
شظايا صخرية تكشف اللحظة التي تحول فيها القمر إلى حالة صلبة
تُظهر القياسات الجديدة للصخور التي جرى جمعها في أثناء بعثات «أبولو» أنها تجمدت منذ نحو 4.43 مليار سنة، واتضح أن ذلك هو الوقت الذي أصبحت فيه الأرض عالمًا صالحًا للسكن.
وبحسب دراسة منشورة في مجلة «
وبمع تبريده وتبلوره، انفصل القمر الأوّلي المنصهر إلى طبقات. وفي النهاية، تجمد نحو 99% من محيط الصهارة القمري، وكان الباقي عبارة عن سائل فريد يسمى «KREEP» أو «كريب»، ويرمز هذا الاختصار إلى عناصر البوتاسيوم (K) والعناصر الأرضية النادرة (REE) والفوسفور (P).
-
-
-
وحلل دوفاس وفريقه هذا الـ«كريب»، ووجدوا أنه تشكل بعد نحو 140 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي، وموجود في صخور «أبولو»، ويأمل العلماء العثور عليه في عينات من حوض القطب الجنوبي (أيتكين)، الذي يستكشفها رواد الفضاء في «أرتميس» في النهاية. وإذا أكد التحليل ذلك هناك، فهذا يشير إلى توزيع موحد لطبقة الـ«كريب» هذه عبر سطح القمر.
فهم تاريخ الكريب على القمر
تكمن الأدلة على «فترة التبريد» النهائية للقمر في عنصر نادر من الأرض مشع قليلاً يسمى «اللوتيتيوم». وبمرور الوقت، يتحلل ليتحول إلى «هافنيوم».
ففي النظام الشمسي المبكر، كانت جميع الصخور تحتوي على كميات متساوية تقريبًا من «اللوتيتيوم»، الذي تساعد عملية تحلله في تحديد عمر الصخور حيث يوجد.
مع ذلك، فإن تصلب القمر وتكوين خزانات الكريب اللاحقة لم ينتج عنهما الكثير من «اللوتيتيوم» مقارنة بالصخور الأخرى التي تكونت في الوقت نفسه.
لذلك، أراد العلماء قياس نسب «اللوتيتيوم» و«الهافنيوم» في صخور القمر ومقارنتها بأجسام أخرى تكونت في الوقت نفسه تقريبًا، مثل النيازك، وهو ما من شأنه أن يسمح لهم بحساب وقت أكثر دقة لتكوين كريب على القمر.
وقد اختبروا عينات صغيرة من صخور القمر، ونظروا إلى نسبة «الهافنيوم» في الزركون القمري المضمن. ومن خلال هذا التحليل، وجدوا أن أعمار الصخور تتوافق مع التكوين في خزان غني بكريب، وهذه الأعمار تتوافق مع تكوين خزانات كريب بعد نحو 140 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي، أو منذ نحو 4.43 مليار سنة.
وقال دوفاس: «لقد استغرق الأمر منا سنوات لتطوير هذه التقنيات، لكننا حصلنا على إجابة دقيقة للغاية لسؤال كان مثيرًا للجدل فترة طويلة».
وضع كريب في المنظور
من المثير للاهتمام أن نتائج الفريق أظهرت أن تبلور محيط الصهارة القمري حدث في أثناء قصف الأجنة الكوكبية المتبقية والكواكب الصغيرة للقمر.
كانت هذه الأجسام «بذور» ولادة الكواكب والقمر، التي بدأت بعد اندماج الشمس منذ نحو 4.6 مليار سنة، بينما استمر ما تبقى من تشكل الكواكب في ضرب الكواكب التي تشكلت بالفعل.
وبدأ تشكل القمر نفسه بعد نحو 60 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي نفسه، وكان الحدث الأكثر ترجيحًا هو اصطدام عالم بحجم المريخ يسمى «ثيا» بالأرض الوليدة، وأدى ذلك إلى إرسال حطام منصهر إلى الفضاء، وبدأ في الاندماج لتكوين القمر.
وقال دوفاس: «يجب أن نتخيل كرة كبيرة من الصهارة تطفو في الفضاء حول الأرض. بعد ذلك بوقت قصير، بدأت تلك الكرة في التبريد. أدت هذه العملية في النهاية إلى تكوين طبقات كريب القمرية».
إن دراسة تحلل «اللوتيتيوم» إلى «هافنيوم» في عينات من صخور كريب تلك تشكل خطوة كبيرة إلى الأمام في فهم أقدم حقبة في تاريخ القمر، بينما ستساعد المزيد من عينات الصخور التي جرى جلبها من حوض القطب الجنوبي في ملء الفراغات المتبقية، ومساعدة الباحثين في توضيح الجدول الزمني لكل من تبريد الصخور القمرية، والتكوين اللاحق لمثل هذه الرواسب الصخرية، مثل البازلت البحري.
تكونت طبقات الصخور تلك عندما اصطدمت الأجسام المؤثرة بسطح القمر، مما أدى إلى توليد تدفقات من الحمم البركانية التي ملأت أحواض الاصطدام. في حين تشكلت «البحّارة» نتيجة اصطدامات حدثت في وقت لاحق من التاريخ المبكر للقمر، بعد نحو 240 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي.
وحفزت تلك الاصطدامات تدفقات الحمم البركانية التي غطت أقل من 20% من سطح القمر، وغمرت أقدم الأسطح.
ولا يخبرنا هذا الاكتشاف عن تاريخ القمر، ولكنه يساعد العلماء على فهم تطور الأرض، وذلك لأن التأثير الذي شكل القمر كان على الأرجح آخر تأثير كبير على الأرض.
وقد يشير هذا الاكتشاف إلى وقت بدأت فيه الأرض تحولها إلى عالم مستقر، وهذه خطوة مهمة نحو التطور إلى مكان صالح للحياة.
ولفت دوفاس: «يتوافق هذا الاكتشاف بشكل جيد مع أدلة أخرى. إنه مكان رائع لنكون فيه بينما نستعد لمزيد من المعرفة حول القمر من بعثات (تشانغ إي) و(أرتميس)».
وأضاف: «لدينا عدد من الأسئلة الأخرى التي تنتظر الإجابة عنها».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- الوسط
رئيس «ناسا» الجديد يعتزم إعطاء الأولوية للمريخ
«أعلن رجل الأعمال جاريد أيزكمان الذي رشحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لترؤس وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أنه يعتزم إعطاء الأولوية لإيفاد رواد فضاء إلى المريخ من دون إغفال البرامج المتعلقة بالقمر. وقال أيزكمان أمام لجنة من أعضاء مجلس الشيوخ مكلفين تأكيد تعيينه في المنصب الأربعاء «سنعطي الأولوية لإيفاد رواد فضاء أميركيين إلى المريخ، وفي الطريق، ستكون لدينا حتما القدرة على العودة إلى القمر»، وفقا لوكالة «فرانس برس». وردا على أسئلة البرلمانيين عن تداعيات هذا التغيير في الهدف، نفى أيزكمان رغبته في التخلي عن القمر، واعتبر أن من الممكن «تحقيق المستحيل» ومتابعة هذين الهدفين معا. وأضاف «إذا تمكنا من تركيز مواردنا، لن تضطر أكبر وكالة فضاء في العالم إلى اتخاذ قرار بالاختيار بين القمر والمريخ، أو تقديم القمر على المريخ»، معربا عن أمله في أن تتمكن بناته «من رؤية رواد الفضاء الأميركيين يمشون على سطح القمر»، في إلى برنامج «أرتيميس» الذي تهدف من خلاله «ناسا» إلى إعادة رواد الفضاء الأميركيين إلى سطح القمر. وأُعلن هذا المشروع الطموح والمكلف العام 2017 خلال ولاية دونالد ترامب الأولى ويهدف إلى إرساء وجود بشري دائم على القمر والتحضير لرحلات مستقبلية إلى المريخ. - - لكنّ كلفته الهائلة والتأخيرات التي طرأت عليه، دعت بعض الأصوات المنتقدة داخل الحكومة الأميركية الجديدة إلى مراجعته بالكامل، وحتى إلى إلغائه. وعززت هذا الغموض تصريحات ترامب الذي وعد أكثر من مرة منذ عودته إلى السلطة في يناير بـ«زرع العلم الأميركي على كوكب المريخ»، من دون أن يأتي على ذكر القمر. وقد يؤدي إيلون ماسك الذي بات المستشار الأول للرئيس، دورا رئيسيا في إعطاء الأولوية للكوكب الأحمر. فالرجل الأغنى في العالم مهووس بالمريخ، ولديه توقعات متفائلة جدا في شأنه، إذ يعتزم إرسال صاروخه «ستارشيب» إلى هذا الكوكب سنة 2026 وإطلاق رحلات مأهولة إليه اعتبارا من 2028. زيارة منتظرة في 2027 وبعد تأجيلات عدة، باتت مهمة «أرتيميس 3» التي يُفترض أن تعيد رواد فضاء إلى القمر للمرة الأولى منذ آخر مهمة لبرنامج «أبولو» العام 1972، مقررة في «منتصف العام 2027». وتسبقها مهمة «أرتيميس 2» التي ستدور حول النجم من دون الهبوط عليه. وجمع رجل الأعمال جاريد أيزكمان (42 عاما) ثروته من خلال المدفوعات عبر الإنترنت. وشغف الملياردير بالفضاء دفعه إلى المشاركة في رحلات خاصة عدة لشركة «سبايس إكس» التي يملكها إيلون ماسك، وهو يُعدّ قريبا منه. وفي نوفمبر 2024، أصبح أول مشارك في رحلة فضائية خاصة يطوف في الفضاء، وهي عملية محفوفة بالمخاطر كانت في السابق حكرا على رواد الفضاء المحترفين».


أخبار ليبيا 24
٢٨-٠٢-٢٠٢٥
- أخبار ليبيا 24
هبوط أبولو 11 على القمر.. بين الحقيقة والجدل المستمر
إشعاعات ڤان آلن: لماذا لم تؤثر على رواد أبولو؟ غياب النجوم في صور القمر: التفسير العلمي البسيط كيف عاد رواد أبولو 11 إلى الأرض بدون صاروخ ضخم؟ تأثير رحلات أبولو على التكنولوجيا وفهم نشأة القمر هبوط أبولو 11 على القمر.. بين الحقيقة والجدل المستمر في العشرين من يوليو عام 1969، جلس الملايين حول شاشات التلفاز لمشاهدة الحدث الذي اعتُبر أعظم إنجاز بشري في عصره: هبوط أبولو 11 على سطح القمر. وبينما أعلن نيل أرمسترونغ عبارته الشهيرة: 'هذه خطوة صغيرة لإنسان، لكنها قفزة هائلة للبشرية'، لم يتوقع أحد أن تبقى هذه الخطوة موضع جدل حتى بعد أكثر من نصف قرن. فرغم الأدلة العلمية والتقنيات المتطورة، يستمر البعض في التشكيك بواقعية هذه الرحلة، متسائلين: هل كان الهبوط على القمر حقيقة أم مجرد خدعة سينمائية؟ إشعاعات ڤان آلن.. عقبة غير مستحيلة واحدة من أبرز الشبهات التي يطرحها المشككون تتعلق بحزام ڤان آلن الإشعاعي، وهو مجال من الجسيمات المشحونة يحيط بالأرض. يزعم البعض أن عبور هذا الحزام يعرض الإنسان إلى مستويات قاتلة من الإشعاع، مما يجعل الرحلة مستحيلة. غير أن العلماء يؤكدون أن مركبة أبولو عبرت هذا الحزام بسرعة كبيرة، بحيث لم يكن الزمن الذي قضاه الرواد داخله كافيًا للتعرض لجرعات خطرة من الإشعاع. إضافة إلى ذلك، كانت المركبة مزودة بطبقات عازلة خففت من أثر الإشعاع، وهو ما يجعل هذه العقبة قابلة للتجاوز وليست دليلًا على التزييف. غياب النجوم في الصور.. وهم بصري وليس خدعة من المآخذ الأخرى التي يستند إليها المشككون، اختفاء النجوم من صور أبولو 11 على القمر. لكن التفسير العلمي لهذه الظاهرة بسيط للغاية. سطح القمر يعكس ضوء الشمس بقوة، مما يجعله أكثر سطوعًا مقارنة بالسماء السوداء خلفه. وعندما التقطت الكاميرات الصور، كانت إعدادات التعريض الضوئي مهيأة لتصوير السطح المضيء، ما أدى إلى اختفاء النجوم الخافتة من المشهد، تمامًا كما يحدث عند التقاط صورة في النهار على الأرض دون أن تظهر النجوم في الخلفية. كيف عاد الرواد إلى الأرض؟ يعتقد البعض أن عودة رواد أبولو 11 إلى الأرض كانت مستحيلة نظرًا لعدم وجود صاروخ ضخم على سطح القمر يمكنهم من الإقلاع. لكن الحقيقة أن مركبة الهبوط القمرية 'Lunar Module' كانت مصممة بحيث يتكون هيكلها من جزأين: السفلي، الذي بقي على سطح القمر، والعلوي، الذي حمل الرواد للإقلاع والالتحام بمركبة القيادة التي كانت تدور حول القمر بانتظارهم. بعد التحامهم بها، استخدمت المركبة الرئيسية محركاتها القوية للعودة إلى الأرض. هذه التقنية لم تكن معقدة كما يتخيل البعض، بل كانت محسوبة بدقة من قبل وكالة ناسا. حرارة القمر ونظام تبريد البدلات الفضائية يشير بعض المشككين إلى أن درجات الحرارة العالية على سطح القمر كانت ستجعل من المستحيل على الرواد البقاء هناك، حيث يمكن أن تصل حرارة النهار القمري إلى 127 درجة مئوية، بينما تنخفض ليلًا إلى -173 درجة مئوية. لكن ما يغيب عن هؤلاء أن الرواد لم يهبطوا في ذروة النهار القمري، بل اختارت ناسا وقت الفجر القمري، عندما تكون الحرارة معتدلة نسبيًا. علاوة على ذلك، كانت بدلات الفضاء مجهزة بنظام تبريد داخلي يعتمد على المياه المبردة، ما سمح لهم بالبقاء لفترة آمنة على السطح القمري. الإنجازات العلمية لرحلات أبولو بعيدًا عن الجدل، أسفرت رحلات أبولو عن اكتشافات علمية مهمة، أبرزها جمع 382 كجم من الصخور والتربة القمرية التي ساعدت العلماء على فهم تاريخ القمر. أكدت هذه العينات أن القمر تشكل قبل حوالي 4.5 مليار سنة، وأنه كان جزءًا من الأرض قبل أن ينفصل عنها. كما تم تركيب مرايا عاكسة على سطح القمر استخدمها العلماء لاحقًا لقياس المسافة بين الأرض والقمر باستخدام أشعة الليزر، ولا تزال تُستخدم حتى اليوم، مما يدحض نظرية أن الهبوط كان مجرد خدعة سينمائية. تأثير أبولو على التكنولوجيا والحياة اليومية لم تكن رحلة أبولو 11 مجرد استعراض سياسي في سباق الفضاء، بل ساهمت في تطوير العديد من التقنيات التي نستفيد منها اليوم. فقد أسهمت في تطور أنظمة الكمبيوتر المصغرة، ومواد العزل الحراري، وتقنيات الاتصال اللاسلكي، وحتى بعض الابتكارات التي نراها في حياتنا اليومية، مثل مراتب الفوم، والفلاتر المستخدمة في تنقية المياه. كما مهدت هذه الرحلات الطريق لاستكشافات فضائية أكبر، مثل إرسال مركبات إلى المريخ وبناء محطات فضائية مأهولة. رغم مرور أكثر من نصف قرن على الهبوط الأول للإنسان على القمر، لا يزال الجدل قائمًا، لكن الحقائق العلمية والدلائل التقنية لا تترك مجالًا للشك. الأدلة التي تثبت نجاح الرحلة كثيرة، من الصخور القمرية، إلى المرايا العاكسة، إلى البيانات العلمية التي لا يمكن دحضها. قد تستمر نظرية المؤامرة في الانتشار، لكن التاريخ يسجل أن أبولو 11 كانت بالفعل قفزة هائلة للبشرية، ليس فقط في استكشاف الفضاء، ولكن في تطور العلوم والتكنولوجيا التي نراها اليوم في حياتنا اليومية.


الوسط
٢٣-٠٢-٢٠٢٥
- الوسط
شظايا صخرية تكشف اللحظة التي تحول فيها القمر إلى حالة صلبة
تُظهر القياسات الجديدة للصخور التي جرى جمعها في أثناء بعثات «أبولو» أنها تجمدت منذ نحو 4.43 مليار سنة، واتضح أن ذلك هو الوقت الذي أصبحت فيه الأرض عالمًا صالحًا للسكن. وبحسب دراسة منشورة في مجلة « وبمع تبريده وتبلوره، انفصل القمر الأوّلي المنصهر إلى طبقات. وفي النهاية، تجمد نحو 99% من محيط الصهارة القمري، وكان الباقي عبارة عن سائل فريد يسمى «KREEP» أو «كريب»، ويرمز هذا الاختصار إلى عناصر البوتاسيوم (K) والعناصر الأرضية النادرة (REE) والفوسفور (P). - - - وحلل دوفاس وفريقه هذا الـ«كريب»، ووجدوا أنه تشكل بعد نحو 140 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي، وموجود في صخور «أبولو»، ويأمل العلماء العثور عليه في عينات من حوض القطب الجنوبي (أيتكين)، الذي يستكشفها رواد الفضاء في «أرتميس» في النهاية. وإذا أكد التحليل ذلك هناك، فهذا يشير إلى توزيع موحد لطبقة الـ«كريب» هذه عبر سطح القمر. فهم تاريخ الكريب على القمر تكمن الأدلة على «فترة التبريد» النهائية للقمر في عنصر نادر من الأرض مشع قليلاً يسمى «اللوتيتيوم». وبمرور الوقت، يتحلل ليتحول إلى «هافنيوم». ففي النظام الشمسي المبكر، كانت جميع الصخور تحتوي على كميات متساوية تقريبًا من «اللوتيتيوم»، الذي تساعد عملية تحلله في تحديد عمر الصخور حيث يوجد. مع ذلك، فإن تصلب القمر وتكوين خزانات الكريب اللاحقة لم ينتج عنهما الكثير من «اللوتيتيوم» مقارنة بالصخور الأخرى التي تكونت في الوقت نفسه. لذلك، أراد العلماء قياس نسب «اللوتيتيوم» و«الهافنيوم» في صخور القمر ومقارنتها بأجسام أخرى تكونت في الوقت نفسه تقريبًا، مثل النيازك، وهو ما من شأنه أن يسمح لهم بحساب وقت أكثر دقة لتكوين كريب على القمر. وقد اختبروا عينات صغيرة من صخور القمر، ونظروا إلى نسبة «الهافنيوم» في الزركون القمري المضمن. ومن خلال هذا التحليل، وجدوا أن أعمار الصخور تتوافق مع التكوين في خزان غني بكريب، وهذه الأعمار تتوافق مع تكوين خزانات كريب بعد نحو 140 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي، أو منذ نحو 4.43 مليار سنة. وقال دوفاس: «لقد استغرق الأمر منا سنوات لتطوير هذه التقنيات، لكننا حصلنا على إجابة دقيقة للغاية لسؤال كان مثيرًا للجدل فترة طويلة». وضع كريب في المنظور من المثير للاهتمام أن نتائج الفريق أظهرت أن تبلور محيط الصهارة القمري حدث في أثناء قصف الأجنة الكوكبية المتبقية والكواكب الصغيرة للقمر. كانت هذه الأجسام «بذور» ولادة الكواكب والقمر، التي بدأت بعد اندماج الشمس منذ نحو 4.6 مليار سنة، بينما استمر ما تبقى من تشكل الكواكب في ضرب الكواكب التي تشكلت بالفعل. وبدأ تشكل القمر نفسه بعد نحو 60 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي نفسه، وكان الحدث الأكثر ترجيحًا هو اصطدام عالم بحجم المريخ يسمى «ثيا» بالأرض الوليدة، وأدى ذلك إلى إرسال حطام منصهر إلى الفضاء، وبدأ في الاندماج لتكوين القمر. وقال دوفاس: «يجب أن نتخيل كرة كبيرة من الصهارة تطفو في الفضاء حول الأرض. بعد ذلك بوقت قصير، بدأت تلك الكرة في التبريد. أدت هذه العملية في النهاية إلى تكوين طبقات كريب القمرية». إن دراسة تحلل «اللوتيتيوم» إلى «هافنيوم» في عينات من صخور كريب تلك تشكل خطوة كبيرة إلى الأمام في فهم أقدم حقبة في تاريخ القمر، بينما ستساعد المزيد من عينات الصخور التي جرى جلبها من حوض القطب الجنوبي في ملء الفراغات المتبقية، ومساعدة الباحثين في توضيح الجدول الزمني لكل من تبريد الصخور القمرية، والتكوين اللاحق لمثل هذه الرواسب الصخرية، مثل البازلت البحري. تكونت طبقات الصخور تلك عندما اصطدمت الأجسام المؤثرة بسطح القمر، مما أدى إلى توليد تدفقات من الحمم البركانية التي ملأت أحواض الاصطدام. في حين تشكلت «البحّارة» نتيجة اصطدامات حدثت في وقت لاحق من التاريخ المبكر للقمر، بعد نحو 240 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي. وحفزت تلك الاصطدامات تدفقات الحمم البركانية التي غطت أقل من 20% من سطح القمر، وغمرت أقدم الأسطح. ولا يخبرنا هذا الاكتشاف عن تاريخ القمر، ولكنه يساعد العلماء على فهم تطور الأرض، وذلك لأن التأثير الذي شكل القمر كان على الأرجح آخر تأثير كبير على الأرض. وقد يشير هذا الاكتشاف إلى وقت بدأت فيه الأرض تحولها إلى عالم مستقر، وهذه خطوة مهمة نحو التطور إلى مكان صالح للحياة. ولفت دوفاس: «يتوافق هذا الاكتشاف بشكل جيد مع أدلة أخرى. إنه مكان رائع لنكون فيه بينما نستعد لمزيد من المعرفة حول القمر من بعثات (تشانغ إي) و(أرتميس)». وأضاف: «لدينا عدد من الأسئلة الأخرى التي تنتظر الإجابة عنها».