت هذه الهجمات عشرات الرجال والنساء والأطفال، ودمرت العائلات، وزرعت الخوف والنزوح'. تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير موثوقة عن غارات جوية عديدة بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025، وأجرى باحثون تحقيقات مفصّلة في خمس غارات جوية شُنت في 3 فبراير، أوقعت بشكل خاص إصابات قتلى بين المدنيين. أجرى الباحثون مقابلات مع 11 شخصا ضحايا وشهود، وثلاثة أشخاص من الطواقم الطبية التي عالجت الضحايا، وحللوا صورا فوتوغرافية وفيديوهات من وسائل التواصل الاجتماعي، منها ما يُظهر بقايا ذخائر من ثلاث غارات. قال شهود إن غارات 3 فبراير أصابت مناطق سكنية وتجارية مزدحمة في حيَيْ الجمهورية والسينما بوسط المدينة في تتابع سريع، بالإضافة إلى شارع الكونغو، وهو طريق رئيسي في المدينة. أفادت منظمة 'أطباء بلا حدود' أن 32 شخصا قُتلوا وأصيب العشرات بحسب المزاعم. قال شهود إن غارة جوية أصابت متجرا للبقالة قرب 'مستشفى مكة للعيون' في شارع يعج بالناس والمركبات، ما أوقع عددا كبيرا من القتلى. قال رجل وصل إلى مكان الحادث بعد وقت قصير: 'دُمر المكان بالكامل وتضرر جراء الغارة الجوية. قُتل كثيرون. من بين القتلى سيدة مسنة… وركاب سيارة تويوتا، وبعض المارة'. أضاف أن أكثر من 35 شخصا قُتلوا هناك. وأفاد 'مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة' الذي يجمع بيانات عن النزاعات حول العالم أنه بين 2 و4 فبراير قُتل ما بين 51 و74 مدنيا وأُصيب العشرات. أفادت أطباء بلا حدود عن مقتل 25 شخصا على الأقل في غارات جوية في 4 فبراير، وإصابة 21 آخرين في غارة جوية على مصنع لزيت الفول السوداني نُقلوا إلى 'مستشفى نيالا التعليمي' الذي تديره المنظمة. راجعت هيومن رايتس ووتش صورا لبقايا ذخيرة لتحديد الأسلحة المستخدمة في ثلاث غارات في 3 فبراير، وتمكنت من ذلك في اثنتين. خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أنه تم استخدام قنبلة من طراز 'أوفاب-250' (OFAB-250) في الغارة التي وقعت أمام 'مستشفى مكة للعيون'، وهي قنبلة غير موجهة شديدة الانفجار ومتشظية. قنابل غير موجهة وحسب التقرير، أنه في غارة أخرى، حددت هيومن رايتس ووتش استخدام قنبلة من طراز 'فاب' (FAB) متعددة الأغراض وغير موجهة أُلقيت جوا أصابت طريقا يبعد حوالي 140 مترا شمال غرب المستشفى. وصف خمسة شهود طائرة واحدة، لا يبدو أنها مقاتلة نفاثة، كانت تحلق في السماء وقت الغارات. قال أحد الشهود: 'رأيت الطائرة تحلق حول المدينة. كانت طائرة كبيرة، تشبه طائرة الشحن… قصفت في دورتها الثانية حول المدينة'. قال عامل يومي نجا من غارة أودت بحياة أخته وابن أخيه في 3 فبراير: 'كانت الطائرة تحلق على ارتفاع كبير جدا جدا. لم يكن الوقت الفاصل بين الغارتين طويلا، ربما دقيقة أو دقيقتين – قصفت الطائرة، ثم انعطفت، ثم قصفت ثانية بعد فاصل زمني قصير جدا'. وقالت هيومن رايتس ووتش إن غارات 3 فبراير يُفترض أنها عشوائية وتنتهك القانون الإنساني الدولي. شن هجمات عشوائية عمدا أو بتهور يشكل جريمة حرب. كانت غارات غرة فبراير جزءاً من موجة قصف جوي أوسع نطاقا شنّها الجيش على نيالا. سجّل مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة 41 يوما من الغارات الجوية على مدى ثلاثة أشهر بين ديسمبر 2024 وفبراير 2025، شملت أياما شهدت غارات جوية متعددة. وقد أصابت العديد من هذه الغارات الأحياء الشرقية من نيالا، التي تضمّ تمركزا كثيفا لمقاتلي قوات الدعم السريع في مواقع عديدة، بما في ذلك مطار نيالا ومحيطه، وهو مركز رئيسي لقوات الدعم السريع. ألحقت الغارات الجوية على المناطق السكنية في وسط نيالا خسائر فادحة في صفوف المدنيين. قال العامل اليومي: 'الغارات الجوية هي الأسوأ، لأنها تدمر كل شيء. في حالة الأعيرة النارية، يستطيع الناس تجنبها والاحتماء منها، لكن لا يمكننا الاحتماء من الغارات الجوية. إنها قوية جدا'. إمكانية تلقي الضحايا الرعاية الطبية وتوافرها محدودان للغاية. قال أربعة شهود تمت مقابلتهم إنهم لم يتمكنوا من تلقي العلاج اللازم لإزالة شظايا الذخائر، إما لعدم قدرتهم على تحمل تكلفته أو لنقص الأطباء المؤهلين في نيالا. إيقاف الهجمات العشوائية قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للجيش السوداني إيقاف جميع الهجمات العشوائية فورا، بما فيها تلك التي تنطوي على استخدام قنابل غير موجهة تُلقى جوا على مناطق مأهولة بالسكان. ينبغي للدول الأخرى أن تحذو حذو 'الاتحاد الأوروبي' في فرض عقوبات على قيادة القوات الجوية السودانية جرّاء هذه الهجمات. وينبغي للسودان ضمان وصول المراقبين، بمن فيهم أولئك التابعون لـ 'المحكمة الجنائية الدولية' و'بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان'، للتحقيق في انتهاكات جميع الأطراف المتحاربة. وينبغي للحكومات ضمان الدعم السياسي والمالي اللازم للتحقيقات الجارية. قال غالوبان: 'ما يزال المدنيون يتحملون وطأة حرب السودان المدمرة المستمرة منذ عامين رغم التعبيرات الدولية عن القلق. على الدول الأخرى اتخاذ إجراءات متضافرة لحماية المدنيين ومنع المزيد من الهجمات العشوائية من خلال التحقيق في أفعال المسؤولين من جميع الأطراف ومعاقبتهم'. وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى لعقود هجمات جوية عشوائية شنها الجيش السوداني على مناطق مأهولة بالسكان باستخدام قنابل غير موجهة أُلقيت من طائرات شحن تحلق على ارتفاعات كبيرة. في الحرب الحالية، التي اندلعت في أبريل 2023، أدت غارات جوية عديدة شنتها القوات المسلحة السودانية على المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في السودان إلى مقتل وإصابة عدد لا يُحصى من المدنيين. تزامنت حملة الغارات الجوية المكثفة التي شنّها الجيش السوداني على نيالا مع تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع بدأت باستخدام مطار نيالا كقاعدة للطائرات المسيّرة، وأن طائرات شحن كبيرة كانت تهبط فيه. استخدام قوات الدعم السريع المطار لأغراض عسكرية يجعله من الأعيان العسكرية وهدفا مشروعا. أفادت وسائل إعلام محلية أن قوات الدعم السريع في نيالا نفذت حملات اعتقالات واسعة بحق أشخاص يُشتبه في تقديمهم إحداثيات الغارات الجوية للجيش السوداني في أوائل ديسمبر، ومرة أخرى في أواخر يناير. الهجمات الموجهة ضد مقاتلي قوات الدعم السريع والأهداف العسكرية كالمطار متوافقة مع قوانين الحرب طالما أنها لا تُلحق بالمدنيين أضرارا عشوائية أو غير متناسبة. وتحققت هيومن رايتس ووتش من فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي في 3 فبراير، وحددت موقعه الجغرافي، ويُظهر عمود كبيرا من الغبار والدخان من موقع الضربة. كما تحققت هيومن رايتس ووتش من ستة صور فوتوغرافية التقطها أحد سكان نيالا، وحددت موقعها الجغرافي، تُظهر مبنيَيْن متضررَيْن عند زاوية الطريق. تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 5 مارس أضرارا لحقت بالمبنيين.