logo
الكرامة: حكاية آخر معركة اتحد فيها المقاتلون الفلسطينيون والجيش الأردني ضد إسرائيل

الكرامة: حكاية آخر معركة اتحد فيها المقاتلون الفلسطينيون والجيش الأردني ضد إسرائيل

الوسط٢١-٠٣-٢٠٢٥

RoyalHeritage
يقول جنود أردنيون شاركوا في المعركة إنهم قاتلوا أحيانًا بالسلاح الأبيض، ولم تكن بحوزتهم سوى 48 رصاصة
قبل 57 عامًا، وقعت معركة خاطفة سُمّيت بـ الكرامة، استمرت 15 ساعة فقط، لكنها مثّلت أول نصر للعرب وأول هزيمة فادحة لـ "جيش إسرائيل الذي لا يُقهر"، كما تقول السردية العربية.
لنعد بالتاريخ قليلًا إلى عام 1948، حين وقف العرب مدهوشين ومهزومين في "نكبتهم" مع قيام دولة إسرائيل، وصولاً إلى حزيران عام 1967 حين حققت إسرائيل انتصاراً جارفاً في حرب "الأيام الستة" أو "النكسة" التي تكبّدت فيها الجيوش العربية خسائر كارثية، انتهت باحتلال إسرائيل شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
في ذلك الوقت، بدا الجيش الإسرائيلي واثقًا إلى حدٍ قاده بعد 9 أشهر من نشوة حرب 67 إلى تنفيذ اجتياح عسكري في غور الأردن.
RoyalHeritage
سُميت معركة الكرامة بهذا الاسم نسبةً لمنطقة الكرامة التي كانت واحدة من مناطق الاقتتال بين الجيش الإسرائيلي من جهة والجيش الأردني والفدائيين من جهة أخرى.
لا مفرَّ من المعركة
الحقيقة أن الجدل لا يزال قائماً منذ خمسة عقود حول مشهدية "الكرامة"، ابتداءً من إرهاصاتها مروراً بالمعركة نفسها وصولاً إلى ما ترتّب عليها، لكنَّ واحداً من الثوابتِ، أنَّ تمركز "الفدائيين" وهو مصطلح عُرف به المقاتلون الفلسطينيون حينذاك على امتداد الضفة الشرقية لنهر الأردن وشنّهم هجماتٍ ضد الجيش الإسرائيلي المتمركز في الضفة التي احتلها أخيراً، جعلَ من المعركة أمراً حتمياً.
يقول قائد معركة الكرامة الفريق الراحل مشهور حديثه الجازي إنَّ المرحلة الفاصلة بين حرب 67 ومعركة 68 كانت تشهد اشتباكاتٍ متقطعةً بين الجيشين الأردني والإسرائيلي، مضيفًا أنَّ الجيش الأردني كان يساند عمليات "الفدائيين" ويوفر غطاءً نارياً لـ أولئك العائدين من الضفة الغربية المحتلة بعد تنفيذهم عمليات عسكرية.
ويضيف الجازي في شهاداته التي قدمها خلال حياته، أن الجيش الأردني أبلغ المنظمات الفلسطينية بهجوم إسرائيلي وشيك، وتمَّ التنسيق بين الجانبين استعدادًا للمعركة.
Getty Images
تعرضت بلدة الكرامة لدمار كبير، واستطاع الجيش الإسرائيلي القضاء على معظم المقاتلين هناك
يقول أحد القادة المؤسسين لحركة فتح "صلاح خلف" المعروف بـ "أبو إياد" في كتابه فلسطيني بلا هوية، إن قيادة فتح تلقت نصيحة من رئيس هيئة الأركان الأردني اللواء عامر خماش بإخلاء بلدة الكرامة، نظرًا لعدم قدرة "الفدائيين" على مواجهة القوة الضاربة لجيش نظامي، لكن أبو إياد يقول إنه رغم منطقية النصيحة إلا أن الاعتبارات السياسية دفعت فتح لمخالفة خماش والعسكرة هناك.
في الخامسة والنصف فجراً من صبيحة يوم الخميس 21 مارس/آذار من عام 1968 بدأت القوة الإسرائيلية المدججة بالدبابات والطيران والمشاة والمظليين بالإغارة على الأراضي الأردنية من ثلاثة محاور رئيسية: جسر سويمة وجسر الملك حسين وجسر داميا.
BBC
وقع القتال على جبهة قُدّر طولها بـ 100 كم
يصف الملك الراحل الحسين بن طلال في كتابه مهنتي كملك، أحداثَ المعركة قائلًا: "كان الاشتباك دموياً بين الجانبين؛ خسائر في الأرواح البشرية، تدمير للمعدات... وما من شك في أنَّ الفدائيين لفتوا النظر بروعتهم في القتال، وقد قاتلوا في معركة الكرامة إلى جانب القوات الأردنية ببسالة وفعالية".
حسابات مقلوبة
يبدو من شهادات الواقفين على تلك الحقبة أن إسرائيل فوجئت تماماً بانخراط الجيش الأردني في تلك المعركة، إذ قدّرت أنَّ هدفها المعلن بـ "القضاء على الفدائيين الفلسطينيين" سيدفع الجيش الأردني للوقوف متفرجاً؛ بالنظر إلى انهيار الجيش قبل شهور في حرب67 وعلاقته المضطربة مع المسلحين الفلسطينيين.
RoyalHeritage
عقد الملك حسين بعد المعركة مؤتمرًا صحافيًا يوم 23 مارس/آذار 1968 قال فيه: "إنَّ اعتقاد إسرائيل أننا كنا سنفرش البساط الأحمر لقواتهم أمرٌ لا يُحتمل"
لكنَّ الوثائق الأردنية تذكرُ "أنَّ إسرائيل لم تسعَ فقط لتحييد الفدائيين، بل استهدفت احتلال مرتفعات مدينة السلط وإخضاع عمّان لاتفاقية سلامٍ -حينذاك".
على أية حال، فقد روى أحمد جبريل الأمين العام السابق لجبهة تحرير فلسطين -القيادة العامة أنَّ الاستعداد الجيّد للجيش الأردني وانخراطه المفاجئ والمبكر في المعركة بثقله المدفعي والصاروخي؛ قلبَ الحسابات الإسرائيلية رأسًا على عقب، ودفعها بعد اقتتالٍ عنيفٍ ودامٍ إلى الانسحاب.
تحدثنا مع الكاتب والصحافي الإسرائيلي المتخصّص في الشؤون الفلسطينيّة داني روبنشتاين، الذي غطّى أحداث معركة الكرامة عندما كان مراسلًا لصحيفة هآرتس.
وقال روبنشتاين: "الجيش الإسرائيلي يرفض القول إنه هُزم في المعركة -التي تُعرف بالكرامة أيضًا في إسرائيل-، بل يقول إنه نجح في تحقيق هدفه الأساسي من العملية، وهو تحييد معسكرات وقواعد الفدائيين في الكرامة وعلى امتداد نهر الأردن".
وبالعودة إلى الأرشيف، نجد في العدد 90 لصحيفة الاتحاد في 22 آذار/مارس عام 1968، موقفَ رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول، الذي برر العملية للكنيسيت قائلاً: "القوات الإسرائيلية طهرت أوكار المخربين وأبادت العشرات منهم، ونحن اضطررنا لاختراق خط وقف إطلاق النار، لأن الأردن لم يُوقف أعمال الفدائيين".
Getty Images
تعرّض الجيش الإسرائيلي لانتقادات داخلية بسبب انتهاء المعركة دون القبض على ياسر عرفات
ويضيف الصحافي الإسرائيلي روبنشتاين أنَّ الرأي العامَّ في إسرائيل يصف ما وقع بالهزيمة غير المقبولة، نظرًا لحجم الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، الذي كان يفترض به خوض عملية خاطفة وسريعة ضد مجموعات محدودة من المسلحين الفلسطينيين.
ويتسق هذا الموقف مع ما تذكره الأدبيات العربية عن حديث رئيس الأركان الإسرائيلي "حاييم بارليف" لجريدة هآرتس يومَ الـ 31 مارس/آذار عام 1968، الذي قال فيه: "إسرائيل تعودت على الانتصارات الحاسمة، ولكنّ الكرامة كانت فريدة، بسبب كثرة الإصابات التي وقعت في صفوفنا واستيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا وآلياتنا، وهذا هو سبب دهشة الإسرائيليين إزاء الكرامة".
معركة واحدة وروايات كثيرة
بعد خمس عشرة ساعة من الاقتتال العنيف، انتهت المعركة بانسحاب أحادي الجانب نفذه الجيش الإسرائيلي، بعد عمليةٍ كلّفته 250 قتيلًا و450 جريحًا وعشرات الدبابات والآليات و7 طائرات مقاتلة، مقابل 86 جنديًا أردنيًا و108 جرحى وعشرات الآليات، حسبما يقول الجيش الأردني.
RoyalHeritage
رغم مرور أكثر من خمسة عقود على هذا الاقتتال الخاطف إلا أنه يظل محط جدل وتنازع
لكنَّ إسرائيل تقدّر خسائرها بنحو 30 جنديًا وعشرات الجرحى وعدةِ آليات ودبابات استولى عليها الجيش الأردني.
في حين تتراوح التقديرات حول خسائر المقاتلين الفلسطينيين بنحو 100 مقاتل وعشرات الجرحى والأسرى.
في النهاية، مما لا شك فيه أنَّ محاولة فحص وقائع معركة الكرامة بشكل دقيق، تصطدم بانقساماتٍ عمودية وأفقية في معظم الأحيان، فلديك طرفان أساسيان يزعمان النصر، وعند كل طرف تجدُ رواياتٍ كثيرةً تتقاطع أحيانًا وتتناقض في الجوهر أحيانًا أخرى، لكنّه أمر يمكن توقعه نظرًا للمخاضات المعقدة التي كانت تحكم تلك المرحلة وما ترتّب عليها من نتائج لاحقة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصر تتصدر التصنيف العسكري عربياً رغم تواضع إنفاقها الدفاعي
مصر تتصدر التصنيف العسكري عربياً رغم تواضع إنفاقها الدفاعي

أخبار ليبيا 24

time٠٦-٠٤-٢٠٢٥

  • أخبار ليبيا 24

مصر تتصدر التصنيف العسكري عربياً رغم تواضع إنفاقها الدفاعي

أخبار ليبيا 24 السعودية الأولى عربياً في الإنفاق والخامسة عالمياً رغم اختلاف ترتيب الدول العربية في قائمة الإنفاق العسكري العالمي، إلا أن الترتيب لا يعكس بالضرورة قوة الجيوش أو مكانتها القتالية على الصعيد الإقليمي والدولي، وفقاً لتقرير موقع 'غلوبال فاير بور' لعام 2025، والذي أظهر مفارقات لافتة بين حجم الإنفاق العسكري وتصنيف الجيوش في الدول العربية. مصر تتفوق عسكرياً رغم المرتبة الثامنة في الإنفاق تتصدر مصر قائمة أقوى الجيوش العربية رغم حلولها في المرتبة الثامنة من حيث حجم الإنفاق العسكري عربياً، إذ يبلغ إنفاقها الدفاعي 5.8 مليار دولار فقط، ما يضعها في المرتبة الـ46 عالمياً من حيث الإنفاق، بينما يحل جيشها في المرتبة الأولى عربياً والـ19 عالمياً. ويعكس هذا التباين مدى تعقيد معايير التصنيف العسكري التي تعتمد على عناصر متعددة، منها حجم القوات المسلحة، وعدد المعدات، والخبرة القتالية، والبنية التحتية، وليس فقط على حجم الميزانية المخصصة للدفاع. في المقابل، تحتل السعودية المرتبة الأولى عربياً والخامسة عالمياً في الإنفاق العسكري بميزانية تقدر بـ74.7 مليار دولار، إلا أن جيشها يصنف في المرتبة الـ24 عالمياً، ما يسلط الضوء على التحدي القائم بين الإنفاق المالي الهائل وفعالية التوظيف العسكري. الجزائر والمغرب وقطر ضمن قائمة الإنفاق الأعلى عربياً الجزائر تأتي ثانية عربياً و21 عالمياً بإنفاق دفاعي يبلغ 25 مليار دولار، ويصنف جيشها في المرتبة الـ26 عالمياً. المغرب، بدوره، يحتل المرتبة الثالثة عربياً بـ13.4 مليار دولار إنفاقاً دفاعياً، ويصنف جيشه في المرتبة الـ59 عالمياً، في حين تحل قطر في المرتبة الرابعة بإنفاق 9.4 مليار دولار وتصنيف عسكري في المرتبة الـ72. 6 دول عربية بميزانيات دفاعية أقل من مليار دولار وتشير البيانات إلى أن ثلاث دول فقط، هي السعودية والجزائر والمغرب، تستحوذ على النصيب الأكبر من مجمل الإنفاق العسكري في العالم العربي، فيما يقل الإنفاق في 6 دول عربية عن مليار دولار لكل منها، أبرزها اليمن ولبنان وسوريا والسودان وموريتانيا والصومال. أما ليبيا، فرغم الظروف الأمنية المعقدة، تنفق 3.06 مليار دولار وتحتل المرتبة التاسعة عربياً والـ60 عالمياً من حيث الإنفاق، بينما يصنف جيشها في المرتبة الـ76 عالمياً. وتأتي الإمارات بإنفاق 2.2 مليار دولار في المرتبة الـ11 عربياً والـ70 عالمياً، في حين يبلغ إنفاق الأردن 2.5 مليار دولار. وعلى صعيد الإنفاق الأقل، نجد اليمن بميزانية 0.81 مليار دولار، ولبنان 0.76 مليار، والسودان 0.34 مليار، وسوريا 0.29 مليار، وموريتانيا 0.26 مليار، بينما يأتي الصومال في المرتبة الأخيرة عربياً بإنفاق قدره 0.17 مليار دولار فقط. يُذكر أن جامعة الدول العربية تضم 22 دولة، إلا أن التقرير لم يشمل بيانات ثلاث دول منها، هي جزر القمر، جيبوتي، وفلسطين. ويقدر إجمالي الإنفاق العسكري في الدول العربية الـ19 المشمولة بالتقرير بنحو 165 مليار دولار، ما يشير إلى تفاوت كبير في قدرات الإنفاق الدفاعي بين الدول. اللافت أن التقرير يؤكد غياب العلاقة المباشرة بين ضخامة الميزانية الدفاعية وتصنيف القوة العسكرية، وهو ما يُبرز أهمية الكفاءة، والتدريب، والجاهزية، والتخطيط الاستراتيجي، باعتبارها عوامل حاسمة في تحديد قوة الجيش، وليس فقط حجم الإنفاق.

فتح تدعو حماس إلى "مغادرة المشهد الحكومي" لأن المعركة تهدف "لإنهاء الوجود الفلسطيني"
فتح تدعو حماس إلى "مغادرة المشهد الحكومي" لأن المعركة تهدف "لإنهاء الوجود الفلسطيني"

الوسط

time٢٣-٠٣-٢٠٢٥

  • الوسط

فتح تدعو حماس إلى "مغادرة المشهد الحكومي" لأن المعركة تهدف "لإنهاء الوجود الفلسطيني"

Getty Images ترى حركة فتح أن حماس تشكل خطراً على "الوجود الفلسطيني" إذا أصرت على أن يكون لها دور مستقبلي في حكم غزة دعا منذر الحايك، المتحدث باسم حركة فتح في غزة، السبت، حماس إلى التنحي عن الحكم من أجل الحفاظ على "الوجود الفلسطيني"، وهو ما تزامن مع تكثيف إسرائيل عملياتها العسكرية وتهديداتها بتهجير السكان من غزة وضم أجزاء من القطاع. وقال الحايك، لفرانس برس: "على حركة حماس أن تترفق بغزة وأطفالها ونسائها ورجالها، ونحذر من أيام ثقيلة وقاسية وصعبة قادمة على سكان القطاع". ودعا الحايك "حماس إلى أن تغادر المشهد الحكومي، وأن تدرك تماما أن المعركة القادمة هي إنهاء للوجود الفلسطيني". وحث المتحدث باسم فتح، حماس على "التنحي عن الحكم في القطاع والاعتراف الكامل بأن الحرب المقبلة سوف تؤدي إلى القضاء على الوجود الفلسطيني". وأبدت حماس في أكثر من مناسبة استعدادها للتخلي عن السلطة في غزة بمجرد انتهاء الحرب، لكنها استبعدت بشكل قاطع إلقاء سلاحها. وقال عضو المكتب السياسي للحركة، حسام بدران، في وقتٍ سابقٍ إنه "حينما نتحدث عن سلاح المقاومة، فهو سلاح الشعب الفلسطيني، وبالتالي هذا السلاح يحمله الفلسطيني لمقاومة الاحتلال وفق ما كفلته القوانين والشرائع الدولية، وأي طرح عن نزعه لا معنى له طالما بقي الاحتلال موجودا". Getty Images استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة بعد فشل الجهود الرامية إلى الدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار مستقبل غزة قال المتحدث باسم حماس عبد اللطيف القانوع السبت إن "أي ترتيبات بشأن إدارة غزة تحظى بالتوافق نحن جاهزون لها ولسنا معنيين بأن نكون جزءً منها". وأضاف القانوع: "ما يعنينا هو التوافق الوطني ونحن ملتزمون بمخرجاته"، مؤكداً أن حماس وافقت على مقترح مصر بشأن تشكيل "لجنة إسناد مجتمعي" تتألف من تكنوقراطيين مستقلين لإدارة غزة والإشراف على إعادة الإعمار. لكن الرئيس محمود عباس يرى أن هذه اللجنة يجب أن تخضع للسلطة الفلسطينية في رام الله، وهي الكيان الشرعي الوحيد الذي يحق له حكم قطاع غزة من وجهة نظره، وهو الأمر الذي ترفضه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. تحقيقات الجيش الإسرائيلي قال الجيش الإسرائيلي السبت إن رئيس الأركان عين فريقاً من كبار ضباط الاحتياط لمراجعة واستخلاص النتائج من التحقيقات في الهجمات التي قادتها حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وأعلن الجيش أن الفريق، الذي تم انتقاء أعضائه على أساس ما يتمتعون به من خبرة في العديد من المجالات العسكرية، "سوف يعملون استناداً إلى النتائج التي توصلت إليها تحقيقات يجريها الجيش الإسرائيلي". وتناولت نتائج التحقيق الرسمي الأول الذي أجراه جيش إسرائيل، والتي نُشرت الشهر الماضي، الأخطاء التي كانت سبباً في فشل الجيش في حماية المدنيين. Reuters يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطاً داخلية من أجل وقف الحرب وتحرير الرهائن في غضون ذلك، تظاهر آلاف في تل أبيب السبت احتجاجاً على قرار حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك) واستئناف القتال في غزة. وأكد نتنياهو أنه فقد الثقة في رونين بار، الذي يرأس جهاز الشاباك منذ عام 2021، وأنه يعتزم إقالته في العاشر من أبريل/ نيسان المقبل، مما أثار احتجاجات استمرت ثلاثة أيام. وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية الجمعة الماضية قراراً بتجميد قرار الإقالة مؤقتاً. وفي ميدان هابيما في تل أبيب، لوح المتظاهرون بالأعلام الإسرائيلية، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق من شأنه إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين رهن الاحتجاز في غزة. ومنذ بداية الحرب، تشهد إسرائيل احتجاجات منتظمة من جانب عائلات وأنصار الرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، والتي رددت في بعض الأحيان انتقادات الحكومة. ودعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد السبت إلى إضراب عام إذا رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاستجابة لقرار المحكمة العليا بتجميد قرار الحكومة إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).

الكرامة: حكاية آخر معركة اتحد فيها المقاتلون الفلسطينيون والجيش الأردني ضد إسرائيل
الكرامة: حكاية آخر معركة اتحد فيها المقاتلون الفلسطينيون والجيش الأردني ضد إسرائيل

الوسط

time٢١-٠٣-٢٠٢٥

  • الوسط

الكرامة: حكاية آخر معركة اتحد فيها المقاتلون الفلسطينيون والجيش الأردني ضد إسرائيل

RoyalHeritage يقول جنود أردنيون شاركوا في المعركة إنهم قاتلوا أحيانًا بالسلاح الأبيض، ولم تكن بحوزتهم سوى 48 رصاصة قبل 57 عامًا، وقعت معركة خاطفة سُمّيت بـ الكرامة، استمرت 15 ساعة فقط، لكنها مثّلت أول نصر للعرب وأول هزيمة فادحة لـ "جيش إسرائيل الذي لا يُقهر"، كما تقول السردية العربية. لنعد بالتاريخ قليلًا إلى عام 1948، حين وقف العرب مدهوشين ومهزومين في "نكبتهم" مع قيام دولة إسرائيل، وصولاً إلى حزيران عام 1967 حين حققت إسرائيل انتصاراً جارفاً في حرب "الأيام الستة" أو "النكسة" التي تكبّدت فيها الجيوش العربية خسائر كارثية، انتهت باحتلال إسرائيل شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. في ذلك الوقت، بدا الجيش الإسرائيلي واثقًا إلى حدٍ قاده بعد 9 أشهر من نشوة حرب 67 إلى تنفيذ اجتياح عسكري في غور الأردن. RoyalHeritage سُميت معركة الكرامة بهذا الاسم نسبةً لمنطقة الكرامة التي كانت واحدة من مناطق الاقتتال بين الجيش الإسرائيلي من جهة والجيش الأردني والفدائيين من جهة أخرى. لا مفرَّ من المعركة الحقيقة أن الجدل لا يزال قائماً منذ خمسة عقود حول مشهدية "الكرامة"، ابتداءً من إرهاصاتها مروراً بالمعركة نفسها وصولاً إلى ما ترتّب عليها، لكنَّ واحداً من الثوابتِ، أنَّ تمركز "الفدائيين" وهو مصطلح عُرف به المقاتلون الفلسطينيون حينذاك على امتداد الضفة الشرقية لنهر الأردن وشنّهم هجماتٍ ضد الجيش الإسرائيلي المتمركز في الضفة التي احتلها أخيراً، جعلَ من المعركة أمراً حتمياً. يقول قائد معركة الكرامة الفريق الراحل مشهور حديثه الجازي إنَّ المرحلة الفاصلة بين حرب 67 ومعركة 68 كانت تشهد اشتباكاتٍ متقطعةً بين الجيشين الأردني والإسرائيلي، مضيفًا أنَّ الجيش الأردني كان يساند عمليات "الفدائيين" ويوفر غطاءً نارياً لـ أولئك العائدين من الضفة الغربية المحتلة بعد تنفيذهم عمليات عسكرية. ويضيف الجازي في شهاداته التي قدمها خلال حياته، أن الجيش الأردني أبلغ المنظمات الفلسطينية بهجوم إسرائيلي وشيك، وتمَّ التنسيق بين الجانبين استعدادًا للمعركة. Getty Images تعرضت بلدة الكرامة لدمار كبير، واستطاع الجيش الإسرائيلي القضاء على معظم المقاتلين هناك يقول أحد القادة المؤسسين لحركة فتح "صلاح خلف" المعروف بـ "أبو إياد" في كتابه فلسطيني بلا هوية، إن قيادة فتح تلقت نصيحة من رئيس هيئة الأركان الأردني اللواء عامر خماش بإخلاء بلدة الكرامة، نظرًا لعدم قدرة "الفدائيين" على مواجهة القوة الضاربة لجيش نظامي، لكن أبو إياد يقول إنه رغم منطقية النصيحة إلا أن الاعتبارات السياسية دفعت فتح لمخالفة خماش والعسكرة هناك. في الخامسة والنصف فجراً من صبيحة يوم الخميس 21 مارس/آذار من عام 1968 بدأت القوة الإسرائيلية المدججة بالدبابات والطيران والمشاة والمظليين بالإغارة على الأراضي الأردنية من ثلاثة محاور رئيسية: جسر سويمة وجسر الملك حسين وجسر داميا. BBC وقع القتال على جبهة قُدّر طولها بـ 100 كم يصف الملك الراحل الحسين بن طلال في كتابه مهنتي كملك، أحداثَ المعركة قائلًا: "كان الاشتباك دموياً بين الجانبين؛ خسائر في الأرواح البشرية، تدمير للمعدات... وما من شك في أنَّ الفدائيين لفتوا النظر بروعتهم في القتال، وقد قاتلوا في معركة الكرامة إلى جانب القوات الأردنية ببسالة وفعالية". حسابات مقلوبة يبدو من شهادات الواقفين على تلك الحقبة أن إسرائيل فوجئت تماماً بانخراط الجيش الأردني في تلك المعركة، إذ قدّرت أنَّ هدفها المعلن بـ "القضاء على الفدائيين الفلسطينيين" سيدفع الجيش الأردني للوقوف متفرجاً؛ بالنظر إلى انهيار الجيش قبل شهور في حرب67 وعلاقته المضطربة مع المسلحين الفلسطينيين. RoyalHeritage عقد الملك حسين بعد المعركة مؤتمرًا صحافيًا يوم 23 مارس/آذار 1968 قال فيه: "إنَّ اعتقاد إسرائيل أننا كنا سنفرش البساط الأحمر لقواتهم أمرٌ لا يُحتمل" لكنَّ الوثائق الأردنية تذكرُ "أنَّ إسرائيل لم تسعَ فقط لتحييد الفدائيين، بل استهدفت احتلال مرتفعات مدينة السلط وإخضاع عمّان لاتفاقية سلامٍ -حينذاك". على أية حال، فقد روى أحمد جبريل الأمين العام السابق لجبهة تحرير فلسطين -القيادة العامة أنَّ الاستعداد الجيّد للجيش الأردني وانخراطه المفاجئ والمبكر في المعركة بثقله المدفعي والصاروخي؛ قلبَ الحسابات الإسرائيلية رأسًا على عقب، ودفعها بعد اقتتالٍ عنيفٍ ودامٍ إلى الانسحاب. تحدثنا مع الكاتب والصحافي الإسرائيلي المتخصّص في الشؤون الفلسطينيّة داني روبنشتاين، الذي غطّى أحداث معركة الكرامة عندما كان مراسلًا لصحيفة هآرتس. وقال روبنشتاين: "الجيش الإسرائيلي يرفض القول إنه هُزم في المعركة -التي تُعرف بالكرامة أيضًا في إسرائيل-، بل يقول إنه نجح في تحقيق هدفه الأساسي من العملية، وهو تحييد معسكرات وقواعد الفدائيين في الكرامة وعلى امتداد نهر الأردن". وبالعودة إلى الأرشيف، نجد في العدد 90 لصحيفة الاتحاد في 22 آذار/مارس عام 1968، موقفَ رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول، الذي برر العملية للكنيسيت قائلاً: "القوات الإسرائيلية طهرت أوكار المخربين وأبادت العشرات منهم، ونحن اضطررنا لاختراق خط وقف إطلاق النار، لأن الأردن لم يُوقف أعمال الفدائيين". Getty Images تعرّض الجيش الإسرائيلي لانتقادات داخلية بسبب انتهاء المعركة دون القبض على ياسر عرفات ويضيف الصحافي الإسرائيلي روبنشتاين أنَّ الرأي العامَّ في إسرائيل يصف ما وقع بالهزيمة غير المقبولة، نظرًا لحجم الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، الذي كان يفترض به خوض عملية خاطفة وسريعة ضد مجموعات محدودة من المسلحين الفلسطينيين. ويتسق هذا الموقف مع ما تذكره الأدبيات العربية عن حديث رئيس الأركان الإسرائيلي "حاييم بارليف" لجريدة هآرتس يومَ الـ 31 مارس/آذار عام 1968، الذي قال فيه: "إسرائيل تعودت على الانتصارات الحاسمة، ولكنّ الكرامة كانت فريدة، بسبب كثرة الإصابات التي وقعت في صفوفنا واستيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا وآلياتنا، وهذا هو سبب دهشة الإسرائيليين إزاء الكرامة". معركة واحدة وروايات كثيرة بعد خمس عشرة ساعة من الاقتتال العنيف، انتهت المعركة بانسحاب أحادي الجانب نفذه الجيش الإسرائيلي، بعد عمليةٍ كلّفته 250 قتيلًا و450 جريحًا وعشرات الدبابات والآليات و7 طائرات مقاتلة، مقابل 86 جنديًا أردنيًا و108 جرحى وعشرات الآليات، حسبما يقول الجيش الأردني. RoyalHeritage رغم مرور أكثر من خمسة عقود على هذا الاقتتال الخاطف إلا أنه يظل محط جدل وتنازع لكنَّ إسرائيل تقدّر خسائرها بنحو 30 جنديًا وعشرات الجرحى وعدةِ آليات ودبابات استولى عليها الجيش الأردني. في حين تتراوح التقديرات حول خسائر المقاتلين الفلسطينيين بنحو 100 مقاتل وعشرات الجرحى والأسرى. في النهاية، مما لا شك فيه أنَّ محاولة فحص وقائع معركة الكرامة بشكل دقيق، تصطدم بانقساماتٍ عمودية وأفقية في معظم الأحيان، فلديك طرفان أساسيان يزعمان النصر، وعند كل طرف تجدُ رواياتٍ كثيرةً تتقاطع أحيانًا وتتناقض في الجوهر أحيانًا أخرى، لكنّه أمر يمكن توقعه نظرًا للمخاضات المعقدة التي كانت تحكم تلك المرحلة وما ترتّب عليها من نتائج لاحقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store