logo
تحذير من الكونغرس الأميركي: قد نفلس في هذا التوقيت

تحذير من الكونغرس الأميركي: قد نفلس في هذا التوقيت

العربي الجديدمنذ يوم واحد

أعلن مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي (CBO)، مساء الاثنين، أن قدرة الحكومة الفيدرالية على تمويل التزاماتها المالية قد تنفد بين منتصف أغسطس/آب ونهاية سبتمبر/أيلول 2025، إذا لم يُرفع سقف الدين القانوني. وأوضح المكتب في مراجعته الشهرية للميزانية أن
وزارة الخزانة
ستستنفد ما يُعرف بـ"الإجراءات الاستثنائية" التي تستخدمها منذ بداية العام لتجنب تجاوز
السقف المحدد
للاقتراض. وبهذا التحذير، يكون ما يُعرف بـ(X-Date) أو "تاريخ X" قد تأخر أسبوعين عن تقديرات مارس/آذار الماضي، ما يمنح المشرعين وقتاً إضافياً للتوصل إلى تسوية سياسية قبل الدخول في حالة تخلف محتملة عن السداد، بحسب بلومبيرغ. و(X-Date) هو مصطلح يُستخدم في
الولايات المتحدة
للإشارة إلى اليوم الذي تنفد فيه قدرة وزارة الخزانة الأميركية على الوفاء بالتزاماتها المالية ما لم يُرفع سقف الدين.
ومنذ إعادة تفعيل سقف الدين في بداية عام 2025، لجأت وزارة الخزانة الأميركية إلى مناورات محاسبية خاصة لتوفير السيولة، منها تأجيل استثمارات صناديق التقاعد الفيدرالية وتحريك احتياطيات مؤقتة. إلا أن هذه الوسائل مؤقتة بطبيعتها، بحسب مكتب الميزانية في الكونغرس، ويُتوقع أن تُستنفد بالكامل في وقت ما بين 15 أغسطس/آب و30 سبتمبر/أيلول إذا لم يصدر قرار تشريعي جديد. وتأتي هذه المناورة وسط تعقيدات سياسية في الكونغرس، حيث أرفق الجمهوريون مقترح زيادة سقف الدين بحزمة تخفيضات ضريبية ضخمة ضمن مشروع قانون يُعرف باسم "الفاتورة الجميلة الواحدة"، الذي يخضع حالياً للنقاش في مجلس الشيوخ.
تحذيرات متكررة من سقف الدين
وترافق تحذير مكتب الميزانية مع بيانات مماثلة صدرت الشهر الماضي عن وزارة الخزانة الأميركية، أكدت خلالها أن قدرة الدولة على تغطية التزاماتها قد تنفد في أغسطس ما لم يبدأ التحرك. ودعا وزير الخزانة سكوت بيسنت الكونغرس إلى إقرار رفع سقف الدين البالغ حالياً 36.1 تريليون دولار، قبل منتصف يوليو/تموز، لتجنب أي اضطراب مالي. ويخشى المستثمرون من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يدفع وكالات التصنيف إلى خفض التصنيف الائتماني الأميركي كما حدث في أزمة 2011، ما يرفع تكاليف الاقتراض ويزعزع استقرار أسواق المال العالمية.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
عاصفة الاقتصاد الأميركي: ارتفاع التضخم وتباطؤ التوظيف بسبب التعرفات
ورغم أن تأجيل (X-Date) أسبوعين يُخفف الضغط عن المشرعين مؤقتاً، إلا أن السياق السياسي لا يزال مضطرباً. فقد ربط الجمهوريون رفع سقف الدين بموافقة الكونغرس على حزمة ضرائب جديدة من إدارة ترامب، بينما يتهم الديمقراطيون المعارضة بتكرار لعبة الابتزاز المالي. ويأمل البيت الأبيض تمرير مشروع القانون قبل بدء عطلة الكونغرس الصيفية، وسط مخاوف من أن أي اضطراب في الخزانة قد يتزامن مع التزامات ضخمة في نهاية الربع الثالث، تشمل رواتب، ومدفوعات دفاعية، وفوائد على الدين العام.
وتدخل أزمة سقف الدين مرحلة حاسمة، خصوصاً مع تحذيرات صريحة من المؤسسات الفيدرالية من أن الولايات المتحدة قد تواجه تخلفاً مؤسسياً عن الدفع لأول مرة منذ عقود. وبينما يتبادل الطرفان السياسيان الاتهامات، تواصل الأسواق مراقبة كل تطور، مع ميل بعض المستثمرين إلى تسييل الأصول الأميركية الحساسة للتحوط من احتمال حدوث أزمة. ويخشى الخبراء أن تؤدي أي إشارة سلبية من الكونغرس أو تأخير إضافي إلى موجة بيع في السندات وتراجع في ثقة الأسواق الناشئة بالدولار عملةً مرجعيةً.
وتشير توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى أن تكاليف خدمة الدين العام في العام 2025 قد تتجاوز تريليون دولار. هذا الرقم يفوق الإنفاق المتوقع على الدفاع، كما أنه أكبر من الإنفاق غير الدفاعي على البنية التحتية والمساعدات الغذائية وبرامج أخرى تحت إشراف الكونغرس. وكان ارتفاع أسعار الفائدة هو العامل الذي أدى إلى زيادة تكاليف خدمة الدين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تعثر قرض مدعوم بالنفط بقيمة 5 مليارات دولار من «أرامكو» السعودية لنيجيريا
تعثر قرض مدعوم بالنفط بقيمة 5 مليارات دولار من «أرامكو» السعودية لنيجيريا

القدس العربي

timeمنذ 2 ساعات

  • القدس العربي

تعثر قرض مدعوم بالنفط بقيمة 5 مليارات دولار من «أرامكو» السعودية لنيجيريا

لاغوس/لندن/بروكسل – رويترز: قالت أربعة مصادر إن نيجيريا وشركة «أرامكو» السعودية للنفط تواجهان صعوبة في التوصل إلى اتفاق بشأن قرض ذي حجم غير مسبوق يبلغ خمسة مليارات دولار مدعوم بالنفط. جاء ذلك بعد أن أثار انخفاض أسعار النفط الخام في الآونة الأخيرة قلق البنوك التي كان من المتوقع أن تدعم الصفقة. وأضافت المصادر أن هذا القرض سيكون أكبر قرض مدعوم بالنفط لنيجيريا حتى الآن، وأول مشاركة سعودية بهذا الحجم في البلاد، غير أن انخفاض أسعار النفط قد يقلص حجم الصفقة. ويعكس التقدم البطيء في المناقشات الضغط الناجم عن انخفاض أسعار النفط في الآونة الأخيرة، والذي نتج إلى حد كبير عن التحول في سياسة تحالف «أوبك+» لاستعادة حصته في السوق بدلا من تقليص الإمدادات. وانخفض سعر خام برنت مؤخراً بنحو 20 في المئة إلى حوالي 65 دولاراً للبرميل بعد أن تجاوز 82 دولاراً في يناير/كانون الثاني. ويعني انخفاض سعر النفط أن نيجيريا قد تحتاج إلى مزيد من البراميل لدعم القرض، لكن سنوات من نقص الاستثمار تُعَقِّد قدرتها على تحقيق أهداف الإنتاج. وقالت مصادر إن نيجيريا سعت للحصول على موافقة على اقتراض خارجي بقيمة 21.5 مليار دولار الشهر الماضي لدعم الميزانية، وسيكون التسهيل المدعوم بالنفط بقيمة خمسة مليارات دولار الذي تجري مناقشته مع «أرامكو «جزءا من ذلك. وقالت المصادر إن البنوك المشاركة في المحادثات التي من المتوقع أن تشارك في تمويل جزء من القرض مع «أرامكو» الدائنة عبرت عن مخاوفها بشأن تسليم النفط، ما أدى إلى إبطاء المناقشات. وأضافوا أن بنوكاً خليجية وبنكاً أفريقياً واحداً على الأقل تشارك في المحادثات. ولم يتسن لرويترز تحديد هوية البنوك. وقال أحد المصادر «من الصعب العثور على جهة تضمن ذلك»، مشيراً إلى المخاوف بشأن توافر الشحنات. وأحجمت «أرامكو» السعودية عن التعليق. ولم تعلق شركة البترول الوطنية النيجيرية، وكذلك لم تعلق وزارتا المالية أو البترول في نيجيريا. يشار إلى أن لدى نيجيريا سنوات من الخبرة في التعامل مع القروض المدعومة بالنفط – سواء في الحصول عليها أو في سدادها – والتي تستخدمها الحكومة لدعم الميزانية وزيادة الاحتياطيات الأجنبية أو لتطوير المصافي الحكومية. وقالت مصادر إن قرض «أرامكو» البالغ خمسة مليارات دولار سيُدَعَّم بما لا يقل عن 100 ألف برميل يومياً من النفط. إلا أن القرض الجديد سيضاف على القروض المدعومة بالنفط البالغة سبعة مليارات دولار التي حصلت عليها نيجيريا خلال السنوات الخميس الماضية. وتستخدم نيجيريا على الأقل 300 ألف برميل يومياً لسداد القروض الأخرى المدعومة بالنفط الخاصة بمؤسسة النفط الوطنية النيجيرية «إن.إن.بي.سي». ومن المتوقع سداد أحد هذه القروض خلال الشهر الجاري. وكمية النفط المخصصة لسداد القروض المدعومة بالنفط الحالية ثابتة، لكن مع انخفاض سعر الخام يستغرق سدادها وقتاً أطول. إضافة إلى ذلك، فإن تراجع أسعار النفط يجعل «إن.إن.بي.سي» توجه المزيد من النفط الخام لشركاء المشاريع المشتركة، بدءاً من الشركات الكبرى الدولية مثل شل إلى المنتجين المحليين مثل «أواندو» أو «سيبلات»، لتغطية حصة تكاليف التشغيل. وقال مصدر آخر «يجب عليك إما العثور على مزيد من النفط، أو إيجاد طريقة لإعادة التفاوض بشأن تلك الصفقات». وقالت مصادر إن من المتوقع أن تدير شركة «أواندو» التجارية النيجيرية عملية استلام الشحنات الفعلية. ولم ترد «أواندو «على طلب للتعليق. ووفقا لتقرير «أوبك» لسوق النفط لشهر مايو»أيار، افترضت أكبر دولة مصدرة للنفط في أفريقيا سعراً قدره 75 دولاراً للبرميل في ميزانيتها، بإنتاج يبلغ مليوني برميل يومياً. لكن في أبريل/نيسان، ضخت ما يقل قليلاً عن 1.5 مليون برميل يومياً.

أكسيوس: تقدُّم في موقف حماس حيال مقترح أميركي لوقف إطلاق النار في غزة
أكسيوس: تقدُّم في موقف حماس حيال مقترح أميركي لوقف إطلاق النار في غزة

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

أكسيوس: تقدُّم في موقف حماس حيال مقترح أميركي لوقف إطلاق النار في غزة

قال موقع "أكسيوس" الأميركي عبر منصة إكس، اليوم الثلاثاء، نقلاً عن مسؤولَين كبيرَين أميركي وإسرائيلي، إنه لا يتوقع حدوث انفراجة في محادثات مرتقبة هذا الأسبوع حول وقف إطلاق النار في غزة ، لكن الجهود المبذولة لإقناع حماس بتخفيف موقفها حيال مقترح تدعمه الولايات المتحدة تحرز تقدماً. ويعود ذلك جزئياً إلى تزايد ضغط الوسطاء القطريين، بحسب المسؤولين. وقال المسؤول الأميركي: "لا نتوقع تحقيق تقدم هذا الأسبوع، لكنّ هناك تقدماً بالتأكيد، ونحن أقرب مما كنّا نعتقد للتوصل إلى اتفاق". وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الاثنين، إن مفاوضات ضخمة تجرى بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس وإيران بشأن غزة، مؤكداً أن إيران مشاركة بالفعل في هذه المحادثات، ثم أضاف: "سنرى ما سيحدث. نريد استعادة الرهائن، هذا ما يمكنني إخباركم به". وكانت حركة حماس قد ردت على المقترح الأميركي حول هدنة في غزة الذي قالت واشنطن إن إسرائيل وافقت عليه، بأنه "لا يستجيب لأيٍّ من مطالب شعبنا"، ونقلت وكالة فرانس برس عن عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم أن "رد الاحتلال في جوهره يعني تأبيد الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة (حتى في فترة التهدئة المؤقتة)، ولا يستجيب لأيٍّ من مطالب شعبنا، وفي مقدمتها وقف الحرب والمجاعة". ومع ذلك، شدّد نعيم على أن "قيادة الحركة تدرس بكل مسؤولية وطنية الرد على المقترح". أخبار التحديثات الحية ترامب: نجري مفاوضات ضخمة مع إسرائيل وإيران و"حماس" بشأن غزة وعقد ترامب لساعات يوم الأحد، اجتماعاً مع كبار أعضاء فريقه للسياسة الخارجية، في كامب ديفيد، لمناقشة الاستراتيجية الأميركية بشأن الأزمة النووية الإيرانية والحرب في غزة، بحسب ما قاله مسؤولان أميركيان ومصدر آخر مطلع لموقع أكسيوس الأميركي، اليوم الثلاثاء. وقال مسؤول أميركي كبير للموقع، إن ترامب يرى أن الأزمتَين مترابطتان، وجزء من واقع إقليمي أوسع يسعى إلى تشكيله. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن اللقاء في كامب ديفيد تضمّن جلسات سياسية عدّة. وضمّ الاجتماع بشأن إيران وغزة، إلى جانب ترامب، نائبه جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي ويلز، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، ومدير وكالة الاستخبارات "سي آي إيه" تولسي غابارد، ومسؤولين آخرين كباراً، وقال ترامب، الاثنين، إن جنرالات وأدميرالات حضروا الاجتماعات أيضاً، لكنّه رفض الإفصاح عمّا جرت مناقشته.

وهم الوساطة الأميركية
وهم الوساطة الأميركية

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

وهم الوساطة الأميركية

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة في 7 أكتوبر/تشرين أوّل 2023، وما تبعها من دمار شامل وحصار خانق واستهداف للمدنيين والمراكز الصحية والتعليمية؛ ثم الإبادة الجماعية، دأبت الولايات المتحدة على تقديم نفسها بوصفها "وسيطاً" في النزاع بين إسرائيل وحركة حماس، وقد كثّفت واشنطن من تحرّكاتها الدبلوماسية، فزار مسؤولوها المنطقة مراراً، وشاركت في طروحات تفاوضية متتالية، بعضها برعاية قطر ومصر. لكن القراءة المتأنية للواقع الميداني والسياسي، تكشف أنّ الدور الأميركي لم يكن في أي لحظة وساطة نزيهة، بل كان امتداداً وظيفياً لانحياز استراتيجي تاريخي تجاه إسرائيل، وصل إلى حدّ الشراكة الفعلية في العدوان على غزّة. فمنذ الأيّام الأولى للحرب، لم تكتفِ واشنطن بالدعم السياسي والدبلوماسي لإسرائيل، بل وفّرت لها غطاءً شاملاً من مجلس الأمن الدولي، عبر استخدام حق النقض "الفيتو" لمنع صدور أيّ قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. وهو ما تكرّر عدّة مرات، في مواجهة مطالبات دولية واسعة لوقف المجازر اليومية بحق المدنيين. هذا التحيّز لم يقتصر على اللغة السياسية، بل تُرجم إلى دعم عسكري ومالي غير مسبوق، جعل من الولايات المتحدة شريكاً مباشراً في العدوان، لا مجرّد حليف تقليدي. لم يقتصر التحيّز الأميركي لإسرائيل على اللغة السياسية، بل تُرجم إلى دعم عسكري ومالي غير مسبوق وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" وتصريحات رسمية من وزارة الدفاع الأميركية، فإنّ الولايات المتحدة أنفقت منذ 7 أكتوبر/تشرين أوّل 2023 وحتى نهاية 2024 ما يقرب من (22) مليار دولار لدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية. من هذا المبلغ، خُصّصت (17.9) مليار دولار مساعدات عسكرية مباشرة لإسرائيل، تشمل معدات، وذخائر، ودعماً لوجستياً. إضافة إلى ذلك، تمّ صرف (4.86) مليارات دولار لدعم عمليات الجيش الأميركي في المنطقة، ومنها تأمين الملاحة في البحر الأحمر، ما يؤكّد أنّ واشنطن لم تكن "تدير الأزمة" بل تعمّقها بتوسيع دائرة النار. وخلال هذه الفترة، نُقل أكثر من (50) ألف طن من الأسلحة إلى إسرائيل عبر مئات الرحلات الجوية والبحرية، شملت صواريخ متطوّرة لمنظومة القبّة الحديدية، وقنابل ذكية عالية الدقة، ومروحيات هجومية، ومدرعات. وهذه الترسانة، التي تُمكّن إسرائيل من توسيع هجماتها من دون توقّف، تُموّل في جزء كبير منها من أموال دافعي الضرائب الأميركيين. واشنطن لم تكن "تدير الأزمة" بل تعمّقها بتوسيع دائرة النار في المقابل، تنشط الإدارة الأميركية في تسويق نفسها راعيةً للمفاوضات، وتتحدّث عن "حل الدولتين" و"أفق سياسي"، من دون أيّ التزام عملي بإيقاف العدوان أو دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، بل إن ما يسمّى بالمفاوضات يتم ضمن شروط إسرائيلية بالكامل، وبرعاية أميركية تفتقر لأيّ حياد. فكيف يمكن لأميركا أن تكون وسيطاً بينما تمدّ أحد أطراف النزاع بكلّ أدوات القتل والدعم السياسي، وتحرم الطرف الآخر حتى من حقّه في الحماية الدولية؟ إنّ ازدواجية المعايير التي تمارسها الولايات المتحدة لا تقتصر على الحالة الفلسطينية، فخلال المفاوضات النووية مع إيران، نجد أنّ المعيار الأميركي هو أمن إسرائيل أولاً، لا الاستقرار الإقليمي ولا مبدأ عدم الانتشار النووي، فواشنطن انسحبت من الاتفاق النووي في ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى لإرضاء إسرائيل، ووضعت شروطاً للمفاوضات الجديدة تنطلق من حماية "التفوق الإسرائيلي"! وبالمقابل، في أوكرانيا تقود جبهة دولية ضدّ ما تسميه "العدوان الروسي"، تحت شعار حماية السيادة ورفض الاحتلال، بينما تبرّر الاحتلال الإسرائيلي وتُشرعن جرائمه! هذا التناقض ليس عرضياً، بل يعكس بنية سياسية أيديولوجية تؤمن بأن أمن إسرائيل فوق القانون الدولي، وأنّ حماية التفوّق الإسرائيلي هي معيار السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. كيف يمكن لأميركا أن تكون وسيطاً بينما تمدّ أحد أطراف النزاع بكلّ أدوات القتل والدعم السياسي، وتحرم الطرف الآخر حتى من حقّه في الحماية الدولية؟ ولعل الموقف الأميركي من المحكمة الجنائية الدولية حين طالبت بإصدار مذكرات توقيف بحقّ قادة إسرائيليين بتهم تتعلّق بجرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، يكشف بوضوح موقع واشنطن، إذ هاجمت الإدارة الأميركية المحكمة، وهددّت باتخاذ إجراءات ضدّها، واعتبرت أنّ توجيه التهم لإسرائيليين "سابقة خطيرة"، في الوقت الذي تُشجّع فيه على محاكمة قادة دول أخرى! هذا الواقع يُفضي إلى نتيجة واضحة تقول إنّ الولايات المتحدة ليست وسيطاً، بل طرفٌ رئيسيٌ في النزاع، ومن ثمّ فإنّ أيّ مفاوضات تُدار تحت إشرافها ستكون امتداداً للهيمنة الإسرائيلية، لا مدخلاً لحلٍّ عادل. إنّ المطلوب اليوم هو إعادة النظر في مرجعية التفاوض، وفي طبيعة "الوسيط"، فبدلاً من القبول بالدور الأميركي بوصفه محتكراً للملف الفلسطيني، ينبغي الدفع باتجاه تدويل الوساطة، وإشراك أطراف دولية محايدة لا تخضع لهيمنة واشنطن، وتعتمد القانون الدولي مرجعيةً فعلية، كما يجب تعزيز الضغط الشعبي والدبلوماسي على الحكومات الغربية لوقف الدعم غير المشروط لإسرائيل، وفرض عقوبات على الجرائم التي تُرتكب في غزّة. كذلك، لا بدّ من دعم الجهود القضائية الدولية، خاصة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، لضمان ملاحقة المسؤولين عن الجرائم بحقّ الشعب الفلسطيني. وفي الوقت ذاته، فإنّ دعم مقاومة الفلسطينيين، بمفهومها الشامل: الشعبي، السياسي، القانوني، والحقوقي، هو واجب أخلاقي وإنساني، وهو شرط ضروري لكسر مشروع الإبادة والاستيطان الجاري. باختصار، آن الأوان لتفكيك وهم "الوساطة الأميركية"، والتعامل مع واشنطن بوصفها شريكة في العدوان، لا حَكَماً. وإذا لم يُكسر هذا الاحتكار، فإن كلّ ما يُطرح من مبادرات تفاوضية سيبقى مجرّد أدوات لتثبيت الهزيمة، لا بوّابات للخلاص!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store