logo
تحوّل في فلسفة الأمن الأوروبي

تحوّل في فلسفة الأمن الأوروبي

بيروت نيوزمنذ 7 أيام
أعلنت ألمانيا رفع 'الفيتو' عن صفقة تسليم طائرات 'يوروفايتر' المقاتلة إلى تركيا، منهية بذلك عامين من الجمود الدبلوماسي والعسكري بين البلدين، في تحول يصفه مراقبون بـ 'نقطة تحوّل إستراتيجية'، لا يعكس فقط تغيّراً في موقف برلين، بل يشير إلى تحوّل أوسع في فلسفة الأمن الأوروبي، خاصة بعد الحرب في أوكرانيا.
ويرى مراقبون وصحف فرنسية أن القرار يكشف أن البراغماتية الجيوسياسية باتت تتقدم على المبادئ الأخلاقية التي لطالما وجّهت سياسات التصدير الدفاعي الألماني.
وفي حديثه لموقع 'إرم نيوز'، يرى الدكتور جيوم ديفان، الأستاذ الفخري وعالم السياسة في مركز شؤون الدفاع الأوروبي التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن هذا القرار 'يمثل لحظة مفصلية في مسار السياسة الدفاعية الأوروبية'، موضحاً أنه يكشف عن تغيّر جذري في مقاربة الاتحاد الأوروبي لمفاهيم الأمن والتحالفات والبراغماتية السياسية في عالم ما بعد الحرب في أوكرانيا.
وأشار ديفان إلى أن ألمانيا، ومنذ نهاية الحرب الباردة، تبنّت سياسة تصدير حذرة قائمة على ما يُعرف بـ'الدبلوماسية الأخلاقية'، رافضة بيع السلاح للدول ذات السجل السيئ في حقوق الإنسان أو المشاركة في النزاعات، غير أن الحرب الروسية في أوكرانيا، والتحولات الإقليمية المتسارعة، أدت إلى تآكل هذا النموذج الأخلاقي التقليدي.
ورغم الانتقادات الموجهة لسياسات أنقرة الداخلية، شدّد ديفان على أن تركيا تبقى عنصراً محورياً في هيكلية حلف شمال الأطلسي، وتمثل حجر زاوية في حماية الجناح الجنوبي الشرقي للحلف، لا سيما مع تصاعد التوترات مع روسيا، واضطرابات شرق المتوسط.
وقال ديفان إن تسليح تركيا لا يُنظر إليه اليوم كدعم لنظامها السياسي، بل كاستثمار مباشر في أمن الناتو، وبالتالي أمن أوروبا، مضيفاً أن القرار الألماني يعكس تحوّلاً جوهرياً في النظرة الأوروبية للدفاع، حيث لم تعد القيم وحدها كافية، بل بات الأمن الجماعي أولوية، وإن تطلب ذلك التعاون مع أنظمة تُوصف بالسلطوية.
ويشير إلى أن أوروبا باتت أكثر وعياً بضرورة بناء سياسة دفاعية واقعية تستند إلى الوقائع الجيوسياسية وتحالفات فعالة، وليس إلى المثاليات فقط، مبيناً أن 'تركيا، رغم التحفظات، لا يمكن استبعادها من معادلة الأمن الأوروبي'، بحسب تعبيره.
وفي هذا السياق، لفت ديفان إلى أن القرار الألماني يحمل أيضاً رسالة مزدوجة: أولاً، أن الاتحاد الأوروبي بصدد العودة إلى الواقعية السياسية في سياساته الخارجية، وثانياً، أن هناك حاجة ملحّة لإعادة هيكلة الصناعات الدفاعية الأوروبية لجعلها أكثر تكاملاً ومرونة في مواجهة التحديات العالمية المتغيرة.
وتابع: 'هذه الخطوة تحمل كذلك رسالة غير مباشرة إلى واشنطن، مفادها أن أوروبا قادرة على اتخاذ قرارات إستراتيجية مستقلة داخل منظومة الناتو، حتى لو تعارضت مع المبادئ الأخلاقية التي طالما حكمت توجهاتها'.
ووصف المرحلة الحالية بأنها 'مرحلة انتقالية' تشهد فيها أوروبا تحوّلاً من كونها 'قوة مدنية' إلى 'قوة جيوسياسية' قادرة على التوفيق بين القيم والمصالح.
وأكد أن 'ما حصل ليس مجرد صفقة سلاح، بل هو إعادة تعريف لدور أوروبا في النظام الدولي، حيث أصبحت البراغماتية والأمن الجماعي حجر الزاوية في أي سياسة خارجية ناجحة'.
وبموجب الاتفاق الجديد، ستتسلم أنقرة 40 طائرة مقاتلة من طراز 'يوروفايتر'، في خطوة اعتبرتها تركيا بداية 'عهد جديد'، بحسب ما نقلته صحيفة 'لوموند' الفرنسية، التي رأت أن القرار يمثل تحوّلاً بارزاً في السياسات الدفاعية الألمانية ويعيد برلين إلى نهج أكثر براغماتية في علاقاتها الدولية. (ارم نيوز)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السويد تطالب بتجميد الشق التجاري من اتفاقية الشراكة الأوروبية مع العدو الاسرائيلي
السويد تطالب بتجميد الشق التجاري من اتفاقية الشراكة الأوروبية مع العدو الاسرائيلي

المنار

timeمنذ ساعة واحدة

  • المنار

السويد تطالب بتجميد الشق التجاري من اتفاقية الشراكة الأوروبية مع العدو الاسرائيلي

طالبت السويد الاتحاد الأوروبي بتجميد الشق التجاري من اتفاقية الشراكة مع العدو الاسرائيلي، على خلفية الأوضاع في قطاع غزة. وأوضح رئيس الوزراء السويدي، أولف كريتسرسون، عبر منصة 'إكس'، أنّ 'الوضع في غزة مروّع جداً، وإسرائيل تمتنع عن الالتزام بواجباتها الأساسية والاتفاقات المتعلقة بالمساعدات الطارئة'، مشيراً إلى أنه من هذا المنطلق، يتعين على الاتحاد الأوروبي 'تجميد الشق التجاري في اتفاقية الشراكة بأسرع وقت ممكن'. ودعا كريتسرسون الحكومة الإسرائيلية إلى 'السماح بدخول المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى غزة'. وفي وقت سابق من الأسبوع، حذر رئيس الوزراء الهولندي، كاسبار فيلدكامب، من أن بلاده قد تتجه إلى تعليق الشق التجاري من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، في حال عدم احترام إسرائيل لواجباتها الإنسانية. وتشهد دول الاتحاد الأوروبي انقساماً في مواقفها تجاه كيان العدو الاسرمنذ بدء العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول 2023، إذ تشدد دول مثل ألمانيا على 'حق 'إسرائيل' في الدفاع عن نفسها' مع احترام القانون الدولي، فيما تندد دول أخرى مثل إسبانيا بالإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع. وفي نهاية حزيران الماضي، خلص تقرير للمفوضية الأوروبية إلى أن إسرائيل 'تنتهك بنداً من اتفاقية الشراكة المتعلقة بحقوق الإنسان'. ومنذ ذلك الحين، تدرس المفوضية ردها، مع نقاشات حول خيارات عدة، بينها 'حظر بعض الصادرات' و'مراجعة سياسة منح التأشيرات'. واقتُرح أخيراً 'تعليق جزئي لمشاركة 'إسرائيل'' في برنامج البحث 'هورايزن يوروب'، الذي يستهدف خصوصاً الشركات الناشئة المتخصصة في الأمن السيبراني والطائرات المسيّرة والذكاء الاصطناعي. ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لـ 'إسرائيل'. المصدر: مواقع إخبارية

إبراهيم شعبان يكتب: مجاعة غزة وتسونامي الدولة الفلسطينية
إبراهيم شعبان يكتب: مجاعة غزة وتسونامي الدولة الفلسطينية

صدى البلد

timeمنذ 4 ساعات

  • صدى البلد

إبراهيم شعبان يكتب: مجاعة غزة وتسونامي الدولة الفلسطينية

الوضع في قطاع غزة كارثي موحش. وللأسف، سبق أن حذرت قبل 20 شهرا من أن الشعب الفلسطيني سيكون وقود هذه الحرب المستعرة، التي رفضت قلبًا وقالبًا أن تنشب وسط المدنيين الفلسطينيين وبلداتهم، المحصورة في "جيب ضيق" والمحاصرة من جانب قوات الاحتلال من الجهات الأربع، وفي الوقت ذاته، لا أنكر حق المقاومة الفلسطينية في أن توجه ضربات للاحتلال الإسرائيلي، ليظل صوت الشعب الفلسطيني نابضًا بقضيته وألا تزاحمها أو تطغى عليها قضايا أخرى. ويمكن تلخيص ما يجري في قطاع غزة اليوم في مشهد دموي تتجاوز فيه المعاناة حدود التصور، بينما يزداد الحصار والتجويع في ظل صمت دولي وعربي محبط:- -المأساة الفلسطينية دفعت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، للقول إن "غزة تشهد كارثة إنسانية تفوق أي شيء شهدناه في التاريخ الحديث"، مؤكدًا أن الأردن يواصل اتصالاته مع القادة العرب والشركاء الدوليين للضغط باتجاه إنهاء الحرب. مشيرًا إلى أن الجهود الإغاثية غير كافية رغم أهميتها، إذ تُباد عائلات كاملة ويتم تجويع الأطفال، ما يستدعي وقفة ضمير دولية حقيقية. في هذا السياق، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 154 شهيدًا، وأضافت أن "كل المحاولات البائسة لنفي حقيقة المجاعة، تعريها أعداد الوافدين إلى أقسام الطوارئ وأعداد الوفيات". فيما أكدت تقارير دولية، أن معظم مناطق غزة تعاني من شح حاد في الغذاء يصل إلى حد المجاعة. من جانبها، كشفت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن ارتفاع إجمالي عدد الشهداء منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 60,138 شهيدًا، وأكثر من 146 ألف مصاب، فيما تتواصل عمليات الإبادة واستهداف المدنيين، بمن فيهم من ينتظرون المساعدات. ومنذ 27 مايو فقط، سقط أكثر من 1,239 شهيدًا من هؤلاء المنتظرين، ما يجعل المجاعة سلاحًا آخر في الحرب. ورغم استئناف عمليات إلقاء المساعدات الجوية، إلا أن مفوض الأونروا، فيليب لازاريني، وصفها بأنها "غير فعالة"، مشيرًا إلى أن الكارثة أكبر من أن تُحل بعمليات متناثرة من الجو. أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي فقال في الأمم المتحدة: "إن كانت الإنزالات الجوية ستنقذ حياة طفل فلسطيني واحد، فإنها تستحق العناء". والحاصل.. أن هذه المجاعة كشفت ليس فقط وجه الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضًا ملامح ما وصفته صحيفة "يديعوت أحرونوت" بـ"تسونامي دبلوماسي" يضرب صورة إسرائيل عالميًا. إذ تواجه إسرائيل عزلة سياسية غير مسبوقة، وإدانات متزايدة، ومقاطعات أكاديمية وثقافية وتجارية. وبحسب تقرير لها، بات ارتداء رموز يهودية في أوروبا سببًا للتعرض للطرد أو الاعتداء، فيما يُلاحق جنود إسرائيليون في بلجيكا بتهم جرائم حرب. وتعرض إسرائيليون للطرد من مطاعم أو للاعتداء الجسدي في إيطاليا واليونان، فيما تصاعدت المظاهرات المناهضة لإسرائيل في دول عدة. ولم تقتصر العزلة على الشارع، بل طالت المؤسسات. فقد أوصت المفوضية الأوروبية بتجميد جزئي لمشاركة إسرائيل في برنامج "هورايزون 2020"، أكبر مشروع بحثي في الاتحاد الأوروبي. وهناك تقارير عن استعداد دول مثل فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا للاعتراف بدولة فلسطين، ما يعكس تآكل الرواية الإسرائيلية على الساحة الدولية، وبيان الأكاذيب الاسرائيلية وسفالتها أمام واقع مخزٍ مؤلم، كما يكشف عن تحرك دولي لنصرة الشعب الفلسطيني رغما عن أنف الاحتلال وإدارة ترامب. المحزن حقًا، أن بعض الدول الأوروبية ذات التاريخ الاستعماري المشؤوم في دعم قيام إسرائيل، مثل فرنسا وبريطانيا، بدأت تتخذ مواقف أخلاقية وإنسانية في المأساة الجارية، بينما غاب الصوت العربي. أين جامعة الدول العربية؟ أين الدعم العربي الجماعي؟ أين الضغوط على إدارة ترامب - الواقعة في غرام فيلق التطرف الإسرائيلي - لإنهاء هذه المأساة؟ اين قرارات الدول العربية تجاه دولة الاحتلال سياسيا واقتصاديا؟! إن ما يحدث في غزة ليس فقط مأساة إنسانية، بل فضيحة سياسية للعالم العربي، الذي تفتت إلى درجة الصمت واللامبالاة. لقد فضحت حرب غزة أنظمة ذليلة وأظهرت تفتتًا عربيًا مهينًا، بينما القطاع يحترق أمام أعيننا جميعا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والضفة الغربية يتم تصفيتها والإجهاز على البلدات الفلسطينية وملاحقة شبابها. باختصار.. الكارثة مروعة والشهود كثر.. والتاريخ لن ينسى أبدا أن يسجل كل هذا، والأيام بيننا.

سلاحٌ نوعي للجيش... ولا تقويض للمعادلة
سلاحٌ نوعي للجيش... ولا تقويض للمعادلة

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 7 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

سلاحٌ نوعي للجيش... ولا تقويض للمعادلة

في تطوّر نوعي لعلاقة الإدارة الأميركية بالمؤسسة العسكرية اللبنانية، أعلنت وكالة التعاون الدفاعي الأمني في الولايات المتحدة، أنّ وزارة الخارجية أصدرت في السابع من تموز 2025، قراراً بالموافقة على «صفقة عسكرية أجنبية محتملة» لحكومة لبنان، تتضمّن دعم طائرات A-29- SUPER TUCANO، والمعدّات ذات الصلة، بتكلفة تقديرية تبلغ 100 مليون دولار. وقد أخطرت الوكالة الكونغرس بالأمر لدى تقديمها الشهادة المطلوبة في شأنه. لم يشكُ الجيش اللبناني في السنوات الأخيرة من نقص في السلاح، لكن كان عليه أن يكتفي بنوعيات منه تقتصر على معدات دفاعية، لا توفّر له سبُل المبادرة، من خلال تمكينه من تنفيذ هجمات استباقية، وذلك لافتقاره إلى الأسلحة الهجومية. وهذه الأسلحة كانت محظورة عليه بذريعة خشية وقوعها في يد «حزب الله» أو تنظيمات أخرى، على رغم من أنّ شيئاً من هذا لم يحصل سابقاً. والسؤال المطروح: هل زال الحظر، أو جُمّد، وهل يكون لدى الإدارة الأميركية اقتناع بأنّ مخاوفها المزعومة لم يَعُد لها ما يبرّرها، خصوصاً بعدما اتخذ مجلس الأمن قراراً بوقف إطلاق النار في 26 تشرين الثاني 2024؟ وفي مبرّرات صفقة الطائرات، رأت وكالة التعاون الأمني الأميركية، أنّ صفقة طائرات A-29 «ستدعم الجيش اللبناني في تنفيذ وقف الأعمال العدائية، من خلال توفير الصيانة لهذه الطائرة الأساسية المستخدمة في تقديم الدعم الجوي، كجزء من عملية المناورة البرية، بالإضافة إلى مهمّات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع المأهولة. لن يجد لبنان صعوبة في استيعاب هذه المعدات والخدمات في قواته المسلحة». وكانت واشنطن قد شهدت بمبادرة من وزارة الخارجية الأميركية، إجتماعاً في مطلع السنة الجارية للجهات المانحة والشركاء والحلفاء، لمناقشة المساعدات الأمنية الحاسمة التي يحتاجها لبنان، لتنفيذ إتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل بحذافيره. ونتيجة ذلك، أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم أكثر من 117 مليون دولار من المساعدات الأمنية الموسّعة والجديدة للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. وتعتبر واشنطن أنّ هناك حاجة لمبلغ 250 مليون دولار، تُخصّص لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن، لتعزيز عملية الانتشار في منطقة جنوب الليطاني، وتطويع 6 آلاف عنصر جديد في صفوفه. على أن يشمل هذا المبلغ الآتي: - توفير معدات: عربات وألبسة عسكرية والطعام وغيرها من التجهيزات. وكذلك دعم عمليات المراقبة والاستطلاع. - دعم البنى التحتية للجيش ومنها الوقود والعمليات اللوجستية، وأعمال الصيانة للمعدات العسكرية والاتصالات. وكذلك دعم الجيش بالأسلحة والذخيرة. وثمة حاجة إلى مبلغ 80 مليون دولار إضافي لدعم عملية تطويع لعناصر جديدة لمصلحة الجيش اللبناني، وتعزيز مرتبات أفراد المؤسسة العسكرية وقوى الأمن الداخلي. وفي سياق متصل، فإنّ إجتماع واشنطن لدعم الجيش في مطلع هذه السنة، شاركت فيه دول الاتحاد الأوروبي، وكان من ثمار هذه المشاركة أن أطلق الاتحاد مشروعاً لدعم الجيش بقيمة 12,5 مليون يورو، وهو سيوجّه لقيادة جهود التعافي وإعادة البناء، إزالة الانقاض والذخيرة غير المنفجرة، وتأهيل البنى التحتية الحيوية. ذلك كلّه عدا الذي أعلنته دولة قطر التي قدّمت مبلغاً بقيمة 60 مليون دولار. وتجدر الإشارة إلى أنّ الجانب اللبناني كان قد طلب شراء معدات دعم لوجستية وقطع غيار وأجهزة تشغيل... إلخ، وبلغت الصفقة 43,7 مليون دولار، وهذا المبلغ لا يحتاج لإخطار الكونغرس في شأنه. وانطلاقاً ممّا تقدّم يمكن استنتاج الآتي: أولاً: إنّ الولايات المتحدة هي المصدر الرئيس لتسليح الجيش اللبناني وتمويله، وهي التي تقود عملية دعمه وحشد المساعدات له من الاتحاد الأوروبي، والدول العربية المرتبطة معها بشراكات استراتيجية. وفي اختصار لا تسليح للجيش من خارج المظلة الغربية. ثانياً: تنامي قوة الجيش واتساعها وتنوّع وجوهها، بنحو دفع واشنطن وحلفاءها إلى زيادة الثقة به وزيادة دعمه، والتعويل عليه. واعتباره ضامناً للاستقرار في الداخل. ثالثاً: اعتبار الجيش صمام الأمان في مواجهة التوازنات الهشة القائمة في البلاد، والقابلة للاختلال وفتح الباب على تطورات درامية. رابعاً: إنّ مؤسسة الجيش، ولو كانت تعكس في شكل أو بآخر، التركيبة اللبنانية بكل ما تستودع من عناصر قوة وضعف، تبقى أكثر المؤسسات اللبنانية ثباتاً وحضوراً شاملاً عابراً للمناطق والطوائف والأحزاب. إنّ الجيش اللبناني لم ينتقل من حال إلى حال، فلم ييمم مرّة شطر الشرق في سياق تفتيشه عن مصادر تسليحه، وحاول قدر المستطاع أن لا يقطع شعرة معاوية مع الدول التي يتحاشى الاعتماد عليها في هذا المضمار، لأسباب غير مجهولة لدى كثيرين. وفي أي حال، فإنّ قيادة الجيش تعرف تماماً التحدّيات التي تواجه المؤسسة سياسياً، أمنياً واجتماعياً، لذلك فهي تتصرّف بشيء من الحذر مع الملفات الحساسة المطروحة، وهي تريد أن تتفهّم هواجس الجميع وتطلعاتهم إنطلاقاً من ثوابت الدولة اللبنانية في الحفاظ على وحدة الأرض والشعب والمؤسسات. فالجيش هو ابن بيئته، وعلى دراية تامة بمشكلاتها، ولذلك يرى في دعمه وجهاً من وجوه تمكينه للحفاظ على هذه المعادلة لا تقويضها. ومن هنا، يمكن فهم عدم مجاراته للقوى الضاغطة، والأصوات المرتفعة التي تريد زجّه في مغامرة لا تصبّ في خانة الاستقرار وتوطيد السلم الأهلي تحت عنوان لا يمكن الحسم فيه من دون حوار وآليات واضحة، خصوصاً في ظل استمرار إسرائيل في احتلالها لأجزاء من لبنان ومواصلة اعتداءاتها وجرائمها ضدّ مواطنيه وأراضيه. جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة - الجمهورية انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store