logo
ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات العراقية الكويتية؟

ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات العراقية الكويتية؟

شفق نيوزمنذ 3 أيام
تحل في الثاني من أغسطس/آب، الذكرى الـ 35 للغزو العراقي للكويت الذي وقع في صيف عام 1990، حين اندفعت القوات العراقية عند الساعة الثانية صباحاً بالتوقيت المحلي، عبر الحدود إلى الكويت وسيطرت على مدينة الكويت العاصمة.
وتغلبت القوات العراقية بسرعة على القوات الكويتية، التي كانت محدودة العدد نسبياً، وغادر الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير الكويت الأسبق، إلى السعودية.
وزعم الرئيس العراقي آنذاك، صدام حسين، أن الغزو جاء تأييداً لانتفاضة وشيكة ضد أمير الكويت، لكن قتل الكويتيين الذين قاوموا القوات العراقية نقض تلك المزاعم.
كما احتُجز عدة مئات من المواطنين الأجانب في المصانع العراقية والكويتية والقواعد العسكرية، لكن أُطلِق سراحهم قبل انطلاق الحملة التي شنها التحالف الغربي لطرد القوات العراقية من الكويت.
وبعد نحو 20 أسبوعاً من عملية حشد القوات في منطقة الخليج، أطلق تحالف تقوده الولايات المتحدة وبقرار من الأمم المتحدة، حملة جوية استمرت ستة أسابيع تلتها أربعة أيام من القتال البري، مما أدى إلى طرد آخر الجنود العراقيين من الكويت في 28 فبراير/شباط من عام 1991.
وقد كان لهذا الغزو تداعيات مستمرة حتى يومنا هذا، كما يتضح في ملف اتفاقية خور عبد الله لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، التي تم إبرامها عام 2012. فما هي القصة؟
أصل الحكاية
يقع خور عبد الله بين شبه جزيرة الفاو العراقية وجزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين، وهو الممر البحري الأساسي لوصول السفن إلى ميناء أم قصر العراقي.
ولهذا السبب، يُعدّ الممر ذا أهمية استراتيجية واقتصادية قصوى للعراق، الذي يعاني من محدودية منافذه البحرية. أما بالنسبة للكويت، فإن الخور يمثل نقطة عبور للسفن نحو ميناء مبارك الكبير الذي بدأت ببنائه عام 2011.
ويعود أصل النزاع حول خور عبد الله إلى بدايات القرن العشرين، عندما كانت الكويت تحت الحماية البريطانية بموجب معاهدة عام 1899 مع بريطانيا.
وفي عام 1913، وُقّعت المعاهدة الأنجلو-عثمانية التي حددت الحدود بين العراق، الذي كان آنذاك تحت الحكم العثماني، والكويت. ومع ذلك، لم تدخل هذه المعاهدة حيز التنفيذ بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى. ولاحقاً، أكدت اتفاقية العقير عام 1922 الحدود بين البلدين، لكنها لم تحسم بشكل نهائي النزاعات المتعلقة بخور عبد الله، مما ترك المنطقة موضع جدل مستمر.
وفي عام 1932، حدّد رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد الحدود مع الكويت في رسالة إلى المندوب السامي البريطاني، وفي عام 1963، وافق العراق رسمياً على هذه الحدود، مما شكّل أساساً للعلاقات الحدودية بين البلدين.
ومع ذلك، استمر الخلاف حول خور عبد الله بسبب أهميته الاقتصادية كممر ملاحي رئيسي للعراق، خاصة مع وجود ميناء أم قصر على خور الزبير، الذي يتصل بخور عبد الله.
وتفاقمت التوترات بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 687 عام 1991، الذي شكّل الأساس القانوني لإخراج العراق من الكويت وفرض عقوبات دولية عليه. وتبعه القرار 773 عام 1992، الذي دعم تشكيل لجنة لترسيم الحدود، ثم القرار 833 عام 1993، الذي أقرّ الحدود بشكل نهائي وملزم، واعتبر خور عبد الله منطقة حدودية مشتركة تتطلب تنظيماً مشتركاً للملاحة.
وقد وافقت الحكومة العراقية آنذاك، برئاسة صدام حسين، على ذلك، لكنها أبدت تحفظاً على بعض النقاط البحرية في الخور.
وبعد سقوط النظام العراقي عام 2003، عادت الكويت للمطالبة بتطبيق كامل القرار 833، خصوصاً فيما يتعلق بالملاحة في خور عبد الله. وبالفعل، وقّع البلدان في 29 أبريل/نيسان عام 2012، اتفاقية لتنظيم الملاحة البحرية في الخور، وتم التصديق عليها في العراق بموجب القانون رقم 42 لعام 2013.
وتنص الاتفاقية على تنظيم حركة السفن في الممر المائي عبر لجنة مشتركة بين العراق والكويت، وإدارة القناة والمرافئ بشكل مشترك، وتنظيم حركة المرور البحرية وفقاً للقوانين الدولية.
لكن الاتفاقية لم تتطرق إلى ترسيم جديد للحدود، بل استندت إلى ما تم الاتفاق عليه سابقاً بموجب قرارات الأمم المتحدة.
وقد أثارت الاتفاقية جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية العراقية بعد المصادقة عليها، حيث تم إقرارها في البرلمان العراقي بأغلبية بسيطة، وليس بأغلبية الثلثين.
وعندما طُعن بعدم دستورية قانون التصديق، أصدرت المحكمة الاتحادية قرارها في 18 ديسمبر/كانون الأول عام 2014، حيث ميّزت بين قانون تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات، الذي يتطلب أغلبية الثلثين بموجب الدستور، وبين قانون التصديق على اتفاقية معيّنة، الذي يُقر بالأغلبية البسيطة.
لكن بعض السياسيين العراقيين اعتبروا الاتفاقية "تنازلاً عن السيادة" و"تفريطاً بالحقوق البحرية"، خصوصاً مع تزايد الحديث عن تقليص حصة العراق في الممر الملاحي، بينما دافعت الحكومة العراقية عن الاتفاق، مؤكدة أنه يصب في مصلحة البلدين وينهي التوتر المزمن حول المنطقة.
في المقابل، رحبت الكويت بالاتفاق واعتبرته انتصاراً للدبلوماسية، مؤكدة التزامها بالتعاون مع العراق للحفاظ على أمن الملاحة في الخور وتنميته، وشدّدت على أن الاتفاق لا يمس بسيادة أي من الطرفين، بل ينظّم الأمور الفنية واللوجستية لتفادي أي خلاف مستقبلي.
العلامة 162
وكانت العلامة 162 هي النقطة الأخيرة التي عيّنها البلدان في المراسلات بينهما قبيل الغزو العراقي للكويت، وهي تقع في أقصى جنوب خور عبد الله وفي منتصف المسافة بين جزيرة بوبيان وشبه جزيرة الفاو.
وبين عامي 2010 و2011، وعلى ضفتين متقابلتين، وضع العراق حجر الأساس لإقامة ميناء الفاو الكبير، فيما وضعت الكويت حجر الأساس لإقامة ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان.
كانت العلامة 162 هي النقطة الأخيرة التي حدّدها البلدان في المراسلات بينهما قبيل الغزو العراقي للكويت، وهي تقع في أقصى جنوب خور عبد الله، وفي منتصف المسافة بين جزيرة بوبيان وشبه جزيرة الفاو.
وبين عامي 2010 و2011، وعلى ضفتين متقابلتين، وضع العراق حجر الأساس لإقامة ميناء الفاو الكبير، فيما وضعت الكويت حجر الأساس لإقامة ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان.
وفي عام 2019، تقدّم العراق بشكوى ضد الكويت أمام مجلس الأمن، بسبب ما اعتبره لجوء الكويت إلى القيام بتغييرات جغرافية في المنطقة الواقعة بعد العلامة 162، من خلال تدعيم منطقة فشت العيج وإقامة منشأة عليها من دون موافقة الجانب العراقي، بحسب ما جاء في الشكوى العراقية.
غير أن الكويت ردّت حينها أن منشأة فشت العيج تقع ضمن مياهها الإقليمية، وأنها مساحة من الأرض متكوّنة طبيعياً فوق سطح البحر، وبالتالي، فإن للكويت سيادة على بحرها الإقليمي.
وامتدّ الخلاف بين البلدين ليشمل حياً سكنياً لمنتسبي القوة البحرية العراقية مؤلفاً من نحو مئة منزل في مدينة أم قصر الحدودية، ويقع على الخط الحدودي.
فبعدما وافق العراق على ترسيم الحدود مع الكويت في تسعينيات القرن الماضي، وتثبيت الدعامات الحدودية البرية بين البلدين، أصبح هذا الحي السكني ضمن نطاق الدعامات.
وطالبت حينها الكويت بإزالة هذه المنازل، وقدّمت مقترحاً لبناء حي سكني بديل، ووافق الجانب العراقي على المقترح الكويتي. وفي عام 2020، أنجزت الكويت مدينة سكنية بديلة مكونة من 228 منزلاً مع كامل الخدمات اللوجستية الأساسية.
وفي عام 2019، تقدّم العراق بشكوى ضد الكويت أمام مجلس الأمن بسبب ما اعتبره لجوء الكويت إلى القيام بتغييرات جغرافية في المنطقة الواقعة بعد العلامة 162 من خلال تدعيم منطقة فشت العيج وإقامة منشأة عليها من دون موافقة الجانب العراقي، بحسب ما جاء في الشكوى العراقية.
غير أنّ الكويت ردّت حينها أن منشأة فشت العيج هي مساحة من الأرض متكوّنة طبيعيا فوق سطح البحر وتقع ضمن مياهها الإقليمية، وبالتالي، وبحسب التبرير الكويتي، فإن للكويت سيادة على بحرها الإقليمي.
وامتدّ الخلاف بين البلدين ليشمل حياً سكنياً لمنتسبي القوة البحرية العراقية مؤلفاً من نحو مئة منزل في مدينة أم قصر الحدودية، ويقع على الخط الحدودي.
فبعدما وافق العراق على ترسيم الحدود مع الكويت في تسعينيات القرن الماضي، وتثبيت الدعامات الحدودية البرية بين البلدين، أصبح هذا الحي السكني ضمن نطاق الدعامات.
وطالبت حينها الكويت بإزالة هذه المنازل وقدّمت مقترحاً لبناء حي سكني بديل، ووافق الجانب العراقي على المقترح الكويتي، وفي عام 2020 أنجزت الكويت مدينة سكنية بديلة مكونة من 228 منزلاً مع كامل الخدمات اللوجستية الأساسية.
قرار المحكمة الاتحادية
قررت المحكمة الاتحادية العراقية في 4 سبتمبر/أيلول عام 2023، إلغاء القانون رقم 42 لسنة 2013، معتبرة أنه خالف الإجراءات الدستورية لتوقيع الاتفاقيات الدولية. واستند قرار المحكمة إلى أن التصويت النيابي على الاتفاقية لم يراع النقطة الرابعة من المادة 61 من الدستور العراقي، والتي تنص على: "تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بقانون يُسن بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".
وأثار هذا القرار مخاوف من توتر العلاقات مع الكويت، التي اعتبرت القرار شأناً داخلياً عراقياً، مع التأكيد على التزامها بالحدود المحددة دولياً. كما دعا مجلس التعاون الخليجي العراق إلى احترام قرار مجلس الأمن 833 والالتزام بالاتفاقية.
ورداً على قرار المحكمة، تقدّم كل من رئيس الجمهورية العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في أبريل/نيسان عام 2025، بطعنين منفصلين لإعادة النظر في قرارها. وقد استندا إلى المادة الثامنة من الدستور العراقي، التي تؤكد مبدأ حسن الجوار والالتزام بالمعاهدات الدولية، إلى جانب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، التي تنص على أن الدول لا يمكنها الاحتجاج بقوانينها الداخلية للإخلال بالتزاماتها الدولية.
وقد أرجأت المحكمة النظر في الطعنين إلى ما بعد القمة العربية في مايو/أيار عام 2025، مما يعكس حساسية الملف.
ومن جهته، أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، في يوليو/تموز عام 2025، أن الاتفاقية قانونية وملزمة دولياً، وأن إلغاءها يُسبب اضطرابات دبلوماسية وقانونية، مشيراً إلى أنها ليست اتفاقية ترسيم حدود، بل تنظيم ملاحي استناداً إلى قرارات أممية.
وبحسب خبراء القانون الدولي، فإن اتفاقية خور عبد الله تستند إلى قرارات الأمم المتحدة، وتلغي أي مطالبة عراقية لاحقة بتعديل الحدود ما لم يتم ذلك بالتراضي.
ومن جانبها، أكدت الأمم المتحدة على أهمية احترام الحدود المعترف بها دولياً بين العراق والكويت، وضرورة الحفاظ على الأمن في هذه المنطقة الحساسة من الخليج. كما حذرت من أن أي نزاع جديد قد يؤثر على الأمن البحري وسلاسل التوريد.
ويُشار إلى أن الخلافات حول خور عبد الله لا تتعلق فقط بالملاحة، بل تتشابك مع مشاريع تنموية مثل ميناء مبارك الكبير الكويتي، الذي ترى فيه بعض الجهات العراقية تهديداً مباشراً لميناء الفاو الكبير الذي تنوي بغداد إنشاؤه.
وقد زادت هذه الحساسية بعد بدء الكويت بإنشاء أرصفة بحرية في الجزء الجنوبي من الخور.
وهكذا، تكشف اتفاقية خور عبد الله عن التحديات التي تواجه العلاقات العراقية الكويتية، حيث تتقاطع الأبعاد القانونية والسياسية والاقتصادية. فعلى الرغم من أهميتها في تنظيم الملاحة وضمان استقرار العلاقات الثنائية، فإنها أثارت مخاوف داخلية في العراق تتعلق بالسيادة والمصالح الوطنية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحقيقة المغيبَّة عن تأسيس شبكة الإعلام العراقي
الحقيقة المغيبَّة عن تأسيس شبكة الإعلام العراقي

موقع كتابات

timeمنذ 2 ساعات

  • موقع كتابات

الحقيقة المغيبَّة عن تأسيس شبكة الإعلام العراقي

بعد الغزو الأمريكي للعراق وسقوط نظام صدام حسين في 9 نيسان (أبريل) 2003، أوقف الأمريكيون بثّ التلفزيون العراقي الرسمي التابع لوزارة الإعلام، وشرعت سلطة الائتلاف المؤقتة، في هيكلة مؤسسات الدولة، ومن ضمنها الإعلام. فكانت شبكة الإعلام العراقي من أبرز ما تم تأسيسه لتحل محل التلفزيون الرسمي للنظام السابق. وبالتعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية وشركة (تطبيقات العلوم الدولية- سايك)، تأسست الشبكة بوصفها محاولة أولى لبناء إعلام وطني عام، مهني ومستقل، بعد عقود من الخطاب الدعائي المسيطر. إذ بُنيت الخطة ضمن 'مكتب الولايات المتحدة لإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية'، الذي تحوَّل لاحقاً إلى 'سلطة الإئتلاف المؤقتة'، لتكون بديلاً لوزارة الإعلام المُنحلة. مُنح عقد التأسيس لشركة SAIC(سايك)، ومقرها سان دييغو- كاليفورنيا، ورُصد لها قُرابة 100 مليون دولار لإنشاء قناة فضائية تبث على مدار الساعة، وقناتين أرضيتين (نظراً لغياب أجهزة الاستقبال الفضائي آنذاك)، وإلى جانب صحيفة مركزية، ومحطتين إذاعيتين، واستوديوهات إنتاج تلفزيوني وسينمائي حديثة. وقبل إنشاء الشبكة، شكّل البنتاغون فريقاً إعلامياً أُطلق عليه 'فريق إعلام الرد السريع' ليكون ذراعاً للحملة الإعلامية خلال الغزو، مهمته صياغة وترويج روايات داعمة للغزو وأهدافه، وتبرير السياسات الأمريكية، وإبراز صورة مستقبل مشرق للعراق، إضافة إلى التوعية بالعدالة وسيادة القانون والمساعدات الإنسانية. أُدرجت هذه التوجهات ضمن خطة اتخذت طابعاً استراتيجياً رسمياً منذ 16 كانون الثاني 2003. لكن المفارقة أن المشرفين الأمريكيين على الشبكة لم تكن لهم خبرة إعلامية تُذكر؛ فـ'جان ساندروك' كان طياراً عسكرياً خدم في أفغانستان، و'بوب تيزدل' كان يملك سلسلة مقاهٍ في الولايات المتحدة. وحده 'تيد آيلف' وبعض مساعديه امتلكوا خبرة إعلامية، لكنها محدودة بسبب عدم إلمامهم باللغة العربية أو بالشأن العراقي، ما خلق فجوة في الفهم وسوء تنسيق. هذا بالإضافة إلى التغييرات المستمرة في طواقم المتعاقدين الأمريكيين، مما خلق نوعاً من الارتباك المؤسسي. ثم جاء قرار بول بريمر، في حزيران من العام ذاته، باعتبار شبكة الإعلام العراقي بديلًا رسمياً لوزارة الإعلام المنحلة، ما أدى إلى تسرب عدد كبير من موظفي الوزارة السابقة – الذين فُصلوا وعددهم تجاوز خمسة آلاف – إلى الشبكة، مشكّلين عبئاً إضافياً على الهيكل الناشئ. إلى جانب التحديات الأمنية، واجهنا نقصاً حاداً في معدات التصوير. كنتُ قد تقدمت بعدة طلبات لتوفير الكاميرات، دون جدوى. لم نكن نملك سوى عدد قليل من الكاميرات القديمة: أربع 'سوني بيتكام'، ثلاث 'إس بي'، وواحدة 'إس إكس'، إضافة إلى حاملتين خشبيتين بدائيتين. كان لدينا سبعة مصوري كاميرا محمولة وثلاثة للاستوديو. وذات مرة طُُُلب منَّا إجراء مقابلة تلفزيونية مع بول بريمر بمناسبة عيد الفطر. اصطحبتُ فريق العمل، ومنهم المصور المبدع محمد خيون، إلى مكتبه. جهّزوا المكان بوضع العلم الأمريكي وصورة لعائلته في الخلفية، لكن، ولسوء الحظ، تعطلت الكاميرا الوحيدة التي كانت معنا – وكانت تقوم بمهام ثلاث كاميرات! مما أثار استغراب وامتعاض بريمر، فشرحتُ له وضعنا المزري. وفي الحال، أوعز بتوفير ما نحتاجه. وبعد أيام وصلتنا ثماني كاميرات حديثة ومِكسر صوت وعدد من المستلزمات الفنية. في تلك الفترة كنَّا نعقد اجتماعات يومية لاختيار اسم للقناة الرسمية وشعار خاص بها، بدل الاسم المؤقت 'تلفزيون شبكة الإعلام العراقي'. شكّلنا فريقًا لهذا الغرض بإشراف غاري ثيغر، مدير الاتصالات الاستراتيجية في سلطة الائتلاف، وضم الفريق: جان ساندروك، تيد آيلف، بيت سايدل، أندريه هورتادو، ديفيد إسحاق، وأنا بصفتي المدير العام للقناة. وشارك أكثر من 1700 متسابق في مسابقة تصميم شعار للشبكة وآخر للقناة، وفاز بها المصمم محمد عبد عون من قسم الكرافيك في 'العراقية'. وهكذا أُعلن رسمياً عن اسم القناة 'العراقية'، وتناقلته وسائل الإعلام. وبعد الإعلان، تلقيت اتصالًا من الزميل سعد البزاز، مهنئاً ومحذراً من اختيار هذا الاسم، مدعياً أنه سبق وسجله في لندن لقناته المقبلة. أوضحت له أننا سجلناه رسمياً في بغداد قبل الإعلان عنه، وأن قوانين لندن لا تسري على العراق، لا سيما أن القناة تبث من بغداد. لكنه لم يقتنع، وخصص الصفحة الأولى من 'الزمان' لتهديد القناة بالمقاضاة. وبعدما أدرك أن الأمر قد حُسم، أطلق قناته 'الشرقية' في مارس 2004. بذلنا جهوداً كبيرة لتطوير الأداء الإعلامي، عبر التدريب داخل الشبكة أو إرسال الطواقم إلى دبي، اليابان، بولندا، وغيرها. كنت أطمح إلى بناء إعلام مستقل، لا أن تكون القناة بوقاً دعائياً لسلطة الاحتلال، ورغم نشأتها في ظل الاحتلال، سعيتُ جاهداً لإضفاء طابع وطني عليها. لكننا لم نواجه العوائق بسبب نقص الكوادر أو تدني رواتب العاملين العراقيين فحسب، بل من الحراس الأمنيين أنفسهم، لا سيما من شركة 'بلاك ووتر'، الذين شكلوا عائقًا حقيقياً بفظاظتهم وسلوكهم غير المهني. كانوا يغلقون أبواب قصر المؤتمرات، الذي كنَّا نعمل فيه، في السادسة مساءً، ويفتشون الضيوف بطريقة مهينة، كما حدث مع االسيد محمد بحر العلوم والسيد إياد جمال الدين، اللذين دعوتهما إلى استوديو 'العراقية' لتسجيل حلقةٍ حوارية. وفي أحد الأيام، وجدتُ ثلاثة من الحراس الأمنيين يعتقلون مخرجاً تلفزيونياً يعمل معنا، ويطرحونه أرضاً، ويصوبون أسلحتهم نحوه بطريقة مُريبة بثت الرعب في نفوس موظفي القناة. وبعد جهد جهيد، تمكنتُ من تحريره من بين أيديهم، لإكتشف لاحقاً انه أُعتقل بسبب شكوى قدَّمتها ضده إحدى الفتيات العراقيات التي كانت تخضع لاختبار للعمل في القناة. ولم تكن صاحبة الشكوى تعلم أن هناك إدارة مختصة في القناة يمكنها التظلم إليها، وليس إلى الحراس الأمنيين. لقد قدّم المؤسسون الأوائل، وأنا أحدهم، جهوداً استثنائية في ظروف قاهرة: انعدام الكهرباء، غياب الإنترنت، والخطر الأمني. وضعنا اللبنات الأولى لصرح إعلامي جديد وسط ضبابية سياسية، وانعدام تعريف واضح للإعلام الوطني. في صباح 26 تشرين الأول (نوفمبر) 2003، استهدف صاروخ غرفتي رقم 726 في فندق الرشيد، ونجوت بأعجوبة. كما ورد اسمي ضمن قوائم الاغتيال. ورغم ذلك، تمسكنا برؤية إعلام وطني عابر للطوائف والانتماءات. لكن بعد عقدين، بدأ تهميش أسماء المؤسسين، وطمس أدوارهم، وإعادة كتابة الرواية لخدمة وجوه لم تعرف وقع المعاول الأولى. فبات يُقدَّم التأسيس كمنتج وطني بحت، بينما جرى تجاهل الدور الأمريكي وكل ما سبق من تحديات. بعضهم بحاول اليوم إحالة الفضل إلى شركة (LBC) الللبنانية، التي تم التعاقد معها لاحقاً، بعد أن كنَّا قد وضعنا حجر الأساس، وأخترنا الاسم، وحددنا التوجهات. ما يحدث هو نوع من المسخ المؤسسي، وإعادة تركيب الواقع لخدمة سردية تناسب مراكز النفوذ الحالية، وتتنكر لما لا يخدمها. في هذه الرواية، تختفي التجربة المؤسسة، وتُصاغ صورة مُشوّهة، مجتزأة، ولا عدالة فيها. الاحتفاء بالذاكرة ليس تقديساً، بل إنصافاً. وإذا كانت شبكة الإعلام مؤسسة وطنية، فلتكن ذاكرتها وطنية أيضاً، لا خاضعة لمقصّ سياسي أو مزاج إداري. التاريخ لا يُكتب في الهامش، ولا يُصان بالصمت. من حق المؤسسين أن تُذكر أسماؤهم، لا تكريماً لهم فحسب، بل احتراماً للفكرة التي مثلّوها. فطمسهم هو طمسٌ لفكرة بناء إعلام وطني مستقل، واستبدالها بسردية مزيّفة. لا نطلب منهم أن يضعوا صور المؤسسين في قاعات الشرف، كما تفعل المؤسسات الرصينة حول العالم، بل فقط أن لا يتنصلوا من التاريخ، الذي هم – أو بعضهم – جزء منه. وأقولها بصراحة: الاعتراف الوحيد الذي لقيته جاء من السيد حبيب الصدر، المدير العام الأسبق للشبكة، خلال زيارته لقناة 'عشتار الفضائية' التي أسستها في 22 كانون الأول (ديسمبر) 2005، وكان يرافقه الزميل كريم حمادي، المدير العام الحالي لشبكة الإعلام العراقي، الذي كان حينها، أي في العام 2003، يعمل في إذاعة الشبكة. ففي حديث لقناة 'عشتار' الفضائية، أقرّ الصدر بأنني من المؤسسين الأوائل، ومن الذين أرسوا اللبنة الأولى لشبكة الإعلام العراقي، وأسهموا في تسميتها.

'الكرملين' يدعو إلى أقصى درجات الحذر مع التصريحات النووية
'الكرملين' يدعو إلى أقصى درجات الحذر مع التصريحات النووية

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ 2 ساعات

  • وكالة الصحافة المستقلة

'الكرملين' يدعو إلى أقصى درجات الحذر مع التصريحات النووية

المستقلة/-دعا الكرملين، الإثنين، إلى التعامل بـ'أقصى درجات الحذر' مع التصريحات ذات الطابع النووي، وذلك في أول رد رسمي على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نشر غواصتين نوويتين قرب روسيا. قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إن هذه الغوّاصات 'تقوم بمناورات قتالية بشكل دائم'، معتبرًا أن قرار ترامب لا يغيّر من واقع الانتشار العسكري الأميركي المستمر. وأضاف بيسكوف: 'ينبغي توخي الحذر في الخطاب السياسي عندما يتعلق الأمر بالأسلحة النووية، فهذه التصريحات قد تكون لها تبعات خطيرة'، في إشارة إلى التصعيد الكلامي الأخير بين واشنطن وموسكو. يذكر أن قرار ترامب نشر غواصتين نوويتين في مواقع 'مناسبة' جاء رداً على تصريحات اعتُبرت تحريضية من قبل نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف. وفي منشور عبر منصة 'تروث سوشيال'، وصف ترامب تصريحات المسؤول الروسي بأنها 'حمقاء واستفزازية للغاية'، وأكد أن كلماته لم تكن مجرد تهديد، بل رسالة تحذير واضحة من عواقب محتملة. وكتب الرئيس الأميركي: 'الكلمات قد تقود إلى نتائج كارثية غير مقصودة، وأتمنى ألا يكون هذا هو الحال هذه المرة'، في إشارة إلى ما اعتبره تجاوزًا روسيًا في الخطاب العدائي. ميدفيديف يهاجم ترامب في المقابل، سبق لميدفيديف أن هاجم ترامب بمنشور لاذع عبر قناته على تليغرام، مشيرًا إلى أن حديث ترامب عن 'مهلة' لروسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا يشكّل تهديدًا مباشرًا وخطوة نحو المواجهة. وسخر المسؤول الروسي من لهجة ترامب، مشيرًا إلى أنه 'إذا كانت تصريحاتي تثير انزعاجًا لدى الرئيس الأميركي، فهذا يعني أن روسيا تسير على الطريق الصحيح'. وذكّر ميدفيديف بعبارات ذات طابع تحذيري، قائلاً إن على ترامب أن يسترجع مشاهد أفلام 'الموتى السائرين'، في إشارة إلى التهديد المتبادل، كما لوّح مجددًا بـ'اليد الميتة'، وهو النظام الروسي الآلي للإطلاق النووي في حال تعرّض القيادة الروسية لضربة مباغتة. وساطة أميركية محتملة.. ولقاء مرتقب وفي سياق موازٍ، أعلن بيسكوف أن الجهود الأميركية في الوساطة بشأن أوكرانيا ما تزال 'ذات أهمية بالغة'، وأشار إلى احتمال عقد لقاء هذا الأسبوع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، قائلاً: 'نرحب دائمًا بزيارات ويتكوف إلى موسكو ونعتبر التواصل معه مجديًا ومثمرًا'. ضغوط وعقوبات جديدة على الطاولة من جهته، صعّد ترامب خطابه ضد موسكو بتهديده بفرض عقوبات اقتصادية قاسية، في حال لم يوقف الرئيس الروسي عملياته العسكرية في أوكرانيا. وتدرس الإدارة الأميركية حاليًا فرض 'عقوبات' تستهدف الدول التي تشتري النفط من روسيا، في خطوة تهدف إلى خنق العائدات الحيوية التي تموّل المجهود الحربي الروسي. وأبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي، يوم الخميس 31 تموز/يوليو، أن الرئيس دونالد ترامب يسعى للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الروسية في أوكرانيا بحلول 8 آب/ أغسطس، مشيرة إلى استعداد واشنطن لاتخاذ 'إجراءات إضافية' لضمان تحقيق السلام. وقال كبير الدبلوماسيين الأميركيين، جون كيلي، أمام أعضاء المجلس الـ 15: 'يجب على كل من روسيا وأوكرانيا التفاوض على وقف لإطلاق النار وسلام دائم. لقد حان وقت التوصل إلى اتفاق. الرئيس ترامب أوضح أن ذلك يجب أن يتم قبل الثامن من آب/ أغسطس. والولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ تدابير إضافية لضمان السلام'. المصدر: يورونيوز

خطة نتنياهو بشأن غزة في مهب الريح
خطة نتنياهو بشأن غزة في مهب الريح

شفق نيوز

timeمنذ 6 ساعات

  • شفق نيوز

خطة نتنياهو بشأن غزة في مهب الريح

نبدأ جولتنا لهذا اليوم من صحيفة الإندبندنت البريطانية، ومقال رأي بعنوان "خطة نتنياهو بشأن غزة في مهب الريح"، كتبه ألون بينكاس، وهو دبلوماسي إسرائيلي ومستشار سياسي سابق لاثنين من رؤساء وزراء إسرائيل. يستهل الكاتب بالإشارة إلى وعد وزير الخارجية البريطاني الراحل آرثر بلفور عام 1917، بدعم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، والذي لاقى إشادة من الحركة الصهيونية باعتباره إنجازاً دبلوماسياً تاريخياً ضخماً، ثم يتطرق إلى إعلان رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه في حال عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ستعترف بريطانيا بدولة فلسطينية، الأمر الذي قوبل بنوبات غضب وتشنجات خطابية حادة من قبل الوزراء الإسرائيليين، وفقاً للكاتب. وعلى الرغم من أن السياق والظروف مختلفة تماماً، لكن بريطانيا عام 1917 التي أصدرت الإعلان، وبريطانيا عام 1947 التي تخلت عن انتدابها على فلسطين ودعمت خطة الأمم المتحدة للتقسيم، وبريطانيا عام 2025 التي تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية، جميعها تروي القصة نفسها: أن هناك مسألة تحتاج إلى حل، ويمكن حلها، وفقاً للمقال. ويرى الكاتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لم يكن له أن يُفاجأ بإعلان ستارمر، فقد كان قيد الإعداد تدريجياً، حيث ناشدت بريطانيا إسرائيل خلال العام الماضي إنهاء الحرب في غزة، ومنع المزيد من الكوارث الإنسانية والمجاعة. ويعتبر ألون بينكاس أن صدق نوايا ستارمر تجاه إسرائيل لا يمكن الطعن فيه، وأنَّ نتنياهو اختار تجاهل أي خطط سياسية لغزة ما بعد الحرب والسخرية منها ورفضها، وشنّ حرباً دون أهداف سياسية واضحة، وحذرته بريطانيا، من بين العديد من الحلفاء الآخرين، من أن ذلك سيؤدي إلى كارثة. وأضاف بينكاس: "لكن نتنياهو هو من صوَّر نفسه على غرار تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية)، كرئيس وزراء زمن الحرب القادر وحده على إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط بالقوة العسكرية، مفترضاً في الوقت نفسه أن القضية الفلسطينية ستختفي بشكل سحري". ولم تكن بريطانيا وحدها هي التي اتخذت موقفاً مؤخراً، بل إن الجيش الإسرائيلي يُحذّر نتنياهو أيضاً من أن هذا لن يُسفر عن أي نتيجة، وفق الكاتب. ويواصل الكاتب قائلاً: "تصف وسائل الإعلام الإسرائيلية، بأسلوب درامي مبالغ فيه، قرارات فرنسا ثم بريطانيا، وربما كندا والبرتغال لاحقاً، بالاعتراف بدولة فلسطينية بأنها تسونامي. لكن هذا الوصف مضلل وغير لائق. فالتسونامي ظاهرة طبيعية، ناتجة عن زلزال يؤدي إلى تحرك عنيف لمياه المحيط، أما الأزمة الدبلوماسية التي تمر بها إسرائيل حالياً، فهي من صنع الإنسان، بل من صنع رجل واحد تحديداً: بنيامين نتنياهو. إنها نتيجة الغرور المفرط وغياب تام لأي سياسة رشيدة". ويقول: "أعلنت حوالي 147 دولة - من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة - اعترافها بدولة فلسطين المستقبلية"، واصفاً هذا الاعتراف واسع النطاق بأنه رمزي وبياني إلى حد كبير، ومع ذلك يرى الكاتب أن الطابع الرمزي لمثل هذه التصريحات يصبح جوهرياً، لأنها تُنشئ مبدأً سياسياً مُنظِماً تتجمع حوله العديد من الدول. وأشار ألون بينكاس إلى إعلان أربع من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبراً أن "ذلك يجعل إسرائيل تعتمد أكثر من أي وقت مضى، ليس على الولايات المتحدة، بل على نزوات دونالد ترامب المُحبط والمتقلب بشكل متزايد. هذا ليس المكان الذي ينبغي أن تكون فيه إسرائيل". واختتم: "لن يُنشئ ستارمر وكارني (مارك كارني رئيس وزراء كندا) وماكرون دولة فلسطينية بمقتضى تصريحات. إنهم يُدركون ذلك. كما أنه من غير المُمكن قيام مثل هذه الدولة في المستقبل القريب. لكنهم وضعوا مرآة أمام نتنياهو. إلى متى يمكنه تجنب النظر في الأمر؟"، وفق المقال. "انتهاك إرادة البرلمان" ننتقل إلى صحيفة التلغراف، وافتتاحية بعنوان "لا ينبغي السماح للنشطاء المؤيدين للفلسطينيين بانتهاك إرادة البرلمان". تنتقد الصحيفة مسيرات التضامن المنتظمة مع الفلسطينيين، التي جرت في شوارع لندن ومدن بريطانية أخرى منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، والتي "أَطلق فيها البعضُ ضمن الحشود هتافاتٍ مشكوكاً في قانونيتها، تقترب بشكل مزعج من حد الثناء الصريح على إرهابَي حماس وحزب الله المحظورَين". وتشير التلغراف إلى تصويت البرلمان البريطاني في يوليو/تموز الماضي على حظر هذه المنظمة، وبذلك "أصبح التعبير عن الدعم لمنظمة فلسطين أكشن الآن جريمة جنائية، يُعاقَب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاماً"، وفقاً للصحيفة. وتقول الصحيفة إن نحو 500 ناشط أو أكثر يخططون لانتهاك جماعي لقوانين الإرهاب، حيث يعتزمون الإعلان صراحةً وبشكل لا لبس فيه عن دعمهم لحركة "فلسطين أكشن"، يوم السبت المقبل. "وتعتمد استراتيجيتهم على فرضية أن الشرطة لن تتمكن من توجيه اتهامات بالإرهاب إلى هذا العدد الكبير، ما سيؤدي إلى إرباك المحاكم، أو إلى إحجام السلطات عن تنفيذ القانون، ما يجعله مجرد حبر على ورق. وإن جرت محاكمات، فإن النشطاء يعتزمون تحويلها إلى ساحات لمحاكمة إسرائيل سياسياً، لا فقط لمحاكمة المتهمين". واعتبرت الصحيفة أن الأمر لا يتعلق الآن بما إذا كانت ردود إسرائيل على هجمات حماس مبرّرة أم لا، بل بما إذا كانت قوانين البرلمان ستُطبَّق على أرض الواقع، أم سيُترك المجال لما يشبه "السلطات الشعبية" العشوائية لتقرر ما تشاء. واختتمت: "إنّ هذا يعد اختباراً لنظامنا القضائي، الذي قد لا يملك القدرة على التعامل مع بضع مئات من الاعتقالات، لكن تطبيق القانون يأتي في المقام الأول". "الجيش الأوروبي الموحد أمر بعيد المنال" وأخيراً نختتم جولتنا من صحيفة الغارديان، وافتتاحية بعنوان "جيش الاتحاد الأوروبي: القيادة والوحدة لا تزالان بعيدتَي المنال". تناقش الصحيفة دعوة رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إلى إنشاء جيش أوروبي في وقت سابق من هذا العام، والذي أشار إلى أن القارة قد تُدرك هذه المرة جدية الأمر. وعلى الرغم من كل التصريحات السياسية التي تُثير الأمر بثقة متزايدة، فإن أوروبا ربما لا تقترب من تشكيل قوة عسكرية موحدة، وفق الصحيفة. وكتبت: "ميزانيات الدفاع آخذة في الارتفاع. التهديدات تتزايد. الولايات المتحدة منشغلة. يبدو أن اللحظة قد حانت. لكن الواقع يقول: ليس بعد". تُعدّد الصحيفة الصعوبات التي تواجه ذلك الحلم الأوروبي، وأبرزها الانقسامات المستمرة منذ عقود، والتردد السياسي، والاعتماد على الولايات المتحدة. ترى الغارديان أن "المشكلة، تكمن - كالعادة - في السياسة، وتحديداً: مَن يقود؟". هذه القيادة قد تتنازعها ألمانيا الأوفر حظاً، و"التي تدّعي أنها بلغت نقطة تحول" وتطلب من الاتحاد الأوروبي استثناء الاستثمار العسكري من القيود المالية، وبولندا التي تنفق أعلى نسبة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع من بين دول الاتحاد. أما فرنسا، فترى نفسها في طليعة أي مشروع كهذا، لكن نزعتها "الديغولية" الأحادية لا تزال متجذرة. وفي حين تملك إيطاليا خبرات صناعية، إلا أنها تفتقر للوزن الاقتصادي، أمّا المملكة المتحدة (بعد بريكست) فتعمل على إعادة بناء جسور التعاون العسكري مع القوى الأوروبية، لكنها لا تزال تعتبر نفسها حجر الأساس في الناتو. وبالنسبة لدول البلطيق؟ فهي لا تريد أي مشروع أوروبي قد يُغضب واشنطن، وفقاً للصحيفة. حتى تعريف جيش أوروبي أمر صعب، وفق الصحيفة التي تتساءل: "هل سيكون قوة واحدة تحت راية الاتحاد الأوروبي، تجمع القوات المسلحة الوطنية السبع والعشرين للدول الأعضاء في قوة واحدة مشتركة؟ أم شيئاً أكثر مرونة، للحفاظ على حياد دول مثل أيرلندا والنمسا؟ هل يمكن أن يكون قوة تدخُّل أوروبية أصغر؟ أم جهداً مشتركاً للتجمعات الإقليمية في شكل جديد؟ الإجابة المختصرة هي أنه لا يمكن لأحد الاتفاق على أي شيء سوى الاختلاف". وتكمن المفارقة في أن الجيش الأوروبي يُنظر إليه كرمز للاستقلال عن الولايات المتحدة، بينما يعتمد بصمتٍ على الأقمار الصناعية وهياكل القيادة والذخائر الأمريكية، وفق الصحيفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store