
أمريكا باتت طاردة للمواهب.. وفرصة ذهبية لاستقطابهم
يرى كثيرون أن الضغوط المتزايدة من جانب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الحريات العلمية والأكاديمية تمثل كارثة كبيرة تتهدد الولايات المتحدة. فقد جرى تخفيض تمويل البحوث، وتعرّضت جامعات مرموقة مثل «هارفارد» لعقوبات بسبب رفضها الانصياع لرغبات البيت الأبيض.
والأسبوع الماضي، أوقفت السلطات إصدار تأشيرات للطلاب الأجانب، بينما تعمل الإدارة الأمريكية على تشديد إجراءات التدقيق. وقد أظهر استطلاع أجرته مجلة نيتشر في مارس الماضي أن ثلاثة أرباع طلاب الدراسات العليا وباحثي الدكتوراه يدرسون مغادرة الولايات المتحدة. ومع استمرار الضغوط من جانب البيت الأبيض، من المتوقع أن تزداد وتيرة وأعداد الراغبين في مغادرة البلاد من بين ألمع العقول والمهارات.
في ظل هذه النكبة التي تلحق بالعلماء المستقرين في الولايات المتحدة، تتوفر أمام دول أخرى إمكانية السماح لهؤلاء الخبراء والعلماء بمواصلة عملهم ونشاطهم.. إنها فرصة ذهبية لاستقطاب مجموعة من أبرز المواهب، ويشمل هذا كلاً من الباحثين والأكاديميين الأمريكيين الراغبين في مغادرة البلاد، ومع كذلك أعداد كبيرة من الطلاب الأجانب الواعدين.
وقد أطلقت عدة دول مبادرات متنوعة وجهوداً مكثفة لاجتذاب هؤلاء، لكنها أعلنتها بحرص تحت مُسمى برامج لاستقطاب المهارات العالمية، لا الأمريكية على وجه الخصوص؛ تفادياً لإزعاج الإدارة الأمريكية. ومع ذلك، وعلى الرغم من السمعة العالمية التي تتمتع بها جامعاتها، إلا أن بريطانيا كانت بطيئة الحركة في هذا الاتجاه. لذا، فهي بحاجة إلى شحذ همتها، وإلا فإنها ستفوّت مثل هذه الفرصة الذهبية.
على الجانب الآخر من القنال الإنجليزي، فقد اقترحت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، حزمة مالية بقيمة 500 مليون يورو لما بين 2025 و2027 «لجعل أوروبا جاذبة للباحثين». وفي فرنسا، تعهد الرئيس، إيمانويل ماكرون، بضخ مبلغ 100 مليون يورو إضافي لهذه المبادرات، وبدأت كليات إدارة الأعمال بالبلاد في تسريع قبول طلبات الطلاب الأجانب أو تمديدها. وفي شهر أبريل، كشفت الأكاديمية الأسترالية للعلوم عن برنامج عالمي للمواهب صممته لاجتذاب التمويلات بهدف تقديم حزم انتقال تنافسية. وبالنسبة لكندا، فتروج هي الأخرى لنفسها باعتبارها وجهة جذابة للمواهب قريبة من الولايات المتحدة.
وعلى النقيض، فقد اتسمت جهود بريطانيا بأنها متجزئة وضعيفة وتفتقر إلى التنسيق. وتبلغ قيمة البرنامج الوحيد المؤكّد حتى الآن 30 مليون جنيه إسترليني مقدم من الجمعية الملكية، وهو واسع النطاق بهدف استقطاب «مواهب عالمية». وما زالت الحكومة تعمل على إعداد مبادرة حكومية بقيمة 50 مليون إسترليني لتمويل مِنَح البحوث والانتقال. لكن تحتاج المملكة المتحدة إلى الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، وبصورة أسرع. وينبغي أن يكون العدد الكبير من جامعاتها عالمية المستوى، ومعاهدها البحثية، ولغتها المُشتركة، وكذلك ثقافتها المألوفة، عوامل جذب طبيعية. لكن هذا ليس كافياً في حد ذاته.
من الضروري على المملكة المتحدة توفير حوافز مالية أقوى، فرواتب الباحثين في كل من القطاعين العام والخاص أقل كثيراً من تلك التي يحصل عليها نظراؤهم في الولايات المتحدة. وينطبق ذلك على دول أخرى تسعى إلى الاستئثار بالعقول الأمريكية، لكن التكلفة الباهظة للانتقال إلى بريطانيا على وجه الخصوص تضيف عائقاً إضافياً. وتوصلت دراسة أجرتها الجمعية الملكية في العام الماضي، إلى أن التكاليف الأولية للحصول على تأشيرة الانتقال إلى البلاد قد تكون أعلى بما يصل إلى عشر مرات مقارنة بأي من الدول الرائدة الأخرى في مجالات العلوم.
وتحتاج المملكة المتحدة إلى حملة واسعة النطاق تشتمل على سردية مُقنِعة بشأن مزايا إجراء البحوث لديها، على أن تتمتع بتمويل كاف في المراجعة التالية للإنفاق. وينبغي أن تعمل البلاد على تقليل العوائق البيروقراطية والمالية، وأن تعتمد تأشيرات سريعة الإصدار تستهدف الأساتذة، والعلماء، ورواد الأعمال. ومن شأن حملات تسويق أفضل من جانب شركات القطاع الخاص في مُختلف الصناعات البريطانية أن تكون داعمة في هذا الصدد، خاصة المستحضرات الدوائية، والتكنولوجيا الحيوية، والفضاء، والهندسة.
المشكلة أن هذه القضية لها أبعاد ذات حساسية خاصة في المملكة المتحدة، لأنها ستبدو وكأنها تشجّع على بعض ألوان الهجرة بينما هي تلتزم بقوة بتقليل أعداد المهاجرين إليها، وإن كانت العامة يمكن أن تتقبل برامج مُصممة بعناية لاستقطاب المواهب. وفي حين يعاني الكثير من الجامعات في المملكة المتحدة التي تسعى إلى استقطاب علماء من الخارج بضغوط مالية، إلا أن الطلاب الأجانب سيكونون مصدراً حيوياً للتمويل، مع الوضع في الاعتبار تراجع أعداد العلماء من البلدان التقليدية، مثل نيجيريا والهند، بسبب القيود المفروضة على جلب أفراد العائلة. لكن مع سعي دول أخرى إلى أن تكون ملاذاً للمواهب الفارة من الولايات المتحدة، فإنه ينبغي على بريطانيا ألا تفوّت هذه الفرصة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 23 دقائق
- صحيفة الخليج
زيارة مرتقبة من ماكرون لجرينلاند
باريس - رويترز أعلنت الرئاسة الفرنسية، السبت، أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيزور جرينلاند في 15 يونيو/ حزيران ويلتقي ينس فريدريك نيلسن رئيس وزراء جرينلاند ومته فريدريكسن رئيسة وزراء الدنمارك. وأضافت الرئاسة الفرنسية أن المحادثات بين القادة ستركز على أمن شمال الأطلسي والقطب الشمالي، وتغير المناخ، والتحول في مجال الطاقة، والمعادن الحيوية.


صحيفة الخليج
منذ 37 دقائق
- صحيفة الخليج
إيران تندد بـ«النزعة العنصرية» لقرار منع السفر إلى الولايات المتحدة
طهران - أ ف ب نددت طهران السبت بـ«النزعة العنصرية» لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خلفية قرارها، منع سفر رعايا 12 دولة، من بينها إيران، إلى الولايات المتحدة. وقال مدير شؤون الإيرانيين في الخارج في وزارة الخارجية علي رضا هاشمي رجا، إن القرار الأمريكي «دليل واضح على هيمنة النزعة التفوقية والعنصرية على صانعي السياسات الأمريكيين». واعتبر أن قرار منع سفر رعايا 12 دولة، وفرض قيود على دخول رعايا سبع دول أخرى: «يؤشر إلى العداوة العميقة لصانعي السياسات الأمريكيين حيال الشعب الإيراني والشعوب». وأصدر ترامب الأربعاء قرار منع السفر، في خطوة برّرها برغبته في «حماية» مواطنيه من «إرهابيين أجانب». وقال البيت الأبيض في بيان، إنّ الحظر الذي سيدخل حيّز التنفيذ في 9 يونيو/ حزيران الحالي يشمل مواطني أفغانستان، وميانمار، وتشاد، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وهايتي، وإيران، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن. أما الدول السبعة المستهدفة بقيود على سفر رعاياها إلى الولايات المتحدة فهي بوروندي، وكوبا، ولاوس، وسيراليون، وتوغو، وتركمانستان، وفنزويلا. ويعود إدراج إدارة ترامب التي تنتهج سياسة صارمة في مكافحة الهجرة، هذه الدول على القائمة، إلى افتقارها إلى حكومات فعّالة وميل رعايا بعض منها إلى البقاء في الولايات المتّحدة بعد انتهاء صلاحية تأشيراتهم. أما إيران، فقد أدرجتها واشنطن على هذه القائمة بسبب دعمها «للإرهاب». ورأى هاشمي رجا أن القرار الأمريكي «ينتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي، ويحرم مئات الملايين من الأشخاص الحق في السفر بناء على جنسيتهم أو دينهم حصراً». واعتبر أن القرار يشكّل «تمييزاً عنصرياً منهجياً»، وسيترتب عليه «مسؤولية دولية» على عاتق الولايات المتحدة. وبحسب إحصاءات وزارة الخارجية الإيرانية، يصل عدد رعاياها في الولايات المتحدة إلى 1.5 مليون شخص، وهي أكبر جالية إيرانية في الخارج.


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
الخلاف بين دونالد ترامب وإيلون ماسك يتفاعل
أبوظبي - سكاي نيوز عربية قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن الملياردير إيلون ماسك "فَقَدَ عقله"، معبّرا عن عدم اهتمامه بالتحدث إليه، وذلك في أعقاب الخلاف العلني بين الطرفين.