logo
ترامب – ماسك: حكاية 'حب' انتهت بتغريدة!

ترامب – ماسك: حكاية 'حب' انتهت بتغريدة!

الشرق الجزائريةمنذ يوم واحد

«أساس ميديا»
في مشهد يليق بموسم جديد من مسلسل 'هاوس أوف كاردز'، يتصاعد الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير التكنولوجيّ إيلون ماسك ليأخذ أبعاداً سياسية واقتصادية دراماتيكية. فبعد علاقة بدت وكأنّها تحالف بين صانع قرارات وساحر وادي سيليكون، جاء انسحاب ماسك المفاجئ من دور المشارك في قيادة 'إدارة كفاية الحكومة' (DOGE) في حزيران 2025 ليُطلق شرارة صراع لا يقلّ عنفاً عن أيّ عاصفة شمسيّة تُهدّد مشاريع 'سبيس إكس'.
يتصاعد الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك فيأخذ أبعاداً سياسية واقتصادية عميقة تُهدّد وحدة الحزب الجمهوري وتُربك وول ستريت وتُلقي بظلالها على علاقة السياسيين بكبار رؤساء شركات التكنولوجيا. الشرخ الذي بدأ بخلافات على السياسات الماليّة تفجّر بعد انسحاب ماسك من دور المشارك في قيادة 'وزارة كفاية الحكومة'، الذي مثّل نقطة تحوّل في علاقة كانت تُعدّ نموذجاً للتقاطع بين الابتكار والسلطة السياسية.
يأتي الخلاف بين ترامب وماسك في لحظة حسّاسة بالنسبة للجمهوريين، إذ يهدّد بتعميق الانقسامات داخل الحزب. ماسك، الذي ساهم في ما يقدّر بنحو 290 مليون دولار في حملات انتخابية جمهوريّة، كان يُعتبر جسراً بين التيّار الشعبويّ وقاعدة شابّة من المحافظين التكنوقراطيّين. لاقت دعواته إلى خفض الإنفاق الحكومي وجعل الإدارة أكثر كفايةً صدىً لدى المحافظين الساخطين على البيروقراطية وتزايد حجم الحكومة. لكنّ انسحابه من DOGE وانتقاده العلنيّ لقانون التمويل الجمهوريّ الأخير، الذي وصفه بـ'المخيّب للآمال'، أثار غضب ترامب ودفعه للتهديد بقطع العقود الفدرالية مع شركات ماسك، محذّراً من 'عواقب وخيمة' في حال دعمه لحملات ديمقراطية. قد يُضعف هذا النزاع العلنيّ صورة الحزب أمام الناخبين في انتخابات منتصف 2026، خاصّة إذا استمرّ شعور الناخبين الجمهوريّين والمحافظين بوجود فوضى داخليّة.
ترامب يستمتع بالمواجهات..
على الرغم من ذلك، يرى البعض أنّ تأثير ماسك سيستمرّ من خلال شخصيّات مثل نائب الرئيس جي دي فانس، الذي يعتبر نموذج DOGE إطاراً إصلاحيّاً لمستقبل الحزب، وهو ما يشير إلى صراع أيديولوجيّ بين الإصلاحيين الشعبويّين والتقليديين داخل الحزب.
شكّل انسحاب ماسك من DOGE ضربة لوعود ترامب في ولايته الثانية بشأن تقليص الإنفاق الحكومي. و قد تدفع تهديدات ترامب بمعاقبة شركات ماسك، مثل 'تسلا' و'سبيس إكس'، رجال الأعمال الآخرين للابتعاد، وهو ما يُعرقل خطط ترامب الاقتصادية التي تعتمد على شراكات استراتيجيّة مع القطاع الخاصّ.
يُهدّد هذا النزاع وحدة قاعدة ترامب الانتخابية. بعض مؤيّديه قد يتعاطفون مع موقف ماسك على أساس أنّه 'صوت خارجيّ ناقد' للنظام، لكنّ قدرة ترامب على السيطرة على الخطاب العامّ ربّما تُقلّل من هذا الانقسام. ومع ذلك، قد يُضعف استمرار التركيز الإعلامي على خلافاته مع ماسك الزخمَ التشريعي ويحوّل الأنظار عن إنجازاته السياسية، وهو ما قد يُعرقل فاعليّته حتّى عام 2028.
لكنّ ترامب ليس غريباً على المواجهات. على العكس، يبدو أحياناً وكأنّه يستمتع بها أكثر من الإنجازات نفسها. ومع أنّ البعض من قاعدته بات يُظهر تعاطفاً مع ماسك لأنّه يرى فيه صوتاً 'من داخل النظام ضدّ النظام'، ما يزال ترامب قادراً على توجيه الدفّة الإعلامية لمصلحته، ولو من خلال تغريدة مشاغبة عند الثالثة فجراً.
في لحظة صريحة من التهكّم السياسي، قال أحد مستشاري البيت الأبيض إنّ الرئيس يشعر بخسارة ماسك كما يشعر الرجل بخسارة جهاز تحكّم التلفاز: 'أحتاج إليه… لكنّني لا أريد أن أعترف بذلك'.
أدوات الصّمود
في المقابل، تلقّت شركات ماسك، خاصّة 'تسلا' و'سبيس إكس'، ضربات مباشرة نتيجة هذا الخلاف. فقد خسرت 'تسلا' 150 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد بسبب مخاوف المستثمرين من فقدان الدعم الحكومي. وانخفضت شعبيّة ماسك 20 نقطة بين الديمقراطيين، نتيجة تسييسه العلني لأنشطته التجارية.
لا يقتصر الصراع بين ترامب وماسك على الاقتصاد بشكل عامّ، بل يمتدّ إلى مجالات متقدّمة مثل التكنولوجيا الحيويّة، التي يقود فيها ماسك مشاريع مثل 'نيورالينك' التي تسعى لربط الدماغ البشري بالحاسوب. تعتمد هذه المشاريع على التمويل والموافقات الحكومية، والتهديدات التي أطلقها ترامب بسحب الدعم قد تؤخّر التطوير أو تعرقل التجارب.
تهديد لوحدة الجمهوريين..
كانت العلاقة بين ترامب وماسك فريدة منذ البداية: لأوّل مرّة نرى قطب تكنولوجيا لا يكتفي بالتأثير من وراء الكواليس، بل ينخرط في الإدارة بصفة مستشار رسميّ برتبة موظّف حكومي خاصّ. جعل هذا القربُ الانفصالَ أكثر دراماتيكيّة، وأظهر مدى هشاشة التحالفات بين السياسيين ورجال الأعمال عندما تتصادم الأجندات والغرور الشخصيّ.
صراع ترامب – ماسك هو أكثر من خلاف بين شخصيّتين. إنّه لحظةٌ فاصلة تعيد تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي الأميركي، وتهديدٌ لوحدة الحزب الجمهوري، وتحدٍّ لمسار ولاية ترامب الثانية، وخطرٌ على مستقبل شركات ماسك، ومؤشّر تحذيريّ لقطاع التكنولوجيا الحيوية.
الأهمّ من ذلك أنّه يُعيد تعريف العلاقة الحسّاسة بين عالم السياسة ومراكز القوّة التكنولوجيّة، ويُظهر أنّ التحالفات بين رؤساء الشركات والسياسيّين، على الرغم ممّا تحقّقه من نتائج، تحمل في طيّاتها قابليّة عالية للانفجار… والانقسام.
ما نشهده ليس خلافاً بين رئيس وملياردير وحسب، بل عرض حيّ لفكرة: ماذا يحدث عندما تدخل السياسة عصر التكنولوجيا، لكن دون تحديث نظام التشغيل؟ ترامب يتعامل مع الإدارة وكأنّها برنامج لتلفزيون الواقع، بينما ماسك يتصرّف وكأنّ العالم بأسره مختبر تجارب مفتوح المصدر. يُذكّرنا هذا الصراع بين ترامب وماسك بأنّ تداخل السياسة مع عالم وادي سيليكون ليس دائماً وصفة للابتكار، بل أحياناً أقرب إلى خلل تقنيّ ينتج عنه نظام غير مستقرّ… أو كما وصفه أحد المغرّدين: 'عندما تضع شخصاً يريد غزو المرّيخ مع آخر يحنّ للقرن التاسع عشر… النتيجة ستكون انفجاراً في الكونغرس وميمز (memes) لا تنتهي'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يتّهم محتجي لوس أنجلوس بـ'الاجتياح الأجنبي' ويصفهم بـ'أعداء الوطن'
ترامب يتّهم محتجي لوس أنجلوس بـ'الاجتياح الأجنبي' ويصفهم بـ'أعداء الوطن'

المنار

timeمنذ ساعة واحدة

  • المنار

ترامب يتّهم محتجي لوس أنجلوس بـ'الاجتياح الأجنبي' ويصفهم بـ'أعداء الوطن'

صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهجته تجاه الاحتجاجات المستمرة في مدينة لوس أنجلوس، متّهمًا المتظاهرين بأنهم 'أعداء أجانب' يسعون إلى 'اجتياح' الولايات المتحدة، في إشارة إلى رفع بعضهم أعلامًا أجنبية خلال التظاهرات. وفي خطاب ألقاه من قاعدة 'فورت براغ' العسكرية، قال ترامب إنّنا 'لن نسمح باجتياح مدينة أمريكية واحتلالها من قبل أعداء أجانب'، معتبرًا أن ما يحدث في كاليفورنيا هو 'هجوم شامل على السلم والنظام العام والسيادة الوطنية'. وتأتي تصريحات ترامب في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات ضد سياسات الهجرة المتشددة التي تنفذها إدارته، خاصة بعد تنفيذ سلسلة مداهمات بحق مهاجرين غير نظاميين، ما أثار موجة غضب شعبي، لا سيما في المدن التي تُعرف بتضامنها مع قضايا الهجرة. ويواجه ترامب انتقادات حادة من مسؤولين محليين وحقوقيين، بعدما أمر بنشر قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس، متجاوزًا بذلك رغبة سلطات الولاية، وسط تحذيرات من عسكرة الأوضاع وتفاقم التوترات. المصدر: وكالات

ترامب يتّهم محتجي لوس أنجلوس بـ'الاجتياح الأجنبي' ويصفهم بـ'أعداء الوطن'
ترامب يتّهم محتجي لوس أنجلوس بـ'الاجتياح الأجنبي' ويصفهم بـ'أعداء الوطن'

المنار

timeمنذ ساعة واحدة

  • المنار

ترامب يتّهم محتجي لوس أنجلوس بـ'الاجتياح الأجنبي' ويصفهم بـ'أعداء الوطن'

صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهجته تجاه الاحتجاجات المستمرة في مدينة لوس أنجلوس، متّهمًا المتظاهرين بأنهم 'أعداء أجانب' يسعون إلى 'اجتياح' الولايات المتحدة، في إشارة إلى رفع بعضهم أعلامًا أجنبية خلال التظاهرات. وفي خطاب ألقاه من قاعدة 'فورت براغ' العسكرية، قال ترامب إنّنا 'لن نسمح باجتياح مدينة أمريكية واحتلالها من قبل أعداء أجانب'، معتبرًا أن ما يحدث في كاليفورنيا هو 'هجوم شامل على السلم والنظام العام والسيادة الوطنية'. وتأتي تصريحات ترامب في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات ضد سياسات الهجرة المتشددة التي تنفذها إدارته، خاصة بعد تنفيذ سلسلة مداهمات بحق مهاجرين غير نظاميين، ما أثار موجة غضب شعبي، لا سيما في المدن التي تُعرف بتضامنها مع قضايا الهجرة. ويواجه ترامب انتقادات حادة من مسؤولين محليين وحقوقيين، بعدما أمر بنشر قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس، متجاوزًا بذلك رغبة سلطات الولاية، وسط تحذيرات من عسكرة الأوضاع وتفاقم التوترات.

هل قلب ترمب المفاهيم التقليدية للقيادة والسياسة والإقتصاد؟
هل قلب ترمب المفاهيم التقليدية للقيادة والسياسة والإقتصاد؟

شبكة النبأ

timeمنذ ساعة واحدة

  • شبكة النبأ

هل قلب ترمب المفاهيم التقليدية للقيادة والسياسة والإقتصاد؟

ظاهرة دعم ترامب محط اهتمام علماء النفس والاجتماع والسياسة على حد سواء، ساعيين لفهم دوافع هذا الولاء الشديد في قاعدته الشعبية ليعاد انتخابه للمرة الثانية لكن في ظروف سياسية ودولية أكثر تعقيدا يمكن استكشاف العوامل النفسية التي ساهمت في دعم زعيم دأب على انتهاك الأعراف السياسية. رحلة ترامب... قد تصفه بالمجنون لا بل الرجل البراغماتي العنيف، ربما وصف آخر "رئيس العصر الأمريكي الجديد" أو "الرئيس الذي سينهي أمريكا" وقد يكون "رجل واهم العظمة Grandiose ". بالفعل أحدث الرئيس ترمب حالة من الجدل لدى أوساط صنع القرار الأمريكي والعالم حول طبيعة الشخصية المحورية في كل ما يحدث منذ انتخاب الرئيس ترامب للمرة الثانية، بل يشعر كثيرون اليوم بالقلق إزاء التكتيكات والسياسات التي تبدو متقلبة، بل رجعية في كثير من الأحيان قد تُقوّض الممارسات الديمقراطية الراسخة في أمريكا والعالم. فما يحدث اليوم من موجة الغضب والسخط وتصاعد حدة التوترات بين المتظاهرين والشرطة التي طالت مدنا كبرى في أمريكا لم يأت من فراغ وقد يجزم الكثيرين بعد هذه الأحداث وسياسات ترامب في الشرق الأوسط أن قدرة الرئيس ترامب قد تتغير في تصوير نفسه كشعبوي، ونجاحه بصفات استبدادية مما ورط من يؤمن بنموذج القيادة الأمريكية خاصة بعد أن جعل من حملة القمع على الهجرة سمة مميزة لولايته الثانية. يعبر الكثير أن الرئيس ترامب ليس كأي زعيم انتخبه الشعب الأمريكي – إنه جريء، متهور، مضطرب، ومثير للانقسام، بلا أي خبرة سياسية ويُعزى هذا الوصف إلى عوامل عديدة نستكشفها في هذا المقال حيث تشير الأبحاث إلى أن عدد من الناس تُفضّل أسلوب قيادة "الرجل القوي" الذي ينطوي على الأنانية، والعدوان، والتلاعب. فهل غير ترمب فعلا المفاهيم التقليدية والسياسية والاقتصادية؟ يتفق علماء النفس والمعلقون من جميع المذاهب الأيديولوجية منذ البداية على وصف اضطراب الشخصية النرجسية بأنه الحالة التي تفسر سلوك ترامب ومن بين من ادعوا ذلك أكثر من 70 ألف أخصائي في الصحة النفسية وقّعوا عريضة تحذر من خطورة ترامب المحتملة، على الرغم من التحذيرات المهنية الراسخة ضد تشخيص الشخصيات العامة التي لم يفحصها الخبراء شخصيًا، فلا يزال الأمريكيون منقسمين حول مدى استبداد ترامب أو غروره، وكذلك حول من يملك سلطة إصدار تصريحات سريرية أو استخلاص مقارنات تاريخية. لقد صرّح بعض أخصائيي الصحة النفسية علنًا برأيهم بأن سلوك ترامب يتوافق مع معايير اضطراب الشخصية النرجسية، واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، واضطراب الشخصية البارانويدي وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5). في جويلية 2020 نشرت ماري ترامب ابنة أخ الرئيس ترامب وأخصائية علم النفس السريري كتاب "كثير جدًا ولا يكفي أبدًا" كيف خلقت عائلتي أخطر رجل في العالم". كتبت ماري أن والدة ترامب كانت مُركزة على نفسها وغائبة، بينما كان والده يفتقر إلى العاطفة والتعاطف، وتجادل بأن ترامب لم يكن لديه قدوة في الضعف والتعاطف والمعاملة بالمثل وأن إظهار هذه السمات كان خطيرًا في منزل العائلة. حاول الرئيس ترامب طوال حياته كسب رضا والده، وهو ما تزعم ماري ترامب أنه قد يُؤثر على طريقة تعامله مع بعض قادة العالم اليوم. يصف علماء النفس شخصية الرئيس ترامب -بالغريبة، الجريئة، والمُشاكسة– والتي تستدعي الاهتمام والتحليل، خاصةً وأنه كان يتمتع بنفوذ هائل تُثير شخصيته أيضًا التأويلات نظرًا لتوافقها الجيد مع العديد من المفاهيم النفسية المعروفة. في مراجعة لمقالة جيريمي نيكلسون " الجانب النفسي لشخصية ترمب" تتمثل استراتيجية ترامب الجريئة في "التفكير بشكل كبير" والسعي لتحقيق أكثر بكثير مما يريده في المفاوضات وتُعرف هذه التقنية باسم "أسلوب الباب في الوجه" في أدبيات التأثير الاجتماعي والإقناع، حتى قبل توليه الرئاسة، كان دونالد ترامب يتمتع بشخصية قوية ومؤثرة. ومن هؤلاء الأشخاص الذين حذروا من تأثير الحالة النفسية لترمب باندي إكس لي، "طبيبة نفسية شرعية ورئيسة التحالف العالمي للصحة العقلية"، حيث قادت لي مجموعة من الأطباء النفسيين وعلماء النفس وغيرهم من المتخصصين الذين شككوا في اللياقة العقلية لترامب لتولي المنصب في كتاب حرّرته آنذاك حمل عنوان "الحالة الخطيرة لدونالد ترامب: شمل 27 طبيبًا نفسيًا وخبيرًا في الصحة العقلية. تقول لي: "كلما ذُكرت قاعدة غولدووتر يجب أن نشير إلى إعلان جنيف الذي يُلزم الأطباء بالتحدث ضد الحكومات المدمرة" وتضيف: "لقد وُضع هذا الإعلان ردًا على تجربة النازية". وفي كتابها "ملامح أمة: تقول لي "عقل ترامب روح أمريكا" وهو تقييم نفسي للرئيس على خلفية مؤيديه والبلاد ككل إذ تكتسب هذه الرؤى الآن أهمية متجددة مع تزايد عدد القادة الحاليين والسابقين الذين يدعون إلى عزل ترامب، ورفع دعوى قضائية ضده حيث أصدرت لي وزملاؤها في الائتلاف العالمي للصحة النفسية بيانًا يدعون فيه إلى إقالة ترامب فورًا من منصبه. بينما سلّط ترامب الضوء في كتابه "فن الصفقة"، على كيفية تطبيقه لهذه الشخصية في المفاوضات والتفاعلات التجارية. على سبيل المثال، من بين التكتيكات التي بيّنها في ذلك الكتاب، نصح القراء بالتفكير على نطاق واسع وتعظيم الخيارات، واستخدام النفوذ، والرد، والاستمتاع ومع دخوله فترة ولايته الرئاسية الثانية، فقد طبقها بلا شك على نطاق دولي بحماس وكان أبرز مثال دول الخليج التي زارها وفرض مزيد من الضرائب سواء مع الصين أو دول أخرى وبطبيعة الحال كلما كثّف من تطبيقها زادت ردود الفعل السلبية والاستقطاب. قبل سنوات من ظهور فن إبرام الصفقات، كان نهج ترامب العام في الإقناع هو ما أطلق عليه روبرت سيالديني وزملاؤه تقنية "الباب في الوجه" (DITF) 1975. ببساطة تتطلب هذه التقنية من المفاوض تقديم طلب كبير أولًا والذي غالبًا ما يُرفض لعدم جدواه أو لاعتباره مبالغًا فيه. هذا يسمح للمفاوض بأن يبدو أكثر منطقية عندما يُتابع بطلب أقل (وهو ما كان هدفه المنشود منذ البداية) ولذلك تُعرف هذه العملية أيضًا بتقنية الرفض ثم الاعتدال أو الرفض ثم التراجع. في كتاب "التأثير" أشار سيالديني (2021) إلى أن هذا النهج مقنع للغاية وفي الواقع إنه ناجح لعدة أسباب. منها قد يوافق متلقي الطلب على الاقتراح الأولي المبالغ فيه وفي هذه الحالة، يحصل المفاوض على أكثر مما يريده حقًا. أما إذا رفض المتلقي الطلب الأول، فغالبًا ما يشعر بأنه ملزم بالتنازل مع طلب المتابعة الأكثر منطقية (يُسمى التنازلات المتبادلة). علاوة على ذلك، فإن الرفض الأولي للمتلقي يجعله يشعر بمسؤولية أكبر عن القرار النهائي، مما يحفزه على الاتساق ومتابعة الطلب بدقة أكبر وهكذا يفوز المفاوض في كلتا الحالتين!. سياسيا قد نتساءل لماذا ينجذب ترامب نحو العنف والتدمير ونظريات المؤامرة؟. طالما لسنا مختصين في علم النفس استعنا في تحليلنا هذا على أهم الدراسات التي تناولت التحليل النفسي لشخص ترامب وسلوكه. ترى الأخصائية النفسانية "كاثرين كاروسو" أن التدمير سمةٌ أساسيةٌ من سمات الأمراض العقلية، سواءً كانت موجهةً نحو الذات أو نحو الآخرين يمكن القول أن دونالد ترامب وأنصاره من زاوية تحليل سلوكهم يُمكن تفسيره بـ"تكافل نرجسي" و"ذهان مشترك". يعيش ترامب الآن حالة فقدان احترام لا تُطاق، وعندما طرح السؤال عليها: هل تعتقدين أن ترامب يُظهر سلوكًا وهميًا أو ذهانيًا حقًا؟ أم أنه ببساطة يتصرف كحاكم مُستبد يُحاول جاهدًا التمسك بسلطته؟ كانت اجابة كاثرين "أعتقد أنه كلاهما. إنه بالتأكيد ذو طبع استبدادي لأن نرجسيته المُتطرفة لا تسمح بالمساواة مع البشر الآخرين كما تقتضي الديمقراطية". انطلاقا من تفسير كاثرين تتضح أكثر الخلفية السياسية التي ينطلق منها ترمب في تعامله مع ملف الهجرة والارهاب والمؤامرة على أمريكا وشعار" أمريكا أولا" وغيرها من المفاهيم التي استخدمها ترمب في حملته الانتخابية، فقد تعهد ترمب بترحيل أعداد قياسية من المهاجرين الموجودين في أمريكا بشكل غير قانوني وإغلاق الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، مما زاد من موجة السخط لدى المهاجرين. كلنا عايشنا مفاجأة الصعود السياسي لدونالد ترامب عام 2016 والجدل الذي تزامن ولايته الأولى إذ هزّ صعوده المشهد السياسي الأمريكي والعالمي، فلم يكن صعود ترامب إلى الرئاسة وليد السياسة فحسب، بل تحدى كل المفاهيم التقليدية وأسرت خطاباته الجريئة، وأسلوبه في التواصل غير المقيد، وجاذبيته الشعبوية الملايين، بينما لم تعجب آخرين في الوقت نفسه. كما خالف صعوده توقعات المحللين السياسيين وخبراء استطلاعات الرأي على حد سواء، مما جعل فوزه النهائي في انتخابات عام 2016 أكثر إثارة للإعجاب. حينها أصبحت ظاهرة دعم ترامب محط اهتمام علماء النفس والاجتماع والسياسة على حد سواء، ساعيين لفهم دوافع هذا الولاء الشديد في قاعدته الشعبية ليعاد انتخابه للمرة الثانية لكن في ظروف سياسية ودولية أكثر تعقيدا يمكن استكشاف العوامل النفسية التي ساهمت في دعم زعيم دأب على انتهاك الأعراف السياسية. دعونا نتفق أن رحلة ترامب إلى البيت الأبيض لم تكن تقليدية. فعادةً ما يكون رؤساء الولايات المتحدة قد اكتسبوا خبرةً في السياسة أو الجيش قبل خوض غمار الترشح لأعلى منصب. إلا أن ترامب لم يكن كذلك. فخبرته تكمن في مجالي الأعمال والترفيه، مما جعل وصوله إلى الرئاسة غير تقليدي وغير مسبوق. منحته شهرة ترامب كرجل أعمال عقاري ونجم تلفزيون الواقع شهرةً واسعةً لا مثيل لها، استغلها ببراعة في حملته، فقد تجنب الاستراتيجيات السياسية التقليدية، معتمدًا بدلاً من ذلك على التجمعات الحاشدة، والتغطية الإعلامية المكثفة، والحضور القوي على وسائل التواصل الاجتماعي. علاوةً على ذلك لاقى خطاب ترامب الشعبوي، الذي تضمن وعودًا بـ"تجفيف المستنقع" ووضع "أمريكا أولاً"، صدىً لدى شريحة كبيرة من الناخبين، فكان نهجه شديد الاستقطاب، متجاهلًا في كثير من الأحيان الأعراف السياسية، ومتخذًا موقفًا عدائيًا ضد المؤسسة السياسية. تقدم لنا نتائج التقييم غير مباشرة من منظور ثيودور ميلون عالم الشخصية لشخصية دونالد ترامب بالاعتماد فقط على ديناميكيات الشخصية التي كشف عنها سلوكه السياسي خلال فترة ولايته بعضا من التفسيرات والمراجعات الأدبية، حيث كشفت دراسة نُشرت في مجلة Clinical Psychological Science أن الناخبين الأمريكيين، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، اعتبروا دونالد ترامب مصابًا بصفات مرتبطة باضطرابات الشخصية السادية والنرجسية، وقد صنّفه كل من مؤيدي ترامب ومنتقديه على أنه يعاني من اضطراب شديد، مع اختلاف بسيط في درجة الاختلال المُتصوّر، وأبرز البحث أن الناخبين لم يكونوا منقسمين بالضرورة حول سمات شخصية ترامب، بل حول كيفية تأثير هذه السمات على حكمهم على مدى ملاءمته كقائد. على صعيد رؤيتنا الشخصية يمكننا تحديد أبرز الاستراتيجيات التي يعتمدها ترمب في قراراته السياسية الوطنية والدولية. يبدو شعار "أمريكا أولا" وطرد المهاجرين ملهما لدى ترامب ومتابعيه وقد نجح ترامب في استقطاب التأييد الشعبي مما ساهم بشكل واسع في انتخاب ترامب لولايتين لكن مع ذلك أصبحت هذه الشعارات محل سخط اليوم لدى المهاجرين قد يجر أمريكا إلى موجة عنف تقلب قناعات مؤيدي ترامب من الجمهوريين الأكثر ميلاً من غيرهم لتأييد العنف السياسي انطلاقا من معتقدات مميزة حول العرق والديمقراطية كما تؤجج ردود الفعل لدى خصومه بل ستفرض مزيدا من الضغط على ترامب في مراجعة قراره وسياساته لتكون أكثر مرونة. بناءً على ما سبق ذكره في التحليل النفسي لشخصية ترامب يتضح لنا الآن سبب كون دونالد ترامب شخصيةً مُستقطِبة بهذا الصدد يقول رولاند إيمهوف، عالم النفس الاجتماعي في جامعة يوهانس غوتنبرغ الألمانية، "تُقدم نظريات المؤامرة وعدًا مُغريًا للغاية: فقط أوقف الشرير وستستعيد حياتك. هذا ما نريده جميعًا". "إنها قصة ساحرة يسهل تصديقها: فقط أوقف بيل جيتس عن تلويث موجات الأثير بتقنية الجيل الخامس، وسنتمكن من الخروج مرة أخرى وسيتمكن أطفالنا من العودة إلى المدرسة". يقول إيمهوف: "إنها نظرة عالمية تؤمن بأن لا شيء يحدث دون سبب، وأن هناك قوى شريرة تعمل خلف الكواليس". ويضيف: "إنها نظرة عالمية مستقرة إلى حد ما لذا لا يهم حقًا ما يحدث - فهذا سيكون تفسيرهم". يسعى جاهدا ترامب من خلال نظرية المؤامرة اقناع الشعب الأمريكي وحلفائه أن الصين تشكل العدو الحقيقي لأمريكا وهذا ما حصل منذ ولايته الأولى واتهامه الصين في أزمة كورونا واليوم لم يتخلى ترامب عن نظريته التي ترجمها في سياساته الاقتصادية تجاه الصين. قوّضت هذه السياسات فكرة وجود حقيقة في العلاقات الدولية أن التنافس والتموقع الاقتصادي ليس بالضرورة ينطوي على مؤامرة وعداء. فعندما يُنظر إلى ترامب كمفاوضٍ تجاري مُتشدد يُنجز الصفقات يُنظر إليه في المقابل كدبلوماسي قد يكون نهجه مُحتملًا لهدم الجسور بدلًا من بنائها وهكذا يُشيد اليمينيون بإنجازاته. يصف ترامب نفسه بأنه "صانع الصفقات الرئيسي" هذا يفسر لنا كمثال تصريحاته بشأن جعل غزة صفقة مربحة ومنطقة اقتصادية عندما اقترح بناء ما يصل إلى ستة "مجتمعات آمنة" خارج غزة، ويعتقد ترامب أن جعل غزة صفقة تجارية وتحويلها إلى منتجع يستمتع به جميع شعوب العالم ــ "ريفييرا الشرق الأوسط"، على حد تعبيره. تشرف عليها أمريكا سوف توفر الآلاف من الوظائف وفرص الاستثمار". أما بشأن الحرب الروسية الأوكرانية حيث يُصرّ ترامب على أن وعده بتخفيف العقوبات على روسيا، وعقد صفقات تجارية جديدة، واستثمارات اقتصادية، هو الإغراء الذي سيدفع بوتين نحو اتفاق سلام مع أوكرانيا. كمثال آخر على تبني ترامب هذه الاستراتيجية ونهجه القائم على المعاملات في السياسة الخارجية نجاحه في جلب استثمارات بقيمة عالية من رحلته إلى دول الخليج "السعودية، قطر، الامارات". في ختام تحلينا نؤكد أن استراتجيات ترامب وسياساته ستحمل له مزيدا من المعارضة المحلية بل ستكون سببا واضحا في انكفاء وتراجع مكانة الولايات المتحدة الأمريكية دوليا بشكل غير مسبوق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store