
التطهير الروسي.. كيف تغير بوتين بعد تمرد فاغنر؟
سيطرت فاغنر أولا على مدينة روستوف، كبرى مدن الجنوب الروسي، حيث تتمركز قيادة العمليات العسكرية في أوكرانيا، ثم تمدد التمرد إلى مدينة فورونيج، ولم تعد تفصل قوات بريغوجين عن العاصمة موسكو سوى ساعات قليلة. وبينما تتقدم المدرعات على طرق البلاد، بدا كأنّ روسيا تنتظر انقلابا شاملا أو حربا داخلية طاحنة.
بحسب رواية فاغنر اللاحقة، لم يكن التمرد طمعا في الحكم، بل كان غضبا من قادة الجيش الذين حرموا مقاتليها من العتاد، وعرقلوا تحركاتها بتعقيدات بيروقراطية، وقصفوا مواقعها في أوكرانيا كما تقول.
بيْد أن صدمة العالم لم تدم طويلا؛ فما كاد الخبر ينتشر حتى جاءت أنباء تراجع المتمردين، وسرعان ما ظهر رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو ، ليكون وسيطا في اتفاق غامض مفادُه إسقاط التهم عن بريغوجين، ومنحه اللجوء إلى بيلاروسيا، وكأن التمرد قد أُطفئ في مهده.
وفي يوم 26 من الشهر نفسه، أطل بريغوجين في تسجيل صوتي أكد فيه أن ما حدث لم يكن انقلابا، بل "مسيرة احتجاجية" لحماية فاغنر، ولمحاسبة القادة العسكريين الذين تسببوا في كوارث ميدانية بأوكرانيا، بحسب وصفه.
بعدها بيومين فقط، كتب المؤرخ العسكري ألكسندر بيرنز، أستاذ التاريخ بجامعة فرانسيسكان الأميركية، مقالة مطولة على منصة "War on the Rocks"، سعى فيها لقراءة تمرد فاغنر من منظور تاريخي مختلف، إذ رأى بيرنز أن ما فعله بريغوجين كان مشابها لاحتجاجات العصور الوسطى، حين كان الغضب الشعبي يُوجَّه دوما إلى الحاشية الفاسدة لا إلى الملك. فمطالب بريغوجين لم تمس بوتين، بل اقتصرت على إقالة وزير الدفاع، سيرغي شويغو ، ورئيس الأركان، فاليري غيراسيموف.
وفي هذا السياق، استحضر بيرنز مقارنة لافتة مع مشهد من تاريخ إنجلترا القديم، حين ثار الفلاحون الكاثوليك عام 1536 ضد إصلاحات هنري الثامن. لم يتهموا الملك، بل ألقوا اللوم على مستشاريه. يومها، وعدهم الملك بالعفو والحوار، ثم بعد أن انفض التمرد، أمر بإعدام نحو 200 من قادته.
تلك المفارقة، كما ختم بيرنز مقاله، كانت بمنزلة نبوءة سوداء. فبعد شهرين فقط، وفي أغسطس/آب 2023، سقطت طائرة كانت تقل يفغيني بريغوجين وعددا من قادة فاغنر، لتُطوى صفحة تمرده بطريقة شديدة الشبه بذلك التاريخ البعيد.
فاغنر بعد بريغوجين
لم تمر سوى أسابيع على سقوط الطائرة التي كانت تقل بريغوجين حتى بدأت تتشكّل ملامح ما بعد فاغنر. لم يكن موت قائدها نهاية فصل طارئ فحسب، بل بداية إعادة ترتيب دقيقة للنفوذ الذي خلّفه. تحركت الدولة الروسية بسرعة لسحب الخيوط، واحتواء الكيان الذي خرج عن الطاعة ولو ليوم واحد.
وبحسب ما قاله مسؤول سابق في مجموعة فاغنر لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فقد جرى دمج عناصر فاغنر الناشطين في أوكرانيا داخل وزارة الدفاع الروسية بعد مقتل قائدهم.
أما سورشا ماكوليد، عضوة مجموعة العمل الأممية المعنية بالمرتزقة، والمحاضرة في جامعة كوبنهاغن، فقد صرحت لـ"بي بي سي" بأن فاغنر لم تعد قائمة بالصيغة التي كانت عليها، وإن كانت نسخٌ مشتتةٌ منها لا تزال تواصل العمل، لكن دون تركُّز القرار في يد رجل واحد كما كان الحال في عهد بريغوجين.
ويشير مسؤولون في الاستخبارات البريطانية إلى أن بعض وحدات المشاة التابعة لفاغنر قد أُدمجت لاحقا في الحرس الوطني الروسي.
أما في أفريقيا فيبدو أن الصورة تختلف قليلا، فواحدة من النقاط القليلة التي حُسمت بين بوتين وبريغوجين عقب التمرد هي الاتفاق على تركيز نشاط فاغنر في القارة السمراء.
وقد تشكل هذا النشاط في شقين مترابطين في أغلب الأحيان؛ أولهما تأمين الموارد لموسكو، وثانيهما دعم الأنظمة الحليفة. ويبدو أن هذا التفاهم تحديدا هو من الاتفاقات القليلة التي ظلت قائمة بعد مقتل بريغوجين في حادثة الطائرة.
وتنقل "بي بي سي" عن مصادرها أن نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، الذي يُعد اليوم أحد أبرز أذرع الكرملين في أفريقيا، أجرى جولات دبلوماسية في عدد من العواصم الأفريقية بعد وفاة بريغوجين، لتأكيد التزام موسكو بالاستمرار في تقديم الخدمات نفسها التي كانت توفرها فاغنر دون انقطاع.
وقد لاحظ المعهد البولندي للشؤون الدولية أن النشاط الروسي في أفريقيا لم يتراجع بعد التمرد، بل ازداد قوة وانتشارا.
أما صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية فقد أشارت إلى أنه رغم خضوع نشاط فاغنر في الداخل الروسي لسيطرة الدولة بشكل شبه كامل بعد تمرد بريغوجين ووفاته، فإن الوضع في أفريقيا مختلف، إذ لا تزال فاغنر تحتفظ بهيكلها وأسلوبها القديم هناك.
ورغم أن روسيا أعلنت رسميا أنها استبدلت بها ما يسمى "فيلق أفريقيا"، التابع للجيش المركزي مباشرة، فإن الصحيفة ترى أن هذا التغيير كان شكليا ومحدودا، وأنه لم تحدث إعادة هيكلة فعلية، فما زالت فاغنر حاضرة باسمها ونفوذها في الميدان.
وتتفق "بي بي سي" و"ذي إيكونوميست" على أن الوجود الأبرز لفاغنر في القارة يتمركز اليوم في جمهورية أفريقيا الوسطى.
ونقلت مصادر بريطانية عن مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية أن فاغنر هناك ما زالت تعمل بهياكلها التقليدية، وتحت إشراف نجل بريغوجين ذاته.
وتضيف "ذي إيكونوميست" أن المجموعة وسّعت من حضورها هناك، وتعمل حاليا على تطوير قاعدة عسكرية يُنتظر أن تستوعب 10 آلاف جندي بحلول عام 2030، لتكون بمنزلة المركز الرئيسي للعمليات العسكرية الروسية في القارة.
كما تلفت الصحيفة النظر أيضا إلى أن ثمة تحولا نوعيا قد طرأ على فاغنر الأفريقية؛ فلم تعد ذات طابعٍ عسكري بحت كما كانت أيام بريغوجين، ولم تعد على مسافة بعيدة من الدولة الروسية، بل باتت تُوكل لها مهمات دبلوماسية في القارة نيابة عن الدولة.
وبينما كان لبريغوجين سابقا حرية شبه مطلقة في التحرك والاستثمار -من تجارة الألماس إلى صناعة الجعّة- باتت المجموعةُ اليوم خاضعةً بشكل مركزي ومباشرٍ لسلطة الكرملين، وبمساحة حرية أضيق بكثير من تلك التي تمتّع بها قائدها السابق.
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الأوكرانية "آر بي سي" عما قالت إنها تقارير استخباراتية بريطانية أن فاغنر ما زالت تحتفظ بانتشارات عسكرية مستقلة في كلٍّ من بيلاروسيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وفي قراءة تحليلية لمركز كارنيغي لروسيا وأوراسيا (مقره في برلين)، كان تمرد فاغنر إشارةً إلى خلل عميق في طريقة حكم بوتين. فرغم الصورة النمطية للزعيم الروسي بوصفه حاكما قويا بقبضة حديدية، كان بوتين، بحسب الدراسة، منشغلا بالتفاصيل الصغيرة والمناورات التكتيكية، على حساب القرارات الكبرى والاهتمام بالتوجهات الإستراتيجية والصورة الكلية.
فقبل وقوع التمرد بعام، كان الصراع بين وزارة الدفاع وبريغوجين في تصاعد مستمر، ومع ذلك لم يتخذ بوتين قرارا حاسما لإنهائه، بل فضَّل المراوحة بين طرفي النزاع، حيث اعتمد من ناحية على إيمانه بولاء بريغوجين الشخصي له، وعلى إظهار الدعم لوزارة الدفاع من ناحية أخرى، تاركا الصراع يتمدد وتستفحل آثاره.
لكن رغم هذا التوصيف الناقد، فإن نظرة متأنية على ما جرى بعد عامين من التمرد تكشف أن بوتين قد تمكَّن من احتواء الأزمة دون أن تلحق به خسائر كبيرة، بل ربما يكون التمرد قد دفعه إلى إعادة صياغة السياسات الحاكمة للنخبة الأمنية الروسية بشكل أعمق وأكثر انضباطا.
كيف غيّر التمرد في روسيا؟
لا شك أن قصة يفغيني بريغوجين كانت فريدة في سياق المركزية الأمنية الروسية، واستثناءً نادرا من فلاديمير بوتين.
لم يحدث من قبلُ أن امتلك رجل واحد هذا القدر من النفوذ العسكري والإعلامي والمالي والسياسي في موسكو، وقد مُنح كل ذلك بثقة مطلقة من بوتين، الذي كان يرى في ولاء بريغوجين الشخصي ضمانا كافيا، إلى جانب الحاجة الماسة إلى قوات فاغنر في الحرب البرية ضد أوكرانيا.
يتفق مع هذه الخلاصة الباحث نيكولاي بتروف، المتخصص في الشؤون الروسية بمركز تشاتام هاوس. لكن بوتين، وفقا لبتروف، تعلّم من هذا الخطأ، فبدأ منذ ذلك الحين بفرض سيطرة مباشرة ودائمة على جميع اللاعبين داخل أركان النظام، وبدا أكثر حرصا على توزيع الموارد والمناصب استنادا إلى معيار الولاء، دون أن يُترك لأي فرد هامشٌ واسع من النفوذ.
كما أجرى تغييرات واسعة في البنية العسكرية، ففي عام 2024، أقال بوتين وزير دفاعه سيرغي شويغو، وعيّن مكانه أندريه بيلوسوف ، وهو تكنوقراطي وخبير اقتصادي، في خطوة بدا فيها حذِرا من تعيين شخصيات ذات كاريزما قوية في مواقع حساسة.
وتشير صحيفة "ذا جيروزاليم بوست" إلى أن بوتين، الذي بدا مهددا بشكل غير مسبوق خلال تمرد فاغنر، خرج منه أكثر استقرارا وأمانا من أي وقت مضى.
أما مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، فقد رأت في تحليلها أن تمرد بريغوجين كشف لبوتين مصدر الخطر الحقيقي على نظامه؛ ليس الشارع، بل النخبة ذاتها.
ومنذ تلك اللحظة، أصبح جزء كبير من تركيز الكرملين منصبا على إدارة النخبة الروسية من الداخل، من خلال إعادة تشكيلها، واستبدال بعض رموزها، وتهميش آخرين. فبدأ بوتين بإقصاء عدد من رجال الأعمال والبيروقراطيين والشخصيات السياسية، واستبدال مُوالين أوفياء بهم.
وفي فبراير/شباط 2024، أطلق بوتين، خلافا لرغبة كثير من المسؤولين، برنامجا يستهدف دمج كبار المحاربين القدامى الموالين له في مفاصل الدولة، وتَولّيهم مناصبَ سياسية وأمنية بارزة. كما شملت إجراءاتُه اعتقال سبعة جنرالات، وإقالة شخصيات وازنة داخل المؤسسة العسكرية.
وفي موازاة ذلك، ومع تصاعد التحديات الاقتصادية الناتجة عن الحرب، ضاق الخناق أكثر على النخبة المالية والتجارية. فمنذ مارس/آذار 2024، بدأت الدولة في تأميم واسع النطاق طال أكثر من 411 شركة روسية وأجنبية، بقيمة تقدّر بنحو 30 مليار دولار، أي ما يعادل 5% من إجمالي رأس مال بورصة موسكو.
ووفقا لـ"فورين أفيرز"، بات التأميم أداة بيد الكرملين لإجبار رواد الأعمال على التخلي عن ممتلكاتهم، من أجل منع تركز الثروة في أيدٍ قليلة، في ظل صعود خطاب "الاشتراكية الوطنية" بين حلفاء بوتين، وتصاعد الهجوم على رجال الأعمال باعتبارهم مصدر تهديد داخلي.
وقد شملت هذه الحملة الملياردير فاديم موشكوفيتش، مالك أكبر تكتل زراعي في البلاد، الذي اعتقلته السلطات.
كما وضعت الدولة يدها على وكالات وقطاعات إستراتيجية، مثل وكالة "رولف" للسيارات، وأكبر شركة تجزئة إلكترونية، إضافة إلى تأميم مطار دوموديدوفو في موسكو. في الوقت نفسه، وسعت مجموعة "روسكيم" المقربة من الكرملين من سيطرتها على قطاع الصناعات الكيميائية.
وترى "فورين أفيرز" أن هذه التحولات، المترافقة مع الحرب وتمرد فاغنر، دفعت الدولة الروسية إلى الاقتراب أكثر من النموذج الكوري الشمالي، حيث باتت القبضة أشد، والرقابة أوسع، والتدخل الأيديولوجي أعمق.
وتصف تقارير غربية كثيرة هذه المرحلة من حكم بوتين بأنها "البوتينية المتوحشة"، في إشارة إلى مستوى القمع الذي وصل، بحسبها، إلى معدلات غير مسبوقة منذ الحقبة السوفيتية.
وتستشهد بعض هذه التقارير بقضية أوليغ أورلوف، الناشط الحقوقي الذي حُكم عليه بالسجن في فبراير/شباط 2024 بتهمة "كراهية القيم التقليدية"، فيما يبدو أنها تهمة عبثية للغاية. ونقل مركز "كارنيغي" في إحدى ملاحظاته أن "الجميع في روسيا اليوم لا يعرف ما الذي يحمله له الغد، وأن الاعتقال بات احتمالا قائما لأي شخص، بغض النظر عن رتبته أو موقعه".
كما تشير مصادر متعددة إلى أن التدخل في القطاع التعليمي والإعلامي قد تصاعد خلال العامين الماضيين، في محاولة لصياغة جيل يتناغم مع رؤية بوتين ونظامه، من خلال المناهج، ومضامين الإعلام، وأدوات التنشئة الثقافية.
لكن بصرف النظر عن النظرة الغربية التي تصف التحولات الجارية باعتبارها قمعا مفرطا، فإن المؤكد أن تمرد فاغنر لعب دورا حاسما في إعادة ضبط الدولة الروسية من داخلها.
لقد أدرك بوتين بعده خطورة ترك النفوذ يتجمع في يد واحدة، مهما بدا ولاؤها، وخرج من التجربة أكثر وعيا بمكامن الضعف في نظامه، وأكثر تشددا في إحكام سيطرته على مفاصله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الجيش الأوكراني: أكثر من مليون قتيل وجريح روسي منذ بداية الحرب
أحصى الجيش الأوكراني ارتفاع عدد قتلى وجرحى العسكريين الروس منذ بداية ا لحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022 إلى نحو مليون و33 ألفا و930 فردا، من بينهم 1240 قتلوا أو أصيبوا خلال الساعات الـ24 الماضية وفق بيان صدر من هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية. وفي أحدث التطورات، قالت القوات الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 20 مسيّرة روسية الليلة الماضية من بين 60 هاجمت مناطق أوكرانية عدة الليلة الماضية. وفي موسكو، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إسقاط 36 مسيّرة أوكرانية خلال الليلة الماضية، في حين أعلن حاكم بيلغورود إصابة شخصين في هجوم بمسيّرة أوكرانية استهدفت منزلا بالمقاطعة. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022 تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا ، وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في بيان لها أوردته وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية (يوكرينفورم) اليوم الأحد إن قواتها "دمرت منذ بداية الحرب 11 ألفا و16 دبابة، منها 3 دبابات أمس السبت و22 ألفا و983 مركبة قتالية مدرعة و30 ألفا و243 نظام مدفعية و1438 من أنظمة راجمات الصواريخ متعددة الإطلاق و1194 من أنظمة الدفاع الجوي". وأضاف البيان أنه تم أيضا "تدمير 421 طائرة حربية و340 مروحية و45 ألفا و511 طائرة مسيرة و3491 صاروخ كروز و28 سفينة حربية وغواصة واحدة و54 ألفا و923 مركبة وخزان وقود و3929 من وحدات المعدات الخاصة". ويتعذر التحقق من هذه البيانات من مصدر مستقل. وأمس السبت، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن روسيا شنت خلال الليل السابق هجوما واسعا على بلاده بإطلاق 597 مسيّرة و26 صاروخا بعيد المدى، داعيا إلى فرض عقوبات على موسكو التي كثفت ضرباتها في الأسابيع الأخيرة. وأعلن سلاح الجو الأوكراني أنه أسقط 319 مسيّرة من طراز "شاهد" و25 صاروخا، مشيرا إلى إصابة 5 مواقع بصاروخ واحد ونحو 20 مسيّرة، دون تقديم تفاصيل إضافية.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
ستالينغراد المعركة التي سقط فيها أكثر من مليوني قتيل
تعد معركة ستالينغراد بين قوات الاتحاد السوفياتي والقوات النازية الألمانية، التي التي تمر ذكراها السنوية الـ83 هذه الأيام، من أكثر المعارك دموية في الحربين العالميتين الأولى والثانية. بدأت المعركة في 17 يوليو/تموز 1942 واستمرت حتى الثاني من فبراير/شباط 1943، وتكبد فيها الجيشان السوفياتي والألماني خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، ودمرت خلالها المدينة بالكامل. وقد بلغت الخسائر البشرية في معركة ستالينغراد أكثر من مليوني قتيل، مما يصنفها كإحدى أكبر المعارك دموية في تاريخ الحروب، إلا أنها شكلت منعطفا تاريخيا في مسار الحرب جعلها تكتسب أهمية كبرى في أوروبا والعالم. بعد ذلك، أصبحت مدينة "ستالينغراد"، التي أعيد تسميتها عام 1961 لتصبح فولغوغراد، ضمن المدن الروسية البطلة، ومنحت ميداليات وأوسمة الشرف والدفاع عن الوطن لأكثر من 700 ألف مشارك في المعركة. معركة غيرت مسار حروب العالم شكلت معركة "ستالينغراد" نقطة تحول ليس فقط في حرب روسيا ، ولكن أيضا في الحرب العالمية الثانية بأكملها، فمئتا يوم كانت كفيلة بتغيير مسار الحرب كليا وتدمير وقتل الملايين من البشر. وقد تم تقسيمها إلى مرحلتين رئيسيتين، المرحلة الأولى كانت من 17 يوليو/تموز إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1942، وكانت المعارك فيها دفاعية من قبل القوات الروسية في مواجهة القوات الألمانية، وبينما تضمنت المرحلة الثانية عمليات هجومية مضادة للقوات الروسية، وبدأت من 19 نوفمبر/تشرين الثاني إلى الثاني من فبراير/شباط 1943. لم تكن مطامع الزعيم الألماني أدولف هتلر في منطقة ستالينغراد تقتصر على السيطرة عليها باعتبارها أهم مركز تصنيع عسكري للاتحاد السوفياتي آنذاك، والسيطرة على نهر الفولغا والدون والمناطق الجنوبية الغنية بالنفط، بل أيضا لكونها تحمل اسم زعيم الاتحاد السوفياتي، جوزيف ستالين ، الذي لم يكن يوما يتفق معه، بل كان عدوه اللدود. فقد كان هتلر يعتقد أن الاستيلاء على هذه المدينة (فولغوغراد حاليا) تحديدا سيشكل ضربة موجعة لستالين ولقواته وسيقوض إيمان الشعب السوفياتي بالجيش الأحمر. نتيجة لذلك، اندلعت المعارك دون اعتبار لسقوط الضحايا سواء عسكريين أو مدنيين، وكان من المستحيل أن يقبل الزعيمان الخسارة فيها مهما كلفهما الأمر. ورغم تمكن الألمان من إخضاع كامل المدينة تقريبا بعد مقاومة شديدة واجهوها من السوفيات، فإنهم فشلوا في كسر آخر الخطوط الدفاعية للجيش الأحمر الذي تمسكت قواته بالضفة الغربية لنهر الفولغا. وتشير الإحصاءات، وفقا لموقع "مايو 9" الروسي، إلى أن خسائر الجيش الأحمر بلغت نحو مليون و129 ألفا و619 شخصا، في حين قُدرت خسائر الجيش الألماني مع حلفائه (إيطاليا ورومانيا وكرواتيا والمجر) بحوالي 1.5 مليون شخص، بالإضافة إلى خسائر في المعدات العسكرية والبنية التحتية. هذه المعركة جعلت قادة الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى يستشعرون أهمية الجيش الأحمر في صد النازية، ووفق المؤرخين، لم تكن في من قبيل المصادفة في ذلك الوقت أن يقوم رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل بتقديم سيف لستالين خلال لقائهما في مؤتمر طهران عام 1943. بالإضافة إلى ذلك، ألهمت هذه المعركة العديد من الدول المحتلة، وباتت كلمة "ستالينغراد" منذ ذلك الوقت مرادفا لانتصار مقاومة الغزاة والمحتلين، كما أصبح يوم انتهاء المعركة يوم المجد العسكري لروسيا. الهجوم الألماني بدأت معركة "ستالينغراد" كجزء من حملة الصيف والخريف الأوسع لعام 1942 للقوات الألمانية النازية والمعروفة باسم "العملية الزرقاء"، وكان أساس قوتهم هو الجيش السادس تحت قيادة الجنرال فريدريش باولوس، لكونه الأكثر استعدادا للقتال والذي كان مدعوما بالدبابات والفرق الآلية. وبحلول الخريف، دُمرت المدينة إلى حد كبير، لكن القوات السوفياتية واجهت وقاومت القوات المسلحة الألمانية (فيرماخت) بشراسة دون مساعدة فعالة من حلفائها (بريطانيا والولايات المتحدة). وخلال هذه الفترة حاولت القوات الألمانية النازية نشر أكبر عدد من فرقها في المدينة تدريجيا، وفي 23 أغسطس/ آب 1942، تم إجلاء 100 ألف شخص فقط من بين 400 ألف ساكن في ستالينغراد. وفي غضون ساعات قليلة وبعد شن القوات الألمانية هجوما كبيرا بالقاذفات، قتل أكثر من 40 ألف شخص، وبسبب تسرب النفط في نهر الفولغا واشتعال السفن، بات النهر كتلة من النيران، كما لحقت الأضرار بإمدادات المياه والمنتجات النفطية. مقترح جوكوف في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1942، تمت الموافقة على مقترح قدمه القائد العسكري غيورغي جوكوف، لجوزيف ستالين كخطة أولية لتطويق القوات الألمانية التي اخترقت نهر الفولغا. سميت خطة الهجوم السوفياتي المضاد "أورانوس"، وشن خلالها الجيش السوفياتي هجومًا مضادًا تمكن خلاله من محاصرة الجيش الألماني السادس داخل ستالينغراد. وتمكنت القيادة السوفياتية من تركيز قواتها سرا على المناطق الحاسمة في المعركة، واعتمدت في ذلك على اختيار نقاط الضعف في دفاعات الألمان والحفاظ على سرية التحضير للعملية حتى بدايتها يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1942. من خلال هذه العمليات الهجومية، أجبر الجيش الأحمر القوات الألمانية النازية على مغادرة أراضيه وتطهيرها من قواته، بداية من شمال القوقاز وستافروبول وكوبان وروستوف، إلى غاية كسر حصار لينينغراد فيما بعد (سانت بطرسبورغ حاليا) في مارس/آذار 1943. ميزان القوة ووهم النصر وفي تقرير نُشر على موقع "فرانكفورتنر روندشو" الألماني، تحدث المؤرخ البريطاني، ريتشارد جي إيفانز، عن الأسباب التي ساهمت في إلحاق الهزيمة بالقوات الألمانية في الحرب العالمية الثانية خاصة بعد انتصار الاتحاد السوفياتي في معركة "ستالينغراد"، ودخول ألمانيا في حرب مع 3 قوى عظمى تتمتع بقوة اقتصادية وعسكرية، الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة وبريطانيا. وأشار إلى أن هتلر خلال الأشهر الأولى من الحرب تغذى لديه "وهم النصر" واعتقد أنه يمكن أن يهزم الاتحاد السوفياتي، ولكن فيما بعد تبين أن الموارد السوفياتية غير محدودة تقريبا. واستذكر جي إيفانز كيف أن الألمان خلال عام 1941 أسروا ما يقرب 3.5 ملايين جندي سوفياتي من الجيش الأحمر، وتركوا معظمهم من دون طعام، وبلا رعاية طبية، واستخدموا معهم سياسة التجويع والتجميد حتى الموت. وأشار إلى أن القيادة السوفياتية آنذاك، وفي مواجهة تلك الفظائع والجرائم، كان واضحا لها أنه لا توجد طريقة أخرى غير النضال والقتال من أجل تحقيق النصر الكامل مهما كلفهم الأمر. خلال هذه المعركة استخدمت أنواع مختلفة من الدبابات العسكرية الثقيلة والخفيفة والطائرات وقذائف الهاون، وكانت أبرز الدبابات من الجانب السوفياتي دبابات "تي-34″ و"تي-60" ودبابة "كي-في 1" الثقيلة (كليمنت فاروشيلوف)، ودبابة "إم-3 ستيوارت" الأميركية، ودبابة "إي سي-2". أما الجيش الألماني فقد استخدم دبابات "بانزر-1″ و"بانزر-2″ و"بانزر-3″ و"بانزر-4″ و"بانزر-35 تي" و"38 تي" وأيضا دبابة "النمر" أو "التايغر" و"بانثر"، ومركبات القتال المدرعة من طراز "ستيغ-3". خلال هذه المعركة شارك في قوات الاتحاد السوفياتي نحو 1.1 مليون شخص، و1560 دبابة وقرابة 15 ألف من قذائف الهاون والبنادق وأكثر من 1900 طائرة حربية. في حين شارك نحو مليون شخص من القوات الألمانية وقرابة 675 دبابة وأكثر من 10 آلاف من قذائف الهاون والبنادق، وقرابة 1200 طائرة حربية. التشابه والاختلاف بين الماضي والحاضر يربط الكثير من المسؤولين والسياسيين الروس بين الحرب السوفياتية ضد النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، والحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا، في المقابل يجمع الغرب على أن هذه الحرب هي غزو روسي يستوجب تقديم الدعم اللازم لكييف مع استمرارية فرض العقوبات على روسيا. ويرى عمار قناه، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والتنبؤ السياسي بمقاطعة سيفاستوبول للجزيرة نت، أن ثمة نقاط اختلاف بين حربي ستالينغراد وأوكرانيا. ومن بين نقاط الاختلاف، يرى قناه أن "المسألة في ستالينغراد كانت وجودية بالنسبة للاتحاد السوفياتي وخاصة الجيش الأحمر، ومن هنا كانت الانعطافة الكاملة من الهزيمة جزئيا إلى النصر المحقق"، مضيفا "بالنسبة لما يجري في أوكرانيا، أعتقد أن الأمر مختلفا نوعا ما، فالإصرار العسكري اليوم وعدم التراجع لدى روسيا منذ البداية أقوى". ومن المفارقات أيضا بين الماضي والحاضر اختلاف مفهوم الحسم العسكري بالنسبة لروسيا وللمنظومة الغربية وأوكرانيا، وأيضا اختلاف مستوى التكنولوجيا المستخدمة في الصراع العسكري خاصة باستخدام المسيرات والتقنيات المتطورة، حيث كان استهلاك العنصر البشري في الحرب العالمية الأولى والثانية أكثر مما تتم خسارته اليوم بشريا. ووفقا لموقع "دويتشلاند دي" الألماني، فإن ألمانيا تعتبر أكبر دولة أوروبية داعمة لأوكرانيا، سياسيا وماليا وعسكريا، حيث تقدر قيمة مساعداتها نحو 44 مليار دولار، كما استقبلت مع بولندا حوالي 950 ألف لاجئ من أوكرانيا من أصل 1.5 مليون، كما أن مساعدات الاتحاد الأوروبي لكييف بلغت نحو 165 مليار يورو. وفي حديثه عن مسار العلاقات الروسية الألمانية على مدى العقود الثمانية الماضية، يقول الدكتور عمار قناه إنه "لو نظرنا لمسار العلاقات الروسية الألمانية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لرأينا تقاربا وتكاملا جزئيا اقتصاديا خاصة على مستوى الطاقة، وترجمت هذه التكاملية خلال حكم أنجيلا ميركل". وتابع أنه لا يمكن تجاهل أن ألمانيا هي جزء لا يتجزأ من المنظومة السياسية الغربية، "ولا أعتقد أن هناك ألمانية موافقة تامة في التوجه إلى الحالة العدائية مع روسيا، ولكن ضمن مفهوم الانصياع الأوروبي الكامل لإرادة واشنطن في تلك الفترة، وهذا ما أدى إلى توتر مستوى العلاقة".


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
بين تفاؤل كبير وتشاؤم مفرط.. انقسام في أوكرانيا إزاء "تحولات" ترامب
كييف- على مدار 6 أشهر فقط، كثرت "تحولات" مواقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ، إزاء ملف الحرب الروسية على أوكرانيا، من تفهم موسكو إلى الاستياء من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، ومن توبيخ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي و"إذلاله" في البيت الأبيض إلى التعاطف مع الأوكرانيين. شهد الأسبوع الأخير تحولا جديدا وكبيرا في موقف ترامب بعد اتصال جمعه ببوتين، وزيلينسكي الذي وصف المحادثات الأخيرة بأنها "الأفضل منذ توليه السلطة". ويتساءل كثير من الأوكرانيين اليوم "هل رأى ترامب نور الحقيقة أخيرا؟"، مترقبين "إعلانه الهام" عن روسيا يوم الاثنين المقبل، ويتوقعون منه فرض عقوبات قاسية على موسكو، وفق أقل تقدير. الفرصة الأخيرة بحسب مسؤولين، ومنهم المستشار الألماني فريدريش ميرتس ، تلاشت فرص الحل الدبلوماسي. ووفق مراقبين، فإن ترامب يدرك الآن، هذه الحقيقة بعد أن أعطى بوتين "فرصة أخيرة". من وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي، فيتالي بورتنيكوف، تجاهل ترامب عمدا حقيقة أن بوتين كان يسخر منه، ولم يلبِ أيا من طلباته في 5 محادثات هاتفية متتالية؛ وقبل المحادثة السادسة (الأسبوع الماضي)، قدم لبوتين تنازلات وإشارات كبيرة، فتوقف عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وأعفى بعض المؤسسات المالية الروسية جزئيا من العقوبات. وتابع في حديث للجزيرة نت، "كان على بوتين أن يفهم الإشارة الأميركية ويرد بشكل بناء، كأن يعلن وقفا مؤقتا لإطلاق النار مثلا، أو أن يبدي استعدادا لمفاوضات جادة في إسطنبول؛ لكنه شن بدلا من ذلك هجوما سريعا وكبيرا على أوكرانيا، ولهذا غضب ترامب، وشعر بالإهانة وقلة احترام بوتين له، الذي فقد في رأيي فرصة كبيرة قد تكون الأخيرة". وحسب بورتنيكوف، إذا لم يدرك الرئيس الروسي سريعا، أن عليه "العودة إلى رشده"، وتقديم شيء لنظيره الأميركي يثبت احترامه وتعاونه، فسيكون في موقف لا يحسد عليه حقا، بعد أن "ألقى نفسه من نافذة الفرص المتاحة". إعلان وفي رأي آخرين، استطاعت أوكرانيا نفسها إقناع ترامب بقدرتها على ضرب وإضعاف روسيا، وحقيقة أن موسكو لن تستجيب لدعوات السلام بالطرق السياسية التي يدعو إليها. إقناع ترامب يرى خبير السياسات الإستراتيجية، تاراس زاهورودني، في حديث للجزيرة نت، أن كييف تمكنت من الضغط على ترامب وإقناعه، لا سيما بعد عملية "شبكة العنكبوت" ضد المطارات الإستراتيجية الروسية بداية شهر يونيو/حزيران الماضي. وأن الغرب عموما "يعتمد دائما على الأقوياء القادرين على تنفيذ مهامهم بإيجابية ومنفعة". واستجابت أوكرانيا كذلك -وفقا له- لدعوات التفاوض، ولمحت إلى إمكانية تقديم تنازلات؛ فأقنعت ترامب أنها تريد السلام، وأن بوتين يخادع ويريد استمرار الحرب. لكنّ آخرين لا يتقاسمون هذا التفاؤل، ولا يصدقون أن الرئيس الأميركي سينحاز بقوة إلى صف كييف؛ بل يصرخون بين الحين والآخر "لا تنخدعوا بترامب وبما يقوله". من هؤلاء الدبلوماسي السابق رومان بيزسميرتني، الذي قال للجزيرة نت، "دون مبالغة، مشاعر ترامب تتحكم في أفعاله إلى حد كبير، وهذا سر تحولاته. إنه يعادي الخصوم والمنتقدين والمتعنتين، ويتودد لمن يكيل له المديح". ويتساءل بيزسميرتني "هل 10 صواريخ باتريوت التي وعد بها الرئيس الأميركي أخيرا كافية؟ طبعا لا. الباقي سيكون مهمة المستشار الألماني الذي وعد بشرائها لصالح كييف. هذا منطق رجل الأعمال ترامب الذي لا يتغير". ويرى أن الولايات المتحدة لن تكون شريكا موثوقا لأوكرانيا في عهد ترامب، أو عام 2025 على الأقل، ويدلل على ذلك بالقول "انتقد ترامب وثيقة خطة 2025 التي أعدتها مؤسسة الإرث الأميركية، ووصف كتّابها بالمجانين؛ ومع ذلك نحن نرى أن إدارته تطبق ما جاء فيها بالضبط". وأوضح الدبلوماسي السابق، أن الوثيقة تشير صراحة إلى أن أولويات واشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ؛ وأن الصين وروسيا تشكلان تهديدا عالميا، لكن على أوروبا ردع موسكو وفق الخطة؛ والوثيقة لا تحدد مساعدة أوكرانيا كأولوية هنا، ولا تبقي المساعدات كأولوية إلا في ما يتعلق بدعم إسرائيل فقط. تفاؤل حذر وسواء استمر الدعم في عهد ترامب أم تراجع، يرى بعضهم أن الأمر لم يعد حصريا بيد الولايات المتحدة كما كان، وأنه يرتبط أكثر بالتوجه العام لدول الغرب التي تنظر إلى روسيا كتهديد. يقول يوري فيديرينكو، عضو لجنة الدفاع في البرلمان الأوكراني، للجزيرة نت، "لا إفراط في التفاؤل بالتعويل على الدعم الأميركي. كيف ننسى عناوين الأسبوع الماضي في وسائل الإعلام "ترامب يستنزف أوكرانيا"، "الولايات المتحدة تنسحب من الحرب". ومع ذلك، يعتقد فيديرينكو، أن المساعدات العسكرية لكييف من الشركاء الدوليين لن تتوقف في المستقبل القريب، وهذا لا علاقة له برأي أو موقف شخص أو عدة أشخاص حتى، بل يعكس الموقف العام الجامع لدول الغرب، وخاصة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي رأيه، فإن أوكرانيا ارتاحت بعد قرار رفع إنفاق الدفاع داخل دول الحلف من 2 إلى 5%. ويوضح "بكل بساطة، لا تستطيع بعض الدول الأوروبية الاستثمار في قطاعها الدفاعي لأنه لا يوجد أصلا. ينطبق هذا -مثلا- على لوكسمبورغ وبلدان صغيرة أخرى. وفي هذه الحالة، ستلجأ هذه الدول إلى مساعدتنا والاستثمار في قدراتنا، كأول وأهم حائط صد يدافع عنها".