logo
بين اليهودية والصهيونية

بين اليهودية والصهيونية

الغدمنذ 7 ساعات

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
سيث ساندروسكي* - (كاونتربنش) 30/5/2025
شرعتُ في قراءة كتاب "أن تكون يهوديًا بعد تدمير غزة "Being Jewish after the Destruction of Gaza من تأليف بيتر بينارت (منشورات كنوبف، 2025) بينما كانت حكومات كندا وفرنسا والمملكة المتحدة تعلن أن معاناة الشعب الفلسطيني تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 19 شهرًا لم تعد تُحتمل.
اضافة اعلان
قد يقول متشائم إن هذا الموقف الذي ظهر أخيرًا يتعلق أكثر بالعلاقات العامة، ويهدف إلى حماية الرأي العام العالمي من صور الأطفال الفلسطينيين الذين يجري قتلهم وتجويعهم في غزة. إن ما يجري هناك هو نوع من تسييج المشاعات باستخدام التكنولوجيا المتقدمة، أي إفقاد الفلسطينيين أراضيهم لصالح دولة إسرائيل من خلال وكيلها الأميركي، لخدمة نظام جيوسياسي صمّمه ويديره المستثمرون الخاصّون لتحقيق مصالحهم.
وتشكل هذه الممارسة للقوة الأميركية عرَضًا لمرض ديمقراطية ليبرالية متعفنة متحللة، حيث نظام الحزبين يخدم الأثرياء والمليارديرات الذين تقوم أصواتهم التي امتلكوها بدولارات التبرعات بتكريس الحرب والعبث.
بينما تتكشف إبادة جماعية تُبث على الهواء مباشرة من غزة، يركّز الكاتب على دور كل من اليهودية والصهيونية وسط التوسع الإسرائيلي المدعوم بالمساعدات العسكرية من "العم سام"، والمغلف، حسب قوله، بـ"القصة التي نرويها، نحن اليهود، لأنفسنا لحجب صرخات الضحايا".
ويركز بينارت على الصدام بين اليهودية والصهيونية. وينتقد، لهذه الغاية، الأيديولوجيا التفوقية التي تعتنقها الصهيونية، والتي تتم شرعنتها من خلال مساواتها الزائفة باليهودية، كديانة. في السياق الحالي لهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، تواجه الصهيونية -بصفتها رواية سائدة- ما قد يكون أكبر تحدٍ لشرعيتها، والذي يأتي من يهود أميركيين من جيل أصغر. ويدرك بينارت تمامًا طبيعة هذا التناقض.
ثمة للبربرية الإسرائيلية التي تتكشف الآن ضد الفلسطينيين نظير أميركي. ولنأخذ مثلًا تاريخ كاليفورنيا الذي لم أتعلمه عندما كنت طفلًا. خلال حقبة "حُمى/ اندفاعة الذهب"، سرق المستوطنون البيض أراضي السكان الأصليين وسط موجة قتل جماعية.
وقد انخفض عدد السكان القبليين من 150.000 إلى 30.000. وفي الوقت نفسه، كان هناك 3.000 إنسان من أصل أفريقي مستعبَدين يعيشون ويعملون في هذه الولاية التي يُزعم أنها "حرة". ["اكتشاف دانيال بلو: رحلتي في البحث عن القيمة والمعنى والإرث" (دار كيه. بي للنشر، 2025).
يتصادم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي مع دعم الحزبين ومموليهما من الشركات، الذي يعادل بين انتقاد الصهيونية الإسرائيلية ومعاداة اليهودية، بل ويقطع شوطًا أبعد إلى حد مقارنة مقاومة الفلسطينيين بالنازية. يعارض بينارت هذا التزييف، ويفككه في كتابه المؤلف من خمسة فصول.
ويسمّي الجماعات التي تعتمد رسائلها على تقديم المقاومة الفلسطينية للاستعمار الإسرائيلي زورًا بأنها معاداة لليهود، ويستشهد جزئيًا بالتلمود الذي يشكل نصًا محوريًا في اليهودية ومصدرًا لقوانينها ودراستها لله والإيمان.
ثمة مسار تاريخي مرتبط بعنف الدولة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين يخدم مصالح رأس المال الذي يسعى إلى النمو من خلال إعادة إعمار غزة وإعادة توطينها.
وقد أصبح ذلك معروضًا على شاشات رادار الرأي العام بفضل خطاب الرئيس ترامب الذي يتعامل مع الأمور بمنطق الصفقات.
ولا يمكن تفويت رؤية تصريحه عن المستقبل "الجميل" الذي ينتظر المطورين والممولين الخاصين في العقارات الشاطئية في غزة بعد إزالة الفلسطينيين منها.
ولنتأمل في هذا الإطار قوانين البرلمان البريطاني في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، التي كانت مثالًا لممارسة قوة الدولة واستخدامها لما تعتبره عنفًا مشروعًا. لقد طردت هذه القوانين الفلاحين من الأراضي العامة التي أصبحت مُلكية خاصة للطبقة العليا، مع فرض عقوبات شديدة على المعارضين، بما فيها الإعدام.
ثمة الآن عملية موازية، معدّلة لتناسب الواقع الراهن، تجري في غزة بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023. وقد أشرف رئيس أميركي ديمقراطي على إرسال شحنات من المساعدات العسكرية لإسرائيل، ويواصل خليفته الجمهوري فعل الشيء نفسه -جزئيًا بتزويد إسرائيل بقنابل تزن الواحدة منها 2.000 رطل من أجل بتر أطراف الفلسطينيين وقتلهم.
أرى أن طرح بينارت حول التمرّد الأخلاقي ضد الصهيونية يأتي في سياق توجّه سياسي يميني متطرف إلى استبدال الليبرالية الديمقراطية بالتسلط المتطرف. وهذان الاتجاهان وجهان لعملة واحدة، يمثلان المعتقدات والممارسات الحاكمة لنظام يدمر مجتمع الكوكب، من غابات الأمازون إلى بحر القطب الشمالي، مرورًا بكل ما بينهما.
وعلى سبيل المثال، يشكل المجمّع الصناعي العسكري الأميركي، مباشرة وبالوكالة كما في حالة إسرائيل، المنتِج الرئيسي لانبعاثات الكربون التي تطبخ كوكب الأرض.
دفع تدمير إسرائيل لغزة بعد هجوم "حماس" المفاجئ -وغير المفاجئ- على مستوطنة إسرائيلية في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، حتى كتّابًا ليبراليين مثل بيتر بينارت إلى تكرار مزاعم عن الاغتصاب لا أساس لها ضد المهاجمين الفلسطينيين (الصفحة 90 من الكتاب).
وللتوضيح، يظل العنف الجنسي أمرًا حقيقيًا ومنتشرًا، وتستحق المزاعم المتعلقة به كل اهتمام. لكنّ التلفيقات في هذا الشأن تخدم أيضًا كأداة دعائية لمصالح القوى الحاكمة من أجل السيطرة على الرواية خلال العمليات العسكرية التي يشنها قائم بالاستعمار (إسرائيل) ضد خاضع للاستعمار (الفلسطينيين).
"لم تتمكن منظمة 'هيومن رايتس ووتش' من جمع معلومات يمكن التحقق منها من خلال مقابلات مع ناجين من أو شهود على حدوث حالات اغتصاب خلال الهجوم في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ولا يوجد سوى رواية علنية واحدة يُقال إنها من إحدى الناجيات".
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس بايدن كرر أيضًا هذه الاتهامات ضد مقاتلي "حماس"، مما ضاعف من أثر الرسالة وعمّق اتجاه نزع الإنسانية عن سكان غزة الفلسطينيين على المستوى الأيديولوجي.
في نهاية المطاف، تعمل رؤية بينارت لدور الدولة في المجتمعات الرأسمالية -داخل إسرائيل وخارجها- كأداة لتوجيه نمو الاستثمار الخاص، على تقييد رؤيته لحلول التحرر التي تشمل المضطهَدين والظالمين معًا. ولذلك، تشكل دعوته إلى حلّ "روحي يهودي" للحروب الأبدية التي تقودها إسرائيل بدعم أميركي في الشرق الأوسط، من وجهة نظري، خطوة ضرورية، لكنها غير كافية.
في كتابه، يقتبس بينارت بإيجابية الحاخام أبراهام جوشوا هيشل، الذي يتضمن رأيه في دور الأفراد في المجتمع الرأسمالي، الاقتباس التالي: "إن اللامبالاة تجاه الشر هي أسوأ من الشر نفسه، [و] في مجتمع حر، ثمة البعض مذنبون، لكن الجميع مسؤولون".
ومع ذلك، تسيطر الطبقة الرأسمالية على الدولة وعلى الاستخدام القانوني للعنف. وفي المقابل، يفتقر الفقراء وطبقة العمال إلى قوة موازنة لتغيير السياسات والبنى السياسية للدولة الرأسمالية التي تشن حروبًا أبدية ضد الكوكب والإنسانية.
ثمة حدود للحجج الأخلاقية الداعية إلى السلام والعدالة الاجتماعية وسط لحظة الانهيار البيئي والاجتماعي التي نعيشها اليوم.
على سبيل المثال، يتطلب تغيير السياسة الخارجية للنظام السياسي الأميركي تعبئة جماهيرية تفرض مطالب على الدولة -مثل الرعاية الصحية والأجور الكافية للعيش الكريم للجميع، بدلاً من هدر الأموال على الحروب الإبادية في غزة.
ولا شك في أن لدى المواطنين الذين يقيمون مواقفهم على الدين دورًا ليلعبوه. وقد تناول المؤرخ العظيم الراحل ألكسندر ساكستون هذه العلاقة في كتابه "الدين والمستقبل الإنساني" (مطبعة منثلي ريفيو، 2006).
بإمكان المجتمعات اليهودية، وهي تفعل ذلك مسبقًا، أن تلعب دورًا في مثل هذا التحول، وهي عملية يشارك فيها بينارت كجزء منها وليس في انفصال عنها، كأكاديمي ومؤلف يتمتع بوصول إلى الإعلام السائد.
وتقود الطريق جماعات دينية مثل "الصوت اليهودي من أجل السلام"، والمنظمات الشعبية التي يرأسها القس ويليام باربر الثاني، الرئيس والمحاضر الأول في منظمة "مُصلحون من أجل العدالة"، إلى جانب نشطاء أميركيين آخرين ذوي توجهات مماثلة مثل "المواطن العام" و"مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية"، الذين سئموا من الوضع القائم ويضغطون من أجل إحداث تغيير اجتماعي جذري يضع البشر قبل الأرباح.
*سيث ساندروسكي Seth Sandronsky: صحفي من ساكرامنتو وعضو في وحدة العاملين المستقلين في نقابة عمال الإعلام في المحيط الهادئ.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Between Judaism and Zionism
في ترجمات:
وحده ترامب قادر على لجم إسرائيل

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصفدي يبحث مع مسؤولة أوروبية جهود خفض التصعيد بالمنطقة
الصفدي يبحث مع مسؤولة أوروبية جهود خفض التصعيد بالمنطقة

رؤيا نيوز

timeمنذ 35 دقائق

  • رؤيا نيوز

الصفدي يبحث مع مسؤولة أوروبية جهود خفض التصعيد بالمنطقة

بحث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مع نائب رئيسة المفوضية الأوروبية والمُمثّلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، اليوم الاثنين، الجهود المبذولة لخفض التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة. وأكّد الصفدي وكالاس، في اتصال هاتفي، أولوية العمل من أجل إنهاء التصعيد، وإيجاد مسار سريع للعودة للمفاوضات الدبلوماسية للتوصل لاتفاق حول ملف إيران النووي. وحذّر الصفدي من تداعيات استمرار التصعيد الإقليمي الخطير الذي تشهده المنطقة، والذي تفاقم نتيجة العدوان الإسرائيلي على إيران. كما أكّد الصفدي أن التركيز على خفض التصعيد بين إيران وإسرائيل يجب أن لا يُنسي العالم الكارثة التي تعيشها غزة نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي عليها، وضرورة التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وتوفير المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ وفوري ومن دون أي عوائق إلى القطاع من خلال منظمات الأمم المتحدة المعنية. وشدد الصفدي وكالاس على استمرار العمل المشترك من أجل إنهاء التصعيد في المنطقة، وإيجاد آفاق سياسية عملية للتقدم نحو تكريس الاستقرار وتحقيق السلام العادل الذي يضمن الأمن للجميع. وأكّدا الحرص المشترك على تعزيز الشراكة الأردنية الأوروبية عبر زيادة الدعم في مختلف المجالات، وإدامة التنسيق إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

الكيان الصهيوني: الشر المستطير
الكيان الصهيوني: الشر المستطير

الغد

timeمنذ ساعة واحدة

  • الغد

الكيان الصهيوني: الشر المستطير

لن تعرف منطقة الشرق الأوسط الهدوء والأمن والاستقرار قطْ طالما بقي الكيان الصهيوني جاثماً فوق أرض فلسطين المحتلة، مدعوماً غربياً، ومُمعناً في جرائمه بدون رادع. اضافة اعلان وما يزال «بنيامين نتنياهو» يعتقد أن الفرصة مواتية الآن لما زعمه «بتغيير وجه» الشرق الأوسط، من خلال شن العدوان على إيران، بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، ورفض الانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية، والمسارعة في الاستيلاء على جبل الشيخ ومواقع عدة بالجولان السوري فور سقوط النظام السوري، في 8 ديسمبر 2024، وإعلان إنهاء اتفاق «فض الاشتباك» مع سورية لعام 1974 والسيطرة على المنطقة العازلة التي تقدر مساحتها بـ 235 كلم مربع، جراء أهميتها البالغة بالنسبة للمخطط الصهيوني التوسعي في المنطقة. وإلى جانب الدعم الأميركي، مالاً وعتاداً وسلاحاً؛ سارعت دول غربية عديدة لإسناد الكيان المُحتل في هجومه على إيران، وفي مقدمتها ألمانيا، أسوة بموقفها من حرب غزة، فرغم الإدانات الخجولة التي صدرت عنها لجرائم الاحتلال في القطاع والمطالبة بوقفها عقب دعمها المطلق، إلا أنه من الواضح أن برلين لا تزال حبيسة العلاقة الصهيونية– النازية ولم تبرحها بعدْ، وهي علاقة وثيقة شائكة أنتجت منافع كثيرة متبادلة، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني. لم تنقضِ آثار التعاون الوثيق بين الصهيونية وألمانيا النازية بنهاية النظام النازي وموت زعيمه «أدولف هتلر»، عام 1945، بل استمرت بعده، عبر تمثله فكراً وسلوكاً في الكيان المُحتل، ومن خلال ما أثمرت عنه من اتفاقية ثنائية مهمة عام 1933 أسهمت في تعزيز المشروع الصهيوني وتمهيد الأرضية لقيام «الدولة» لاحقاً في فلسطين المحتلة، وهي تفاصيل مهمة كشف عنها الكاتب والمفكر الأميركي «دوغلاس يوفان» في مقال نشره على منصة «ResearchGate» في أكتوبر 2024، وقام بترجمته مشكوراً الأستاذ الدكتور عبد الرزاق بني هاني مؤلف «معجم لسان العرب الاقتصادي» الصادر حديثاً، لما يُفسر حجم الدعم الألماني المُطلق للكيان الصهيوني والمتواصل حتى اليوم. أطرت اتفاقية «هافارا»، التي تعد حلقة وازنة في العلاقات الصهيونية – الألمانية، أكبر عملية هجرة يهودية إلى فلسطين المحتلة في ذلك الوقت، تنظيماً وتمويلاً، حينما مكنت زهاء 50 ألف يهودي بين عامي 1933 – 1939 من مغادرة ألمانيا نحو «أرض الميعاد» المزعومة، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية واستيطانها بالقوة المسلحة عقب مصادرتها وطرد أصحابها الأصليين، مما أسهم في تعزيز المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة. أما تمويلاً؛ فقد سهلت الاتفاقية تحويل أصول اليهود في ألمانيا إلى فلسطين عبر شراء البضائع الألمانية التي تُشحن لاحقاً وتُباع للمستوطنين، وتُحول عائداتها إليهم وحدهم، بالتنسيق مع مؤسسات مالية وتجارية تابعة للحركة الصهيونية، لاسيما بنك «أنغلو – فلسطين» الذي تأسس عام 1902 لدعم مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين، ولعب دوراً محورياً في تنفيذ الترتيبات المالية «لهافارا». وبذلك؛ فإن ألمانيا النازية فتحت المجال أمام مسار تنظيمي مُنسق للهجرات اليهودية الضخمة المتعاقبة فيما بعد، واستفادت اقتصادياً إزاء الترويج لصادراتها المحلية، وساعدت أيضاً في تأسيس دعائم اقتصادية للمشروع الاستيطاني الإحلالي الاستعماري في فلسطين المحتلة، عادت بالنفع على مسار التحول الذي قاد لاحقاً لإعلان الكيان الصهيوني. وبطبيعة حال براغماتية الحركة الصهيونية؛ فلم تكترث كثيراً للانتقادات والأصوات اليهودية المعارضة للتعاون مع النظام النازي الذي كانت تصنفه كمعادٍ للسامية، وتعتبر أن الاتفاقية تُقوض حملة المقاطعة الدولية ضده وتشكل خرقاً لمقاطعة البضائع الألمانية آنذاك. وقد أسهم هذا التغاضي عن التباينات حتى لو كانت جوهرية لأجل تحقيق مكاسب سياسية، في تعزيز التوجه الصهيوني الداعي لحصر «الخلاص» اليهودي بفلسطين، مما جهز الأرضية الخصبة لدعم المخطط الصهيوني التوسعي. تعد اتفاقية «هافارا» أحد أشكال التواطؤ الغربي مع الصهيونية ضد الحقوق الفلسطينية والعربية، والذي أدى لإقامة كيان استعماري «وظيفي» في فلسطين المحتلة، أضحى شراً مُستطيراً على المنطقة بكاملها. للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا

أنا إسرائيل...
أنا إسرائيل...

الغد

timeمنذ 6 ساعات

  • الغد

أنا إسرائيل...

اضافة اعلان فنكلشتاين: ترجمة حسني عايشبقلم الأستاذ اليهودي الأميركي نورمانأنا إسرائيل: جئت إلى بلد بلا شعب لشعبٍ بلا أرض. ليس للشعب الموجود فيها أي حق فيها. وقد بين لهم شعبي أن عليهم الرحيل أو الموت. لقد محوت أربعمائة قرية فلسطينية عن الأرض. لقد محوت تاريخها.أنا إسرائيل: لقد ارتكب بعض شعبي مجازر، ثم أصبحوا رؤساء وزارات فيما بعد، يمثلونني. في سنة 1948 كان مناحيم بيغن مسؤولاً عن الوحدة (الهغناة) التي ذبحت سكان دير ياسين بما في ذلك 100 امرأة وطفل. وفي سنة 1953 قاد ارائيل شارون مذبحة سكان قبية. وفي سنة 1982 رتّب حلفاؤنا ذبح 2000 فلسطيني في مخيمي صبرا وشاتيلا.أنا إسرائيل: استحوذت سنة 1948 على 78 % من أرض فلسطين، وأخليتها من أهلها، وجلبت يهوداً بدلاً منهم من أوروبا ومن مناطق أخرى من العالم. وبينما أمنع أهلها الأصليين التي أقامت عائلاتهم على هذه الأرض آلاف السنين فإنه لا يسمح لهم بالعودة إليها لكني أرحب باليهود القادمين من جميع أنحاء العالم والاستيطان الفوري فيها.أنا إسرائيل: لقد ابتلعت سنة 1967 الأرض المتبقية من فلسطين: القدس الشرقية، والضفة الغربية، وغزة، ووضعت سكانها تحت حكم عسكري ظالم، مسيطراً عليهم ومذلاً لكل ناحية من نواحي حياتهم. يجب عليهم بالتالي التقاط الرسالة أنه غير مرحب ببقائهم هنا، وأن عليهم الالتحاق بملايين الفلسطينيين اللاجئين في المعسكرات الكئيبة في لبنان والأردن.أنا إسرائيل: لدي القوة للسيطرة على السياسة الأميركية، فاللجنة الأميركية الإسرائيلية العامة (AIPAC) أي اللوبي الإسرائيلي، قادرة على صنع أو تدمير أي سياسي [أمريكي] حسب ما ترغب فيه. وكما ترون، فإنهم يتنافسون جميعاً لإرضائي.كل قوى العالم تفقد قوتها ضدي، بما في ذلك الأمم المتحدة، لأني أملك الفيتو الأميركي لإفشال أي إدانة لجرائمي الحربية. وكما قال شارون ببلاغة: نحن نسيطر على أميركا.أنا إسرائيل: إنني أؤثر في وسائل الإعلام الأميركية الكبرى، وستجدون دائماً أن الأخبار تُفصّل لصالحي. لقد أنفقت ملايين الدولارات في تمثيل العلاقات العامة، وقناة ( CNN و FOX ) وجريدة نيويورك تايمز تقوم بوظيفة منحازة في ترويج دعايتي. انظر إلى مصادر الأنباء العالمية الأخرى تعرف الفرق.أنا إسرائيل: أنتم الفلسطينيون تريدون التفاوض من أجل "السلام" ولكنكم لستم أذكياء مثلي. سأفاوض، ولكني سأجعلكم تحصلون على بلدياتكم، بينما أسيطر أنا على حدودكم، وعلى حياتكم، وعلى سمائكم، وعلى أي شيء آخر له أهمية. وبينما نحن نتفاوض سأبتلع قمم تلالكم وأملؤها بالمستوطنين الأكثر تطرفاً من بين المتطرفين عندي، المسلحين حتى الأسنان، وسأربط هذه المستوطنات بالطرق التي لا تستطيعون استخدامها، وسوف تُسجنون في بانتوستاناتكم الصغيرة [المعازل]، ونقاط التفتيش في كل اتجاه.أنا إسرائيل: أملك رابع أقوى جيش في العالم، وأسلحة ذرية، فكيف يجرؤ أطفالكم على مواجهة ظلمي بالحجارة؟ ألا تعرفون أن جنودي لن يترددوا بتفجير رؤوسهم وفصلها عن أجسامهم؟ فخلال بضعة أشهر قتلت (900) منكم، وجرحت سبعة عشر ألفاً معظمهم مدنيون. ولدي الصلاحية لمواصلة ذلك لأن المجتمع الدولي يبقى صامتاً نحو ما أفعل. تجاهلوا مئات ضباط الاحتياط الإسرائيليين الذين يرفضون تنفيذ أوامري ويرفضون الخدمة على أراضيكم وضد شعبكم، انصياعاً لأصوات ضمائرهم، لأنهم لن يحموكم.أنا إسرائيل: تريدون الحرية؟ أنا لدي رصاص، ودبابات، وصواريخ، وطائرات اباتشي، وطائرات F16 قادرة على إزالتكم من الوجود. لقد وضعت مدنكم تحت الحصار وصادرت أراضيكم، واقتلعت أشجاركم من جذورها، وهدمت بيوتكم، ومع هذا تستمرون في طلب الحربة؟ لم تدركوا الرسالة، ولن تحصلوا أبداً على السلام أو الحرية لأنني أنا إسرائيل.د. نورمان فنكلشتاين أستاذ جامعي أميركي يهودي استفزته جرائم إسرائيل فانبرى ينتقدها بشدة في كتبه ومقالاته ومحاضراته، فحاصرته إسرائيل. وجعلت الجامعة تطرده، وسكرت جميع الجامعات في أميركا أبوابها في وجهه. لا يترك مناسبة إسرائيلية لمحاضر أو لكاتب دون أن يتصدى لهما ويرد عليهما. وكلمته هذه ظهرت في 22/5/2021 ونصها بالإنجليزية جميل لغة ومؤثر جداً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store