logo
جين واحد واضطرابات عصبية ومناعية مختلفة

جين واحد واضطرابات عصبية ومناعية مختلفة

الشرق الأوسطمنذ 10 ساعات
في تطور علمي لافت كشفت دراسة جديدة من جامعة سيدني في أستراليا عن متحور جيني يُعرف بتسببه في ارتفاع خطر الإصابة بمرض ألزهايمر قد يلعب دوراً أوسع بكثير في الاضطرابات التنكسية العصبية واختلال وظائف الجهاز المناعي مما كان معروفاً سابقاً.
شارك في الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature Medicine في 15 يوليو (تموز) 2025 فريق بحثي بقيادة الدكتورة كايتلين فيني والدكتور أرتور شفيتكوف من معهد ويستميد للأبحاث الطبية الأسترالي.
وكشفت الدراسة عن أن هذا الجين ΑΡΟΕε4 لا يقتصر تأثيره على مرض ألزهايمر فقط، بل يُظهر بصمة مناعية مميزة تظهر في الدم والسائل النخاعي والدماغ حتى لدى الأشخاص غير المصابين بأي من الأمراض العصبية التنكسية.
نمط مناعي موحد ومخاطر متعددة
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يحملون نسخة من الجين ΑΡΟΕε4 سواء كانوا مصابين بمرض ألزهايمر أم لا، يشتركون في تغيرات بروتينية مرتبطة بالتهاب مزمن واختلال في نشاط الجهاز المناعي.
والأهم أن هذه التغيرات لم تقتصر على الدماغ فقط بل ظهرت أيضاً في السائل النخاعي المحيط بالدماغ والحبل الشوكي وفي بلازما الدم، وهي مناطق يمكن الوصول إليها سريرياً بسهولة أكبر، مما يفتح الباب لفحوصات مبكرة وغير جراحية.
وتشير النتائج إلى أن هذا الجين قد يُضعف الجسم بشكل عام ويجعله أكثر عرضة لأمراض مثل باركنسون والتصلب الجانبي الضموري amyotrophic lateral sclerosis (ALS) والخرف الجبهي الصدغي frontotemporal dementia (FTD) وليس فقط ألزهايمر.
واللافت أن هذه السمة المناعية (أي اختلال المناعة) تظهر حتى في غياب العلامات التقليدية لأمراض التنكس العصبي مثل لويحات الأميلويد amyloid plaques (هي ترسبات خارج الخلايا من بروتين بيتا أميلويد (Aβ) توجد بشكل رئيسي في المادة الرمادية للدماغ) وتشابكات بروتين تاو tau tangles (هي فئة من الأمراض العصبية التنكسية التي تتميز بتراكم بروتين تاو غير طبيعي) التي تميز مرض ألزهايمر. وهذا يشير إلى أن الجين ΑΡΟΕε4 قد يعمل من خلال آلية مختلفة وأكثر شمولاً ترتبط بالمناعة أكثر من تراكم البروتينات في الدماغ.
كما أظهرت الدراسة أيضاً أن البروتينات المتأثرة بهذا الجين ترتبط بمسارات مناعية تخص الاستجابة للفيروسات مثل فيروس إبشتاين-بار وفيروس الإنفلونزا وفيروس التهاب الكبد مما يدعم نظرية قديمة تُعرف بـ«التعددية التنافسية» أو «فرضية التعددية المضادة» (APT) antagonistic pleiotropy وهذه النظرية تقول إن بعض الجينات قد تكون مفيدة للبقاء على قيد الحياة في سن الشباب عبر تقوية الجهاز المناعي لكنها تصبح ضارة في الكبر حيث تؤدي إلى التهابات مزمنة واضطرابات تنكسية.
ومن المفاجآت التي أظهرتها الدراسة أن مستوى بروتين يُعرف بالبروتين الخفيف العصبي neurofilament light (NEFL) وهو مؤشر شائع لقياس درجة التنكس العصبي كان أقل لدى حاملي جين ΑΡΟΕε4 على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص معرضون أكثر لمشاكل الإدراك. وهو ما يُثير تساؤلات حول دقة هذا المؤشر الحيوي كأداة تشخيصية موحدة ويؤكد أهمية النظر في الخلفية الوراثية عند تفسير نتائج الفحوصات.
فرصة جديدة للتشخيص المبكر والعلاجوقد ذهبت الدراسة أبعد من ذلك فحللت كيف يتفاعل أثر الجين ΑΡΟΕε4 مع عوامل شخصية مثل العمر والجنس والأمراض المزمنة ونمط الحياة. ووجد الباحثون أن تأثير الجين يرتبط بأمراض معينة بشكل مختلف بين الأفراد مثل السكري في مرضى باركنسون وارتفاع ضغط الدم في الأشخاص غير المصابين به وأمراض الرئة المزمنة في حالات أخرى.
وهذا يعني أن هذا الجين يُمثل عامل خطر عام لكن المرض الفعلي الذي قد يصيب الشخص يعتمد على البيئة والصحة العامة والعوامل الديموغرافية.
أما الجانب المشرق في هذا الاكتشاف فهو أنه قد يفتح الباب لفحوصات تشخيص مبكر تعتمد على الدم بدلاً من الانتظار لظهور أعراض الذاكرة أو إجراء فحوصات دماغية معقدة. إذ إن معرفة من يحمل هذا الجين قد يساعد على تقديم تدخلات وقائية مبكرة تُقلل من تطور الأمراض التنكسية العصبية.
لكن في الوقت نفسه شدد الباحثون على أن النتائج لا تزال بحاجة إلى تأكيد إضافي، خاصة أن الدراسة لم تشمل مؤشرات التهابية تقليدية مثل بروتين C-التفاعلي C-reactive protein (CRP) كما أنها اعتمدت على بيانات عرضية (مقطعية) لا تثبت السببية.
والرسالة الأبرز من هذه الدراسة أن جين ΑΡΟΕε4 ليس مجرد جين مرتبط بألزهايمر، بل مفتاح مناعي شامل يؤثر على كيفية تفاعل الجسم مع الفيروسات والالتهاب والشيخوخة.
ويختم الباحثون بالقول: «بدلاً من التركيز فقط على الجينات الخطرة يجب علينا فهم كيف تعمل هذه الجينات في الجسم. وهذا يمثل تحولاً في المفهوم نحو الطب الدقيق الذي يصمم العلاج والوقاية بناءً على البصمة الجينية لكل فرد».
في عالم يتقدم سكانه في السن وتزداد فيه معدلات الأمراض العصبية قد يكون هذا النوع من الأبحاث هو الخطوة التالية نحو علاجات شخصية تستهدف الأسباب الجذرية للمرض وليس الأعراض فقط.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جين واحد واضطرابات عصبية ومناعية مختلفة
جين واحد واضطرابات عصبية ومناعية مختلفة

الشرق الأوسط

timeمنذ 10 ساعات

  • الشرق الأوسط

جين واحد واضطرابات عصبية ومناعية مختلفة

في تطور علمي لافت كشفت دراسة جديدة من جامعة سيدني في أستراليا عن متحور جيني يُعرف بتسببه في ارتفاع خطر الإصابة بمرض ألزهايمر قد يلعب دوراً أوسع بكثير في الاضطرابات التنكسية العصبية واختلال وظائف الجهاز المناعي مما كان معروفاً سابقاً. شارك في الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature Medicine في 15 يوليو (تموز) 2025 فريق بحثي بقيادة الدكتورة كايتلين فيني والدكتور أرتور شفيتكوف من معهد ويستميد للأبحاث الطبية الأسترالي. وكشفت الدراسة عن أن هذا الجين ΑΡΟΕε4 لا يقتصر تأثيره على مرض ألزهايمر فقط، بل يُظهر بصمة مناعية مميزة تظهر في الدم والسائل النخاعي والدماغ حتى لدى الأشخاص غير المصابين بأي من الأمراض العصبية التنكسية. نمط مناعي موحد ومخاطر متعددة ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يحملون نسخة من الجين ΑΡΟΕε4 سواء كانوا مصابين بمرض ألزهايمر أم لا، يشتركون في تغيرات بروتينية مرتبطة بالتهاب مزمن واختلال في نشاط الجهاز المناعي. والأهم أن هذه التغيرات لم تقتصر على الدماغ فقط بل ظهرت أيضاً في السائل النخاعي المحيط بالدماغ والحبل الشوكي وفي بلازما الدم، وهي مناطق يمكن الوصول إليها سريرياً بسهولة أكبر، مما يفتح الباب لفحوصات مبكرة وغير جراحية. وتشير النتائج إلى أن هذا الجين قد يُضعف الجسم بشكل عام ويجعله أكثر عرضة لأمراض مثل باركنسون والتصلب الجانبي الضموري amyotrophic lateral sclerosis (ALS) والخرف الجبهي الصدغي frontotemporal dementia (FTD) وليس فقط ألزهايمر. واللافت أن هذه السمة المناعية (أي اختلال المناعة) تظهر حتى في غياب العلامات التقليدية لأمراض التنكس العصبي مثل لويحات الأميلويد amyloid plaques (هي ترسبات خارج الخلايا من بروتين بيتا أميلويد (Aβ) توجد بشكل رئيسي في المادة الرمادية للدماغ) وتشابكات بروتين تاو tau tangles (هي فئة من الأمراض العصبية التنكسية التي تتميز بتراكم بروتين تاو غير طبيعي) التي تميز مرض ألزهايمر. وهذا يشير إلى أن الجين ΑΡΟΕε4 قد يعمل من خلال آلية مختلفة وأكثر شمولاً ترتبط بالمناعة أكثر من تراكم البروتينات في الدماغ. كما أظهرت الدراسة أيضاً أن البروتينات المتأثرة بهذا الجين ترتبط بمسارات مناعية تخص الاستجابة للفيروسات مثل فيروس إبشتاين-بار وفيروس الإنفلونزا وفيروس التهاب الكبد مما يدعم نظرية قديمة تُعرف بـ«التعددية التنافسية» أو «فرضية التعددية المضادة» (APT) antagonistic pleiotropy وهذه النظرية تقول إن بعض الجينات قد تكون مفيدة للبقاء على قيد الحياة في سن الشباب عبر تقوية الجهاز المناعي لكنها تصبح ضارة في الكبر حيث تؤدي إلى التهابات مزمنة واضطرابات تنكسية. ومن المفاجآت التي أظهرتها الدراسة أن مستوى بروتين يُعرف بالبروتين الخفيف العصبي neurofilament light (NEFL) وهو مؤشر شائع لقياس درجة التنكس العصبي كان أقل لدى حاملي جين ΑΡΟΕε4 على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص معرضون أكثر لمشاكل الإدراك. وهو ما يُثير تساؤلات حول دقة هذا المؤشر الحيوي كأداة تشخيصية موحدة ويؤكد أهمية النظر في الخلفية الوراثية عند تفسير نتائج الفحوصات. فرصة جديدة للتشخيص المبكر والعلاجوقد ذهبت الدراسة أبعد من ذلك فحللت كيف يتفاعل أثر الجين ΑΡΟΕε4 مع عوامل شخصية مثل العمر والجنس والأمراض المزمنة ونمط الحياة. ووجد الباحثون أن تأثير الجين يرتبط بأمراض معينة بشكل مختلف بين الأفراد مثل السكري في مرضى باركنسون وارتفاع ضغط الدم في الأشخاص غير المصابين به وأمراض الرئة المزمنة في حالات أخرى. وهذا يعني أن هذا الجين يُمثل عامل خطر عام لكن المرض الفعلي الذي قد يصيب الشخص يعتمد على البيئة والصحة العامة والعوامل الديموغرافية. أما الجانب المشرق في هذا الاكتشاف فهو أنه قد يفتح الباب لفحوصات تشخيص مبكر تعتمد على الدم بدلاً من الانتظار لظهور أعراض الذاكرة أو إجراء فحوصات دماغية معقدة. إذ إن معرفة من يحمل هذا الجين قد يساعد على تقديم تدخلات وقائية مبكرة تُقلل من تطور الأمراض التنكسية العصبية. لكن في الوقت نفسه شدد الباحثون على أن النتائج لا تزال بحاجة إلى تأكيد إضافي، خاصة أن الدراسة لم تشمل مؤشرات التهابية تقليدية مثل بروتين C-التفاعلي C-reactive protein (CRP) كما أنها اعتمدت على بيانات عرضية (مقطعية) لا تثبت السببية. والرسالة الأبرز من هذه الدراسة أن جين ΑΡΟΕε4 ليس مجرد جين مرتبط بألزهايمر، بل مفتاح مناعي شامل يؤثر على كيفية تفاعل الجسم مع الفيروسات والالتهاب والشيخوخة. ويختم الباحثون بالقول: «بدلاً من التركيز فقط على الجينات الخطرة يجب علينا فهم كيف تعمل هذه الجينات في الجسم. وهذا يمثل تحولاً في المفهوم نحو الطب الدقيق الذي يصمم العلاج والوقاية بناءً على البصمة الجينية لكل فرد». في عالم يتقدم سكانه في السن وتزداد فيه معدلات الأمراض العصبية قد يكون هذا النوع من الأبحاث هو الخطوة التالية نحو علاجات شخصية تستهدف الأسباب الجذرية للمرض وليس الأعراض فقط.

دراسة تبرز أهمية الصحة الذهنية للرياضيين النخبة
دراسة تبرز أهمية الصحة الذهنية للرياضيين النخبة

صحيفة سبق

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة سبق

دراسة تبرز أهمية الصحة الذهنية للرياضيين النخبة

أبرزت دراسة أكاديمية أسترالية حديثة أهمية وضع الصحة الذهنية في صدارة أولويات الرعاية المقدمة للرياضيين النخبة، مشددة على ضرورة تعزيز برامج الدعم النفسي، وعدّ الصحة الذهنية عنصرًا أساسيًا في متطلبات النجاح في المنافسات الرياضية الكبرى. وأشارت الدراسة، التي أعدها فريق من الباحثين بجامعة أستراليا الوطنية (ANU) في العاصمة كانبيرا، إلى أن نحو 46.4% من الرياضيين النخبة في أستراليا يعانون من أعراض صحية وذهنية بدرجات متفاوتة، مرجعة هذه الاضطرابات إلى الضغوط المتزايدة أثناء المنافسات الكبرى، وارتفاع سقف التوقعات الجماهيرية والإعلامية، إضافة إلى ضعف قنوات الدعم النفسي والاجتماعي. وبيّنت الدراسة أن نسب الاضطرابات النفسية توزعت على النحو التالي: الاكتئاب بنسبة 27.2%، واضطرابات الأكل 22.8%، والضيق النفسي العام 16.5%، والقلق الاجتماعي 14.7%، فيما بلغت نسبة اضطراب القلق العام 7.1%، واضطراب الهلع 4.5%. واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن هذه النتائج تستدعي إدماج برامج الصحة الذهنية كجزء لا يتجزأ من منظومة الرعاية الرياضية، لضمان استدامة الأداء وتحقيق التوازن النفسي والجسدي للرياضيين.

وزير الصحة يلتقي الطلاب في جامعات أستراليا
وزير الصحة يلتقي الطلاب في جامعات أستراليا

الرياض

timeمنذ يوم واحد

  • الرياض

وزير الصحة يلتقي الطلاب في جامعات أستراليا

التقى وزير الصحة فهد بن عبدالرحمن الجلاجل نخبة من الطلاب الدارسين في أستراليا، في جامعة موناش بمدينة ملبورن، التي تُعد من أبرز المؤسسات التعليمية العالمية. وخلال اللقاء، اجتمع بالطلاب في تخصصات أكاديمية متنوعة، مؤكّدًا على دورهم البارز سفراء لوطنهم في مسيرة التحول الطموحة التي تشهدها المملكة ضمن رؤية المملكة 2030، الرامية إلى بناء مجتمع حيوي وتقديم خدمات نوعية رائدة على مستوى عالمي في مختلف القطاعات. وأشاد ببرنامج تنمية القدرات البشرية، الذي يهدف إلى تأهيل الطلاب للمنافسة عالميًا عبر تطوير المهارات والمعارف الأساسية ومهارات المستقبل، إلى جانب نقل أفضل الممارسات الدولية في التعليم وتنمية المهارات، وربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل المحلي والعالمي، وتعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال. ويعكس هذا اللقاء حرص القيادة الرشيدة -أيدها الله- على الاستثمار في رأس المال البشري، حيث يواصل آلاف الطلبة السعوديين دراساتهم العليا في الخارج ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. ويأتي اللقاء في ختام زيارة معاليه الرسمية إلى مدينة ملبورن، حيث يتوجه بعدها إلى العاصمة كانبرا لاستكمال برنامجه في تعزيز الشراكة بين المملكة وأستراليا في مجالات الرعاية الصحية المستدامة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store