logo
إجابات أسئلة هامة حول حركة النهضة في تونس

إجابات أسئلة هامة حول حركة النهضة في تونس

الجزيرةمنذ 2 أيام

عاد من جديد السؤال حول مستقبل حركة النهضة في علاقة بإعلان حزب العمال الكردستاني المسلّح حلّ نفسه، لاعتبارات تتعلق بالترتيبات الإقليمية الجديدة، وبتطور الحالة الكردية ضمن الحالة الديمقراطية التركية.
أعاد هذا الجدل طرح تساؤلات حول شرعية وجدوى وجود النهضة كحزب إسلامي في الفضاء السياسي، وتراوحت الآراء بين من يرى حلّ النهضة ذاتيًا بدعوى تجاوز الزمن لها وارتفاع كلفة تواصلها، ومن يرى وجاهة استمرارها باعتبارها مكونًا تاريخيًا وسياسيًا في تونس له إسهاماته وتتعلق به انتظارات، بينما دعا آخرون إلى تجاوز هذه الثنائية الضيقة أصلًا نحو معالجة أعمق تتعلّق بإصلاح وتجديد مشروع النهضة.
تحولات كبرى قادتها أسئلة كبرى
منذ نشأتها قبل أكثر من ستين عامًا، مرت حركة النهضة (بأسمائها وهياكلها المختلفة) بتحولات إستراتيجية كبرى في سياقات حزبية ووطنية مختلفة، كانت نتيجة مباشرة لأسئلة وجودية وفكرية وسياسية عميقة. يمكن تلخيص هذه التحولات في خمس مراحل أساسية:
1- النشاط ضمن الدولة / الحزب الحاكم أو خارجهما
التحق الأستاذان راشد الغنوشي وعبدالفتاح مورو في بداية نشاطهما مطلع سبعينيات القرن الماضي بجمعية المحافظة على القرآن الكريم، حيث نشطا في إلقاء الدروس والمحاضرات الدينية ونشر الوعي الديني، قبل أن يتجها إلى تكوين "الجماعة الإسلامية".
جاء هذا التحوّل نتيجة تطورات فكرية وتنظيمية وسياقية أدرك من خلالها الشيخان أن العمل الدعوي وحده لا يكفي لمواجهة تحديات الدولة الحديثة وسياساتها التغريبية والأزمات السياسية والاجتماعية التي تشقّ المجتمع.
يُعتبر هذا الانتقال كأول تحول إستراتيجي في مسيرة الحركة الإسلامية الناشئة وقتها، جوابًا عن سؤال: كيف نحافظ على الهوية دون الوقوع في الانعزال؟ طبع هذا التحول هويتها كحركة سياسية ذات مرجعية إسلامية، وحدد مجال عملها خارج السلطة وروافدها.
2- من الجماعة الإسلامية إلى حركة الاتجاه الإسلامي
لم يمضِ وقت طويل على تكوين الجماعة الإسلامية حتى اقتنع قادتها بالحاجة إلى تطوير فكرتها التأسيسية، وتوسيع قاعدتها البشرية، وبناء رافعتها التنظيمية.
اتسعت الفكرة من العمل الدعوي الاجتماعي إلى الاهتمام بالشأن السياسي، وتشكلت الرافعة التنظيمية في تنظيم تراتبي مهيكل يحكمه نظام أساسي، وتوسعت القاعدة البشرية باستقطاب الشباب التلمذي والطلابي.
جاء هذا التحوّل في سياق التحديات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي شهدها المجتمع التونسي وقتها، والتي عرفت أَوْجها في المواجهة بين النظام والاتحاد العام التونسي للشغل (1978)، ثم فيما يُسمّى عملية قفصة (1980)، وهي مدينة داخلية بالجنوب الغربي التونسي، حيث قادت مجموعة من الاتحاد القومي الديمقراطي- جاءت من الجزائر- عملية مسلحة لقلب نظام الحكم، سيطرت فيها لوقت قصير على بعض المنشآت، أهمّها ثُكنة عسكرية.
تزامن ذلك مع تطور لافت في تجربة الجناح الطلابي للجماعة الإسلامية كمًّا بتوسع قاعدته، وسياسيًا وثقافيًا بتحركاته ومنشوراته، أهمها مجلتا: "الحدث السياسي" و"الحدث الثقافي"، وبسبقه في رفع شعار: "نريد الحرية في الجامعة كما نريدها في البلاد"، في إطار معاركه مع التيارات اليسارية المهيمنة وقتها على النشاط الطلابي السياسي والنقابي، وعلى الفضاء الطلابي عامة.
في هذه الظروف الصعبة اقتصاديًا، والمناخات المحتقنة اجتماعيًا، والمأزومة سياسيًا، مثّل تنامي المعارضة السياسية ضغطًا داخليًا على السلطة، دفعها إلى إعلان إجراءات ظاهرها الانفتاح السياسي، وباطنها مناورة سياسية لاحتواء المعارضة وامتصاص المخاطر والتقاط الأنفاس.
قام بورقيبة في (أبريل/ نيسان 1980) بتعيين محمد مزالي المحسوب على تيار الهوية وزيرًا أولَ، وبإعلان مفاجئ بالسماح بالتعددية الحزبية، وبإصدار صحف المعارضة، وتنظيم أول انتخابات تعددية في (أكتوبر/ تشرين الأول) من نفس السنة.
في هذا السياق، أعلنت الجماعة الإسلامية في ندوة صحفية بتاريخ (6 يونيو/ حزيران 1981) أنها اختارت التحول إلى حزب سياسي قانوني، مثّل تحوّلًا إستراتيجيًا ثانيًا جاء بعد مخاض داخلي عسير ساهم الجناح الطلابي بشكل كبير في حسمه.
كما كان للانكشاف الأمني لتنظيم الجماعة الإسلامية يوم (9 ديسمبر/ كانون الأول 1980) أثره في هذا الانتقال استباقًا لحملة اعتقالات ومحاكمات متوقعة.
لم يمضِ وقت طويل على إعلان (6 يونيو/ حزيران 1981) حتى قاد النظام يوم (18 يوليو/ تموز) حملة اعتقالات واسعة شملت المئات من قيادات الحركة بتهمة الانتماء إلى تنظيم غير مرخص له. وذلك في نفس اليوم الذي أعلنت فيه السلطة الاعتراف القانوني بالحزب الشيوعي التونسي، وبحزب حركة الوحدة الشعبية، وقبلهما يوم (3 أبريل/ نيسان 1981) بحركة الديمقراطيين الاشتراكيين.
لم يقتصر زيف التحول نحو التعددية والديمقراطية على رفض الاعتراف بحركة الاتجاه الإسلامي فحسب، بل تأكد في التزوير الفاضح لنتائج الانتخابات التشريعية التي "فاز" الحزب الحاكم بكل مقاعدها (136)، والإبقاء على أحزاب المعارضة جزءًا من الديكور "التعددي والديمقراطي"، وامتصاص أي انفجار أو انفلات للأوضاع، خاصة أمام هشاشة وضع الحزب الحاكم نتيجة تنامي المعارضة، وتفاقم التحديات، وتعاظم المخاطر، واحتدام الصراع داخله حول خلافة بورقيبة.
3- من حركة الاتجاه الإسلامي إلى حركة النهضة
حصل هذا الانتقال بين زمنين، زمن بورقيبة وزمن بن علي. خاض بورقيبة آخر معاركه السياسية وأشدها مع حركة الاتجاه الإسلامي (1987)، في سياق مناخات مشدودة اتسمت بأزمة مع ليبيا ومع الاتحاد العام التونسي للشغل (1985)، وأزمة اقتصادية ومالية (1986) أفضت إلى اعتماد خطة الإصلاحات الهيكلية.
في مقابل ذلك، نجحت المعارضة، ومن ضمنها حركة الاتجاه الإسلامي، في تنسيق مواقفها بمقاطعة الانتخابات البلدية (1985)، وفي التقارب مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
في مسار آخر، عرفت الساحة الطلابية تصعيدًا نضاليًا في علاقة بما شهدته البلاد سنة 1985، تحوّل لاحقًا إلى مواجهات مع قوات البوليس إثر اغتيال الطالب الإسلامي عثمان بن محمود في (أبريل/ نيسان 1986).
أدركت السلطة أن الأوضاع تنفلت من بين يديها، فاختارت كعادتها الحل الأمني باتخاذ إجراءات قمعية طالت الجميع، وكان نصيب حركة الاتجاه الإسلامي منها حملة اعتقالات واسعة شملت المئات من قياداتها، بمن فيهم رئيسها الأستاذ راشد الغنوشي الذي صدر في شأنه حكم بالسجن مدى الحياة في (أغسطس/ آب 1987).
زادت الإجراءات القمعية في تأجيج الأوضاع وتعاظم المخاطر، وأصبح القادم مجهولًا إلى أن قام زين العابدين بن علي بانقلابه "الصحي" على بورقيبة، وتسلّم مقاليد الحكم، وأعلن بداية عهد جديد عبر بيان سياسي رحّب به الجميع، مبشّرًا بانفتاح سياسي يبحث من خلاله عن شرعية شعبية ودولية يحتاجها.
بادر بن علي بإعلان عفو رئاسي أطلق بموجبه سراح العديد من السجناء السياسيين، من ضمنهم مناضلو حركة الاتجاه الإسلامي. كان إطلاق سراح الأستاذ راشد الغنوشي في (مايو/ أيار 1988) مؤشرًا على فتح خط التفاوض بين بن علي وحركة الاتجاه الإسلامي، انتهى إلى الاتفاق على التهدئة من جهة النهضة، والانفتاح السياسي من جهة بن علي.
بناءً على ذلك، كانت المبادلة السياسية بين الحركة وبن علي تقتضي، من جهة الحركة، إعلان الدعم لحكم بن علي و"الثقة" فيه، وإعلان بعض المراجعات الفكرية، منها تصريح الغنوشي في حوار له مع مجلة "حقائق" التونسية بأن "مجلة الأحوال الشخصية لا تتعارض مع الإسلام"، وأن إلغاء تعدد الزوجات وتقييد الطلاق لا يتنافيان مع روح الشريعة الإسلامية، بل يمكن تأويلهما كاجتهادات فقهية في سياق اجتماعي معيّن.
عكس هذا التصريح تحوّلًا فكريًا وسياسيًا مهمًّا داخل حركة الاتجاه الإسلامي، وخاصة مع أحد أهم رموز الحداثة في تونس (مجلة الأحوال الشخصية)، سعت من خلاله إلى تقديم صورة معتدلة و"مدنية" للإسلام السياسي التونسي.
لم يمرّ هذا الإعلان دون أن يثير انقسامًا في الساحة السياسية والفكرية التونسية وقتها، بين ترحيب التيار العلماني الذي بقي حذرًا ومشككًا في نوايا الغنوشي وحركته، وبين نقد الإسلاميين الذين اعتبروا هذا الموقف تنازلًا فكريًا وسياسيًا يمسّ هوية "المشروع الإسلامي" دون مبرر.
أما من جهة السلطة، فكانت المبادلة تقتضي إطلاق سراح كل مساجين الحركة وعودة مهاجريها واسترداد حقوقهم، ومنحها رخصة لإصدار جريدة"الفجر"، وأخرى لجمعية ثقافية بدلًا عن تأشيرة حزب سياسي، استنادًا إلى القانون عدد 32 لسنة 1988 المؤرخ في (3 مايو/ أيار 1988) المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، الذي اعترف بالتعددية السياسية وحق تكوين الأحزاب، إلا أنه وضع شروطًا لذلك، منها احترام الهوية العربية الإسلامية، واحترام النظام الجمهوري ومبادئ الديمقراطية، ومنع تأسيسها على أساس ديني أو عرقي أو جهوي.
لم ينقطع الحوار داخل حركة الاتجاه الإسلامي تفاعلًا مع المستجدات وبحثًا عن صيغة تسمح لها بالتموضع في المشهد العام كحزب سياسي قانوني في ظل الانفتاح النسبي الذي أعلنه بن علي.
انتهى الحوار داخل الحركة في (1989) إلى تكييف وضعها بحسب ما نصّ عليه قانون الأحزاب من منع تأسيس أحزاب على أساس ديني، فقامت بتغيير اسمها من حركة الاتجاه الإسلامي إلى حركة النهضة، وقدّمت نفسها في صورة أكثر "وطنية" و"مدنية"، وأقل ارتباطًا بالإسلام السياسي بمفهومه التقليدي.
رفض النظام مرة أخرى منحها الترخيص القانوني، وبقي يتعامل معها باعتبارها تنظيمًا محظورًا، وقاد ضدّها حملة قمع واسعة في أوائل تسعينيات القرن الماضي بعد الانتخابات التشريعية لعام (1989)، التي أظهرت أن النهضة تتمتع بشعبية كبيرة، حتى دون ترخيص رسمي.
انهارت المبادلة السياسية بين الحركة والسلطة؛ بسبب إصرار الأخيرة على رفض الاعتراف القانوني بالحركة كحزب سياسي، رغم كل ما قامت به من مراجعات وما أبدته من "تفهّم" ضمن سياسة التهدئة التي انتهجتها.
فعلت السلطة كل شيء لاحتواء التيار الإسلامي وترويضه وضبطه تحت سقف رؤيتها ومصلحتها التي لا مجال فيها لحزب سياسي بمرجعية إسلامية وتاريخ نضالي كبير وانتشار شعبي واسع. وعندما فشلت السلطة في احتواء النهضة والتعامل معها سياسيًا، اختارت التعامل معها كملف أمني.
4- من حركة النهضة إلى حزب حركة النهضة
انتهت الأزمة مع بن علي بداية تسعينيات القرن الماضي إلى ما يشبه المجزرة الأمنية والقضائية في حق عشرات الآلاف من قيادات ومناضلي الحركة، بين سجين ومطارد ومهجّر وشهيد.
كانت خطة السلطة أمنية بامتياز، غايتها استئصال الحركة وتجفيف منابع قوتها. انتقلت قيادة الحركة إلى الخارج، ولم تلبث أن أعادت بناء نفسها تنظيميًا وسياسيًا، مؤكدة صفتها السياسية المدنية السلمية، والتزامها بمواصلة النضال من أجل الحرية والديمقراطية، وإطلاق سراح المساجين من خلال جبهة سياسية معارضة تعمل على بناء توافقات وطنية جامعة توفّر شروط قيام مصالحة وطنية شاملة.
واجهت الحركة على امتداد عقدين من الزمن العديد من الأسئلة الكبرى، أدارت حولها حوارات معمّقة انتهت إلى رفض فكرة حلّ نفسها ذاتيًا أو انسحابها من السياسي والتوجّه إلى الدعوي الثقافي الاجتماعي، مقابل تأكيد تمسّكها بحقها في العمل السياسي، وتثبيت صفتها السياسية والمدنية السلمية، وحرصها على التنسيق مع المعارضة لبناء تحالفات، عبر القيام بمراجعات فكرية في قضايا هامة ضمن أول حوار ضمن "هيئة 18 أكتوبر للحريات" بين الإسلاميين والعلمانيين من يساريين وقوميين وليبراليين، حول الحريات والديمقراطية والحقوق، ومنها حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، والعلاقة بين الدولة والدين، وحرية الضمير والمعتقد، وغيرها، تمّ نشرها في وثيقة أسست لفكرة "العهد الديمقراطي".
فتحت ثورة الحرية والكرامة المجال أمام النهضة وغيرها للعمل ضمن أحزاب قانونية، وانتقلت الحركة بذلك لأول مرة إلى حزب سياسي قانوني هو حزب حركة النهضة.
5- من الإسلام السياسي إلى الإسلام الديمقراطي
أدّت تجربة النهضة في الحكم زمن حكومتَي الترويكا (2012-2014) إلى تراجع شعبية الحركة، في سياق تراجع قوى الثورة وتقدّم "الثورة المضادة"، وفوزها في انتخابات (2014) التشريعية والرئاسية.
سنتان من الحكم كانتا كفيلتين بطرح أسئلة كبرى داخل النهضة، تعلقت بهوية الحركة ومشروعها السياسي وبنائها التنظيمي وتوزيع النفوذ داخلها.
كان الإعداد للمؤتمر العاشر للحزب السياقَ والفضاءَ، اللذين دارت فيهما حوارات طويلة وصعبة، بسقف مضموني مفتوح. انتهى هذا المخاض بإقرار المؤتمر في (مايو/ أيار 2016) نسخة جديدة من حزب حركة النهضة، أكثر تكيفًا مع التحولات الديمقراطية في تونس، عناوينها الأبرز: الانتقال من الإسلام السياسي إلى الإسلام الديمقراطي، والفصل بين السياسي والدعوي، والتخصص في الشأن العام كحزب سياسي مدني وطني، منفتح على الكفاءات الوطنية، وإرساء اللامركزية في الهيكلة التنظيمية، واعتماد الانتخاب لتولي المسؤوليات، إضافة إلى تخصيص نسبة لا تقل عن 10% من المناصب القيادية للشباب والمرأة.
تحولات النهضة: استجابة لأسئلة الداخل والواقع
تبدو مسيرة حركة النهضة سلسلة ثرية من التحولات الكبرى الفكرية والسياسية والتنظيمية، واجهت فيها الحركة جملة من الأسئلة الكبرى عبر حوارات داخلية موسعة ومعمّقة، تنتهي في كل محطة بتقييمات شاملة ودقيقة، وإجابات في شكل خيارات وسياسات جديدة، ساهمت في تطوير هوية الحركة وتدقيقها، وفي تجديد مشروعها وبُناها التنظيمية والهيكلية.
النهضة كتاب مفتوح وكائن حيّ في تغيّر وتطوّر مستمرين، يتفاعل مع استحقاقاته الداخلية كما مع تحديات الواقع، ضمن خطّ عام تبحث فيه النهضة عن إجابات واضحة لأسئلة كبرى، تفتح أمامها آفاقًا جديدة تعزّز موقعها وتجعلها أكثر أهلية للمشاركة في الشأن العام بما يفيد الناس، ويعزّز الحرية والديمقراطية والحقوق والعدالة.
ما بعد الثنائية الضيقة.. نحو تجديد مشروع النهضة
يعكس الجدل المتجدد حول حلّ النهضة أو شرعيتها أزمة أعمق في الفهم السياسي للدور الذي يمكن أن تلعبه الحركات الإسلامية المتحوّلة. إذ الموضوع ليس مجرد "مع" أو "ضد" النهضة، أو ثنائية "حلّها" أو "الإبقاء عليها"، بل هو أوسع من ذلك بكثير.
يجب ألا ينحصر السؤال الحقيقي في شرعية الوجود، بل في جدوى المشروع وقدرته على التجدّد. المطلوب ليس إنهاء النهضة، بل إصلاحها وتجديد مشروعها حتى يكون أكثر انسجامًا مع مقتضيات الديمقراطية ومطالب المجتمع، وأكثر جرأة في مراجعة مواقفه وسياساته، دون التفريط في هويته أو الاستسلام للجمود.
حركة النهضة اليوم أمام فرصة تاريخية، لا لإعادة إنتاج ذاتها، بل لإعادة تأسيس مشروع نهضوي شامل يتجاوز الأطر الأيديولوجية الضيقة، ويعيد الاعتبار لقيم الحرية، العدالة، والمواطنة، بعيدًا عن التكرار والانغلاق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لقمة تحت النار.. كيف تتعمد إسرائيل استهداف تكايا الطعام في غزة؟
لقمة تحت النار.. كيف تتعمد إسرائيل استهداف تكايا الطعام في غزة؟

الجزيرة

timeمنذ 16 دقائق

  • الجزيرة

لقمة تحت النار.. كيف تتعمد إسرائيل استهداف تكايا الطعام في غزة؟

أظهر تحليل أجرته وكالة "سند" للتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة، كيف تعمد الجيش الإسرائيلي استهداف أكثر من 20 "تكية طعام" ومركز توزيع وتخزين، في مختلف مناطق قطاع غزة ، بين 26 مارس/آذار حتى 27 مايو/أيار الجاري. وأمعنت إسرائيل في استخدام الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين في قطاع غزة على مدار 600 يوم من الحرب المتواصلة، لا سيما خلال الأشهر القليلة الماضية، حتى أصبحت لقمة الطعام الهم اليومي الأكبر للمواطنين، في ظل شُح أو انعدام المساعدات، والحصار المحكم، وتدمير السلة الغذائية المحلية لسكان القطاع. وظهرت "تكية الطعام" كواحدة من المبادرات المحلية التي يحاول فيها الناس التغلب على الجوع، بالحصول على طبق يومي من الطعام، وباتت الحياة اليومية للنازحين تبدأ بطوابير مزدحمة يصطفون فيها لساعات طويلة، على أمل الحصول على وجبة واحدة تسد رمقهم أو تساعدهم على مواصلة يومهم في ظل الجوع، والإرهاق، ونقص الموارد الأساسية. ولم تترك آلة الحرب الإسرائيلية "تكايا الطعام" خارج دائرة الاستهداف، بل أصبحت في بؤرة القصف، وظهر ذلك جليًا منذ استئناف الحرب على غزة في 18 مارس/آذار الماضي، إذ يُظهر تحليل أجرته وكالة "سند" للتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة، كيف تعمد الجيش الإسرائيلي استهداف أكثر من 20 "تكية طعام" ومركز توزيع وتخزين، في مختلف مناطق قطاع غزة، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 26 مارس/آذار حتى 27 مايو/أيار الجاري. شهداء وجرحى ووفقا لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي ومصادر إعلامية فلسطينية، فقد بلغ عدد الشهداء نتيجة عمليات القصف لهذه المواقع نحو 60 شهيدًا على الأقل ومئات المصابين، بينهم متطوعون لدى مؤسسات خيرية وفرق ومبادرات محلية، إضافة للسكان الذين كانوا يتوافدون لهذه النقاط للحصول على الطعام والمساعدات الغذائية. وتُظهر معطيات التحليل أن عمليات القصف التي استهدفت تكايا الطعام ومراكز توزيع المساعدات تركزت بشكل رئيسي في منطقتي مدينة غزة وشمال القطاع، حيث تم التحقق وتأكيد 8 عمليات استهداف منذ استئناف الحرب على غزة. في المقابل، سُجّلت 7 استهدافات في دير البلح ومخيمات وسط القطاع، بينما بلغت الاستهدافات في منطقة خان يونس 5 عمليات قصف مؤكدة. وتشير البيانات إلى أن عمليات الاستهداف بلغت ذروتها خلال شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار الجاري، فيما سُجّلت خلال مارس 3 غارات على تكايا طعام في خان يونس ومخيم النصيرات ومدينة غزة، وهي الفترة ذاتها التي منعت فيها إسرائيل دخول المساعدات الغذائية إلى القطاع، وتصاعدت خلالها وتيرة المجاعة بين السكان. في الوقت ذاته، كان الجيش الإسرائيلي يُنشئ نقاطا لتوزيع المساعدات في وسط وجنوب القطاع، ضمن إطار الخطة الأميركية لتوزيع المساعدات، وهي الخطة التي قوبلت برفض وتشكيك وأثارت جدلا واسعا حول أهدافها وجدواها. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الجيش الإسرائيلي استهدف منذ بداية الحرب 68 مركزا وتكية لتوزيع الطعام، مشيرا إلى أن هذا "السلوك الإجرامي"، المتمثل في الاستهداف المتعمد لمنشآت الإغاثة والتكافل الاجتماعي، يُثبت بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل تستخدم الغذاء كسلاح حرب، في انتهاك صارخ لكافة القوانين الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المرافق الإنسانية والمدنيين تحت أي ظرف. لقمة تحت النار وجمعت الجزيرة شهادات من مواطنين في مدينة غزة أثناء انتظارهم للحصول على طبق من العدس أمام تكية أُقيمت بمبادرة محلية داخل مدارس النازحين في شارع الثورة، صباح اليوم. تقول الطفلة لين أبو شعبان "أعتمد على التكية بسبب صعوبة الأوضاع وغلاء الأسعار، مثل الطحين والمعلبات الغذائية. لا يمكن أن نعيش بدون التكية. أحتاج للانتظار من 5 إلى 7 ساعات تحت حرارة الشمس للحصول على الطعام، وسط مخاوف القصف". وتقول السيدة أم أحمد الصيفي، وهي تصطف أمام التكية" قبل سنة من الآن، كنا نخجل من الوقوف أمام التكية، لكننا اليوم بحاجة إليها، رغم أنها لا تقدم سوى العدس. نحن وأطفالنا نعاني من نقص المواد الغذائية المفيدة، وأجسامنا بحاجة إلى البروتين والكالسيوم والحديد". وعن استهداف تكايا الطعام، قالت أم أحمد "يتم قصف التكايا حتى نموت من الجوع. شهدت قصف تكية قبل أيام، ورأيت الأطفال يحترقون. لماذا لا يريدون لنا الحياة؟". كما تحدثت السيدة أم علي الوكيل عن سبب مجيئها للحصول على طبق من الطعام، قائلة "أبحث عن أي تكية لأحصل على لقمة طعام لي ولأطفالي.. أنا جائعة. جئت يوم أمس ولم أستطع الحصول على الطعام، وبكيت من الجوع". وأضافت "لدي 15 نازحا داخل صف في المدرسة، ولا أستطيع توفير الطعام لهم. أبكي على حالهم. وصلنا إلى مرحلة غير طبيعية من المجاعة. لا يوجد طحين ولا طعام. نحصل على طبق عدس ونأكله بالملاعق. نحن نعيش أكبر درجات الظلم". وطالبت أم علي بوقف الحرب والجوع الذي تعيشه غزة، مضيفة أنها تصل عند الساعة السابعة صباحًا وتنتظر حتى الثانية عشرة ظهرًا أمام التكية، لكنها كثيرًا ما تعود خالية اليدين بسبب الازدحام أو الخوف من الإصابة بحروق من قدر الطعام. وتصف الوضع بأنه "ذلّ حقيقي"، إذ تنتظر في الشمس لساعات طويلة على أمل الحصول على وجبة. سياسة التجويع وقال المسن أبو محمد الفيومي "أضطر للمجيء إلى التكية بسبب عجزنا عن تأمين لقمة العيش لخمسة أشخاص لدي. أحيانًا أجد العدس، لكن لا أجد الحطب. أرى الأطفال في الصباح وهم يحملون أكياسًا ويبحثون عن الحطب والأقمشة والبلاستيك لطهي الطعام. لا نملك مالًا ولا مواد تموينية. كيلو الطحين أصبح بـ100 شيكل (نحو 29 دولارا)، بينما كان سابقًا بشيكل واحد فقط". وشعر أبو محمد بالغصة عندما سأله المصور عن عدد الساعات التي يقضيها أمام التكية، وقال "أنتظر ما بين أربع إلى خمس ساعات للحصول على طبق طعام. وفي إحدى المرات، حصل قصف قرب التكية فهربنا، لكنني لم أستطع الهرب بسبب سني". وأضاف أن تكايا الطعام أصبحت مستهدفة تحت ذرائع مثل "وجود مطلوبين"، مؤكدا أن لا صحة لهذه المزاعم، وأن الهدف الحقيقي هو تجويع الناس وزيادة معاناتهم وإشعال غضب الشارع. ويواصل السكان حديثهم مؤكدين أن التكية أصبحت الملاذ الوحيد للفقراء والجوعى في غزة، حيث ينتظرها المئات يوميا، من بينهم الأطفال والنساء وكبار السن. ويقول الشاب عمر الكحلوت "استهداف التكايا يهدف إلى تجويع الناس، بالتزامن مع إغلاق المعابر منذ أكثر من 80 يوما. ما يدخل من مساعدات قليل جدا، والجميع تخلى عنا". وأوضح "أصبحت التكية من أخطر الأماكن في غزة.. قبل أيام قُصفت تكية في شارع الجلاء، ومع ذلك، لم يبق للناس أي خيار آخر". ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير التهجير القسري ، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

36 شهيدا باليوم 600 من "إبادة غزة" والأونروا تنتقد "مساعدات الإلهاء" الأميركية
36 شهيدا باليوم 600 من "إبادة غزة" والأونروا تنتقد "مساعدات الإلهاء" الأميركية

الجزيرة

timeمنذ 32 دقائق

  • الجزيرة

36 شهيدا باليوم 600 من "إبادة غزة" والأونروا تنتقد "مساعدات الإلهاء" الأميركية

استشهد 36 فلسطينيا وأصيب 179 آخرون، جراء غارات وعمليات قصف شنها الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر اليوم الأربعاء، وهو اليوم 600 لحرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على القطاع المحاصر الذي يعاني سكانه تجويعا لم يخفف منه نظام توزيع المساعدات المدعوم أميركيا في غزة والذي اعتبرته الأونروا "هدرا للموارد وإلهاء عن الفظائع". وأفادت مصادر طبية باستشهاد 9 فلسطينيين من عائلة واحدة، وإصابة 15 آخرين، جراء قصف طائرات الاحتلال منزلا لعائلة في منطقة الصفطاوي شمالي مدينة غزة. وذكر مراسل الجزيرة أن عددا من الأشخاص لا يزالون تحت أنقاض المنزل المستهدف كما تم انتشال جثمان شهيد قضى بقصف إسرائيلي أمس على حي الشجاعية شرقي المدينة. وفي شمالي القطاع، استشهد 4 مواطنين جراء قصف من طائرات الاحتلال استهدف مجموعة من المواطنين قرب منطقة الفاخورة في مخيم جباليا. وأفادت المصادر باستشهاد 6 مواطنين ووقوع جرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. وفي جنوبي القطاع، استشهد 4 مواطنين في عمليات قصف استهدفت بلدات القرارة، والفخاري، وعبسان الكبيرة، ومنطقة قيزان رشوان شرقي مدينة خان يونس. وانتشلت الفرق الطبية جثمان مواطن استشهد قبل أيام في قصف إسرائيلي استهدف منزله في حي المنارة جنوب شرقي المدينة. وفي مدينة رفح ، استشهدت سيدة مسنة، وأصيب طفلان بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من نقطة لتوزيع المساعدات في منطقة ميراج شمالي المدينة، كما استشهد مواطن متأثرا بجروح أصيب بها أمس في المنطقة ذاتها. وارتفعت حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 54 ألفا و56 شهيدا، و123 ألفا و129 مصابا. واستأنف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة منذ 18 مارس/آذار الماضي، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، لكن الاحتلال خرق بنود وقف إطلاق النار على مدار الشهرين، إذ استمر في قصفه لأماكن متفرقة من قطاع غزة الذي يعيش مأساة إنسانية غير مسبوقة. مساعدات الهدر والإلهاء على صعيد الوضع الإنساني في القطاع المحاصر، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني اليوم الأربعاء إن نظام توزيع المساعدات المدعوم أميركيا في غزة "هدر للموارد وإلهاء عن الفظائع". وتعليقا على مشهد الأمس في رفح، قال لازاريني في تصريحات له في العاصمة اليابانية طوكيو "رأينا أمس صورا صادمة لأشخاص جياع يتدافعون على الأسوار في حاجة ماسة للغذاء. كان الوضع فوضويا ومهينا وغير آمن". وأضاف "أرى أنه هدر للموارد وإلهاء عن الفظائع. لدينا في الأساس نظام لتوزيع المساعدات مناسب لهذا الغرض. والأوساط الإنسانية في غزة، بما يشمل الأونروا، جاهزة. لدينا الخبرة والمؤهلات للوصول إلى الناس المحتاجين". و أكد لازاريني أن "نموذج توزيع المساعدات الذي اقترحته إسرائيل لا يتماشى مع المبادئ الإنسانية الأساسية". إعلان ورأى أنه "سيحرم جزءا كبيرا من سكان غزة، وهم الأكثر ضعفا، من المساعدات التي هم في أمسّ الحاجة إليها". وتابع "كان لدينا سابقًا 400 مكان توزيع في غزة. أما مع هذا النظام الجديد، فنحن نتحدث عن 3 إلى 4 أماكن توزيع بحد أقصى". وأشار "لذا، فهي أيضا وسيلة لتحريض الناس على النزوح القسري للحصول على المساعدات الإنسانية". كما حذر من عواقب التأخر في تقديم المساعدات إلى غزة، قائلا "في الأثناء، الوقت يدهم من أجل تجنب المجاعة، لذا يجب السماح للمنظمات الإنسانية بالقيام بعملها المنقذ للحياة". واندفع آلاف الفلسطينيين عصر أمس الثلاثاء باتجاه مركز جديد لتوزيع المساعدات تديره منظمة مدعومة أميركيا في منطقة غرب رفح واستشهد 3 فلسطينيين بنيران الاحتلال وأصيب العشرات واختفى آخرون ولم يعرف مصيرهم بعد. وقال مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية أجيت سونغهاي للصحافيين في جنيف "هناك نحو 47 شخصا أصيبوا بجروح" في حادثة الثلاثاء، مضيفا أن "معظم الإصابات كانت نتيجة إطلاق نار مصدره الجيش الإسرائيلي". وشدد سونغهاي على أن مكتبه ما زال يقيّم ويجمع معلومات عن الصورة الكاملة لما حدث. وأوضح "قد يرتفع العدد. نحاول التأكد مما وقع لهم"، في ما يتعلق بمدى خطورة الجروح التي أصيب بها الضحايا. وقال سونغهاي "أثرنا الكثير من المخاوف حيال هذه الآلية. ما رأيناه في الأمس هو مثال واضح جدا على مخاطر توزيع المواد الغذائية في ظل الظروف التي تعمل مؤسسة غزة الإنسانية بموجبها حاليا". وأقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الثلاثاء "بفقدان السيطرة مؤقتا" عند اندفاع الحشود، لكنه أكد "استعادة السيطرة". وأفاد جيش الإسرائيلي بأن "جنوده أطلقوا طلقات تحذيرية في المنطقة خارج المجمع" الثلاثاء وبأنه تمكن من "السيطرة على الوضع". إعلان وذكرت الأمم المتحدة ووكالات إغاثة دولية أنها لن تتعاون مع " مؤسسة غزة الإنسانية" في ظل الاتهامات لها بالتعاون مع إسرائيل من دون إشراك الفلسطينيين.

مبعوثة أممية لمجلس الأمن: لن نشارك بآلية مساعدات لغزة تنتهك المبادئ الإنسانية
مبعوثة أممية لمجلس الأمن: لن نشارك بآلية مساعدات لغزة تنتهك المبادئ الإنسانية

الجزيرة

timeمنذ 32 دقائق

  • الجزيرة

مبعوثة أممية لمجلس الأمن: لن نشارك بآلية مساعدات لغزة تنتهك المبادئ الإنسانية

قالت المنسقة الخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط بالإنابة سيغريد كاغ إنه يجب على إسرائيل وقف هجماتها المدمرة على الحياة المدنية والبنية التحتية في قطاع غزة ، وأكدت خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي أن المنظمة الدولية لن تشارك في آلية إيصال مساعدات تنتهك المبادئ الإنسانية. وأضافت كاغ أن فلسطينيي غزة -الذين يواجهون عدوانا إسرائيليا مستمرا منذ أكثر من عام ونصف- يستحقون "أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة". وأشارت إلى أن "مدنيي غزة فقدوا أي أمل، فبدل أن يقولوا: إلى اللقاء، إلى الغد، يقول فلسطينيو غزة اليوم: نلقاكم في الجنة.. فالموت هو رفيقهم. لا الحياة ولا الأمل. سكان غزة يستحقون أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة. إنهم يستحقون مستقبلا نابضا بالحياة". وأضافت "منذ استئناف الأعمال العدائية في غزة، فإن حياة المدنيين المرعبة أصلا غرقت في الهاوية أكثر وأكثر" داعية إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. ودعت بشدة إلى تجاوز البيانات الداعية إلى وقف إطلاق النار في غزة إلى مرحلةِ اتخاذ قرارِ وقف الحرب وإقامة حل الدولتين. وتابعت "عندما نتحدث إلى بشر مثلنا في غزة، فإن كلمات مثل التعاطف والتضامن والدعم فقدت معناها". وأضافت "يجب ألا نعتاد على عدد القتلى والجرحى؛ نتحدث عن فتيات وأمهات وأطفال صغار تحطمت حياتهم، لديهم أسماء وكان لديهم مستقبل وأحلام وطموحات". وخلال جلسة لمجلس الأمن، أوضحت المسؤولة الأممية أن المدنيين في القطاع يتعرضون للاستهداف المباشر ويواجهون شبح المجاعة. وبينما تزعم إسرائيل أنها فتحت الباب أمام إدخال المساعدات الإنسانية جزئيا إلى القطاع (عبر مؤسسة غزة المدعومة أميركيا وإسرائيليا)، أعربت المسؤولة الأممية أيضا عن أسفها لعدم كفاية المساعدات الإنسانية لتلبية حاجات أكثر من مليوني شخص مهددين بالمجاعة، مؤكدة أن "الوضع يقارن بقارب نجاة بعد غرق السفينة". وأعربت كاغ أيضا عن قلقها من "المسار الخطير" في الضفة الغربية المحتلة، لافتة الى "تسارع الضم بحكم الأمر الواقع عبر توسيع المستوطنات والاستيلاء على الأراضي وعنف المستوطنين" بحق الفلسطينيين. وحذرت من أنه إذا لم يتغير هذا الوضع فإن حل الدولتين إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب "سيكون مستحيلا فعليا". وكانت فصائل المقاومة الفلسطينية قد أكدت أن توزيع المساعدات عبر الشركة الأمنية الأميركية المدعومة إسرائيليا يمثل إهانة للإنسانية. وقالت في بيان إن الهدف من توزيع المساعدات عبر الشركة الأميركية هو "إذلال أبناء شعبنا وتحويل قطاع غزة لمعسكرات اعتقال، وكانتونات معزولة، وتفريغ شمال ووسط قطاع غزة من أبناء شعبنا، تمهيدا لتنفيذ مشروع التهجير الصهيوني". شهادة طبيب أميركي وخلال الجلسة، كشف الطبيب الأميركي فيروز سِيدْوا -الذي تطوع في قطاع غزة- أن أغلب المرضى الذين عالجهم كانوا أطفالا مصابين بشظايا ونساء حوامل بُترت أحواضهن. وأضاف في كلمته أمام مجلس الأمن: لم أر، أو أعالج أي مقاتل خلال الأسابيع الخمسة التي قضيتها في غزة. وأكد أن ما شاهده من استهدافات وتدمير في مجمع ناصر الطبي لم يشاهده في حياته، مضيفا نحن "نخسر جيلا بأكمله أمام أعيننا". وتأتي جلسة مجلس الأمن اليوم مع مرور 600 يوم على حرب إسرائيل المتواصلة على قطاع غزة. وقد أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع، منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023 إلى 54 ألفا و84 شهيدا، في حين تجاوز عدد المصابين 123 ألفا و308 مصابا. وقالت وزارة الصحة في غزة إن عددا من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store