
تقرير استراتيجي تحليلي .. تحولات سعر صرف الريال اليمني في المناطق الجنوبية
إعادة تقييم السياسة النقدية في اليمن: بين التدخلات السياسية وإصلاحات اقتصادية غائبة
التحولات النقدية المفاجئة لسعر الصرف . . هل هي نجاح اقتصادي أم مجرد مناورة سياسية؟
شهد اليمن منذ عام 2015 تحولًا عميقًا في سياسته النقدية، نتيجة للنزاع المسلح والانقسام الذي خلفته الحرب. وتوزعت السلطة النقدية بين حكومتين متنافستين: إحداهما في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، والأخرى في عدن تحت الحكومة المعترف بها دوليًا.
هذا الانقسام أدى إلى انقسام اقتصادي داخلي، مع تباين حاد في أسعار الصرف وسياسات مالية متناقضة، ما جعل الاقتصاد يعاني من خلل بنيوي عميق.
التحولات النقدية المفاجئة: هل هي نجاح اقتصادي أم مجرد مناورة سياسية؟
في منتصف يوليو 2025، شهد الريال السعودي في عدن تراجعًا مفاجئًا من 750 ريالًا إلى ما دون 400 ريال في فترة قصيرة، قبل أن يعود للارتفاع تدريجيًا ليستقر بين 400 و450 ريالًا. هذا التراجع تم الترويج له كإنجاز اقتصادي من بعض الأطراف الحكومية، دون تقديم توضيحات تقنية أو تقارير رسمية تبرر هذا التحول المفاجئ أي أن القراءة الاقتصادية البحتة تكشف عن غياب المبررات الموضوعية لهذا الهبوط المفاجئ
إذ لا يوجد تحسن في الصادرات النفطية، ولم تشهد الأسواق أي انخفاض ملحوظ في أسعار السلع الأساسية ، والتفسير الأقرب هو أن هذا التحول كان محاولة سياسية لتخفيف الضغط الشعبي في ظل الاحتجاجات المتصاعدة.
أسباب الهبوط المفاجئ: بين التحليل الشعبي والتدخل السياسي
شهدت مدن حضرموت وعدن احتجاجات شعبية غاضبة بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات الأساسية، ما فرض ضغطًا على الحكومة لتخفيف الاحتقان الشعبي .
هذا الهبوط المفاجئ في قيمة العملة كان نتاجًا لتدخلات سياسية غير مدروسة، حيث تم اتخاذ قرارات فوقية دون خطط مالية واضحة. والأسواق التجارية، في المقابل، لم تعترف بهذا التغير، بل استمرت في التعامل بأسعار السوق السوداء، ما يعكس أزمة ثقة عميقة بين الحكومة والسوق.
التحديات المرتبطة بالأسواق الرسمية وغير الرسمية :
بينما الحكومة تحاول فرض سياسة سعر موحد، رفض العديد من التجار التعامل بسعر البنك المركزي، متخذين من السوق السوداء مرجعًا لهم.
هذه الفجوة بين السياسة النقدية والتسعير التجاري تعكس ضعف العلاقة بين المؤسسات الحكومية وقطاع الأعمال، وهو ما يفاقم أزمة الثقة تؤكد أن المشكلة لم تعد في السعر وحده ، بل في منظومة الحوكمة الاقتصادية برمتها .
إصلاحات نقدية حقيقية: ما الذي يجب فعله؟
لإعادة الاستقرار للسياسة النقدية في الجنوب، يجب أن تشمل الإصلاحات إعادة هيكلة البنك المركزي بشكل جذري وتفكيك شبكات الفساد التي تعشعش فيه. كما يجب تفعيل الرقابة المالية على المنافذ والموانئ، وإعادة تشغيل صادرات النفط والغاز تحت إدارة وطنية مستقلة، وتفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ، وإعادة بناء قدرته على التحقيق والتدقيق ، وإطلاق مشروع ربط إليكتروني شامل بين الموانئ والمنافذ المالية ، لإحكام السيطرة على الإيرادات العامة.
ومن الضروري أن تكون السياسة النقدية مستقلة عن النزاع السياسي، وأن تركز على مؤشرات اقتصادية حقيقية، مع إشراك المجتمع المدني وممثلي الحراك المدني في رسم أولويات سياسات الاقتصادية .
ضرورة التحول إلى إصلاحات اقتصادية حقيقية :
ما شهده الجنوب اليمني من تراجع سريع في سعر صرف الريال ليس أكثر من رد فعل سياسي مؤقت استجابة لضغط شعبي. ورغم محاولات تهدئة الأوضاع، إلا أن غياب الشفافية وعدم وجود إصلاحات حقيقية في النظام النقدي يعرض الاقتصاد لمخاطر أكبر. الدرس الأهم هو أن الشارع الجنوبي لم يعد مجرد متلقٍ سلبي بل أصبح فاعلاً ضاغطًا على القرار الاقتصادي، وهو بحاجة إلى تنظيم لتحويل هذه الضغوط إلى قوة إصلاحية حقيقية على المدى الطويل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 13 دقائق
- اليمن الآن
إيران تحذف 4 أصفار من عملتها الوطنية
أقرت حكومة إيران مشروع قانون إزالة 4 أصفار من العملة الوطنية بأغلبية أصوات أعضائه بعد المناقشة والمراجعة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا). وحذف الأصفار إجراء يستبدل فيه البنك المركزي العملة القديمة بأخرى جديدة ذات قيمة اسمية أقل، بحيث تتم إزالة عدد من الأصفار من العملة بلا تغيير في القيمة الحقيقية. ويعني حذف 4 أصفار أن كل ريال إيراني جديد سيساوي 10 آلاف ريال من الريال الحالي المتداول. تراجع الريال تراجع الريال الإيراني بصورة كبيرة مقابل الدولار بعد تطبيق العقوبات الاقتصادية، وتطبيق سياسات نقدية متعثرة، فضلا عن التوترات الجيوسياسية التي شملت مؤخرا حربا مع إسرائيل. وتراجع الريال مقابل الدولار خلال العام الحالي إلى حوالي 925 ألف ريال في السوق الموازية. كان رئيس البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزین، قال في مايو/أيار الماضي إن حذف 4 أصفار من العملة الوطنية يُعتبر من الأولويات التي يسعى البنك لتحقيقها هذا العام. وأشار فرزين حينها إلى جهود حكومية إيرانية لكبح التضخم وزيادة السيولة النقدية، وأكد أن حذف الأصفار الأربعة من العملة الوطنية يُعتبر جزءا من برنامج إصلاح النظام النقدي الذي يتم العمل عليه بجدية.


اليمن الآن
منذ 43 دقائق
- اليمن الآن
تخفيض رابع لأسعار الوقود في عدن خلال أيام
تخفيض رابع لأسعار الوقود في عدن خلال أيام في خطوة جديدة تعكس التحسن الملحوظ في سعر صرف العملة المحلية، أعلنت شركة النفط اليمنية – فرع عدن، عن تخفيض جديد لأسعار المشتقات النفطية، هو الرابع خلال فترة وجيزة، على أن يبدأ العمل به فجر الأربعاء الموافق 13 أغسطس 2025. التخفيض يشمل جميع المحطات الحكومية والأهلية في محافظات عدن، لحج، أبين، والضالع، ويغطي كافة أنواع الوقود، حيث جاء على النحو التالي: الديزل: أصبح سعر اللتر للوكلاء 1140 ريالًا، وللمستهلك 1200 ريال، بعد أن كان 1550 ريالًا، بتخفيض قدره 350 ريالًا للتر. البنزين المحلي (المحسن): للوكلاء 972.5 ريالًا، وللمستهلك 1015 ريالًا، بعد أن كان 1350 ريالًا، بتخفيض 335 ريالًا للتر. البنزين المستورد: للوكلاء 1140 ريالًا، وللمستهلك 1190 ريالًا، بعد أن كان 1550 ريالًا، بتخفيض 360 ريالًا للتر. هذه التخفيضات، التي تعد الرابعة في فترة قصيرة، تمثل بارقة أمل للمواطنين، وتنعكس بشكل مباشر على تكاليف النقل وأسعار السلع، وسط توقعات بأن تستمر الأسعار في الانخفاض إذا واصل الريال اليمني تحسنه أمام العملات الأجنبية.


اليمن الآن
منذ 43 دقائق
- اليمن الآن
أسواق عدن اليوم: تفاوت واضح في أسعار الأسماك
انضم إلى قناتنا على واتساب شمسان بوست / خاص: سجلت أسواق الأسماك في العاصمة عدن اليوم الأربعاء، 13 أغسطس 2025م، اختلافات ملحوظة في الأسعار بحسب نوع كل صنف، حيث تأثرت الأسعار بتوفر الصيد والطلب في السوق المحلية. وجاءت أسعار بعض الأصناف الرئيسية كالتالي: ثمد: 16,000 ريال يمني للكيلو. بياض: 14,000 ريال يمني للكيلو. السخلة: 21,000 ريال يمني للكيلو. ديرك: 24,000 ريال يمني للكيلو. وأشار عدد من تجار الأسماك إلى أن الأسعار تتغير يومياً بحسب حجم الصيد وكثافة الطلب، مؤكدين أن بعض الأصناف شهدت ارتفاعاً في الأيام الأخيرة نتيجة زيادة الطلب وقلة المعروض في الأسواق. في المقابل، طالب مواطنون الجهات المختصة بوضع حلول عاجلة للحد من ارتفاع أسعار الأسماك، مؤكدين أن الأسعار المرتفعة تؤثر بشكل مباشر على الأسر ذات الدخل المحدود، مطالبين بتدخل سريع لتنظيم السوق وضبط الأسعار بما يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين.