
تقليص الدعم الأمريكي للبرامج الصحية يُهدّد حياة 14 مليون إنسان بحلول 2030
في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، دعا جيتس العالم إلى عدم تجاهل العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن قرارات مالية قد تبدو في ظاهرها إدارية، ولكنها تحمل في طياتها مستقبل شعوب بأكملها.
14 مليون إنسان في دائرة الخطر
ربما تبدو الأرقام صادمة، لكنها دقيقة ومدعومة بتحليل علمي نشرته مجلة "ذا لانسيت" الطبية المرموقة، والتي نقل عنها جيتس في منشوره. تشير التقديرات إلى أن خفض التمويل الأميركي لبرامج الصحة في الدول منخفضة الدخل قد يؤدي إلى وفاة حوالي 14 مليون شخص بحلول عام 2030.
وأكد جيتس في تغريدته أن "المساعدات الأمريكية في مجالي الصحة والتنمية أنقذت 92 مليون إنسان خلال العشرين عامًا الماضية"، وتساءل بأسى: "هل يمكننا أن نتحمل خسارة هذا النوع من التقدم؟"
ضربة موجعة لبرامج مكافحة الأمراض
التحليل الذي أشار إليه جيتس كشف أن برامج حيوية مثل مكافحة الإيدز، الملاريا، وتحصين الأطفال ستكون أول المتأثرين بتخفيضات التمويل. هذه البرامج تعتمد بشكل شبه كلي على الدعم الأميركي، وفي حال تراجعه، فإن الأثر لن يكون محدودًا بل مدمّرًا.
على سبيل المثال، برنامج "PEPFAR" العالمي لمكافحة الإيدز أنقذ وحده ملايين الأرواح في إفريقيا، وحرم خفض تمويله قد يعيد القارة إلى مربع الصفر في مواجهة الوباء.
بيل جيتس.. ثروتي لأفريقيا
وفي موقف إنساني فريد، أعلن بيل جيتس مؤخرًا أنه قرر التبرع بـ99% من ثروته الطائلة، التي يُتوقع أن تصل إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2045، لصالح الصحة والتعليم في إفريقيا.
في كلمة ألقاها بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال احتفالية بمقر الاتحاد الإفريقي، قال جيتس: 'من خلال إطلاق العنان للإمكانات البشرية عبر الصحة والتعليم، ينبغي أن تكون كل دولة إفريقية على طريق الازدهار.'
الذكاء الاصطناعي.. فرصة ذهبية
لم يكن جيتس متشائمًا فقط، بل حمل في كلماته الكثير من الأمل، خاصة حين دعا الشباب الأفارقة إلى الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين الرعاية الصحية.
أشار إلى أن هذه التكنولوجيا الناشئة يمكنها سد الفجوات الصحية في القارة، والمساعدة في تطوير أنظمة تشخيص مبكر وإدارة الكوارث الصحية بتكاليف منخفضة وفعالية أكبر.
خطر فعلي على الأرواح.. أزمة تتجاوز الأرقام
عبّر الدكتور محمد حنتيرة، وكيل كلية الطب بجامعة طنطا، عن قلقه الشديد من هذه التحذيرات، مؤكدًا أن التخفيضات المقترحة تمثل تهديدًا فعليًا لحياة ملايين البشر.
يرى الدكتور محمد حنتيرة أن تصريحات بيل جيتس ليست مجرد وجهة نظر، بل تمثل تحذيرًا مبنيًا على معطيات علمية دقيقة.
ويؤكد أن الدول ذات الدخل المنخفض ستكون الأكثر تضررًا من خفض التمويل، لكونها تعتمد بشكل أساسي على هذه المساعدات الدولية في إدارة برامج الرعاية الصحية الأساسية ومكافحة الأمراض القاتلة.
ويضيف: "إذا كانت التقديرات تشير إلى أن نحو 14 مليون شخص قد يواجهون خطر الوفاة بحلول عام 2030 نتيجة هذه التخفيضات، فهذه ليست مبالغة، بل نتائج محسوبة استنادًا إلى مؤشرات أداء فعلية لبرامج صحية تمولها الولايات المتحدة."
عقود من التقدم مهددة بالضياع
يُحذر حنتيرة من أن التقدم الكبير الذي أحرزته البشرية في تقليل نسب الإصابة والوفاة بالأمراض المعدية، خصوصًا في إفريقيا وجنوب آسيا، بات مهددًا. ويرى أن برامج مثل "PEPFAR" لمكافحة الإيدز، ومبادرات تطعيم الأطفال، هي أمثلة حية على كيف يمكن للتمويل الأمريكي أن ينقذ الأرواح.
ويتابع: "أي تقليص في هذا التمويل لا يعني فقط تهديد حياة الأفراد، بل انهيار البنية التحتية الصحية في بعض الدول الفقيرة، ما قد يؤدي إلى عودة الأوبئة وانتشارها بصورة أوسع".
الاستثمار في الصحة هو استثمار في الأمن العالمي
يركز الدكتور حنتيرة على أهمية النظرة الاستراتيجية لقضية التمويل الصحي، مشيرًا إلى أن الأمر يتجاوز الجانب الإنساني ليطال أبعادًا سياسية وأمنية، إذ أن الدول ذات الأنظمة الصحية الضعيفة تكون أكثر عرضة للاضطرابات الداخلية، والنزاعات المسلحة، والهجرة الجماعية.
ويؤكد: "الصحة ليست مجرد خدمة، بل هي أساس للاستقرار والتنمية، وأي تراجع في تمويلها سيؤدي إلى نتائج كارثية تطال ليس فقط الدول الفقيرة، بل العالم بأسره."
التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.. أمل المستقبل
أشاد الدكتور حنتيرة بدعوة بيل جيتس للمبتكرين الأفارقة لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، معتبرًا أن هذه الرؤية تُعد مفتاحًا لتطوير حلول صحية فعالة ومنخفضة التكاليف في ظل محدودية الموارد.
وقال: "علينا كأدميين ومؤسسات طبية في إفريقيا أن نكون جزءًا من هذا التحول، ونستثمر في البحث العلمي لتطوير أدوات رقمية تساعدنا في التشخيص المبكر، وإدارة الأوبئة، وتحسين الخدمات الصحية للمجتمعات المحرومة."
التزام إنساني نادر وإلهام عالمي
في ختام حديثه، عبّر الدكتور حنتيرة عن تقديره لموقف بيل جيتس المعلن بالتبرع بـ99% من ثروته لدعم الصحة والتعليم في إفريقيا، واصفًا هذه الخطوة بأنها من "أسمى صور الالتزام الأخلاقي في التاريخ الحديث للعمل الخيري".
وأكد: "هذه المبادرات يجب أن تكون مصدر إلهام لكل رجال الأعمال حول العالم لدعم قضايا العدالة والصحة، فالمال وسيلة للبناء وليس فقط للتكديس."
الرسالة التي يوجهها الدكتور محمد حنتيرة واضحة ان الصحة ليست رفاهية، بل حق أصيل لكل إنسان. والعبث بتمويلها لا يعني فقط تقليص ميزانية، بل هو اعتداء على حياة الملايين من البشر ممن لا صوت لهم، ولا نظام صحي يحميهم. في زمن الأزمات، تبقى الإنسانية والوعي العالمي هما الطريق الوحيد نحو مستقبل آمن ومتوازن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 2 ساعات
- ليبانون 24
زجاجة ماء تحمي امرأة وكلبتها من هجوم دب في الغابة (صور)
نجت امرأة من ولاية كونيتيكت الأميركية وكلبتها " فينيكس" من هجوم دب شرس أثناء نزهة في الغابة قرب جبل تالكوت في سيمسبري. هاجمت دبّة الأم كلبتها وسحبتها إلى داخل الغابة، فاستجمعت المرأة شجاعتها وضربت الدبّة بزجاجة ماء معدنية على وجهها وأنفها، مما أجبر الدبّة على الانسحاب مع شبلَيها. تم نقل الكلبة إلى المستشفى البيطري حيث تبين أنها نجت بمعجزة ولم تُصب بأضرار داخلية، لكنها بحاجة إلى علاج وإشراف طبي طويل. الكلبة تخضع الآن للعلاج في المنزل ومن المتوقع أن تتعافى تمامًا خلال الأسابيع المقبلة. أطلقت صاحبتها حملة تبرعات لتغطية التكاليف وجمعت حتى الآن نحو 14 ألف دولار. قالت صاحبة الكلبة: "فينيكس ليست مجرد كلبة، بل عائلتي، وأنقذتني من قبل، والآن حان وقت رد الجميل".


بوابة اللاجئين
منذ 11 ساعات
- بوابة اللاجئين
"أونروا" تحذر من تفاقم أوضاع اللاجئين في لبنان وتعلن توسيع تغطية الأدوية
حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان، في بيان صدر اليوم الخميس 17 تموز/يوليو، من تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بمن فيهم القادمون من سوريا، في ظل الأزمات المتداخلة التي تعصف بالبلاد. وأشار البيان إلى أن لبنان لا يزال يعاني من تداعيات سنوات من الشلل السياسي والانهيار الاقتصادي، وقد زادت حدّة الأزمة بعد العمليات العسكرية الواسعة التي اندلعت بين "إسرائيل" وحزب الله أواخر عام 2024، والتي أدت إلى دمار كبير، خصوصًا في جنوب لبنان وأجزاء من بيروت، وأسفرت عن نزوح الآلاف وأضرار جسيمة في البنية التحتية الأساسية، ما فاقم من معاناة السكان، لا سيما اللاجئين الفلسطينيين. وأكدت "أونروا" أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من بين أكثر الفئات ضعفًا، إذ يعيش أكثر من 83% منهم تحت خط الفقر الوطني، فيما بلغت نسبة البطالة 32%، وهي نسبة تفوق بكثير المعدّل الوطني. وفي ظل صعوبة الوصول إلى الخدمات العامة وارتفاع تكاليف القطاع الخاص، بات اللاجئون يعتمدون بشكل شبه كامل على "أونروا" للحصول على الخدمات الأساسية، كالرعاية الصحية الأولية، والتعليم، والإغاثة، والحماية. وحذرت الوكالة من أن عملياتها في لبنان ما تزال مهددة بسبب النقص المزمن في التمويل، في وقتٍ يتزايد فيه الطلب على خدماتها وسط حالة من انعدام الأمن والتضخم والنزوح المستمر. ورغم هذه التحديات، أعلنت "أونروا" عن توسيع تغطيتها لتكاليف الأدوية التي توصف خلال فترة العلاج في المستشفيات ضمن الرعاية الصحية من المستوى الثاني، حيث رفعت نسبة التغطية من 30% إلى 50%، بحدّ أقصى يبلغ 500 دولار أمريكي. ولفتت إلى أن هذه الخطوة طبقت منذ عام 2024، وتستمر خلال عام 2025، ضمن جهودها المستمرة لضمان توفير العلاجات المنقذة للحياة والخدمات الصحية الأساسية للاجئي فلسطين في لبنان. وأكدت "أونروا" أنها تبذل قصارى جهدها للاستمرار في تقديم خدماتها، رغم التحديات التمويلية التي تهدد استمراريتها.


MTV
منذ 2 أيام
- MTV
15 Jul 2025 20:57 PM العلاج يتخطى الـ 70 ألف دولار... علي بحاجة لمساعدتكم
علي، طفل لا يتجاوز عمره السبعة أعوام، يحارب المرض الخبيث، وبحاجة لعلاج يتخطى الـ 70 ألف دولار، بالإضافة الى عملية زراعة نقي العظم. .