logo
هل تستطيع بوينغ تجاوز أزماتها؟

هل تستطيع بوينغ تجاوز أزماتها؟

يأتي العقد الجديد، الذي منحته الإدارة الأميركية لبوينغ ليمنحها فرصة ذهبية لإعادة تموضعها في قطاع الصناعات الدفاعية. فتصنيع المقاتلة المتطورة F-47 ، التي وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها "الأكثر فتكاً على الإطلاق"، وبينما يعزز فقط قدرات الجيش الأميركي ، فإنه في الوقت نفسه يرسخ أيضاً موقع بوينغ كمنافس رئيسي في سوق الطائرات القتالية، خاصة أمام غريمتها التقليدية لوكهيد مارتن.
ورغم تلك الخطوة الإيجابية في مسار الشركة التي عانت سلسلة متصلة من المشكلات، إلا أن المحللين يتبنون تفاؤلاً حذراً، حيث ستعتمد قدرة الشركة على تحويل هذه الفرصة إلى نقطة انطلاق فعلية على مدى نجاحها في تنفيذ العقد بكفاءة ودقة، فضلاً عن إدارتها للتحديات التشغيلية والقانونية التي لا تزال تلقي بظلالها على مستقبلها.
كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد منح شركة بوينغ عقداً بمليارات الدولارات لبناء الطائرة المقاتلة الأكثر تقدماً في القوات الجوية الأميركية.
وصف ترامب الطائرة الشبحية عالية السرعة، التي أطلق عليها اسم إف-47 ، بأنها "الطائرة الأكثر فتكاً على الإطلاق".
أعلن ترامب في البيت الأبيض أن الطائرة الجديدة ستحل محل طائرة إف-22 التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن.
يشير تقرير لـ "بي بي سي" إلى أن صفقة بوينع تمثل هزيمة لمنافستها شركة لوكهيد مارتن، التي تم إقصاؤها مؤخراً من منافسة منفصلة لبناء طائرة من الجيل التالي للبحرية الأميركية.
وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه بالنسبة لشركة بوينغ، يُمثل هذا الفوز نقلة نوعية في مسيرتها، بعد أن عانت من صعوبات في قطاعيها التجاري والدفاعي. كما يُمثل دفعة قوية لأعمالها في إنتاج الطائرات المقاتلة.
ويشير التقرير إلى أن العمليات التجارية لشركة بوينغ كانت قد واجهت صعوبات في محاولتها استعادة إنتاج طائراتها الأكثر مبيعا من طراز 737 ماكس إلى أقصى سرعة، في حين تأثرت عملياتها الدفاعية بالعقود ضعيفة الأداء لطائرات التزود بالوقود في الجو والطائرات بدون طيار وطائرات التدريب.
فرصة حقيقية
من جانبه، يقول خبير أسواق المال، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
هذا العقد يمثل "فرصة حقيقية" أمام شركة بوينغ بعد فترة طويلة من الأداء السلبي، نتيجة للاضطرابات العمالية التي واجهتها الشركة خلال العام 2024، والتي أثرت بشكل كبير على نتائج أعمالها. إلا أن تمكن الشركة من التوصل إلى اتفاق مع العمال يُعد خطوة مهمة نحو تجاوز تلك التحديات.
العقد لا يُعد بمثابة نقلة نوعية مباشرة، لكنه بلا شك يمثل فرصة حقيقية لبوينغ للقيام بهذه النقلة والبناء عليها، إذا ما أُحسن استغلالها.
شهد سهم الشركة أداءً جيداً نسبياً بعد الإعلان عن العقد، لكنه تراجع لاحقاً.. الحكم الحقيقي سيعتمد على قدرة الشركة في تنفيذ هذا المشروع بكفاءة ودقة.. وبالتالي المحافظة على زخم الارتفاع.
ويضيف: نحن نتحدث هنا عن قطاع حساس ومهم، وهو قطاع الدفاع. وقد ظهر تأثير هذا العقد بوضوح على سعر سهم بوينغ مقارنة بباقي الشركات العاملة في مجال الدفاع والتسليح (لا سيما منافستها لوكهيد مارتن). وعليه، فإن تنفيذ هذا العقد بنجاح، وفقاً للمعايير والمواعيد المتفق عليها، قد يمثل نقطة تحول في نتائج أعمال الشركة.
ويلفت سعيد أيضاً في سياق متصل، إلى أن صناعة الدفاع الأميركية تمر حالياً بمفترق طرق، في ظل التوترات في العلاقات الدفاعية مع بعض حلفائها الرئيسيين في حلف الناتو. وبوينغ، كونها من أبرز الشركات المصنعة للطائرات، فإن نجاحها في هذا المشروع سيُحدث فارقاً كبيراً في مستقبلها، وقد يمثل انطلاقة جديدة للشركة نحو تحقيق أداء مالي وتشغيلي أقوى خلال السنوات المقبلة.
تفاؤل حذر
ويعتقد محللون بأنه "ينبغي على المستثمرين الاستمرار في توخي الحذر عندما يتعلق الأمر بشركة بوينغ" وهو الرأي الذي يتبناه أري والد من شركة أوبنهايمر، حسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية اطلع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" عليه.
كانت أسهم الشركة قد ارتفعت بنسبة 3 بالمئة في نفس يوم الإعلان عن فوزها بعقد طائرات مقاتلة بمليارات الدولارات من البيت الأبيض ، متفوقةً على منافستها لوكهيد مارتن، وأنهى السهم الأسبوع ذاته مرتفعاً بنسبة 10 بالمئة بعد أن صرّح المدير المالي، برايان ويست، للمستثمرين في مؤتمر لبنك أوف أميركا بأن استهلاك بوينغ للسيولة النقدية سينخفض ​​هذا الربع. لكنه تراجع في الأسبوع التالي.
وتراجعت أسهم الشركة خلال الأسبوع الأخيرة في وول ستريت بنحو 2.5 بالمئة. كما سجلت خسائر شهرية بنسبة 0.76 بالمئة. فيما تظل الأسهم منخفضة منذ بداية العام بنحو 2 بالمئة.
ورفعت شركة ميليوس للأبحاث يوم الاثنين الماضي تصنيف سهم بوينغ إلى "شراء"، مشيرةً إلى "فترة من الأخبار الإيجابية" التي قد تُعزز السهم. ورغم ذلك، حذر والد من أنه لا يزال يتجنب السهم عند مستوياته الحالية، ويُبدي شكوكه في مدى محافظة السهم على الارتفاع على المدى الطويل.
ويلفت إلى سيناريو مماثل، ذلك أن السهم شهد تحركاً صعودياً بعد هبوط طويل في 2022، لكن في ذلك الوقت، كانت الأسواق مدعومة بدورة صعودية جديدة، مضيفاً: "لست متأكدًا من إمكانية استمرار هذا الزخم في ظل ما نراه من دورة سوق صاعدة في مراحل لاحقة.. وإذا انحسر تيار السوق، أعتقد بأن بوينغ ستنضم إليه".
وتراجعت القيمة السوقية للشركة بنسبة 14.26 بالمئة في العام 2024، وفق بيانات companiesmarketcap، مقارنة مع ارتفاع بنسبة 38.9 بالمئة في 2023.
بدوره، يشير خبير العلاقات الاقتصادية الدولي، محمد الخفاجي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن حصول شركة بوينغ على عقد تصنيع المقاتلة المتطورة F-47 من سلاح الجو الأميركي يمثل دفعة قوية للشركة بعد سلسلة من التحديات التي واجهتها في قطاعيها التجاري والدفاعي، مشدداً على أن هذا الفوز أسهم بشكل مباشر في ارتفاع أسهم بوينغ في معظم شهر مارس، مع تراجع أسهم منافستها لوكهيد مارتن، مما يعكس تأثير هذا العقد على توازنات السوق الدفاعية.
ويشير إلى أن قيمة العقد، التي تتجاوز 20 مليار دولار، قد تمهد الطريق لطلبات مستقبلية بمئات المليارات خلال العقود المقبلة، مما يعزز من استقرار بوينغ المالي ويعيد ثقة المستثمرين بها، مضيفاً: تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول أهمية هذا العقد تؤكد أنه لا يخدم فقط تعزيز قدرات سلاح الجو الأميركي، بل يسهم أيضاً في دعم موقع بوينغ الاستراتيجي في صناعة الطيران والدفاع عالمياً.
كما يلفت الخفاجي في الوقت نفسه إلى أن اهتمام حلفاء الولايات المتحدة بالمقاتلة الجديدة قد يفتح الباب واسعاً أمام فرص تصديرها، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة العائدات وتنويع الأسواق، مما يعزز من القوة التنافسية لشركة بوينغ على الساحة الدولية.
فيما لا تزال الشركة تواجه مجموعة من التحديات القانونية. وتنتظر موعداً قضائياً حاسماً في يونيو المقبل.
كان قاض فيدرالي أميركي، قد حدد يوم الثلاثاء الماضي، يوم 23 يونيو موعداً لبدء المحاكمة في قضية جنائية ضد الشركة، فيما يتعلق بقضية تحطّم طائرتين من طراز 737 ماكس في عامي 2018 و2019.
جاء الأمر بعد يوم من تقرير صحيفة وول ستريت جورنال الذي أفاد بأن شركة بوينغ كانت تسعى إلى سحب اتفاق سابق للاعتراف بالذنب في خداع الجهات التنظيمية قبل تحطم طائرتين من طراز 737 ماكس.
كان من المتوقع أن تقترح شركة بوينغ ووزارة العدل تعديلات على التسوية بحلول 11 أبريل. وذكرت الصحيفة أن أحد التغييرات المحتملة التي كانت قيد المناقشة هو ما إذا كان بإمكان بوينغ التخلي عن تعيين مراقب خارجي.
ألغى قاضي المحكمة الجزئية الأميركية ريد أوكونور يوم الثلاثاء هذا الموعد النهائي وأمر الطرفين بالاستعداد للمثول أمام المحكمة في 23 يونيو. وكان قد رفض في وقت سابق صفقة الإقرار بالذنب المقترحة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زيارة ترامب للإمارات.. تحالف استراتيجي يتجدد
زيارة ترامب للإمارات.. تحالف استراتيجي يتجدد

الاتحاد

timeمنذ 35 دقائق

  • الاتحاد

زيارة ترامب للإمارات.. تحالف استراتيجي يتجدد

زيارة ترامب للإمارات.. تحالف استراتيجي يتجدد شهدت العلاقات الإماراتية الأميركية تطوراً استراتيجياً منذ انطلاقها عام 1971، وتوسعت لتشمل مجالات السياسة والدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة المتجددة والفضاء والذكاء الاصطناعي. ومثلت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أبوظبي، في مايو 2025، محطةً مفصليةً جديدةً في هذا المسار، إذ حملت دلالات جيوسياسية واستثمارية عميقة. وعلى مستوى الدلالات الاستراتيجية، فقد جاءت الزيارة في وقت حساس إقليمياً ودولياً، وسط تصاعد النفوذ الصيني والروسي، وتحولات في موازين القوى في الشرق الأوسط. ومع بروز الإمارات كقوة اقتصادية واستثمارية وعسكرية، تسعى واشنطن لتعزيز الشراكة معها، لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية. وتُعد الإمارات اليوم شريكاً محورياً للولايات المتحدة في صياغة الاستراتيجيات الإقليمية، كما أنها مركز مالي واستثماري عالمي. وخلال المباحثات التي أجراها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أبوظبي، مع الرئيس ترامب، أكد سموه أن هذه الزيارة تعكس متانة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والتي شهدت دَفعةً نوعيةً غير مسبوقة، خاصة منذ تولي ترامب رئاسة البيت الأبيض، وقال سموه إن هناك تعاوناً كبيراً بين القطاعين العام والخاص في البلدين، ومشروعات استراتيجية تعزز موقعَ شراكتنا كركيزة للاستقرار والنمو، ليست فقط للمنطقة، بل للعالم أيضاً. وأضاف سموه: نحن حريصون على تعميق هذه الشراكة الاستراتيجية، ووجودكم هنا اليوم، يؤكد أن هذا الحرص مشترك. فيما أشاد الرئيس ترامب، خلال اللقاء، بمتانة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مثنياً على الرؤية القيادية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وعلى شخصيته التي تحظى باحترام واسع في المنطقة والعالم. وقال: أنا شخصياً أرى فيكم قائداً قوياً ومحارباً عظيماً وصاحب رؤية نادرة.وانطلق «حوار الأعمال الإماراتي الأميركي» في أبوظبي، برئاسة سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والرئيس ترامب. وعلى هامش الزيارة، أعلنت شركة الاتحاد للطيران طلبيةً لشراء 28 طائرة بوينغ، بما يعزز التعاون في قطاع الطيران. كما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عن خطة استثمارية إماراتية ضخمة بقيمة 1.4 تريليون دولار، سيتم ضخها في الاقتصاد الأميركي خلال السنوات العشر المقبلة، تشمل مجالات الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والطاقة، والصناعة. ووصف ترامب هذا الإعلان بأنه «أعظم استثمار خارجي، في تاريخ الولايات المتحدة»، مما يعكس الثقة المتبادلة بين الجانبين. وشهدت الزيارة تدشين مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأميركي بسعة 5 غيغاواط، وهو الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة، ليكون منصةً إقليميةً تخدم شركات التكنولوجيا الأميركية وتصل خدماتها لنصف سكان العالم. كما تم الإعلان عن شراكات في مجال الحوسبة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ومنها شراكة بين «G42» و«مايكروسوفت» بقيمة 1.5 مليار دولار، ومشاريع قادمة مع «إنفيديا» و«إكس إيه آي». ويتواصل التعاون الفضائي بين البلدين، خصوصاً في مشروع «Lunar Gateway»، لتطوير وحدة دعم الحياة، ما سيمهد لإرسال أول رائد فضاء إماراتي نحو مدار القمر. وفي مجال الطاقة النووية، أُعلن عن شراكات مع شركات أميركية، مثل «تيراباور» و«جنرال أتوميكس»، لتطوير مفاعلات متقدمة وصديقة للبيئة. وأكد الجانبان التزامهما بتعزيز الاستقرار الإقليمي، خاصة في ضوء التطورات في غزة والمنطقة. وشدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على دعم الإمارات لحل الدولتين وتحقيق السلام العادل. كما منح الرئيس الأميركي وسام الشيخ زايد، تكريماً للعلاقات التاريخية بين البلدين. وختاماً، فإن زيارة ترامب تُجدد الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة، وتؤكد موقعَ الإمارات المتقدم في معادلات السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا، في وقت يعاد فيه رسم ملامح النفوذ العالمي. وفي هذا السياق، فإن دولة الإمارات، بطموحها المشروع، تفرض موقعَها الجيوسياسي إقليمياً ودولياً كقوة صاعدة ووازنة. ووفقاً لوكالة أنباء «رويتر»، فإن دول الخليج الثلاث، أي السعودية والإمارات وقطر، تكسب سنوياً 12مليار دولار من أرباح صكوك الخزينة الأميركية. *سفير سابق

موجة استقالات جماعية في الحكومة الأمريكية وسط تهديدات ترامب بالتسريح الجماعي
موجة استقالات جماعية في الحكومة الأمريكية وسط تهديدات ترامب بالتسريح الجماعي

البوابة

timeمنذ 5 ساعات

  • البوابة

موجة استقالات جماعية في الحكومة الأمريكية وسط تهديدات ترامب بالتسريح الجماعي

تشهد المؤسسات الفيدرالية الأمريكية موجة واسعة من الاستقالات الجماعية، حيث اختار عشرات الآلاف من موظفي الحكومة الأمريكية الاستقالة طوعًا بدلًا من انتظار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتنفيذ تهديداتها بتسريحهم. ووفقًا لما أفادت به نقابات عمالية وخبراء في شؤون الإدارة العامة وعدد من الموظفين، فإنهم لم يعودوا قادرين على تحمل الضغوط النفسية اليومية الناتجة عن التهديد المستمر بالفصل، لا سيما بعد تلقيهم عدة إنذارات من مسؤولي الإدارة الأمريكية بإمكانية فقدان وظائفهم ضمن موجة التسريحات التالية، بحسب ما نقلته منصة "ياهو فاينانس" الأمريكية. ويسعى ترامب، منذ توقيعه على أمر تنفيذي فور توليه المنصب، إلى تقليص حجم وتكاليف الحكومة بشكل حاد، ورغم أن عمليات التسريح الجماعي في أكبر الوكالات الفيدرالية لم تبدأ فعليًا بعد نتيجة تباطؤ الإجراءات القضائية. فإن معظم الموظفين البالغ عددهم نحو 260 ألفًا ممّن غادروا وظائفهم أو سيغادرونها بنهاية سبتمبر المقبل، اختاروا الحصول على حوافز مالية أو عروض تقاعد مبكر مقابل الاستقالة. وتمكن ترامب ووزير "كفاءة الحكومة" الملياردير الأمريكي إيلون ماسك من تقليص قوة العمل المدنية الفيدرالية، التي تبلغ قوامها 2.3 مليون موظف، بنسبة تقارب 12% من خلال التهديد بالتسريح، وعروض التقاعد المبكر، ومكافآت الاستقالة، بعد تصريحاتهما المتكررة حول البيروقراطية الفيدرالية التي تعاني من الترهل والفساد وسوء الكفاءة. ورغم أن الحكومة الأمريكية لم تصدر بعد أرقامًا رسمية دقيقة عن عدد المستقيلين من الوكالات الفيدرالية، تشير التقديرات إلى أن 75 ألف موظف قبلوا عرض المغادرة الأول، دون الكشف عن أعداد المستفيدين من العرض الثاني الذي تم تقديمه خلال أبريل الماضي، والتي يحصل من خلالها الموظفين على رواتبهم ومزاياهم الكاملة حتى 30 سبتمبر، دون الحاجة إلى العمل حتى موعد مغادرتهم. وشملت خطط التخفيض الحاد أكثر من 80 ألف وظيفة في وزارة شؤون المحاربين القدامى، و10 آلاف وظيفة في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية. ويعاني عدد كبير من موظفي الحكومة الأمريكية منذ يناير الماضي، من حالة خوف متواصل بسبب التهديدات بالتسريح، خاصة بعد أن تلقت بعض الوكالات الفيدرالية تعليمات منتظمة تتضمن تقديم مزيج من الحوافز للموظفين لدفعهم إلى المغادرة، مع تحذير الرافضين بتسريحهم. وتضمنت بعض الإجراءات عرض مغادرة اختياري للموظفين الذين يتم اعتبارهم "ضعيفين الإنتاج"، وتكليفهم بتقديم تقارير أسبوعية عن إنجازاتهم، بل وإسناد مهام لهم دون تدريب كافٍ. وفي ظل عشرات الدعاوى القضائية التي تم رفعها ضد جهود الإدارة لتسريح الموظفين، أصدرت محكمة فيدرالية في كاليفورنيا يوم 9 مايو الجاري حكمًا مؤقتًا يمنع تسريح الموظفين في 20 وكالة حكومية، وأمرت بإعادة من تم فصلهم إلى وظائفهم. ويستعد البيت الأبيض للطعن على القرار، حيث تؤكد المحكمة أن الرئيس لا يملك صلاحية إعادة هيكلة الوكالات الحكومية دون موافقة من الكونجرس.

هل تتنازل جنوب أفريقيا عن الدعوى ضد إسرائيل ومناصرة غزة ؟
هل تتنازل جنوب أفريقيا عن الدعوى ضد إسرائيل ومناصرة غزة ؟

البوابة

timeمنذ 7 ساعات

  • البوابة

هل تتنازل جنوب أفريقيا عن الدعوى ضد إسرائيل ومناصرة غزة ؟

بعد وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى الحكم في يناير الماضي، تصاعدت التوترات مع جنوب أفريقيا بعد الموقف الذي اتخذته بريتوريا ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي اندلع في السابع من أكتوبر من عام 2023، وبعد شهور من التصعيد المتبادل وصل الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا إلى واشنطن لإجراء مباحثات مع البيت الأبيض بغية خفض التصعيد والتوصل إلى تفاهمات بشأن المسائل العالقة، فما هو الثمن ؟. خلافات كبيرة بين واشنطن وبريتوريا تصعيد ترامب ضد جنوب أفريقيا كان بداية تصعيد ترامب ضد بريوتوريا، هو الأمر التنفيذي الموقع في فبراير الماضي، ويقضي بوقف المساعدات المالية لجنوب إفريقيا، بسبب سياستها المتعلقة بالأراضي وقضية الإبادة الجماعية التي رفعتها على إسرائيل حليفة واشنطن. وقال البيت الأبيض في بيانه إن واشنطن ستضع أيضا خطة لإعادة توطين مزارعين من جنوب إفريقيا وعائلاتهم كلاجئين، مضيفا أن المسؤولين الأمريكيين سيتخذون خطوات لإعطاء الأولوية للإغاثة الإنسانية بما في ذلك استقبال اللاجئين وإعادة توطينهم من خلال برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة. وقال ترامب دون الاستشهاد بأدلة إن "جنوب إفريقيا تصادر الأراضي"، وإن "فئات معينة من الناس" تُعامل "بشكل سيئ للغاية". وفي السياق نفسه جاءت تصريحات إيلون ماسك حليف الرئيس الأمريكي، لتصب الزيت على النار قائلا إن "البيض في جنوب إفريقيا كانوا ضحايا "قوانين الملكية العنصرية"، في إشارة إلى أن حكومة بريتوريا تصادر أرضي السكان البيض، وهو الأمر الذي نفاه رئيس جنوب إفريقيا قائلا إن حكومته لم تصادر أي أرض، وإن السياسة تهدف إلى حصول الناس على الأراضي على نحو عادل. رسوم ترامب الجمركية الأمر الآخر الذي جسد سياسة ترامب العدائية ضد جنوب أفريقيا، هو فرض رسوم جمركية بنسبة كبيرة على بريتوريا، حيث بلغت 31% على جميع الواردات من جنوب أفريقيا في مستهل أبريل الماضي، وهي نسبة كبيرة قياسا بما فرض على الصين التي كانت الأعلى بين دول العالم في الأمر التنفيذي الأولي وبلغت 34% قبل أن تتضاعف فيما بعد إلى أن توصل بكين وواشنطن إلى اتفاق في مايو الجاري، بتخفيض الرسوم الجمركية بينهما لمدة 90 يوما. وتكشف النسبة المفروضة على جنوب أفريقيا كيف أن ترامب يضعها في مرتبة قريبة من الصين، التي يخوض ضدها حربا تجارية شرسة منذ وصوله إلى الحكم. وبعد أيام قليلة من قرار ترامب بفرض رسوم جمركية ضد جنوب أفريقيا بنسبة 31% علقت بريتوريا بالقول إنها لا تملك خططا عاجلة للرد على الولايات المتحدة بسبب التعريفات الجمركية، وستسعى بدلا من ذلك إلى التفاوض من أجل الوصول إلى اتفاقيات وإعفاءات على الحصص التجارية. الأمر الآخر، يتعلق بإيلون ماسك المولود في جنوب أفريقيا، حيث يرغب في الحصول على رخصة ستارلينك. طرد سفير جنوب أفريقيا من واشنطن سفير جنوب أفريقيا وفي منتصف مارس الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أن سفير جنوب إفريقيا لدى الولايات المتحدة إبراهيم رسول، لم يعد مرحبا به في بلدنا العظيم، مضيفا عبر حسابه بمنصة "إكس": "ليس لدينا ما نناقشه معه، ولذلك فهو يعد شخصًا غير مرغوب فيه". وأرفق روبيو مع منشوره على "إكس" رابطا لتصريحات السفير الجنوب إفريقي، إبراهيم رسول يقول فيها إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقود حركة عالمية للعنصرية البيضاء. وجاء تصريح السفير الجنوب إفريقي، في ندوة حول السياسة الخارجية في معهد مابونجوبوي للتأمل الاستراتيجي (ميسترا) في جوهانسبرج، محاولًا شرح مواقف ترامب الأخيرة في السياسة الخارجية ضد تشريعات جنوب إفريقيا لمصادرة الممتلكات وتحالفاتها مع إيران وحماس، من بين جهات أخرى. وقال رسول إن العنصرية البيضاء هي الدافع وراء "عدم احترام" ترامب "للنظام العالمي المهيمن الحالي"، بما في ذلك مؤسسات مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين. وأضاف أيضًا أن حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" كانت رد فعل عنصري أبيض على التنوع الديموغرافي المتزايد في الولايات المتحدة، وأشار إلى أن المزارعين الجنوب إفريقيين الذين عبروا عن مظالمهم الأفريكانية داخل الولايات المتحدة كانوا جزءًا من هذا الجهد العالمي. وأكد رسول لأن جنوب إفريقيا قد تقود حملة التصدي لعنصرية ترامب البيضاء، لأنها تُمثل "الترياق التاريخي لهذه العنصرية". وجاء رد فعل جنوب أفريقيا على هذا القرار هادئا، وحثت الرئاسة في جنوب أفريقيا عبر بيان نشرته على منصة "إكس" جميع الأطراف المعنية والمتأثرة على الحفاظ على النظام الدبلوماسي المعمول به في تعاملهم مع هذه المسألة. وأضافت "تظل جنوب أفريقيا ملتزمة ببناء علاقة مفيدة للطرفين مع الولايات المتحدة الأمريكية". ماسك وستارلينك ونزع الملكية إيلون ماسك تتمحور خلافات إيلون ماسك مع جنوب أفريقيا في عدة أمور أبرزها قانون نزع الملكية أقرته جنوب أفريقيا في يناير الماضي، بالإضافة إلى رغبته في الحصول على رخصة لتشغيل خدمة ستارلينك لكن القوانين المنظمة لذلك لا يقبلها، ويسعى للحصول على شروط تفضيلية. فيما يتعليق بقانون نزع الملكية، فإنه يهدف إلى إعادة إرساء قدر معين من المساواة في عمليات تملك الأراضي في جنوب أفريقيا؛ حيث إنه لا تزال الأقلية البيضاء تمتلك بشكل رئيسي نحو ثلاثة أرباع الأراضي رغم مرور ثلاثين عامًا على نهاية نظام الفصل العنصري. ويتصادم القانون مع مصالح إيلون ماسك وعائلته التي لا تزال تعيش في جنوب أفريقيا، وعلق قائلا إن القانون الجديد عنصري، وإن هناك دعوات لاستهداف المواطنين البيض في جنوب إفريقيا"، وهو امتداد لتصريحات سابقة له في 2023 ادعى فيها أن هناك مساعي إلى إبادتهم بصورة جماعية مِن قِبَل السود. الأمر الآخر الذي يتعلق بماسك، هي رخصة ستارلينك التي يرغب في الحصول عليها بجنوب أفريقيا ولكن القوانين المنظمة لهذا الأمر مرفوضة من جانب حليف ترامب. وتنص القوانين في جنوب أفريقيا على موافقة الشركات متعددة الجنسيات الراغبة في العمل بالبلاد على تخصيص ما لا يقل عن 30% من أسهم المشروع للشركات المملوكة للسود، وذلك استجابة للمادة 3/2 من قانون الاتصالات الإلكترونية في جنوب إفريقيا. ويسعى إيلون ماسك إلى الحصول على تصريح رسمي لتشغيل خدمة ستارلينك التابعة لشركة سبيس إكس، والتي تعمل في مجال توفير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. وتهدف تلك الشروط إلى معالجة أوجه عدم المساواة التاريخية التي تعرض لها السود في جنوب إفريقيا؛ حيث إنه حتى عام 2019م كانت نسبة الشركات التي يسيطر عليها السود في جنوب إفريقيا 3% فقط، كما أن البيض يشغلون نحو 62% من جميع المناصب الإدارية العليا في جنوب إفريقيا رغم أنهم أقلية، بينما يشغل نظراؤهم السود نحو 17% من المناصب، وذلك وفقًا لتقرير لجنة المساواة في التوظيف الصادر في عام 2023. المفاوضات بين ترامب وجنوب أفريقيا بعد استعراض أبرز الخلافات بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، تتضح الصورة أمامنا بشأن ما يمكن أن يجري في المباحثات بين الرئيس سيريل رامافوزا ونظيره ترامب، ما يفتح باب التكهنات بشأن الثمن الذي ستدفعه جنوب أفريقيا في مقابل وقف التصعيد الأمريكي المستمر على مدار الشهور الماضية. ويسعى ترامب إلى وقف الدعوى المرفوعة من جانب جنوب أفريقيا، وهو مطلب رئيسي لساكن البيت الأبيض في إطار دعمه المطلق لدولة الاحتلال، فهل تتخلى جنوب أفريقيا عن غزة ؟، هذا ما ستكشف عنه الساعات المقبلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store