
استقرار الدولار بعد بيانات تضخم قلصت رهانات خفض الفائدة
واستقر اليورو والجنيه الإسترليني مقابل الدولار بعد انخفاضهما 0.5% و0.3% أمس الخميس على التوالي، في حين ارتفع الين الياباني 0.3% إلى 147.395 بعد بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني التي جاءت أقوى من المتوقع.
وخلال الليل، تأثرت الأسواق ببيانات أسعار المنتجين في الولايات المتحدة التي أظهرت أسرع ارتفاع في ثلاث سنوات خلال شهر يوليو تموز وسط زيادة تكاليف السلع والخدمات، مما يشير إلى ارتفاع واسع النطاق في الضغوط التضخمية والتي يقول المحللون إنها قد تشكل معضلة للبنك المركزي.
وجاءت البيانات المرتفعة لتضخم أسعار المنتجين في أعقاب بيانات تضخم مطمئنة لأسعار المستهلكين في وقت سابق من الأسبوع والتي عززت التوقعات بتيسير السياسة النقدية في أكبر اقتصاد في العالم ودعمت الأصول التي تنطوي على مخاطرة في جميع المجالات.
ووفقا لأداة فيد ووتش التابعة لسي.إم.إي فقد تراجعت احتمالات قيام البنك المركزي الأمريكي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بشكل طفيف بعد أرقام أسعار المنتجين.
وكانت مجموعة من البيانات الداعمة والتصريحات الصادرة عن وزير الخزانة الأمريكي قد أدت إلى زيادة رهانات خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر أيلول ولكن هذه التوقعات تبددت تماما بعد بيانات أمس الخميس.
واستقرت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين في بداية التعاملات الآسيوية عند 3.7262% بعد ارتفاعها بما يصل إلى خمس نقاط أساس أمس الخميس.
وارتفعت عملتا بتكوين وإيثر بعد انخفاضهما بنحو أربعة في المئة أمس الخميس. وكانت بتكوين قد لامست أمس الخميس مستوى قياسيا على خلفية تغير توقعات خفض الفائدة الأمريكية.
مخاطر النمو ببريطانيا تضع مستثمري السندات في حالة تأهب قصوى
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ ثانية واحدة
- الاقتصادية
أسرار الاحتياطي الفيدرالي .. كيف تعامل "ملك المصارف" مع ضغوط البيت الأبيض عبر التاريخ؟
أثناء زيارة نادرة تعد هي الرابعة في تاريخ الرؤساء الأمريكيين منذ افتتاح الاحتياطي الفيدرالي وأمام كاميرات وسائل الإعلام، دخل الرئيس ترمب في سجال مع جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فبينما أكد "دونالد" أن تجديد مباني الفيدرالي في واشنطن وصلت إلى 3.1 مليار دولار وليس 2.7 مليار دولار كما تردد، نفى "باول" هذا الرقم في البداية، لكن أمام إصرار الرئيس أكد "جيروم" أن التكلفة تشمل على الأرجح تجديد مبنى "مارتن" الذي تم بناؤه قبل خمس سنوات، وبعيدًا عن أيهما أصح كان المشهد كافيا لأن يؤكد للأوساط المصرفية والاقتصادية أن التوتر الذي طغى على العلاقة بين الاثنين في سنوات ماضية ما زال مستمرًا. قبل 118 عاما، تلقى المصرفي الأمريكي جون بيربونت مورجان سيلا من برقيات المستثمرين ورجال البورصة يطالبونه فيها بإيجاد حل للأزمة المالية التي دفعت المودعين إلى سحب أموالهم فجأة من البنوك، ما أدى إلى انهيار النظام المصرفي، وكحل مؤقت دعاهم "مورجان" إلى مكتبه في وول ستريت لوضع تصورات نهائية لحل الأزمة، وكانت أبرز الاقتراحات تأسيس صندوق برأسمال قدره 10 ملايين دولار لدعم "البنوك المفلسة" وإنشاء مصرف مركزي يكون بمنزلة "ملاذ أخير" في وقت الاضطرابات، وهو ما حدث في 1913 حين تأسس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لكن "مورجان" لم يرَ تلك اللحظة إذ توفي قبلها بفترة قصيرة. أهمية الاحتياطي الفيدرالي ظهرت منذ اللحظة الأولى باعتباره الكيان المسؤول عن السياسة المالية وصيانة الاستقرار والعملة الوطنية وتأمين النقود والتحكم في معدل الفوائد على القروض، إضافة إلى سلطة الإشراف على عمل البنوك والتأكد من عدم اتباعها سياسة احتيالية أو متهورة، كما أنه مسؤول أيضًا عن احتواء أي مخاطر تهدد هذا النظام، ومع تعاظم دور أمريكا الاقتصادي طوال القرن العشرين تخطى الاحتياطي الفيدرالي دوره الوطني وأصبح هو المؤثر الأكبر في حركة المال والأعمال العالمية، فيما تصفه الدراسات بـ"الحاكم الفعلي للعالم" من خلال 3 مسارات يمكن للاحتياطي الفيدرالي أن يتحكم في سعر رغيف الخبز في أكثر من نصف العالم، فـ60% من احتياطيات البنوك المركزية حول العالم بالدولار، 80% من حجم التجارة العالمية بالعملة الخضراء، أما المسار الثالث فمن خلال سعر الفائدة الذي يحدده الاحتياطي الفيدرالي، إذ عبره يتم تحديد اتجاه حركة الأموال عالميًا، وبسببه تعيد الدول تقييم عملتها لتواكب حركة السوق، كما أن سوق السندات الأمريكية تعد هي الأكبر عالميًا بقيمة تبلغ نحو 55 تريليون دولار، ويعد "الفيدرالي" أكبر لاعب في هذه السوق. أهمية كتلك تتطلب شفافية كاملة في كيفية اتخاذ القرارات التي تتحكم في مصير العالم الاقتصادي ومئات الملايين من البشر، لكن هذا لا يحدث مع "الفيدرالي" الذي يحيط به الغموض في كثير من الأوقات، مثل اجتماعاته المغلقة التي يحظر خلالها على الأعضاء استخدام هواتفهم أو الوصول إلى الإنترنت، وتجنب استخدام لفظ "إنقاذ" خلال أزمة 2008 المالية خوفًا من إثارة غضب الرأي العام، بل أحيانًا يتعمد رئيس "الفيدرالي" الأمريكي الإدلاء بتصريحات غامضة مثل آلان جريسنبان الذي اشتهر بذلك مبررًا أسلوبه بقول "إذا بدوت واضحًا جدًا فربما أخطئ في التعبير" لكن الحقيقة كما رآها آخرون أنه كان لا يريد للأسواق العالمية أن تفهم نواياه بدقة. هيكليًا يتكون مجلس الاحتياطي الفيدرالي من 7 محافظين يعينهم الرئيس وتبلغ مدة تعيينهم 14 عاما، ورغم أن البنك نفسه مؤسسة مستقلة لا تتبع جهة وليس من الضروري أن يقر الرئيس أو أي مسؤول ما يتخذه "الفيدرالي" من قرارات وسياسات، ويملك الكونجرس فقط حق المراقبة، إلا أن تلك الاستقلالية التامة لم تكن حاضرة طوال الوقت، فالرئيس ليندون جونسون ضغط على رئيس الفيدرالي وليام مارتن عام 1965 من أجل خفض الفائدة لدعم الإنفاق على حرب فيتنام، وكرر ذلك ريتشارد نيكسون 1974 لدعم الاقتصاد وخفض التضخم، حتى جون كينيدي وباراك أوباما فعلا نفس الأمر، لكن من خلال الاجتماعات المغلقة وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية. سار ترمب على نفس النهج، ففي ولايته الأولى اختار جيروم باول لرئاسة الفيدرالي لكن سرعان ما دب الخلاف بين الرجلين بسبب رفع الفيدرالي للفائدة وهو ما أزعج "دونالد" الذي اتهم المؤسسة المالية العريقة بأنها السبب في إبطاء الاقتصاد خاصة قبل انتهاء ولايته الأولى 2020، ومع عودته إلى البيت الأبيض مرة أخرى تجدد الخلاف حول سياسة الفائدة، إذ دعا الرئيس الأمريكي في أكثر من مناسبة إلى خفض تكاليف الاقتراض لتعزيز النمو الاقتصادي وهو ما يعارضه رئيس المصرف المركزي تحت دعاوى احتواء التضخم، ولم يكن أمام ترمب سوى وصف باول عبر منصة "تروث سوشيال" بأنه "متأخر ومخطئ دائمًا". كل خلاف بين الرئيس الأمريكي ورئيس الفيدرالي كانت له فاتورته الاقتصادية وتأثيره في العملات الأخرى، وبينما اختارت أوروبا أن تترك عملتها الموحدة "اليورو" في مواجهة العرض والطلب، اتخذت دول الخليج وفي مقدمتها السعودية مسارا آخر من خلال ربط العملة المحلية بالدولار عند سعر ثابت لا يتغير في مقابل بيع النفط بالدولار، وبتلك المعادلة التي طبقت منذ ثمانينيات القرن الماضي استطاعت دول الخليج حماية عملتها واقتصادها من أي توتر أو تقلبات في أسواق الطاقة، كما رأى ماتياس أنجونيون المحلل المالي في وكالة موديز، والسؤال الآن: أي الدول ستكون ضحية خلاف "ترمب – باول" إن تصاعدت حدته؟


الاقتصادية
منذ 30 دقائق
- الاقتصادية
الاتحاد الأوروبي يسعى إلى ضخ تريليونات اليورو في مدخرات الأسر .. السويد نموذجا
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى ضخ تريليونات اليوروات في مدخرات الأسر، من خلال تشجيع الأفراد على الاستثمار في أسواق رأس المال، ويرى في السويد نموذجا يحتذى به في كيفية القيام بذلك. ومن المتوقع أن توضح أوروبا خطتها بالتفصيل خلال هذا الربع من العام، لتعبئة أموال المواطنين التي تم إيداعها في الودائع المصرفية، كجزء من اتحاد الادخار والاستثمار، بحسب ما أوردته وكالة "بلومبرغ" للأنباء، اليوم الأحد. وبتسهيل الاستثمار على الأفراد، تستهدف أوروبا زيادة ثروات الأسر، وتعزيز وصول الشركات إلى التمويل. ويقول المحللون إن هذا قد يشجع على اعتماد أوسع للحسابات المصرفية على الطريقة السويدية، وهو ما قد يمكن الأفراد من استثمار مدخراتهم بسهولة في الأسهم.


الاقتصادية
منذ ساعة واحدة
- الاقتصادية
حملة ترمب لتغيير النظام الاقتصادي العالمي تهدد عرش الدولار
يتسبب سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى إعادة تصميم النظام الاقتصادي العالمي، بما يراه يخدم الولايات المتحدة، في اهتزاز دور الدولار كعملة احتياطي عالمي لا تنازعه فيه أي عملة أخرى، وهو أحد أسس تفوق بلاده منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. يعكس هذا الوضع واقعاً يتمثل في استخدام الدولار الأمريكي في نحو 9 من كل 10 معاملات صرف أجنبي، ونحو نصف تجارة البضائع الدولية، كما أنه يشكل قرابة 60% من احتياطيات الحكومات حول العالم. تتيح هذه الهيمنة لواشنطن تمويل عجز مالي هائل، وللمستهلكين في الولايات المتحدة الإنفاق بقدر أكبر مما يكسبون، وذلك كله بتمويلٍ من مستثمرين في الخارج يتسابقون لاقتناء أصولٍ مُقومة بالعملة الخضراء المزينة بشعار "نثق بالله" (In God We Trust). الثقة في الدولار الأمريكي لكن الثقة بالدولار الأمريكي آخذة في التراجع. في 2022، حفزت قيود إدارة الرئيس السابق جو بايدن على وصول روسيا إلى العملة بعد حربها على أوكرانيا، انطلاق جولة أولى من تنويع العملات، وسط فكرة سادت تتمثل في أنه إذا كانت واشنطن استبعدت الاقتصاد رقم 11 عالمياً، الضالع بعمق في أسواق النفط العالمية، فهل يوجد أحد في مأمن؟. عززت موجة "التضخم الكبير" ومسار المالية العامة المتدهور سريعاً منذ ذلك الحين الشكوك حول استثنائية الاقتصاد الأمريكي. مؤخراً، أدى الطرح العشوائي ثم التراجع العشوائي أيضاً عن حملة الرسوم الجمركية التي أطلقها ترمب في أبريل الماضي، إلى ضعف نادر الحدوث في قيمة الدولار الأمريكي وسندات الخزانة الأميركية معاً. هبط مؤشر الدولار بأكثر من 10% خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، في أسوأ أداء لنصف عام أول منذ 1973. يبدو الأمر وكأن المارد خرج من القمقم، إذ بات من الصعب كبح أحاديث "بيع أصول أمريكا". ترصد المصارف والوسطاء طلباً متزايداً على منتجاتٍ عملاتٍ تتجاوز الدولار، وبعض أثرى عائلات آسيا تقلص تعرضها للأصول الأمريكية، قائلة إن رسوم ترمب جعلت البلد أقل قابلية للتنبؤ بشدة. تواصل القوى الجيوسياسية المنافسة ضمن مجموعة دول "بريكس" (BRICS)، وهو تجمع لاقتصادات كبيرة تقوده البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، جهودها نحو نظام جديد للمدفوعات عبر الحدود. وحتى الحلفاء القدامى مثل أوروبا، يرون فرصة لتآكل هيمنة الدولار الأميركي. منافسو الدولار لا يحمل الجميع هذا القدر من التشاؤم. قال جيمي ديمون من بنك "جيه بي مورجان تشيس آند كو" في مايو الماضي إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال "الأمة الأكثر ازدهاراً وابتكاراً على الكوكب"، وإنه لا يقلق من تقلبات قصيرة الأجل في الدولار الأميركي. حاول وزير الخزانة سكوت بيسنت إقناع المستثمرين بأن سياسة الدولار القوي ما زالت قائمة، فيما هدد ترمب بفرض رسومٍ جمركية 100% على كل من يجرؤ على تحديها. لكن رغم اللهجة المتشددة، تظل حقيقة الأمر أن أكبر نقاط قوة العملة الخضراء نسبياً تكمن في غياب منافس واحد قادر على انتزاع موقعها على قمة نظام النقد العالمي. ترددت أقاويل عن أن هذا وقت تفوّق اليورو عالمياً، بحيث تؤدي فيه العملة الأوروبية الموحدة دوراً أكبر، غير أن التاريخ يُظهر أن التكتل الأوروبي يعاني كي يتحرك بطريقة منسقة، وأن مؤسساته تعاني من حال تشتت بطريقة تجعلها غير قادرة على إنشاء أسواق قوية بالقدر الكافي لمجاراة نظيرتها الأميركية. يتحدث محافظ البنك المركزي الصيني بإيجابية عن عملة بلاده كخيار لمن يسعى للابتعاد عن الدولار الأمريكي، لكن من الصعب تخيل أن ينجح اليوان الصيني في استغلال هذا التحول في ظل استمرار القيود التي تحد من التدفقات الحرة للأصول بسبب حواجز أمام حركة رأس المال في الصين. بدائل الدولار الأمريكي هرعت البنوك المركزية والمستثمرون لتكديس أصل الملاذ الأخير، أي الذهب، لكنه مرهق في الاحتفاظ به، ولا يدر عائداً، ولا يُستخدم بسهولة في التجارة أو المعاملات المالية، مثل الدولار. تمتد التكهنات بشأن بدائل الدولار الأميركي إلى بيتكوين وأصول مشفرة أخرى، إلا أن قلّة خارج السلفادور (التي اعتمدت العملة المشفرة كعملة قانونية في 2021) مستعدة للتحول إلى أي شيء غير مدعوم حكومياً. أما الابتكارات المالية الأخرى مثل العملات المستقرة، وهي رموز مشفرة يُفترض أن تحل محل النقد التقليدي، فقد تُرسخ أولوية الدولار الأميركي بدل أن تزحزحها، إذ تربط قيمتها بالعملة الخضراء. مع غياب بديل وشيك للدولار الأمريكي قابل للحياة يقوم بدور العملة الرئيسية للعالم، فإن التغير الأرجح يتجه نحو عالم متعدد العملات. سيظل الدولار مهيمناً، لكن عملات أخرى ستؤدي أدواراً أكبر. رغم أن هذا أقل ثورية مما يتنبأ به بعض المتشائمين بانهيار كاملٍ للنظام النقدي العالمي، فإن المنافسة الناتجة بين العملات ستترك آثاراً بالغة على النفوذ الجيوسياسي الأمريكي الصلب والناعم. والحقيقة أن أحداً ليس مستعداً -لا سيما الأميركيين- حقاً لما ستعنيه حُمى تنافس العملات في التطبيق العملي. الدولار الأمريكي القوي سيتعين على الولايات المتحدة التخلي عن بعض مزايا نظام الدولار القوي، وأبرزُها انخفاض أسعار الفائدة مع تراجع إقبال المستثمرين الأجانب على شراء السندات المُقومة بالدولار الأميركي. قدّر الخبير الاقتصادي باري آيشنغرين، من "جامعة كاليفورنيا" في بركلي والذي كتب بإسهاب عن الدولار الأميركي، أنه وفق سيناريو انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الساحة العالمية، قد يتراجع نصيب الدولار الأميركي من احتياطيات الدول التي تعتمد على مظلته الآمنة بنحو 30 نقطة مئوية. كما قد ترتفع أسعار الفائدة الأميركية طويلة الأجل بما يصل إلى 0.8 نقطة مئوية، بحسب تقديراته. على صعيد البنوك الأميركية، سيتعين عليها دفع تكلفة أعلى لجمع التمويل، وفرض أسعار فائدة أعلى للرهون العقارية نتيجة لذلك. تميل فوائد قروض المنازل المرتفعة إلى إبطاء الاقتصاد لأنها تترك دخلاً أقل لدى المستهلكين للإنفاق على العطلات وتحسينات المنازل وما إلى ذلك. ورغم أن ضعف سعر صرف الدولار الأمريكي قد يكون مفيداً في إعادة موازنة عجز التجارة، من خلال جعل الصادرات الأميركية أرخص وأكثر قدرة على المنافسة وردع الإنفاق على الواردات الأعلى كلفة، فإن ذلك لا يخدم ثروة الأسر. تكاليف الديون الحكومية ستشعر الحكومة الفيدرالية بالضغوط أيضاً إذ تمول عجزها السنوي الذي وصل إلى أقل بقليل من تريليوني دولار، عبر سندات الخزانة. ففي عالم تتزاحم فيه أصول مُقومة باليورو أو الين الياباني بقوة أكبر على جذب اهتمام المستثمرين، فإن ذلك يعني ارتفاع تكاليف اقتراض الحكومة الأمريكية. نلاحظ بالفعل بوادر على ذلك، إذ تضاعفت عوائد سندات الخزانة لأجل 30 عاماً منذ بداية 2022 وتجاوزت 5% في نقطة ما خلال مايو الماضي. يعني هذا أن أمريكا ستدفع تكاليف أعلى للاقتراض الجديد، وأكثر على تدوير ديونها القائمة أيضاً. وبموجب بعض المقاييس، باتت المدفوعات السنوية على ديون الحكومة الأمريكية اليوم أكبر مما تنفقه البلاد على مجال الدفاع الوطني. وفر تدويل الدولار طويلاً غطاءً للمشرعين في واشنطن كي لا يختاروا بين الإنفاق على مجال الدفاع أو تعزيز الاقتصاد المدني أو التخفيضات الضريبية. ومع أن الشكوك في الدولار الأمريكي تتزايد على وقع تضخم العجز المالي، لا يبدو أن المشرعين مستعدون بعدُ لتبني سياسات تقشف في النفقات. وعد إيلون ماسك بتوفير تريليون دولار عبر ما يُسمى بإدارة الكفاءة الحكومية، لكن التخفيضات حتى الآن وفرت أقل من 200 مليار دولار. في الوقت نفسه، سيضيف انتصار تشريعي لترمب، وهو إصدار القانون الكبير الجميل الموحد كما يطلق عليه، ما يصل إلى 3 تريليونات دولار إلى العجز على مدى العقد المقبل، وفق تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي. في عالم يواصل فيه المستثمرون الابتعاد عن العملة الخضراء، قد تفرض الأسواق في النهاية عمليات مفاضلة صعبة لخفض العجز، على غرار فرض قيود على شبكات الأمان الاجتماعي وإنفاق البحث العلمي والتطوير العام، والتي لطالما حفزت الابتكار في القطاع الخاص في مجالات تشمل شركات التكنولوجيا العملاقة وكبرى شركات الأدوية. الدولار الضعيف من شأن ذلك أن يؤثر على المكانة الجيوسياسية لأمريكا نتيجة الدولار الأمريكي الأقل هيمنة. ففي ظل عملة أضعف، ستغدو القواعد العسكرية في الخارج أعلى كلفة على الصيانة. ومع تراجع استخدام الدولار في المعاملات العالمية، ستصبح العقوبات الاقتصادية أقل تأثيراً على الخصوم. كما سيزداد صعوبة ضبط النظام المالي في مواجهة الأنشطة الخبيثة، مثل تمويل الإرهاب أو غسل الأموال، لأن التدفقات خارج الشبكات المبنية على الدولار الأمريكي لن تكون مرئية لصناع السياسات الأمريكيين. يقول جوش ليبسكي، كبير مديري مركز "جيوإكونوميكس سنتر" في "أتلانتيك كاونسيل" في واشنطن والمستشار السابق في صندوق النقد الدولي: "نحن لا نقدّر مدى جودة ما نملكه. إن امتلاك أصل الاحتياط العالمي يعني ائتماناً أرخص للأميركيين والحكومة الفيدرالية، ويعني شفافية أكبر لصانعي السياسات الأميركيين في النظام المالي، لتمكين ممارسة إدارة شؤون الدولة بما يتماشى مع أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. هذا هو حقيقة الخطر". لطالما قال وزراء الخزانة الأمريكية، وهم المسؤولون عن حماية الدولار الأمريكي وسياسة العملة الأمريكية، إن الأمر يعود إلى الأمة نفسها لصون كنز أصل الاحتياط العالمي. سواء بوب روبين أو هانك بولسون أو جانيت يلين، فقد أكد هؤلاء القادة أن اقتصاداً قوياً تدعمه مؤسسات مستقلة وسيادة القانون، سيحمي مكانة الدولار. رغم ذلك، بعثت إدارة ترمب بإشارات مختلطة في هذا السياق. التزم بيسنت إلى حد كبير بما يقوله أسلافه، لكن ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض وأحدث مرشحي ترمب لعضوية مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وصف وضع الدولار الأمريكي بأنه "عبء". الثقة في الدولار الأمريكي تتفاقم الظروف غير المواتية للدولار جراء مساعي ترمب لدفع السلطة التنفيذية للتدخل في هيئات مستقلة مثل الجهات التنظيمية وحتى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، علاوة على دأبه للدخول في نزاعات قضائية، وتجاهل واشنطن للدين الفيدرالي القياسي. تعد الثقة هي حجر الزاوية في اختيار العالم للدولار "ملكاً" بينما ينال ترمب من تلك المصداقية. يقول ليبسكي: "للمرة الأولى، قد يتحدد الوضع المستقبلي للدولار بناء على كيفية تطور العملات الأخرى. وهذه العملات ستتطور أسرع إذا كان الناس يبحثون عنها، وهذا هو الدرس الذي تعلمناه من الرأسمالية". بات الاقتصاد العالمي اليوم أكثر تمحوراً حول التمويل وأكثر تشابكاً مقارنة بما كان عليه إبان آخر تحول بنيوي كبير في القوة النقدية العالمية قبل نحو 80 عاماً، عندما تفوق الدولار الأمريكي على الجنيه الإسترليني. والحقيقة أن مكانة الدولار واجهت اختبارات حاسمة من قبل لكنها تمكنت من الصمود. تخلى الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون من طرف واحد عن ربط الدولار بالذهب في عام 1971، وفرض رسم استيراد 10% بعد أن سعت دول، منها فرنسا، إلى مبادلة الدولارات بسبائك المعدن النفيس، في خطوة هددت النظام النقدي الذي اتُفق عليه في "بريتون وودز" بعد الحرب العالمية الثانية. كما أثارت الأزمة المالية العالمية التي صنعتها أمريكا في مطلع العقد الأول من الألفية تساؤلات، خاصة في الصين، حول ما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية لا تزال تستحق دورها كركن أساسي للنظام النقدي العالمي. أفول الدولار الأمريكي عرفت عصور سابقة استخداماً مختلطاً للعملات، لكنها كانت تتمحور عادة حول الذهب أو الفضة. لم يحدث قط أن تنافست عملات ورقية متعددة على الهيمنة. تثير هذه الحقيقة قلق البعض ما يلوح في الأفق. من الممكن أن تتسبب حقبة تتسم بتعدد العملات في حالة عدم استقرار، مع تنقل المستثمرين من عملة إلى أخرى تبعاً للظروف المالية، ما يفاقم التحدي أمام الشركات التي تتخبط أصلاً في كيفية إعادة هيكلة سلاسل التوريد في عصر ترتفع فيه الحواجز الجمركية. أما المسؤول عن إدارة سياسة العملة الأمريكية، وزير الخزانة، فيرد على المشككين في الدولار قائلاً خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" في 3 يوليو الماضي: "منذ الحرب العالمية الثانية، جرى التنبؤ بأفول الدولار الأمريكي كعملة احتياطي عالمي. ومرة أخرى، سيكون صاحب هذه الشكوك مخطئاً". لا شك أن بيسنت على حق، إذ لن يختفي الدولار الأمريكي قريباً من خزائن المصارف المركزية ولا كوسيط للتمويل العالمي. لكنه سيواجه منافسة أكبر في عالم متعدد الأقطاب، وسيكون لذلك تداعيات لا يمكن التنبؤ بها في الداخل والخارج على حد سواء.