
ترامب – ماسك: حكاية 'حب' انتهت بتغريدة!
«أساس ميديا»
في مشهد يليق بموسم جديد من مسلسل 'هاوس أوف كاردز'، يتصاعد الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير التكنولوجيّ إيلون ماسك ليأخذ أبعاداً سياسية واقتصادية دراماتيكية. فبعد علاقة بدت وكأنّها تحالف بين صانع قرارات وساحر وادي سيليكون، جاء انسحاب ماسك المفاجئ من دور المشارك في قيادة 'إدارة كفاية الحكومة' (DOGE) في حزيران 2025 ليُطلق شرارة صراع لا يقلّ عنفاً عن أيّ عاصفة شمسيّة تُهدّد مشاريع 'سبيس إكس'.
يتصاعد الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك فيأخذ أبعاداً سياسية واقتصادية عميقة تُهدّد وحدة الحزب الجمهوري وتُربك وول ستريت وتُلقي بظلالها على علاقة السياسيين بكبار رؤساء شركات التكنولوجيا. الشرخ الذي بدأ بخلافات على السياسات الماليّة تفجّر بعد انسحاب ماسك من دور المشارك في قيادة 'وزارة كفاية الحكومة'، الذي مثّل نقطة تحوّل في علاقة كانت تُعدّ نموذجاً للتقاطع بين الابتكار والسلطة السياسية.
يأتي الخلاف بين ترامب وماسك في لحظة حسّاسة بالنسبة للجمهوريين، إذ يهدّد بتعميق الانقسامات داخل الحزب. ماسك، الذي ساهم في ما يقدّر بنحو 290 مليون دولار في حملات انتخابية جمهوريّة، كان يُعتبر جسراً بين التيّار الشعبويّ وقاعدة شابّة من المحافظين التكنوقراطيّين. لاقت دعواته إلى خفض الإنفاق الحكومي وجعل الإدارة أكثر كفايةً صدىً لدى المحافظين الساخطين على البيروقراطية وتزايد حجم الحكومة. لكنّ انسحابه من DOGE وانتقاده العلنيّ لقانون التمويل الجمهوريّ الأخير، الذي وصفه بـ'المخيّب للآمال'، أثار غضب ترامب ودفعه للتهديد بقطع العقود الفدرالية مع شركات ماسك، محذّراً من 'عواقب وخيمة' في حال دعمه لحملات ديمقراطية. قد يُضعف هذا النزاع العلنيّ صورة الحزب أمام الناخبين في انتخابات منتصف 2026، خاصّة إذا استمرّ شعور الناخبين الجمهوريّين والمحافظين بوجود فوضى داخليّة.
ترامب يستمتع بالمواجهات..
على الرغم من ذلك، يرى البعض أنّ تأثير ماسك سيستمرّ من خلال شخصيّات مثل نائب الرئيس جي دي فانس، الذي يعتبر نموذج DOGE إطاراً إصلاحيّاً لمستقبل الحزب، وهو ما يشير إلى صراع أيديولوجيّ بين الإصلاحيين الشعبويّين والتقليديين داخل الحزب.
شكّل انسحاب ماسك من DOGE ضربة لوعود ترامب في ولايته الثانية بشأن تقليص الإنفاق الحكومي. و قد تدفع تهديدات ترامب بمعاقبة شركات ماسك، مثل 'تسلا' و'سبيس إكس'، رجال الأعمال الآخرين للابتعاد، وهو ما يُعرقل خطط ترامب الاقتصادية التي تعتمد على شراكات استراتيجيّة مع القطاع الخاصّ.
يُهدّد هذا النزاع وحدة قاعدة ترامب الانتخابية. بعض مؤيّديه قد يتعاطفون مع موقف ماسك على أساس أنّه 'صوت خارجيّ ناقد' للنظام، لكنّ قدرة ترامب على السيطرة على الخطاب العامّ ربّما تُقلّل من هذا الانقسام. ومع ذلك، قد يُضعف استمرار التركيز الإعلامي على خلافاته مع ماسك الزخمَ التشريعي ويحوّل الأنظار عن إنجازاته السياسية، وهو ما قد يُعرقل فاعليّته حتّى عام 2028.
لكنّ ترامب ليس غريباً على المواجهات. على العكس، يبدو أحياناً وكأنّه يستمتع بها أكثر من الإنجازات نفسها. ومع أنّ البعض من قاعدته بات يُظهر تعاطفاً مع ماسك لأنّه يرى فيه صوتاً 'من داخل النظام ضدّ النظام'، ما يزال ترامب قادراً على توجيه الدفّة الإعلامية لمصلحته، ولو من خلال تغريدة مشاغبة عند الثالثة فجراً.
في لحظة صريحة من التهكّم السياسي، قال أحد مستشاري البيت الأبيض إنّ الرئيس يشعر بخسارة ماسك كما يشعر الرجل بخسارة جهاز تحكّم التلفاز: 'أحتاج إليه… لكنّني لا أريد أن أعترف بذلك'.
أدوات الصّمود
في المقابل، تلقّت شركات ماسك، خاصّة 'تسلا' و'سبيس إكس'، ضربات مباشرة نتيجة هذا الخلاف. فقد خسرت 'تسلا' 150 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد بسبب مخاوف المستثمرين من فقدان الدعم الحكومي. وانخفضت شعبيّة ماسك 20 نقطة بين الديمقراطيين، نتيجة تسييسه العلني لأنشطته التجارية.
لا يقتصر الصراع بين ترامب وماسك على الاقتصاد بشكل عامّ، بل يمتدّ إلى مجالات متقدّمة مثل التكنولوجيا الحيويّة، التي يقود فيها ماسك مشاريع مثل 'نيورالينك' التي تسعى لربط الدماغ البشري بالحاسوب. تعتمد هذه المشاريع على التمويل والموافقات الحكومية، والتهديدات التي أطلقها ترامب بسحب الدعم قد تؤخّر التطوير أو تعرقل التجارب.
تهديد لوحدة الجمهوريين..
كانت العلاقة بين ترامب وماسك فريدة منذ البداية: لأوّل مرّة نرى قطب تكنولوجيا لا يكتفي بالتأثير من وراء الكواليس، بل ينخرط في الإدارة بصفة مستشار رسميّ برتبة موظّف حكومي خاصّ. جعل هذا القربُ الانفصالَ أكثر دراماتيكيّة، وأظهر مدى هشاشة التحالفات بين السياسيين ورجال الأعمال عندما تتصادم الأجندات والغرور الشخصيّ.
صراع ترامب – ماسك هو أكثر من خلاف بين شخصيّتين. إنّه لحظةٌ فاصلة تعيد تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي الأميركي، وتهديدٌ لوحدة الحزب الجمهوري، وتحدٍّ لمسار ولاية ترامب الثانية، وخطرٌ على مستقبل شركات ماسك، ومؤشّر تحذيريّ لقطاع التكنولوجيا الحيوية.
الأهمّ من ذلك أنّه يُعيد تعريف العلاقة الحسّاسة بين عالم السياسة ومراكز القوّة التكنولوجيّة، ويُظهر أنّ التحالفات بين رؤساء الشركات والسياسيّين، على الرغم ممّا تحقّقه من نتائج، تحمل في طيّاتها قابليّة عالية للانفجار… والانقسام.
ما نشهده ليس خلافاً بين رئيس وملياردير وحسب، بل عرض حيّ لفكرة: ماذا يحدث عندما تدخل السياسة عصر التكنولوجيا، لكن دون تحديث نظام التشغيل؟ ترامب يتعامل مع الإدارة وكأنّها برنامج لتلفزيون الواقع، بينما ماسك يتصرّف وكأنّ العالم بأسره مختبر تجارب مفتوح المصدر. يُذكّرنا هذا الصراع بين ترامب وماسك بأنّ تداخل السياسة مع عالم وادي سيليكون ليس دائماً وصفة للابتكار، بل أحياناً أقرب إلى خلل تقنيّ ينتج عنه نظام غير مستقرّ… أو كما وصفه أحد المغرّدين: 'عندما تضع شخصاً يريد غزو المرّيخ مع آخر يحنّ للقرن التاسع عشر… النتيجة ستكون انفجاراً في الكونغرس وميمز (memes) لا تنتهي'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
الولايات المتحدة الأميركية: ترامب تعليقاً على نقل الموظفين الأميركيين من المنطقة: يتم نقلهم لأنه قد يكون مكاناً خطيراً وسنرى ما سيحصل
الولايات المتحدة الأميركية: ترامب تعليقاً على نقل الموظفين الأميركيين من المنطقة: يتم نقلهم لأنه قد يكون مكاناً خطيراً وسنرى ما سيحصل


المركزية
منذ 2 ساعات
- المركزية
رصد عمليات تشويش واسعة النطاق لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على الحدود العراقية الإيرانية وشرق العراق
إخترنا لك البيت الأبيض: أولويتنا هي إطلاق سراح جميع الرهائن في غزة وإنهاء الص... 2025-06-11 22:57:03 أبرز الأحداث نتنياهو: الجيش استعاد اليوم رفات محتجزين اثنين في قطاع غزة 2025-06-11 22:45:07 أبرز الأحداث طيران عسكري أميركي يحلق بكثافة في سماء محافظة الأنبار العراقية 2025-06-11 22:44:46 أبرز الأحداث


شبكة النبأ
منذ 2 ساعات
- شبكة النبأ
المعادن الأرضية النادرة: كيف أصبحت لعبة قط وفأر بين أميركا والصين؟
ان الأمل الوحيد في تفادي توقُّف إنتاج السيارات الكهربائية في أميركا هو أن تتوصل الصين وأميركا إلى اتفاقية تعيد التدفّق الطبيعي للمعادن النادرة. ومن مصلحة الصين أن تظل مصدرًا مستقرًا وموثوقًا للمغناطيسات النادرة، ومنتجات المعادن النادرة الأخرى، ومن سوء الطالع أن ما يحدث هو أن المعادن النادرة قد صارت رقمًا مهمًا في التوترات الكبيرة... أضحت المعادن الأرضية النادرة السلاح الأبرز في الحرب التجارية الدائرة حاليًا بين أميركا والصين، وهما القوّتان الاقتصاديتان الأكبر في العالم، وتُناور الصين باستعمال ورقة العناصر الأرضية النادرة في مسعى لدرء مخاطر الحرب التجارية التي تخوضها مع الولايات المتحدة، والتي تتجلى في شكل التعرفات الجمركية التي تفرضها إدارة ترمب على بكين، أملًا في الحدّ من نفوذها الاقتصادي وتغلغلها في سلاسل الإمدادات العالمية. وفي أبريل/نيسان الماضي، فرضَ البيت الأبيض رسومًا جمركية نسبتها 145% على السلع الصينية؛ ما قابلته بكين بفرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية وتشديد القيود على تصدير المعادن الأرضية النادرة إلى أميركا. وتهيمن الصين -وهي البلد الوحيد المالك للتقنيات اللازمة لمعالجة بعض المعادن النادرة- حاليًا على 92% من الإنتاج العالمي من تلك العناصر في مرحلة المعالجة. وحسب منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تضم قائمة العناصر الأرضية النادرة الـ17 اللانثانوم، والسيريوم، والبراسيوديميوم، والنيوديميوم، والبروميثيوم، والسماريوم، واليوروبيوم، والغادولينيوم، والتيربيوم، والديسبروسيوم، والهولميوم، والإربيوم، والثوليوم، والإتيربيوم، واللوتيتيوم، والسكانديوم، والإيتريوم. يرى خبراء أن نقص المعادن الأرضية النادرة من الممكن أن يعيد إلى الأذهان سيناريو نقص الرقائق الإلكترونية الذي ساد خلال مرحلة تفشّي جائحة فيروس كورونا المستجد "عام 2020"، الذي تسبَّب حينها بارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعمَلة في عموم أميركا. وتحتكر الصين سلاسل إمدادات المعادن الأرضية النادرة الـ17 التي تُعدّ مكوناتٍ ضروريةً في العديد من السلع والمنتجات المستعمَلة يوميًا، بدءًا من السيارات إلى محركات الطائرات ومرورًا بالأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية وأجهزة التلفاز ذات الشاشات المسطحة، بل حتى صبغة التباين المستعمَلة في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، وبعض أدوية السرطان. وما زاد الطين بلّة هو تعمُّد الصين مؤخرًا زيادة صعوبة الحصول على المعادن النادرة بعد أن زادت قيود تراخيص تصدير تلك العناصر في شهر أبريل/نيسان الماضي؛ ما يُبطئ تدفُّق الشحنات المتجهة من البلد الآسيوي إلى معظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. اجتماع لندن يجتمع وفود من أميركا والصين في العاصمة البريطانية لندن حاليًا لبحث سُبل التوصل إلى اتفاقية جديدة لتخفيف توترات الحرب التجارية بين البلدين، وستكون المعادن النادرة بالتأكيد قضية محورية على طاولة النقاش. وقالت مديرة برنامج أمن المعادن الحيوية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (the Critical Minerals Security Program at the Center for Strategic and International Studies) غريسلين باسكاران، إن الشركات الأميركية لديها الآن إمدادات لا تكفي سوى لنحو شهرين أو 3. وأضافت باسكاران: "بعد ذلك من الممكن أن تُصاب صناعة المعادن الأرضية النادرة بالشلل التامّ ما لم تتوصل واشنطن وبكين إلى اتفاقية في هذا الإطار"، وفق تصريحات أدلت بها إلى شبكة "سي إن إن". وفي 6 يونيو/حزيران الجاري، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن نظيره الصيني شي جين بينغ وافق على بدء تصدير منتجات المعادن النادرة، غير أن باسكاران قالت، إنّ تعهُّد جين بينغ ربما لا يكون كافيًا لشركات التصنيع الأميركية إذا تعاملت أيّ اتفاقية مع مسألة رفع القيود مؤقتًا فقط. وتابعت: "سيكون من الصعب جدًا التنبؤ بملامح الصناعة خلال الشهور الـ3، أو الـ6، أو حتى العام العام المقبل بأكمله". وتعتقد باسكاران أنّ تدفُّق شحنات صادرات المعادن النادرة لن يكون سريعًا بشكلٍ كافٍ، مقارنةً بمستوياتها السابقة، مضيفةً أن الشركات الأميركية ربما تستهلك قريبًا مخزوناتها من العناصر النادرة. بات واضحًا أن شركات السيارات تستعد لجولة إغلاق واسعة خلال الشهور المقبلة نتيجة نقص المعادن الأرضية النادرة، وفق "سي إن إن". وقبل 4 أعوام، تسبَّب نقص الرقائق الإلكترونية في توقُّف إنتاج السيارات، وهو ما رفع أسعار السيارات إلى مستويات قياسية. وحسب سي إن إن: "الناس يعتقدون أن السيارات الكهربائية فقط هي ما تأثرت سلبًا جراء نقص العناصر النادرة، لكن هذا غير صحيح؛ إذ تأثَّر كل شيء في السيارات تقريبًا بدءًا من المحركات وأجهزة الاستشعار في أحزمة الأمان، وبناءً عليه، فإنني أعتقد أنه سيكون هناك تعطُّل بالإنتاج في كل مكونات السيارات"، وتابعت: "الصين وضعتنا فعليًا في وضع حرج"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة. واستشهدت غريسلين باسكاران بشركة فورد الأميركية لتصنيع السيارات التي اضطرت إلى وقف إنتاج طراز "إكسبلورر" في مصنعها بمدينة شيكاغو بولاية إلينوي لمدة أسبوع، بسبب نقص المغناطيسات، وفق تقارير. لا بديل عن اتفاقية قال الأستاذ في كلية كولورادو للمناجم، نائب مدير مركز إبداع المواد الحيوية (مركز بحثي أسّسته وزارة الطاقة الأميركية) رودريك إيغرت، إنه نظرًا لكون العناصر الأرضية النادرة مهمة بالنسبة للصناعات الأميركية، فإن هناك جهودًا متواصلة لإيجاد بدائل، مثل أنواع أخرى من المغناطيسات والمحركات الكهربائية التي لا تستعمِل تلك المغناطيسات على الإطلاق. غير أن إيغرت أكد أن تلك البدائل كلّها يشوبها عيوب، مردفًا: "تلك البدائل تأتي على حساب الأداء؛ إذ إن تصميمات المحركات التي لا تستعمِل المغناطيسات على الإطلاق، تكون أقل كفاءة". وبناءً عليه يرى الأكاديمي الأميركي أن الأمل الوحيد في تفادي توقُّف إنتاج السيارات الكهربائية في أميركا هو أن تتوصل الصين وأميركا إلى اتفاقية تعيد التدفّق الطبيعي للمعادن النادرة. وتابع: "من مصلحة الصين أن تظل مصدرًا مستقرًا وموثوقًا للمغناطيسات النادرة، ومنتجات المعادن النادرة الأخرى، ومن سوء الطالع أن ما يحدث هو أن المعادن النادرة قد صارت رقمًا مهمًا في التوترات الكبيرة المرتبطة بالمفاوضات التجارية بين الصين وأميركا".