logo
بين الحذر والتحالفات.. ما سِر البطء المصري في التقارب مع دمشق؟

بين الحذر والتحالفات.. ما سِر البطء المصري في التقارب مع دمشق؟

الجزيرة٠٧-٠٧-٢٠٢٥
القاهرة- رغم إعلانها المتكرر دعم وحدة الأراضي السورية ووقوفها إلى جانب خيارات الشعب السوري، تتعامل مصر بحذر مع القيادة الجديدة في دمشق برئاسة الرئيس أحمد الشرع ، مستندة إلى اعتبارات أمنها القومي وتحالفاتها الإقليمية والدولية، فضلا عن تخوفها من الانخراط السريع في نظام لم تستقر أوضاعه السياسية والأمنية بعد.
فعلى الرغم من اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره السوري أحمد الشرع في مارس/آذار الماضي ب القاهرة ، على هامش القمة العربية الاستثنائية، والذي أوحى حينها بوجود نية تقارب سريع بين البلدين، فإن وتيرة الخطوات المصرية تجاه دمشق تسير ببطء، ما يثير تساؤلات عن خلفيات هذا التريث.
ويرى مراقبون أن مصر، رغم خصوصية علاقتها التاريخية ب سوريا ، لا تزال تعتبر المشهد السوري الحالي غامضا، سواء من حيث استقراره السياسي أو الأمني، إلى جانب القلق من الخلفية الإسلامية للنظام الجديد، وعلاقته المتينة بأنقرة، وهو تقارب لا يخلو من الحرج بالنسبة للدبلوماسية المصرية، في ظل التنافس الإقليمي مع تركيا.
مشهد سياسي مضطرب
ويؤكد الخبير في العلاقات الدولية أيمن سمير، في حديثه للجزيرة نت، أن سوريا تمر بمرحلة إعادة تشكل على المستويين السياسي والأمني، وسط تحديات جسيمة تواجهها القيادة الجديدة، لا سيما بشأن الجماعات المسلحة التي لا تزال تسيطر على مناطق واسعة من البلاد.
ويشير سمير إلى وجود عشرات آلاف العائلات المرتبطة بمقاتلي تنظيم الدولة وتنظيمات مسلحة أخرى، ممن يقطنون في مخيمات مثل " الهول"، مما يبقي الوضع الأمني في البلاد في حالة توتر دائم.
ورغم بعض الانفتاح الدولي على دمشق، يلفت سمير إلى أن سوريا لا تزال مصنفة ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب في السياسة الأميركية، وهو ما يعكس استمرار الحذر في تعامل المجتمع الدولي معها، وليس فقط القاهرة. ويضيف: "حتى الدول الأوروبية حين تدرس تخفيف العقوبات، فإنها تفعل ذلك تدريجيا وبأقصى درجات الحذر، وهو نفس ما تنتهجه مصر".
ويشدد الخبير المصري على أن القاهرة حرصت منذ البداية على تبني موقف متوازن، إذ استقبلت الرئيس السوري الجديد خلال القمة العربية، وقدمت مساعدات إنسانية، فضلا عن استضافتها آلاف اللاجئين السوريين، لكنها في الوقت نفسه حرصت على إبقاء العلاقة عند مستوى دعم الشعب فقط.
ويضيف أن مصر لم تتوان في دعم الموقف السوري في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، لا سيما ما يتعلق بإلغاء اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 وسيطرة الاحتلال على مناطق في درعا والقنيطرة والسويداء. ويقول: "في مثل هذه الملفات، تقف القاهرة بوضوح إلى جانب دمشق، مع التمسك بمبدأ رفض التدخلات الخارجية".
ويختتم سمير حديثه بتأكيد الموقف المصري على دعم حل سياسي سوري شامل، يقوم على الحوار بين جميع مكونات المجتمع السوري، ويضمن استعادة الدولة مكانتها ودورها العربي والإقليمي.
أما أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، نهى بكر، فترى أن العلاقات المصرية السورية، بعد رحيل نظام بشار الأسد ، تخضع لحسابات إستراتيجية دقيقة، ترتبط في المقام الأول بمنع تحول سوريا إلى بؤرة للفوضى أو منطلق للجماعات المتشددة التي قد تهدد الأمن المصري.
وتقول بكر للجزيرة نت، إن القاهرة تتبنى ما وصفته بـ"الحياد الحذر"، ريثما تتضح معالم السلطة الجديدة في دمشق، مؤكدة أن الاستقرار في سوريا شرط أساسي لأي انخراط مصري جاد في عملية إعادة الإعمار أو الاستثمار في مجالات الطاقة، لا سيما ما يرتبط بتصدير الغاز المصري عبر الأراضي السورية.
وتضيف أن هذه الخطط قد تصطدم بعقبات داخلية، أبرزها هشاشة الوضع السياسي والانقسامات العرقية والطائفية، إلى جانب ما يثار بشأن علاقة بعض أركان النظام السوري الجديد ب جماعة الإخوان المسلمين ، وهو ما تعتبره مصر تهديدا مباشرا لأمنها القومي وهويتها السياسية.
وتختتم بكر بالتأكيد على أن أولوية القاهرة هي حماية أمنها واستقرارها الداخلي، موضحة أن سياسة التمهل في فتح قنوات التعاون مع دمشق تعكس هذه الرؤية الواقعية.
ماضي الشرع يقلق الحاضر
في السياق ذاته، يربط الباحث في الشؤون العربية والدولية د.محمد اليمني، التريث المصري بخلفية الرئيس أحمد الشرع، مشيرا إلى أنه كان على صلة بجماعات ذات توجهات متشددة، مما يثير قلقا داخل مؤسسات صنع القرار المصرية.
ويقول اليمني للجزيرة نت، إن سوريا لا تزال تشهد صراعات داخلية على أسس طائفية وعرقية، كما حدث أخيرا مع بعض مكونات المجتمع السوري مثل الدروز والشيعة، وهو ما يعزز موقف القاهرة في تجنب التورط في تحالفات قد تنعكس سلبا على استقرارها.
ويؤكد أن السياسة الخارجية المصرية تتسم بالمرونة والبراغماتية، لكنها لا تتهاون في الملفات التي تمس أمنها المباشر، مستشهدا بمواقف مصر الحاسمة في التعامل مع التحديات على الحدود مع ليبيا والسودان.
كما يلفت إلى وجود ضغوط أميركية متزايدة على حلفاء واشنطن للاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، في إطار سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرفع العقوبات، بما فيها "قانون قيصر"، بهدف إعادة إدماج سوريا في المنظومة الدولية، لكن اليمني يؤكد أن هذه الخطوات لم تغير من الواقع الميداني كثيرا، إذ لا يزال الانقسام الداخلي سيد الموقف.
ويختتم الباحث بالإشارة إلى البعد التاريخي للعلاقة بين البلدين: "الجيشان المصري والسوري وقفا معا في حرب أكتوبر 1973، وحققا نصرا كبيرا على إسرائيل، لكن الظروف اليوم مختلفة، والتعقيدات الراهنة تحتم التروي، لا الاندفاع".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مواقف قوى السويداء من الاشتباكات وتدخّل القوات الحكومية
مواقف قوى السويداء من الاشتباكات وتدخّل القوات الحكومية

الجزيرة

timeمنذ 41 دقائق

  • الجزيرة

مواقف قوى السويداء من الاشتباكات وتدخّل القوات الحكومية

السويداء- لليوم الثاني على التوالي، لم تهدأ الاشتباكات في السويداء (جنوب سوريا) بين مسلحين من الطائفة الدرزية وآخرين من العشائر البدوية، وهو ما استدعى تدخل القوات الحكومية عبر المحور الشمالي القادم من دمشق ، والغربي القادم من محافظة درعا المجاورة. وازدادت حدة الاشتباكات فجر اليوم الإثنين، لتشمل عدّة محاور في محيط ريف السويداء الغربي منها قرى الدور وتعارة والدويري، وقرى كناكر والثعلة، وامتدت أيضا إلى حي المقوس (شرقي السويداء) الذي تقطنه عائلات من العشائر البدوية. وذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا أن قوات وزارتي الدفاع والداخلية دخلت السويداء منذ ساعات الصباح الأولى، مشيرا إلى ضرورة نزع سلاح "المجموعات الخارجة عن القانون" بشكل كامل، ومؤكدا إجراء تنسيق واسع مع كل الأطراف الفاعلة بالمحافظة قبل بدء تنفيذ خطّة الانتشار الأمني. وبحسب الداخلية، فإن الأحداث التي شهدتها محافظة السويداء قد أسفرت حتى الآن عن سقوط أكثر من 30 قتيلاً ونحو 100 جريح في إحصاء أولي. وذكرت الوزارة في بيانٍ أن "هذا التصعيد الخطير يأتي في ظل غياب المؤسسات الرسمية المعنية، مما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى وانفلات الوضع الأمني، وعجز المجتمع المحلي عن احتواء الأزمة رغم الدعوات المتكررة للتهدئة، وقد أسفر ذلك عن ارتفاع عدد الضحايا، وتهديد مباشر للسلم الأهلي في المنطقة". وبالتوازي، سمع السكان المحليون في السويداء وقراها، قرابة الساعة 11 والنصف من صباح اليوم تحليقاً لطيران حربي إسرائيلي على ارتفاعات منخفضة، أعقبه تصاعد أعمدة الدخان منبعثا من الحدود الإدارية الغربية للسويداء، والتي تفصلها عن محافظة درعا. من جهته، جدد الرئيس الروحي لما يسمون الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري رفضه دخول قوات الأمن العام التابعة للداخلية إلى السويداء والقوات التابعة لهيئة تحرير الشام، وطالب مجدداً بحماية دولية للدروز. لكن بالمقابل، صرّح باسم أبو فخر، الناطق الإعلامي باسم "حركة رجال الكرامة" بأنّ "موقف الشيخ الهجري لا يُمثل كلّ السويداء، والتي تحوي تياراً وطنياً واسعاً تتجاهله الدولة" معتبرا أن "السويداء تُعاقب منذ 7 أشهر اقتصادياً وأمنياً بناءً على ذلك المُعطى غير الدقيق". وأوضح أبو فخر -للجزيرة نت- أن الحركة كانت قد تقدمت منذ نحو أسبوعين بمبادرة إلى الحكومة السورية، تعكس فيه رغبتها بتطويع الآلاف من مقاتليها في وزارتي الداخلية والدفاع، لكنه نفى تلقيهم أيّة موافقة على طلبهم. وكانت حركة رجال الكرامة -وهي الفصيل العسكري الأكبر عددا والأقوى تسلحا بالسويداء ويتزعمها الشيخ يحيى الحجار- قد أصدرت بيانا مساء أمس أوضحت فيه أن لغة العقل يجب أن تكون هي السائدة، وضرورة بذل الجهود لوقف التصعيد، وتطويق الاشتباك. وأكدت في بيانها أن "مبدأ الدفاع عن النفس لا حياد عنه، وهو حق مشروع تكفله كل القوانين السماوية والوضعية، لذلك دفعت الحركة بمقاتليها في مواقع التماس" معلنة النفير العام "دفاعاً عن الأرض والعرض، ومن أجل حماية السلم الأهلي وردع من يستبيح أمن الناس". وبدوره قال نجيب أبو فخر رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري بمنطقة جنوب سوريا إن "تداعيات الأحداث الحالية تتعدى مسألة احتجاز سائق سيارة خضار وسلبه مبلغاً مالياً" في إشارة إلى الشرارة التي اندلعت على إثرها المواجهات بين الطرفين، ويضيف موضحا "بل إنها تعود إلى التطاول والتعدّي على محافظ السويداء مرات عديدة، أي النيل من هيبة الدولة". ويتساءل أبو فخر عن الموقف تجاه الرئيس السوري أحمد الشرع قائلا "لماذا نقول إنه أمام اختبار منذ 8 أشهر، ولا نقول إننا نحن كنّا أمام اختبار في الحكم الذاتي خلال المدّة نفسها؟" وبرأيه فإن "النتيجة كانت فشلنا بالحكم الذاتي وإدارة شؤوننا، حتى لو أن مؤسسات الدولة لا تتبع لنا". يُذكر أن المجلس العسكري يضم 650 ضابطا وضابط صف من الذين كانوا بالجبهة الوطنية لتحرير سوريا سابقاً، ويقوده العميد ياسر زريقات من درعا. حاجة للضبط يرى عضو الهيئة العامة لحراك السويداء محمود السكر أنّ ما تشهده السويداء حالياً، من انفلات أمني وتفش للفصائل المسلحة والسلاح غير المنضبط، لا يصبّ في صالح المحافظة وأهلها. وقال للجزيرة نت إن "مطلب وجود الدولة وبسط سلطتها هو دعوة وطنية جامعة لا تقتصر على السويداء فقط، بل تشمل كل شرفاء سوريا". وبينما يطرح تساؤله "هل الدولة موجودة بالفعل؟" يكمل فيجيب أنه "من المتوقع أن تستمر هذه المعاناة، ومعها تباين الآراء، فالرؤية السائدة تشير إلى أن الأطراف المتحكمة في الواقع السوري، والتي تعمل على تنفيذ مخططات معينة، هي من تدير زمام الأمور بشكل كامل". وقد شهد مقهى جذور الثقافي وسط المدينة، صباح اليوم، بحسب الناشط السياسي مروان حمزة، حالة انشقاق وتباين حاد بالآراء بين من حضر من أعضاء مؤتمر السويداء العام -والذي عُقد بتاريخ 17 يونيو/حزيران، وخرج المشاركون حينها بثوابت أهمها أن السويداء جزء من سوريا رافضين مشاريع الانفصال والتبعية الخارجية- لكنهم خلال النقاش ذهب بعضهم لتأييد فكرة المطالبة بحماية دولية، وآخرون رفضوا ذلك". ويقول حمزة للجزيرة نت "على الأغلب أن تتغير جميع المعادلات في نهاية النهار، وكذلك ربما يتغير الوضع التكتيكي والإستراتيجي على أرض الواقع، لأن قوات الأمن العام والجيش باتت توجد بكثافة في القرى الغربية، وصدر بيانٌ عن الداخلية حذرت فيه من مواجهة القوات الحكومية حين تدخل إلى السويداء". وفي بيانٍ صادر عن دار الإمارة في قرية عرى، من قبل الأمير حسن الأطرش، وهو أحد وجهاء السويداء، جاء التأكيد واضحاً على هوية السويداء الوطنية، وورد فيه "لا خيار لنا سوى الدولة، ونحن بالتواصل مع سماحة مشايخ العقل وزعماء ووجهاء الجبل، نريد الوصول إلى حلّ يرضي جميع أهالي السويداء، ويجب على الجميع إعطاء الفرصة للتوصل إلى الحل". وذكر شادي خويص، وهو أحد نشطاء التجمع المدني من أجل سوريا (تجمع نشطاء سياسيين مستقل) -ومن خلال متابعته لمجريات الأحداث- أن هناك قلقاً كبيراً لدى الشارع المحلّي، وتشوّشاً عاماً في الأفكار. وأضاف في حديثه للجزيرة نت "نلوم السلطة لأنها تحاول استثمار ما يحدث، ونلوم أيضاً من تصدّر المشهد في السويداء ولم يستطع الإفصاح عن خطاب وطني حقيقي جامع قدر الإمكان، وهذا ما جعلنا عاجزين عن تلافي شرارة الفتنة التي ندفع ثمنها حالياً، وما يهم الآن هو وقف النار بأية طريقة، والبدء بمفاوضات للوصول لاتفاق، وتجنيب الناس من جميع الأطراف دفع الفاتورة".

حزب ديغيل هتوراه ينفّذ تهديده وينسحب من حكومة نتنياهو
حزب ديغيل هتوراه ينفّذ تهديده وينسحب من حكومة نتنياهو

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

حزب ديغيل هتوراه ينفّذ تهديده وينسحب من حكومة نتنياهو

أعلن حزب ديغيل هتوراه استقالته من الائتلاف الحكومي، حيث يملك 4 مقاعد بالكنيست وينضوي ضمن تحالف " يهدوت هتوراه" الحريدي، وذلك على خلفية أزمة قانون الإعفاء من التجنيد لليهود المتدينين (الحريديم). وذكرت قناة كان الإسرائيلية أن الزعيم الليتواني الحريدي الحاخام لاندو أرسل عبر مبعوث رسالة بشأن الانسحاب من الحكومة لأعضاء الكنيست من حزب "ديغيل هتوراه" الحريدي بالانسحاب من الحكومة بعد عدم تقديم قانون التجنيد للمصادقة عليه، وبعد التنسيق بين كبار حاخامات التيار الحريدي. وجاء هذا التصعيد في ظل أزمة متفاقمة داخل الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو ، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة ، بالتزامن مع مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وفي وقت يواجه فيه رئيس الوزراء محاكمات بتهم الفساد. ووفقا لما ذكرته صحيفة يديعوت أحرنوت نقلا عن مصدر في حزب يهدوت هتوراه فإن الزعيم الروحي للحزب يرى أن نتنياهو هو المشكلة، وأن السردية السائدة داخل الفرع اللتواني في الحزب هي أن كل ما وعدنا به نتنياهو لم يتحقق، وإذا رحل، فسيُحل كل شيء. من جهتها، أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن رئيس حزب شاس ، الديني، أرييه درعي أبلغ مسؤولين في حزبه أنه يستعد للانسحاب من الحكومة خلال الأيام القريبة. الحريديم والرفض الدائم ويواصل الحريديم احتجاجاتهم ضد الخدمة في الجيش عقب قرار المحكمة العليا الصادر في 25 يونيو/حزيران 2024، بإلزامهم بالتجنيد ومنع تقديم المساعدات المالية للمؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية. ويشكّل "الحريديم" نحو 13% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ويرفضون الخدمة العسكرية بدعوى تكريس حياتهم لدراسة التوراة، مؤكدين أن الاندماج في المجتمع العلماني يشكّل تهديدا لهويتهم الدينية واستمرارية مجتمعهم. وعلى مدى عقود، تمكّن أفراد الطائفة من تفادي التجنيد عند بلوغهم سن 18 عاما، عبر الحصول على تأجيلات متكررة بحجة الدراسة في المعاهد الدينية، حتى بلوغهم سن الإعفاء من الخدمة، والذي يبلغ حاليا 26 عاما. وتتهم المعارضة نتنياهو بالسعي لإقرار قانون يعفي "الحريديم" من التجنيد، استجابة لمطالب حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراه" المشاركين في الائتلاف الحكومي، بهدف الحفاظ على استقرار حكومته ومنع انهيارها.

وجه آخر للحرب.. إسرائيل تصنع جيلا من الأميين في غزة
وجه آخر للحرب.. إسرائيل تصنع جيلا من الأميين في غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

وجه آخر للحرب.. إسرائيل تصنع جيلا من الأميين في غزة

لم يعد كثير من الأطفال في قطاع غزة يجارون سنوات التعليم التي يفترض أن يكونوا فيها بعدما حرمتهم آلة الحرب الإسرائيلية من الدراسة لمدة عامين كاملين، ولم يعد بعضهم يجيد القراءة ولا الكتابة، وهم الذين يفترض بهم أن يكونوا في الصف الثالث الابتدائي. ففي الوقت الذي يذهب فيه أطفال العالم إلى مدارسهم صباح كل يوم، يذهب الأطفال في غزة للبحث عن طعام أو شراب أو شيء يشعلون به النار بعد نفاد الوقود، في حين تطاردهم طائرات الاحتلال في كل مكان. ووفقا لعدد من الأمهات، فإن أطفالا يفترض أن يكونوا في الصف الثالث الابتدائي لم يتلقوا تعليم الصفين الأول والثاني، ومن ثم فإنهم لا يعرفون القراءة والكتابة ولا حتى حروف الهجاء. فقد دمرت إسرائيل مرافق التعليم كافة في القطاع وقتلت خلال حربها المتسمرة منذ نحو عامين غالبية الطلاب، وحتى مراكز التعليم التي يحاول من خلالها السكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه ليست بعيدة عن القصف. أجيال من الأميين تقول الأمهات إن الحروب السابقة -التي اندلعت قبل 7 عقود- أخرجت أجيالا من الأميين الذين لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، وإن الحرب الحالية تفعل الشيء نفسه بأجيال جديدة. وتحاول الأمهات تعليم أولادهن الكتابة أو العمليات الحسابية البسيطة، لكن الوضع في القطاع لا يسمح حتى بهذه الأمور اليسيرة، فأصوات القصف وهدير الطائرات والمسيرات لا يمنحهم أي شعور بالأمن. والأقسى من ذلك أن الجوع المستمر والبحث الذي لا يتوقف عن أي طعام أو شراب لا يترك لأحد وقتا للبحث عن التعليم في زمن الحرب. وحتى لو توقفت الحرب وعادت الدراسة، فإن آلاف الأطفال فقدوا عامين دراسيين كاملين وسيضطرون لإعادتهما من جديد، كما تقول الأمهات. ويعاني طلبة غزة من عدم توفر المستلزمات الدراسية من الحقائب والدفاتر والأقلام وما إلى ذلك، إضافة إلى انقطاع الكهرباء، مما يحول دون تمكنهم من متابعة دروسهم أولا بأول. محاولات إنقاذ التعليم كما فقد أغلب الطلبة والمعلمين أجهزتهم الإلكترونية، ويعيشون في خيام داخل أماكن نزوح تفتقر لأدنى مقومات الحياة ولأبسط معايير الخصوصية والاستقرار، علاوة على قضاء الطلبة جل وقتهم في البحث عن مياه الشرب والطعام وجمع الحطب، وغيرها من التفاصيل اللازمة لاستمرار حياتهم. وللحفاظ على ما تبقى من العملية التعليمية، أخذت مجموعة من المعلمين زمام المبادرة لتقديم يد العون للطلبة الذين فاتهم العام الدراسي للسنة الثانية على التوالي، وتقديم الحد الأدنى من الخدمة التعليمية، عبر مجموعات افتراضية للطلبة على منصات التواصل الاجتماعي. وإلى جانب هذه المجموعات، أنشأ بعض المعلمين فصولا دراسية في الخيام ومراكز الإيواء، يتم فيها نصب لوحات خشبية صغيرة بهدف تقديم الدروس للنازحين. وفي تصريح سابق للجزيرة نت، أكد وكيل وزارة التربية والتعليم بغزة خالد أبو ندى أن الاحتلال تعمد تدمير نحو 90% من مرافق الوزارة ومبانيها، وحرم 785 ألف طالب وطالبة من التعليم. واستشهد نحو 13 ألف طالب وطالبة و800 معلم وموظف تربوي في سلك التعليم، فضلا عن 150 عالما وأكاديميا وأستاذا جامعيا وباحثا، حسب أبو ندى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store