
"بلومبرغ": إمبراطورية إيلون ماسك في خطر؟
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
كان من المفترض أن يكون حفل توديع إيلون ماسك في المكتب البيضاوي قبل نحو شهرين، مطمئناً لأي شخص يساوره القلق بشأن سلامة ماسك الصحية، لأنّه في وقت سابق من ذلك اليوم، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً نفاه ماسك، نسبت فيه إلى مصادر مجهولة إلى أنّ استخدامه للمخدرات كان يسهم في نمط من السلوك غير المنتظم، والعنيف خلال فترة ولايته القصيرة والفوضوية في السياسة الرئاسية، حيث ظهر أنّ أغنى رجل في العالم يغادر البيت الأبيض بإصابة جسدية ألحقها بنفسه، وربّما بعض الإصابات النفسية. لكنّ المسألة على وشك أن تزداد سوءاً، وسرعان ما سيجد ماسك شخصه ومصالحه التجارية في مرمى نيران ترامب ممّا يفقده الزخم.
لقد بدأ ماسك وظيفته في إدارة ترامب الثانية وهو متربع على قمة شاهقة كما يكون عادة فاحشو الثراء، وقد عين نفسه رئيساً لما يسمى "إدارة كفاءة الحكومة"، ومهمتها بذل الجهود لخفض التكاليف، ما جعله ولو لفترة قصيرة، أحد أقوى الشخصيات في واشنطن، ووفّر له خلفية لنوع سريالي من فن الأداء السياسي، حيث تجوّل في المكتب البيضاوي كما لو كان ملكه الخاص. وسخر من موظفي الخدمة المدنية، وخفض تمويل بنوك الطعام، وتباهى بإرسال وكالات اتحادية بأكملها "إلى مفرمة إنهاء الخدمات". كما حصل على الكثير من الوثائق والمخططات العسكرية الأميركية الحساسة، وكميات هائلة من البيانات الشخصية، واستفاد من حرص معظم قادة العالم على إرضاء ترامب، حيث استحوذ على تراخيص لشركة ماسك "سبيس إكس" من الدول، وبدأ المعلنون الذين تراجعوا عن شبكة ماسك الاجتماعية بعد نوباته المعادية للسامية المختلفة، بشراء الإعلانات في منصة إكس مجدداً، كما ارتفعت القيمة السوقية لشركة تيسلا وشركات ماسك الأخرى.
لقد أرخى مشهد تراكم ثروة ماسك شعوراً راسخاً لدى العديد من المستثمرين بأنّه والرئيس ترامب الذي أنفق 300 مليون دولار على انتخابه قد اندمجا في الواقع. نشر ماسك في شباط/ فبراير الماضي "أحب ترامب بقدر ما يحب رجل مستقيم رجلاً مثله"، ثمّ حضر اجتماعاً لمجلس الوزراء مرتدياً قبّعة كتب عليها، "كان ترامب محقّا في كلّ شيء، لكنه واظب على نسب الفضل لنفسه في تخفيضات الموازنات الحكومية، حتّى مع استياء الجمهور الأميركي منها".
في البداية أسعدت حماسة ماسك الرئيس ترامب لفترة قصيرة على الأقل، لكن تباهي ماسك كلفه غالياً. فحين دخل ماسك معترك السياسة عام 2024 كرجل أعمال يحظى بإعجاب واسع. وبعد عام، أظهرت استطلاعات الرأي تراجع شعبيته الصافية بنحو 20%، ما جعله أقل شعبية بكثير من ترامب أو من معظم الشخصيات السياسية الوطنية البارزة الأخرى.
كما أنّ بعض مالكي سيارات "تسلا" شرعوا بوضع ملصقات معادية لماسك على سياراتهم الكهربائية، بينما اتجه آخرون لشراء سيارات من شركات أخرى. كما أفادت الشركة بأنّها سلمت عدداً أقلّ من السيارات بنسبة 13% مقارنة بالعام الماضي، على الرغم من نمو سوق السيارات الكهربائية بشكل عام. كذلك انخفض سهم تيسلا بأكثر من 30% منذ أن بلغ أعلى مستوى له بعد الانتخابات.
مع ذلك كان يمكن أن يكون كلّ هذا غير ضارّ لو تمكّن ماسك من الحفاظ على علاقاته الوثيقة مع ترامب، الذي كان يحثّ أتباعه على شراء سيارات "تسلا"، والذي كانت إدارته في وضع جيد لتخفيف اللوائح التي تؤثر في الشركة ومنح العقود إلى "سبيس إكس" . ولكن بعد أيام من ظهوره في المكتب البيضاوي في حفلة وداعه بعينه السوداء نتيجة لضربة تلقاها من ابنه الصغير في أثناء اللعب، ثمّ انفجر ماسك في نوبة غضب عبر وسائل التواصل الاجتماعي ذات أبعاد ملحمية، وقال من بين أمور أخرى عن ترامب أنّه لم يكن لينتخب أبداً من دونه.
كما زعم من دون دليل أنّ ترامب كان متواطئاً في جرائم جيفري إبستين وأنّه قد أخفاها. ولهذا السبب، قال ماسك، يجب عزل ترامب واستبداله بنائب الرئيس جيه دي فانس. وردّ ترامب بالتهديد بإلغاء جميع عقود "سبيس إكس" مع الحكومة الأميركية.
بعد ذلك هدأت حدّة الخلافات، وتراجع ماسك وحذف مزاعمه عن مسألة إبستين، واعتذر بشكل موارب وكتب "أشعر بالندم على بعض منشوراتي"، ثمّ استأنف انتقاداته لمشروع قانون ترامب "وان بيغ بيوتي بل"، الذي إضافة إلى تمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017، يخفض أيضاً الدعم المقدم لشركة تيسلا. سأل ترامب في مؤتمر صحافي في الأوّل من الشهر الجاري، "هل تعرفون ما هي دوغ، الوحش الذي قد يضطر إلى العودة والتهام إيلون ماسك".
قال ترامب في المؤتمر الصحافي في بداية الشهر الجاري إنّ ماسك "مستاء من فقدانه تفويضه بشأن السيارات الكهربائية، لكنه لا يدرك أنّه قد يخسر أكثر من ذلك بكثير".
مع ذلك، تهديد ترامب أقلّ خيالية ممّا قد يبدو، لأنّ ماسك غني على الورق، بثروة صافية تبلغ حوالى 360 مليار دولار، وفقاً لمؤشّر بلومبرغ لفاحشي الثراء. لكنّه فقير في السيولة النقدية، ويعتمد إلى حدّ كبير على سعر سهم تيسلا، وعلى العلاقات الجيدة المستمرّة مع الحكومة الأميركية، وعلى قدرته على جمع مبالغ لا حصر لها تقريباً من المال، من المستثمرين الذين يوافقون بشكل رئيسي على كلّ ما يقوله.
لكنّ هذا النهج أكثر تذبذباً من أيّ وقت مضى، فقد انخفض سعر سهم تيسلا بشكل حادّ، بينما يتبادل ترامب وماسك الاتّهامات علناً، وحتّى بعض أشدّ المستثمرين المؤيدين لماسك يصدرون تحذيرات غامضة حول الحاجة إلى تدخل مجلس إدارة تسلا. كما أنّ شركات ماسك متشابكة مالياً، ما يجعل من الصعب احتواء الأضرار الجسيمة. وهناك العديد من الأسلحة الأخرى التي يمكن أن يستخدمها ترامب ضدّ مصالح ماسك التجارية إذا تحمس أكثر.
يسأل أحد المطلعين المخضرمين على شؤون الحزب الجمهوري، والذي تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول الحديث علناً، "إنّها بيئة تنظيمية غير متوقعة تماماً"، ويضيف، أنّ هناك خطراً انتقامياً غير مرئي من ماسك من خلال أحد التحقيقات المفتوحة التي يواجهها بالفعل من وكالات فيدرالية، بما في ذلك هيئة الأوراق المالية والبورصات والإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة.
وفي أواخر الشهر الجاري، صرّح ماسك بأنّه "عاد إلى العمل على مدار الساعة". وقد سبق له أن فعل ذلك، مركزاً عادة على هدف واحد. هذه المرّة، حدّد عدة أهداف تواجه كلّاً من "تسلا" ، و "سبيس إكس" ، و"إكس إيه آي"، وهي تحديات ملحة. وفي إطار الانتقام كشف ماسك عن حزب سياسي ثالث يسميه "حزب أميركا"، وهو جهد، كما قال، لانتخاب مشرّعين مستقلين، على حساب الأغلبية الجمهورية في الكونغرس، ومباشرة بعد ذلك انخفضت القيمة السوقية لشركة "تسلا" بنحو 70 مليار دولار.
ماسك، الذي لم يستجب لطلبات الصحافيين بالتعليق، لديه قدرة غريبة على ابتكار طرق للخروج من المتاعب. فقد كادت شركة "تسلا" أن تفلس مرتين على الأقلّ. كذلك "سبيس إكس" قبل أن يصل صاروخها الأوّل إلى مداره. لكنّ رهانات ماسك الحالية تخسر أكثر من مليار دولار شهرياً في شركاته الثلاث، ما يضع إمبراطوريته على أرض هشّة، بينما يمتلك الرئيس الأميركي المزاج والأدوات اللازمة للإضرار بإمبراطورية ماسك، ولكن في قائمة عوامل الخطر التي تهدد شركة إيلون ماسك، يتعين على ترامب أن يصطفّ خلف ماسك نفسه.
اليوم 10:20
اليوم 10:03
حالياً تشهد "تسلا" انكماشاً. فقد أعلنت عن أوّل انخفاض في مبيعاتها السنوية في بداية العام. كما أعلنت عن انخفاض في تسليم السيارات في الربعين التاليين. وفشلت شاحنة سايبرترك منذ إطلاقها عام 2023، حيث بيع منها حوالى 5000 مركبة في الربع الأخير. مع أنّ ماسْك كان قد توقع مبيعات سنوية تراوح بين 250 ألفاً و500 ألف، وتشير الوتيرة الحالية إلى أنّ 20 ألفاً قد تكون أكثر واقعية. وفي العام الماضي، بدا أنّ ماسك قد تخلى عن خططه لإنتاج سيارة منخفضة التكلفة، كان العديد من المحللين يعوّلون عليها لجذب عملاء جدد، واختار بدلاً من ذلك خفض تكلفة تشكيلة الشركة الحالية.
يبدو أنّ توجهات ماسك اليمينية تنفّر العديد من مشتري السيارات الكهربائية الذين كانوا في السابق من أشدّ معجبي "تسلا" . وقد انخفض عدد مرتادي متاجر تسلا بشكل كبير في الخريف الماضي، حين تزايد حضور ماسك السياسي، ما راكم مخزون السيارات غير المبيعة. وقبل نحو شهرين صرّح مدير المبيعات السابق في "تسلا" ماثيو لابروت والذي استقال من الشركة احتجاجاً، أنه يعتقد أن مبيعات سيارة موديل واي سيدان المعاد تصميمها من الشركة، كانت ضعيفة لأنّ التصميم الجديد جعل تاريخ الشراء القديم واضحاً، حيث لا يمكن وضع ملصق "اشتريت هذه قبل أن يصاب ماسك بالجنون، لقد كان ماسك مجنوناً بالفعل".
ولقد زادت الدراما داخل تسلا من تعقيد مهمّة ماسك. فقد غادر العديد من كبار الموظفين الشركة في الأشهر الأخيرة، بمن فيهم أوميد أفشار نائب ماسك الرئيسي، وميلان كوفاتش قائد هندسة برنامج الروبوتات البشرية في "تسلا" ، وديفيد لاو رئيس هندسة البرمجيات، وجينا فيروا رئيسة الموارد البشرية في الولايات المتحدة. ولم يفهم معظم موظفي "تسلا" هذه الاستقالات، ولم يعلم بها الموظفون إلّا من خلال منشورات في منصة إكس.
لقد حاول ماسك تجاهل كل هذا. قال خلال مكالمة أرباح "تسلا" في نيسان/ أبريل الماضي، "الحقيقة هي أنّه في المستقبل، لن يشتري معظم الناس سيارات". ويقصد استخدام سيارة روبوتاكسي. ووفقاً لشخصين مطلعين على عمليات "تسلا" ، تحدثا شرط عدم الكشف عن هويتيهما، قالا إن خطة ماسك كانت الكشف عن خدمة محدودة لتأجير السيارات لمجموعة صغيرة من المستخدمين كنوع من إثبات المفهوم مع الضغط من أجل القواعد الفيدرالية التي تسمح نظرياًُ لشركة "تسلا" بتقديم خدمات روبوتاكسي على مستوى البلاد، حيث تعمل الشركة على تطوير روبوتاكسي بمقعدين، قال ماسك إنّها ستكون جاهزة للطريق في وقت ما من العام المقبل.
مع ذلك قد يواجه ماسك صعوبة في إقناع ترامب، كونه خصمه اللدود الجديد في هذه الخطة. وخلال حملته الانتخابية، كان ترامب قد انتقد بشدة السيارات الكهربائية، وقال في تجمع بنادي ديترويت الاقتصادي إنّه سيمنع المركبات ذاتية القيادة من السير على الطرق الأميركية. ورغم أنّ ترامب كان سعيداً بوضع ماسك في مركز اهتمام في وزارة الكفاءة الحكومية، إلّا أنّ مشروع قانون الضرائب الذي أقرّه مؤخّراً يبدو كارثياً على الوضع المالي لشركة "تسلا" .
ويلغي مشروع القانون إعفاء ضريبياً بقيمة 7500 دولار، يطبّق على معظم السيارات الكهربائية الأميركية الصنع، من ضمنها معظم سيارات "تسلا" ، ما سيجعل أسعارها أعلى بكثير بدءاً من الخريف. كما يلغي العقوبات المفروضة على شركات صناعة السيارات التي لا تستوفي معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود الفيدرالية، كجزء من برنامج ائتمانات تنظيمية كان قد وفر لشركة "تسلا" مكاسب هائلة على مرّ السنوات. وفي العام الماضي، حين باعت الشركة لشركات أخرى ما يقارب 3 مليارات دولار من الائتمانات التنظيمية، رأت مصادر ضليعة أنّ هذه الضربة المزدوجة ستكلف "تسلا" حوالى نصف أرباحها السنوية.
لطالما كانت "سبيس إكس" أكثر شركات ماسك استقراراً. فهي تتميز بخط إنتاج مسيطر عليه بصرامة، ورؤية واضحة للمهمة، على عكس تيسلا التي لديها نائب واحد يتمتع بالصلاحيات. وتشرف غوين شوتويل الرئيسة التنفيذية للعمليات التي عملت مع ماسك منذ الأيام الأولى لـ "سبيس إكس" التي أطلقت 84% من الأقمار الاصطناعية إلى مدارها في العام الماضي، إضافة إلى نقل البضائع والرواد إلى محطة الفضاء الدولية.
على الرغم من أنّ ناسا لديها خيار آخر لإرسال شحنات إلى محطة الفضاء الدولية، وهو مركبة سيغنوس الفضائية التابعة لشركة نورثروب غرومان، إلّا أنّه لا يوجد منافسون حقيقيون لـ "سبيس إكس" في الولايات المتحدة لمهام روّاد الفضاء. وشركة بوينغ، التي لديها أيضاً عقد مع ناسا لنقل رواد الفضاء، لم تجرِ بعد مهمّة ناجحة لبرنامج ستارلاين الذي أطلقته في العام 2024 بعد سنوات من التأخير.
من ناحية أخرى، يعدّ التناقض بين محاولات "سبيس إكس" وبوينغ لنقل روّاد الفضاء دليلاً على ما حققه ماسك. ولكن لسنوات، جادل منافسو "سبيس إكس" إضافة إلى حفنة من مسؤولي الحكومة الأميركية، بأنّ اعتماد الحكومة على ماسك يمثّل نقطة ضعف، ما يمنح مليارديراً غير منتظم، نفوذاً على أصل عسكري أساسي. كما ازدادت حدّة الانتقادات في عام 2023، بعد أن أفاد كاتب السيرة الذاتية والتر إيزاكسون أن ماسك رفض طلباً من الجيش الأوكراني بتشغيل خدمة الإنترنت ستارلينك التابعة لـ "سبيس إكس" للمساعدة على هجوم مخطط له في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي كتبت مجموعة من الأعضاء "الديمقراطيين" في الكونغرس رسالة إلى وزير الدفاع آنذاك لويد أوستن تقترح فيه أنّ على الحكومة تطوير أنظمتها الخاصة، وأنّ الاعتماد على "سبيس إكس" يشكّل "مخاطر جسيمة على الأمن القومي". كما ذكرت مجلة "فوربس" أنّ مايك غالاغر، ممثّل الحزب الجمهوري في ولاية ويسكونسن آنذاك، أرسل خطاباً إلى ماسك يشكو فيه من أنّ ستارلينك ترفض تقديم الخدمة إلى تايوان، الأمر الذي "قد يعرض العقود العسكرية لشركة "سبيس إكس" للخطر".
مع ذلك، أنكرت "سبيس إكس" العمل ضدّ المصالح الأميركية أو الأوكرانية، وقالت إنها لا تعمل في تايوان، لأنّ الحكومة لم تمنحها ترخيصاً. وأبقت الشركة على عقودها، وهدأت الانتقادات، ويعود ذلك جزئياً إلى أنّ صواريخ ماسك تحظى بمعجبين أكثر بكثير من منتقديها داخل الحكومة. بدا أن ترامب يعتبر نفسه من بين المعجبين، خاصة بعد أن أصبح ماسك أكبر داعميه الماليين.
في أواخر الشهر الخامس الماضي، وبعد أن اشتكى ماسك من مشروع قانون الضرائب، وكتب في منصة إكس عنه أنّه "عمل مقزّز حقير"، وفي أوائل الشهر الماضي سأل أحد المراسلين ترامب عن ذلك حيث قال إنّ "ماسك غاضب من إلغاء قروض "تسلا" ". وبدا وكأنّه يلمّح إلى احتمال وجود تضارب في المصالح.
ثم أطلق ماسك تهديداً أسوأ بكثير، على الأقلّ من منظور الأمن القومي، من أي شيء قاله عن ترامب وإبستاين، وكتب "في ضوء تصريح الرئيس بشأن إلغاء عقودي الحكومية، ستبدأ "سبيس إكس" بإيقاف تشغيل مركبة دراغون الفضائية فوراً". كان التهديد واضحاً: من دون دراغون، ستواجه الولايات المتحدة صعوبة في الوصول إلى محطة الفضاء الدولية حتى تصلح بوينغ مشاكل ستارلاينر، التي من غير المقرّر أن تستأنف رحلاتها قبل العام المقبل على أقرب تقدير، والخيار الآخر هو طلب المساعدة من روسيا.
وسرعان ما تلقى العديد من الشركات والشركات الناشئة التي تعمل على صواريخها الخاصة، مكالمات من البنتاغون للاطمئنان على تقدمها، وهو ما يشير، وفقاً لأشخاص مطلعين على المكالمات إلى أنّ إدارة ترامب بدأت تقتنع بضرورة إيجاد المزيد من البدائل لـ "سبيس إكس" . كذلك أفادت مصادر صحافية بأن ترامب تدخل في نزاع بين الحكومة الأميركية وشركة إيكو ستار، وهي شركة منافسة لـ "سبيس إكس" ، وحثّ على التوصل إلى تسوية، ومنذ ذلك الحين ارتفعت أسهم إيكو ستار، التي كانت على شفا الإفلاس، بنحو 80%.
قرار استقطاب منافسين ل "سبيس إكس" منطقي، وفقاً للوري غارفر، نائبة مدير ناسا السابقة في عهد الرئيس باراك أوباما، والتي كانت من أهمّ حلفاء ماسك في واشنطن قبل عقد من الزمان. وصرّحت غارفر لبلومبرغ نيوز في الشهر الماضي، "من غير المقبول أن يهدد رئيس تنفيذي لشركة مقاولات دفاعية وجوية رائدة بإيقاف خدمات تعاقدت الحكومة معه لتقديمها".
تراجع ماسك مجدداً. ونشر في منصة إكس "حسناً، لن نوقف تشغيل دراغون"، ملمحاً في الوقت نفسه إلى أنّ "سبيس إكس" لا تعتمد على التمويل الحكومي على أيّ حال، لأنّ إيراداتها تفوق بكثير ما تحصل عليه من ناسا. هذا صحيح، ولكنه مضلل بعض الشيء، لأن معظم إيرادات "سبيس إكس" من القطاع الخاص تأتي من ستارلينك، وهو مجال عمل جديد قد لا يكون مربحاً.
في أواخر الشهر الماضي جمع ماسك 10 مليارات دولار من الديون والأسهم لشركة إكس آي آي، ويخطط لجمع 10 مليارات أخرى بسرعة. وصرح بأنّ الخطة تهدف إلى "إعادة صياغة المعرفة البشرية بأكملها". وفي إطار جهود جمع التمويل، أبلغت الشركة المستثمرين بأنّ مخطط إنفاق 13 مليار دولار هذا العام مقابل إيرادات لا تتجاوز 500 مليون دولار. وبعد أن نشرت بلومبرغ نيوز التفاصيل المالية وصف ماسك التقرير بأنّه "هراء". ومن ناحية أخرى، عرضت الشركة خصماً خلال جمع التمويل بالديون، ويشمل تمويل الأسهم ملياري دولار من "سبيس إكس" . وقال ماسك إنّه سيطلب من مجلس إدارة تيسلا المساهمة أيضاً في تلبية هذه الاحتياجات.
بالطبع، تعتبر تسلا نفسها شركة ذكاء اصطناعي، وتتنافس الآن مع شركته الأخرى على الكفاءات الهندسية. وأشار ماسك أحياناً إلى أن برامج الذكاء الاصطناعي في "تسلا" بالغة الأهمية لمستقبلها، وألمح في أحيان أخرى إلى أنه قد ينقلها إلى إكس آي آي، حيث يمتلك حصة أكبر...
كتب المحلل المالي دان إيفز: "على مجلس إدارة تسلا أن يتحرك"، برسالة حازمة من الذي يعتبر على نطاق واسع المحلل الأكثر تفاؤلاً بشأن مستقبل تسلا في وول ستريت، واعتبر أن الأنشطة السياسية للرئيس التنفيذي لشركة تسلا "تتعارض تماماً مع ما يرغب فيه مساهمو تسلا" وتعرض الشركة للخطر في وقت "تتجه فيه إلى إحدى أهمّ مراحل دورة نموها".
لقد كان رد ماسك مختلفاً، إذ أوضح أنّه يعتزم الاستمرار في اتّباع نهجه بأيّ ثمن وكتب: "اصمت يا دان".
نقله إلى العربية: حسين قطايا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
رداً على تصريحات مدفيديف "الاستفزازية"... ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين في "المناطق المناسبة"
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة أنه أمر بنشر غواصتين نوويّتين ردا على تصريحات "استفزازية للغاية" أدلى بها مسؤول روسي. وجاء في منشور لترامب على منصّته تروث سوشال: "استنادا إلى التصريحات الاستفزازية للغاية التي أطلقها الرئيس السابق لروسيا، دميتري مدفيديف... أمرت بنشر غواصتين نوويّتين في المناطق المناسبة، تحسبا لانطواء هذه التصريحات الغبية والتحريضية على ما هو أكثر من ذلك". وتابع: "الكلمات مهمة جدا، وغالبا ما يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير مقصودة، آمل ألا تكون هذه من تلك الحالات". وكان مدفيديف، وهو حاليا نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، اعتبر في منشور على إكس أن تحديد ترامب مهلة لموسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا، هو بمثابة "تهديد وخطوة نحو الحرب". وقال مدفيديف سابقاً، إن على ترامب أن يتذكر أن روسيا ليست إسرائيل أو إيران ولغة "الإنذارات" تمثل خطوة نحو الحرب. وتابع مدفيديف تعليقاً على تصريح ترامب بشأن تقصير مهلة التوصل إلى وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، قائلاً إن هذه "خطوة نحو الحرب". وكتب مدفيديف على منصة "إكس": "ترامب يلعب لعبة الإنذارات مع روسيا: 50 يوماً أو 10 أيام... عليه أن يتذكر أمرين: أولاً روسيا ليست إسرائيل ولا حتى إيران. ثانياً كل إنذار جديد يمثل تهديدا وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلده". وفي وقت سابق من هذا الشهر، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية "صارمة" على الشركاء التجاريين لروسيا إذا لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار في غضون 50 يوماً، مانحاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهلة حتى 2 سبتمبر/أيلول المقبل. لكن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاثنين، قال ترامب إنه سيخفض المهلة التي منحها لبوتين من 50 يوماً "إلى عدد أقل"، قائلاً إن هذا قد يكون "10 أو 12 يوماً".


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
الولايات المتحدة الأميركية: الرئيس دونالد ترامب يأمر بإقالة رئيس مكتب إحصاءات العمل بعد ساعات من صدور بيانات تُظهر تباطؤ نمو الوظائف
الولايات المتحدة الأميركية: الرئيس دونالد ترامب يأمر بإقالة رئيس مكتب إحصاءات العمل بعد ساعات من صدور بيانات تُظهر تباطؤ نمو الوظائف


النهار
منذ 3 ساعات
- النهار
رسوم ترامب الجمركية الجديدة تربك الأسواق... وبعض الدول ما زالت تفاوض
أدى الإعلان رسميا عن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة إلى هبوط حاد في البورصات العالمية الجمعة، وإن كان تأجيل تطبيقها لغاية السابع من الشهر يتيح لدول كثيرة مواصلة التفاوض مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى اللحظة الأخيرة لتجنب فرض رسوم إضافية باهظة. سعيا إلى "إعادة هيكلة التجارة العالمية لما يعود بالنفع على العمال الأميركيين" من خلال فرض رسوم جمركية تتراوح بين 10% و41% على نحو 70 شريكا تجاريا، تُغرق واشنطن الاقتصاد العالمي مجددا في حالة من عدم اليقين. وفي حين ترحب بعض الدول الآسيوية بالاتفاقات التي تم التوصل إليها، لا تزال دول أخرى من كندا إلى سويسرا، تحت وقع الصدمة بعد الإعلان عن الرسوم الجمركية الجديدة. وجاء رد فعل الأسواق المالية سلبيا على هذا التطور الجديد الجمعة. وفي أوروبا، أغلقت البورصات الرئيسية على تراجع وسجّلت بورصة باريس مثلا انخفاضا بنسبة 2,91%. والأمر سيّان بالنسبة إلى وول ستريت. وتراجع مؤشّر اس اند بي 500 بنسبة 1,33% وناسداك بـ1,76% قرابة 15,50 بتوقيت غرينتش. وتخشى الأسواق المالية من تداعيات هذه القرارات على الاقتصادات، لا سيّما في الولايات المتحدة حيث برز مؤشر جديد إلى التباطؤ مع نسبة بطالة شهدت ارتفاعا بسيطا الجمعة بحدود 4,2% وتوظيفات أبطأ من المتوقع. ومساء الخميس، وقّع ترامب المؤيد للحمائية التجارية، المرسوم التنفيذي مانحا الدول مهلة من بضعة أيام. وأكد البيت الأبيض أن ضرائب الاستيراد الجديدة ستدخل حيز التنفيذ في معظم الدول في 7 آب/أغسطس بدلا من الأول منه كما كان مقررا أصلا، وذلك للسماح لسلطات الجمارك بتنظيم عمليات الجباية. لكن هذا التأجيل يُتيح فرصة لمفاوضات جديدة كما ترى عدة دول. إعفاء لقطاعات رئيسية وأعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا أن بلاده تخوض "مفاوضات مكثفة" بعد فرض واشنطن رسوما تبلغ 30% على بلاده تهدد بحسب البنك المركزي 100 ألف وظيفة. وقال لاي تشنيغ تي رئيس تايوان التي تواجه رسوما جمركية إضافية بنسبة 20% بسبب صناعتها للرقائق الإلكترونية، إنه "سيسعى جاهدا" لخفضها إلى مستوى معقول. في المقابل، كانت المفاجأة شديدة لدول مثل سويسرا التي عولت على المفاوضات وهي تواجه الآن رسوما إضافية بنسبة 39%، تزيد بكثير عن تلك التي تستهدف الاتحاد الأوروبي. وردت الحكومة الفدرالية السويسرية معربة عن "أسفها الشديد" لكنها أبدت أملا في التوصل إلى حل عن طريق التفاوض مع الولايات المتحدة التي تعتبر سوقا رئيسية لصادراتها وفي مقدّمها الأدوية والساعات والأجبان والشوكولاته بالإضافة إلى كبسولات القهوة والماكينات. وفُرضت رسوم بنسبة 15% على منتجات الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، بينما تراجعت قيمتها إلى 10% بالنسبة إلى المملكة المتحدة. كما حصل الاتحاد الأوروبي على إعفاء لقطاعات رئيسية، إلا أن رسوما إضافية أخرى لا تزال سارية. وقبل تولي دونالد ترامب السلطة، كانت الرسوم على السلع الأوروبية بنسبة 4,8% في المتوسط. ضغوط سياسية تُثير هذه القضية قلق قطاعات عدة. ففي ألمانيا، تُبدي مصانع البيرة التي تشهد أنشطتها تراجعا، مخاوف على صادراتها التي تُمثل نحو خُمس مبيعاتها. وفي فرنسا، يأمل قطاع صناعة النبيذ الذي يتوقع خسارة إيرادات تصل إلى مليار يورو، "الاستفادة من إعفاء" وفق أحد ممثليه. ودانت الصين التي تخوض مفاوضات مع الولايات المتحدة لتمديد الهدنة التجارية بينهما لما بعد 12 آب/أغسطس، سياسة الحمائية التجارية التي تُلحق الضرر "بجميع الأطراف". وحصلت المكسيك على إعفاء لمدة 90 يوما قبل تطبيق زيادة الرسوم الجمركية. وتُعدّ هذه الرسوم أيضا وسيلة يستخدمها ترامب لممارسة ضغوط سياسية، فالبرازيل التي ينتقدها الرئيس الأميركي بسبب محاكمة حليفه اليميني المتطرف الرئيس السابق جايير بولسونارو، ستخضع صادراتها إلى الأسواق الأميركية لرسوم جمركية بنسبة 50%. كما رُفعت من 25% إلى 35% الرسوم الجمركية على منتجات كندا غير المشمولة باتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا). غير أن الاتفاقية تشمل السواد الأعظم من الواردات الكندية إلى الولايات المتحدة، ما من شأنه أن يخفّف من وطأة هذا التدبير. وعبر رئيس الوزراء مارك كارني عن "خيبة أمله" لكنه شجع مواطنيه على "شراء المنتجات الكندية الصنع وتنويع أسواق التصدير". واتهم البيت الأبيض أوتاوا بأنها "فشلت في التعاون للحدّ من تدفّق الفنتانيل وغيره من المخدّرات" إلى الولايات المتّحدة و"اتّخذت إجراءات انتقامية ضدّها". كما حذر ترامب من أن التوصل إلى اتفاق مع كندا سيكون "صعبا جدا" في حال نفذ كارني تعهده الاعتراف بدولة فلسطين. وعبرت عدة بلدان آسيوية تعول على السوق الأميركية، عن ارتياحها لأن الرسوم التي فرضت عليها أدنى مما سبق أن لوحت به الإدارة الأميركية. ومن بين هذه الدول تايلاند التي فرضت عليها رسوم بنسبة 19% بالمقارنة مع 36% سابقا، والتي وصفت الأمر بأنه "نجاح كبير"، وكمبوديا (19% بدل 49%) التي رحّبت بما اعتبرته "أفضل خبر ممكن".