
قمة ترامب وبوتين.. بارقة أمل من أجل إنهاء النزاع الروسي الأوكراني
على طاولة المحادثات، سيتناول الرئيسان ترامب وبوتين سبل إنهاء النزاع الروسي الأوكراني ، حيث سيسعى قائدا البلدين في أول لقاء مباشر منذ 2019، إلى تنحية كافة الخلافات الثنائية العالقة جانبا، والتركيز على تسوية الأزمة بين موسكو وكييف التي تلقي بظلالها على شؤون السياسة الدولية ومحاور التجارة العالمية، على أمل التوصل إلى وقف 'سريع' لإطلاق النار.
في هذا الصدد، أكد الرئيس ترامب، الاثنين الماضي، أن التوصل لاتفاق سلام بين كييف وموسكو سيقتضي 'تبادل أراض' بين البلدين. وفي حال التوصل إلى تسوية بين أوكرانيا وروسيا، فسيتمكن الرئيس الأمريكي من كسب رهان الوعد الانتخابي الذي قطعه بإنهاء هذا النزاع، وإن لم يفِ بمهلة الـ24 ساعة التي تعهد بالالتزام بها في بادئ الأمر.
ويتمثل الرهان في إيجاد مساحة للتوفيق بين وجهات النظر. ففيما تطالب موسكو بتخلي كييف رسميا عن أربع مناطق (دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، فضلا عن شبه جزيرة القرم التي ضمها الكرملين سنة 2014، تسعى أوكرانيا إلى الحفاظ على مصالحها الجيواستراتيجية والحصول على ضمانات، في تحد لرغبة واشنطن حثها على التنازل عن أراض من أجل التوصل إلى السلام.
رمزية مكان انعقاد القمة لا تقل أهمية عن الحدث، إذ أن تراب ولاية ألاسكا الأمريكية، الذي اقتنته الولايات المتحدة قبل 158 عاما من الإمبراطورية الروسية آنذاك، شكل على الدوام نقطة تلاق جغرافي واستراتيجي، حيث تقل المسافة بين بر ألاسكا وأقرب نقطة في الأراضي الروسية، عبر مضيق 'بيرينغ'، عن التسعين كيلومترا.
كما ستشكل هذه الولاية فضاء لإيجاد أرضية مشتركة للحوار والفهم المتبادل. حيث تم اختيار مدينة أنكوريدج، وتحديدا القاعدة المشتركة 'إلمندورف ريتشاردسون'، لاستضافة هذا الحدث، لما توفر من تعزيزات أمنية وعسكرية تتيح أفضل ظروف انعقاد القمة الرئاسية. هذه القاعدة العسكرية، الأكبر في ولاية ألاسكا، تضم أزيد من 32 ألف شخص، أي حوالي 10 بالمائة من سكان كبرى مدن الولاية.
خلال فترته الرئاسية الأولى، سبق للرئيس ترامب أن التقى بنظيره الروسي ست مرات، لاسيما خلال اجتماعات مجموعة العشرين ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، ما يعكس رغبة قاطن البيت الأبيض في فتح قنوات الحوار مع الغريم التقليدي للولايات المتحدة، والعمل بشكل مشترك من أجل إحلال السلام.
ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مطلع السنة الجارية، أجرى قائدا البلدين العديد من المباحثات الهاتفية، تناولت على الخصوص سبل تسوية النزاع الروسي الأوكراني. وتنوعت تصريحات الرئيس ترامب، عقب كل من هذه المباحثات، بين الترحيب بـ'حوار بناء' تارة، وبين التهديد، تارة أخرى، بتطبيق عقوبات على الجانب الروسي لعدم التوصل إلى نتائج ملموسة.
وفي أعقاب محادثة هاتفية مع بوتين في ماي الماضي، استغرقت الساعتين، كان ترامب قد صرح بأن روسيا وأوكرانيا ترغبان في إبرام اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة، معتبرا أن من شأن هذه المبادلات التجارية أن توفر 'فرصة هامة' لإحداث الوظائف والثروات. كما أبرمت الولايات المتحدة وأوكرانيا، مطلع الشهر ذاته، اتفاقا اقتصاديا يمنح واشنطن حق الوصول إلى المعادن في الأراضي الأوكرانية.
وبصفته صانعا للصفقات، سيرسي الرئيس ترامب ثقل استراتيجيته كرجل أعمال يرغب في تحقيق سلام بين روسيا وأوكرانيا، من شأنه أن يعبد السبيل أمام ازدهار محاور التجارة العالمية، وإخماد جذوة نزاع آخر على خارطة الصراعات الجيوسياسية المستعرة عبر العالم. إذ أكد قاطن البيت الأبيض، خلال مؤتمر صحافي مؤخرا، أنه تلقى دعوة من نظيره الروسي من أجل الانخراط في إيجاد تسوية للنزاع، مؤكدا بالقول: 'سأتحدث إلى فلاديمير بوتين وسأطلب منه إنهاء هذا النزاع'.
هذا النزاع، الذي أثقل كاهل سلاسل الإمدادات والأمن الغذائي العالمي، منذ نشوبه في فبراير 2022، دفع بالقوى العالمية إلى عقد سلسلة من الاجتماعات، من أجل تأمين ممر آمن لحركة الملاحة البحرية، لاسيما في البحر الأسود، أحد الممرات التجارية الهامة لصادرات المواد الغذائية والأسمدة نحو باقي العالم.
وستعقب لقاء الرئيس ترامب بفلاديمير بوتين محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقادة الأوروبيين، من أجل إطلاعهم على نتائج المحادثات مع روسيا.
وفي هذا الصدد، عبر قاطن البيت الأبيض عن الأمل في أن يتم عقد لقاء ثان يجمع كلا من بوتين وزيلينسكي.
وفي خطوة تمهيدية، تحضيرا للقمة الرئاسية، أجرى وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، مباحثات هاتفية مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، لبحث تفاصيل اللقاء. وشدد رئيس الدبلوماسية الأمريكية، في حديث للإعلام، على أن الرئيس ترامب لا يعتبر لقاءه مع نظيره الروسي بمثابة تنازل.
بدورها، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أن ترامب يريد 'الاستماع' إلى بوتين خلال القمة، التي تجري بناء على طلب الرئيس الروسي، كما تشدد على ذلك واشنطن.
وقد أكد البيت الأبيض أن اللقاء بين ترامب وبوتين سيكون بمثابة 'جلسة استماع'، مشددا على رغبة الرئيس الأمريكي في عقد لقاء مباشر مع نظيره الروسي.
من جانبها، تسعى قوى الكتلة الأوروبية إلى إيجاد موطئ قدم من خلال متابعة، عن كثب، لتفاصيل القمة المرتقبة وما ستسفر عنه من معطيات من شأنها أن تؤثر على مستقبل السياسات في القارة الأوروبية وباقي أنحاء العالم. ففي خطوة استباقية لهذا الحدث، عقد قادة أوروبيون إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اجتماعا أمس الأربعاء ببرلين، لبحث الوضع في أوكرانيا، انضم إليه الرئيس ترامب عبر الفيديو.
وتراهن الإدارة الأمريكية، من خلال استضافة قمة ألاسكا، على التوصل إلى اتفاق يحظى بتوافق القوى الأوروبية، وتحقيق سلام بين روسيا وأوكرانيا يجلب فرصا اقتصادية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


برلمان
منذ 2 ساعات
- برلمان
قمة تاريخية بين ترامب وبوتين في ألاسكا
الخط : A- A+ إستمع للمقال استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة 15 غشت الجاري، في قاعدة عسكرية بألاسكا، حيث بدأ الاستقبال عند مدرج المطار، حيث تصافح الرئيسان بحرارة قبل التوجه لعقد المحادثات. وكان من المخطط أن يجري ترامب لقاء منفردا مع بوتين، إلا أن البيت الأبيض أعلن عن تغيير في برنامج القمة لتصبح الاجتماعات بحضور مساعدي الزعيمين. من الجانب الأمريكي حضر وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، بينما رافق بوتين وزير خارجيته سيرغي لافروف ومساعده يوري أوشاكوف. وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض إن إضافة المساعدين إلى الاجتماع يهدف إلى تحقيق قدر أكبر من الشفافية وتسجيل ملاحظات دقيقة حول ما سيُناقش، وهو ما قد يقلل من أي اختلاف في الروايات بين الجانبين الروسي والأمريكي بعد انتهاء القمة. وأكدت الشبكة الأمريكية 'سي إن إن' أن وجود مساعدين خلال القمة يعد خطوة مهمة مقارنة باللقاءات السابقة بين ترامب وبوتين، التي غالبًا ما كانت تقتصر على حضور مترجم واحد فقط، مما جعل تتبع ما دار فيها بدقة أمرًا صعبًا على المسؤولين الأمريكيين.


كش 24
منذ 2 ساعات
- كش 24
ترامب قبل قمته مع بوتين: 'الرهانات كبيرة'
نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليقا في موقع "تروث سوشيال" قبل توجهه إلى لقاء القمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا اليوم كتب فيه: "الرهانات كبيرة". وجاء ذلك، فيما أعلن المكتب الصحفي للبيت الأبيض أن ترامب غادر البيت الأبيض إلى قاعدة أندروز الجوية ليتوجه منها إلى القمة المقررة مع بوتين. وقال البيت الأبيض إن 16 مسؤولا يرافقون الرئيس ترامب إلى قمة ألاسكا بينهم وزراء الخارجية والخزانة والتجارة. وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" في وقت سابق اليوم، أن قمة ألاسكا ستمثل انتصارا لروسيا حتى لو لم تحرز أي تقدم في الملف الأوكراني. وأضافت الصحيفة أن المفاوضات بحد ذاتها "تمنح بوتين فرصة للتأثير على ترامب شخصيا". بدورها كتبت صحيفة "واشنطن بوست" أمس الخميس أن روسيا نجحت في إعادة بناء النظام العالمي حتى قبل قمة ألاسكا. وقالت إن "قمة ألاسكا لم تكن الانتصار المهم الوحيد لبوتين الذي تجنب تهديد ترامب بفرض عقوبات اقتصادية صارمة على مستوردي النفط الروسي وتهرب من دعوات وقف إطلاق النار، حتى عاد ترامب إلى إلقاء اللوم على زيلينسكي في الحرب". واعتبرت أن "مشهد اجتماع ألاسكا يعزز هدف بوتين الراسخ المتمثل في إعادة بناء روسيا كإحدى القوى العالمية الكبرى القليلة ذات مناطق النفوذ المشروعة، كما يحقق هدفه التكتيكي المتمثل في عقد لقاء ثنائي لاستقطاب ترامب والتلاعب به".


المغرب اليوم
منذ 3 ساعات
- المغرب اليوم
ترامب يعرض على بوتين حوافز اقتصادية وموارد استراتيجية لإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال قمة ألاسكا
يعقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قمة في ألاسكا الجمعة، ستكون الحرب في أوكرانيا الأبرز على جدول أعمالها. وفيما تتجه أنظار العالم أجمع إلى القمة، يحمل ترامب معه عدداً من الفرص المربحة لبوتين، وفق صحيفة "التلغراف" البريطانية. أميركا مفارقة غريبة.. قاعدة عملت ضد الروس ستجمع ترامب ببوتين إذ تشمل هذه الفرص فتح موارد ألاسكا الطبيعية أمام موسكو، ورفع بعض العقوبات الأميركية المفروضة على صناعة الطيران الروسية. كما قد يتيح ترامب لبوتين إمكانية الوصول إلى المعادن النادرة في المناطق الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا حالياً، لتحفيزه على إنهاء الحرب. الليثيوم ويُعتقد أن أوكرانيا تمتلك 10% من احتياطيات العالم من الليثيوم، المستخدم في إنتاج البطاريات. كذلك تقع اثنتان من أكبر رواسب الليثيوم لديها في مناطق تسيطر عليها روسيا. في السياق، أوضح مصدر مطلع أن هناك مجموعة من الحوافز، قد يكون من بينها صفقة محتملة للمعادن النادرة. صيانة الطائرات الروسية وتشمل الحوافز الأميركية الأخرى رفع حظر تصدير قطع الغيار والمعدات اللازمة لصيانة الطائرات الروسية، التي تضررت أجزاء كبيرة منها بشدة. فقد قيدت الدول الغربية وصول موسكو إلى قطع الغيار والمعدات الأساسية الأخرى منذ عمليتها العسكرية في أوكرانيا والتي بدأت سنة 2022، ما أجبر شركات الطيران والجيش الروسيين على استغلال الطائرات القديمة للحصول على قطع غيار بديلة. كما أشار رئيس شركة "روستيك" الروسية الحكومية العملاقة، سيرغي تشيميزوف، هذا العام إلى أن ما يقرب من 30% من الطائرات الروسية غربية الصنع، والتي لا تخضع للصيانة، قد تتوقف عن العمل خلال السنوات الخمس المقبلة. لذا قد يكون رفع العقوبات عن الطائرات الروسية مربحاً لشركة بوينغ الأميركية المصنعة للطائرات. فمع أسطول يضم أكثر من 700 طائرة تهيمن عليها إيرباص وبوينغ، يمكن لشركات الطيران الروسية العودة إلى الموردين الأميركيين للحصول على قطع الغيار والصيانة الأساسية. مضيق بيرينغ إلى ذلك يدرس ترامب أيضاً منح روسيا فرصاً للاستفادة من الموارد الطبيعية القيّمة في مضيق بيرينغ الذي يفصلها عن الولايات المتحدة. وتشير التقديرات إلى أن ألاسكا، التي يفصلها عن روسيا 3 أميال فقط من مضيق بيرينغ، تحتوي على احتياطيات كبيرة من النفط والغاز غير المكتشفة، بما في ذلك 13% من نفط العالم. بالتالي من شأن تطوير الوجود الروسي في المضيق أن يعزز المصالح الاستراتيجية لبوتين في منطقة القطب الشمالي، التي شكلت 80% من إنتاج بلاده من الغاز عام 2022. من جانبها رأت مصادر حكومية بريطانية في تصريحات لـ"التلغراف" أن مثل هذه الحوافز قد تكون مقبولة لدى أوروبا طالما أنها لا تُعتبر مكافأة لروسيا". يذكر أن القمة هي الأولى بين رئيسين أميركي وروسي منذ أكثر من 4 أعوام، وستكون محط متابعة أطراف عدة تتقدمها كييف وحلفاؤها الأوروبيون الذين يخشون إبرام أي تسوية على حساب أوكرانيا ، في غياب رئيسها فولوديمير زيلينسكي غير المدعو إلى حضور اللقاء الذي يعقد في قاعدة جوية أميركية في ألاسكا تعود إلى حقبة الحرب الباردة.