
وزير الإعلام السوري: 300 حساب وهمي تنشر أخباراً مضللة تستهدف السوريين
وتابع في تصريحات على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، أن تلك الحسابات «تتوزع على 4 دول رئيسية»، لم يحددها.
الادعاء بأن المقطع المتداول يعود لمقاتل من عشائر البدو يُهدد دروز السويداء بالذبح ادعاء مضلل. إذ أظهر البحث لفيديو نُشر عم 2015 يُظهِر قيادياً ليبياً في سوريا يُدعى أبو حفص يطالبهم بتسليم أنفسهم والتوقف عن القتال في صفوف نظام الأسد (تأكد)
وأفاد الوزير السوري، على حسابه في «فيسبوك»، بأن سوريا لا تزال تحت العقوبات الأميركية فيما يخص العلاقة مع منصات التواصل الاجتماعي، وأن التقدم بطيء إزاء رفعها، رغم الأمر التنفيذي الذي وقَّعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأوضح أن استمرار تلك العقوبات «يعيق التواصل المباشر مع هذه المنصات، خاصةً فيما يتعلق بمكافحة حملات التضليل والشائعات».
«إيكاد» كشفت في أبريل الماضي عن شبكة منظمة من سوريين وإسرائيليين تتحرك بين السياسة والإعلام
ووصف المحتوى المضلل الذي ينشر بأنه يأخذ أشكالاً مختلفة، إذ يظهر في بعض أشكاله مؤيداً للدولة، لكنه يهتم بنشر خطاب تقسيمي. موضحاً، أن وزارة الإعلام تبذل جهوداً مضاعفة لوقف توليد الحسابات الجديدة، والتي بلغت في الأيام الأخيرة مستويات كبيرة (10 آلاف حساب يومياً).
وقال إن المسؤولين يعوّلون على وعي الجمهور حتى تتوفر ظروف مناسبة، «ونهيب بالجميع توخي الحذر والتحلي بالمسؤولية».
الادعاء المتداول كخبر عاجل منسوب لقناة الجزيرة، والذي يزعم وجود أنباء عن محاولة اغتيال مظلوم عبدي وسط اشتباكات عنيفة بين فصائل «قسد»، هو ادعاء مُلفّق، ولم تنشر قناة الجزيرة ما نُسب إليها. pic.twitter.com/g6LaD339m5
— تَـأكّـدْ (@VeSyria) July 21, 2025
يذكر أن إعلاميين سوريين أنشأوا على مواقع التواصل منذ سنوات، حسابين، لمكافحة التضليل والشائعات.
الأول منصة «تأكد» المتخصصة بتقصي الحقائق والتحقق من الأخبار والمعلومات ومحاربة التضليل، معتمدة من قِبل مرجعيات عالمية في هذا المجال.
#تحقيقات| بدأ الأمر بإعلان عابر.. لكنه قاد إلى شبكة منظمة من سوريين وإسرائليين تتحرك بين السياسة والإعلام، مستغلة الأوضاع الاقتصادية الهشة لدفع الجنوب السوري نحو واقع جديد.تحركات مكثفة لشخصيات درزية محلية وجهات خارجية، تشكّلت في الظل لدعم انفصال السويداء والتدخل الإسرائيلي.... pic.twitter.com/Oa9B0MClyv
— EekadFacts | إيكاد (@EekadFacts) April 30, 2025
الآخر هو منصة «إيكاد» التي تبذل جهوداً احترافية لكشف الحقائـق وتقدم نفسها على «إكس» بأنها منصة تحقيقات «استخبارات المصادر المفتوحة».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
ترمب... السلام أو الغرق في رمال المنطقة؟
بعد ضربِ الطائرات الأميركية مفاعلات إيران قال الرئيس ترمب: «دمّرنا مفاعلات إيران»، وعندما قصفت الطائرات الإسرائيلية دفاعات إيران وقتلت قادتَها صرح نتنياهو: «سنرسم خريطة الشرق الأوسط»، وعندما أخرجت إيران مفتشي الأمم المتحدة من أراضيها احتجاجاً على ضرب مفاعلاتها قال وزير خارجيتها: «نحن قادرون على إعادة بناء ما تهدم من برنامجنا النووي». هذه التصريحات تؤكد حقيقة واحدة أن إيران كما كانت، وينصب اهتمامها الآن على حماية نظامها وترميم دفاعاتها، وكيفية التفاوض مع ترمب دونما أن تفقد ماء الوجه. في المنطقة لم تعد إيران لاعباً مؤثراً، وهناك لاعبان مهمان: إسرائيل وتركيا، وهما يتنافسان الآن على مناطق نفوذ، وقد يتقاتلان إذا لم يفرمل الرئيس ترمب إغراءاتهما بالتوسع. وسارعت إسرائيل بعد سقوط الأسد إلى احتلال مناطق سورية في الجولان، وثبتت مناطق نفوذ في الجنوب مع الدروز، ودمرت قواعد عسكرية، ومعدات، لكي تحرم سوريا من إمكانية الدفاع عن أراضيها ومصالحها. هذا التحرك الإسرائيلي يُعيد المنطقة إلى ما يسمى «أحزمة النفوذ» (Spheres of influence) التي كرسها الرئيس الأميركي جيمس مونرو عام 1823، وتُعرف بمبدأ مونرو. وبموجبه لا يحق لدول أوروبية أن تتدخل في أميركا اللاتينية، وكُرّس كذلك في مؤتمر برلين 1884-1885، وفي اتفاقية مالطا عام 1945، وبه ستتذرع تركيا، وربما غداً دول أخرى. نتنياهو يؤمن بنظرية انتهاز الفرصة، وتكريس وقائع على الأرض، لكنه بعد إخراجه إيران فتح الباب أمام إردوغان، وبالتالي أصبح يتنافس معه على الكعكة السورية، والأهم على رسم مسار المنطقة. هذا التنافس أوصلهما بعد ضرب إسرائيل للدولة السورية الوليدة إلى شفا المواجهة لولا تدخل الرئيس ترمب، وتهديده لنتنياهو بالتوقف عن مواجهة إردوغان، وحذره بأن إردوغان صديقه، ونصحه بأن يعود إليه عند الاختلاف على أحزمة النفوذ. بهذا القول الحاسم أصبح واضحاً أن المايسترو الجديد للشرق الأوسط هو الرئيس ترمب، وأن الصراع في المنطقة على أحزمة نفوذ ليس مسموحاً به، وأن ترمب وحده يوزع صكوك النفوذ في منطقة تتشكل من جديد. وبالفعل رتب ترمب لهما خطاً عسكرياً ساخناً لكي يتفاهما بسرعة قبل أن يدخلا في معركةٍ تبعاتها خطيرة على إسرائيل، وبالذات على مشروع ترمب للسلام في الشرق الأوسط. أمام ترمب الآن فرصة ثمينة في المنطقة حيث لا نفوذ روسياً ولا إيرانياً، بل أميركي بامتياز، والعقبة الوحيدة أمامه هي نتنياهو، ورؤيته لـ«إسرائيل الكبرى»؛ لذلك قال وزير خارجية تركيا فيدان في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي مؤخراً: «لا يوجد مشكلة فلسطينية ولا لبنانية ولا سورية ولا يمنية، بل مشكلة إسرائيلية». هذا يعني أن الأتراك يرفضون أن تكون إسرائيل المهيمن في المنطقة، بل يريدونها أن تكون دولة مثل غيرها، وأن يتشارك الجميع عرباً وأتراكاً وإسرائيليين في خيرات وتنمية المنطقة وأمنها. في المقابل، ترى الدول العربية المؤثرة أن لا «إسرائيل الكبرى» مقبولة، ولا نظرية «القرن التركي» لإردوغان مرغوبة، بل إن الحل تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، واحترام سيادة الدول، والابتعاد عن نظرية الأحزمة الأمنية التي ستنزل بالدول العربية المجاورة أكبر الضرر، وهي لم تتعافَ بعدُ مما حدث. ويبدو أن ترمب يميل إلى نزع فتيل غزة، ثم طرح حل للقضية الفلسطينية، ويعتقد أنه قادر على جر كل الأطراف إلى توقيع اتفاقية جديدة قد تكون تطويراً لـ«الاتفاق الإبراهيمي». بالرجوع لتاريخ الشرق الأوسط، ثمة حقيقة ثابتة أن الانتصار في حرب لن يعقبه بالضرورة سلام، وأن رمال المنطقة المتحركة ابتلعت آمالاً كباراً، وفيها غرقت دول، وعلى الرئيس ترمب أن يتعظ بهذا الماضي، ويستلهم حلاً لا يستبعد أحداً من التسوية الكبرى. ويكمن الخوف في استجابته لنتنياهو الذي ينتظر صرف انتصاراته العسكرية سياسياً، بتسويق اتفاقيات منفردة مع دول عربية، وهو مطلب قديم تمسكت به إسرائيل، وبه مزقت قدرات العرب التفاوضية؛ لذلك فإن قبول ترمب بهذا المسار سيرتب أخطاراً كبرى على رؤيته للسلام، وأي توجه منه لإجبار سوريا «الوليدة» دونما مراعاة لمصالح تركيا، ودونما موافقة عربية، سيكون بمثابة السير في حقل ألغام، وكذلك أي حل لا يُشرك الدول الأوروبية والإسلامية، وبالذات روسيا والصين، ولو شكلياً، سيكون انتقاصاً لهيبة الكبار، وربما سيوفر لتلك الدول ذريعة لتفخيخه، ثم تفجيره في المستقبل. الآمال كلها معلقة الآن على ترمب؛ لأنه الوحيد القادر الآن على صناعة السلام العادل، ودفن مشروع «إسرائيل الكبرى»، وإلغاء «القرن التركي» بعدما أزاح مشروع إيران الثوري. إن ترمب يقف على عتبة التاريخ؛ فإما أن يفرض السلام العادل ويخلده التاريخ، أو ينصاع لرغبات نتنياهو فيغرق في رمال المنطقة كما غرق قبله ملوك وأباطرة ورؤساء عظام.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الشرق الأوسط ومحنة الفقر السياسي
دفعَت المنطقة، على امتداد نصف قرن، أثماناً مرعبة جراء النزاع مع إسرائيل، إذ صُورتْ إسرائيل بأنَّها كيانٌ هش، قائم على الدعم الخارجي أكثر مما هو قائم على تماسك داخلي أو شرعية وجود. وهذا أفرز سرديات قومية وإسلامية ويسارية كاملة تدعو لانتظار سقوطِها الحتمي والوشيك. ونابت هذه الترسانة العقائدية دوماً عن الحاجة إلى تطوير مشاريع سياسية، وبررت لأصحابها افتقارهم للمسؤولية التاريخية عن أحوالهم وأحوال شعوبهم وبلدانهم. يتسلل، في الاتجاه المعاكس، وهم قد يكون أخطر، مفاده أن إسرائيل ما عادت بحاجة إلى السياسة وأفكارها، وأن فائض القوة ومنطق الردع الدائم ينوبان عن الاعتراف بها عبر ترتيبات السلام والتطبيع والتسويات، ويتيحان لها أن تعيد تشكيل الإقليم وحدها بلا مفاوضات أو شراكات. هذا تماماً ما أفصحت عنه الضربة التي تعرّضت لها دمشق في أعقاب أحداث السويداء. قصف مذهل بتوقيته، وقوته، وبالاستعراض العنيف الذي انطوى عليه في قلب العاصمة؛ فهي رسالة جيو - سياسية، تفيد بأن إسرائيل ما عادت تكتفي بإجهاض تهديدات قائمة، بل جاهزة لتوظيف تفوقها العسكري بغية فرض معادلات سياسية تناسبها. ولئن جاء القصف في أعقاب سيل من التقارير عن مفاوضات سلام بين دمشق وتل أبيب، فإن رسائله آذت كثيراً الرهان العاقل على أن تحييد مهددات الاستقرار في الاقليم يمر عبر تطوير التحالفات وتعميق التفاهمات والبناء على المصالح المشتركة. كأن إسرائيل تعيش اليوم لحظتها «الناصرية» بشكل معكوس، وتتقمص مقولة إن «ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة»، باعتبارها عقيدة سيطرة مستدامة، لا ترى في التسويات إلا تهديداً لوجودها ولا في الحاجة للاعتراف السياسي إلا عبئاً، يعطل قدرتها على فرض نموذج إقليمي جديد يعيد إنتاج التوازنات من الجو، بلا شركاء، بلا تفاوض، وبلا حاجة حتى إلى وسطاء. بيد أن الناصرية سقطت حين أوهمت الجماهير أن امتلاك الميكروفون يغني عن امتلاك المشروع، وهذا يكاد يؤشر إلى مصير النموذج الإسرائيلي الراهن الذي يرى أن طائرات «إف - 35» تغني عن الأفق السياسي، وتحرر تل أبيب من الحاجة لتقديم «رؤية»، لا لخصومها فقط، بل لحلفائها، ولمجتمعها، وللعالم. ثمّة خلط قاتل بين حاجة إسرائيل لامتلاك أدوات ردع فعالة، وأن تُحسن توظيف هذه الأدوات ضمن استراتيجية مستدامة يحميها غطاء سياسي داخلي متماسك، ودعم إقليمي ودولي واضح، بغية تحقيق مشروع سياسي للمنطقة؛ لأن البديل الذي يلوح في الأفق الآن هو حالة استنزاف دائمة تدخلها إسرائيل (والمنطقة)، تستهلك مواردها، وتفاقم التشظي المجتمعي، وتضعف شرعية القرار السياسي والاستراتيجي، على نحو يجعل من السعي إلى فرض الاستقرار بالقوة، مجرد دينامية اضطراب مزمن. كما يهدد هذا النموذج بضرب ما تبقى من مراكز التوازن في المنطقة، ويُضعف منطق الواقعية، ويُحرج كل رهانٍ على الاعتدال والتجسير بين إسرائيل ومحيطها. إن مثل هذا الافتقار المرعب لأي أفق سياسي، حتى لإدارة الصراع، وتحويل التفوق العسكري إلى ما يشبه الهوية، والإقليم إلى حقل عمليات مفتوح، يحرر على المقلب الآخر، جماعات الرفض من عبء التأقلم والتغيير، ويسمح لها بإعادة إنتاج سردياتها عن وجود إسرائيل ودورها في «تقسيم الدول العربية وإضعافها»! قبلاً، فشلت إسرائيل، رغم ما راكمته من تفوق عسكري وتكنولوجي، في تثبيت شرعية موقعها الإقليمي، لأنها لم تغادر، إلا لماماً، منطق الدفاع الدائم؛ فكثيراً ما عرفت نفسها من خلال ما ترفضه، لا ما تقترحه، ومن خلال ما تخشاه، لا ما تأمله. واليوم، تبدو إسرائيل مكتفية بمنطق الهجوم الدائم، من خان يونس إلى أصفهان. وبين المنطقين، يكاد يندر أن يُعثر على أي جهد لبناء سردية سياسية أو أخلاقية تسمح لها بتثبيت وجودها في زمن الشرق الأوسط، لا في جغرافيته فقط. ما يفوت إسرائيل الحالية، وما يفوتنا أيضاً، أننا في الشرق الأوسط، لا نعيش سباق تسلّح، بل سباق سرديات. وفي هذا الخصوص، ثمة مسؤولية عربية أيضاً، عن إنتاج أفق سياسي متماسك، يكف عن التعامل مع الأزمات في غزة وسوريا ولبنان واليمن والسودان والعراق، بمنطق التجزئة، ومن دون أن يُطرح تصور إقليمي شامل يُعيد تعريف ما هو ممكن. يضاف إلى ذلك أنَّ هناك بعض الارتياب والتردد لدينا حيال فكرة أن الأنظمة المأزومة قابلة لإعادة التشكيل السياسي، وليست محكومة سلفاً بضرورة إرجاعها إلى «ما قبل» الانهيار، من دون تغيير؛ فانفجار الأنظمة ليس مجرد «حالة يجب استيعابها»، بل فرصة لفرض هندسات سياسية مختلفة، تفتح الباب أمام تسويات داخلية قابلة للبقاء. والحال، يكمن التهديد الحقيقي لإسرائيل ولنا، في الجفاف السياسي. العرب يحتمون بقوة الجغرافيا كأنها شرعية دائمة، وإسرائيل تهاجم بقوة العسكرة كأنها مشروع مستدام. إن اختزال السياسة إلى تفوق جوي واستخباراتي، والشرعية إلى معطى جغرافي وتاريخي فقط، مصيره أن يصنع فراغاً عملاقاً، والفراغ، في هذا الإقليم، لا يطول أبداً قبل أن يملأه خصمٌ ما، أو كارثة.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
هوس نتنياهو وخيارات المنطقة
مفهومُ الدَّولة في ميثاق الأممِ المتحدة ينطوي على الاعتراف بحدودٍ واضحةٍ وبسيادةٍ للدولة، وكانت ولادةُ المفهومِ في أوروبا بعد حرب الثلاثين عاماً الدينية؛ ولكيلا يتقاتل الأمراءُ آنذاك اتَّفقوا على قيامِ إماراتٍ بحدودٍ ثابتةٍ، وعلى المقيمينَ فيها من ديانات متنازعة الخضوعُ لأمير الإمارة، ومن لا يريد يغادر إلى سلطة أميرٍ آخر يحمل معتقدَه. هكذا خرجت أوروبا من دائرة الاقتتال والتنازع إلى الاستقرار والأمان. أمَّا في عالمنا العربي فلا تزال للأسف فكرة مفهوم الدَّولة غير مستقرة، ولا تزال آيديولوجية المعتقد، أو القبيلة، سائدةً، ومعه تغدو الحدودُ مطاطيةً قابلةً للتَّمدّدِ أو الانكماش؛ طراوة المفهوم تحوَّلت صنارةً تصطادُ بها دولٌ ذاتُ أطماع أقلياتٍ دينية وعرقية لتحقيقِ مصالحها الخارجية على حساب السيادة والحدود. لذلك شدَّدَ ميثاقُ الأمم المتحدة على أنَّ الحدودَ مقدسة، وأنَّ التَّدخلَ في الشؤون الداخلية للدول انتهاكٌ سافر، وبقيت نصوصُه بالممارسة حبراً على ورق. التَّدخلُ الإسرائيلي الأخير في السويداء وقصف قوى الأمن السورية، وكذلك العاصمة، والتهديدُ للحكومة السورية الوليدة بإسقاطها، يؤشر إلى رغبة بانتهاك الميثاق وبالذَّات قدسية الحدود، وعدم التدخل في الأمور الداخلية للدول. بهذا يكرّس نتنياهو أنَّ أي دولةٍ لها الحق بأن تفرضَ منطقَها على أخرى بحجة حماية أقلية، أو تحصين أمنِها القومي. لكنَّه في حمأةِ فائضِ القوة، وتمكنه من الإفلات من العقاب في غزة، نسي أنَّ هذه المنطقة رمالُها متحركة، وتعقيداتها أكثر مما يتصورها، ومنها أن الدروز ليسوا كتلة متراصة إزاء مشاريعه، والعرب لا يرغبون في سلام متفجر معه، وتركيا لن ترضى بتوسعه على حساب أمنها في سوريا. فالعرب من باب البراغماتية، بعد قضم ميليشيات إيران لسيادة دولهم، وبعد الربيع العربي وتبعاته، مالوا للمصالحة من باب الواقعية مع إسرائيل ليتفاجأوا أنها أصبحت أكثر تغولاً على مفهوم الدولة. فإيران تسترت دائماً بقناع الميليشيات، بينما إسرائيل تجاهر بقصف قصر رئيس عربي، وتدمر هيئة الأركان لدولة خرجت للتو من هيمنة التدخل الإيراني، كانت إسرائيل تتذرع أنه تهديد لها؛ فإذا هي بعد كل التنازلات التي قدمها الرئيس السوري الجديد من سكوت على احتلال للجولان والتوسع باتجاه مدينة دمشق، وتسليم متعلقات تعود للجاسوس كوهين، وقبول سلام متدرج شرط استعادة الأراضي السورية المحتلة، وقبول حل عادل للقضية الفلسطينية، يجد نفسه مهدداً بالموت من طائراتها، وموصوفاً بالتطرف، رغم اعتراف كل الدول به. إنَّ مصير الدول مرتبط عادة بسيكولوجيا قادتها، ونتنياهو، بعد عشرين عاماً في السلطة، يريد أن يكون صانع معجزات لشعب إسرائيل، وقاهراً لكل أعدائها، ولن يرضى بسلام إنَّما فقط باستسلام؛ لذلك طلب من الرئيس الشرع أن ينسى الجولان ومساحات احتلها مؤخراً من جبل الشيخ، وألا يمارسَ سيادة الدولة في السويداء؛ وغداً سيمنعه من شراء طائرات أو منظومات دفاعية بحجة أنها ستهدد أمنه. وبجانب هذه النزعة القيادية التاريخية يعاني نتنياهو من عقدة خطيرة: هوس الخوف. هذا الهوس المرضي يسبب مشكلة أكبر لمن يحيطون به لأنَّهم سيتخوفون منه أكثر، وسيضطرون إلى الاستعداد بكل ما لديهم لمواجهته، وبهذا تصبح المعركة حتميةً ودمويةً وعصيةً على الحل. نتنياهو المهووس هو مشكلة أيضاً للولايات المتحدة وأوروبا اللتين تدعمانه؛ وقد نشر موقع «المونيتر» الإخباري عن مسؤولين أميركيين قولهم لنتنياهو: «لا يمكنك أن تدخل حرباً جديدةً كل بضعة أيام. نحن نحاول إطفاء اللهب، وتخفيض الحروب وأنت تزيدهما»؛ وأوروبا كذلك بدأت تخجل من إسرائيل، التي كانت تتباهى بأنَّها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة. لقد تعدَّت تجاوزات نتنياهو ما يُسمى في علم الاقتصاد «الإشباع الحدي»، بمعنى أنَّه وصل قمة الإشباع، بالتالي سيبدأ حتماً رحلة العد التنازلي، ولأسباب أهمها أنه أثبت للجميع أنَّ السلام يتحقق فقط بتوازن القوى وإلا أصبح استسلاماً، وبرهن للولايات المتحدة على أنَّه عقبة أمام رؤية ترمب للسلام في المنطقة؛ وثبت لأوروبا أنَّه لطخة عارٍ على الديمقراطية والإنسانية؛ ودفع تركيا الأطلسية إلى التكشير عن أنيابها حمايةً لمصالحها، والتقرب أكثر من العرب. كما دفع الشرع للتهديد المبطن أنَّ القتال حرفته، ولا يخاف مواجهته لحماية وحدة بلاده. وما رأيناه مؤخراً من تحرك للقبائل والعنف المتبادل أيقظ المعنيين بضرورة دعم الدولة السورية، وإلا فالعنف سيجر عنفاً، ويعود الأمر إلى ما كانت عليه سوريا في السابق على حساب أمن المنطقة وأميركا نفسها وأيضاً إسرائيل. ثمة خياران لا غير: أن يتوقف نتنياهو عن هوسه، وعن فكرة الزعيم التاريخي، ويرضخ للمطالب المحقّة في المنطقة، ويصبح مثل غيره، يحترم مفهومَ الدولة، وسيادتها، ويقبل بالتعايش مع الحق الفلسطيني، أو يرفس هذه المصطلحات كلها لإقامة إسرائيل الكبرى، والكوارث التي سيجنيها من جرَّاء ذلك. إنْ اختار الأول عاش بسلام، وإلا سيدرك بعد فوات الأوان أنَّ مُشعلَ النار لا يستطيع إطفاءَها.